

من يكذب مرة لا يصدقه الناس حتى عندما يقول الحقيقة، تعلمنا هذه المقولة منذ صغرنا، فهي تبيّن لنا أهمية الصدق في حياتنا، وتحذرنا من الكذب الذي قد يؤثر سلبًا على حياتنا وأصدقائنا.
قصتنا اليوم تتحدث عن قصة عن الكذب للاطفال، وتحكي عن راع صغير في قديم الزمان، كان يرعى غنمه بين التلال الخضراء، ولكنه في أحد الأيام قرر أن يكذب على أهل قريته، فماذا حدث له وكيف تصرف أهل القرية معه؟ لنكتشف هذا معًا في هذه القصة الممتعة وهي قصة الراعي والذئب أو قصة عن الكذب للاطفال.
في قديم الزمان، كانت هناك قرية صغيرة تحيط بها تلال خضراء وغابة كبيرة والسهول الواسعة. كان يعيش في القرية فتى صغير يدعى آدم.
في أطراف الغابة، كان هناك ذئب ضخم، وقد هاجم بعض الأغنام في الماضي، لكن القرويين كانوا دائمًا ينجحون في إبعاده فورًا. وذات يوم، وكل أهل القرية إلى آدم مسؤولية رعي أغنام القرية على تلة صغيرة قريبة من الغابة.
كل صباح، كان آدم يأخذ قطيع الأغنام ويذهب إلى التلال القريبة من القرية، حيث العشب الأخضر والماء النقي. كان آدم يقود القطيع نحو التلال، ويجلس على صخرة كبيرة يراقب الأغنام وهي تأكل.
وكان عمله يقتضي مراقبة الأغنام ومنعها من الابتعاد أو التفرق. لكنه لم يكن سعيدًا بهذا العمل، كان يشعر بالملل الشديد، لا يوجد أحد يلعب معه، ولا شيء يُثير حماسه، ولم يكن هناك شيء يفعله سوى مراقبة الأغنام وهي تأكل.
كان يذهب كل يوم إلى العمل ويتمدد على الصخرة الكبيرة لساعات طويلة، أحيانًا ينام، وأحيانًا ينظر إلى الغيوم ويتمنى لو يجد شيئًا يُكسر هذا الملل.
وذات مساء، بينما كان عائداً إلى القرية، سمع أحد المزارعين يتحدث عن هجوم جديد للذئب على قطيع أغنام أحد الرعاة.
وفي صباح اليوم التالي، استيقظ آدم وذهب إلى العمل كالعادة، وعندما جلس إلى الصخرة، شعر بالملل الشديد، فتذكر كلام أهل القرية عن الذئب.
وخطرت له فكرة، قال في نفسه: “ماذا لو خدعت أهل القرية لأمرح قليلاً؟ سأصرخ أن الذئب جاء ليأكل أغنامي، سيركض الجميع لإنقاذي، سيكون الأمر مسليًا جدًا”.
ركض الصبي من مكانه نحو حافة التل، ثم فجأة صرخ بصوت عالٍ: “النجدة! النجدة! الذئب! الذئب يأكل أغنامي، ساعدوني!”
سمع أهل القرية في الحقول المجاورة صراخه العالي، فهرعوا بسرعة حاملين العصي والحجارة لمساعدته، وركضوا بأقصى ما لديهم من قوة لحمايته هو وقطيعه.
وبينما كانوا يقتربون منه، رأوه يضحك بصوت عالٍ، لأنه لم يكن هناك ذئب أصلاً. استمتع الصبي برؤية ملامح وجوه المزارعين.
قال لهم: “لقد كنت أمزح معكم! أردت أن أرى ماذا ستفعلون! كم كان هذا الموقف مضحكًا للغاية.”
غضب أهل القرية من سخرية الصبي. قال له أحد المزارعين: “يا آدم، إن الكذب شيء سيء. لقد وثقنا بك وأسرعنا لحمايتك، وإن خدعتنا اليوم، من سيصدقك غدًا؟”
لكنه لم يهتم بكلامهم، بل وجد الأمر مسليًا، وقرر إعادة هذه المزحة مرة أخرى. عاد آدم في اليوم التالي إلى التلال، وعندما شعر بالملل.
صرخ مجددًا: “الذئب! لقد جاء الذئب! ساعدوني، إنه يأكل أغنامي، أرجوكم ساعدوني، لا تدعوه يأكل أغنامي”.
ومثل المرة الأولى، ركض أهل القرية بأقصى سرعة لمساعدته، ولكن عندما وصلوا إليه وجدوا نفس المشهد، لا يوجد ذئب، ولا أي خطر، والأغنام تأكل بهدوء.
ضحك آدم، وقال لهم: “لقد خدعتكم مرة أخرى، إن هذا مسلي للغاية”.
كان المزارعون منزعجين، لكنهم انصرفوا دون أن يقولوا شيئًا. استمر الصبي بخدعه لأيام، وكان ينفجر ضحكًا عندما يرى سرعة استجابة المزارعين لمساعدته. غضبوا من آدم لعدم إحساسه بخطورة الموقف.
فقال له أحد الفلاحين غاضبًا: “هذه المرة الأخيرة يا آدم! لن نصدقك بعد اليوم، ولن نأتي أبدًا إذا صرخت طلبًا للمساعدة”.
