رحلة سليم إلى القدس | سلسلة حكايات فلسطين

شوق في القلب إلى القدس

في طرف القرية الهادئة، كان يقف بيت الجدة مثل شاهدٍ على الزمن، مبنيًّا من حجارة بيضاء قديمة نحتتها الشمس والرياح عبر السنين، سقفه مغطّى ببلاطٍ أحمر لامع، يزداد بريقه كلما داعبه ضوء الغروب الذهبي. أمام البيت، تمتد حديقة صغيرة تحمل رائحة الحياة: شجرة ليمون متدلية الثمار، شجرة رمان حمراء كحبات الياقوت، وآنية فخّار قديمة زرعت فيها الجدة نعناعًا يفوح عطْره في الأرجاء كلما هبّت نسمة عليلة. بجانب الباب الخشبي العريض المزوّد بمقبض نحاسي لامع، علّقت الجدة قفّة من القشّ فيها خبز الطابون الساخن يبرد ببطء، ناشرًا رائحة تملأ المكان دفئًا وطمأنينة.

جلس سليم في الفناء الواسع، يراقب أرضيته المرصوفة بحجارة ملساء رتبتها الجدة بعناية لتبقى صلبة رغم مرور الأعوام. في الزاوية بئر ماء قديمة معطًّى بغطاء خشبي، تحيط به نباتات بريّة صارت جزءًا من ذاكرة المكان. كان كل ركن من البيت يحكي قصة، والجدة تحرص أن يبقى كل شيء كما تركه الأجداد، كأنها تخاف أن تنطفئ الحكاية إذا تغيّر شكل الحجر أو رائحة التراب.

نظرت الجدة إلى حفيدها، وقالت بصوتٍ حنون، كأنها تكرّر درسًا يعرفه قلبها قبل لسانها:
– “في القدس مسجد مبارك اسمه المسجد الأقصى، باركه الله وجعله مكانًا عزيزًا على قلوب المؤمنين.”

رفع سليم رأسه بسرعة، وعيناه تتألقان بفضولٍ لا ينطفئ، وقال بشغف:
– “يا جدّتي، هل سنذهب يومًا لرؤيته؟”

ابتسمت الجدة، وتجاعيد وجهها ازدادت إشراقًا، وقالت:
– “بإذن الله يا بني. القدس مثل جوهرة محفوظة في قلب الزمان، كل من يراها يزداد حبًّا لها. ولا بد أن يأتي اليوم الذي تنعم فيه عيناك برؤيتها.”

ظلّ كلام الجدة يتردّد في أذن سليم كأنشودة. جلس صامتًا، لكن قلبه كان معلّقًا هناك، بالمسجد الأقصى. أخذ يتخيّل القباب اللامعة تعكس نور الشمس، والأسوار القديمة التي تحرس المدينة منذ قرون، والأبواب الضخمة التي تنفتح على طرقات ضيّقة مليئة بالحياة. تخيّل نفسه يمشي في تلك الأزقّة، يلمس حجارتها، يسمع دعاء المصلّين يتردّد بين المآذن، ويشم رائحة الخبز الطازج الذي تحبّه جدته.

وفي تلك الليلة، وهو يتهيّأ للنوم، رفع كفّيه الصغيرتين ودعا الله أن يحقق أمنيته، ثم غفا سريعًا. وفي حلمه، وجد نفسه في قلب القدس، يسير بخطوات واثقة، كأن المدينة فتحت له ذراعيها لتقول: “مرحبًا بك يا سليم، كنت في قلبي منذ زمن”

بداية الرحلة

في صباحٍ من الصباحات تحقق الحلم! استيقظ سليم على صوت والده وهو يقول:

– “استعد يا سليم، اليوم سنزور القدس.”

قفز سليم من فراشه ووجهه يضيء فرحًا. غسل وجهه بسرعة وارتدى أجمل ما في خزانته. حمل حقيبته الصغيرة، وفيها دفتر رسم وألوان، فقد قرّر أن يرسم كل ما يراه في رحلته.

جلس في السيارة إلى جانب والده، وبدأت الطريق تمتد أمامهما. على الجانبين صفوف طويلة من أشجار الزيتون، جذوعها قوية كأنها تحرس الأرض منذ مئات السنين، وقطرات الندى تلمع على أوراقها الخضراء، والعصافير تطير بين الأغصان وتغرد بمرح.

نظر سليم من النافذة بعينين لامعتين وقال:
– “كم هي مباركة أرضنا يا أبي!”
ابتسم الأب وأجاب:
– “نعم يا بني، هذه الأرض تشهد على قصص الأنبياء، وتحمل في ترابها حضارة عريقة.”

مرّا بقرى هادئة بيوتها من الحجر الأبيض، وأسقفها مقوّسة بلون الطين، وأمامها أحواض زهور ملونة. في الطرقات كان الأطفال يركضون بمرح، بعضهم يحمل كعكًا بالسمسم، وآخرون يلوّنون السماء بطائرات ورقية صغيرة.

فتح سليم دفتره وبدأ يرسم بسرعة: شجرة زيتون نضرة، بيتٌ قديمٌ بباب خشبي، بئر ماء بجانب حديقة صغيرة، وتلّة خضراء تمتد نحو الأفق. كان يشعر أن الطريق نفسه يحكي له قصة طويلة قبل أن يصل إلى القدس.

أغمض عينيه للحظة، وتخيّل أن الأشجار تلوّح له بيدها، وأن الحجارة تهمس له: “أهلاً بك يا سليم، ستزور اليوم مدينة لا تُنسى.”

أبواب القدس وأسواقها

بعد رحلة ممتعة، ظهرت أسوار القدس من بعيد، شامخة بلونها الحجري العتيق. اقتربت السيارة شيئًا فشيئًا حتى توقّفت عند أحد أبواب المدينة القديمة. كان الباب ضخمًا مقوّسًا مبنيًّا من حجارة داكنة صقلتْها أيدي الناس وملامح الزمن. مدّ سليم يده الصغيرة ولمس الجدار البارد، فشعر وكأنه يلمس صفحةً من كتابٍ قديمٍ يروي قصص الأبطال والتجّار والحجّاج الذين مرّوا من هنا.

دخل مع والده إلى البلدة القديمة، فانفتحت أمامهما أزقّة ضيقة مرصوفة بالحجارة. البيوت متلاصقة، شبابيكها صغيرة مزيّنة بأصص الريحان، ومن فوقها تدلّت أقواسٌ بيضاء تحمي الطريق من الشمس، وتزيد المكان سحرًا ودفئًا.

امتلأت أذنا سليم بأصوات الباعة:
– “خبز طازج بالسمسم!”
– “زيت وزيتون مبارك!”
– “بهارات من أرض فلسطين!”

