قصص شعبية مضحكة: عنتر واليقطينة والجوز

قصة شعبية جديدة من قصص التراث العربي العريق، نعيش فيها مغامرة عنتر، الرجل الطيب البشوش، مع يقطينته الكبيرة التي أهداه إيّاها العمّ سالم. فما الذي سيفعله بها يا ترى؟ وما الحكمة التي سيتعلّمها من اليقطين والجوز يا ترى؟ اقرأ القصّة الآن واكتشف ذلك!

اليقطينة الكبيرة

في صباحٍ خريفيّ لطيف، خرج عنتر يتمشّى عند أطراف القرية. كان يحبّ هذه النزهات، يتأمّل الحقول، ويحادث نفسه بأفكارٍ غريبة تضحكه قبل أن تضحك غيره.

وبينما هو يسير في دربه منغمسًا بأفكاره الطريفة، لفت نظره شيءٌ كبير برتقالي اللون عند طرف الحقل، فسار نحوه بخطى حذرة، وتوقّف عنده، قرّب عينيه، ثم قال بدهشة:

_ يا سلام! هل هذه يقطينة أم صخرة؟

كانت يقطينة ضخمة، أكبر من كلّ اليقطين الذي رآه في حياته. دار حولها، وربّت عليها بعصاه، ثم ابتسم وقال:

_ لو دحرجتُها قليلًا، لظنّها الناس عربة!

اقترب صاحب الحقل، العمّ سالم، وقال ضاحكًا:

_ هذه أكبر يقطينة زرعتها هذا العام.

هزّ عنتر رأسه بإعجاب:

_ واضح أنها أكلت حصّتها وحصّة غيرها!

ضحك العمّ السالم، وأجاب قائلاً:

_ هاهاهاها… محقّ في ذلك يا عنتر، ولأنّك خفيف الظلّ والروح، فسوف أقدّمها لك كهدية.

فرح عنتر كثيرًا بما سمعه، وشكر العمّ سالم على كرمه، ثمّ وقف أمام اليقطينة محتارًا يفكّر كيف يحملها معه إلى المنزل، وما سيفعله بها:

مرّ بعض الأطفال بعنتر ويقطينته، فالتفّوا حولهما مدهوشين. وقال أحدهم:

— هل ستأكلها وحدك يا عنتر؟

ضحك وقال:

— لا تقلقوا، سأحتاج القرية كلّها لتساعدني!

اليقطينة الكبيرة

شجرة الجوز

دحرج عنتر اليقطينة الضخمة أمامه عائدًا إلى القرية، يتبعه الأطفال والعمّ سالم الذي كان هو الآخر ذاهبًا إلى السوق لبيع يقطيناته الأخرى الأصغر حجمًا. وبعد بعض الوقت شعروا جميعًا بالتعب، فقرّروا أخذ قسط من الراحة، وجلسوا تحت ظلّ شجرة جوز كبيرة. رفع عنتر رأسه ونظر إلى الأغصان العالية، فرأى حبات الجوز الصغيرة تتدلّى منها. فكّر برهة ثم قال متسائلاً:

_ عجيب أمرُ الدنيا… الجوز صغير لكنه فوق الشجرة، واليقطينة كبيرة لكنها على الأرض.

_ ولماذا هذا عجيب؟

سأل أحد الأطفال بفضول. فكّر عنتر قليلًا وردّ:

_ تخيّلوا لو كان العكس! يقطينة فوق الشجرة… ماذا سيحدث؟

اتّسعت عيون الأطفال:

_ ستسقط!

ابتسم عنتر:

_ بالضبط… وستكون مشكلة كبيرة.

وبينما هم يتحدّثون، هبّت نسمة هواء قويّة، فاهتزّت أغصان الشجرة، وسقطت حبّة جوز صغيرة من الشجرة، وأصابت أنف عنتر برفق.

_ آخ!

وضع يده على أنفه، ثم نظر إلى الجوزة وقال:

_الحمد لله أنكِ صغيرة!

ضحك الأطفال، فقال عنتر وهو يبتسم:

_ الآن فهمت الحكمة. لو كانت اليقطينة فوق الشجرة، لما ضحكنا الآن!

ضحك العمّ سالم وقال:

_ هذا صحيح، فالله يضعُ كلّ شيءٍ في مكانه المناسب.

أومأ عنتر موافقًا:

— نعم، وأحيانًا نحتاج تجربة صغيرة لنفهم ذلك.