ضحك آدم مجددًا، وقال في نفسه: “يالهم من مملين، لا أحد هنا يعرف كيف يمرح”.
بعد بضعة أيام، وفي صباح مشمس هادئ، بينما كان آدم يجلس على صخرته كالعادة يراقب الأغنام وهي تتجول حول التل، لاحظ حركةً في الشجيرات القريبة، ثم سمع صوتًا غريبًا لم يسمعه من قبل.
بدأ قلب آدم يخفق بسرعة. تساءل في نفسه: “ما هذا الصوت؟ هل هي الرياح؟”
لكن لا، لم تكن الرياح، بل كان هناك شيء ما يتحرك بخفة. حدّق نحو مصدر الصوت. وفجأة، رأى ذئبًا! تجمّد في مكانه، واتسعت عيناه رعبًا. قال: “لا يمكن أن يكون حقيقيًا! ماذا أفعل الآن؟!”
فجأة، انطلق الذئب وقفز باتجاه الأغنام. فزع آدم وبدأ يصرخ بأعلى صوته: “ذئب! ذئب! إنه حقيقي هذه المرة! النجدة! ساعدوني! أنا لا أكذب، ساعدوني!”
صرخ مرارًا وتكرارًا، لكن لم يأتِ أحد، ولم يركض أحد لمساعدته. كان المزارعون يسمعون صراخه، لكنهم ظنّوا أنه يمازحهم مرة أخرى. ابتسموا لبعضهم، وقال أحدهم: “هل يظن أننا سنُخدَع بهذه المزحة مرة أخرى؟”
واصل المزارعون عملهم في الحقل، غير مكترثين بصراخ الصبي المتكرر. وفي لحظات، هجم الذئب على القطيع وشتت الأغنام في كل اتجاه. حاول آدم إبعاده، لكنه لم يكن قويًا بما يكفي ليواجهه. جلس على الأرض يبكي بحرقة، ليس فقط لأنه خسر أغنامه، بل لأنه عرف الآن أن الكذب قد دمر ثقة الناس به.
قال وهو يبكي: “أنا السبب، لقد ظننتها لعبة. لم أظن أن الأمر سيكون حقيقيًا يومًا ما.”
مع غروب الشمس، جمع المزارعون أدواتهم وانتظروا عودة الراعي. كان ينزل دائمًا مع الأغنام في وقت الغروب ويعود إلى منزله مع المزارعين. لكنّه لم يأتِ اليوم، قلق المزارعون عليه؛ كانوا أناسًا طيبين للغاية، فقرروا الصعود إلى التلة لإحضاره هو وأغنامه رغم تصرفاته المشاكسة.
عندما صعدوا، فوجئوا به حزينًا، وملابسه ممزقة، ودموعه لا تتوقف.
قال أحدهم: “يا بُني، ماذا حدث؟ لماذا تبكي؟”
أجاب الصبي باكياً: “لقد هجم الذئب على الأغنام. ناديتكم جميعاً، ولم يأتِ أحد لمساعدتي”.
شعر المزارعون بالأسف عليه، فقال أحد المزارعين: “لقد خدعتنا عدة مرات، ظننا أنك تحاول خداعنا مرة أخرى، لهذا السبب لم يأتِ أحد لمساعدتك”.
اقترب منه الشيخ العجوز، ووضع يده على كتفه، وقال بلطف: “يا بني، لقد حذرناك من الكذب، ولكنك لم تستمع إلينا، الآن، تعلمت الدرس، حينما يعتاد الناس منك الكذب، لن يصدقوك أبدًا حتى وإن كنت تقول الحقيقة”.
منذ ذلك اليوم، تعلّم الصبي درسًا لا يُنسى، من يكذب مرة لن يصدقه الناس مرة أخرى.
أصبح الصبي أكثر صدقًا، ولم يكذب بعدها أبدًا. واستعاد ثقة أهل القرية بمرور الوقت، بعد أن رأوا تغيّره وندمه الحقيقي.
اقرأ أيضًا: قصة حورية البحر ومغامراتها في عالم البشر
نتعلم من قصة الراعي الكذّاب درسًا مهمًا عن أهمية الصدق، وهو أن من يعتاد على الكذب لن يصدّقه الآخرون أبدًا، حتى وإن كان يقول الحقيقة. كيف يمكن لكذبة صغيرة أن تتحوّل إلى مشكلة حقيقية، وذلك من خلال مغامرة الراعي الصغير الذي ظنّ أن الكذب مجرد لعبة ممتعة، ولكن عندما احتاج إلى المساعدة، لم يصدّقه أهل قريته.
لذلك، يجب أن نتحلى بالصدق دائمًا، حتى نحافظ على محبة الآخرين ونكسب احترامهم.
اقرأ أيضًا: 4 حكايات عالمية ممتعة تغرس القيم والأخلاق في نفوس أطفالك
هذه قصة عن الكذب للاطفال تشجّعهم على قول الحقيقة بطريقة ممتعة، من خلال استخدام الشخصيات الكرتونية، كما تُظهر أن الكذب حتى وإن كان بسيطًا، فقد يؤدي إلى خسائر كبيرة.