وتداخلت الأصوات مع الروائح الزكية: رائحة الخبز الطازج، والزعتر المطحون، والقرفة التي تذكّره ببيت الجدة. وقف مدهوشًا أمام بائع يعرض أثوابًا مطرزة بخيوط حمراء وخضراء، فسأله والده:
– “هل ترى يا سليم؟ كل غرزة في هذه الثياب تحكي قصة من قرية أو مدينة.”

ابتسم سليم وهو يلمس القماش، ثم أسرع نحو محل آخر يبيع الفخار الأزرق المزين برسومات الطيور.

لكن وسط الزحام، لمح رجالًا بملامح عابسة، يرتدون ثياب العساكر، يتحركون بخشونة ويزاحمون الناس. شدّ سليم يد والده وقال بهمس:
– “أبي، أنا خائف…”
أجابه الأب بهدوء:
– “لا تخف من هؤلاء الجنود يا صغيري، ليسوا سوى لصوص يحاولون إزعاج الناس وسرقة أرضهم، لكن المدينة تعرف كيف تحافظ على تراثها وخيراتها، وهي أقوى من كل هذه المحاولات.”

شعر سليم بالراحة من كلام والده، وقرر أن يتابع تأمله، فتح دفتره ودوّن: “القدس مدينة تفوح رائحتها بالزعتر والخبز، وتلمع حجارتها كأنها تبتسم للزائرين.”

أول لقاء مع المسجد الأقصى

واصل سليم السير مع والده بين الأزقة حتى وصلا إلى ساحة واسعة يغمرها نور العصر. هناك، وقف سليم مبهورًا، وقد اتسعت عيناه دهشة، وأمامه استقرّ المسجد الأقصى بكلّ جماله.

كانت القبة الذهبية تتلألأ تحت صفحة السماء الزرقاء، في منظر بهيّ. وأحاطت بالمسجد أشجار نضرة تتمايل أوراقها بهدوء مع لنسيم العليل، فيما كان الحمام يرفرف في الأرجاء مطمئنًا، وكأنه يعرف أن هذه الأرض مباركة. ثمّ ارتفعت في الارجاء أصوات آذان العصر، فزادت المكان سحرًا وجماباً

اقتربا من المتوضأ، فغسلا وجهيهما ويديهما بماءٍ باردٍ رقراق، أحسّ سليم معه بصفاءٍ عجيبٍ يغمر قلبه. دخل مع والده المسجد الأقصى، فشعر كأنّه يدخل قلب التاريخ نفسه. كانت الأعمدة الرخامية البيضاء ترتفع عالية في السماء، مزخرفة بنقوشٍ هندسيةٍ دقيقةٍ تتشابك كأنّها نجمات صغيرة من الضوء. الزخارف الملوّنة تملأ الجدران، والخشب المنقوش في السقف يروي حكاياتٍ عن أيدٍ بارعةٍ صلّت وهي تبنيه.

وقف سليم بجانب والده في الصف، وصلّيا العصر مع جماعة المصلّين. كان صوت الإمام يملأ القاعة بخشوعٍ مهيب، والنسيم القادم من النوافذ العالية يحمل معه رائحة الطهر والسكينة. شعر سليم أن صلاته هنا تختلف عن أي صلاةٍ صلاّها من قبل… كأنّ السماء أقرب، وكأنّ الدعاء يصعد دون عناء.

بعد الصلاة، جلسا تحت شجرة زيتون معمّرة، جذعها العريض يشبه ذراعًا عظيمة تحضن المكان. أخرج سليم دفتره بسرعة، وبدأ يرسم القبة بخطوطٍ مرتعشة من شدّة الفرح. كان قلبه يخفق بقوة، وكأنه يكتب بيده ذكرى لا تُمحى.

اقترب والده منه وقال بلطف:
– “المسجد الأقصى أمانة غالية يا سليم. من يحبّه، يحميه بالدعاء، وبالعمل الصالح، وبالذكر الطيب.”

رفع سليم رأسه بحماس وقال بثقة:
– “سأحمله في قلبي دائمًا يا أبي… ولن أنساه أبدًا.”

حلّقت مجموعةٌ من الطيور البيضاء فوق الساحة، فرفع سليم بصره نحوها، يراقبها وهي تدور في سماء القدس بطمأنينة. شعر في تلك اللحظة أن حتى الطيور تصلي بطريقتها، وأن زيارته الأولى للأقصى لم تكن مجرد رحلة، بل عهدًا بينه وبين هذا المكان المبارك، سيحمله في قلبه ما عاش.

حكاياتٌ من الزمن

بعد أن فرغ سليم ووالده من جولتهما في الساحة، اتجها إلى السوق القريب من المسجد الأقصى ليستريحا. كان السوق نابضًا بالحياة: دكاكين صغيرة متلاصقة، بسطات مليئة بالفاكهة والبهارات، وباعة ينادون بمرح يجذب المارة. رائحة القهوة الطازجة امتزجت مع رائحة الخبز والكعك بالسمسم، فحاول أنف سليم التقاطها كلها بحماس!

جلس الأب وابنه عند دكّان يبيع الكتب والخرائط القديمة. كان صاحبه شيخًا مسنًّا، لحيته بيضاء وابتسامته هادئة، وعيناه تلمعان كأنهما تعرفان أسرار المكان. نظر إلى سليم وقال بلطف:
– “هذه أول زيارة لك يا صغيري، أليس كذلك؟”

أجاب سليم وهو يهز رأسه بحماس:
– “نعم يا عم، وقد شعرت أنني أعرف المدينة منذ زمن!”

ضحك الشيخ وقال:
– “هذا لأن القدس تسكن في قلب كل مؤمن قبل أن يراها. مرّ من هنا العلماء والرحّالة والتجّار، كل واحد منهم ترك أثرًا في حجارتها وأسواقها. إنها مدينة لا تنسى زائريها.”

أشار الشيخ إلى رفوف الكتب والبطاقات، ثم تابع:
– “كل حجر هنا يحكي قصة، وكل زقاق فيه ذكرى. حتى وإن جاء المحتلّون ليزعجوا الناس ويسرقوهم، تبقى القدس مثل شجرة زيتون، عميقة الجذور، لا تسقط أبدًا.”

جلس سليم مأخوذًا بكلامه، ثم فتح دفتره وكتب: “القدس مدينة تحفظ الحكايات، مثلما تحفظ الجدة قصص الأجداد.”

مرّ أمامهم طفل يحمل عربة صغيرة مليئة بالكعك الساخن، يوزعها مبتسمًا على الزبائن. ضحك الشيخ وقال:
– “حتى هذا الكعك له قصة هنا، فالقدس تحفظ طعمها ورائحتها كما تحفظ أبوابها وأسوارها.”

شعر سليم أن السوق ليس مكانًا للبيع والشراء فقط، بل كتابًا مفتوحًا للحكايات، كل شخص فيه سطر، وكل زائر كلمة جديدة. نظر إلى والده وقال:
– “أريد أن أحفظ هذه القصص كلها، لأرويها لأصدقائي.”
ربّت والده على كتفه بفخر، وقال:
– “وهكذا تصبح أنت جزءًا من الحكاية.”

