قصص دينية: مغامرات الصغير الصائم

الصغير الصائم، قصّة قصيرة للأطفال تدرّب الصغار على الصيام والاستعداد لشهر رمضان المبارك، بأسلوب ممتع جذّاب يحبّب الأطفال في الشهر الفضيل وعبادة الصوم العظيمة.

القرار

إنّها ليلة الأخيرة من شهر شعبان، وفي الغد سيكون أوّل أيام شهر رمضان الكريم، كانت المدينة تتلألأ بزينة رمضان، الأطفال يلعبون في الخارج مع أصدقائهم حاملين فوانيسهم سعداء بقدوم هذا الضيف العزيز الذي طال غيابه عنّا.

دخل عمرُ الصغير ذو الأعوام السبعة على والديه في غرفة الجلوس حاملاً فانوسه الجديد، وقال بفرح:

“أريد أن أصوم معكم غدًا، فأنا كبير الآن!”

ابتسمت الأم، ومسحت على رأسه بلطف قائلة:
“الصوم عبادة عظيمة يا عمر، ويحتاج نية صافية وقوّة، واستعداد أيضًا. سأوقظك قبل الفجر لتناول السحور معنا، ففي السحور بركة، وهي فرصة للذكر وقراءة القرآن، والدعاء.”

“حسنًا!” قال عمر سعيدًا، ثمّ ذهب إلى النوم باكرًا حتى يستطيع الاستيقاظ للسحور.

استيقظ عمر على صوت والده وهو يهمس في أذنه برفق:
“هيا يا بطل، لقد حان وقت السحور.”

فتح عمر عينَيه بتثاقل، ثم ما لبث أن نهض بسرعة متذكّرًا أنّ هذا أوّل يومٍ له في رمضان. جلس إلى المائدة مع والديه، فرأى أصنافًا بسيطة من الطعام: تمر، وحليب، وخبز، وجبنة.

قال الأب مبتسمًا وهو يضع بعض التمر في طبق عمر:
“يا عمر، في السحور بركة، والنبي ﷺ أوصانا به. فهو يُقوّي الجسد على الصيام، ويُذكّرنا أن نبدأ يومنا بذكر الله.”

سأل عمر وهو يأخذ رشفة من الحليب:
“هل يكفيني أن آكل فقط يا أبي؟”

أجاب الأب:
“الأكل مهم، لكن الأهم أن تذكر الله، وأن تنوي الصيام بقلبٍ صادق. وبعد أن نفرغ من السحور، سنصلّي الفجر معًا، فهي صلاة عظيمة، وفي رمضان لها طعم خاص. من يصلّي الفجر كأنما بدأ يومه بنورٍ وبركة.”

أحسّ عمر بالفرح وهو يسمع كلمات أبيه، وقال بحماس:
“أريد أن أجرّب قراءة الأذكار أيضًا بعد الصلاة!”

ضحكت الأم وقالت:
“هكذا يكون الصائم الصغير المجتهد. بالصيام، والصلاة، والذكر، يُصبح قلبك أنقى، وروحك أقرب إلى الله.”

ثمّ نهض الجميع فتوضؤوا، ووقف عمر إلى جوار أبيه في صلاة الفجر، قلبه يخفق بالسعادة لأنه بدأ رحلته الأولى مع الصيام في شهر رمضان المبارك.

بعد أن صلّى عمر الفجر مع والده وقرأ بعض الأذكار، عاد إلى فراشه ليستريح قليلًا. وما إن أشرقت الشمس حتى أيقظته أمّه برفق لتجهيزه للمدرسة. فتح عينيه مبتسمًا، فقد كان يشعر بالفخر أنه صائم مثل الكبار. نهض بحيوية، غسل وجهه، وارتدى ملابسه المدرسية وهو يردّد في نفسه:
“اليوم سأصمد وأُثبت أنني قادر على الصيام!”

ثم تناول حقيبته التي أعدّها ليلًا، وخرج مع والده نحو المدرسة، وفي قلبه بهجة كبيرة لأنه يعيش أوّل تجربة رمضانية حقيقية في حياته.

كان يسير في طريقه وهو يشعر أن قدميه أخفّ من العادة، وأن في صدره طبلة صغيرة تدق بحماس. كانت الشمس دافئة، والهواء مليئًا برائحة الخبز الطازج من المخبز القريب. عندها همس في نفسه بسؤال:
“هل سأتمكّن من الصمود حتى المغرب؟”

ثم ابتسم وقال:
“أنا الصغير الصائم… وسأحاول بكل قوتي.”

أول مواجهة مع وحش الجوع

ما إن رنّ جرس الحصّة الثانية حتى بدأ بطن عمر يُصدر أصواتًا غريبة، كأنه يقرع طبولًا بعيدة. ابتسم بخجل، ثم تخيّل أن في بطنه غابةً صغيرة تسكنها كائنات مضحكة اسمها وحوش الجوع.

ظهر أولهم قصيرًا مستديرًا يقرع الطبول واسمه جائع، والثاني طويل نحيف يمسك شوكة كبيرة اسمه نَهِم، أما الثالث فيلوّح بملعقة لامعة اسمه لُقمة. وراحوا جميعًا يهتفون:
“نريد الطعام! نريد الطعام!”

رفع عمر يده فوق الطاولة مثل قائد شجاع وقال في نفسه:
“لن تهزموني… سلاحي هو الإرادة!”

أغمض عينيه قليلًا، ووضع يده على بطنه وهمس:
“اللهم قوّني.”

فشعر أن الوحوش تتباطأ وتتراجع. فتح عينيه فوجد قلبه أكثر هدوءًا. حاول التركيز مع المعلمة وهو يكتب الإملاء، لكن الطبول عادت تقرع. عندها بدأ يعدّ أنفاسه ببطء:
شهيق… زفير… كأنه ينفخ سحابة صغيرة تطفئ نار الجوع.

نظر إلى الساعة ورأى أن الوقت يمضي، فابتسم وقال:
“كل دقيقة تمرّ خطوة جديدة نحو النصر.”

تفرقت الوحوش قليلًا، وقال جائع وهو يقرع طبلته: “سأعود بعد الاستراحة!” أما نَهِم ولُقمة فجلسا يراقبان هذا الصغير الذي لم يستسلم لهما بسهولة.

مغريات الحلوى في المدرسة

في وقت الاستراحة، فتحت لمى علبة مليئة بالحلوى، ألوانها تلمع مثل قوس قزح. واقترب حسان وهو يلوّح بقطعة شوكولاتة قائلًا:
“خذ نصفها يا عمر!”

ابتلع عمر ريقه بصعوبة، وكأن رائحة الحلوى تهب عليه مثل عاصفة من كل اتجاه. شعر كأن مغريات الحلوى تدور حوله وتدعوه:
“جرّب طعم الفراولة! فقط لقمة صغيرة! لن يلاحظ أحد!”

لكن عمر تذكّر وعده لنفسه. تنفّس بعمق وابتسم بلطف قائلًا:
“شكرًا لكما، لكن اليوم صائمٌ. ادعوا لي أن أستمر.”

قالت لمى بإعجاب: “أنت شجاع حقًّا، أنا لم أستطع صوم يومٍ كامل بعد، أرجو لك التوفيق”
وأضاف حسان وهو يعيد الشوكولاتة: “إن صبرت اليوم، غدًا لك قطعتان!”

ضحكوا جميعًا، فتراجعت تلك المغريات بعيدًا. حاول جائع أن يقرع طبلته في بطن عمر من جديد، وأشار نَهِم بالشوكة، ولوّح لُقمة بملعقته، لكنهم لم ينجحوا؛ فقد كان في قلب عمر نور صغير يزداد قوة كلما قال لنفسه: “أنا أستطيع.”

سلاح الإرادة والخطط الذكية

عاد عمر إلى الصف وهو يشعر ببعض التعب، فتذكّر خطته التي سماها سُلّم الإرادة. كان يتخيّل هذا السلم كدرجات يصعدها كلما شعر بالضعف؛ في الدرجة الأولى يجدّد النية، وفي الثانية يتصور نفسه عند المغرب يبتسم وهو منتصر، وفي الثالثة يقوم بعمل صالح صغير، أما الدرجة الأخيرة فهي أن يغيّر المشهد إذا استطاع.

بدأ بالدرجة الثالثة مباشرة، فرفع يده واستأذن المعلمة أن يرتب مكتبة الصف. وبينما كان يعيد الكتب إلى أماكنها، كان يقرأ العناوين ويبتسم، كأن كل كتاب يقول له: “أنت تستطيع”.

وفي الاستراحة القصيرة، أدّى صلاة الظهر في مصلّى المدرسة مع زملائه، وخرج بعدها إلى الساحة يتمشّى قليلاً، فرأى صديقه ياسين حزينًا لأنه أخطأ في مسألة حسابية. جلس بجانبه وقال: “دعنا نحاول معًا.” جلسا على المقعد الخشبي وشرح له الخطوات حتى قال ياسين بفرح: “فهمت!” عندها شعر عمر بخفة عجيبة، كأن قطعة من السعادة ذابت في قلبه فأشبعت روحه.

وحين عادت وحوش الجوع لتقرع طبولها، وجدها أضعف من قبل، فقد امتلأ قلبه بفرح المساعدة. قال نَهِم بدهشة: “كيف يشبع من غير طعام؟” فردّ لُقمة وهو يحك رأسه: “ربما تشبعه النية والعمل الطيب.”

وهنا أدرك عمر أن سلاحه الحقيقي ليس أن يرفض الطعام فقط، بل أن يشغل نفسه بما ينفعه ويملأ قلبه بالسرور.

طريق العودة إلى البيت

مع انتهاء الدوام المدرسي، خرج عمر من بوابة المدرسة بخطوات بطيئة، فقد بدأ يشعر بجوعٍ أكبر من ذي قبل. وفي الطريق إلى البيت، مرّ بالسوق القريب، حيث كانت المحالّ تزدحم بالناس استعدادًا للإفطار. وقف قليلًا يتأمل الألوان الزاهية للحلويات الرمضانية؛ الكنافة المزيّنة بالفستق، والقطايف المحشوة بالقشطة والجوز، وصواني البقلاوة اللامعة بالعسل. وعلى الجهة الأخرى، رأى الباعة يرفعون أباريق عصائر قمر الدين والتمر الهندي، فتطايرت الروائح العذبة التي أيقظت جوعه أكثر.

توقّف عمر، وشعر أن معدته تصرخ: “أريد فقط لقمة صغيرة!” لكنه تذكّر سُلّم الإرادة الذي بناه في عقله، وأغمض عينيه متخيّلًا نفسه عند المغرب، يبتسم وهو يجلس مع عائلته على المائدة، يفطر بتمرة وكوب ماء بارد. عندها ابتسم وقال لنفسه:
“لن أسمح لهذه الروائح أن تُسقطني. سأصبر، والنصر قريب.”

ومضى في طريقه بخطوات أقوى، كأن صبره غلب الجوع، وحوّل ضعفه إلى قوة.

في البيت وأجواء رمضانية دافئة

ما إن وصل عمر إلى البيت، حتى استقبلته أمّه بابتسامة واسعة، وقالت وهي تفتح له الباب:
“مرحبًا بالصائم الصغير، كيف كان يومك؟”

خلع عمر حقيبته وجلس قليلًا ليستريح، ثم أخذ يحكي لها بحماس عن سلّم الإرادة، وكيف ساعد صديقه ياسين، وكيف قاوم روائح الحلويات في الطريق. استمعت إليه أمّه بفخر وربّتت على كتفه قائلة:
“هكذا يكون الصائم حقًا، صبر وعمل صالح.”

في تلك الأثناء، كانت رائحة الكنافة الساخنة تعبق في أرجاء البيت، وصوت أباريق العصائر ينسكب في الأكواب: قمر الدين، تمر هندي، وليمون بالنعناع. وعلى المائدة بدأت تظهر أطباق الشوربة، والسلطة، والسمبوسك. نظر عمر إليها بعينين تلمعان، ثم ابتسم وهو يقول:
“سأصبر قليلًا بعد، حتى نسمع الأذان.”

ساعة العصر والاختبارات

حين حلّت ساعة العصر، شعر عمر أن عقارب الساعة تمشي ببطء شديد، كأنها لا تريد الوصول إلى المغرب أبدًا. ومن بيت الجيران تسلّلت رائحة طعام شهيّة، فبدت له مثل لحن طويل يزداد إغراءً كل دقيقة. عندها تخيّل أصدقاءه في عقله: جائع يقرع طبله بقوة، ونَهِم يلوّح براية كتب عليها “استسلام”، بينما لُقمة يرفع ملعقته الفضية متحديًا.

كاد قلب عمر يستسلم، وشعر بعينيه تلمعان من التعب، لكنه تذكّر الدرجة الأخيرة من سلّم الإرادة: غيّر المشهد. فاستأذن أمّه وخرج مع أبيه إلى الحديقة القريبة. هناك جلسا يلعبان لعبة “عدّ الغيمات”. ابتسم الأب وقال:
“كل غيمة تمرّ فوقنا تعني أن الأذان صار أقرب.”

ضحك عمر، وشعر أن معدته تهدأ شيئًا فشيئًا. وفي طريق العودة، مرّا بمركز خيري صغير، فدخل عمر مع أبيه ليساعد المتطوعين في ترتيب صناديق الطعام التي ستوزّع عند المغرب. حينها أحسّ أن الجوع يذوب، وأن قلبه امتلأ بالطمأنينة.

قال نَهِم بدهشة في خياله: “إنه يساعد في إطعام الآخرين… فيشبع هو!”

وعلى الطريق، مرّا بجانب بائع يترنّم بلحن شعبي، فأخذ عمر يردّد معه ببساطة. وكل نغمة كان يغنيها تُبعد عنه التعب وتقرّبه من لحظة النصر.

عاد عمر إلى البيت أكثر صبرًا، كأن على كتفيه جناحين صغيرين من العزيمة.


اقرأ أيضًا: قصص الحيوان في القرآن الكريم: الهدهد والنبي سليمان

أذان المغرب والنصر الصغير

تلوّنت السماء بدرجات الغروب؛ برتقالي يذوب في زرقة المساء، والبيت يملؤه دفء وانتظار. جلست الأم تُرتّب المائدة بحب، فوضعت التمر والماء أولًا، ثم أطباق الشوربة والسمبوسك، وكوب اللبن الأبيض يلمع كهدية صغيرة. التفّت الأسرة حول الطاولة، وكل واحد منهم يهمس في قلبه بدعاء وذكر.

كان قلب عمر يخفق مثل طبلة فرح، ومع ذلك بقي هادئًا متماسكًا. وفجأة دوّى صوت الأذان من المئذنة القريبة، فأحسّ وكأن نافذة نور فُتحت في صدره.

أغمض عينيه، رفع دعاءً قصيرًا، ثم شرب أول رشفة ماء ببطء، كأن جدولًا باردًا يجري في عروقه. أخذ تمرتين كما علّمه والده، وأتبعها بدعاء لأسرته وأصدقائه. ابتسم وقال بصوت واثق:
“لقد تغلّبت اليوم على وحوش الجوع ومغريات الطريق.”

صفق أخوه الصغير بحماس وصاح: “عمر بطل رمضان!”، فضحك الأب وقال:
“هذا هو النصر الحقيقي يا عمر: أن تختار الصبر وتثبت عليه.”

أضافت الأم بعينين تلمعان بالفخر:
“والأجمل أنك لم تصبر وحدك؛ بل استعنت بالذكر، والعمل الطيب، ومساعدة الآخرين.”

وفي خيال عمر، رأى جائع يطوي طبلته مطأطئ الرأس، ونَهِم يلوّح براية بيضاء مستسلمًا، أما لُقمة فوضع ملعقته جانبًا مبتسمًا:
“نعرف الآن أن قلبك أقوى… لكننا سنجرب حظنا غدًا.”

رفع عمر نظره إلى السماء فرأى النجمة الأولى تشرق في الأفق، فابتسم ووعد نفسه أن يجعل من كل يوم في رمضان مغامرة جديدة وانتصارًا صغيرًا، يقرّبه أكثر من سرّ الصيام: الصبر، والشكر، ونشر الخير بين الناس.

الأمسية الرمضانية الأولى

بعد أن انتهت الأسرة من الإفطار وجلست قليلًا تتبادل الضحكات والحديث، نهض الأب قائلًا:
“هيا يا أحبّتي، لنستعد لصلاة التراويح.”

ارتدى عمر ثوبه الصغير ومشى بجانب والده إلى المسجد، حيث كانت أصوات التكبير والقرآن تملأ المكان بهدوء مهيب. وقف عمر بين الصفوف، يستمع إلى الإمام وهو يتلو آياتٍ عذبة، فأحسّ كأن الكلمات تنير قلبه مثل الفوانيس المضيئة في الشارع.

وبعد الصلاة، جلس مع والده يرددان الأذكار، ثم عادا إلى البيت فوجد الأم تقرأ في المصحف، فأخذ عمر مصحفه الصغير وجلس بجانبها يقلّدها، يمرّر إصبعه على السطور ويحاول قراءة بعض الآيات التي يحفظها.

وفي تلك اللحظة، شعر أن قلبه ممتلئ بالسكينة، وأن تعبه طوال النهار تحوّل إلى طمأنينة جميلة. ابتسم وقال لنفسه:
“أريد أن أصوم غدًا أيضًا… وأكمل مغامرتي مع رمضان.”

وهكذا، انتهت أمسيته الرمضانية الأولى، لكنه كان يعلم أن كلّ يوم جديد سيحمل له دروسًا صغيرة، وانتصارات أكبر، وقربًا أعمق من الله.

استمع الآن إلى مجموعة من الأغاني الرمضانية المميزة للأطفال.

قصة الوضوء للأطفال: هيّا نتوضأ!

لنقرأ معًا قصة الوضوء للأطفال! هي قصّة قصيرة هادفة تعلّم صغارنا كيفية أداء الوضوء بصورة صحيحة، وكذلك أهميته وموجباته ومبطلاته، بأسلوب سهل مبسّط وممتع أيضًا!

صوت الأذان…

ارتفع صوت المؤذّن الجميل: “الله أكبر”، فالتفتت مريم إلى أخيها سليم وهما في ساحة المدرسة ينتظران صلاة الظهر.
قالت مريم: “سليم، أريد أن أصلّي معك في المصلى، لكن لا أعرف كيف أتوضأ بطريقة صحيحة.”
ابتسم سليم وقال: “فكرة رائعة يا مريم! الوضوء مثل المفتاح، ومن لا يملك المفتاح لا يستطيع أن يفتح باب الصلاة.”

سمعت المعلّمة آية كلامهما، فاقتربت قائلة: “تعالوا معي إلى ركن الماء في المصلى، سأقصّ عليكما حكاية صغيرة في كل خطوة، لتتذكّروها دائمًا.”

مشى سليم ومريم بجانب المعلمة، قالت المعلمة: “تخيّلوا أن قلوبنا مثل حديقة جميلة، والوضوء مثل المطر الذي يغسل أوراقها من الغبار، فيجعلها خضراء وزاهية في الصلاة.”

سألت مريم بفضول: “وهل الوضوء عبادة بحدّ ذاته؟”
أجابت المعلمة: “نعم، هو عبادة وطهارة، ومن ينوي الوضوء لله يكون له نورًا يوم القيامة.”

قال سليم بحماس: “إذن فلنبدأ الآن، خطوة خطوة!”

النيّة والبسملة… وترشيد الماء

وقفوا عند المغسلة، فقالت المعلمة آية:
“أول خطوة في الوضوء هي النية: أن أنوي في قلبي أن أتوضأ للصلاة طاعة لله. النية مكانها في القلب ولا داعي لأن نقولها بصوت عالٍ. وبعدها نقول: بسم الله، ثم نفتح الماء قليلًا فقط. فالمؤمن يقدّر النعمة ويحافظ عليها.”

أدار سليم المقبض بهدوء، فخرج خيط صغير من الماء. ابتسمت المعلمة وقالت:
“هذا يكفي. قبل أن نبدأ، سنتأكد أن المكان نظيف، وأننا سنتبع الترتيب الصحيح؛ فالوضوء مثل الحروف، إذا تغيّر ترتيبها في الكلمة تغير معنى الكلمة كاملًا!”

سألت مريم: “هل أقول بسم الله كل مرة؟”
أجابت المعلمة: “نعم، ونقول الحمد لله في النهاية أيضًا. الوضوء ليس ماءً فقط، بل أدب وهدوء. لا نلعب، لا نرشّ الآخرين، ولا نضيّع الماء.”

قال سليم بحماس: “أعدك أننا سنحافظ على الماء!”
وأضافت المعلمة: “وإذا طال الوقوف، نغلق الصنبور حتى لا يُهدَر الماء. وإذا سقطت قطرات على الأرض، نمسحها، لأن النظافة تجعل العبادة أجمل وتزيد الخشوع.”

اليدان والفم والأنف والوجه

قالت المعلّمة آية:
“نبدأ بغسل الكفّين ثلاث مرات، فهما مفتاح بقية الأعضاء.”

غسل سليم يديه، وحرّك أصابعه بين الماء حتى وصل الماء لكل جزء. ثم قالت المعلمة:
“الآن نتمضمض ثلاث مرات، نحرك الماء في الفم ثم نبصقه برفق. وبعدها نستـنشق الماء قليلًا بالأنف ونخرجه ثلاث مرات.”

ضحكت مريم وهي تشعر ببرودة الماء في أنفها، فقالت المعلمة مبتسمة:
“هذه البرودة توقظنا للصلاة!”

ثم أضافت:
“بعد ذلك نغسل الوجه من منابت الشعر حتى الذقن، ومن الأذن إلى الأذن، ثلاث مرات. لا تنسوا الشفتين وأطراف الخدّين، لكن دون إسراف في الماء.”

نظرت مريم إلى المرآة فوق الحوض، فرأت قطرات تلمع على وجنتيها. فسألت:
“هل يكفي أن أمسح وجهي فقط؟”

ابتسمت المعلمة وأجابت:
“لا يا مريم، الوجه لا يكفي فيه المسح، بل يجب غسله بالماء. وتذكروا دائمًا: الرفق في الحركة، والترتيب في العد، والتأكد أن الماء يصل لكل مكان.”

ثم قالت:
“ومن الجميل أن نستعمل السواك أو نغسل الأسنان قبل الصلاة، فهذا يجعل الفم طيبًا، فيجتمع جمال الشكل والقلب، وتصبح الابتسامة نفسها عبادة”

وبينما كانوا يعدّون المرّات همسًا، صار العد مثل نشيد صغير يعلّمهم الصبر، ويجمع بين النظافة والابتسامة، ويهيّئ القلوب للخشوع في الصلاة.

