قصة عن التعاون للأطفال: الحمامة المطوقة وأصدقاء الغابة
قيل قديمًا أن التعاون هو أقوى سلاح في مواجهة التحديات، وأن اليد الواحدة لا يمكنها إنجاز العمل بمفردها. لذلك، سنروي اليوم قصة عن حمامة جميلة الألوان وقعت في فخ الصياد....

قيل قديمًا أن التعاون هو أقوى سلاح في مواجهة التحديات، وأن اليد الواحدة لا يمكنها إنجاز العمل بمفردها. لذلك، سنروي اليوم قصة عن حمامة جميلة الألوان وقعت في فخ الصياد....
قيل قديمًا أن التعاون هو أقوى سلاح في مواجهة التحديات، وأن اليد الواحدة لا يمكنها إنجاز العمل بمفردها. لذلك، سنروي اليوم قصة عن حمامة جميلة الألوان وقعت في فخ الصياد. لكن بفضل مساعدة أصدقائها في الغابة تمكّنت من الهروب من شبكة الصياد. تابعوا معنا هذه القصة المليئة بالمغامرة، والتي ستعلم الأطفال أن العمل الجماعي هو سر النجاح في مواجهة أصعب المواقف.
حدثت قصّتنا في غابةٍ جميلةٍ كثيفة الأشجار ذات منظر بديع. كانت الغابة موطنًا للطيور. لكن، كما هي العادة في الحياة، لا تسلم الطيور والحيوانات من خطر الصيادين الذين ينصبون شباكهم في كل أنحاء الغابة طمعًا في اصطياد الطيور الجميلة التي تعيش فيها.
كثيرًا ما يتردد الصيادون على الغابة، وخاصةً بالقرب من شجرة كبيرة، حيث اعتادت الطّيور التجمع عندها باستمرار. وذات يوم، في الصباح الباكر، خرج غراب من عشه القريب من الشجرة الكبيرة فرأى صيادًا تبدو على وجهه ملامح الدهاء والخبث، يتسلَّل بحذر داخل الغابة، ويحمل في إحدى يديه شبكة صيد كبيرة وحبوبًا، وفي اليد الأخرى عصا غليظة.
ذُعر الغراب مما رآه، وتسمّر في مكانه، وتساءل كثيرًا في نفسه: “لماذا جاء هذا الصياد إلى غابتنا؟ هل جاء لاصطيادي وقتلي؟ أم أنَّ هناك طيورًا أخرى ستكون ضحية خدعته؟”
اختبأ الغراب وأخذ يُراقب ما يفعله الصياد من بعيد، فرأه يضع شبكته الكبيرة بحذر بين الأعشاب الطويلة، وينثر الحبوب فوقها لتكون فخًا للطيور التي تطير حول الشجرة. لم يمضِ وقت طويل حتى جاء سرب كبير من الحمام، تتقدّمهن في الطيران حمامة بيضاء آسرة الجمال تُدعى “المطوقة”، وسُميت الحمامة بهذا الاسم لشدة جمال ريشها الأبيض اللامع وعنقها الأبيض كحبات اللؤلؤ. كانت المطوقة حكيمة وفطنة، وتكنُّ لها باقي الحمامات احترامًا عظيمًا.
حلّق السرب فوق الشجرة الكبيرة، ولمحت الحمامات الحبوب المتناثرة. فرحت الحمامات بشدة ولم يستطعن مقاومة الطعام المجاني، واندفعن نحو الأرض، وقد أنساهن الجوع أخذ الحذر، فلم ينتبهن إلى الشبكة.
شعرت المطوقة بالريبة، فصاحت في أصدقائها: “احذرن! هذا غريب، قد يكون هذا فخًا”.
وعلى الرغم من إحساسها بالخطر، إلا أنها لم تتمكن من إيقاف السرب، فقد غلبتها أصوات الجوع. وعندما أقبل السرب والحمامة المطوقة نحو الحبوب لالتقطاها، وقف الغراب فوق غصن مرتفع، يحاول تحذيرهن، ولكن لم يصغ إليه أحد.
