كيف تجعل وقت قراءة القصص أكثر متعة وفائدة للأطفال

القراءة ليست مجرّد هواية، بل أداة قوية لتنمية الأطفال على مختلف الجوانب. عندما تصبح الكتب والقصص جزءًا أساسيًا من روتين الأسرة اليومي، تتطور مهارات الطفل اللغوية، ويزداد وعيه، ويتمكن من بناء شخصيته، وفهم نفسه والآخرين بشكل أعمق. كما تُمكّن العائلة من غرس القيم والأخلاق، وتربية أفراد أسوياء قادرين على الإشراق وسط التحديات.

قد أظهرت العديد من الدراسات أن القراءة هي المحرك الأساسي لاكتساب مفردات جديدة، وتعزز مهارات التفكير النقدي. ومع هذه الفوائد الرائعة، يحرص الآباء على تحفيز أطفالها على القراءة. لكن يبقى السؤال: كيف نشجع الأطفال على القراءة؟

الإجابة تكمن في القراءة التفاعلية، التي تُعد وسيلة فعّالة لتطوير مهارات الأطفال وتحفيزهم على حب القصص والكتب.

تعريف القراءة التفاعلية للأطفال

القراءة التفاعلية للأطفال

القراءة التفاعلية للأطفال هي أسلوب تعليمي يهدف إلى تشجيع الأطفال على القراءة والتفاعل مع النصوص. ولا يقتصر الأمر على القراءة الصامتة أو الاستماع، بل تعتمد على القراءة بصوت عالٍ ومع التوقف بين الحين والآخر لمشاركة الأطفال من خلال الحوار، وطرح الأسئلة، وتوقع الأحداث، وتغير النهاية.

غالبًا ما تستخدم القراءة التفاعلية للأطفال لتحفيز الفهم، وتطوير مهاراتهم الإبداعية وتنمية التفكير النقدي، وتحسين مهاراتهم اللغوية.

مراحل القراءة التفاعلية للأطفال

تتكوّن القراءة التفاعلية من 3 مراحل، يُفضّل تطبيقها لتحقيق أقصى استفادة:

  1. قبل قراءة القصة:
    • ناقش عنوان القصة أو الموضوع.
    • اطلب منه توقّع ما قد يحدث مع الأبطال.
  2. أثناء قراءة القصة:
    • توقف بين الحين والأخر لطرح الأسئلة أو شرح المفردات الجديدة.
    • اربط الأفكار والأحداث بحياة الطفل اليومية.
    • أعد تمثيل المشهد مع الطفل.
    • أضف كلمات جديدة
  3. بعد قراءة القصة:
    • اطلب منه تلخيص القصة أو التحدث عن ما فهمه من الأحداث.
    • ناقش معه الدروس المستفادة.
    • شجعه على التعبير عن رأيه.
    • اطلب منه إعادة سرد القصة بطريقة أخرى.

مثال على القراءة التفاعلية:

يمكنك أثناء قراءة القصة أن تتوقف للحظة وتتحدث مع طفلك عن الشخصيات. على سبيل المثال، يمكنك أن تقول: “أرى أن البطل غاضب، أستطيع أن أعرف ذلك من عبوسه في الصورة. ثم تُتبع ذلك بسؤال، مثل: لماذا يشعر بالغضب؟ أو ماذا كنت ستفعل لو كنت مكانه؟

بهذه الطريقة، ستشرك طفلك في الحوار وتُنمىّ مهاراته في التفكير والتعبير عن آرائه.

اقرأ أيضًا: أهمية اللعب في تنمية مهارات أطفالنا وذكائهم

فوائد القراءة للأطفال

القراءة التفاعلية للأطفال

تُساهم القراءة التفاعلية للأطفال في تنمية مهاراتهم اللغوية والاجتماعية. ومن أبرز فوائدها:

  1. تنمية قدراتهم على الفهم والاستيعاب، حيث يتعلم الأطفال كيفية فهم النصوص بشكل أفضل وقدرتهم على استيعاب المعلومات واستخلاصها وفهم التفاصيل الصغيرة.
  2. عندما يقرأ الأطفال قد يواجهون كلمات ومفردات جديدة، والتي نادراً ما يسمعونها في المحادثات العادية، مما يثري مفرداتهم وينمي مهاراتهم اللغوية. تحفز الكلمات المكتوبة على نطق الكلمات بشكل أكثر وضوحاً من المحادثات العادية.
  3. كما تساعدهم القراءة التفاعلية على استخدام الكلمات في سياقات مختلفة، ما يعطي الأطفال أفكاراً أوضح حول كيفية بناء الجمل واستخدام الكلمات في المواضع الصحيحة.
  4. تساعد القراءة على تنمية مهارات التفكير النقدي والمنطقي، حيث يتعين عليهم تقييم الأفكار والمعلومات واتخاذ قرارات مبنية على أدلة.
  5. يتعلم الطفل كلمات جديدة وتراكيب لغوية تساعده في التعبير عن أفكاره، مما يُطوّر مهاراته في الحديث والكتابة والاستماع.
  6. تعزيز ثقة الطفل بنفسه وتعليمه كيفية التعبير عن الرأي بصورة صحيحة، حين تطلب منه إعادة سرد القصة أو مشاركة رأيه. سيكتسب مهارة التعبير الذاتي والثقة في حديثه.
  7. تُساهم لحظات القراءة التفاعلية في تقوية العلاقة بين أفراد العائلة وأيضًا بين المعلم وطلابه.
  8. تُحفَّز الأطفال على استخدام خيالهم وأفكارهم لتوقع أحداث أخرى، وتنمية مهاراتهم الإبداعية.
  9. يتفاعل الأطفال مع مشاعر وأفكار الشخصيات، ويبدأون في التعاطف مع الأحداث، مما يساعد على تعزيز الذكاء العاطفي لديهم.

اقرأ أيضًا: أفضل 6 طرق لتعليم اللغة الإنجليزية للأطفال

طرق تحفيز الأطفال على القراءة

القراءة التفاعلية للأطفال

أغلب الأطفال يتجنبون القراءة بسبب صعوبات التعلم، مثل: عُسر القراءة، أو اضطراب فرط الحركة وتشتّت الانتباه، أو نتيجة مشكلات عاطفية تُثبّطهم وتُعيق تطور مهاراتهم في القراءة والكتابة. أحيانًا قد يكون السبب هو القلق أو الخوف من ارتكاب الأخطاء. مع الأسف، يؤدي إجبار الطفل على القراءة رغم هذه التحديات إلى عواقب سلبية. ومع مرور الوقت، يفقد ثقته بنفسه داخل الفصل الدراسي، وقد يُظهر سلوكًا عدوانيًا كردّ فعل.

لذلك، يحتاج الأطفال إلى التحفيز الصحيح والتشجيع على القراءة بطريقة إيجابية. ويعني التحفيز مساعدتهم على اكتشاف اهتماماتهم وشغفهم بالكتب، ومساعدتهم على إدراك متعة الحقيقية في الكتب. إليك أفضل 9 طرق لتحفيز الأطفال على القراءة:

  • اجذبهم إلى القصة: كما تشجعنا المقاطع الترويجية القصيرة على مشاهدة الأفلام، يمكن لمقدمة مشوقة عن القصة أن تثير فضول الأطفال وتدفعهم لقراءتها لمعرفة ما سيحدث في النهاية.
  • اصطحبهم إلى المكتبة: القراءة هواية ممتعة يمكن للعائلة مشاركتها معًا وقضاء وقت ممتع. يمكنك التوجّه مع أطفالك إلى المكتبة، تحتوي معظمها على ركن للأطفال. كما تُقدّم فعاليات، مثل: جلسات قراءة جماعية، أو مسابقات قراءة مع جوائز، أو فرص لقاءات مؤلفين محليين.
  • غيّر المكان: القراءة ليست حكرًا على المنزل. يمكنك اصطحاب أطفالك إلى الحديقة أو المقهى، أو قراءة القصص خلال رحلة بالسيارة، مما يجعل التجربة أكثر مرحًا.
  • كُن قدوة لأطفالك: الأطفال يقلدون الاشخاص حولهم. عندما يشاهدونك تقرأ كتاب بدلاً من التحديق في الهواتف، سيميلون إلى تقليدك.
  • أنشئ ركنًا للقراءة: يمكنك تحويل أي زاوية في منزلك إلى ركن قراءة عائلي باستخدام بطانيات ووسائد، أو كراسي مريحة، ومصباح، وبعض الزهور. دع طفلك يشارك في اختيار الديكور، فهذا يربطه بالمكان أكثر ويحببه في القراءة أكثر.
  • اجعل وقت القصة ممتعًا: بمجرد أن يحظى الطفل بتجربة إيجابية مع الكتاب، تزداد فرص استمراره في القراءة مرة أخرى. لذا، حاول جعل قراءة القصة ممتعًا من خلال طرح الأسئلة، أو تخّيل نهاية مختلفة، أو إنشاء مسرحيات قصيرة. كما يمكنك أيضًا ابتكار أنشطة جديدة مرتبطة بالقصة، مثل: الرسم أو الحرف اليدوية.
  • ساعدهم على اتخاذ خيارات جيدة: رغم أن الطفل هو من يختار ما يقرأه في النهاية، إلا أنه يمكنك توجيهه ومساعدته في اختيار قصص مناسبة لاهتماماته ومستواه، وتحذيره بلطف عندما تكون بعض القصص صعبة أو غير مناسبة لعمره.
  • اختر قصة مناسبة لعمره ومستواه: إذا كانت القصة تحتوي على الكثير من الكلمات أو المفردات الصعبة، فسيشعر الطفل بالإحباط ويصبح الامر مرهقًا. يمكنك استخدام قاعدة الأصابع الخمسة.
    • قاعدة الأصابع الخمسة: اقرأ فقرة بصوت عالٍ، وارفَع إصبعًا كلما واجه طفلك كلمة لا يعرفها. إذا رفعت 5 أصابع قبل نهاية الفقرة، فقد يكون النص صعبًا حاليًا ويحتاج تغييره.
  • امدحهم على إنجازاتهم: التقدير والتشجيع أقوى بكثير من المكافآت المادية، لأنهما يزيدان ثقتهم بقدراتهم وتدفعهم للاستمرار. عندما ينتهى طفلك من قراءة قصة أو تعلّم كلمة جديدة، امدحه وشجعه بالكلمات الإيجابية، مثل: أنا فخور بك، أحسنت، أنت ذكي وشجاع.

اقرأ أيضًا: أساليب التربية الحديثة: كيف تربّي أطفالك بذكاء؟

كيف تجعل وقت القصة ممتعًا وتفاعليًا

القراءة التقاعلية للأطفال

وقت القصة ليس مجرد لحظة لقراءة كلمات على صفحة، بل هو فرصة ذهبية لتقوية الرابط بينك وبين طفلك، وتحفيز خياله، وزرع حب القراءة في قلبه مدى الحياة. ومع ذلك، قد يشعر الطفل بالملل بسرعة إذا لم تكن القصة مشوقة أو لم يتم تقديمها بطريقة جذابة. لذا، من المهم أن يكون وقت قراءة القصص ممتعًا وجذابًا لطفلك.

إليك بعض النصائح لتحويل وقت القصة إلى تجربة ممتعة وتفاعلية:

1. لا تتعجل في القراءة

خذ وقتك أثناء القراءة، واقرأ بوتيرة هادئة تُمكّن طفلك استيعاب الأحداث وفهم المفردات. يلاحظ الأطفال التغيرات البسيطة بسرعة، لذا احرص أثناء القصة على الانتباه إلى نبرة صوتك وملامحك، حتى لا يفقد الطفل تركيزه أو يملّ.
 إذا كان وقتك ضيقًا، فاختر كتابًا قصيرًا، أو قسّم قراءة القصة إلى أجزاء على عدة ليالٍ.

2. استخدام التعبيرات

يساعد تقمّص شخصيات القصة وتمثيل الأحداث مع طفلك على إطلاق العنان لخياله وتعزيز تفاعله معك.
لا تحتاج إلى إتقان التمثيل، ما عليك سوى تغيّر نبرة صوتك، وتعبيرات وجهك، ولغة جسدك لتجسيد الشخصيات والمشاعر المختلفة في القصة. يجد الأطفال هذا الأمر ممتعًا ومضحكًا، ويشجعهم على التفاعل والمشاركة. يمكنك أيضًا استخدام الدمى أو الألعاب الصغيرة لتمثيل الشخصيات أمام طفلك.