اليدان إلى المِرفقين ومسح الرأس والأذنين

قالت المعلّمة آية:
“نغسل اليد اليمنى حتى المرفق ثلاث مرات، ثم نغسل اليسرى مثلها، ولا ننسى أن نبدأ دائمًا باليمين وأن نمرر الماء بين الأصابع”

راقبت مريم الماء وهو يصل حتى مرفقها، وتأكدت أن كل جزء قد ابتلّ. ثم تابعت المعلمة:
“بعدها نمسح الرأس مرة واحدة: نبلل اليدين قليلًا، ونمررهما من مقدمة الرأس إلى الخلف ثم نعود بهما للأمام، دون إكثار في الماء.”

رفع سليم يده وسأل: “وماذا عن الأذنين؟”
ابتسمت المعلمة وقالت: “الأذنان من الرأس. نمسحهما برفق: نُدخل السبابتين في داخل الأذن، ونمسح ظاهرها بالإبهامين.”

ضحكت مريم قائلة: “كأن أذني تسمع صوت الماء!”
فأجابت المعلمة: “الأهم أن نفعل كما علّمنا النبي ﷺ، بإتقان وخشوع. الوضوء يدرّبنا على الانتباه: نغسل اليد كلّها، ونمسح الرأس كلّه أيضًا.”

وفي النهاية اتفقوا أن يراقب كل واحد صاحبه بلطف، فإذا رأى مكانًا لم يصله الماء ذكّره بخير، حتى يكتمل الوضوء وتصبح هذه العادة الجميلة خلقًا دائمًا.

القدمان… وخطوات إلى النور

قالت المعلمة آية:
“الآن نغسل القدمين مع الكعبين ثلاث مرات. تأكدوا أن الماء دخل بين الأصابع، ويمكن أن نرفع القدم قليلًا ليصل الماء إلى أسفلها.”

رفع سليم قدمه على حافة المغسلة بحذر، فقالت المعلمة:
“أحسنت يا سليم، لكن بهدوء حتى لا ينزلق أحد.”

ثم تابعت:
“تذكروا الترتيب: أولًا الكفّان، ثم الفم والأنف، ثم الوجه، وبعدها اليدان إلى المرفقين، ثم الرأس والأذنان، وأخيرًا القدمان. هذا الترتيب مثل طريق مستقيم، وإذا خلطناه ضاعت منا الخطوات.”

سألت مريم: “وماذا نقول بعد أن ننتهي؟”
ابتسمت المعلمة وأجابت:
“نقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين.

شعر الأطفال براحة وهدوء في قلوبهم. فقالت المعلمة:
“الوضوء يجعل وجوهنا وأيدينا وأقدامنا منيرة يوم نلقى الله. ومع كل قطرة ماء تخرج الخطايا، وإذا أخلصنا النية زاد الأجر، وصارت خطواتنا إلى الصلاة خفيفة ومطمئنة.”

ومعًا خطوا جميعًا نحو المصلى بفرح، وكأن الطريق مفروش بضوء ناعم يذكّرهم أن الطهارة تصلح القلب والجسد، وتفتح باب الخشوع بسهولة.

اقرأ الآن: قصة للأطفال عن العناية بالأسنان | نورة والأسنان السعيدة

لماذا نتوضأ؟ وما الذي يبطل الوضوء؟

جلست المعلّمة آية مع مريم وسليم على سجادة المصلى وقالت:
“الوضوء ليس غسلًا بالماء فقط، بل هو تجهيز القلب والجسم للصلاة. عندما نغسل أيدينا نتذكر أن نعمل بها الخير، وعندما نغسل وجوهنا ننوي أن ننظر للشيء الطيّب فقط، وعندما نمسح رؤوسنا نطلب من الله أن يعطينا الحكمة، وعندما نغسل أقدامنا نعاهد أنفسنا أن نمشي في طريق يرضيه.”

قالت مريم وهي تبتسم: “أشعر أن همومي راحت مع قطرات الماء.”

أكملت المعلّمة:
“انتبهوا يا أحبّتي، هناك أمور تُبطل الوضوء: مثل أن يخرج شيء من مكان قضاء الحاجة، أو أن ينام الإنسان نومًا عميقًا لا يشعر فيه بنفسه. وعندما يحدث ذلك، نعيد الوضوء بهدوء ورضا، لأنه فرصة جديدة لنكون أنقى.”

رفع سليم يده بحماس وقال: “سأعلّم أخي الصغير خطوات الوضوء!”
ابتسمت المعلمة: “بارك الله فيك، علّموها للآخرين بلطف، وابدؤوا دائمًا بقول: بسم الله، واختموا بقول: الحمد لله.”

بعدها اصطفّ الأطفال للصلاة، ووجوههم تضيء من أثر الماء والذكر. وقالت المعلمة:
“الوضوء يطرد الكسل ويجعل القلب يقظًا لذكر الله. وإذا أخطأ أحدكم فليتُب ويتوضأ من جديد، لتعود روحه نقية ووجهه مبتسمًا.”

شاهد الآن: فيديو قصير لتعليم الوضوء للأطفال

اقرأ المزيد من القصص الدينية الهادفة للأطفال

قصص دينية للأطفال: يوم في الجنة

في مساءٍ هادئ، جلست «ليان» عند نافذة غرفتها تنظر إلى النجوم. كان يومها مليئًا بالخير؛ ساعدت أمها في ترتيب البيت، وأخرجت من حصّالتها صدقةً وضعتها في صندوق المدرسة، وابتسمت لصديقتها التي كانت حزينة.

قبل أن تنام، همست بصوتٍ خافت: «اللهمّ ارزقني الجنة، وأعِذْني من النار»، ثم غفت وقلبها مليء بالطمأنينة.

رأت في حلمها عصفورًا أبيض صغيرًا، يطير حولها ويغرّد بلحنٍ رقيقٍ كأنه يقول: «تعالي معي». تبعته، فإذا بساحة واسعة لامعة كأنها من اللؤلؤ، وعلى طرفها باب كبير يضيء بنورٍ لطيف لا يؤذي العين، وفوقه مكتوب «سلام». اقتربت ليان بخطوات مترددة، فإذا بروائح طيبة مثل رائحة الياسمين تملأ المكان وتغمر قلبها براحةٍ لم تعرفها من قبل.

سمعت صوتًا هادئًا يشبه حفيف الأشجار يقول: «سلامٌ عليكم…». لم ترَ أحدًا… التفتت لترى خلف الباب حدائق بلا نهاية، وأنهارًا صافية تجري بهدوء، وأشجارًا خضراء مليئة بالثمار كأنها تبتسم لها. قال العصفور: «هذا المكان له مفتاحان: توحيد الله، والعمل الصالح». ابتسم قلبها فرحًا، وتذكرت مساعدتها لصديقتها وصدقتها الصغيرة، فعرفت أن كل عملٍ تفعله إرضاءً لله يقرّبها من هذا الباب.

مدّت يدها لتلمس أزهارًا تضيء مثل المصابيح، سألت العصفور: «هل يمكنني الدخول؟» فغرّد: «باب الجنة يُفتح لمن أحب الله وأحسن للناس. ادخلي بسلامٍ آمنة». أخذت نفسًا عميقًا، وشعرت أن العالم كله يبتسم لها وهي تخطو أول خطوة…

أنهارٌ من نور

ما إن خطت ليان أول خطوة حتى انكشفت أمامها سهولٌ خضراء واسعة، وفي وسطها أنهار كأنها خيوط من نور تجري بهدوء. نهرٌ ماؤه صافٍ أحلى من العسل، وآخر أبيض مثل الحليب، وثالث يجري بعصير من أنواع فاكهة لم ترَها من قبل، لكن رائحتها تملأ القلب فرحًا. اقتربت ليان ومدّت كفها في النهر الصافي، فشعرت ببرودةٍ جميلة وانتعاش لطيف.

قال العصفور الأبيض الذي كان يرافقها: «هذه عطايا الله لعباده الذين أحبوه وأطاعوه». سألت ليان: «هل يمكن لأهل الجنة أن يشربوا منه متى أرادوا؟» غرّد العصفور: «هنا لا عطش ولا قلق؛ كل ما تتمنينه يتحقق». جلست ليان على العشب الأخضر، أغمضت عينيها قليلًا وهي تتذكر دعاءها قبل النوم، ثم فتحت عينيها وعزم جديد يضيء قلبها: حين أعود، سأزيد من طاعة الله.

اقرأ المزيد من القصص الدينية الهادفة للأطفال

ثمار القلوب

سارت ليان في ممرٍ ذهبي تحيط به الأزهار، حتى وصلت إلى شجرة أوراقها لامعة وثمارها على شكل قلوب صغيرة تضيء مثل المصابيح. أشارت إلى ثمرة قريبة منها، فقال العصفور: «هذه ثمار تنبتها الأعمال الصالحة. كل قلب هنا هو عمل صالح لك في الدنيا».

مدّت يدها ولمست ثمرة، فوجدت طعمها حلوًا وتذكرت ابتسامة أعطتها لصديقة حزينة، واليوم الذي ساعدت فيه أمها. قالت ليان بدهشة: «إذن لا يضيع أي خير؟» رد العصفور: «عند الله لا يضيع شيء. الكلمة الطيبة، والصدقة، وبرّ الوالدين؛ كلها تتحول هنا إلى خير كبير».

قطفت ثمرة أخرى، فشعرت بقلبها خفيفًا كأن جناح طائر يلمسه. همست: «ما أجمل أن يثمر الحب!» ثم وعدت نفسها أن تزرع قلوبًا أكثر حين تستيقظ.

بيوتٌ من سلام

على بعد خطوات، ظهرت بيوت بيضاء كأنها من لؤلؤ، نوافذها مفتوحة يدخل منها النور، وعلى أبوابها لافتات مكتوب عليها «سلام». اقتربت ليان، فسمعت أصواتًا رقيقة تملأ قلبها بالطمأنينة: «سلامٌ عليكم بما صبرتم».

دخلت بيتًا، فرأت غرفًا مضيئة بلا مصابيح، وسجادًا ناعمًا كالغيم يتحرك مع خطواتها، وأكوابًا موضوعة على موائد من نور. جلست على أريكة دافئة وخفيفة، فقال العصفور: «هذه البيوت لأهل الإحسان، يزور بعضهم بعضًا بلا تعب ولا ملل».

تخيّلت ليان أصدقاءها، وتمنت أن يجلسوا هنا معها. ثم رأت في زاوية البيت مرآة تشبه صفحة ماء هادئة، وحين نظرت فيها تذكرت كل مرة صبرت فيها على الغضب أو سامحت من أخطأ، عندها امتلأ قلبها بفخر هادئ، لأنها أدركت أن الصبر والرضا سلام في الدنيا والآخرة.

مجلس الأناشيد والذكر

أخذها العصفور إلى بستان واسع، أشجاره متشابكة، وفي وسطه منصة من نور يجتمع حولها الأطفال. لا أحد يرفع صوته؛ المكان كله هادئ لكنه مبهج… تتعالى فيه أنغام جميلة، ليست عالية ولا خافتة، كلها شكر لله وحمد على نعمه.

كان كل طفل يجلس ومعه «سجل الأعمال الحسنة»؛ كل صفحة فيه تلخص عملًا صالحًا فعله في الدنيا. فتحت ليان سجلها، فرأت حروفًا مضيئة: «صدقة صغيرة، مساعدة صديقة، استئذان مؤدب، استغفار».

همست لها طفلة قريبة: «هنا يذكّرنا كلّ واحد بقصة لخير فعله في الدنيا». ابتسمت ليان وقالت: «سأجمع قصصًا أكثر بكثير». وفي تلك اللحظة ارتفع في البستان نشيد لطيف: «السلام لأهل الإحسان»، فازدادت الأشجار نضارة واخضرارًا.

رحلة على أجنحة الطيور

رأت ليان طيورًا بيضاء كبيرة الأجنحة، تشبه سفنًا خفيفة تطير ببطء… اقترب أحدها منها، وانحنى بجناحه كأنه يدعوها للركوب. جلست ليان فوق ظهر الطائر، وما إن أمسكت بريشه حتى شعرت بخفة غريبة؛ ارتفعت عاليًا فوق الحدائق، فرأت الأنهار تتلألأ كالشرائط، والثمار تلمع مثل نجوم صغيرة، والبيوت البيضاء كأنها لآلئ فوق بساط أخضر.

قال العصفور الصغير وهو يطير بجانبها: «في الجنة لا خوف من السقوط». أخذ الطائر يحلق فوق «سوق الهدايا»، حيث يتبادل أهل الجنة العطايا بلا بيع ولا ثمن.

تمنّت ليان كتابًا من نور يحكي قصص الأنبياء والصالحين من غير صور، فصار الكتاب بين يديها. ضمته إلى صدرها وقالت بسعادة: «الحمد لله».

حديقة البذور الصغيرة

هبطت ليان في حديقة مشرقة، وفيها أحواض مرتبة بعناية، كل حوض منها يحمل اسم خُلُق جميل: «رحمة، أمانة، صدق، برّ». وبجانب كل حوض جَرّة ماء مكتوب عليها «بسم الله». قال العصفور: «هذه البذور هي الأعمال التي ينوي العبد فعلها، فإذا سقاها بالدعاء والعمل كبرت».

أخذت ليان الماء وسقت «الصدق» و«البرّ»، فإذا بالأزهار تنبت بألوان زاهية فورًا. همست: «أريد أن أزرع عادة الاستئذان دائمًا، وأن أنهي واجباتي قبل اللعب». وما إن نوت ذلك حتى ظهرت زهرتان جديدتان تتفتحان أمامها، فعرفت أن النية باب عظيم.

ثم كتبت على لوحة صغيرة: «لن يمرّ يوم بلا ذكر أو مساعدة لأحد». فجاءت نسمة طيبة رفعت اللوحة إلى قوس من نور، فثبتت فيه كأنها وعد محفوظ.

الجسر الذي يعيدنا إلى البيت

اقترب المساء في الجنة، لكنه مساء بلا ظلام، بل نور دافئ يملأ القلب بالسكينة. ظهرت أمام ليان قنطرة رقيقة تمتد فوق جدول صغير، وعلى حافتها لافتة مكتوب عليها: «جسر الدعاء». قال العصفور: «من هنا تعودين إلى عالمك، ومعك هدايا لا تُرى: عزيمة، وطمأنينة، وحب للخير».

مشت ليان على الجسر، فسمعت أصواتًا تعرفها: دعاء أمها لها، وابتسامة أبيها حين يراها تحسن إلى الآخرين، وكلمة «جزاكِ الله خيرًا» التي قالتها معلمتها يومًا.

وقفت في منتصف الجسر، وشكرت ربها على النعم، ووعدت نفسها أن تجعل من كل يوم طريقًا للجنة: صلاة بخشوع، برّ بالوالدين، صدقة ولو قليلة، وابتسامة ترفع الحزن. ثم سألت العصفور: «هل أراك من جديد؟» فأجاب بصوت كأغنية لطيفة: «أنا معك في كل عمل صالح تفعلينه».

أغمضت ليان عينيها… واستيقظت على نور الفجر.

وعدُ ليان

فتحت ليان نافذتها فرأت الهلال يلمع في السماء، فابتسمت وقالت: «يا رب، اجعلني من أهل الجنة». أخذت حصالتها وأخرجت منها نقودًا لتضعها في صندوق الصدقة، وساعدت أمها قبل أن تذهب إلى المدرسة، ووعدت نفسها ألا يمر يوم بلا طاعة.

كلما تذكرت ثمار القلوب وأنهار النور، ازداد شوقها لتكون من الذاهبين إلى الجنة. وهكذا صار حلمها الذي رأته عن الجنّة بداية لأيام مليئة بالطاعات في الدنيا… وطريقًا إلى نعيم لا ينتهي.

استمع الآن إلى نشيد “أن تدخلني ربي الجنة” للأطفال.

قصة للأطفال عن العناية بالأسنان | نورة والأسنان السعيدة

قد تكون العناية بالأسنان للأطفال أمرًا في غاية الصعوبة، خاصّة مع حبّهم الشديد للسكاكر والحلوى، وإعراضهم بشكل عام عن تنظيف الأسنان قبل النوم، ما قد يسبّب التسوّس والآلام للصغار. في قصّة اليوم، نكتشف مع نورة أهميّة العناية بالأسنان وتنظيفها بشكل دوري للحفاظ على صحّتها وإشراقتها! قصّة ممتعة لصغارك لتحفيزهم على اكتساب هذه العادة الصحيّة المهمّة.

بداية العطلة

كانت نورة تعيش في مدينة كبيرة تعج بالحياة والألوان، حيث تلمع ناطحات السحاب في النهار وتتلألأ الأنوار ليلًا… في حي هادئ وسط المدينة، كان هناك منزل صغير مليء بالزهور والأشجار العالية، في هذا المنزل عاشت نورة مع أسرتها.

نورة فتاة في العاشرة من عمرها، ذات شعر بني ناعم وعينين لامعتين تبرزان فضولها الدائم لمعرفة كل جديد. كانت طيبة وبشوشة فابتسامتها التي لا تفارق وجهها، لكنها كانت دائمًا مشغولة باللعب والمغامرات. كانت تحب الرسم والركض مع أصدقائها في النادي الصيفي القريب، وتحب استكشاف المدينة مع عائلتها في عطلات نهاية الأسبوع.

في هذا الصيف، ومع بداية العطلة الصيفية، كانت نورة متحمسة لقضاء وقت طويل في النادي الصيفي؛ لأنّها تتوق للحرية واللعب في الهواء الطلق، لكن هناك أمر واحد لم تكن تحبه في أي وقت وتهمله أكثر في العطلة وهو: تنظيف أسنانها.

كانت أمها، التي تهتم كثيرًا بصحة نورة، تحرص على تذكيرها كل صباح:

“نورة، لا تنسي غسل أسنانك جيدًا قبل الذهاب إلى النادي، الأسنان النظيفة تجعل ابتسامتك أجمل.”

لكن نورة كانت ترد بابتسامة طفولية:

“لاحقًا يا أمي… سأغسلها عندما أعود.”

وعندما يعود المساء، وبعد اللعب والمرح في النادي، كانت تقول لنفسها:

“غدًا سأغسلها، الآن أنا متعبة جدًّا.”

أما صديقتها سارة، التي كانت مهتمة بأسنانها، فقد كانت دائمًا تحمل فرشاة أسنانها الصغيرة معها في النادي، وتقول بفخر:

“أنا أغسل أسناني مرتين يوميًّا، وأشعر دائمًا بالراحة والنظافة.”

فتضحك نورة وتقول لها:

“هذا ممل!”

بداية الألم

مرت أسابيع على إهمال نورة، وبدأت تشعر بألم مزعج في أحد أسنانها الخلفية، لكنها لم تخبر أحدًا. استمر الألم في التزايد، وأصبح يزعجها أثناء اللعب في النادي وخاصة عند النوم.

في إحدى الليالي، استيقظت نورة من الألم الشديد وركضت إلى أمها التي احتضنتها بحنان وقالت:

“لا تقلقي يا حبيبتي، سنذهب غدًا إلى طبيبة الأسنان.”

في العيادة، جلست نورة على الكرسي الكبير بقلق، وفتحت فمها لتفحص الطبيبة أسنانها بعناية. قالت الطبيبة بابتسامة مطمئنة:

“لديك تسوّس عميق، ولهذا تشعرين بهذا الألم.”

قالت نورة بخوف:

“هل سأفقد سني؟”

طمأنتها الطبيبة:

“سنحاول علاجه، ولكن كان من الممكن تجنب هذا الألم لو اعتنيت بأسنانك منذ البداية.”

وأوضحت:

“التسوّس يسبب ألمًا شديدًا قد يمتد إلى الرأس والأذن. والأسنان الصحية تساعدك على الابتسام بثقة وتناول الطعام بسهولة.”

ثم أضافت:

“اختاري معجون أسنان يحتوي على مكونات طبيعية مثل زيت النعناع أو الصبار، فهي تساعد على تهدئة اللثة وحماية الأسنان من الجراثيم، ولا تنسي تغيير فرشاة أسنانك كل ثلاثة أشهر لتبقى فعالة.”


الحلم العجيب

أثناء النوم حلمت نورة حلمًا غريبًا، حيث وجدت نفسها داخل عالم عجيب يشبه مملكة كبيرة داخل فمها! هناك، كان كل شيء مصنوعًا من الأسنان اللامعة واللثة الوردية، لكنها لاحظت أن بعض الأسنان كانت حزينة، بعضها مكسور وبعضها مغطى بالبقع السوداء.

فجأة، ظهرت الملكة لؤلؤة، ملكة الأسنان السعيدة، ترتدي تاجًا لامعًا من اللؤلؤ النظيف، وقالت بنبرة لطيفة:

“نورة، هذه مملكتي العظيمة، لكن انظري! بعض الأسنان تعاني بسبب الإهمال، والتسوّس هو عدونا الأكبر.”

ثم ظهرت الفرشاة الحكيمة، التي كانت ذات شعيرات ناعمة وابتسامة ودودة. قالت:

“تعالي، سأعلمك كيف تنظفين أسنانك بطريقة صحيحة. لا تنظفي أسنانك فقط بالتحريك ذهابًا وإيابًا، بل بحركات دائرية ناعمة من الأعلى إلى الأسفل. لا تنسي تنظيف كل الأماكن، تحديدًا خلف الأسنان واللثة؛ لأنها الأماكن التي يحب الجراثيم أن تختبئ فيها.”

أشارت الملكة لؤلؤة إلى خيط الأسنان الذي كان يلمع بين الأسنان وقالت:

“وهذا هو الخيط السحري، يساعدك على تنظيف الأماكن الضيقة بين الأسنان التي لا تصل إليها الفرشاة.”

ثم قالت الملكة:

“كما يجب عليك تنظيف لسانك بلطف، فهو مكان تتجمع فيه الجراثيم التي تسبب رائحة الفم الكريهة.”

وأكملت الفرشاة الحكيمة:

“استعملي معجون أسنان صحّيّ ومناسب لطبيعة لثتك وأسنانك.”

نظرت نورة حولها، ورأت الأسنان السعيدة تبتسم وتتلألأ، بينما ابتعدت الأسنان السوداء وهي تذبل. تعهدت نورة في قلبها أن تعتني بأسنانها جيدًا، وهتف كل سكان المملكة:

“نحن نثق بكِ يا بطلة مملكتنا!”

التغيير في النادي الصيفي و العناية بالأسنان

في صباح اليوم التالي، استيقظت نورة مبكرة قبل الذهاب إلى النادي الصيفي، وأحضرت فرشاة أسنانها الصغيرة ومعجون الأسنان الطبيعي. ذهبت إلى حمام النادي، وأمام مرآة الحمام نظفت أسنانها بحركات دائرية ناعمة، كما تعلمت من الملكة لؤلؤة والفرشاة الحكيمة، كانت تركز على تنظيف الأسنان الخلفية حيث كان الألم، وحرصت على تنظيف لسانها أيضًا بلطف.

