ماذا يوجد خارج كوكب الأرض؟! | قصة تعليمية عن كواكب المجموعة الشمسية

في إحدى الليالي الصافية، جلس الطفل سامر ينظر من نافذة غرفته إلى السماء المرصّعة بالنجوم، كانت النجوم تلمع كأنها عيون صغيرة تراقبه من بعيد. سأل سامر نفسه: “تُرى، ماذا يوجد خارج كوكب الأرض؟ هل هناك أطفال مثلنا يعيشون هناك؟”

دخلت أخته ليلى الغرفة، ورأت سامر شارد الذهن. قالت بابتسامة: “تتأمل السماء من جديد؟”

هزّ رأسه قائلاً: “أريد أن أعرف عن الكواكب. أريد أن أزورها بنفسي!”

ضحكت ليلى وقالت: “يمكن أن نحلم برحلة معاً. ربما في الحلم نمتلك مركبة فضائية سريعة!”

أغمضا أعينهما، وفجأة وجدا نفسيهما داخل مركبة لامعة بأزرار مضيئة، ظهر أمامهما روبوت صغير اسمه “نوفو”، وقال بصوت لطيف: “مرحباً أيها المغامران! أنا دليلكما إلى كواكب المجموعة الشمسية. هل أنتما مستعدّان للرحلة؟”

صاح الطفلان بحماس: “جاهزان!”

بدأت المركبة تهتز وانطلقت بسرعة كبيرة، إلى أن تجاوزت الغلاف الجوي للأرض. شاهد الطفلان كوكبنا الأزرق يبتعد شيئاً فشيئاً، حتى بدا مثل كرة صغيرة تسبح في الظلام!

قال سامر بدهشة: “يا إلهي! لم أتصوّر أن الأرض تبدو هكذا من الفضاء!”

ابتسم نوفو وقال: “هذه مجرد بداية. هيا نكتشف ماذا يوجد خارج كوكب الأرض!”

ثم أضاف: “رحلتنا اليوم ستكون لزيارة كواكب المجموعة الشمسية القريبة، ستتعلّمان الكثير عن هذه الكواكب”

الكوكب الأحمر

قال نوفو: “أول محطة ستكون كوكب المريخ.”

اقتربت المركبة من كوكب أحمر اللون، يحيط به الغبار والعواصف. كانت الجبال هناك شاهقة، وأكبر بركان في النظام الشمسي يقف شامخًا وكأنه قلعة ضخمة.

هتفت ليلى: “إنه يبدو مخيفاً قليلاً!”

أجابها نوفو: “لكن العلماء يحبون المريخ كثيراً، فهم يظنون أنه قد يكون صالحًا للعيش في المستقبل. هناك جليد تحت سطحه، وربما ماء أيضاً.”

هبطت المركبة برفق، ونزل الصغيران يرتديان بدلات فضائية صغيرة. أخذ سامر حفنة من التراب الأحمر وقال: “كم هو مختلف عن تراب الأرض!”

ضحك نوفو وقال: “ولهذا يسمّونه الكوكب الأحمر.”

بينما كان الثلاثة يتجولون، ظهرت أمامهم آثار قديمة تشبه الأنهار اليابسة. قالت ليلى: “هل كانت هناك حياة هنا؟”

رد نوفو: “لا نعرف بعد، لكن العلماء يبحثون دائماً عن أدلة.”

سمع الأطفال صوت صفير، وفجأة بدأت عاصفة ترابية تقترب. أسرعوا عائدين إلى المركبة، وأُغلقت الأبواب بإحكام.

قال سامر وهو يلهث: “يا لها من مغامرة! المريخ جميل، لكنه مليء بالمفاجآت.”

ابتسم نوفو: “هيا نكمل رحلتنا، فما زال أمامنا العديد من الكواكب الأخرى لاكتشافها!”

ثم أضاف مبتسمًا: “تخيلوا لو كان لدينا بيوت زجاجية كبيرة هنا، يمكننا أن نزرع فيها البطاطا والطماطم ونعيش كروّاد فضاء حقيقيين!” ضحك الطفلان بحماس، وراحا يتخيّلان مزرعة خضراء وسط الصحراء الحمراء.

العملاق الغازي

قال نوفو: “تمسكّا جيداً، نحن الآن في طريقنا إلى كوكب آخر من كواكب المجموعة الشمسية، المشتري!”