وعدٌ لا يُنسى

مع اقتراب الغروب، عاد سليم مع والده إلى الساحة الواسعة أمام المسجد الأقصى. كانت السماء قد بدأت تتلوّن بخطوط حمراء وبرتقالية، والقبة الذهبية تعكس ضوء الشمس الأخير فتزداد جمالًا وبهاءً. جلسا قليلًا على طرف الدرج الحجري، والنسيم يحرّك أوراق الزيتون في هدوء.

وقف سليم يتأمل المشهد طويلًا، ثم التفت إلى والده وقال بصوتٍ مملوء بالعزم:
– “أبي، أعدك أنني سأعود إلى القدس مرات كثيرة. أريد أن أحفظ كل زاوية فيها، وأرسم كل شجرة وكل حجر.”

ابتسم والده ووضع يده على كتفه وقال:
– “ومن يحب القدس حقًّا، يحملها في قلبه حتى لو ابتعد عنها. وكلما حدثتَ أحدًا عن جمالها، تكون قد عدت إليها من جديد.”

أخرج سليم ورقة ملوّنة من حقيبته، ورسم عليها بسرعة قبة المسجد الأقصى، ثم كتب تحتها: “القدس في قلبي إلى الأبد.” رفع الورقة عاليًا وكأنه يرسل وعده مع نور الغروب.

في طريق العودة بالسيارة، ظل سليم ينظر من النافذة. رأى الأطفال يلعبون أمام بيوتهم، والباعة يغلقون دكاكينهم، والطيور تعود إلى أعشاشها. لكن قلبه ظل معلّقًا هناك، في الساحة الكبيرة حيث القبة المضيئة.

وعندما وصل إلى البيت، كانت جدته بانتظاره عند الباب. ركض إليها وهو يهتف:
– “يا جدتي! رأيت المسجد الأقصى بعيني… كان أجمل من كل ما حكيته لي!”

دمعت عيناها وهي تضمّه وتقول:
– “بارك الله فيك يا بني. لقد عدت ومعك نور من القدس.”

جلس سليم بجانبها يصف لها تفاصيل رحلته: الأزقة الضيقة، الأسواق المليئة بالبهارات، الأطفال الذين كانوا يلعبون، والحمام الذي يرفرف في ساحات المسجد. عرض عليها دفتره المليء بالرسوم، فابتسمت وقالت:
– “الآن صرتَ أنت من يحكي الحكاية، وسترويها يومًا لأطفالك كما رويتها لك.”

وفي تلك الليلة، نام سليم وهو يشعر أن قلبه كبر قليلًا. كان يعرف أن رحلته لم تنتهِ، بل بدأت، وأن الوعد الذي كتبه سيبقى معه دائمًا: أن القدس بيت له، وأن الأقصى سيظل في قلبه مهما طال الزمن.

هل أعجبتك هذه القصّة؟ اقرأ المزيد من قصص فلسطين للأطفال الآن على موقع حدّوتة

دنانير لبلبة: سلسلة قصص المكتبة الخضراء

تدور أحداث قصّة دنانير لبلبة في بيت ثريّ كبير، حيث تعمل لبلبة الصغيرة خادمة، بينما أختاها الأخريان كسولتان وتكتفيان بالتزيّن والراحة. تعاني لبلبة كثيراً من العمل الشاق لكنها تؤدي مهامها بإخلاص، وتجعل المنزل نظيفاً وأنيقاً رغم تعبها.
وفي صباح أحد الأيام، تجد لبلبة دينارًا ذهبيًّا في حذائها الأيمن، فتتفاجأ وتخبر أختيها بذلك، في حين لا تدري من أين جاء. ومع مرور الأيام تكرّر المكافأة الغامضة.

تحمل هذه القصّة القصيرة للأطفال عبرة جميلة: أنّ الجهد والإخلاص في العمل لا يضيعان. ويُكافأ من يتحلّى بالصبر والنشاط، في حين أن الكسل والتهاون لن يجلبا سوى نتائج لا تُحمد عقباها.

اقرأ الآن هذه القصة الممتعة من سلسلة المكتبة الخضراء للأطفال، أو حمّلها مجانًا بصيغة PDF.

اقرأ المزيد من قصص المكتبة الخضراء الممتعة للأطفال.

في جزيرة النور: سلسلة قصص المكتبة الخضراء

قصّة في جزيرة النور، تروي حكاية عن طفل جميل يولد في جزيرةٍ صغيرة تلمع على صفحة البحر، وتتنبأ له عجوزٌ بأن يعيش حياةً مليئة بالفوز والنجاح، ويتزوّج ابنة الملك حين يبلغ العشرين. لكن الملك الذي يسمع النبوءة يخاف على عرشه، فيأمر بالتخلّص من الطفل وإلقائه في البحر!
تتوالى الأحداث، ويكبر الصغير في رعاية صيّادٍ طيّب لا يعلم سرّ أصله. وحين تجمع الأقدار بينه وبين الملك من جديد، تنقلب المكيدة إلى عدالةٍ إلهيّة تُعيد الحق إلى صاحبه.

قصة مشوّقة عن القدر، والنجاة، ونور الخير الذي لا ينطفئ مهما اشتدّ الظلم. لنقرأها معًا على موقع حدوّتة!

تصفّح الآن المزيد من قصص المكتبة الخضراء على حدّوتة.

مغامرة زهرة مع الشجرة: سلسلة قصص المكتبة الخضراء

في قصة مغامرة زهرة مع الشجرة، تقف الطفلة زهرة وأصدقاؤها في وجه مقاول جشع أراد قطع شجرة كبيرة أمام مدرسة الأطفال، رغم أنها كانت شجرة يقدّرها ويحبّها الجميع.
وهكذا يتولّى لأطفال – بقيادة زهرة – مسؤولية رعاية الأشجار: سقيها، تنظيف ما حولها، وبناء الحماية اللازمة، ورفضوا أن تُقطع الشجرة بلا وجه حق. فهل سينجحون يا تُرى؟

تحمل قصّة مغامرة زهرة مع الشجرة من سلسلة المكتبة الخضراء رسالة مهمة للأطفال عن حماية البيئة، العمل الجماعي، وأهمية أن يقف الطفل بثقة في وجه الظلم.

اقرأ المزيد من قصص المكتبة الخضراء على حدّوتة

مملكة العدل : سلسلة قصص المكتبة الخضراء

في عالمٍ جميلٍ تسوده الطيبة وتنتصر فيه القيم، تأخذنا قصة مملكة العدل في رحلةٍ مع منصور، البطل الطيب الذي يخوض مغامرة مليئة بالشجاعة والإصرار لاستعادة مملكةٍ ضاعت منها العدالة.