خلال استراحة الغداء، أخرجت نورة خيط الأسنان السحري الذي اشترته حديثًا، وتعلمت من والدة صديقتها كيف تستعمله بحذر بين الأسنان. لاحظت سارة هذا التغيير وقالت:

“واو، نورة، تبدين محترفة! هل ستشاركيننا كيف تعتنين بأسنانك؟”

ابتسمت نورة وقالت:

“بالطبع! نظافة الأسنان سهلة وممتعة عندما تعرفين الطريقة الصحيحة.”

نظّم النادي نشاطًا كبيرًا بعنوان “ابتسامتنا سر سعادتنا”، حيث اجتمع الأطفال مع المشرفين، ورسموا ملصقات ولوحات ملونة تُظهر فرشاة الأسنان كبطلة تحارب التسوّس. تعلم الأطفال من خلال عرض مسرحي بسيط كيف يمكن للتسوس أن يدمر الأسنان وكيف تساعدهم الفرشاة والخيط والمعجون في الحفاظ عليها.

شاركت نورة مع أصدقائها ليلى وراكان في تقديم قصة قصيرة عن مملكة الأسنان السعيدة التي تحكمها الملكة لؤلؤة. استخدموا مجسمات وفرشًا وأسنانًا بلاستيكية لشرح كيفية التنظيف الصحيح. كان الجميع مستمتعين وتعلموا الكثير.

في نهاية النشاط، شكر المشرفون الفريق، وقالوا:

“أحسنتم! أنتم أبطال، وستجعلون النادي مكانًا أكثر صحة وسعادة.”

ومنذ ذلك اليوم، أصبحت نورة مصدر إلهام لأصدقائها في النادي، يلاحظونها وهي تحمل فرشاة أسنانها دائمًا، وتحرص على العناية بأسنانها جيدًا، وتعلم الآخرين بنفس الشغف.

نورة بطلة الابتسامة

مع مرور الأيام في النادي الصيفي، تحوّلت نورة من فتاة كانت تهرب من تنظيف أسنانها إلى بطلة حقيقية تهتم بصحة أسنانها وتلهم أصدقاءها بفعل الشيء نفسه. أصبحت نورة مثالًا يُحتذى به بين الأطفال، وكانت دائمًا تحمل معها فرشاة الأسنان ومعجون الأسنان الطبيعي في حقيبتها.

في إحدى جلسات النادي، نظمت المشرفة سعاد مسابقة صغيرة بعنوان “أفضل ابتسامة”. طلبت من الأطفال أن يحكوا قصصهم عن العناية بالأسنان أو يشاركوا نصائحهم. وقفت نورة أمام الجميع، وأخبرتهم عن حلمها في مملكة الأسنان السعيدة والملكة لؤلؤة التي علمتها كيف تنظف أسنانها بطريقة صحيحة.

وتابعت بحماس:

“أنا الآن أغسل أسناني مرتين يوميًّا، بحركات دائرية لطيفة، وأنظف لساني وأستخدم الخيط السحري الذي يساعد على إزالة بقايا الطعام بين الأسنان.”

تحدثت عن الألم الذي عانته في السابق، وكيف أن العناية بالأسنان والاهتمام الجيد بها هو الطريق إلى الابتسامة الجميلة والراحة أثناء الأكل والنوم.

ابتسم الأطفال بفضول، وبدؤوا يطرحون أسئلة حول أفضل الطرق للعناية بالأسنان، فأجابت نورة بكل ثقة مؤكدة أن اللعب والانشغال لا يمنعانها من الاهتمام بأسنانها.

في نهاية المسابقة، أعلنت المشرفة سعاد:

“كلنا فائزون عندما نهتم بصحتنا، لكن نورة استحقت لقب بطلة الابتسامة!”

صفّق الجميع، وعلّقت إدارة النادي لوحة شكر في المدخل كتبوا عليها:

“أبطال الابتسامة – نورة قائدة الصحة والبهجة”

منذ ذلك اليوم، أصبحت نورة بطلة النادي، حيث تلعب دورًا فعالًا في نشر الوعي بين أصدقائها، وتحرص على أن يكون النادي مكانًا نظيفًا وصحيًّا في كل شيء. كانت دائمًا تبتسم بثقة، وتعلم الجميع أن كل شيء نفعله في الحفاظ على صحتنا -مهما بدا سخيفًا- يجعلنا أكثر رضا وسعادة.

تعرّف على أهمية الغذاء المتوازن مع قصّة طبق الألوان المرح.

5 قصص أطفال لعمر 8 سنوات

تعد قصص الأطفال المخصّصة لأعمار محدّدة من الطرق التعليمية الهادفة التي تساعدك على تعليم أطفالك المبادئ والقيم الحميدة بأسلوب سلس وممتع. على سبيل المثال، هناك قصص أطفال لعمر 8 سنوات صُمّمت خصيصًا لتفتح بوابة سحرية يتجول الطفل بداخلها مع شخصيات تعلمه القيم الإنسانية، وتزيد من إبداعه، وتعلمه كيفية التفريق بين الصواب والخطأ، وتزيد من قدرته على التفكير والتحليل المنطقي الصحيح.

إليك أفضل 5 قصص أطفال لعمر 8 سنوات فما فوق. تركز هذه القصص القصيرة على تقديم دروس وقيم تستمر معهم مدى الحياة، أو مفاهيم يمكن للآباء مناقشتها مع أطفالهم. تذكر أنّ شخصية كل طفل تختلف عن الآخر. لذا يُرجى استخدام حكمك الخاص ومعرفتك بشخصية طفلك عند اختيار القصص له.

قصص أطفال لعمر 8 سنوات

تبرز قصص الأطفال كأداة تعليمية فعّالة تساعدك في غرس المبادئ والقيم لدى أطفالك بطريقة بسيطة وممتعة ومن بين الأنواع المتنوعة، تُعدّ القصص المعبرة والملهمة من أهمها وأفضلها، إذ تجمع بين الترفية والتعليم بأسلوب احترافي فريد. إليك أفضل 5 قصص أطفال لعمر 8 سنوات لا يجب أن تفوتها:

1. قصة الحطاب الأمين

في قديم الزمان، عاش حطّاب فقير في قرية صغيرة تقع قرب غابة كثيفة الأشجار. كان رجلاً مخلصًا في عمله، ومعروفًا بصدقه بين أهل قريته. يخرجُ كلّ يومٍ إلى الغابة ليقطع الأشجار، ثمّ يعود مرّة أخرى إلى القرية ليبيع الخشب ليكسب قوت يومه. ورغم أنَّ عمله شاق، ودخله قليل، إلّا أنّه كان راضيًا بحياته وسعيدًا بما يملكه.

وفي أحد الأيّام، بينما كان يقطع شجرة بجوار النهر، انزلق فأسه من يده وسقط في الماء. كان النهر عميقًا جدًا، ولم يستطع الحطاب استعادة فأسه. شعر بالقلق والحزن، فذلك الفأس كان كلّ ما يملكه. جلس الحطّاب على ضفّة النهر حزينًا ومهمومًا، يتساءل كيف سيتمكن من قطع الأخشاب وكسب رزقه من جديد.

فجأة، ظهرت له جنية طيّبة من داخل الماء، عندما رأته حزينًا سألته: “لماذا أنت حزين هكذا أيّها الرجل؟”.

أجابها بصوت يائس: “لقد سقط فأسي في النهر، وهو الأداة الوحيدة التي أعمل بها”.

ابتسمت الجنيّة، وقالت: “لا تقلق، أيّها الحطاب الطيّب، سأحضر لك فأسك”.

غاصت الجنيّة في الماء، وبعد لحظات، خرجت وهي تلوّح بفأس ذهبي لامع، وسألته: “هل هذا هو فأسك الذي تبحث عنه؟”

نظر الحطّاب إلى الفأس وقال: “لا”. قالت الجنيّة: “هل أنت متأكّد؟ اُنظر مرّة أخرى، هذا فأس ذهبي ثمين جدًا”. ردّ الحطاب: “لا، إنّه ليس لي”.

فأعادته الجنيّة إلى الماء مرّة أخرى، ثم أخرجت فأسًا فضيًا وسألته: “هل هذا هو فأسك؟” نظرَ الحطّاب إلى الفأس، وقال بحزن: “لا، هذا أيضًا ليس لي”.

قالت: “هل أنت متأكّد”. أجاب الحطّاب: “نعم، لا أستطيع قطع الأشجار بفأس فضّي. إنّه ليس مفيدًا”.

ابتسمت الجنيّة من أمانة الحطّاب، وغاصت للمرّة الثالثة، وعادت بفأس خشبي قديم، وسألته مبتسمة: “هل هذا فأسك الضائع؟”

ابتسم الحطّاب، وقال: “أجل. هذا هو، شكرًا لك”.

أُعجبت الجنيّة بصدق وأمانة الحطّاب، وقالت له: “لن أعيد إليك فقط فأسك، بل سأهديكَ الفأسين الآخرين مكافأةً على صدقِك”. اندهش الحطّاب، وشكرها على مساعدتها وكرمها. ثم عاد إلى أهله سعيدًا، وهو يحمل الفؤوس الثلاثة، يروي لهم كيف كافأته الجنيّة على صدقه وأمانته.

تُعدّ قصة الحطاب الأمين واحدة من قصص إيسوب الشهيرة، التي تُعلّم الأطفال أهمية الصدق، وكيف لم يطلب الحطاب إلا فأسه البسيط فقط، ولم يطمع في الفؤوس الثمينة. وتُعدّ هذه واحدة من مجموعة قصص أطفال لعمر 8 سنوات، إذ تتضمن حوارًا ممتعًا وفكرة أخلاقية واضحة تتمثل في أهمية الصدق والأمانة. كما أنّها تتوافق مع مستوى نضجهم الأخلاقي وقدرتهم على فهم المغزى من الأحداث.

اقرأ أيضًا: قصة قصيرة عن الصدق: ياسر والجرّة

2. قصة هرقل والمزارع

في يومٍ من الأيام، قاد مزارعٌ عربته المحملة على طريقٍ ريفي. كان المطر يهطل طوال اليوم، مما جعل الطريق غارقًا في الوحل. وبينما تكافح الخيول بكل قوتها لسحب العربة، غاصت إحدى عجلاتها في حفرةٍ موحلة. لم تستطع الخيول التحرك أو سحب العربة، فنزل المزارع من مقعده ووقف بجانب الخيول يصرخ ويستغيث طلبًا للمساعدة.

لم يحاول المزارع بذل أي جهد لدفع العربة أو تخليص نفسه من المشكلة، بل نادى بأعلى صوته طلبًا للمساعدة وتذمرًا من سوء حظه. وكان في المدينة رجل قوي يدعى هرقل، فنادي المزارع بأعلى صوته: “يا هرقل، ساعدني”.

سمع هرقل الصوت فخرج مسرعًا ليرى ما الأمر. وجد هرقل المزارع يقف بجانب العربة ينادي فقط، والخيول المسكينة هي التي تكافح لجرها. فقال هرقل متعجبًا: “لماذا تقف هكذا ولا تحاول دفع العربة؟”

ردّ المزارع: “لا أستطيع”. قال هرقل: “هل تظنّ أن العربة ستتحرّك بمجرّد أنك تنظر إليها تتذمّر وتصرخ؟ لن أساعدك ما لم تبذل جهدًا بنفسك أولاً. هيا أسرع واذهب إلى مؤخرة عربتك وادفعها بكل قوتك، وساعد خيولك للسحب بكل قوتها”.

لم يجد المزارع ما يفعله سوى الإنصات إلى هرقل ليتخلص من مشكلته. وذهب وبدأ يدفع العربة بكلّ قوّته، ثم نادى الخيول لتجرّ بأقصى ما تستطيع. وبالفعل، بدأت العربة تتحرك شيئًا فشيئًا حتى خرجت العجلة من حفرة الوحل. وسرعان ما ركضت الخيول بحرية، وتحركت العربة بسلاسة على طول الطريق الريفي. ارتسمت على وجه المزارع ابتسامة عريضة، فقد تعلّم درسًا قيّمًا أن المحاولة خيرٌ من التذمّر، وأنه لن يعرف أبدًا ما يمكنه أن يحققه إذا لم يحاول.

اقرأ أيضًا: حكاية إديسون واختراع المصباح الكهربائي

3. قصة مواجهة الشدائد

كانت مريم ترى العالم بعينٍ متشائمة، وتنزعج من أبسط الأمور. وذات يوم، شعرت بأن المشاكل تلاحقها من كل مكان، لم تعد قادرةً على تحمّل ما تواجهه. فذهبت إلى والدها وقالت: “أبي، أنا متعبة، كلما حاولتُ حل مشكلة، ظهرت لي أخرى. لقد سئمتُ من هذا، ماذا أفعل؟”

رتّب الأب على كتف ابنته وقال: “لا تقلقي يا صغيرتي، دعيني أريك شيئًا مثيرًا للاهتمام، سيساعدك على مواجهة المشكلات”.

أخذها إلى المطبخ، وأحضر حبّة بطاطس، وبيضة، وبعض أوراق الشاي، ثم أحضر ثلاث أوعية على موقد النار. ووضع في كلّ وعاء كميةً متساوية من الماء، ثم وضع البطاطس في الأول، والبيضة في الثاني، وأوراق الشاي في الثالث، وأشعل النار تحت الأوعية الثلاثة لمدة 15 دقيقة.

تعجّبت مريم مما يفعله والده، وسألته: “ماذا تفعل يا أبي؟ لا أفهم شيئًا”.

ابتسم الأب، وقال: “اصبري قليلاً يا مريم، وستفهمين كلّ شيء بعد ربع ساعة”.

جلست مريم تراقب المشهد بفضول. بدأ الماء يغلي، والدقائق تمرّ ببطء. وبعد مضيّ ربع ساعة، أطفأ الأب النار، وأخرج المكوّنات من الماء، ثم وضعها أمام مريم على المنضدة.

سألها: ماذا ترين؟ قالت مريم: “أرى بطاطس وبيضة وكوب من الشاي”.

ضحك الأب وقال: “لا، انظري مجددًا. ماذا حدث للأشياء في الماء؟ أيُّها تعتقدين أصبحت أقوى وأيّها لم تتأثر بالماء؟”

أجابت مريم: “ما زالت كما هي”.

قال الأب: “لا، دقّقي جيدًا. إذا لمست البطاطس، ستجدينها لم تعد صلبة بل أصبحت طريّة وناعمة. أما البيضة، فقد أصبحت صلبة. أما أوراق الشاي، فقد غيّرت الماء نفسه، وأضافت له نكهةً ورائحةً مميّزتين”.

ثم تابع: “هذه الأشياء الثلاثة مرّت بنفس الظروف وهي الماء المغلي. لكن كلّ واحدة منها تفاعلت بطريقتها مختلفة. كانت البطاطس صلبة، لكنها استسلمت للماء، وخرجت ضعيفة وطرية، بينما واجهت البيضة الموقف وأصبحت أقوى وأصلب، ولم تسمح للماء بالتأثير عليها. وأوراق الشاي لم تتأثر، بل غيّرت البيئة نفسها وصنعت مشروبًا جديدًا مُغيّرة بذلك الظروف تمامًا”.

ثمّ نظر إلى ابنته وقال: “وأنتِ يا مريم، لا يمكنكِ تغيير الظروف دائمًا، لكن يمكنكِ أن تقرّري كيف ستواجهينها، هل ستضعفكِ، أم ستقويكِ، أم ستُخرج منكِ شيئًا جميلًا يُلهم الآخرين؟”

ابتسمت مريم وتعلّمت الدرس: أن بإمكانها أن تكون أقوى مثل البيضة أو كأوراق الشاي، تصنع من الشدائد شيء جديد وفريد.

المشاكل ستحدث دائمًا، لكنّ ردود أفعالنا وتصرفاتنا هي ما ستصنع الفرق وسيحدد مسار حياتك. لا تكنّ يا صغيري مثل البطاطس أو البيض، بل حاول أنّ تكون كأوراق الشاي تُغيّر ما حولك للأفضل.

اقرأ أيضًا: قصة عن أهمية التفكير الإيجابي: كيف غيّرت أفكاري عالمي الصغير

4. قصة الأميرة والملح

كان هناك ملك يعيش مع بناته الثلاثة، أحب الملك بناته كثيرًا، كما أحببنه هنّ كثيرًا. وفي أحد الأيّام، أراد الملك أن يختبر مدى حبّ بناته له ومن منهنّ تُحبّه أكثر. فنادى الملك بناته، وسألهنّ: “أخبرنني، كم مقدار حبّكنّ لي”.

أجابت الابنة الكُبرى على الفور: “أحبّك يا أبي كما يُحبّ السمك البحر”. شعر الملك بسعادة غامرة عند سمع إجابة ابنته، وقال في نفسه: “إنّ ابنتي تُحبني كثيرًا، فالسمك لا يستطيع الاستغناء عن الماء. يبدو أنها تُحبنّي أكثر مما أتخيّل”. فقرّر الملك إهداءها قصرًا كبيرًا والكثير من المجوهرات.

ثم أجابت الابنة الثانية دون تردّد: “أحبّك يا أبي كما يُحبّ الطير السماء”. فأعجب الملك بإجابة ابنته الثانية أيضًا، وقرّر أن يعطيها قصرًا كبيرًا والكثير من المجوهرات.

ثم تقدّمت الابنة الصّغرى، وقال: “أحبّك بقدر حُبّي للملح”. تغيّرت ملامح الملك، وخيمت علامات الغضب والخيبة على وجهه، فقد كانت أكثر بناته قربًا إلى قلبه، وكان ينتظر منها إجابةً فريدة. وصاح قائلاً: “الملح؟ كيف تجرئين على تشبيه حبك لي بشيء زهيد لا قيمة له؟”

أمر الملك بطردها خارج القصر دون أن يمنحها فرصة لشرح ما تقصده. غادرت الأميرة الصغيرة القصر ودموعها تنهمر على خديها، وبينما كانت تتجوّل في الغابة، صادفها أمير طيب القلب. سمع قصتها، وأعجب بصدقها وذكائها، فطلب منها أنّ تأتي معه إلى قصره، وعرض عليها الزواج.

أعجبت الابنة بطيبة الأمير، ولكنها أخبرته أنها لن تتزوّجه إلا بحضور والدها الملك، ذكّرته بأن والدها غاضبٌ منها وأمرها بعدم العودة إلى المملكة، مما يجعل هذه المهمة شبه مستحيلة.

طمأنها الأمير، وأخبرها: “لا تقلقي، عندي خطة. سأدعو الملك إلى وليمة طعام، ولكن أريد منكِ تحضير الطعام الذي يحبه والدك ولا تضعي به ملح”.

فهمت الابنة قصد الأمير وقرّرت تنفيذ طلبه. وفي الصباح، أرسل الأمير دعوة إلى الملك يدعوه إلى تناول الطّعام في قصره، دون أن يكشف له عن وجود ابنته. قبِل الملك الدعوة، وذهب إلى قصر الأمير، وجلس على مائدة الطّعام، وقدّم الخدم أطباقًا شهيّة ومتنوّعة.

تذوق الملك الطبق الأول، وتعجّب من طعمه السيء، قال في سره:”ربما هذا الطبق فقط؟”، فتناول لقمة من طبق آخر، لكن كانت النتيجة نفسها. بدا الطعام شهيًا لكنه كان بلا نكهة أو طعم، اشتعل غضبًا، وصاح: “ما هذا الطعام السيّء، كيف تأكلون الطعام بدون ملح؟”

هنا، تذكّر حديث ابنته الصّغرى وأخذ يبكي مدركًا خطئه في حق ابنته الصغيرة، تعجبّ الأمير من بكاء الملك وسأله: “لماذا تبكي؟”

أخبره الملك بقصّة ابنته، وكيف أنّه لم يفهم قصدها وطردها من قصره. هنا دخلت ابنته إلى غرفة الطعام حاملة معها الملح، ووقفت أمامه وهي تقول باكية: “هل عرفتَ الآن مقدار حبّي لك؟ لا أحد يأكل الطعام دون ملح، فرغم أنّه رخيص، إلا أنّه مهمّ جدًا ولا نستطيع الاستغناء عنه”. 

أدرك الملك خطأه، ودمعت عيناه، وقال: “سامحيني يا ابنتي، لم أفهم قصدك”. ردّت الأميرة فرحًا: “إنّك أغلى شخص على قلبي، وأنا أسامحك”.

فرح الملك، وأخبره الأمير عن رغبته في الزواج من ابنته. فوافق على زواجهما، وقدّم لابنته قصرين والكثير من الهدايا الثّمينة.

تُصّنف قصة الأميرة والملح ضمن مجموعة قصص أطفال لعمر 8 سنوات، إذّ تحمل في طيّاتها العديد من العبر التي قد لا نلتفت إليها بسهولة، مثل: ألا نحكم على الأمور من منظورنا فقط، وألّا نتّخذ قرارات سريعة دون فهم حقيقي للمقصد. كما أنّ قيمة الأشياء لا تُقاس بثمنها، بل بأثرها ودورها الذي تؤديه في حياتنا، فكم من أشياء رخيصة وبسيطة إلا أنّ لها تأثيرًا كبيرًا في حياتنا.

اقرأ أيضًا: أفضل قصص الأميرات: رابونزل والأمير الشجاع

5. قصة تحويل التراب إلى الذهب

قصة أخرى ضمن مجموعة قصص أطفال لعمر 8 سنوات، تحمل معاني قيمة مثل: أهمية العائلة أهمية العمل والاجتهاد ووهم الثراء السريع.

في إحدى القرى، عاش شاب مع زوجته وكانت حياتهما مليئة بالسلام والحبّ والودّ، حتى جاء أحد الأيام التي قرأ فيها الشاب إحدى الكتب القديمة التي تتحدّث عن تحويل التراب إلى ذهب من خلال بعض التجارب الكيميائية. اقتنع الشاب بالفكرة وقرّر تجربة هذا الأمر، وذهب في اليوم التالي، واستقال من عمله على الرغم من رفض زوجته لهذا القرار غير الصائب. بدأ الشاب في تجهيز معمل صغير في إحدى غرف المنزل واستعان بالعديد من الأدوات والمواد الكيميائية وبدأ في اتّباع الخطوات كما ذكرها الكتاب، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فمرّت الأيام بلا جدوى.

وذّات يوم، دخلت الزوجة على زوجها وهي تشعر بالقلق، وأخبرته قائلة: “يا زوجي العزيز، إن هذه التجارب لم ثبت صحتها، فلم لا تترك هذا الأمر وتبدأ في البحث عن عمل آخر”.