يُعدّ هذا الأسلوب من أنجح أساليب القراءة التفاعلية للأطفال، لأنه يجعل الطفل يشعر وكأنه يعيش داخل القصة.

3. تقليد الأصوات

يمكن أن يكمن السر في تفاصيل بسيطة، مثل: تجربة بعض الأصوات أو إضافة مؤثرات صوتية أو حركات أثناء القراءة. تساهم هذه التغييرات البسيطة في جعل طفلك يشعر وكأنك تقرأ قصة جديدة تمامًا، حيث تضيف المشاعر طابعًا حيويًا وجديدًا لها.

جرّب تقليد صوت الحيوانات، الرياح، المطر، ولا تقلق من عدم إتقانك، فطفلك سيُقدّر جهدك ومحاولاتك البسيطة في جعل كل شخصية تبدو فريدة ومختلفة.

4. التفاعل

يُعدّ التفاعل من أفضل أساليب القراءة التفاعلية التي تُثري تجربة الطفل وتجعله يقضي وقت ممتع وتساعده على تنمية مهارات الاستماع والفهم. بعد الانتهاء، ابحث عن طرق إبداعية لتعميق فهم طفلك للقصة. يمكنك مناقشة أحداث القصة، واطرح أسئلة حول الشخصيات والأحداث، مثل:

  • ماذا كنت ستفعل لو كنت مكان البطل؟
  • هل توجد نهاية أخرى للقصة؟
  • ما رأيك في موقف البطل؟

يمكنك أيضًا القيام بأنشطة يدوية مستوحاة من الرسوم التوضيحية أو موضوع القصة، أو الاستماع إلى موسيقى مرتبطة بها، أو كتابة جزء ثانٍ من القصة مع طفلك.

5. تحديد وقت مخصص

تخصيص وقت محدد لقراءة القصة يوميًا يساعد على ترسيخ فكرة القراءة كعادة روتينية في حياة الطفل اليومية تساعد هذه الطريقة على إظهار اهتمامك بالقراءة وربطها بلحظات ممتعة يقضيها مع والديه، مما تجعل الطفل ينتظرها كل يوم، وبالتالي تُعزز من حبّه للكتب والقصص تدريجيًا.

6. تهيئة الجو المناسب

كلما كان الجو مناسبًا، زاد تركيز الطفل وارتباطه بالقصة، وتحول وقت القراءة إلى وقت ممتع ينتظره بفارغ الصبر.

  • أغلق هاتفك وتخلّص من المُشتتات.
  • هيّئ جوًا خاصًا يجمعك بطفلك، لتستمتعا سويًا بلحظات هادئة ومميزة.
  • استخدام بطانية مريحة أو وسادة ناعمة.
  • أشعل مصباحًا خافتًا لإضافة جو هادئ.

باتباعك لهذه النصائح، ستحول وقت القصة إلى وقت ممتع وأكثر فائدة وفاعلية وتغرس حب القراءة داخل طفلك بطريقة غير مباشرة وطبيعية.

اقرأ أيضًا: أهمية اللعب في تنمية مهارات أطفالنا وذكائهم

تساهم القراءة في بناء شخصية طفلك، وجعله قادر على التفكير والتعبير عن آرائه ومشاعره بطريقة واضحة ودقيقة، إذ أنها تزيد من تنميته لغويًا وفكريًا. وتبرز القراءة التفاعلية كأحد الطرق الفعالة لتنمية شخصية طفلك، لأنها تمنح الطفل فرصة لاكتشاف القصة من وجهة نظره وتساعده على الإبداع والتفكير وتفتح الحوار بين الطفل ووالديه. كما تجعل وقت القراءة وقت غني بالعديد من التجارب والمعاني، وتعطي الطفل فرصة للتعبير عن رأيه بقوة وتزيد من ثقته في نفسه وآراءه. لذلك، ننصح كل أم وأب بتجربة هذه الطرق مع أطفالهم لننشئ معًا جيلاً قارئًا، واعيًا، مفكرًا ومبدعًا قادرًا على تغيير مستقبله.

المصدر

شاركنا رأيك بالقصة

Your email address will not be published. Required fields are marked *