تحمل هذه القصة في طيّاتها دروسًا عن الخير، ومساعدة الآخرين، والإيمان بأن العمل الصالح لا يضيع أبدًا.

قصّة مميزة من سلسلة قصص المكتبة الخضراء المحبّبة إلى قلوب الأطفال، ذات لغة عربية بسيطة وأحداث مشوّقة، تُنمّي في الطفل روح العدل والشجاعة.

اقرأها الآن على موقع حدّوتة.

تصفّح جميع قصص المكتبة الخضراء على موقع حدّوتة.

قصّة مملكة العدل على يوتيوب

ليلى وزيتونة الجدّة | سلسلة حكايات فلسطين

هل تحبّون القصص التي تتحدّث عن الأبطال؟ إن كانت إجابتكم بـ “نعم”، فهذه القصّة لكم. لكنها عن بطلة مميزة… في الواقع لا يرتدي كلّ الأبطال بزّات خارقة، ولا يطير كلّهم في السماء بأجنحة قويّة أو قدرات خارقة، بعض الأبطال، يقفون ثابتين في الأرض، يمدّون جذورًا قويّة لا يمكن استئصالها.

هذه حكاية ليلى، الطفلة الفلسطينية الصغيرة، وصديقتها الشجرة العجيبة التي علّمتها معنى الحب، والصمود، وأنّ للأرض أيضًا حكايات تُروى وتستحقُّ ان تُسمع!

زيتونة في القلب

في قرية جميلة من قرى فلسطين، كان بيتُ الصغيرة ليلى يستقرّ بين التلال الخضراء، ويطلّ على حديقة واسعة. تتوسّطها شجرة زيتون ضخمة، ضخمة جدًا!

جذعها سميك عريض، وأغصانها ممتدة كأذرع أمٍّ حنون تريد ضمّ كلّ من حولها. أوراقها خضراء لامعة، وعندما تداعبها الشمس، تبدو وكأنها قطع صغيرة من الفضة.

كانت ليلى تحب أن تجلس تحت الشجرة لساعات طويلة، تلعب بين جذورها، وتستمع إلى نسيم الهواء العليل يتخلّل أوراقها كهمسٍ جميل.

في يوم من الأيام، جلست الجدّة الحكيمة بجانب ليلى على صخرة قريبة تحت الشجرة، وسألتها:

“هل تعرفين لماذا نحب هذه الزيتونة كثيرًا يا ليلى؟”

هزّت ليلى رأسها وقالت:

“لأنها تعطينا الزيتون اللذيذ لنأكله!”

ابتسمت الجدة بحب وردّت:

“صحيح، لكن، هناك سبب آخر، يا ابنتي. هذه الزيتونة هي مثل قلب فلسطين. جذورها عميقة جدًا في الأرض، مثل جذورنا نحن. وكلّما حاول الأشرار أن يقتلعوها، تمسّكت أكثر وأكثر بالتراب. هي تقول بصوت عالٍ: ‘هذه أرضي ولن أرحل أبدًا’.”

وضعت ليلى كفّها الصغير على الجذع الخشن، وأحسّت بدفئه. همست:

“كأنّها مقاتل شجاع يقف ثابتًا يحرس الأرض ويحمي الوطن”

ضحكت الجدة وقالت: “نعم، إنها تراقب كلّ شيء. عاشت هنا مئات السنين. شاهدت أجدادنا وهم يزرعون، ويحصدون، ويغنون في أفراحهم، ويبكون في أيام الحزن.”

رفعت ليلى بصرها إلى الأعلى، ورأت عش عصافير صغيرًا بين الأغصان. قالت بدهشة:

“انظري يا جدتي، حتى الطيور اختارتها لتكون بيتًا آمنًا!”

أجابت الجدّة بحنان:

“لأن الزيتونة مثل الأم الكبيرة، تحتضن الجميع وتجعلهم يشعرون بالأمان. لهذا يا ليلى، عندما ترين شجرة زيتون، تذكري: إنها ليست شجرة عادية، إنها فلسطين واقفة أمامك.”

شعرت ليلى بالفخر، وأخذت تدور حول الشجرة بسرور وهي تغني بصوت خافت: “يا زيتونتنا، يا حكايتنا!”

الحصاد الأول

حلّ موسم قطف الزيتون، استيقظت القرية كلّها مع أولى بشائر الصبح. كان الهواء منعشًا تفوح منه رائحة التراب النديّ، وحقول الزيتون كانت تلمع بحبات خضراء وسوداء.

خرجت ليلى مع عائلتها، تحمل سلّة صغيرة من القش. وسمعت الجدّة تقول:

“اليوم ستصبحين جزءًا من فرحتنا الكبيرة. اليوم ستقطفين أولى زيتوناتك!”

اقتربت ليلى من الشجرة الكبيرة، ومدّت يدها برفق وقطفت حبة زيتون خضراء. شعرت ببرودتها وابتسمت. لكن عندما حاولت قطف المزيد، سقط بعضها على الأرض. ضحكت ليلى وقالت:

“إنه يهرب مني يا جدتي!”

ضحكت الجدّة وقالت: “إنه يختبر صبرك يا حبيبتي! الزيتون لا يعطي خيره إلّا لمن يحبّه ويهتمُّ به.”

من بعيد، بدأت ترتفع أصوات الأغاني الجميلة. رجال يهزّون الأغصان بعصي طويلة لإنزال الثمار، ونساءٌ يلتقطن الزيتون المتساقط ويجمعنه في سلال كبيرة، وأطفال يركضون بسعادة بين الأشجار. كان اليوم كله احتفالًا كبيرًا في الطبيعة.

سألت ليلى: “لماذا نجتمع كلنا يا جدتي عند قطف الزيتون؟”

أجابت الجدة وهي تساعدها في جمع حبات الزيتون:

“لأن الزيتون يحبُّ أن نعمل معًا. كما أنّ أغصانه تتشابكُ لتحمي بعضها البعض، نحن أيضًا نتكاتف ونتحد. هكذا نكون أقوياء أمام أي شخص يحاول أن يسرق أرضنا.”

نظرت ليلى حولها، ورأت السلال تزداد امتلاءً. أحسّت أن كل أهل القرية صاروا عائلة واحدة كبيرة، وكل شجرة زيتون تشهد على هذا الحب والاتحاد.

رفعت ليلى حبة زيتون صغيرة نحو الشمس وهمست:

“لن يأخذها أحد… هذه الثمرة من أرض فلسطين!”

معصرة الزيتون

مع غروب الشمس، امتلأت أزقة القرية بأصوات الخطوات. العائلات تحمل سلال الزيتون، تتجه جميعها نحو المعصرة القديمة، كأنّها رحلة مقدسة تتكرر كل عام.

كانت تلك المرّة الأولى التي تدخل فيها ليلى معصرة الزيتون، فدُهشت أيّما دهشة أمام المنظر أمامها. رأت حجارة دائرية ضخمة تدور ببطء، وتطحن حبات الزيتون بقوّة، فيما غمرت رائحة الزيتون الطازج المكان.