رفض الزوج الإنصات لحديث زوجته، ورّد قائلاً: “لا يا زوجتي، سأظلّ أجرّب حتى نصبح أثرياء، تخيلي مقدار الذهب الذي سنمتلكه، وعندها لن نحتاج إلى العمل أو بدل مجهود”.

قالت الزوجة: “إنّ هذا الكلام غير صحيح، يجب أن تسعى وتعمل لتحصل على المال”.

خرجت الزوجة من الغرفة حزينة على حال زوجها، وبعد تفكير، قرّرت الذهاب إلى والدها لطلب المساعدة، لعله يتمكن من إقناع زوجها عن العدول على ما يفكر به. فطمأنها والدها قائلاً: سأتحدث معه يا ابنتي، لا تقلقي كثيرًا سأحل هذا الأمر.

وفي اليوم التالي، ذهب والد الزوجة إلى بيت ابنته، وجلس مع الزوج يسأله عن أحواله، بدأ الزوج يخبره بالقصة وكيف يمكنه الوصول إلى الثراء بسرعة ودون تعب. أنصت الأب إلى حديث زوج ابنته بتركيز ليشعره بأنه يصدقه. ثم قال الزوج: “هناك شيء واحد لا أستطيع الوصول إليه لأحقق المعادلة بشكل صحيح”.

نظر الأب إلى الزوج، وقال: “ربما أملك القطعة الفقودة التي تبحث عنها”.

فرح الزوج كثيرًا وطلب منه إخباره بالسر. فردّ الأب: سأخبرك بالحل بشرط أن تقوم بأداء كل المهام التي أطلبها منك”.

بدأ الأب في كتابة بعض المواد السحرية والكيميائية التي توجد في أماكن محددة وأعطاها للزوج وطلب منه جمعها بنفسه كي لا يأخذ شخص آخر المواد ويقوم بتحويلها للذهب. وافق الزوج سريعًا دون تفكير، وأخبر زوجته أنه سيذهب لجمع المواد التي طلبها والدها ولا حاجة للقلق عليه.

بدأ الزوج رحلته، بعدما أخبره والد زوجته عن أول مادة مطلوبة تُسمّى “المسحوق السحري”، والتي لا يُمكن العثور عليها إلا في قرية صغيرة تقع على قمّة جبل شاهق، ويحتفظ بها رجل عجوز. صعد الزوج الجبل حتى وصل أخيرًا إلى منزل الرجل العجوز، وطلب منه الحصول على المسحوق السحري.

ابتسم العجوز بهدوء، وقال: “سأعطيك المسحوق، لكن بشرطٍ واحد فقط، يجب أن تجمع لي نبتة الجينسنغ من أعلى قمة الجبل”.

ذهب الزوج لأعلى الجبل وحاول جمع الجيسنيغ ولكنه لم يتمكن من ذلك. بحث طويلاً عن شيء حاد لاستخراجه من الأرض. وفي النهاية، وجد سكين مرميًا على الجانب وتمكن من قطع الجنيسنيغ. عاد الزوج إلى العجوز وأخبره: “لقد حصلت على الجينسينغ ولكنك لم تخبرني أن الموضوع شاق لهذه الدرجة”.

ضحك العجوز وقال: “يا بني، يجب أن تعرف أن الأشياء الثمينة تستحق أن تتعب من أجلها”. ثم أعطاه العجوز الجينسيغ البري وأخبره أنه هدية ليتذكر المجهود الذي بذله لجمعه. تعجّب الزوج من كلام العجوز، ولكن عندما أخذ منه الجينسينغ شعر بداخله بلحظات من السرور والامتنان بعد رؤية نتيجة عمله.

ودّع الزوج العجوز، ثم أكمل رحلته بحماس باحثًا عن المادة الثانية وهي تراب الأرض. تجول الزوج في المدينة حتى وصل إلى محل العطارة الذي تحدث عنه والد زوجته. فتح الزوج الباب، ثم طلب من صاحب العطارة الحصول على المادة. فردّ العطار: : هذه المادة ثمينة للغاية، ولن أعطيها لك إلا إذا لبيّتَ أمنية طفلي الصغير”.

ذهب الزوج ليسأل الطفل عن أمنيته وأخبره الطفل: “أريد أن أرى شروق الشمس على المحيط”. تعجّب الزوج من أمنية الطفل ولكنه وافق ليتمكّن من الحصول على المادة التي يريدها. وفي فجر اليوم التالي، اصطحب الطفل إلى المحيط ليتمكّن من رؤية شروق الشمس.

فرح الطفل كثيرًا عندما رأي الشمس وهي تشرق، وأخبر الزوج قائلاً: “شكرًا لك يا عمي على هذه الفرصة الرائعة لرؤية الشمس وهي تشرق، هل تعلم أن شروق الشمس يُخبرنا أن أمامنا فرصة جديدة لنحلم ونُحقّق أحلامنا؟”

غمرت السعادة قلب الزوج بعدما شاهد شروق الشمس لأول مرة، فأحس بشيء غريب لم يشعر به من قبل. عاد إلى محل العطارة برفقة الطفل. وكما وعده العطار سلّمه مادة تراب الأرض تقديرًا لما فعله.

رجع الزوج إلى منزله وكان يبدو عليه التغيير، تعجّبت الزوجه وسألته: “ماذا حدث معك؟”، طلب من زوجته الجلوس وأخبرها بالقصة كاملة، ثم أنهى كلامه قائلاً: يا زوجتي العزيزة لقد عرفت السر أخيرًا”.

شعرت الزوجة بالقلق وسألته: “ما هو هذا السر؟”.

قال الزوج: “لقد أدركت أن الذهب كان أمامي طوال اليوم في حياتنا سويًا ومجهودنا وعملنا اليومي. نحن نمتلك ما هو أثمن من الذهب، نمتلك حلمنا وسعينا اليومي لتحقيقه”.

ذهب الزوج لشكر والد زوجته على هذه الرحلة، وأخبره أنه فهم اللغز أخيرًا. فرح الأب بكلام الزوج وأخبره: “إنّ الحياة تعطينا مكافآت يومية دون أن نطلبها، وكل ما علينا فعله هو السعي وتحقيق حلمنا والاستمتاع بكل شيء لدينا”.

اقرأ أيضًا: قصة عن التسامح قصيرة للأطفال: أسامة والأصدقاء

في هذا المقال، حرصنا على تقديم قصص أخلاقية تُساعدك في غرس القيم في نفوس أطفالك، لأنّ هذا العمر يُعدّ من أفضل الأوقات لبدء تعليمهم المبادئ والسلوكيات التي ستشكّل شخصياتهم وستُرافقهم طوال حياتهم. وبالطبع، لم ننسَ إضافة الطابع الممتع والتّرفيهي كي لا يشعر الأطفال بالملل ونضمن استمتاعهم بها.

نصيحة أخيرة: عند اختيار قصص أطفال لعمر 8 سنوات، احرص على الجمع بين المتعة والفائدة، واختيار مفردات تناسب عمر طفلك ومستوى فهمه.

المصدر

.moral stories

قصص أطفال لعمر 7 سنوات: 4 قصص ممتعة لتنمية الخيال

تلعب قصص الأطفال دورًا مهمًا في تنمية الخيال وتعزيز القيم التربوية لدى الطفل. فهي من أفضل الوسائل التعليمية والترفيهية التي يمكن استخدامها في أي وقت من اليوم، وخاصةً قبل النوم، لتعليم الطفل القيم، وتنمية مفرداته، وتعزيز مهاراته في التفكير.

في سنّ 7 سنوات، يبدأ الأطفال في اكتشاف البيئة من حولهم بفضولٍ كبير، لذلك، من المهم أن تكون القصص التي يقرؤونها ممتعة وذات مغزى، حتى تساهم في بناء شخصياتهم وتطوير مهاراتهم اللغوية. يجب أن تولي اهتمامًا خاصًا باختيار ما يناسب عمر واهتمامات أطفالك، إذ ليست كل القصص مفيدة أو مناسبة لهذا السن. جمعنا لك في مقال اليوم مجموعة قصص أطفال المناسبة لعمر 7 سنوات، والتي يمكنك قراءتها لطفلك أو تشجيعه على قراءتها بنفسه، ليستمتع بها ويتعلّم منها في الوقت ذاته.

قصص أطفال لعمر 7 سنوات

1. المحقق الصغير ماكس

في قرية صغيرة، عاش فتى صغير مُحب للمغامرة وحلّ الألغاز يُدعى ماكس. كان يتمتّعُ بعين ثاقبة وانتباه كبير لأدقِّ التفاصيل، مما جعله محلَّ إعجاب الجميع. وفي عيد ميلاده، أهداه والده هدية مميّزة وهي أدوات تحقيق، تضمّ عدسة مكبّرة، ودفتر ملاحظات، وقبعة شبيهة بقبعة المحقق الشهير شارلوك هولمز. ومنذ ذلك اليوم، صار أصدقاؤه يُلقبونه بالمحقق ماكس.

وذات يوم، بينما ماكس يلعب في حديقة منزله، اندّفعت صديقتُه ميا نحوه مسرعة وهي تبكي، وقالت: “ماكس! أحتاجُ مساعدتك، لقد ضاعت قطتي”.

ارتدى ماكس ملابس التحقيق الخاصة به بسرعة، وضع قبعته فوق رأسه وعدسته المكبرة في جيبه، ثمّ التفت إلى ميا وقال: “لا تقلقي يا صديقتي، المحقق ماكس تولّى القضية”.

توجّه ماكس مع صديقته إلى منزلها ليبدأ بالتحقيق في مهمته الجديدة. وتنقّل بين أركان المنزل، متفحّصًا الأماكن التي تٌحب القطة الجلوس فيها بداية بسريرها الدافئ بجوار النافذة، ثم الأريكة، وصولاً إلى المطبخ، حيث كانت القطة تتناول طعامها كل صباح.

لكن لم يكن هناك أي أثر للقطة في أي مكان. فكّر ماكس قليلاً، ثم قال: “يجب أن نخرج للبحث عن القطة”.

اتجه إلى الشرفة، وهناك أخرج عدسته المكبرة مفتشًا عن أي دليل يوصله إلى القطة. وفجأة، وجد بعض الأثار، فقال مشيرًا للآثار: “ميا، انظري هذه الآثار تبدو حديثة. لا بدّ أن قطتك مرت من هنا قبل وقت قصير”. قال ماكس بحماس وهو يدوّن ملاحظاته في دفتره الصغير.

ابتسمت ميا لأول مرة منذ اختفاء قطتها، وقالت: أنت مذهل يا ماكس. لا بد أنها قريبة منا”.

وبينما كانا يتتبعان آثار الأقدام، سمعا فجأة صوت مواءٍ خافت قادمًا من بين الشجيرات. نظر ماكس إلى ميا، وقال: “هل سمعت هذا؟”

أومأت ميا برأسها وانطلقا يركضان نحو مصدر الصوت حتى حتى وصلا إلى ممرّ ضيق مخفي خلف الأشجار. وفي نهايته، بيت خشبي قديم يبدو مهجورًا. فتح ماكس باب المنزل ببطء وحرص، وعندما نظر للداخل وجد القطة مستلقية على الأرض.

عندما رأتها ميا ركضت نحوها واحتضنتها بين ذراعيها، ثمّ شكرت ماكس قائلة: “شكرآ لك يا ماكس، أنت أفضل محقق عرفته”. ثم تساءلت: “لكن كيف وصلت قطتي إلى هذا المكان الغريب؟”

ابتسم ماكس، ثم اقترب من النافذة الصغيرة في زاوية الغرفة، وقال: “يبدو أنها دخلت من هنا. ربما كانت تطارد فراشةً أو طائرًا، ولم تستطع الخروج بعدها.”

وعندما همّ الصديقان بمغادرة المنزل، لمح ماكس شيئًا لامعًا على الأرضية الخشبية. انحنى ليلتقطه، فإذا به يعثر على قلادة ذهبية بداخلها صورة لفتاة صغيرة تحمل بين يديها قطًّا يُشبه قطة ميا إلى حدٍّ كبير.

نظرت ميا بدهشة وقالت: “ما هذه القلادة؟ لم أرَها من قبل!”

تفحّصها ماكس بعناية، وقال بحماس: “يبدو أن أمامنا لغزًا جديدًا يا ميا. يجب أن نعرف من صاحبة هذه القلادة ونعيدها إليها.”

أومأت ميا برأسها موافقة، ثم جلسا يفكّران فيمن يمكنه مساعدتهما، فخطر في بالهما على الفور الجدّة حسناء، أقدم ساكني القرية، والتي تعرف كلّ من عاش فيها منذ سنوات طويلة. توجّها إلى منزلها، وهناك وجدا الجدة حسناء تجلس في شرفة منزلها، تحيك وشاحًا صوفيًا ملونًا.

قال ماكس بأدب: “مرحبًا سيدتي، كيف حالكِ اليوم؟”

ابتسمت الجدة وقالت: “بخير يا أطفالي. كيف حالك يا ماكس؟ وأنتِ يا ميا؟”

قال ماكس وهو يُخرج القلادة من جيبه: “نحن بخير. لقد وجدنا هذه القلادة في المنزل الخشبي القديم. هل تعرفين من هذه الفتاة في الصورة؟”

أخذت الجدة القلادة، ونظرت فيها بإمعان. وبعد لحظة، قالت: “إنها لارا. لقد كانت تعيش هنا مع عائلتها قبل سنوات طويلة، لكنهم انتقلوا من القرية لم نسمع عنهم شيئًا”.

قالت ميا: “هل تعتقدين أن لارا لا تزال تبحث عن قلادتها؟”

قالت الجدة حسناء: “ربما يا صغيرتي”.

صاح ماكس: “إذن علينا أن نعيدها إليها”.

ردّت الجدة حسناء: “وأنا سأساعدكم يا أطفال، سأسأل بعض الأصدقاء القدامى، ربما أتمكن من معرفة عنوانها الجديد”.

وبالفعل، وبعد عدّة أيام من البحث، تمكّنت الجدة حسناء من معرفة العنوان الجديد الذي انتقلت إليه عائلة لارا. ما إن حصل الصديقان على العنوان، حتّى جلسا يكتبان رسالة إلى لارا يخبرانها بكل ما حدث. وأرفقا القلادة مع الرسالة.

وبعد مرور عدة أيام، وصلتهما رسالة من لارا والتي تبيّن أنها أصبحت امرأة مسنّة. فتح ماكس الرسالة، وجلس بجانب ميا ليقرآها معًا:

“لقد شعرت بسعادة بالغة عندما وصلتني رسالتكما. شكرًا لكما لقد أسعدتماني كثيرًا بعثوركما على قلادتي الثمينة. بحثت عنها كثيرًا لكنّي لم أتمكن من العثور عليها. لم أصدق عيني عندما رأيتها، فهي تحمل ذكريات طفولتي”.

وأرفقت لهما مع الرسالة صورة لها وهي تجلس مع قطتها. غمرت السعادة قلبي ماكس وميا وشعرا بالفخر لإدخال السرور على السيّدة لارا. ومنذ ذلك الحين، انتشرت قصتهما في القرية، وأصبح الجميع يناديهما بالمحققَين الصغيرَين.

اقرأ أيضًا: قصة عن أهمية التفكير الإيجابي: كيف غيّرت أفكاري عالمي الصغير

2. الدجاجة الذهبية

تُعدُّ قصة الدجاجة الذهبية واحدةً من أجمل قصص أطفال لعمر 7 سنوات، التي يمكنك سردها قبل النوم. وهذه القصة ليست مجرد قصة ترفيهية، بل هي من قصص الأطفال التي تحمل عبرًا وقيمًا جميلة، وتحفّز لدى الأطفال الخيال.

يُحكى أنّ مزارعًا عاش مع زوجته في فقر شديد، ولم يكن لديهما سوى مزرعة صغيرة يزرعان فيها الخضروات. كان المزارع يبيع تلك الخضروات ليكسب منها قوت يومه، وفي أحد الأيّام، قالت زوجة المزارع: “ما رأيك أن نشتري دجاجة تضع لنا البيض”.

وافق المزارع على اقتراح زوجته، وجمع بعض الخضراوت ليبيعها، ويشتري بثمنها دجاجة. وبالفعل، توجّه إلى السوق واشترى الدجاجة، ثمّ عاد إلى مزرعته وبنى لها عشًا جميلاً.

وفي صباح أحد الأيام، ذهب المزارع كعادته ليتفقد أحوال دجاجته ويجمع منها البيض، فتفاجأ بأنّها قد وضعت بيضة ذهبيّة كبيرة.

تفاجأ المزارع، ونادى زوجته لترَى البيضة الغريبة. فوقفت مذهولة، غمرتها السعادة، حمل المزارع البيضة بحذر شديد، ثم دخل هو وزوجته إلى المنزل، فقالت له زوجته: “اذهب إلى السوق وبِع هذه البيضة، سنصبح أثرياء”.

وبدءًا من ذلك اليوم، أصبحت الدجاجة تضع كلّ صباح بيضة ذهبيّة، والمزارع يبيعها ويعود إلى أسرته بالمال. ازداد المزارع وزوجته غنى يومًا بعد يوم. لكنّ الطمع تسلّل إلى قلبه، فقال لنفسه: “لماذا أنتظر بيضة واحدة كلّ يوم؟ لماذا لا أذبح الدجاجة وأحصل على كلّ البيض الذهبيّ دفعة واحدة؟”

أخبر المزارع زوجته بما يُفكّر فيه، فنصحتهُ ألّا يفعل ذلك، قائلة: “لا تفعل ذلك، هذه فكرة سيئة”.

لكنّه لم يُنصت لها وأعماه الطمع. وفي اليوم التالي، ذبح المزارع الدجاجة، وشقّ بطنها للحصول على البيض الذهبي الذي تخيله، لكنّه لم يجد فيها أيّ بيض على الإطلاق.

صُدم المزارع وزوجته، وجلسا يبكيان، ويندبان حظهما، فقد خسرا دجاجتهما الذهبيّة التي كانت مصدر رزقهما اليوميّ بسبب الطمع.

اقرأ أيضًا: قصة عن التعاون للأطفال: الحمامة المطوقة وأصدقاء الغابة

3. قصة بائعة الكبريت

قصة بائعة الكبريت هي واحدة من أروع قصص أطفال لعمر 7 سنوات من تأليف الكاتب الشهير هانس كريستيان أندرسن.

في قديم الزَّمان، في بلدة ثلجيّة، عاشت فتاة صغيرة جميلة ذات شعر أشقر كأشعة الشّمس الذّهبيَّة. كانت أجمل وألطف الأطفال في سنِّها وأحلى من القمر حين يظهر في السّماء ليلاً. رغم فقر عائلتها، لم تفقد طبيتها ولا أحلامها الكبيرة. كانت تبيع الزهور في الصباح وفي المساء تبيع أعواد الكبريت لمساعدة عائلتها على تدبير أمورهم.

وذات مساء، أضاءت المدينة الأنوار للاحتفال، وعمّت الضحكات في البيوت احتفالًا بسقوط الثلج. كان الجوّ شديد البرودة والثلج يتساقط بغزارة، والرياح عاصفة، إلا أنّ هذا لم يمنع زوج والدتها من إجبارها على الخروج لبيع أعواد الكبريت.

ارتعبت الفتاة من زوج أبيها، فخرجت من المنزل تتجوّل في الشوارع، تحملُ علبها الصغيرة وتُنادي بكلّ قوتها آملةً أن تبيع ما يكفي لجلب المال لعائلتها: “كبريت … كبريتٌ جميل، يُضيءُ ليلَكَ البارد”.

لكنّ أهل البلدة كانوا منشغلين بالاحتفالات والأنوار الساطعة، فلم يلحظوا وجودها، ولم يتوقّف أحد لشراء الكبريت منها أو مساعدتها.

ازدادت العاصفة، وتساقط الثلج بقوّة، فهرع الناس إلى منزلهم، وأقفل البائعون محلاتهم، بينما ظلّت بائعة الكبريت تتجوّل في الشوارع وحيدة. ارتجفت الفتاة من البرد، فقد كانت ترتدي ملابس خفيفة وحذاءً كبيرًا لا يلائم مقاسها. ومع تساقط الثلج، لم تتوقف الفتاة عن السير حتى تمزّق حذاؤها.

هنا، خارت قوّتها، وجلست في زاوية شارعٍ هادئٍ. وبينما كانت تتكئ على الجدار البارد، أشعلت عود كبريت، فانبعث ضوءٌ خافتٌ دافئٌ. في تلك اللحظةِ، بدأت ترى الأحلام. رأت نفسها في منزل دافئ، حيثُ المدفأة مشتعلة، وجدت أجواء من الحنان والدفء تحيط بها.

وما هي إلاّ لحظات حتى انطفأ العود، فأشعلت عودًا ثانيًا، وفجأة، رأت نفسها في حديقةٍ كبيرةٍ مليئةٍ بالزهور الملونة، وتلعب مع أطفال يضحكون ويشاركونها القصص. مع كلّ عود كبريت تشعله، كانت بائعة الكبريت تنتقلُ إلى مشهد مختلف. ومع العود الثالث، وجدت نفسها في سماءٍ مليئةٍ بالنجوم اللامعة، وظهرت جدتها التي كانت تحبها كثيرًا، تبتسمُ لها وتلوّح بيدها. بادلتها الصغيرة الابتسامة، وقالت: “جدتي لا تترُكيني وحدي، خذيني معك”.

جلست الفتاة في حضن جدتها، تحكي لها القصص، وتربّت على كتفها. فرحت الفتاة برؤية جدتها، وقرّرت إشعال مجموعة من الأعواد مرةً واحدةً لتبقى مع جدتها فترة أطول.

إلا أن الأعواد بدأت تنطفئ، وتتلاشى أحلامها واحدة تلو الأخرى. ومع آخر عود ثقاب اقتربت جدتها منها وطوّقتها بذراعيها، وقالت: “تعالي يا حبيبتي، لنذهب إلى عالم أجمل، حيث لا برد ولا جوع ولا قسوة”.

أغمضت بائعةُ الكِبريتِ عينيها بسلامٍ، واحتضنت جدتها بقوّة، وشعرت بالدفء والأمان. وفي الصباح، وجد أهل البلدة بائعة الكبريت في الزاوية التي جلست فيها، لكنَّ وجهها كان هادئًا وابتسامتها جميلة، وكأنَّها سافرت إلى عالمٍ أجمل لا جوع فيه ولا برد.

تجمّع أهل البلدة حولها بحزن بعد رؤية أعواد الثقاب، وقرّروا ألا ينسوا الفتاة الصغيرة التي علّمتهم معنى الحبّ والرحمةِ، وعاهدوا أنفسهم أن يعتنوا بالفقراء والمحتاجين. لم تكن النهاية قاسية على بائعة الكبريت كما ظنّ أهل البلدة، فهي رأت أجمل الأحلام مع جدتها التي تُحب أن تبقى معها ولا تفارقها.

