
قصّة اليوم عن النبي إدريس عليه السلام. وهو ثالث الأنبياء الذين بعثهم الله تعالى لدعوة الناس وهدايتهم إلى الإيمان. فلنقرأها معًا، ولنتعلّم منها العبرة والفائدة.
نسب إدريس عليه السلام ونشأته
منذ أن نزل آدم عليه السلام إلى الأرض، بدأت ذريته تكبر وتنتشر، وصار للناس بيوت وقرى وأعمال، فصار فيهم من يعبد الله ويشكره ويذكره في كل حين، وفيهم من يغفل عن ذكره وينشغل بالدنيا ونعيمها.
ومن نسل آدم، وبالتحديد من ذرية ابنه شيث، وُلد غلام مبارك اسمه إدريس، وقد كان يُسمّى في بعض الكتب القديمة أخنوخ، وهو جَدٌّ من أجداد النبي نوح عليه السلام، أي أنه عاش قبل زمن الطوفان بسنوات طويلة.
كان النبيّ إدريس الحفيد الخامس للنبي “شيث” وهو ثاني الأنبياء بعد آدم عليه السلام. ولأن الناس كانوا يعيشون لسنوات طويلة جدًّا في ذلك الزمن، فقد التقى النبي إدريس عليه السلام بآدم وعاصره.

النبيّ إدريس المعلم
لم يكن إدريس نبيًا يذكّر الناس فقط بعبادة الله، بل كان أيضًا معلّمًا لهم في حياتهم اليومية؛ فقد علّمه الله أشياء لم يعرفها الناس من قبل، وجعله سببًا في نشر العلم بينهم.
كان أول ما عُرف به أنه أول من خطّ بالقلم، فلم يكن أحد في ذلك الزمان يعرف الكتابة، وكان الناس يحفظون الأخبار في صدورهم؛ فإذا مات رجل، ضاع ما عنده من علم، لكن الله علّم إدريس كيف يكتب الحروف والكلمات، وكيف يرسمها على ألواح من الخشب أو الجلد.
بدأ الناس يتعلمون الكتابة شيئًا فشيئًا، حتى صارت عادة بينهم، وهكذا كان إدريس أول من نشر نور الكتابة، وجعل العلم محفوظًا لا يضيع.
ولم يتوقف عند الكتابة فقط، فقد كان إدريس أيضًا أول من علّم الناس الخياطة، فقد كان الناس يلبسون جلود الحيوانات كما هي، ثقيلة وخشنة، لكن إدريس أراهم كيف يغزلون الخيوط من الصوف والكتان، وكيف يخيطونها معًا حتى تصبح ثوبًا مريحًا يستر أجسادهم.
وتروي الكتب أن أول من لبس الثوب المَخِيط كان إدريس نفسه، وعندما رآه الناس بثوبه الجديد، فرحوا وقلّدوه… صاروا يحضرون الصوف والكتان، ويغزلون الخيوط، ويخيطونها كما علّمهم، حتى أصبح عندهم لباس جميل وأنيق، بدل الجلود الثقيلة. هكذا صار إدريس نبيًّا ومعلّمًا في الوقت نفسه، كان يعلّمهم دينهم ليعبدوا الله، ويعلّمهم ما ينفعهم في دنياهم ليعيشوا براحة… أحبّ الناس نبيهم أكثر، لأنهم وجدوا عنده الدين والعلم والعمل معًا.

إدريس عليه السلام والعبادة
عاش إدريس عليه السلام يعلّم الناس أركان الشريعة، ويحثّهم على عبادة الله تعالى وطاعته. وقد أقام سيدنا إدريس عليه السلام ومن معه في مصر وكانت مدة إقامته في الأرض اثنتين ووثمانين سنة.
وفي يوم من الأيام، أكرم الله إدريس تكريمًا عظيمًا، لم ينله أحد من قومه؛ فقد رفعه إلى مكان عالٍ، مكان لا يصل إليه الناس العاديون، وهذا يعني أن الله أعطاه منزلة رفيعة، وجعله في مقام كريم عنده.
وقد روي أن النبيَّ محمدًا صلى الله عليه وسلم، حين عُرج به إلى السماء في رحلة الإسراء والمعراج، رأى إدريس في السماء الرابعة، وهذا يدل على أن إدريس في مكانة عالية بين الأنبياء.
اقرأ أيضًا: قصّة النبي آدم عليه السلام.
العبرة
بعد أن رفع الله إدريس إلى السماء الرابعة، عاد مجدّدًا إلى الأرض، وعاش فيها حتّى انتهت أيامه في الدنيا، وتوفّاه الله لكن أثره لم ينتهِ قطُّ، لقد ترك وراءه علمًا عظيمًا نافعًا، إذ علّم قومه الكتابة فحُفظ العلم بعده، وعلّمهم الخياطة فصاروا يلبسون ثيابًا جميلة مريحة، وكان أوّل من اهتدى بالنجوم في السماء ليعرف طريقه أثناء السفر.
قصة إدريس قصة بسيطة، لكنها تذكّرنا أن الإنسان إذا عاش صادقًا، وصبر على الخير، وسعى لنفع الناس، فإن الله لا يضيّع تعبه، بل يرفع مكانته.
يا أحبتي الصغار، إذا أردتم أن تنالوا الأجز العظيم والمكانة الرفيعة عند الله، فكونوا صادقين في كلامكم وأفعالكم، اصبروا على طاعة الله، وابحثوا دائمًا عن العلم الذي ينفعكم وينفع الناس من حولكم.
وهكذا، تبقى قصة إدريس عليه السلام من أجمل قصص الأنبياء التي تضيء قلوبنا وتزرع فيها حب الطاعة والصدق، وتعلّمنا أن الله يحب عباده الصالحين، ويرفعهم درجات إذا أطاعوه وثبتوا على الحق.
تصفّح المزيد من القصص الدينية المفيدة للأطفال على حدّوتة
اقرأ أيضًا: قصص أطفال قبل النوم