اقتربت ليلى من حوض حجري كبير، ورأت الزيت الذهبي يسيل في الأواني الفخارية. كان يلمع تحت المصابيح الصغيرة في منظر ساحر خلاّب:

“جدتي! إنه مثل الذهب السائل!”

ضحكت الجدة وربتت على كتفها:
“هو أغلى من الذهب يا ليلى. إنه زيت الزيتون… به نضيء بيوتنا في العتمة، ونعالج جراحنا إذا تألمنا، ونطهو طعامنا الذي يجمع العائلة حول مائدة واحدة.”

اقترب رجل مسنّ من أهل القرية، وعلى محيّاة ترتسم ابتسامة حنونة. ناول ليلى رغيفَ خبزٍ طازجًا مغموسًا في الزيت الجديد وقال:

“تذوّقي طعم الأرض!”

وضعت ليلى اللقمة في فمها، فأحسّت بدفء يملأ قلبها، هتفت قائلة:

“طعمه حارق وشهيّ جدًا!”

وضحك الجميع مسرورين عند كلماتها تلك.

فجأة، دوّى صوت انفجار من بعيد، بدا كطلقة نار أو انفجار قنبلة. ارتجفت ليلى خوفًا، والتصقت بجدّتها التي احتضنتها بقوّة. قالت الجدّة مطمئنة حفيدتها:

“لا تخافي يا حبيبتي. لطالما حاول المحتلّون إخافتنا وسرقة زيتوننا، لكنّنا أقوى منهم. ما دام الزيت ينساب من معاصرنا، فلن ينحمي تاريخنا، ولن تضعُف إرادتنا…”

وقال رجل آخر من أهل القرية محاولاً بحماس:

“باقون ما بقي الزعتر والزيتون!”

نظرت ليلى إلى الزيت المتلألئ من جديد، فرأت انعكاس وجهها فيه. عندها همست في سرّها:

“هذا تراثنا، ونورنا…وأنا سأحميه.”

الزيتونة رمز الصمود

وعاد أهل القرية مع نهاية النهاء إلى منازلهم، يحملون غلّتهم من الزيت الطازج الشهي. كانت ليلى مرهقة من العمل في الحقل مع جدّتها طوال النهار، فتناولت عشاءها، وذهبت إلى النوم مباشرة، وفي منامها، رأت حلمًا جميلاً.

وجدت نفسها في الحقل مرّة أخرى، وكان الوقت ليلاً، تزيّنت فيه السماء بمصابيح صغيرة من النجوم يتوسّطها البدر، مضيئًا مشرقًا، ويلقي بنوره على أوراق شجرة الزيتون فتلتمع كأنها الماس.

اقتربت ليلى من الشجرة العملاقة، وشعرت أن شيئًا غريبًا يحدث. فجأة، سمعت صوتًا حنونًا ودافئًا، مزيجًا من حفيف أوراق الشجر وتمايل الأغصان، وصوت آخر عذب قادم من بعيد:

“صغيرتي ليلى…”

نظرت ليلى حولها بدهشة. لم يكن هناك أحد! ثم أدركت أن الصوت يأتي من الشجرة نفسها!

همست الزيتونة:

“لا تخافي يا حبيبتي. أنا أراكِ وأعرف كم تحبينني. جذوري عميقة جدًا، تمتدّ تحت الأرض لتتذكّر كلّ من عاش هنا. أنا أقفُ هنا منذ زمن طويل، لا يهزّني ريح ولا تُخيفني عاصفة. أنا أقف لأجلكم، حتى أقول للعالم: هذه الأرض لا يمكن أن تضيع.

شعرت ليلى بالدفء يغمر قلبها وهي تستمع إلى حديث الشجرة. اقتربت أكثر وضعت يدها على الجذع وقالت:

“صديقتي الشجرة، وزيتونتي الغالية أنا أيضًا سأكون مثلكِ! قوية وثابتة!”

ثمّ واصلت:

“أعدكِ يا زيتونتنا! إذا حاول الأشرار أن يقتربوا، سأقف أمامهم ثابتة لا أرحل. سأكبر وأعود إليكِ، وسيأتي أولادي وأحفادي، وكلّهم سيجدونكِ واقفة هنا، تحكين لهم قصة الصمود.”

وسمعت ليلى صوت الشجرة يقول:

“وأنا هنا باقية، لن أخلف لك وعدي.”

ثمّ بدأ ضوء القمر يزداد قوّة، حتى ما عادت ليلى قادرة على إبقاء عينيها مفتوحتين، ثمّ وجدت نفسها فجأة في غرفتها من جديد.

استيقظت ليلى في سريرها مع أول خيوط الفجر. تذكّرت الحلم الساحر الذي رأته. فقفزت من سريرها على الفور، وركضت إلى النافذة، رأت شجرة الزيتون واقفة شامخة كما كانت دائمًا.

ابتسمت ليلى وقالت بصوت خافت مليء بالثقة والشجاعة:

“الزيتونة هي فلسطين… وفلسطين هي أنا، وها هو وعدي لم ينكسر!”

اقرأ المزيد من قصص الأطفال قبل النوم

قصص للأطفال: قصة وعبرة

طيور عكا لا تغادر البحر | سلسلة حكايات فلسطين

في أحد الصباحات الصافية، جلسَت ليان على صخرةٍ قريبة من ميناء عكّا بعد طريق سفر متعب، تُراقب صفحة المياه المياه تتلألأ تحت أشعّة الشمس، وتستمتع بالأمواج الخفيفة تتكسّر على رصيف الميناء. كانت النوارس تحلّق قريبة من سطح الماء، ثم تطلق جناحيها، وترتفع مبتعدة مصدرة صياحًا حادًّا يبدو كصرخات فرحة مستمتعة بالحريّة.

“أبي! لماذا تحلّق النوارس دومًا بالقرب من البحر؟”

ابتسم الأب وقال: “ربّما لأن الشاطئ هو بيتها، ومسكنها. وعلى أيّة حال، فطيور عكّا لا تغادر البحر…إنها باقية هنا، متمسّكة بمنازلها.”

“مضى وقت طويل منذ أن أتينا إلى عكّا، إنها مدينة جميلة للغاية، يا أبي…”

“بالطبع يا صغيرتي، عكّا مدينة لا تُشبِه أي مدينة، فهي بوابة فلسطين على البحر، تحكي منذ مئات السنين قصص الشجاعة والصمود.”

وبينما هما يتأملان البحر، مرّ رجل يحمل شبكة على كتفه، يخطو بخطواتٍ واثقة وكأنه يعرف كلّ حجر في الميناء. نظر إليه الأب مليًّا كما لو أنّه يحاول تذكّر ملامحه، ثمّ ناداه فجأة حينما تعرّف عليه “أبو زيد؟» توقّف الرجل والتفت نحو مصدر الصوت، مستغربًا:

“نعم، أنا هو” أجاب.