اقرأ أيضًا: أفضل قصص الأميرات: رابونزل والأمير الشجاع

4. حزمة العصيّ

قصّة أخرى في مجموعة اليوم بعنوان “قصص أطفال لعمر 7 سنوات”، وهي قصّة الأب الحكيم وأبنائه الثلاثة.

في منزل هادئ، عاش أب حكيم مع أبنائه الثلاثة. كان الأب يراقب أبناءه وهم يتجادلون ويتخاصمون كلّ يوم على أتفه المشاكل. حاول الأب كثيرًا أن ينصحهم ويُصلح بينهم، لكنّه لم يتمكن من ذلك، وظلّ الخلاف يُفرِّق بينهم.

في أحد الأيام، وبعد شجار حادّ بين الأخوة، قرّر الأب أن يُعلّمهم درسًا مهمًا ليدركوا قيمة التعاون بينهم والوحدة. فنادى أبناءه، وأمر أحدهم أن يُحضر له حزمة كبيرة من العصي.

أحضر الابن الحزمة، واجتمع الأبناء الثلاثة مع والدهم في حديقة المنزل. نظر لهم الأب، ثم قال: “أريد أن يحاول كل واحد منك كسر هذه الحزمة”

أخذ الابن الأكبر الحزمة، وحاول بكلّ قوته كسرها، لكنّه لم ينجح، فسخر منه أخوته. ثم قال الأخ الأوسط: “أنا سأسكرها”. أمسك الحزمة، وحاول كسرها بكل الطرق لكن دون فائدة.

ثم أخذها الأخ الأصغر وحاول أيضًا ولكنه فشل أيضًا. تعجّب الإخوة الثلاثة، عندها ابتسم الأب، وفكّ حزمة العصيّ، ثم أعطى كلّ واحدٍ منهم عصا واحدة، وقال: “الآن جربوا أن تكسروا هذه العصا”.

كسر كلّ واحد من الإخوة عصاه بسهولة ودون بذل جهد. قال الأب مبتسمًا: “عندما كانت العِصي مُجتمعة، لم تستطيعوا كسرها، لكن عندما انقسمت إلى أعواد، أصبحت هشة وسهلة الكسر. وهكذا أنتم يا أبنائي، إن اتّحدتم، فلن يقدر أحدٌ على هزيمتكم. أمّا إذا تفرَّقتم، فسيكون من السّهل التغلب عليكم وهزيمتكم”.

ثم تابع الأب حديثه: “في التعاون قوّة، عندما تقفون معًا، وتدعمون بعضكم بعضًا، وتعملون كفريق واحد، ستكونون قادرين على مواجهة أيّ عقبة. ولكن إذا سمحتم للخلاف أن يُفرقكم، فستُصبحون عُرضة للخطر”.

تبادل الأبناء النظرات، وأدركوا أخيرًا خطأهم وكم كانت خصوماتهم تُضعفهم. ومنذ ذلك اليوم، قرّروا أن يضعوا خلافاتهم جانبًا، ويعيشوا في وِئام، مُتعاونين، مدركين أنّ الوحدة والتعاون هما مصدر قوتهم.

اقرأ أيضًا: كالدي والفاكهة العجيبة: قصة اكتشاف القهوة

وقت القصة ليس مجرد لحظة تقضيها مع طفلك، بل هو فرصة ذهبية لتنمية خياله، تطوير مفرداته، وتعليمه المبادئ والقيم بطريقة غير مباشرة. تساعد قصص الأطفال على فهمهم للعالم من حولهم بطريقة بسيطة وملائمة لمستوى تفكيرهم وإدراكهم للأشياء، وتفتح امامهم أبواب جديدة للتفكير.

كانت هذه مجموعة قصص أطفال لعمر 7 سنوات، تساعد طفلك على تنميه خياله، وتعزيز القيم الجميلة لديه. فأيّ هذه القصص أعجبك أكثر؟

يمكنك تصفّح المزيد من القصص المميّزة على موقعنا، لاختيار ما يناسب طفلك ويساهم في تعزيز حبّه للقراءة.

المصدر

.Stories

قصص قبل النوم للأطفال سن 6 سنوات

في عمر 6 سنوات، يبدأ الأطفال في تطوير مهاراتهم اللغوية، مما يجعل هذا الوقت مناسبًا لتعزيز تلك المهارات، ويمكنك تحقيق ذلك من خلال استخدام القصص الممتعة.

جمعنا لكم اليوم قائمة بقصص قبل النوم للأطفال، حيث تُعدّ القصص وسيلة فعالة لتطوير مهارات الأطفال وتنمية خيالهم وإبداعهم. ليس هذا فحسب، بل فيها فرصة لغرس القيم والأخلاق في نفوس الأطفال وتعويدهم عليها منذ الصغر، بالإضافة إلى تهذيب سلوكهم بطريقة هادفة وممتعة.

في هذا المقال، نقدّم لكم أفضل قصص الأطفال لعمر 6 سنوات، وقد تمّ اختيارها بعناية، واستخدمنا كلمات بسيطة تتناسب مع مستوى فهم الأطفال وتتلائم قدراتهم المعرفية.

قصص قبل النوم: قصة عازف مزمار هاملين

أحداث القصة

في قديم الزمان، عاش سكان مدينة هاملين حياة هانئة على ضفاف النهر. لكن في أحد الأيام، امتلأت شوارع المدينة بالفئران مسببة مشاكل عديدة في كلّ مكان. لم تترك الفئران مكانًا في المدينة إلا دخلته وقضت على الطعام وأزعجت السكان. حاول أهل المدينة التخلص منها بكل الطرق، لكن دون جدوى.

في صباح أحد الأيام، ظهر رجل غريب يرتدي ملابس زاهية الالوان وقبعة تزينها ريشة حمراء، ويحمل في يديه مزمارًا. لم يكن يشبه أهل المدينة وكانت ألحانه جميلة لدرجة أن الطيور كانت تقف بجانبه لتستمع إلى موسيقاه. وقف عازف المزمار في وسط الساحة، فتجمّع حوله السكان مندهشين من مظهره. وعرض عليهم مساعدتهم في التخلّص من الفئران.

قال العازف: “أستطيع مساعدتكم في التخلّص من الفئران بسهولة، لكن يجب أن تعطوني أجرًا مقابل ذلك”.

نظر إليه السكان بدهشة، ثم وافقوا على طلبه. فقد كانوا يريدون التخلّص من الفئران التي أفسدت طعامهم ونشرت الأمراض في البيوت وأصواتهم المزعجة بأيّ ثمن. رفع العازف مزماره إلى فمه وبدأ يعزف لحنًا غريبًا تردّد صداه في الشوارع، كان لحنًا لم يسبق لسكّان المدينة أن سمعوه من قبل. ولم تمرّ سوى دقائق، حتى خرجت الفئران من كل زاوية وركن.

سارت الفئران خلف العازف في صفوف متوازية، وتبعته حتى وصل إلى النهر. وهناك، توقفت الموسيقى وجرفتهم مياه النهر بعيدًا عن المدينة. غمرت أصوات الفرحة المدينة، وامتلأت الشوارع بالتصفيق والتهليل، فرحين بتخلّصهم من الفئران إلى الأبد، وشكروا عازف المزمار على مساعدته العظيمة.

قال العازف: “لقد أنجزت مهمتي، أين أجري؟”

تهرّب الناس وبدأ يتهامسون: “إن المبلغ كبير، لم يفعل شيئًا يستحق هذا المبلغ، لم يفعل شيئًا سوى العزف”. ومع تذمّر أهل المدينة، استجاب لهم العمدة، وقال للعازف: “لم تكن المهمة تستحق هذا المبلغ. سأمنحك نصف المبلغ”.

شعر عازف المزمار بالغدر وارتسمت على وجهه علامات الغضب والخيبة. فقد أوفى بوعده وساعد أهل المدينة بإخلاص، لكنهم أخلفوا وعدهم. لم يقل شيئًا وتراجع خطوة إلى الخلف، ثم رفع مزماره مرة أخرى، ولكن هذه المرة عزف لحنًا حزينًا ملأ صداه أجواء المدينة. تعجّب السكان من عزفه، ثم فجأة خرج الأطفال من منازلهم واحدًا تلو الآخر، وساروا خلف العازف كأنهم تحت تأثير تعويذة سحرية.

صاح الآباء والأمهات، وركضوا خلفهم محاولين إيقافهم، لكن دون جودى. واصل العازف السير خارج المدينة، والأطفال خلفه، حتى اختفوا في الأفق لم يستطع أحد إيقافه أو إبطال مفعول السحر، فعمّ الحزن والندم. أدرك العمدة وأهل المدينة خطأهم، لكن بعد فوات الأوان.

العبرة من القصة

من القصص الكلاسيكية الجميلة التي يمكنك سردها ضمن مجموعة قصص قبل النوم، فهي تحمل في طياتها العديد من العبر والقيم النبيلة. إذ يتعلّم الأطفال من هذه القصة أهمية الوفاء بالوعود، وأن الجشع قد يؤدي إلى خسارة أشياء لا تقدَّر بثمن. كما تغرس فيهم قيمة احترام الآخرين وعدم الاستخفاف بجهودهم، فلكل عمل أهميته مهما كان بسيط، وكل إنسان يستحق التقدير.

اقرأ أيضًا: قصة عن أهمية التفكير الإيجابي: كيف غيّرت أفكاري عالمي الصغير

قصة للأطفال سن 6: القرد والتمساح

قصة “القرد والتمساح” هي واحدة من القصص الت تُروى للأطفال ضمن مجموعة قصص قبل النوم، ومناسبة للأطفال في سن السادسة. وهي إحدى القصص المذكورة في كتاب كليلة ودمنة.

أحداث القصة

يُحكى في قديم الزمان، في غابة جميلة تحيط بها الأشجار الخضراء، عاش قرد طيب القلب على إحدى أغصان شجرة موز بالقرب من بحيرة كبيرة. وفي صباح مشمس، بينما كان القرد يستمتع بتناول حبات الموز اللذيذة، لاحظ تمساحًا منهكًا يستريح قرب الشجرة، ويبدو عليه آثار التعب والإرهاق. اقترب القرد منه، وقال: “تبدو متعبًا جدًا، ما الذي حدث لك؟”

ردّ التمساح وقال بصوت متعب: “حاولت اليوم صيد الأسماك، لكنني لم أنجح، أشعر بالجوع والإرهاق.”

أشفق القرد على التمساح الجائع، فقطف بعض حبات الموز وقدّمه للتمساح، وقال: ” تفضّل، هذه فاكة لذيذة”.

التهم التمساح الفاكهة بسرعة من شدة الجوع، وأعجب بطعمها الذيذ وطلب المزيد. فقطف القرد بضع حبات أخرى وأعطاها للتمساح بإبتسامة. شكر التمساح القرد، ومن هنا بدأت تنمو بينهما صداقة بينهما مع مرور الأيام. وأصبح التمساح يزور القرد يوميًا ليستمتع برفقة صديقه والفاكهة اللذيذة.

ذات يوم، عاد التمساح إلى منزله وأخبر زوجته وعائلته عن تلك الفاكهة الشهية. فطلبت الزوجة أن يحضر لهم بعضًا منها لتتذوقها. وفي اليوم التالي، زار التمساح القرد، وطلب منه أن يعطيه بعض الفاكهة  الإضافية لعائلته. ولم يتردد القرد في تلبية طلبه، وقدّم له سلة مليئة بالموز.

تقاسم التمساح الفاكهة مع زوجته، التي استمتعت بتناولها، فهي لم يسبق لها أن تناولت شيئًا حلوًا كهذا. بعد أن تذوقت الفاكهة، امتلأ قلب الزوجة بالغيرة والطمع، وتخيّلت أن طعم القرد نفسه سيكون ألذ، لأنه يتغذى على الفواكه كل يوم.

ففكّرت في خطة لتحصل على القرد، وأخبرت زوجها أنها تعاني من مرض شديد، وأن الطبيب نصحها بتناول قلب قرد لتُشفى. وأصرّت عليه أن يحضر لها صديقه القرد لتأكله. صُدم التمساح من حديث زوجته، وقال: “ما … ماذا تقولين؟ كيف يمكنني أن أؤذي صديقي؟ أنه صديقي الوحيد”.

لم تستمع الزوجة الجشعة وألحّت عليه، مُدّعية تعبها الشّديد، لم يدْرِ التمساح المسكين ماذا يفعل، لم يكن يريد أن يؤذي صديقه، لكنه لم يستطع رفض طلبها. وفي اليوم التالي، زار التمساح صديقه، وقال بإبتسامة مخادعة: “مرحبًا يا صديقي العزيز، إن زوجتى تدعوك لتناول الغداء معنا اليوم لتشكرك على الفاكهة”.

تردّد القرد للحظة وقال: “أريد الذهاب، لكن كيف أعبر البحيرة؟ أنا لا أجيد السباحة، ومنزلك على الضفة الأخرى من البحيرة.”

ردّ التمساح: “لا تقلق، يا صديقي. لقد فكّرت في هذه المشكلة، ويمكنك الركوب على ظهري، سأوصلك بأمان”.

لم يشُكّ القرد في نوايا التمساح الخبيثة، وقال: “حسنًا، دعني أجمع بعض الفاكهة أولاً”.

حالما قطف القرد ما يكفي من الفاكهة لزوجة التمساح، صعد على ظهر التمساح، وانطلقا نحو البحيرة، حيث كانت المياه تتلألأ كمرآة تحت أشعة الشمس. عندما وصلا إلى منتصف البحيرة، توقف التمساح، وقال: “أنا آسف جدًا يا صديقي، لكن زوجتي مريضة جدًا، والطريقة الوحيدة لإنقاذها هو قلبك.”

عندما سمع القردد كلمات التمساح القاسية، تجمد في مكانه للحظة. لم يصدق أن صديقه الذي شاركه الفاكهة والحديث يمكن أن يطعنه في ظهره بهذا الشكل.

فكّر القرد سريعًا في طريقة لإنقاذه من هذه الورطة، ثم قال: “يا صديقي العزيز، يؤسفني جدًا سماع نبأ مرض زوجتك. أنا مستعد للمساعدة، لكنني نسيت قلبي في المنزل”.

صدّق التمساح كلام القرد، وصاح: “ماذا؟! يجب أن نعود فورًا لنحضر قلبك”.

سبح التمساح عائدًا للضفة. حالما وصلا، قفز القرد عن ظهره، وتسلق الشجرة سريعًا. ثم نظر إلى التمساح، وقال: “أيها الأحمق، ألا تعلم أن قلوبنا في أجسامنا؟ لن أثق بك مرة أخرى ولن أعطيك فاكهة بعد الآن”.

ثم أضاف: “لقد ظننتك صديقًا حقيقيًا، لكنك علمتني أن الثقة لا تُعطى إلا لمن يستحقها.”

شعر التمساح بالخجل وأدرك أنه فقد صديقه للأبد. أما القرد، فقد أنقذ نفسه بسرعة بديهته.

العبرة من القصة

تُعدّ قصة القرد والتمساح من أجمل قصص قبل النوم للأطفال. يتعلّم الأطفال من خلالها أهمية الذكاء والحكمة في التعامل مع المواقف الصعبة، كما تُحذر الأطفال من عواقب الخداع والطمع.

اقرأ أيضًا: قصة قصيرة حول تقبل الآخرين| الثعلب واللقلق

قصص قبل النوم: قصة الأرنب والقنفذ

قصة “الأرنب والقنفذ” من القصص الشعبية المعروفة في التراث الأوروبي، وقد تناقلتها الأجيال، وتُرجمت إلى اللغة العربية وانتشرت بصيغ مختلفة لما تحمله من قيم وعِبر. هي قصة جميلة ومناسبة للأطفال في سن 6 سنوات، ويمكنك سردها لطفلك ضمن مجموعة قصص قبل النوم لما تحمله من دروس حول الغرور والتواضع.

أحداث القصة

في صباح يوم مشمس، كان القنفذ يسير ببطء على جانب الطريق مستمتعًا بالهواء النقي. فجأة صادف الأرنب المتكبّر، كان الأرنب معروفًا بين حيوانات الغابة بغروره وتباهيه بسرعته. لم يستطع الأرنب ترك هذه الفرصة الذّهبية لتنمّر على القنفذ. فاقترب منه، وقال: “مرحبًا يا صديقي، إلى أين أنت ذاهب هكذا؟”

ردّ القنفذ: “أنا فقد أتنزّه”.

قال الأرنب ساخرًا: “بهذه الأرجل القصيرة، يبدو أنّك ستعود إلى منزلك غدًا”.

شعر القنفذ بالإهانة من سخرية الأرنب، وقرّر أن يلقّنه درسًا قاسيًا. أجاب: “ما رأيك أن نتسابق عند الشجرة الكبيرة لنرَ من الأسرع بيننا؟ وإن فُزت، يجب أن تتوقّف عن السخرية من الآخرين”.

ضحك الأرنب بصوت عالٍ، وقال بثقة: “ماذا؟ أنت ستفوز، هذا مضحك للغاية، حسنًا أنا موافق”.

عاد القنفذ إلى منزله، وجلس يفكر في خطة لهزيمة الأرنب. أخبر القنفذ زوجته عن السباق، قلقت الزوجة وقالت:” كيف ستهزمه وهو أسرع حيوانات الغابة”.

وبينما كان يتحدّث مع زوجته، خَطرت له فكرةُ ذكية. كانت زوجة القنفذ تشبهه كثيرًا، فقال: “لا تقلقلي لديّ خطة جيدة. غدًا سنقُوم بخدعة بسيطة، أنتِ تشبهينني كثيرًا. يُمكننا الاستفادة من هذه الميزة ونخدع الأرنب المغرور. غدًا سأقف عند  خط البداية، وأنتِ تنتظرين عند نهايته. وعندما يصل الأرنب إلى خط النهاية، تتظاهرين بأنكِ أنا”.

اتّفق الزوجان على الخطة. وفي صباح اليوم التالي، تجمّعت الحيوانات لمشاهدة السباق. وقف الأرنب عند خط البداية متباهيًا بسرعته، بينما وقف القنفذ صامتًا وواثقًا.

بدأ السباق، وانطلق الأرنب بأقصى سرعته، أما القنفذ فتظاهر بالجري بضع خطوات ثم اختفي بين الشجيرات. وعندما وصل الأرنب إلى خط النهاية، صُعق عندما وجد القنفذ واقفًا هناك.

 قال الأرنب: “كـ.. كـ.. كيف حدث هذا؟ كيف وصلت إلى هنا بهذه السرعة؟”

ردّ القنفذ بهدوء: “أنا سريع مثلك تمامًا”.

لم يُصدّق الأرنب ما حدث، وظنّ أنّ القنفذ خدعه، فأصرّ على إعادة السباق. وافق القنفذ، وبدأ السباق وركض الأرنب أسرع من المرة السابقة. ولكن كما حدث في المرة الأولى، وجد القنفذ عند خط النهاية.

كرّر الأرنب السباق عدّة مراتٍ، وفي كل مرة كان الأرنب يجد القنفذ ينتظره عند خط النهاية. في النهاية، جلس الأرنب على الأرض واعترف بهزيمته. ابتسم القنفذ وقال: “لا يتعلّق الأمر بالسرعة، أحيانًا يكون الذكاء هو الحل.”

شعر الأرنب بالخجل واعتذر للقنفذ، ووعده ألّا يسخر من أحدٍ مرة أخرى. ومنذ ذلك اليوم تعلّم الأرنب أن كل مخلوق له صفاته الفريدة التي تستحق الاحترام.

العبرة من قصة الأرنب والقنفذ

لا تسخر من الآخرين، ولا تقلل من شأنهم، ولا تتنمر على أحد بسبب شكله أو شخصيته أو طريقة تحدثه أو حتى ملابسه. جميعنا متساوون وما يميزنا هو ما يحمله قلبنا من خير وحُب للآخرين. وتذكرّ دائمًا أن التواضع فضيلة والقوة لا تقاس بمظهر بل بقلبك وذكائك وطيبتك.

اقرأ أيضًا: حكايات عالمية: أشهر القصص من حول العالم

قصة للأطفال سن 6: التاجر الذكي

قصة جميلة من تراثنا العربي، وتنتمي إلى مجموعة قصص قبل النوم التي يمكنك سردها لطفلك قبل النوم لتغرس فيه القيم الجميلة بطريقة ممتعة.

أحداث القصة

يُحكى أنه في قديم الزمان، كان هناك ملكٌ ظالم يحكم إحدى البلاد، لا يهتمّ بشعبه ولا بأحوالهم، ويُثقل كاهلهم بفرض الضرائب، ساعيًا فقط وراءَ مصالحه الشخصية. وكان يحيط به مجموعة أشخاص فاسدين، لا همّ لهم إلا خِداعُه والثناء عليه مهما ارتكب من أخطاء. وفي نفس المدينة، عاش تاجر طيب القلب، عُرف بحكمتهِ وذكائه ورفضه لتصرّفات الملك الخاطئة وكُرهه لأولئك المنافقين المحيطين بالملك.

وذات يوم، دار نقاش في المحكمة بين التاجر وحاشية الملك. قال التاجر: “يمكن لأيّ شخص الخروج من أيّ مأزق إذا امتلك الذكاء، أما أنتم فمجرّد حمقى لا تستطيعون التصرّف ولا تصلُحون لحكم البلاد”. ثار حاشية الملك غضبًا، وحرّضوا الملك على معاقبة التاجر.

فأمر الملك بمعاقبة التاجر بسبب سلوكه الطائش وأخبر جنوده بوضعه في اسطبل الخيول، وقال مُتحدّيًا: “إن لم تخرج من هذا المكان بعد شهر، ومعك ألف عملة ذهبية، فسأسجنك للأبد”.

وافق التاجر على التحدي، وطلب أن يُسمح له بأخذ ميزان معه. تعجّب الجميع من طلبه الغريب، وافق الملك. وبمجرد دخوله الاسطبل، بدأ التاجر يزن الخيول. سأله أحد العمال بدهشة: “ما الذي تفعله؟”

ردّ التاجر: لقد وضعني الملك هنا لمراقبتكم، ولأتأكّد إن كنتم تطعمون الخيول جيدًا أم لا؟

صاح أحدهم: “كيف ستعرف هذا؟”

أجابه التاجر: “إذا كان وزن الروث أقل من الطبيعي، فهذا يعني أنّها لا تتغذّى جيدًا، وعندها سأُخبر الملك بسرقتكم للطعام”.