عنتر واليقطينة والجوز

قوارب اليقطين والجوز

يبدو أنّ الاستراحة تحت شجرة الجوز، اوحت لعنتر بفكرة ذكية. فنهض فجأة وقال بحماس:

_ ما رأيكم أن نصنع شيئًا ممتعًا بهذه اليقطينة، وفي الوقت ذاته نسهّل وصولها إلى القرية!

_ ماذا سنفعل بها؟

سأل أحد الأطفال بفضول. فردّ عنتر:

_ سأربطها بحبل، وأضعها في النهر، مجرى النهر يمضي باتجاه القرية، وهكذا أرتاح من دحرجتها، ونحصل على قارب يقطين نستمتع بمشاهدته يبحر في النهر.

ضحك الجميع من هذه الفكرة الطريفة، ولكن الذكيّة في الوقت ذاته، وشجّعوا عنتر على تنفيذها. فأخرج حبلاً كان يحمله معها وربط اليقطينة بإحكام، ثمّ رماها في النهر وأمسك بطرف الحبل حتى لا تضيع منه. طفت اليقطينة بهدوء وراحت تنساب على سطح الماء بكلّ سهولة باتجاه القرية.

استمتع الأطفال برؤيتها تبحر بهدوء، وجمع بعضهم حبّات الجوز المتساقطة من على الشجرة، فقاموا بتفريغها ووضعوا القشر على صفحة الماء أيضًا. وما هي إلاّ لحظات حتى أصبح لديهم أسطول من القوارب الصغيرة، يرافق اليقطينة الكبيرة.

_ قوارب الجوز ترافق سيادة اليقطينة اللذيذة إلى القرية!

قال أحد الأطفال مستمتعًا ووافقه عنتر، وضحك البقية مستمتعين بهذا المنظر الطريف.

_ ستحظى القرية اليوم بوليمة يقطين شهيّة حقًا.

علّق عنتر. وواصل الموكب المسير عائدًا إلى القرية يغنون أناشيد تراثية عن الحقول والمزارع ومواسم الجوز واليقطين.

عنتر واليقطينة في النهر

وليمة اليقطين وكعكة الجوز

مع غروب الشمس، وصل عنتر والأطفال والعمّ سالم إلى القرية. قال العمّ سالم:

_ أتيتُ لأبيع اليقطين، لكنّ الليل قد حلّ الآن، سأعود خالي الوفاض.

فردّ عليه عنتر:

_ لقد تأخّرت عن الوصول بسبب حديثنا ولهونا في الطريق، فما رأيك أن تشاركنا وليمة الليلة، سنطبخ اليقطينة التي أهديتني إياها، ونصنع من هذا الجوز كعكة لذيذة، ونتسامر طوال الليل. يمكنك أن تبيت في منزلي، وغدًا تبيع يقطينك الذي أحضرته.

وافق العمّ سالم على هذه الفكرة الرائعة، واجتمعت نسوة القرية قرب الساقية. أشعل الأطفال فوانيس صغيرة، وجلسوا يشاهدون القوارب وهي تتمايل على سطح الماء. أحضرت النساء قدورًا، أشعل الرجال النار، وراحت النسوة يقشّرن اليقطينة الكبيرة ويقطّعنها قطعًا صغيرة لإعداد الحساء.

ما هي إلاّ لحظات حتى انتشرت رائحة طيبة ملأت القلوب بالدفء. وبعد نحو ساعة، أصبح العشاء جاهزًا. تحلّق الجميع حول قدر الحساء، يستمتعون بطبق اليقطين الشهي. ويستمعون إلى مغامرة عنتر مع اليقطين والجوز.

وليمة القرية

قال عنتر:

_ تعلّمتُ اليوم حكمة مهمّة، يجب علينا ألاّ نتسرّع في الحكم على الأشياء، لقد تسرّعت في الحكم على الجوز الذي ينبتُ فوق الشجر بدلاً من الأرض. وعلى اليقطين الذي لا ينمو على أغصان الشجر، لكن، لو كان الأمر كذلك، لكنتُ الآن بلا أنف!

ضحك الجميع عند هذه الكلمات، ووافقوا على ما قاله عنتر، نعم…فلكلّ شيء حكمة، والكون خُلق في أحسن صورة له، تمامًا كما شاء له الله جلّ وعلا.

وهكذا قضى عنتر وأهل القرية الليلة حول النار يتسامرون ويتبادلون الحديث مستمتعين بكعك الجوز، وبذور اليقطين المحمّصة، وأجواء الخريف الجميلة.

هل أعجبتك مغامرة عنتر؟ اقرأ أيضًا قصّة مراهنة عنتر الطريفة

شاركنا رأيك بالقصة

Your email address will not be published. Required fields are marked *