قصة اختراع المايكرويف: كيف غيّر خطأ صغير العالم!
هناك بعض الاختراعات التي اُكتشفت عن طريق الصدفة، وعلى الرغم من أنها كانت وليدة لحظة غير مقصودة، إلا أنها أصبحت جزءًا لا يمكن الاستغناء عنه في حياتنا اليوم. ومن هذه...

هناك بعض الاختراعات التي اُكتشفت عن طريق الصدفة، وعلى الرغم من أنها كانت وليدة لحظة غير مقصودة، إلا أنها أصبحت جزءًا لا يمكن الاستغناء عنه في حياتنا اليوم. ومن هذه...
هناك بعض الاختراعات التي اُكتشفت عن طريق الصدفة، وعلى الرغم من أنها كانت وليدة لحظة غير مقصودة، إلا أنها أصبحت جزءًا لا يمكن الاستغناء عنه في حياتنا اليوم. ومن هذه الاختراعات، قصة اختراع المايكرويف، التي تحكيها لنا اليوم جدّة أحمد بعد أن سألها حفيدها عن كيفية عمل هذا الجهاز وتحضيره للطعام بدون لهب أو نار.
جلس أحمد بجوار جدّته يُصغي بكل اهتمام ولنُصغِِ نحن أيضًا معه، لنتعرف على واحدة من أجمل قصص الاختراعات الحديثة، التي بدأت بخطأ صغير وانتهت باختراع لا غني عنه اليوم في أيّ منزل.
في إحدى الليالي، كانت الأم والجدة تحضّران طعام العشاء في المطبخ. وبينما تضع الأم حبات الذرة في جهاز المايكرويف، دخل أحمد وأخذ يراقب الجهاز عن كثب. كان الجهاز يصدر صوتًا خفيفًا ويضيء من الداخل. تفاجأ أحمد عندما رأى حبات الذرة تتحوّل إلى الفشار الذي يحّبه في ثوانٍ معدودة.
سأل أحمد متعجبًا: ما هذا الجهاز يا أمي؟ كيف صنع الفشار، فأنا لم أرى نارًا أو لهبًا ينبعث منه؟
أجابت الأم: هذا الجهاز يُسمى المايكرويف، وهو يا صغيري لا يحتاج إلى نار. فهو يعمل بطريقة ذكية باستخدام الأشعة لتسخين الطعام.
تعجّب أحمد أكثر وسألها: من الذي اخترع هذا الجهاز يا أمي؟ وكيف اخترعه؟
ردت الأم: “يبدو أن لديك الكثير من الأسئلة، ما رأيك أن تقصّ علينا الجدة قصة اختراع المايكرويف المشوقة؟”
أجاب: “بالطبع، هيا يا جدتى احكي لي هذه القصة”.
ضحت الجدة وقالت: “إن لهذا الجهاز قصة غريبة ومشوقة، وفيها مفاجأة كبيرة فقد تم اختراعه صدفةً. هيا تعالَ يا أحمد لنجلس وسأحكي لك”.
أمسكت الجدّة يد حفيدها وذهبت لتجلس في غرفة المعيشة، وأخذت في يدها قطعة من الشوكولاتة. تعجب أحمد من سبب أخذ جدّته قطعة الشكولاته. وجلست الجدة على الكرسي وجلس أحمد بجانبها وكلّه حماس لسماع القصّة.
بدأت الجدة كلامها وقالت: ” هل تعرف أن السر يمكن في هذه القطعة الصغيرة من الشوكولاتة؟”.
تعجّب أحمد وقال لجدته: ” حقا؟! كيف هذا؟!”. أخذت الجدّة نفسًا عميقًا، وبدأت تحكي القصة:
منذ زمن بعيد، وتحديدًا عام 1945، عاش رجل ذكي يُدعى بيرسي سبنسر. في البداية، لم يكن عالمًا مشهورًا بل مهندسًا، يعمل في شركة كبيرة لصناعة أجهزة الرادار. عُرف سبنسر بفضوله وحبه لتجربة كل شيء بنفسه. وفي أحد الأيام الباردة، بينما كان منهمكًا في عمله على جهاز يُطلق موجات صغيرة تُسمى “المايكرويف” شعر بالجوع الشديد. فأخرج من جيبه قطعة من الشوكولاتة كان قد أحضرها من المنزل. ولكنه فوجئ بأنّها أنها كانت قد ذابت تمامًا وتركت بقعًا في ملابسه. تعجّب سبنسر كثيرًا، وتساءل في نفسه: “ما الذي حدث؟ كيف ذابت قطعة الشوكولاتة في غرفة باردة؟”
كانت الغرفة التي يعمل بها، يا صغيري، باردة جدًا والطقس شتويًا شديد البرودة أيضًا، فكيف يمكن أن يحدث ذلك؟ هنا يا بني، تعجَّب سبنسر واندهش كثيرًا، لأنه وفقًا لقوانين الفيرياء لا يمكن لقطعة الشوكولاتة أن تذوب في درجات حرارة منخفضة.