شعر العمال بالرّعب، فقد كانوا يبيعون طعام الخيول مقابل المال بدون علم الملك. توسّلوا إلى التاجر ألّا يفضح الملك، وعرضوا عليه المال والطعام، بل وحرصوا على إطعام الخيول كما ينبغي.

وبعد مرور شهر، خرج التاجر وأعطى الملك ألف قطعة ذهبية. غضب الملك، وقرر معاقبته مجددًا. هذه المرة، أرسله إلى نهر خارج المدينة، وأمره بالحصول على 2000 قطعة ذهبية خلال شهر واحد ليثبت أنه ذكيٌ حقًا.

طلب التاجر أن يأخذ معه الميزان مرة أخرى، فسمح له الملك. وعندما وصل إلى النهر، بدأ يزن الماء، رآه أحد البحارة، فتعجّب مما يفعله، وصاح: “ماذا تفعل أيها الرجل”.

ردّ التاجر: “أنني أزن الماء، أمرني الملك بمعرفة من يأخذ ركابًا أكثر من العدد المسموح، ليتم معاقبته”.

خاف أصحاب القوارب وتوتروا، فقد كانوا يزيدون عدد الركاب ليكسبوا المزيد من المال مستغلّين إهمال الملك. توسّلوا إلى التاجر ليسامحهم وألّا يبلغ الملك، وفي المقابل، عرضوا عليه المال.

وبعد شهر، استدعي الملك التاجر إلى القصر، فحضر حاملاً ألفي عملة ذهبية. دُهش الملك من ذكائه، وقال: “كيف تمكّنت من فعل هذا؟”

فأجابه التاجر: “يا مولاي إنّ حاشيتك تخدعك. والرجل الحكيم يستطيع أن يتعامل مع أيّ ظروف تُواجهه”.

اقتنع الملك بكلامه، وأدرك أنّه أمام رجل ذكي يستطيع تدبير أموره تحت أي ظرف من الظروف، فعيّنه مستشارًا أول له في القصر، وبدأ يُصلح ما أفسده من ظلم وجور بمساعدة التاجر.

العبرة من القصة

من مثل هذه القصص قبل النوم، نتعلّم أن الذكاء والحكمة يمكن أن ينتصرا على الظلم والفساد، وأنهما من أقوى الأسلحة التي نمتلكها. وأن الشخص الذكيّ لا يستسلم للظروف، بل يحوّلها إلى فرص تُثبت مهاراته وقدرته على التصرف.

اقرأ أيضًا: قصة اكتشاف البنسلين: قطرة صغيرة غيرت تاريخ الطب

قدمنا لكم مجموعة من قصص قبل النوم المناسبة للأطفال في سن السادسة. يمكنكم اختيار القصة التي يفضلها طفلكم وسردها له قبل النوم. لن تقدم هذه القصص لحظات وذكريات ممتعة ولا تنسى فقط ، بل تحمل العديد من القيم والعِبر التي ينبغي غرسها في نفوس الأطفال منذ الصغر.

المصدر

.Stories

قصة عن أهمية التفكير الإيجابي: كيف غيّرت أفكاري عالمي الصغير

قيل قديمًا أن العقل كالحديقة، إن زرعت فيه أفكارًا إيجابية، ستحصد نتائج إيجابية، والعكس صحيح. تشير هذه المقولة الجميلة إلى أهمية التفكير الإيجابي والأفكار التي نغذّي بها عقولنا.

كلّ فكرة إيجابية هي شمعةٌ، تضيء طريقتك في مواجهة اليأس والخوف والفشل. وفي قصتنا اليوم، نقّدم قصة مؤثرة عن التفكير الإيجابي، ونحكي قصة الفتاة “أمل” وكيف تمكنّت بفكرة واحدة فقط أن تغيّر حياتها بأكملها.

قصة قصيرة عن أهمية التفكير الإيجابي

تبدأ أحداث قصتنا مع طفلة جميلة تُدعى أمل وتبلغ من العمر إحدى عشرة سنة. كانت أمل تحب الذهاب إلى المدرسة، لكنّ أكثر ما تحبه هو الرسم والتلوين. شاركت أمل في العديد من مسابقات الرسم، لكنّها لم تحصد أيّ نتائج مُرضية، وبالرغم من موهبتها المتميّزة، إلاّ أنّها لم تتمكّن من الفوز إطلاقًا في أيّ من هذه المسابقات، ممّا سبّب لها الحزن والإحباط، وبدأت الأفكار الرمادية المتشائمة تسيطر عليها.

وفي أحد الأيام، أعلنت المدرسة عن مسابقة جديدة للرسم، فقرّرت أمل الاشتراك فيها. وعند بداية المسابقة، حاولت أمل رسم لوحة، لكنها لم تتمكن من رسم ما تخيّلته في عقلها. جربت مرة، واثنتين، وثلاثًا، لكن بلا فائدة.

شعرت أمل بالإحباط، فتركت فرشاتها وانسحبت من المسابقة في النهاية، وقالت في لنفسها: “أنا سيئة في الرسم، ولا أملك المهارة الكافية لتحقيق الفوز”.

عادت أمل إلى منزلها واليأس يملأ قلبها، وكانت تفكّر في ترك الرسم وترى العالم حولها باهتًا بلا ألوان. عندما رأتها جدّتها، سألتها عن سبب حزنها. فردت أمل قائلة: “لم أتمكّن من إكمال لوحتى، إنني حزينة، وأريد ترك الرسم نهائيًا”.

احتضنت الجدة حفيدتها وابتسمت بلطف، ثم قالت: “يا ابنتي العزيزة إنكِ موهوبة ورسوماتك جميلة. لكنك دائمًا تفكرين بطريقة متشائمة، وهذا ما يجعلك في النهاية ترسمين بطريقة سيئة. ما رأيك أن تنظري إلى نفسك بطريقة مختلفة؟”

نظرت أمل إلى جدتها بدهشة وسألتها: “لكن، كيف يمكن لفكرة في عقلي أن تغيّر الواقع من حولي”.

ابتسمت الجدة وقالت: “سأحكي لكِ قصة قصيرة توضّح لكِ أهمية التفكير الإيجابي في حياتنا، وكيف يمكن أن تؤثّر الأفكار على ما نقوم به، وعلى الأشياء من حولنا أيضًا”.

بدأت الجدة في سرد القصة قائلةً: “سأحكي لكِ يا أمل عن قصة فتى يُدعى باسم. كان يحب لعب كرة القدم كثيرًا، ويحلم بأن يصبح لاعبًا مشهورًا. وكان موهوبًا لدرجة أنّ كلّ من يراه يلعب يشعر وكأنه يشاهد لاعبًا كبيرًا في أحد الأندية العالمية.

في أحد الأيام، ذهب باسم إلى مدرسته، وعندما بدأ الفصل، سأل المعلم عن حلم كل طالب. رفع صديقة سامي يده وقال: “أريد أن أصبح طبيبًا ناجحًا مثل والدي.”

ثم قال أحمد: “أريد أن أصبح مهندسًا”.

وعندما جاء دور باسم، ابتسم وقال بكل ثقة: “أنا أحلم بأن ألعب كرة القدم مع فريقي المفضل”.

فجأة، عمت أصوات الضحك في الفصل وسخر الطلاب من حلمه، وقال أحدهم: “هل تمزح؟ كيف لفتى يعيش في قرية صغيرة أن يصبح لاعبًا في نادٍ عالمي؟”

حزن باسم من سخرية أصدقائه، وجلس طوال اليوم الدراسي يفكر في ما قاله أصدقائه، وبدأت الأفكار المتشائمة تتسلل إلى عقله ببطء. ومع انتهاء النهار، ذهب إلى تدريباته، لكنّه لم يستطع اللعب بمهاراة، فوبّخه مدرّبه. عندها شعر بأن أصدقائه على صواب.

حزن باسم بسبب سخرية أصدقائه، وبقي يفكّر في كلماتهم لعدّة أيام. بدأت الأفكار المتشائمة تتسلّل إلى عقله ببطء، حتى شعر بالضعف والحزن. وكان يذهب في كلّ يوم إلى تدريب كرة القدم حزينًا متشائمًا. فيما مضى، كان باسم يلعب بحماس ويركض ويصوّب بدقة. لكنّه الآن يسقط أكثر من مرة ويفقد الكرة بسهولة.

وبّخه المدرّب بحزم، وقال: “ما بك يا باسم؟ لماذا لا تلعب بمهارة مثل كلّ مرة؟”

طأطأ باسم رأسه حزينًا وقال: “ربّما لم أكن ماهرًا من البداية”.

توجّه باسم إلى منزله وهو يشعر بالإحباط، ويردّد في سرّه كلمات أصدقائه عن حلمه المستحيل. تعجّبت والدته من حديثه المتشائم، فسألته عن سبب هذا الكلام، أخبرها بما حدث معه في الفصل وكيف سخر أصدقائه من حلمه، وكيف وبخّه المدرب.

قاطعته والدته قائلة: “لقد أخطأت يا باسم، لا يجب أن تسمع لحديث المتشائم، ما رأيك إذا لبسنا النظارة السحرية”.

ردّ باسم: “النظارة السحرية”.

أجابت الأم: “نعم، ولكنها ليست نظارة حقيقية، بل هي نظارة التفكير الإيجابي، هي طريقة جديدة لرؤية العالم من حولنا”.

ثم تابعت حديثها: “يا بُنيّ، الأحلام هي أهداف مؤجلة تنتظر من يسعى لتحقيقها. يجب عليك أن تؤمن بحلمك وتسعى لتحقيقه مهما كانت الظروف. تحقيق الأحلام لن يكون سهلاً دائمًا، بل يتطلب مواجهة التحديات والقضاء عليها، والعزيمة، والصبر، والإصرار على النجاح”.

تأثّر باسم بكلام والدته، وصعد إلى غرفته. وظلّ يفكّر طوال الليل في نصائح والدته وفي أمر النظارة السحرية. وفي صباح اليوم التالي، أسرع إلى والدته وأخبرها بأنه سيكمل تدريباته وسيسعى لتحقيق حلمه ولن يلتفت إلى كلام أصدقائه. فرحت الأم بإصرار طفلها، ثم استأذنها للذهاب إلى النادي. أدّى باسم جميع تدريباته بنشاط وقوة.

كان باسم يحرص على الذهاب إلى التمرينات في مواعيدها، ويهتم بتناول طعام صحي، استعدادًا ليوم المنافسة الكبير. وعند عودته إلى المنزل، يُنهي واجباته المدرسية ويُراجع دروسه بانتظام، دون أن يُقصّر في أي جانب. مضت السنوات، وهو يحول كل موقف سيء إلى موقف إيجابي بنظارته السحرية. وفي أحد الأيام، أعلن النادي عن يوم مهم سيحضر مدربون من كافة الفرق، لاختيار أفضل اللاعبين لضمهم إلى فرقهم.

شعر باسم بأن هذا اليوم هو الفرصة التي انتظرها طويلًا، وقال لنفسه: “هذا هو اليوم الذي تدرّبتُ من أجله لسنوات. هذا هو اليوم الذي سأبدأ فيه تحقيق حلمي.”

وفي يوم المنافسة، حضر باسم برفقة والدته التي كانت تشجعه باستمرار وتسانده بكلماتها الإيجابية. نزل باسم إلى الملعب وتمكن من خطف أنظار كل المدربين بأدائه الرائع، وفي نهاية اليوم، تمكّن من الانضمام إلى المنتخب القومي لبلاده. شعر باسم بالسعادة والفرح الشديد لاقترابه من تحقيق حلمه، وأدرك أن الإصرار والتفكير الإيجابي كانا المفتاح الحقيقي لنجاحه.

أصبح باسم لاعبًا مشهورًا، وكان يصنع أهدافًا رائعة في كل مباراة، وبدأت شهرته تزداد يومًا بعد يوم. وفي أحد الأيام، أثناء ذهابه إلى التمرين، تفاجأ بأن مدرّب ناديه المفضل قد أرسل مندوبًا لمقابلته، ليقنعه بالانضمام إلى الفريق واللعب معهم. لم يصدق باسم نفسه، فقد كان هذا حلمه الكبير منذ الطفولة، والآن أصبح حقيقة بعد كل الجهد والتعب.

وبالفعل، سافر باسم إلى خارج البلاد، وبدأ تدريباته مع زملائه الجدد في الفريق. وقبل أول مباراة له مع ناديه المفضل، دعا والدته وكل أصدقائه لحضور المباراة، لرؤيتهه وهو يلعب مع ناديه المفضل.

وعندما انتهت المباراة، قال باسم بسعادة وهو يلوّح بيده للجمهور: “اليوم حققت حلمي الذي لم يصدّقه أحد، ووصلتُ لما حلمت به. أنصح كل من يسمعني أن يسعى وراء حلمه، ولا يستسلم أبدًا، ولا يلتفت إلى الكلمات المحبِطة. فالعمل الجاد والتفكير الإيجابي هما طريق تحقيق الأحلام”.

في نهاية القصة، سألت الجدة أمل: “هل تعرفين من هو باسم يا حفيدتي؟” هزّت أمل رأسها بالنفي، فأخرجت الجدة هاتفها، وعرضت عليها فيديو للاعب على الإنترنت، ثم أخبرتها: “هذا هو باسم، الذي أخبرتك عنه، هي قصة حقيقية”.

ذُهّلت أمل، وفهمت أخيرًا كيف يمكن للأفكار الإيجابية أن تؤثر على تصرفاتها وتساعدها على تحقيق أهدافها. وبعد تلك اللحظة، قرّرت أمل أن تلبس النظارة السحرية، وألا تترك مجالاً للأفكار المتشائمة لتتسلل إلى عقلها.

قالت لنفسها: “أنا أمتلك موهبة الرسم، ويمكنني أن أرسم لوحات جميلة”.

ذهبت أمل، وأحضرت أدواتها ولوحتها، وجلست بجانب جدتها ترسم لوحة جميلة للزهور. وفي صباح اليوم التالي، أخذت اللوحة إلى مدرستها لتُريها لمعلمتها، فاندهشت المعلمة من جمال اللوحة وتفاصيلها.

قالت المعلمة: “رسمتك جملية للغاية يا أمل. ستقيم المدرسة مسابقة للرسم، والفائز سيسافر إلى باريس لتعلّم الرسم خلال العطلة الصيفية. يجب أن تشتركي في هذه المسابقة”.

بدأت أمل في التدرّب على الرسم من جديد، وانضمت إلى نادي الرسم لتتعلم أكثر وتُطوّر مهاراتها استعدادًا للمسابقة. وفي يوم المسابقة، استيقظت أمل وجهزت أدواتها، لكن بدأ الخوف يتسلّل إلى عقلها وقلبها. لاحظت جدّتها ذلك، فاقتربت منها وقالت: “تذكّري يا أمل قصة باسم، وكيف حقق حلمه. فكّري بالأفكار الإيجايبة. أنا أثق بأنك ستفوزين بالمركز الأول”.

نظرت إلى جدّتها، وقالت: “لن أدع الأفكار المتشائمة تسيطر عليِّ، أنا أستطيع تحقيق الفوز اليوم، سأرسم لوحة جميلة تنبض بالحياة وتعجب كل من يراها”.

غادرت أمل المنزل، وهي عازمة على تحقيق المركز الأول. جلست في مكانها المخصص، وبدأت ترسم اللوحة بهدوء شديد، وهي تردد: “أنا أستطيع الفوز”.

وبعد عدة ساعات، انتهت أمل من لوحتها، وانتظرت رأي الحكّام. وبعد عدة مناقشات، صدرت نتائج المسابقة وحصلت أمل على المركز الأول. قفزت أمل من مكانها بسعادة، وركضت إلى جدتها التي كانت تنتظرها بفخر، وعانقتها بقوة. قالت الجدة بابتسامة: “ألم أقل لكِ إن التفكير الإيجابي يصنع المعجزات؟”

ذهبت أمل لتستلم جائزتها وسط تصفيق أصدقائها، اقترب منها أحد الحكام وسألها عن اسم لوحتها. نظرت أمل إلى لوحتها وقالت: “سأسمي لوحتي الفكرة المضيئة”. وأكملت حديثها قائلة: “كنت أرغب في رسم لوحة تعبّر عن أهمية التفكير الإيجابي في حياتنا. أردت أن يشعر كل من يراها بالقوة ويسعي لتحقيقه”.

عادت أمل إلى المنزل وهي تحمل الجائزة، تملأها السعادة، وشكرت جدتها وقالت: “شكرًا لك يا جدتي، اليوم تعلمت الدرس جيدًا، وفهمت كيف يمكن لكلمة واحدة أن تغيّر مسار حياتنا. ومن اليوم فصاعدًا، سأحرص دائمًا على قول كل الكلمات والأفكار الإيجابية لنفسي وللآخرين”.

ابتسمت الجدة ورتبت على كتفها قائلة: “وهكذا تبدأ الفكرة المضيئة في الانتشار.”

اقرأ أيضًا: قصة للأطفال عن توفير المال: سامر والديناصور الأخضر

المغزى من القصة

وفي نهاية القصة، تعلمنا من أمل كيف يمكن أن يساعدنا التفكير الإيجابي على تغيير نظرتنا لأنفسنا، ويحفّزنا على السعي لتحقيق أهدافنا وأحلامنا. وكيف يمكن للأفكار السلبية التي نُصدّقها عن أنفسنا أن تؤثر على ثقتنا بأنفسنا وأحلامنا.

يساعدنا التفكير الإيجابي على تحويل الخوف واليأس إلى إصرار وتحدٍّ، يعقبه نجاح وتحقيق الأهداف. كما نتعلّم أيضًا كيف يمكننا أن نشجع الآخرين، تمامًا كما كانت الجدة تشجع أمل باستمرار.

وتذكّر يا طفلي العزيز، قد لا تنجح محاولتك الأولى، ولكن بالسعي والمحاولة يمكننك أن نصل إلى ما نحلم به. لا تُصدّق كل ما يُقال عنك، أنت لست ما يقوله الآخرون عنك، بل ما تؤمن به عن نفسك. لذا، ثق بنفسك وفكر بإيجابية. وتذكّر في النهاية أن التفكير الإيجابي هو مفتاح النجاح.

اقرأ أيضًا: مالك الغاضب!| قصة قصيرة حول السيطرة على الغضب

ماذا تعرف عن التفاؤل المزيّف؟ اقرأ المقال كاملاً الآن.

قصة عن التعاون للأطفال: الحمامة المطوقة وأصدقاء الغابة

قيل قديمًا أن التعاون هو أقوى سلاح في مواجهة التحديات، وأن اليد الواحدة لا يمكنها إنجاز العمل بمفردها. لذلك، سنروي اليوم قصة عن حمامة جميلة الألوان وقعت في فخ الصياد. لكن بفضل مساعدة أصدقائها في الغابة تمكّنت من الهروب من شبكة الصياد. تابعوا معنا هذه القصة المليئة بالمغامرة، والتي ستعلم الأطفال أن العمل الجماعي هو سر النجاح في مواجهة أصعب المواقف.

قصة عن التعاون للأطفال: الحمامة المطوقة وأصدقائها

حدثت قصّتنا في غابةٍ جميلةٍ كثيفة الأشجار ذات منظر بديع. كانت الغابة موطنًا للطيور. لكن، كما هي العادة في الحياة، لا تسلم الطيور والحيوانات من خطر الصيادين الذين ينصبون شباكهم في كل أنحاء الغابة طمعًا في اصطياد الطيور الجميلة التي تعيش فيها.

كثيرًا ما يتردد الصيادون على الغابة، وخاصةً بالقرب من شجرة كبيرة، حيث اعتادت الطّيور التجمع عندها باستمرار. وذات يوم، في الصباح الباكر، خرج غراب من عشه القريب من الشجرة الكبيرة فرأى صيادًا تبدو على وجهه ملامح الدهاء والخبث، يتسلَّل بحذر داخل الغابة، ويحمل في إحدى يديه شبكة صيد كبيرة وحبوبًا، وفي اليد الأخرى عصا غليظة.

ذُعر الغراب مما رآه، وتسمّر في مكانه، وتساءل كثيرًا في نفسه: “لماذا جاء هذا الصياد إلى غابتنا؟ هل جاء لاصطيادي وقتلي؟ أم أنَّ هناك طيورًا أخرى ستكون ضحية خدعته؟” 

اختبأ الغراب وأخذ يُراقب ما يفعله الصياد من بعيد، فرأه يضع شبكته الكبيرة بحذر بين الأعشاب الطويلة، وينثر الحبوب فوقها لتكون فخًا للطيور التي تطير حول الشجرة. لم يمضِ وقت طويل حتى جاء سرب كبير من الحمام، تتقدّمهن في الطيران حمامة بيضاء آسرة الجمال تُدعى “المطوقة”، وسُميت الحمامة بهذا الاسم لشدة جمال ريشها الأبيض اللامع وعنقها الأبيض كحبات اللؤلؤ. كانت المطوقة حكيمة وفطنة، وتكنُّ لها باقي الحمامات احترامًا عظيمًا.

حلّق السرب فوق الشجرة الكبيرة، ولمحت الحمامات الحبوب المتناثرة. فرحت الحمامات بشدة ولم يستطعن مقاومة الطعام المجاني، واندفعن نحو الأرض، وقد أنساهن الجوع أخذ الحذر، فلم ينتبهن إلى الشبكة.

شعرت المطوقة بالريبة، فصاحت في أصدقائها: “احذرن! هذا غريب، قد يكون هذا فخًا”.

وعلى الرغم من إحساسها بالخطر، إلا أنها لم تتمكن من إيقاف السرب، فقد غلبتها أصوات الجوع. وعندما أقبل السرب والحمامة المطوقة نحو الحبوب لالتقطاها، وقف الغراب فوق غصن مرتفع، يحاول تحذيرهن، ولكن لم يصغ إليه أحد.

ما إن لمست أقدامهن أرض الغابة، حتى انطبقت عليهن الشبكة التي نصبها الصياد، فتشابكت أرجلهن في خيوطها. علا صراخ سرب الحمام، وبدأت كل حمامة تضرب بجناحيها بجنون في محاولة يائسة للخلاص من الشبكة، غير آبهة برفيقاتها.

فرح الصياد وهو يراقب المشهد من بعيد، وانطلق مسرعًا لجمع الحمام. وفي تلك اللحظة، حاول الحمام الطيران بعيدًا، لكن دون جدوى، إذ طارت كل حمامة في اتجاه مختلف، فتشابكت الخيوط أكثر، مما زاد الموقف سوءًا

اقترب الصياد من الشبكة وقال بسخرية: “لقد أمسكتُ بصيدٍ ثمينٍ! سأخذ هذه الطّيور إلى السوق وأبيعها وأصبح غنيًا”.

وعندما اقترب الصياد منهن، خاف الحمام كثيرًا، وقال بعضهن لبعض: “سيُقضى علينا جميعًا”.