صافحه الأب بحرارة وقال معرّفًا عن نفسه: “أنا ابن الحاج يوسف… وهذه ابنتي ليان.”

أشرق وجه أبي زيد وقال: “يا سلام! مرّت سنوات طويلة، وها أنتم تعودون إلى عكّا، أهلا بجيراننا الطيبين.”

رفعت ليان رأسها نحوه بفضول، فسألها بلطف: “تحبّين البحر يا صغيرة؟”

أجابت بخجل: “نعم كثيرًا، وأحبّ بحر عكّا أكثر من كلّ البحار في العالم.”

ضحك أبو زيد وقال: “تشتهر مدينة عكّا بجمال ساحلها، ويحكي موج البحر للزائرين قصصًا شيّقة من غابر الزمان عن المدينة وأهلها، كلّ ما عليكِ فعله، هو السير على الشاطئ بهدوء والإنصات!”

“حقاً؟! أريد أن أعرف كلّ قصص وحكايا المدينة!” هتفت ليان وعيناها تلمعان فضولاً وحماسة.

وضحك كلّ من الأب وأبا زيد، ثمّ أردف هذا الأخير قائلا:

“أنا أتجوّل كلّ يوم بين الميناء والسوق والسور بحكم عملي، فما رأيكِ أن ترافقيني يوم الغد، لأقصّ عليكِ حكايات المدينة؟”

تحمّست ليان للفكرة، والتفتت لأبيها ترجوه الموافقة على أن ترافق هي العمّ أبا زيد في جولته اليومية:

“لا مانع لديّ، ولكن بشرط واحد، أن تُحسني التصرّف، ولا تشغلي العمّ عن أعماله وأشغاله!”

“أعدك بذلك يا أبي!” هتفت ليان مجدّدًا بسعادة.

هزّ أبو زيد رأسه موافقًا: “غدًا نبدأ… فكل زاوية هنا تحمل حكاية، وعكّا تعرف كيف ترويها لمن يصغي.”

سوق عكّا… رائحة الأرض والبحر

في ظهيرة اليوم التالي، وبينما كانت الشمس تنسج خيوطها الذهبية على جدران المدينة العتيقة، اصطحب العمّ أبو زيد ليان إلى السوق القريب من الميناء. كانت أزقّة السوق بمثابة ممرات للزمن، ضيّقة لكنّها تعجّ بالحياة والنور، يتسلل الضوء إليها خجولاً من بين الأبنية المعمّرة، تلك الشواهد الصامتة المشيّدة من حجارة تحمل بين طيّاتها عبق القرون الغابرة. شعرت ليان وكأنّ كلّ خطوة تخطوها على تلك الأرض هي مصافحة للأجداد الذين زرعوا الحياة هنا وعمّروا المدينة.

سارت ليان بين دكاكين البهارات التي تفوح منها رائحة الأرض: الزعتر الممزوج بالذاكرة، والسماق الحامض كالحنين، والكمّون الذي يدفئ القلب. لم تكن مجرّد روائح، بل كانت هويّة الأرض التي تُنادي؛ شعرت أن كلّ حبّة زعتر تشبه ورقة من كتاب فلسطين المفتوح، فصارت تتنشّق الروائح بعمق وشغف، وكأنها ترتوي من بئر عذب.

ابتسم أبو زيد بحبّ وأشار إلى بوابة حجرية عالية تلامس السماء:

“هذا هو خان العمدان، يا ليان. هنا كانت ترسو أحلام التجّار القادمين بالسفن، تبادلوا البضائع والأسرار، ورووا قصص السفر. وما زال المكان شاهدًا حيًّا على زمنٍ لم يرحل، بل تحوّل إلى ذكرى متمسّكة بالبقاء.”

مرّا بجانب نحّاسٍ يدقّ أوانيه النحاسية بصبر وحكمة، وخبّازٍ يخرج الفرن فطائر ساخنة تفوح منها رائحة الزعتر الشهية، وصبيّ يبيع أصدافًا لامعة جمعها من الشاطئ، وكأنها حبات لؤلؤ مكنونة.

في زاوية من السوق، جلس حكواتيّ ذو لحية بيضاء اشتعل فيها الشيب، يحمل دفترًا قديمًا ممزّق الأطراف يقول:

“من يريد حكاية من حكايات فلسطين التي لا تنتهي؟”

رفعت ليان يدها الصغيرة بسرعة وحماس. ابتسم الحكواتيّ وقال بصوت عميق يهزّ الروح:

“عكّا يا صغيرتي مدينة عريقة، والسوق هو قلبها النابض وشريانها الذي لا يجفّ. فيه يجتمع الناس، يتبادلون الرزق والضحكات، وفيه يثبتون أن عكّا، رغم كلّ ما مرّت به من عواصف وقهر، ما زالت عامرة بأهلها، فلسطينيةً بروحها وتراثها، لا يكسرها غياب، ولا ينهيها احتلال.”

نظرت ليان حولها بدهشة الطفل الذي يرى العالم للمرّة الأولى، ورأت كيف يلتقي في السوق عبق البحر بعبق الأرض، وكيف تحوّلت الدكاكين إلى صفحات من ذاكرة حيّة، تحفظ قصص فلسطين كما تحفظ الأمّ أطفالها، تحتضنهم ولا تفرّط فيهم أبدًا.

السور الذي لا ينحني

ما إن بدأت الشمس تميل نحو الغروب، حتّى قاد العمّ أبو زيد ليان ووالدها نحو سورضخم جدًا يحيط بالمدينة: إنه سور عكّا العظيم! كان السور يلتف حول عكّا مثل ذراعَي بطل عملاق يحتضنها ويحميها من أي خطر. مدّت ليان يدها ولمست الحجارة الكبيرة والقديمة، شعرت بدفء غريب، وكأنّ هذه الحجارة خزّنت كلّ حرارة الشمس التي أشرقت عليها منذ مئات السنين إلى يومنا هذا. همست لنفسها:

“نحن هنا منذ القدم…وسنبقى إلى الأبد…لن نرحل ولن نغادر أبدًا.

قال العمّ أبو زيد بحماس: “

هذا السور يا ليان ليس مجرد حجارة ضخمة! إنه صديق عكّا القديم، وشاهد على كلّ شيء حدث فيها. حاول الكثيرون أن يهدموه، لكنّه ظلّ واقفًا كالجبل، يخبر الجميع أن عكّا مدينة قوية جدًا ولا يمكن أن تنحني!”