ما إن لمست أقدامهن أرض الغابة، حتى انطبقت عليهن الشبكة التي نصبها الصياد، فتشابكت أرجلهن في خيوطها. علا صراخ سرب الحمام، وبدأت كل حمامة تضرب بجناحيها بجنون في محاولة يائسة للخلاص من الشبكة، غير آبهة برفيقاتها.
فرح الصياد وهو يراقب المشهد من بعيد، وانطلق مسرعًا لجمع الحمام. وفي تلك اللحظة، حاول الحمام الطيران بعيدًا، لكن دون جدوى، إذ طارت كل حمامة في اتجاه مختلف، فتشابكت الخيوط أكثر، مما زاد الموقف سوءًا
اقترب الصياد من الشبكة وقال بسخرية: “لقد أمسكتُ بصيدٍ ثمينٍ! سأخذ هذه الطّيور إلى السوق وأبيعها وأصبح غنيًا”.
وعندما اقترب الصياد منهن، خاف الحمام كثيرًا، وقال بعضهن لبعض: “سيُقضى علينا جميعًا”.
عندها فكرت الحمامة المطوقة بحكمة وقالت: “توقفن! لن نستطيع النجاة هكذا. أرجوكن، لا تضربن بأجنحتكنّ، ولا تفكرن بإنقاذ أنفسكنّ فقط. علينا التعاون معًا لننقذ أنفسنا”.
قالت إحدى الحمامات في حيرة: “وماذا نفعل؟”
ردت المطوقة بثقة: “يجب علينا الاتحاد والتعاون معًا. يجب أن نرفرف جميعًا بأجنحتنا في نفس الوقت وبقوة واحدة”.
استجاب باقي السرب لكلام الحمامة المطوقة، واتحدن وقرّرن أن يطرن معًا إلى أعلى كي يتخلَّصن من الشبكة العالقة. وعلى الرغم من ثقلها، استطاعوا رفعها عن الأرض بفضل التعاون معًا. لاحظ الصياد ما يحدث، فاندفع مسرعًا لينقضّ عليهن، لكنه لم يستطع، فقد حلّق الحمام بالشبكة عاليًا في الهواء.
تعجّب الصياد مما رأى، وقال: “كيف حدث هذا؟ هذه أول مرة أرى طيورًا تحمل شبكة”.
غضب الصياد واندفع يطاردهن عبر الغابة. وعندما رأت المطوقة أنّ الصياد يتبعهن، صاحت بصوت مرتفع: “هيا، لنطير بين الأشجار الكثيفة حتى لا يتمكن من ملاحقتنا”.
وبالفعل، طار سرب الحمام بين الأشجار المتشابكة، فتعذّر على الصياد اللحاق بهن، وتردد في دخول أعماق الغابة خوفًا من الحيوانات المفترسة. واصل السرب الطيران حتى ابتعد تمامًا عن الصياد، ووصل إلى مكان آمن وسط الغابة. وهناك، ظهر الغراب فجأة، واقترب وهو يقول: “لا تخفن، سأذهب مسرعًا لإحضار السنجاب الحكيم ليساعدكن”.
عُرف السنجاب في الغابة بحكمته وحيلته ومساعدته لجميع الطيور والحيوانات. طار الغراب مسرعًا إلى بيت السنجاب، وقصَّ عليه ما حدث مع سرب الحمام، وقال بلهفة: “أيها السنجابُ الحكيمُ، نحتاج إلى مساعدتك، لقد وقع الحمام في شبكة الصياد”.
أسرع السنجاب مع الغراب إلى مكان السرب. وعندما رأت الحمامة السنجاب قالت: “أيها السنجاب الحكيم، لقد تعاوننا معًا للهرب من الصياد، ولكننا ما زلنا عالقين. نحتاج إلى مساعدتك كي نتخلص من هذه الشبكة وننجو”.