عندها فكرت الحمامة المطوقة بحكمة وقالت: “توقفن! لن نستطيع النجاة هكذا. أرجوكن، لا تضربن بأجنحتكنّ، ولا تفكرن بإنقاذ أنفسكنّ فقط. علينا التعاون معًا لننقذ أنفسنا”.

قالت إحدى الحمامات في حيرة: “وماذا نفعل؟”

ردت المطوقة بثقة: “يجب علينا الاتحاد والتعاون معًا. يجب أن نرفرف جميعًا بأجنحتنا في نفس الوقت وبقوة واحدة”.

استجاب باقي السرب لكلام الحمامة المطوقة، واتحدن وقرّرن أن يطرن معًا إلى أعلى كي يتخلَّصن من الشبكة العالقة. وعلى الرغم من ثقلها، استطاعوا رفعها عن الأرض بفضل التعاون معًا. لاحظ الصياد ما يحدث، فاندفع مسرعًا لينقضّ عليهن، لكنه لم يستطع، فقد حلّق الحمام بالشبكة عاليًا في الهواء.

تعجّب الصياد مما رأى، وقال: “كيف حدث هذا؟ هذه أول مرة أرى طيورًا تحمل شبكة”.

غضب الصياد واندفع يطاردهن عبر الغابة. وعندما رأت المطوقة أنّ الصياد يتبعهن، صاحت بصوت مرتفع: “هيا، لنطير بين الأشجار الكثيفة حتى لا يتمكن من ملاحقتنا”.

وبالفعل، طار سرب الحمام بين الأشجار المتشابكة، فتعذّر على الصياد اللحاق بهن، وتردد في دخول أعماق الغابة خوفًا من الحيوانات المفترسة. واصل السرب الطيران حتى ابتعد تمامًا عن الصياد، ووصل إلى مكان آمن وسط الغابة. وهناك، ظهر الغراب فجأة، واقترب وهو يقول: “لا تخفن، سأذهب مسرعًا لإحضار السنجاب الحكيم ليساعدكن”.

عُرف السنجاب في الغابة بحكمته وحيلته ومساعدته لجميع الطيور والحيوانات. طار الغراب مسرعًا إلى بيت السنجاب، وقصَّ عليه ما حدث مع سرب الحمام، وقال بلهفة: “أيها السنجابُ الحكيمُ، نحتاج إلى مساعدتك، لقد وقع الحمام في شبكة الصياد”.

أسرع السنجاب مع الغراب إلى مكان السرب. وعندما رأت الحمامة السنجاب قالت: “أيها السنجاب الحكيم، لقد تعاوننا معًا للهرب من الصياد، ولكننا ما زلنا عالقين. نحتاج إلى مساعدتك كي نتخلص من هذه الشبكة وننجو”.

استنكر السنجاب المشهد، وتعجّب كيف للمطوقة أن تقع ضحية هذا الفخ وقال: ما الذي أوقعكِ في هذا الفخ، وأنتِ معروفة بالذكاء والفطنة؟”

ردت الحمامة، وهي تشير إلى الحبوب العالقة في الشبكة بحزن: “إنه الطمع، هو من أوقعني في هذه الورطة”.

ابتسم السنجاب، وقال: “حسنًا، لا تقلقي. سأعمل على تحريركنَّ بأسرع وقت”.

أسرع السنجاب في محاولة فكّ الشباك عن الحمامة المطوقة أولًا. لكنها أوقفته بلطف وقالت: “أرجوك، أنقذ أصدقائي أولًا قبل أن تفكَّ قيدي”.

تعجّب السنجاب من طلب الحمامة وقال: “ألا تريدين أن أنقذكِ أولًا؟”

ابتسمت الحمامة، وقالت: “إني أخاف إن بدأتَ بي أن تشعر بالتعب فتترك أصدقائي. ولكن إذا بدأتَ بفك شباك صديقاتي، فحتى إن أصابك التعب ستواصل العمل من أجل تحريري.”

نظر إليها السنجاب بإعجاب وقال: “كل يوم يزداد إعجابي بحكمتك وذكائك.”

وبينما انهمك السنجاب جاهدًا على قطع خيوط الشبكة بأسنانه، وصل الفأر والأرنب والسلحفاة مسرعين لمساعدته على تحرير الحمام. اجمعت الحيوانات معًا، وبدأوا يعملون كفريق واحد يسوده التعاون.

استخدمت السلحفاة فكّها لشد أطراف الشبكة وقطعها، بينما كان الأرنب والفأر يقطعان الحبال السميكة بمساعدة النحلة التي كانت تدلهما على أماكن العقد المخفية. أما الغراب، فظل يحلق في السماء، يراقب المكان ويحذرهم إذا اقترب الصياد من جديد. وعندما أحس الغراب باقتراب الصياد، طار مسرعًا ونادى الفيل ليساعدهم في مطاردته وإبعاده عنهم.

بفضل التعاون بين الجميع، استطاع الأصدقاء فكَّ الشباك وتحرير الحمام. ورفرفن بأجنحتهنَّ في الغابة فرحات بتحررهن.

شكرت المطوقة السنجاب وأصدقاءه، وقالت بامتنان: لقد نجونا بفضل تعاونكم جميعًا. شكرًا لكم”.

ابتسم السنجاب وقال: “إن التعاون بيننا هو الذي ساعدنا على تحريركن بسرعة.”

وأضافت السلحفاة: “مهما اختلفت أشكالنا وأحجامنا، فإن باتحادنا نستطيع التغلب على أي خطر. فالنجاح لا يتحقق إلا بالتعاون”.

طار سرب الحمام في السماء، وهنّ يلوّحن بأجنحتهن مودعات أصدقائهم الأوفياء. ومنذ ذلك اليوم، ظلّ سكان الغابة يروون قصة الحمامة المطوقة وأصدقائها الذين علّموا الجميع أن التعاون هو أساس النجاح.

اقرأ أيضًا: قصة عن الكذب للأطفال: الراعي والذئب

تُعد قصة الحمامة وأصدقائها واحدة من أفضل قصص الأطفال التي تغرس القيم والأخلاق في نفوسهم، حيث تحمل بين طياتها العديد من المبادئ السامية، فهي قصة عن التعاون والعمل الجماعي.

تُعلّم الأطفال أهمية مساعدة الآخرين وعدم التفكير في أنفسهم فقط، وتؤكد أن أساس النجاح والتغلب على المخاطر يكمن في التعاون. كما تُبرز القصة درسًا مهمًا، وهو ألا نستهين بقدرات الآخرين مهما كان حجمهم أو شكلهم؛ فكما رأينا في قصتنا، رغم صغر حجم الفأر والسنجاب وبطء السلحفاة، إلا أنهم كانوا السبب في تحرير الحمامات من الشبكة.

اقرأ أيضًا: قصة قصيرة عن الصدق: ياسر والجرّة

الجندب والنملة – قصة قصيرة عن الإيثار للأطفال

نحن نعيش من أجل أنفسنا ولكننا نتعلّم المعنى الحقيقي للحياة عندما نؤُثر الآخرين، فالإيثار لا يعني أن نُعطي الأشياء الفائضة لدينا، بل أن نُعطي الأشخاص من حاجتنا ونؤثرهم على نفسنا، حتى وإنّ كنا بأمس الحاجة.

بهذه الحكمة نحكي لكم اليوم قصة النملة والجندب، صديقان يعيشان سويًا في الغابة ويتشاركان اللعب والمرح، ولكن ماذا سيحدث عندما يحلّ فصل الشتاء القارس؟ وهل يمكن للإيثار أن يُنقذ حياة أحدهما في وقت الشدة؟

هيا نقرأ معًا قصة النملة والجندب ونتعلّم منها درسًا مهمًا عن الإيثار والعطاء الحقيقي ونكتشف جمال هذه القيم وأهميتها في تحويل الحياة إلى عالم يملؤه الحب والرحمة.

قصة عن الإيثار للأطفال: الجندب والنملة

في قديم الزمان، عاشت نملة وجندب في غابة خضراء جميلة، مليئة بالأشجار العالية والزهور الملونة. عُرف الجندب بين حيوانات الغابة بحبّه للعب واللهو. فهو يعشق الغناء، ويقفز برشاقة بين الأزهار المختلفة، ويعزف ألحانه السعيدة، وينشر الفرح في كل مكان. لم يكن يفكّر إلا في اللعب، ولا يشغل باله سوى المرح واللهو.

أما النملة، فعلى عكس الجندب، تستيقظ مع الفجر وتعمل بجدّ دون كلل أو تعب. تجمع الحبوب وتخزنها بعناية في بيتها الصغير تحت الأرض. وتقضي نهارها تتنقل بين الأعشاب والبذور، باحثة عن الطعام الصالح لتخزينه. ولا تتوقف عن العمل أبدًا، مهما اشتدّ الحر أو هبّت الرياح، لأنها تعرف أن الشتاء قادم، ويجب أن تكون مستعدة.

في أحد أيام الصيف الحارّة، خرج الجندب يتنقّل بين الأعشاب حتى وصل إلى بيت النملة. طرق الجندب باب منزلها، قائلاً: مرحبًا يا صديقتي العزيزة، الجو حار اليوم، ما رأيك أن نذهب إلى البركة ونستمتع بمياهها المنعشة”.

ردّت النملة: لا أستطيع اللعب الآن، يجب أن أجمع الحبوب وأخزّنها استعدادًا لفصل الشتاء”.

ضحك الجندب، وقال بلا مبالاة: “مازال الصيف طويلاً والوقت مبكر، لا تكوني مملة يا صديقتي، هيا بنا نلعب قليلًا”.

ردّت عليه: “يجب أن أخزّن الطعام يا صديقي، لماذا لا تنضم إليّ وتساعدني في جمع الحبوب وبعدها يمكننا اللعب”.

صاح الجندب: “لا لا لا لا، الجو حار جدًا، سأذهب إلى الماء لأخفف هذا الحر”.

رحل كلٌ من الجندب والنملة إلى وجهته. توجّهت النملة إلى المرج الأخضر لجمع الحبوب الصالحة لتخزينها. كانت النملة تحمل الحبوب الثقيلة بتوازن على ظهرها، ثم تضع حبة القمح في مخزنها، ثم تعود مسرعة إلى الحقل مرة أخرى لجمع حبة جديدة. وتكرّر هذه الرحلة مرات ومرات، ذهابًا وإيابًا بلا كلل.

من جهة أخرى، وصل الجندب إلى البركة الزرقاء، فاستقبلته الحيوانات بترحيب وفرح. قفز في المياه الباردة، وقضى يومه في سعادة غامرة مع أصدقائه، يغني ويلعب، مستمتعًا بأشعة الشمس والمياه المنعشة.

في صباح يوم جديد، التقي الجندب بالنملة في المرج العشبي، لوّح لها وقال ساخرًا: “هل ستجمعين الحبوب اليوم أيضًا؟ ألا تملين من العمل كلّ يوم؟”

ردّت النملة بهدوء: “الشتاء القارص سيحل قريبًا، ولن يسمح لنا بالخروج للبحث عن الطعام، لذا يجب أن أعمل اليوم لأرتاح غدًا”.

لكن الجندب لم يهتم بكلام صديقته النملة، وقضى يومه في المرج العشبي يلعب ويغني ويرقص على الألحان التي يعزفها. وفي كل مرة يرى النملة تمر من أمامه، يلوّح لها ويناديها للعلب معه، يقول لها ضاحكًا: “كُفّي عن العمل! تعالي نغنِّ ونستمتع بالشمس الدافئة. لديكِ الكثير من الطعام الذي يكفيكِ طوال الصيف”.

كانت النملة تتجاهله وتواصل عملها بجد، وهي تردد في نفسها: “نحن بحاجة إلى الطعام لنعيش. الصيف سيمضي سريعًا، ويا ليت الجندب يفكر قليلًا في الغد”.

 ومع مرور الأيام، ازدادت سخرية الجندب من النملة كلما رآها تحمل الحبوب. وهو يقول في نفسه: “لماذا أقلق بشأن الغد؟ اليوم جميل، والطعام وفير في الغابة”.

مرّت الأسابيع، وانتهى فصل الصّيف، وأقبل الخريف برياحه الخفيفة وأوراقه المُتساقطة. لكن لم يتغيّر شيء في طباع الجندب والنملة. النملة تواصل جمع الطعام، والجندب لا يزال يعزف ويغنّي. كل يوم، تدعو النملة صديقها الجندب إلى جمع الطعام للاستعداد للشّتاء، لكنّه يرفض بكسل.

ثم حلّ فصل الشّتاء البارد. تساقطت الثلوج وغطّت الأرض والأشجار، وأصبح كلّ شيء أبيض. لم تعد هناك أوراق، ولا بذور، مما جعل البحث عن الطعام مستحيلاً. جلست النملة تتناول ما خزّنته من طعام، في بيتها الدّافئ. أما الجندب الكسول، فكان يرتجف من البرد، ويتنقّل بين الأغصان باحثًا عن حبة طعام، لكن دون جدوى.

في أحد الأيام الباردة، استيقظ الجندب من نومه وخرج من منزله باحثًا عن أيّ شيء يسد به جوعه، كان البرد قاسيًا وأوراق الشجر تتساقط، والرياح تعصف من حوله. حاول أن يبحث عن طعام بين الثلوج والأوراق المتساقطة، لكنّه لم يجد شيئًا. فجلس بجانب صخرة يرتجف من الجوع والبرد وضم جناحيه ليدفأ نفسه.

فجأة، تذكّر كلمات النملة، فقرّر زيارتها ليطلب منها بعض الطعام. وفي طريقه إلى بيت صديقته، وجدها أمامه وكأنّها تبحث عنه، وكانت تحمل فوق ظهرها حبّة سكر كبيرة. توقفت النملة عندما رأته في هذه الحالة، ونظرت إليه بحزن. وقالت: “جندب! ماذا بك؟ لماذا تبدو ضعيفًا وشاحبًا بهذا الشكل؟”

أجاب الجندب بصوت ضعيف: “البرد شديد وأنا جائع للغاية، ولم أجد طعامًا منذ يومين”.

صمتت النملة قليلاً، ثم قالت: “هذا ما حذّرتك منه يا صديقي، ولكنّك لم تستمع إليّ”.

ثم أضافت: “تعال معي إلى بيتي، لديّ الكثير من الطعام الذي يكفيني أنا وأنت. يمكنك أن تأكل وتستريح حتى تزول العاصفة.”

فتح الجندب عينيه بدهشة: “حقًا! هل ستُعطيني الطعام؟ لكنني لم أساعدك في جمعه أو تخزينه”.

ردّت النملة: “أعلم ذلك، ولكنك صديقي. والإيثار هو أن نتشارك مع نحب حتى وإن لم يُعطينا شيئًا في المقابل. وأنت صديقي”.

شعر الجندب بالخجل الشديد، وانتابته موجة من الندم على كسله وعدم إكتراثه. سار مع النملة بصمت مستندًا عليها، حتى وصلا إلى بيتها. فتحت النملة الباب، وساعدته على الجلوس بالقرب من موقد النار، ثم أحضرت له بطانية، وقدّمت له طبقًا شهيًا من الحبوب والماء الدافئ.

كان الجندب ممتنًا للغاية، ولم يجد كلمات تُعبّر عن شكره ولطف النملة معه. بعد أن تناول الطعام، وشعر بالدفء، همّ بالمغادرة، لكنّ النملة منعته من المغادرة وقالت بلطف: “اجلس هنا حتي تستعيد صحتك بالكامل وتنتهي العاصفة”.

مكث الجندب في بيت النملة عدة أيام، ينعم بدفئها وكرمها، ويستعيد صحته شيئًا فشيئًا. وذات يوم، قال الجندب بصدق: لقد تعلّمت درسًا قاسيًا لن أنساه أبدًا، وأعدك يا صديقتي العزيزة أنني سأساعدك بكل طاقتي في جمع الطعام في الصيف المقبل.”

ومع مرور الأيام، ازدادت الصداقة بين الجندب والنملة وصارت أقوي. وبعد انتهاء الشتاء وحلول الربيع، خرج الجندب مبكرًا من بيته حاملاً سلة كبيرة وتوجّه مباشرة إلى منزل النملة.

دق الجندب الباب، ففتحت له النملة، قال لها بحماس: “هيا يا صديقتي، لقد حان وقت العمل، لنجمع الحبوب معًا”.

فرحت النملة كثيرًا بتغير الجندب وخرجت معه لجمع الطعام. قضى الصديقان الأيام في جمع الطعام وهما يغنيان ويرقصان فرحين بالتّعاون والعمل المشترك.

لم ينسَ الجندب أبدًا ما فعلته النملة لأجله، وكيف آثرت نفسها ومنحته من طعامها، رغم تعبها الشّديد في جمعه. وأخبر جميع حيوانات الغابة عن أخلاق النملة وكيف علمته معنى الإيثار الحقيقي، وكيف غيرّت حياته إلى الأفضل.

ومنذ ذلك اليوم، انتشرت قصة النملة والجندب بين الحيوانات، وصارت النملة ترمز إلى الإيثار والكرم، وصار الجندب مثالًا للتّغير الإيجابي. وهكذا، عاشا الصديقين يتعاونان ويتكاتفان في كل الأوقات.

اقرأ أيضًا: قصة قصيرة حول تقبل الآخرين| الثعلب واللقلق

المغزى من قصتنا عن الإيثار

قصة النملة والجندب ليست مجرد قصة تُعلّمنا أهمية العمل فقط، بل تعلمنا أهمية الإيثار والمشاركة مع الآخرين. قصة جميلة تبرز أهمية الشعور بآلام الآخرين ومشاكلهم وكيف يمكن للرحمة والمحبة والإيثار أن تبني العلاقات وتقويها. كما تعلم الأطفال أن القوة الحقيقة ليست في امتلاكك لكل شيء، بل تكمن في قدرتك على العطاء بحب للآخرين.

دعونا نتعلم اليوم يا أطفال قيمة وأهمية الإيثار في حياتنا ونحرص على العمل به، لنبني مجتمعًا قائمًا على المحبة والتعاون.

اقرأ أيضًا: مالك الغاضب!| قصة قصيرة حول السيطرة على الغضب

المصدر

.The Ant and the Grasshopper

أفضل قصص قبل النوم: قصة الأميرة النائمة

ماذا لو أخبرتك أن قوة وطيبة قلبك قد تحقق لك ما تريده في حياتك؟ في قصتنا اليوم، نتعرف على قصة الأميرة النائمة، التي كانت ضحية لعنة سحرية استمرت لمئة عام. لعنة بدت كأن لا أمل في زوالها، ولكن ما لم يكن يتوقعه أحد هو أن يأتي أمير شجاع وطيب القلب يتمكّن من إبطال مفعول اللعنة.

قصة الأميرة النائمة

في قديم الزمان، في أرض سحرية، عاش ملك وملكة في إحدى الممالك الجميلة، ينعمان بحياة سعيدة يملؤها الحب والطبية، ويحلمان أن يُرزقا بطفل صغير يمنحهما السعادة والفرح ويُنير حياتهما. مرت سنوات طويلة من الانتظار والدعاء، وفي أحد الأيام، تحقق حلمهما، ورزقهما الله بأميرة جميلة جدًا، شعرها ذهبي كأشعة الشمس وعيناها زرقاوان كصفاء السماء.

فرحَ الملك بقدوم الأميرة الصغيرة وسمّاها أورورا. وقرر الملك أن يقيم حفلاً كبيرًا للاحتفال بهذه المناسبة السعيدة، ودعا جميع أهل المملكة من دون استثناء.

وهنا، في يوم الاحتفال، تبدأ أحداث قصة الأميرة النائمة.

هبة الجنيّات ولعنة الساحرة

احتفلت المملكة كلّها باليوم السعيد، بميلاد أميرتهم الصغيرة. وحضر الحفل جميع الملوك والأمراء من الممالك المجاورة، وكانت البهجة تملأ القلوب وزُين القصر بالزهور والأنوار. وكان من عادات المملكة أن يُقدّم كل فرد حضر الحفل هدية إلى المولود الجديد. لذلك، سمح الملك للناس برؤية ابنته الصغيرة وتقديم الهدايا إليها. ثم حضرت الجنيات الثلاثة في المملكة وأحضرت كلّ واحدة منهن هدية سحرية للأميرة الصغيرة.

اقتربت الجنية الأولى من المهد وقالت: “أمنحكِ أيتها الاميرة هبة الجمال، فلتكوني جميلة مشرقة لا يضاهي جمالك أحد.” ثم تقدّمت الجنية الثانية وقالت: “أما أنا يا أميرتي الصغيرة أمنحكِ هبة الصوت العذب، فليكن صوتك رقيقًا رنّانًا عذبًا كشدو العصافير.”

عندما اقتربت الجنية الثالثة من الأميرة، وقبل أن تتكلم، دوّى صوت قوي في قاعة الاحتفال. ظهرت ساحرة شريرة لم تُدعَ إلى الحفل. غضبت بشدة من تجاهلهم لها، فصرخت بغضبٍ شديد، وألقت لعنة على الأميرة الصغيرة.

قالت الساحرة الشريرة بصوت غاضب: “ستموت الأميرة في عيد ميلادها السادس عشر، ستلمس مغزلًا وتموت!”
ثم اختفت وسط دخان أسود كثيف، تاركة الجميع في القاعة في صدمة وذعر. شعر كل من حضر الحفل بالقلق والخوف الشديد على مستقبل أميرتهم الصغيرة.

عندها، صرخت الملكة والدموع تملأ عينيها: “لا يمكن أن يحدث هذا لابنتي!”. أمر الملك الجنود بمطاردة الساحرة، لكن دون جدوى، فقد اختفت الساحرة في لمح البصر، كأنها لم تكن موجودة أصلًا.

اقتربت إحدى الجنيات الطيبات من الملكة وقالت بهدوء: “لا تقلقي يا مولاتي، ما زال هناك هدية الجنية الثالثة.”

اقتربت الجنية الثالثة من مهد الأميرة، وحرّكت عصاها السحرية وهي تقول: “أميرتي الجميلة، إن كان قدرُكِ أن تلمسي مغزلًا في عيد ميلادك السادس عشر. فهبتي لكِ هي ألّا تموتي بل ستغرقين في نومٍ عميق، وتستيقظين بقبلةٍ صادقة من قلبٍ مُحب فيزول السحر”.

هدأ القصر قليلًا، لكن ظل القلق يحوم حول الملك والملكة. وفي اليوم التالي، أمر الملك بحرق جميع المغازل الموجودة في الممكلة حفاظًا على حياة الأميرة. وبالفعل، خرج الجنود إلى كل مكان، وجمعوا المغازل من البيوت والمحلات، وحرقوها، حتى لم يتبقَ مغزلٌ واحد في المملكة. فعلوا ما بوسعهم، لكن في أعماقهم، لا يزال الخوف يسكن قلوبهم.