ساروا على طول السور بالقرب من البحر. كانت الأمواج تتلاحق بسرعة ثم تضرب السور بقوة، ثم تعود بهدوء، كما لو أنّها تصافح السور وتحيّيه على شجاعته. سألت ليان بفضول:

“من الذي بنى هذا السور يا عمّ؟”

أجابها:

“بناه أناس كثيرون عبر العصور، وكلّ حجر وُضع هنا كان بمثابة وعد بحماية فلسطين. ولهذا السبب، لا يُشبه سور عكّا أي سور آخر في العالم، إنه حامي المدينة الذي يقف شامخًا بقوة وثبات!”

وصلوا إلى فتحة صغيرة في السور تُطلّ على الميناء. أغمضت ليان عينيها وبدأت تتخيّل: رأت بحّارة شجعانًا يعودون من السفر، يرفعون رايات ملوّنة ويغنّون أغاني الفرح! في تلك اللحظة، قال العمّ أبو زيد وهو ينظر إلى البحر: “حتى النوارس والطيور تعرف هذا السور! إنها تعود كلّ مساء إليه وتهمس له: “هذه مدينتنا، عكّا… مكاننا الجميل الذي لا يغادر القلب!”

المسجد الأخضر… قلب المدينة الهادئ

بالقرب من الميناء، وقف بناء عظيم وجميل جدًا: إنه مسجد الجزار! كانت مآذنه ترتفع نحو السماء وقبّته الخضراء تلمع تحت أشعة الشمس. دخلت ليان مع والدها والعمّ أبا زيد إلى ساحة المسجد الهادئة.

ما أجمل هذا المشهد! كانت حمامات بيضاء جميلة تطير فوق الأقواس الحجرية العالية، والبلاط في أرضية الساحة كان نظيفًا لامعًا.

همس والد ليان بهدوء: “هذا المكان يا ليان، يصلّي فيه الناس منذ مئات السنين. وهنا كانوا يدعون الله أن يحمي البحّارة والمسافرين ويعيدهم سالمين. المسجد ليس فقط مكانًا للعبادة، بل هو بيت كبير يجمع قلوب أهل فلسطين، يحفظ هويتهم وطيبتهم مثلما يحفظ البحر ملوحته دائمًا.”

سألت ليان بفضول الأطفالِ: “هل للمسجد حكايات مثل حكايات السور القوي؟”

ابتسم العمّ الطيب بحبّ قائلاً: “بالتأكيد يا صغيرتي! لكلّ قوس في هذا المسجد حكاية، ولكلّ نافذة قصّة ولكلّ مئذنة رواية، وجميعها تشهد أنّ هذه الأرض المباركة أرضنا.”

جلست ليان تحت ظلّ شجرة كبيرة في ساحة المسجد. أغمضت عينيها وتخيّلت البحّارة سدخلون الجامع بعد أن يعودوا من رحلة طويلة في البحر، يصلّون ويحمدون الله على نعمه الوافرة، ثم ينتشرون في المدينة يملأ السلام يملأ أرواحهم. قالت ليان بصوت حالم:

“المسجد مثل حضن دافئ وكبير يحتضن كلّ الناس.”

ردّ العمّ أبو زيد وهو يبتسم لها: “صحيح يا ليان، حضن الإيمان والهوية! ومن يحتمي بهذين الأمرين، يبقى قويًا جدًا ولا تهزّه أي عواصف أو صعاب في الحياة.”

النوارس وحكاية العودة

عندما حلّ المساء الجميل، وجلسوا عند طرف الميناء الهادئ. اشتعل ضوء المنارة البعيدة، وبدت وكأنها عين عملاقة ساهرة تحرس الطريق البحري وتدلّ السفن. هدأت النوارس البيضاء الصغيرة فوق الأعمدة الخشبية، وصار صوت البحر أعمق وأكثر هدوءًا.

قال أبو زيد بصوت حنون: “الليلة يا ليان، سيخبرنا البحر سرّ طيور عكّا العجيبة.”

أغمضت ليان عينيها بتركيز، وبدأت تُصغي وتتخيّل. تخيّلت بحّارًا قديمًا جدًا، ذو وجه سمح، ينبثق من بين الأمواج ويرفع صوته الوقور قائلًا:

«يا أهل عكّا، يا أحبّاء البحر…هذه النوارس ليست طيورًا عادية، وإنمّا هي صديقات عكّا الوفيّات! في كلّ صباح، تحلّق فوق البحر، تصطاد الأسماك، وتلاعب الأمواج. لكن عندما يأتي المساء، تعود جميعها لتقف على سور عكّا ومينائها. لماذا؟ لأنّها تعرف أنّ عكّا هي بيتها الجميل ومكانها الأوّل الذي تحبّه. علّمتنا النوارس أن نتمسّك ببيوتنا وألا نتركها أبدًا. إنها تحفظ خريطة المدينة في قلوبها الصغيرة، مثلما يحفظ الأطفال قصصهم المفضّلة ولا ينسونها أبدًا.”

فتحت ليان عينيها اللامعتين وقالت وعلى محيّاها ترتسم ابتسامة دافئة: “لقد فهمت الآن يا عمّ أبا زيد… طيور عكّا لا تغادر البحر، لأنها تعرف أن فلسطين هي البيت الدافئ، والميناء هو قلبها الذي لا يتوقف عن النبض أبدًا!

وصيّة البحر لأطفال فلسطين

مع ظهور أول خيوط الفجر، عاد الثلاثة إلى الميناء. كان الهواء نقيًا باردًا منعشًا، وراح الصيّادون يجهّزون شباكهم لرحلة جديدة. فيما حلّقت الطيور من فوقهم بهدوء، كأنها تقول لهم: “صباح الخير، نتمنى لكم صيدًا مباركًا.”

أخرج العمّ أبو زيد من جيبه صَدَفة بيضاء كبيرة لامعة قدّمها إلى ليان:

“هذه هدية من البحر خصيصًا لكِ. كلما وضعتِها على أذنكِ، ستسمعين صوت الموج يقول: هنا عكّا الجميلة… هنا فلسطين الحبيبة.” ضمّت ليان الصدفة إلى قلبها سعيدة بهذا الكنز الثمين.

ثمّ وقفت بجانب المنارة العالية ولوّحت للنوارس: «أعدكِ أيّتها النوارس! حتى وإن سافرتُ يومًا، سأعود إلى عكّا تمامًا مثلما تعودين كلّ مساء. لأنّ عكّا وفلسطين باقيتان في القلب إلى الأبد.”

رفرفت الطيور عالياً وصفّقت بأجنحتها، وكأنها فهمت الوعد الذي قطعته ليان.

أشرقت الشمس، واصطبغ البحر بلون ذهبيٍ لامع، فبدا كلوحة فنيّة رسمتها فرشاة فنّان ماهر. همست ليان محدّثة نفسها:

“سأروي هذه الحكاية لكلّ أصدقائي. سأقول لهم إنّ عكّا مدينة فلسطينية تحبّ البحر، وإنّ ميناءها قلبٌ كبير ودافئ، وطيورها تعلّمنا أن نعود دائمًا إلى أرضنا.”