بدأ الكوكب يقترب، وكان ضخماً جدّاً حتى بدت المركبة كذرة صغيرة بجانبه! لفتت انتباه الأطفال بقعة حمراء هائلة تدور في الكوكب.

قال سامر بدهشة: “ما هذه البقعة الكبيرة؟”

أجاب نوفو: “هذه عاصفة عملاقة تدور منذ مئات السنين، أكبر من حجم الأرض نفسها!”

اقتربوا أكثر، فرأوا أقمارًا كثيرة تدور حول المشتري. أشار نوفو إلى أحدها وقال: “هذا قمر أوروبا، يعتقد العلماء أن تحته محيطًا ضخمًا قد يحتوي على حياة.”

قالت ليلى: “تخيّل لو وجدنا أسماكاً فضائية هناك!” وضحكوا جميعًا.

لكن المشتري لم يكن مكاناً يمكنهم الهبوط فيه، لأنه كوكب غازي، ولا سطح صلب يهبطون عليه. اكتفى الأطفال بمشاهدة ألوانه الزاهية تدور وتتماوج كأنها لوحة فنية ضخمة.

قال نوفو: “المشتري هو الحامي لكواكب المجموعة الشمسية، فجاذبيته القوية تجذب الكثير من الصخور والمذنبات وتحمي الأرض من الاصطدامات والنيازك.”

شعر الأطفال بالفخر وقالوا: “إذن علينا أن نشكره!”

ابتسم نوفو: “هيا نكمل رحلتنا نحو الكوكب التالي!”

ثم همس: “لولا المشتري لما كانت الأرض آمنة كما هي الآن. إنّه صديقنا الضخم، وحامينا الكبير على الرغم أنه لا يملك سطحًا صلبًا كالأرض.”

حلقات ساحرة

قال نوفو بحماس: “الآن ستشاهدون أجمل كواكب المجموعة الشمسية، زُحَل!”

ظهر الكوكب الأصفر الذهبي تحيط به حلقات واسعة لامعة… لم يتمالك سامر نفسه وصرخ: “إنه أجمل مما تخيّلت!”

اقتربت المركبة من الحلقات، وكانت مكوّنة من ملايين الصخور والثلوج الصغيرة التي تدور بسرعة حول الكوكب.

قالت ليلى: “إنها تشبه عقداً ضخماً يزين الكوكب!”

أجاب نوفو: “صحيح. وزحل لديه أكثر من 80 قمرًا، بعضها غريب مثل قمر تيتان الذي يملك بحيرات من غاز الميثان السائل.”

كلّ شيء كان لامعًا مضيئًا، وحينما قرّروا المرور بين حلقات زحل، رأوا صخوره تلمع كالألماس.

وفجأة ارتطمت قطعة صغيرة بالمركبة وأصدرت صوتاً عالياً. ارتجف سامر وقال: “هل سنسقط؟”

طمأنهم نوفو: “لا تقلقا، مركبتنا قوية ضدّ الصدمات الفضائية!”

قالت ليلى: “أريد أن أبقي هذه الصورة في قلبي للأبد.”

رد نوفو: “كل ما تريانه اليوم سيبقى في ذاكرتكما ما دمتما تحبّان المعرفة.”

ثم فتح شاشة صغيرة أمامهم، عرضت صورة لحلقات زحل كما يراها التلسكوب من الأرض. قال نوفو: “يمكننا رؤية حلقات زحل من كوكب الأرض أيضًا، باستخدام التليسكوب. إنّها من أجمل ما يشاهده علماء الفلك.” عندها شعرت ليلى وكأنها أصبحت عالمة فضاء صغيرة، وقالت بحماس: “سأرسمها في دفتري غداً!”

أبعد مما نتخيل

قال نوفو: “الآن سنذهب إلى أبعد كواكب المجموعة الشمسية: نبتون.”

اقتربوا من كوكب أزرق صغير نسبيًا، وكانت رياحه قوية وسريعة جدّاً، أسرع من أي ريح على الأرض.

قال سامر بدهشة: “إنه أزرق جميل، كأنه محيط ضخم.”

أجاب نوفو: “نبتون بارد جدّاً، لكنه مليء بالعواصف، وله أقمار أيضاً، أشهرها تريتون.”

اقتربوا قليلاً، ورأوا غيوماً بيضاء تتحرك بسرعة جنونية. قالت ليلى: “لا أعتقد أنني أستطيع العيش هنا!”

ضحك نوفو: “لا أحد يستطيع العيش هنا، لكنه كوكب رائع للدراسة والمشاهدة.”