تحقق اللعنة

ومرّت السنوات، وكبُرت الأميرة أورورا وازدات جمالًا يومًا بعد يوم. وأحبّها جميع من في المملكة بسبب طيبتها وتواضعها وتعاملها الحسن معهم. كانت جميلة قلبًا وقالبًا، تضحك مع الجميع، وتعلب مع الأطفال، وتنشر الفرح أينما ذهبت.

وفي عيد ميلادها السادس عشر، شعر الملك والملكة بخوفٍ شديد من أن يتحقق ما تنبأت به الساحرة الشريرة. لذلك، قرّر الملك أن يُقيم احتفال عيد ميلادها داخل القصر لحمايتها. كما أمر الجنيات بمراقبة ورعاية الأميرة أورورا في الجناح الملكي طوال اليوم.

وفي ذلك اليوم، بينما كانت الأميرة تلهو وتتجول في أروقة القصر، سمعت صوتًا غريبًا يناديها من أعلى البرج.
دفعها فضولها لتتبع الصوت، فوجدت بابًا قديمًا لم تره من قبل، ففتحته وصعدت درجات سلّم يؤدي إلى غرفة صغيرة في أعلى البرج.

عندما فتحت الأميرة باب الغرفة، رأت امرأة عجوز تجلس أمام مغزل وتغزل الصوف لصنع عروسة صغيرة. تعجبت الأميرة من شكل الآلة، فهي لم ترَ مثلها من قبل.

اقتربت من العجوز وقالت بلطف: “مرحبًا سيدتي، ما هذا الشيء؟ لم أرّه من قبل.”

قالت العجوز بصوت ناعم: “تعالي يا عزيزتي، إنه مغزل، ما رأيك أن تجرّبيها بنفسك”.

مدّت الأميرة أورورا يدها بحذر، وما أن لمست المغزل، حتى وخز سنّه الحاد إصبعها. فسقطت على الأرض في الحال، وغرقت في نومٍ عميق.

بعد فترة، لاحظ الملك غياب ابنته، فشعر بالقلق، وأمر جميع الحرّاس والخدم بالبحث عنها في أنحاء القصر. وبعد بحث طويل، وجدها أحد الحراس نائمة على أرض الغرفة، بلا حراك. فحملها بسرعة، ووضعها في غرفتها، ثم نادى الملك والملكة.

أمر الملك باستدعاء أمهر أطباء المملكة، على أمل أن يتمكّن أحدهم من إيقاظ الأميرة من نومها العميق. ولكن باءت جميع المحاولات بالفشل، فالأميرة لم تستيقظ.

أصيب الملك والملكة بحزن شديد، وحضرت الجنيّات الثلاث على عجل إلى القصر، فوجدن الملك وحاشيته في حالة ذعر وحزن لا مثيل لها.

طلبت إحدى الجنيات أن يتمّ نقل الأميرة إلى غرفة خاصّة، وإعداد مكان نومها جيّدًا، ثم حرّكت عصاها السحرية وهي تقول:

“ستنام الأميرة لمئة عام، ومن المحزن أن تستيقظ فلا تجد عائلتها وأحبابها معها، لذا… فلتناموا جميعًا، ولتغرقوا في سبات عميق حتى تستيقظ الأميرة…”

وما إن تمتمت بتلك الكلمات، حتّى غطّ الجميع في النوم، كلّ على حاله…نام الملك على كرسيّ العرش، وغرقت الملكة في النوم وهي في غرفتها، وكذلك الحرس والطهاة والعاملون والعاملات، غرقوا جميعًا في النوم.

خرجت بعدها الجنية إلى حديقة القصة، وحرّكت عصاها مرّة أخرى، فنبتت من الأرض أشجار عملاقة ونباتات التوت ولفّت القصر بأكمله، لتحميه من دخول الغرباء وإزعاج الأميرة وحاشيتها في سباتهم.

انكسار اللعنة

مرّت العديد من السنوات، وما زالت الأميرة النائمة أورورا غارقة في سباتها العميق، محاطة بحراسة الجنيات. وفي أحد الأيام، مرّ أمير من إحدى الممالك المجاورة يتجول في الغابة. كان الأمير الشاب فضوليًا ويهوى استكشاف الأماكن الجديدة برفقة حرّاسه.

وبينما هو يتجوّل بين أجمات الأشجار، لاحظ فجأة القصر الغامض محاطًا بالأشجار والنباتات المتسلّقة، وسأل حرّاسه عن حكايته، فأخبره أحدهم قائلاً:

“إنّه قصر ملعون، يقال أنّه مليئ بالساحرات والجنيّات، ومن يقترب منه ستصيبه لعنة مميتة لا مجال للنجاة منها!”

فأردف آخر:

“إنّه قصر الأميرة النائمة، لقد سمعت أنّ أميرة فائقة الحسن والجمال تعيش فيه، ويقال أنّها أميرة وقعت عليها لعنة شريرة، فأغرقتها في نوم عميق لمئة عام.”

ازداد فضول الأمير حين سمع قصّة الأميرة النائمة وقرّر أن يستكشف حقيقة الأمر بنفسه. فاندفع نحو القصر على صهوة حصانه، وعبثًا حاول جنوده ثنيه عن ذلك، فلم يستطيعوا إقناعه بالعدول عن قراره.

وما إن اقترب الأمير من مدخل القصر المحاط بالنباتات والأشجار، حتّى بدأت هذه النباتات تتباعد وتتحرّك متيحة له المجال للمرور كما لو أنّها ترحّب به، وبمجرد أن سار من بينها حتى عاودت الانغلاق، مانعة بقية الجنود من التقدّم.

استغرب الأمير ما يحدث معه، ولكنّه واصل المسير على صهوة حصانه، متوغّلاً في حدائق القصر وجنائنه، وكما كان الحال في البداية، استمرّ على ذات المنوال، كانت النباتات والأشواك تتباعد كلّما اقترب، وتنغلق مجدّدًا بعد مروره.

استمرّ مسير الأمير لساعات في قلب حدائق القصير المهجور الغريب، إلى أنّ وصل أخيرًا إلى مدخل المبنى، ووجد عنده اثنان من الحرّاس يغطّان في نومٍ عميق وهما واقفان يحملان رماحهما. فازداد عجبه واستغرابه ممّا يحصل، ودخل إلى القصر، ليجد ما هو أعجب وأغرب… كان القصر مليئًا بالخدم والحاشية، والحيوانات الأليفة، والكلّ كان يغطّ في النوم، القطط والكلاب والعصافير كانت نائمة، وكذلك الطهاة، نائمون وهم يحرّكون طعامهم، والعاملات نائمات وهنّ يغسلن الثياب أو يرتبّن الأثاث!

أخيرًا وصل الأمير إلى غرفة الأميرة النائمة، وكانت مغلقة هي الأخرى، ففتحها وتقدّم بخطوات متردّدة نحو السرير، وهناك…وقعت عيناه على أجمل فتاة رآها في الكون… كانت الأميرة تغطّ في نوم عميق، شعرها الناعم الأشقر منسدل على كتفيها وبين يديها وردة حمراء تماثل في حمرتها شفتيها وخدّيها.

وقع الأمير في حبّ أورورا من النظرة الأولى، ودنا منها، وطبع على جبينها قبلة خفيفة. وحدث حينها ما لم يكن يتوقّعه أحد. بدأت الأمير تتحرّك، وفتحت عينيها تدريجيًا… لقد انكسرت اللعنة بعد مئة عام من وقوعها، وأنقذ حبّ الأمير النقي الأميرة من سباتها العميق الأبدي.

النهاية السعيدة

استغربت الأميرة ممّا يحدث وسألت:

“من أنت؟ وماذا تفعل هنا؟ ما الذي حصل لي؟”

شرح لها الأمير من يكون، وكيف عثر على القصر واكتشف وجوده، وكيف دخل إليه ووصل إليها. وعرّفها بنفسه، وعبّر لها عن إعجابه بها. أمّا الأميرة، فقد مال قلبها إلى الأمير، وأعجبت بحسن أخلاقه، وشجاعته وطيبة قلبه.

وبينما هما يتحادثان، بدأت الحياة تدبّ من جديد في القصر…استيقظ الخدم والجنود والعمال من نومهم الطويل، وأفاقت الحيوانات من سباتها، وكذلك الملك والملكة، حيث هرعا على الفور نحو غرفة ابنتهما بمجرّد ان استيقظا، فوجداها جالسة في سريرها تحادث الأمير، وتتبادل وإياه أطراف الحديث.

فرح الأبوان بعودة ابنتهما إليهما سالمة، وشكرا الأمير الشجاع لأنه أنقذهم جميعًا من هذه اللعنة الشريرة. واستأذن الأمير أن ترافقه أورورا إلى مملكته، لتكون زوجته وشريكة حياته، وملكة مملكته مستقبلاً، فوافق الملك والملكة على الفور، وباركا هذا الزواج. وابتهجت المملكة بالفرح وبالزفاف القريب.

وهكذا عاد الفرح والسرور إلى المملكة، وعاش الجميع بسعادة وهناء.

اقرأ أيضًا: قصص أميرات للبنات: قصة سندريلا

في نهاية قصتنا، نتعلم منها أن الحسد والكره من أبغض الصفات التي يجب أن تبعد عنها ليس لأنها تسبب الأذى فقط لمن حولك بل لك أيضًا. كما نتعلم أيضًا أن الحياة مليئة بالمخاطر والتحديات، لكن الإصرار على تحقيق الهدف هو الطريق الوحيد لتجاوز هذه الصعاب. النجاح لا يأتي بسهولة، بل يتطلب إصرار وعزيمة. مثلما فعل الأمير في قصة الأميرة النائمة، الذي لم ييأس من محاولاته رغم الفشل، واستمر في السعي ليحقق هدفه. وتذكر دائمًا، إذا أردت أن تكون شخصًا مميزًا، تذكر أن تتعامل بطيبة وتواضع مع الآخرين.

اقرأ المزيد من قصص الأميرات.

اقرأ المزيد من قصص الأطفال ذات العبرة.

أفضل قصص الأميرات: رابونزل والأمير الشجاع

في قديم الزمان، عاشت فتاة جميلة تمتلك شعرًا ذهبيًا جميلاً وقدرة سحرية مذهلة في برج عالٍ وبعيد عن أهل المملكة بأكملها. لم تعرف الفتاة شيئًا عن الحياة خارج البرج، وفي يوم من الأيام تغيرت حياتها عندما تعرفت على أمير وسيم. ومن هنا تبدأ قصتنا عن رابونزل الفتاة الجميلة ذات الشعر السحري الذهبي.

ولادة رابونزل

في مملكة جميلة تقع على ضفاف النهر، عاش ملك وملكة لطيفان عادلان. وفي أحد الأيام، أعلن الملك قدوم أميرة، فابتهج الجميع وزُينت الشوارع احتفالًا بالخبر السعيد. لكن في الأشهر الأخيرة من الحمل، مرضت الملكة مرضًا شديدًا. شعر الملك بالحزن، لكنه لم يفقد الأمل، وأمر جنوده بالبحث عن زهرةٍ سحرية كانت الأسطورة تقول إنها قادرة على شفاء أي مرض.

بحث الجنود كثيرًا عن الزهرة. وبعد بحث طويل، وجدها أحد الحرّاس مخبأة تحت غطاء بين الأشجار، فاقتلعها من جذورها وقدّمها للملك، دون أن يدرك إحدى قدرات الزهرة السحرية المخفية. لم يكن أحد يعلّم أن الساحرة العجوز كانت تخفيها لتستخدمها في الحفاظ على شبابها.

شربت الملكة مستخلص الزهرة فتعافت في الحال، وولدت طفلة جميلة ذات شهر ذهبي لامع، وأطلقوا عليها اسم “رابونزل”. كانت الفتاة مميزة بجمالها وشعرها، لكن ما لم يكن أحد يعرفه، أن قوة الزهرة السحرية قد انتقلت إلى شعرها. راقبت الساحرة غوثل كل ما يحدث، وعندما علمت بأن الزهرة استُخدمت لشفاء الملكة وأن قوتها أصبحت في شعر الطفلة، اشتعل الغضب في قلبها. وقررت اقتحام القصر.

اختطاف رابونزل

وفي إحدى الليالي، تسللت الساحرة غوثل إلى القصر، وقصّت خصلة من شعر رابونزل، لكن ما إن قصتها حتى تحوّل لونها إلى البني واختفت قوتها. هنا، أدركت أن السحر لا يعمل إذا تم قص الشعر. عندها، عزمت العجوز على اختطافها. وقامت باخفائها في برج عالٍ في أعماق الغابة، لمنع أي شخص من العثور عليها. لم يكن للبرج أبواب أو سلالم، بل نافذةٌ واحدةٌ فقط في الأعلى.

كانت الساحرة غوثل تزور رابونزل بين الحين والآخر، فتقف أسفل البرج وتنادي: “رابونزل، أنزلي شعركِ”. فتُلقي شعرها الذهبي الطويل من النافذة، لتتسلّق عليه وتصل إلى أعلى البرج.

اقرأ أيضًا: قصص من أعماق البحار: حورية البحر الصغيرة

مرّت السنوات، وكبرت رابونزل في البرج، ولم تكن تعرف شيئًا عن العالم الحقيقي، ولم ترَ أحدًا سوى “غوثل”، التي أقنعتها بأنها والدتها، وأن البشر في الخارج مخيفون وسيئون. لذلك، لم تخرج الأميرة أبدًا من البرج، وقضت أيامها في الرسم، والقراءة، والغناء. ولم تمتلك أصدقاء سوى حيوانات الغابة التي تزورها باستمرار، مثل: الأرنب والعصفور والسنجاب.

زيارة الأمير

في أحد الأيام، زار المملكة أمير قادم من بلاد مجاورة، وبينما كان يتجوّل في أنحاء المملكة سمع إشاعة متداولة بين أهل المملكة، حول الأميرة الجميلة التي اختفطتها ساحرة شريرة عند ولادتها. والتي لم يعرف عنها أحد شيئًا منذ ذلك اليوم. انتاب الفضزل الأمير الشجاع، وقرّر أن يبحث عن الأميرة وينقذها، فانطلق على حصانه الأبيض نحو الغابة. وبعد بحثٍ طويل بين الأشجار، سمع صوت غناءٍ عذبٍ يأتي من بعيد. جذب جمال الصوت ونقائه انتباهه، فقرر تتبّعه لمعرفة مصدره.

تتبع الأمير الصوت حتى وصل إلى برجٍ عالٍ بين الأشجار. قال الأمير وهو ينظر حول قاعدة البرج: “هذا غريب! لا يوجد باب للدخول. ومع ذلك، هناك صوت غناء يأتي من أعلى البرج. كيف تدخل هذه الفتاة أو تخرج؟”

سحره الغناء، ووجد نفسه يعود إلى البرج كل يوم، يستمع للصوت الجميل ويتساءل: “من صاحبة هذا الصوت العذب؟ ولماذا تبقى وحدها في هذا البرج البعيد؟”

وفي أحد الأيام، بينما يقف الأمير كعادته بجانب البرج يستمع للغناء، رأى امرأة عجوزًا تقترب من البرج. فاختبأ بين الأشجار يراقبها لعله يعرف سرّ هذا البرج الغريب.

اقتربت العجوز من أسفل البرج، ونادت بصوت مرتفع: “رابونزل، أنزلي شعرك”. فوجئ الأمير عندما رأى فتاة تطل من النافذة وتلقي شعرها الذهبي الطويل. لقد كان شعرها طويلًا جدًا حتى لامس الأرض. تشبثت العجوز بالشعر وصعدت به إلى أعلى البرج. همس الأمير لنفسه: “آه! هذا هو السر”.

انتظر الأمير حتى نزلت العجوز وغادرت المكان واختفى أثرها تمامًا، ثم اقترب من البرج، وقلّد صوتها قائلًا:
“رابونزل، أنزلي شعرك”.

وما هي إلاّ لحظات، حتّى تدلّى الشعر الذهبي مرة أخرى من النافذة. تسلّق الأمير جدار البرج مستعينًا بشعر رابونزل حتى وصل إلى النافذة. انبَهرت رابونزل عندما رأت الأمير، وازدات حماسًا، فهي لم يسبق لها أن تحدّثت أو رأت شخصًا آخر من قبل سوى الساحرة. كان الأمير وسيمًا ولطيفًا. شعرت بفرحةٍ غامرة وخوف في آن واحد، قالت بخوف: “من أنت؟”.

قدّم الأمير نفسه وقال بلُطف: “لا تقلقي، أنا صديق”.

نظرت إليه بتردّد وقالت: “لكنني لا أعرفك، فكيف تكون صديقي؟”

قال الأمير مبتسمًا: “أنا أعرفك، فقد كنت أسمع غناءك كلّ يوم. صوتك جميل جدًّا”. ثم سألها: “ماذا تفعلين هنا؟”

أجابت: “أنا أعيش في هذا البرج منذ زمن”. ثم قصّت عليه قصتها وشعرها السحري الذي يمتلك قدرة على شفاء أي مرض وعن أمها التي أجبرتها على البقاء في البرج لأن العالم مكان سيء وتحذيرها من طمع البشر في قوتها.

تعجّب الأمير، وقال: “لكن العالم ليس بهذا السوء”. وأخبرها عن الزهور والحدائق، والألعاب، والفواكه المختلفة، والملك والملكة في المملكة المجاورة له.

اقرأ أيضًا: حكايات عالمية: أشهر القصص من حول العالم

ضحكت رابونزل وهي تستمع لقصص الأمير، وتبادلا الحديث والقصص، حتى أصبحا صديقين مقرّبين. مرّت ساعات طويلة وهما يتحدثان معًا. ثم قالت له: “يجب أن تذهب الآن، أخشى أن تعود الساحرة في أي لحظة”.

قال: “حسنًا، لكنني سأعود غدًا”. ثم ألقت رابانزل شعرها من النافذة، ونزل الأمير من البرج.

رابونزل تكتشف العالم

في اليوم التالي، عاد الأمير ونادى عليها ، فتدلّى شعرها وصعد مجددًا إلى غرفتها. وقال: “لديّ مفاجأة صغيرة لك”. كانت مليئة بالفراولة الطازجة.

بينما تناولت رابونزل الفراولة، فكّرت فيما كانت تقوله لها الساحرة، وشعرت أنها قد تكون مخطئة. ثم قالت للأمير: “يجب أن أخرج من هذا البرج! ولكن كيف؟”

قال الأمير: “حسنًا، لنفكّر في خطة جديدة تُخرجك من هذا السجن.”

وبعد لحظات من التفكير، وبينما نظرت إلى قطعة الحرير التي أحضرها الأمير، خطرت لها فكرة وقالت: “هل تستطيع إحضار قطعة من الحرير في كل مرة تزورني فيها؟ أستطيع أن أَصنَعَ سُلّمًا من الحرير وأُخفيه عن أعين الساحرة. وعندما يصبح السُّلّم طويلاً بما يكفي، سأنزل من البرج”.

تطلّعت رابونزل إلى زياراته أكثر فأكثر. فقد كان الحديث معه أجمل ما في يومها. أما الأمير، فوقع في حبها. وفي كل زيارة، يُحضِر الأمير قطعةً من الحرير كما أخبرته، وتنسجها معًا حتى يكتمل السُّلّم وتتمكّن من الهروب.

في عيد ميلادها الثامن عشر، تحدَّثت إلى الساحرة وطلبت منها الخروج من البرج لتحتفل بعيد ميلادها. ولكن، كالمعتاد رفضت الساحرة طلبها، وقالت: “لقد تحدّثنا في هذا الأمر من قبل. لقد سئمتُ من هذا الحديث، لن تخرُجي من القصر أبدًا”.

غضبت رابونزل وقالت: “سأخرجُ مهما حدث”.

ومن شدّة غضبها، لَمَّحت لها عن الأمير. صُدمت الساحرة، وقالت: “ماذا تقولين، من كان معكِ هنا؟”.

قالت: ” لا أحد، لم أرَ أي شخصٍ غيركِ”.

لم تُصدّقها الساحرة، وبحثت في أرجاء الغرفة، حتى وجدت السلّم مخبأ في أحد الأدراج. وقالت بغضب: “ما هذا؟ من الذي أحضره لكِ”.

ردّت رابونزل: “لقد تعرّفتُ على أمير، وأحضر لي الحرير وصنعتُ السلّم”.

صرخت الساحرة :”لن تري هذا الأمير مرةً أخرى”.

اِستشاطت الساحرة غضبًا، ثم أحضرت سكِّينًا وقطعت الحرير، وربطت رابونزل بحبل. كانت الساحرة تعلم أنَّ الأمير سيأتي، فقررت أن تنتظره للانتقام منه.

وفي المساء، عندما وصل الأمير إلى البرج، ونادى على رابونزل، فأنزلت الساحرة شعرها. وعندما صعد، فوجِئ برؤية الساحرة ورابونزل مُقيّدة بحبل.

واجه الأمير الساحرة، وعلى حين غفلة منها، أمسك السكّين وقصّ شعر رابونزل وقال: “لن أدعك تستغلّين قدرتها”.

اشتعلت الساحرة غضبًا، لأنها خسرت المصدر الوحيد الذي يمنحها الشباب، وصرخت: “ماذا فعلتَ؟ سأنتقم منك ولن أدعك تراها مرةً أخرى”.

ثم دفعت الأمير من نافذة البرج، فسقط من أعلى البرج، ولكن لحسن الحظ، لم يفقد حياته، وتعرّض لجروح وكسور فقط.

تمالك الأمير نفسه واستجمع شجاعته، وعاد على الفور إلى مملكته، فجمع جيشًا كبيرًا، وعاد مجدّدًا إلى البرج حيث رابونزل، فهاجم جنوده الساحرة الشريرة وتمكّنوا من التغلب عليها. وهكذا تحرّرت رابونزل من أسرها. ووضّح لها الأمير حينها أنّ الساحرة الشريرة لم تكن أمها، وإنما ساحرة اختطفتها من والديها الملك والملكة.

فرحت رابونزل كثيرًا لذلك، وتمكّنت أخيرًا من الالتقاء بوالديها، حاكمي المملكة، واللذان فرحا بعوجة طفلتهما إليهما. وبعدها بأيام تقدّم الأمير طالبًا يد رابونزل للزواج، فوافقت على الفور، وأقيم حفل زفاف عظيم احتفل فيه جميع سكان المملكتين. وهكذا عاش الأمير ورابونزل بسعادة وهناء إلى الأبد.

اقرأ أيضًا: قصة قصيرة للأطفال عن أهمية إدارة الوقت

اقرأ المزيد من القصص القصيرة الممتعة.

Exit mobile version