استنكر السنجاب المشهد، وتعجّب كيف للمطوقة أن تقع ضحية هذا الفخ وقال: ما الذي أوقعكِ في هذا الفخ، وأنتِ معروفة بالذكاء والفطنة؟”
ردت الحمامة، وهي تشير إلى الحبوب العالقة في الشبكة بحزن: “إنه الطمع، هو من أوقعني في هذه الورطة”.
ابتسم السنجاب، وقال: “حسنًا، لا تقلقي. سأعمل على تحريركنَّ بأسرع وقت”.
أسرع السنجاب في محاولة فكّ الشباك عن الحمامة المطوقة أولًا. لكنها أوقفته بلطف وقالت: “أرجوك، أنقذ أصدقائي أولًا قبل أن تفكَّ قيدي”.
تعجّب السنجاب من طلب الحمامة وقال: “ألا تريدين أن أنقذكِ أولًا؟”
ابتسمت الحمامة، وقالت: “إني أخاف إن بدأتَ بي أن تشعر بالتعب فتترك أصدقائي. ولكن إذا بدأتَ بفك شباك صديقاتي، فحتى إن أصابك التعب ستواصل العمل من أجل تحريري.”
نظر إليها السنجاب بإعجاب وقال: “كل يوم يزداد إعجابي بحكمتك وذكائك.”
وبينما انهمك السنجاب جاهدًا على قطع خيوط الشبكة بأسنانه، وصل الفأر والأرنب والسلحفاة مسرعين لمساعدته على تحرير الحمام. اجمعت الحيوانات معًا، وبدأوا يعملون كفريق واحد يسوده التعاون.
استخدمت السلحفاة فكّها لشد أطراف الشبكة وقطعها، بينما كان الأرنب والفأر يقطعان الحبال السميكة بمساعدة النحلة التي كانت تدلهما على أماكن العقد المخفية. أما الغراب، فظل يحلق في السماء، يراقب المكان ويحذرهم إذا اقترب الصياد من جديد. وعندما أحس الغراب باقتراب الصياد، طار مسرعًا ونادى الفيل ليساعدهم في مطاردته وإبعاده عنهم.
بفضل التعاون بين الجميع، استطاع الأصدقاء فكَّ الشباك وتحرير الحمام. ورفرفن بأجنحتهنَّ في الغابة فرحات بتحررهن.
شكرت المطوقة السنجاب وأصدقاءه، وقالت بامتنان: لقد نجونا بفضل تعاونكم جميعًا. شكرًا لكم”.
ابتسم السنجاب وقال: “إن التعاون بيننا هو الذي ساعدنا على تحريركن بسرعة.”
وأضافت السلحفاة: “مهما اختلفت أشكالنا وأحجامنا، فإن باتحادنا نستطيع التغلب على أي خطر. فالنجاح لا يتحقق إلا بالتعاون”.
طار سرب الحمام في السماء، وهنّ يلوّحن بأجنحتهن مودعات أصدقائهم الأوفياء. ومنذ ذلك اليوم، ظلّ سكان الغابة يروون قصة الحمامة المطوقة وأصدقائها الذين علّموا الجميع أن التعاون هو أساس النجاح.
اقرأ أيضًا: قصة عن الكذب للأطفال: الراعي والذئب
تُعد قصة الحمامة وأصدقائها واحدة من أفضل قصص الأطفال التي تغرس القيم والأخلاق في نفوسهم، حيث تحمل بين طياتها العديد من المبادئ السامية، فهي قصة عن التعاون والعمل الجماعي.
تُعلّم الأطفال أهمية مساعدة الآخرين وعدم التفكير في أنفسهم فقط، وتؤكد أن أساس النجاح والتغلب على المخاطر يكمن في التعاون. كما تُبرز القصة درسًا مهمًا، وهو ألا نستهين بقدرات الآخرين مهما كان حجمهم أو شكلهم؛ فكما رأينا في قصتنا، رغم صغر حجم الفأر والسنجاب وبطء السلحفاة، إلا أنهم كانوا السبب في تحرير الحمامات من الشبكة.
اقرأ أيضًا: قصة قصيرة عن الصدق: ياسر والجرّة