بينما كانوا ينظرون، لمحوا من بعيد ضوء مذنب يعبر السماء. قال سامر: “إنه كألعاب نارية فضائية!”

رد نوفو: “الفضاء مليء بالمفاجآت، وكلما ابتعدنا أكثر زاد الغموض.”

تنهدت ليلى: “لكنني بدأت أشتاق إلى كوكبنا الصغير.”

ابتسم نوفو: “رحلتنا لم تنتهِ بعد، لأن أهم محطة ستكون العودة إلى الأرض.”

وأضاف: “تخيلوا يا أصدقائي أن نبتون يحتاج أكثر من 160 سنة أرضية ليكمل دورة واحدة حول الشمس! أي أن السنة هنا أطول من عمر الإنسان!”

كواكب أخرى بانتظار الاكتشاف

_ “هذه إذن هي كواكب المجموعة الشمسية التي نسمع عنها في البرامج الوثائقية!”

قالت ليلى مستدركة، وأضاف الروبوت الصغير نوفو حينها:

_”نعم، لكنّها ليست الوحيدة. في الواقع تضمّ المجموعة الشمسية تسعة كواكب، تدور جميعها حول الشمس…أوّلها كوكب عطارد، إنّه كوكب حارّ جدًا بسبب قربه الشديد من الشمس.”

_ “أشدّ حرًّا من الصيف في صحراء الأرض؟!” سأل سامر.

_ “أجل، بملايين المرّات!”

_ “لا يبدو كوكبًا مناسبًا للزيارة!”

ضحك كلّ من نوفو وليلى موافقين، ثمّ واصل نوفو:

_”يليه كوكب الزهرة، كوكب حارّ أيضًا بسبب قربه من الشمس، وبعده كوكب الأرض، وطننا الحبيب، ثمّ المريخ، والمشتري، وبعدهما زحل، ويليه أورانوس، ونبتون وأخيرًا بلوتو.”

_” تسعة كواكب جميلة تدور كلها حول شمس واحدة، كصغار تلتفُّ حول امّها!” قالت ليلى.

_”ههههه، صحيح، لكن…قرّر العلماء قبل بضعة سنوات إقصاء كوكب بلوتو من المجموعة الشمسية، لأنه صغير جدًّا، وبعيد جدًّا.”

_”مسكين، كوكب بلوتو…” قال سامر في حزن.

_”سأعتبره كوكبًا من كواكب المجموعة الشمسية برغم كلّ شيء!” قالت ليلى وضحك نوفو.

_ “لستِ الوحيدة، ما زال البعض يعتبره من كواكب المجموعة الشمسية أيضًا.”

العودة إلى البيت الأزرق

قال نوفو: “الآن حان وقت العودة إلى موطنكم.”

بدأت المركبة تتحرّك بسرعة نحو كوكب الأرض، ومع اقترابهم، شاهدوا الكرة الزرقاء تلمع وسط السواد. كان المشهد مهيباً لدرجة جعلتهم يصمتون لحظة.

قال سامر: “بعد كل ما رأيناه، أدركت أن الأرض جميلة جدّاً، وهي المكان الأنسب للحياة.”

أضافت ليلى: “نعم، كل الكواكب رائعة وغامضة، لكنها ليست مثل بيتنا.”

ابتسم نوفو وقال: “لهذا يجب أن تحافظوا على كوكبكم، فهو أغلى من كل كواكب المجموعة الشمسية الأخرى.”

هبطت المركبة بلطف في حديقة المنزل، وعاد الطفلان إلى غرفتهما. فتحا أعينهما ليجدا نفسيهما في سريريهما، وكأن الرحلة كانت مجرد حلم.

لكن عندما نظر سامر إلى النافذة مرة أخرى، رأى نجمة تلمع بشكل مختلف، وكأنها إشارة سرية من نوفو. ابتسم وقال: “ربما لم يكن حلمًا بعد كل شيء.”

ضحكت ليلى وقالت: “سواء كان حلماً أو حقيقة، المهم أننا تعلّمنا أن الفضاء مليء بالأسرار، وأن الأرض هي أغلى كنز.”

ثم احتضنت أخاها قائلة: “من الآن فصاعداً، لن ننظر إلى السماء كأنها مجرد نجوم، بل كأصدقاء يدعوننا لاكتشاف المزيد.”

اقرأ المزيد من القصص التعليمية الممتعة على حدّوتة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Exit mobile version