تابعت الجدة حديثها، قالت: ولم يكتف سبنسر بذلك، بل أخذ يبحث عن السبب وازداد فضوله حول قطعة الشوكولاتة الذائبة. ظل يفكر طويلًا في أمرها والسرّ وراء ما حدث لها. وخطر له أن الجهاز الذي كان يعمل عليه قد يكون هو السبب، خاصةً أنه كان يقف بجانب جزء إلكتروني كبير يساعد في تشغيل الرادار.
فذهب مسرعًا، وأحضر كيسًا يحتوى على حبات الذرة ووضعها بجوار الصمّام، وما فتئت أن تحوّلت إلى فشار بعد دقائق معدودة وتناثرت في المكان بأكمله.
لم يتوقف سبنسر عند هذا الحدّ، بل أعاد التجربة مرة أخرى ليتأكد ممّا توصّل إليه. عاد إلى منزله وبقي يفكر فيما حدث واستمر في البحث طويلاً بين كتبه عن تفسير لما حدث معه في المعمل.
لم يستطع النوم في تلك الليلة وما أن أشرقت الشمس، حتى ذهب مسرعًا إلى العمل. وأحضر معه برّاد شاي وبيضًا ليجري تجربته الجديدة. وضع البيض في البرّاد وجعل فتحة البرّاد باتجاه الصمام، وخلال ثوانً، انفجر البيض وتناثر في أرجاء المكان حتى أنه تناثر على أحد زملائه الذي كان يقف بجواره في هذه اللحظة.
ضحك سبنسر وقال: “لم يكن البيض خيارًا موفقًا”.
بعد هذه التجارب، تأكد سبنسر أن الموجات التي يعمل عليها لديها القدرة على طهي الطعام وتسخينه بسرعة مذهلة دون الحاجة لاستخدام نار أو فرن. فخطرت له فكرة صنع جهاز يسخن الطعام باستخدام هذه الموجات. ففرح كثيرًا، وقال بفخر: “هذا اختراع عظيم! سيغير هذا الاختراع حياتنا إلى الأفضل، سيسهل علينا طهي الطعام في وقت وجيز وسريع”.
وبالفعل يا أحمد، بدأ سبنسر في عرض اختراعه على شركته التي وافقت على تنفيذ الفكرة، وبدأ مع فريقه في تصنيع أول جهاز للطهي في العالم يعمل بموجات المايكرويف. في البداية، كان حجمه كبير جدًا وسعره مرتفعًا للغاية، لذلك لم يُقبل الناس على شرائه وكان يستخدم في المطاعم فقط. ولكن لم يستسلم سبنسر، وقرّر تقليص حجم الجهاز والترويج له بين الناس.
ومع الوقت، صار أصغر حجمًا كما تراه الآن وأرخص ثمنًا، حتى أصبح جهازًا منزليًّا. وكما توقع سبنسر يا صغيرى صار يُستخدم في كل بيت في العالم وعُرف باسم المايكرويف.
أمسك أحمد قطعة الشيكولاته وأخذ قضمة منها وقال: ” ياااااه! لم أتخيّل قطّ يا جدتي، أن قطعة الشوكولاتة الذائبة هي السبب الرئيسي في اختراع المايكرويف”.
ضحكت الجدة وقالت: “هذا صحيح. العديد من الاختراعات تم اكتشافها من أشياء بسيطة ومن صدف غير متوقعة كما حدث مع سبنسر في قصة اختراع المايكرويف”.
ثم تابعت حديثها وقالت: “والأهم من ذلك يا أحمد، أن ننتبه لما يحدث حولنا، فلو لم ينتبه سبنسر لقطعة الشوكولاتة ويبحث في الأمر لما وصل إلى الاختراع الذي غيّر حياتنا إلى الأفضل والأسهل”.
رد أحمد بحماس: “وأنا سأنتبه دائمًا لما يحدث يا جدتي، فقد أكتشف شيئًا عظيمًا يومًا ما”.
قالت الجدة: “أنت ذكي يا أحمد وأنا واثقة من ذلك، لأن من يسأل ويستفهم عن الأشياء من حوله سيصبح بالتأكيد شخصًا عظيمًا يومًا ما”.
ومنذ ذلك اليوم، صار أحمد يراقب المايكرويف كلّ مرة، ويتخيل نفسه مخترعًا كبيرًا، يبتكر أجهزة تفيد الناس.
اقرأ أيضًا: كالدي والفاكهة العجيبة: قصة اكتشاف القهوة
نتعلم من قصتنا اليوم كيف يمكن لخطأ صغير أن يحوّل حياتنا للأفضل ويؤدي إلى اكتشاف جديد. لذلك، يا بني العزيز تذكر أن تتعلم من كل أخطائك وتحولها إلى فرص للنجاح. فكم من اختراع كبير بدأ بفكرة صغيرة، وكم من اختراع كان مخترعه يرغب في ابتكار شئٍ ما وفوجئ أنه اخترع شيئًا آخر مختلفًا تمامًا. تذكر دائمًا أنّ كل خطوة في طريقك تساعدك على الوصول إلى هدفك بشرط أن تتعلم من أخطائك وتفكر فيها وتعرف كيف تحول الأشياء السلبية في حياتك إلى أمور إيجابية تمدّ حياتك بالأمل والخبرة الكافية، لتتعلم منها وتتمكن من الوصول إلى هدفك.