اقرأ المزيد من قصص المغامرات على حدّوتة.

أحلام ياسمين الصغيرة | قصة عن الثقة بالنفس للأطفال

أحلام ياسمين الصغيرة هي قصّة قصيرة تشجّع كلّ طفل وطفلة على الوثوق بقدراته أيّا كانت، وتحفّزه للتغلّب على الخجل، والتعبير عن نفسه دون خوف أو تردّد. فلنقرأها معًا، ونكتشف كيف تغلّبت صديقتنا على خوفها، لتصبح شاعرة صغيرة واثقة.

في بيتٍ صغيرٍ تحيطه حديقة جميلة، كانت تعيش ياسمين، ياسمين فتاة رقيقة تحبّ الألوان والكلمات، وتحب أشياءها وتحافظ عليها، وتحب بشكل خاص دفترها الملوّنَ بغطاء أزرق الذي تتوسطه صورة فراشة زاهية! بالنسبة لها، لم يكن ذلك مجرّد دفتر، بل عالمًا سريًّا تخبّئ فيه أحلامها! كانت تكتب فيه قصائد صغيرة عن الفراشات التي تحلّق في الحديقة، وعن الغيوم التي تشبه قطنًا أبيض، وعن أحلامها التي تكبر في قلبها.

كل مساء تجلس قرب النافذة، تراقب السماء وتكتب:
أيّها الطير، خذ قلبي معك، علّمه كيف يحلّق.”
كانت كلماتها بريئة، مليئة بالصور الجميلة، لكنها بقيت حبيسة الورق، لا يسمعها أحد سوى القمر والنجوم.

في الصف، وفي حصة التعبير المفضلة عند ياسمين، تسأل معلّمة اللغة العربيّة: “من يودّ أن يقرأ لنا ما كتب؟” تشعر ياسمين أن قلبها يخفق بقوة، كطبولٍ في احتفال! وتريد بشدة أن ترفع يدها، لكن وجهها يحمرّ كحبّة بندوة، وصوتها يختفي كما لو أنّها تعاني من زكام قويّ، ويلتصق جسدها بمقعدها دون حراك.

تحدّث نفسها:  “ماذا لو لم يعجبهم شِعري؟ ماذا لو ضحكوا عليّ؟”
وأحيانًا تتخيل أن أصوات الضحك تتعالى في الصف، حتى قبل أن تبدأ بالقراءة! هذا الخيال وحده كان كفيلاً بجعلها تصمت، كانت تبتسم حين يصفّق الجميع لزميلتها مريم التي تلقي قصائدها بثقة، لكنها في الداخل تشعر بوخزٍ صغير، كإبرة تقول لها: “أنتِ أيضًا لديك كلمات تستحق أن تُسمع.”

وفي كل مرة تعود إلى بيتها، تفتح دفترها، تنظر إلى القصائد، وتهمس:
“سامحيني يا كلماتي… أنا لست شجاعة بما فيه الكفاية.”

أحلام ياسمين الكبيرة

في صباحٍ ربيعي مشرق، اجتمع الطلاب في ساحة المدرسة ليستمعوا إلى إعلان مهم من إدارة المدرسة، كانت العصافير تزقزق من فوق الأشجار، والهواء يحمل رائحة زهور البرتقال. وقفت المديرة على المنصّة بابتسامة وقالت:
 _ “لدينا مسابقة لإلقاء الشعر الأسبوع القادم. سيقف الطلاب على المسرح أمام الجميع، وسنكرّم صاحب أفضل قصيدة وأفضل إلقاء.”

امتلأت الساحة بالهمسات والأسئلة، بعض الطلاب بدأ يخطّ كلمات في دفاتره بسرعة، وآخرون تخيّلوا أنفسهم واقفين تحت الأضواء، ارتفعت أصوات الحماس، وبدت العيون تلمع بشغف التجربة.

أما ياسمين، فجلست صامتة، تحدّق في دفترها الذي كان بين يديها. شعرت أن الإعلان وُجّه إليها مباشرة، قلبها يهمس: هذه فرصتك” لكن خوفها أسرع في الرد: سترتجفين أمام الجميع… ستخطئين… سيضحكون.”

اقتربت منها صديقتها مريم وقالت بحماس:
 “-ياسمين، أنتِ شاعرة رائعة! قصائدك التي تقرئينها لي أحيانًا أجمل بكثير مما أكتب، يجب أن تشاركي في المسابقة.”
أطرقت ياسمين رأسها وهمست بخجل:
– “أكتب نعم… لكن الوقوف على المسرح؟ شيء مخيف جدًّا، أفضّل أن أبقى مستمعة.”

ضحكت مريم وربّتت على كتف صديقتها:
 _”لو جربتِ مرة واحدة، ستكتشفين أن الأمر ليس صعبًا كما تظنين.”

في تلك الليلة، جلست ياسمين قرب نافذتها، تتأمّل القمر مضيئًا في صفحة السماء لامعًا واثقًا. كتبت في دفترها: “أتمنى أن أشارك، لكني أخاف أن أرتجف أمام الجميع” ثمّ رفعت عينيها نحو القمر وهمست:
_”أيها القمر المنير، كيف يمكنك أن تضيئ السماء بلا خوف أو خجل؟ كيف يمكنني أنا أيضًا أن أضي بكلماتي وشِعري؟”
وأغلقت دفترها بشيء من الحزن، متمنية لو كان القمر يستطيع أن يرد عليها أو يرسل إليها نجمةً صغيرة تهمس لها بالشجاعة.

اقرأ أيضًا: قصة عن أهمية التفكير الإيجابي: كيف غيّرت أفكاري عالمي الصغير

سرّ الخوف

في المساء، جلست ياسمين مع أمها في المطبخ، بينما كانت رائحة الكعك بالزبيب تنتشر في المكان. كانت الأم ترتّب الصينية في الفرن، وياسمين تتأمل بخجل أطراف ثوبها. بعد لحظات صمت قالت:
– “أمي… لماذا أشعر أنني أعجز عن الكلام أمام الناس؟”

جلست الأم قربها، ابتسمت وربّتت على كتفها وقالت:
– “يا صغيرتي، الخوف شعور طبيعي. كل إنسان يشعر به، حتى الكبار. لكنّك تفكّرين كثيرًا بما قد يحدث، تقولين في نفسك: ماذا لو أخطأت؟ ماذا لو لم يعجبهم كلامي؟ وهذه الأفكار مثل سلاسل تقيّدُكِ وتمنعك من الحركة.”

أصغت ياسمين بانتباه، وعيناها تلمعان بالدموع.
أضافت الأم:
– “لكن تذكّري، لا أحد كامل. حتى الشُعراء الكبار أخطؤوا قبل أن ينجحوا. الشجاعة ليست انعدام الخوف، بل المحاولة رغم الخوف. إذا أخطأتِ مرة، ستتعلمين، وإذا جربتِ مرتين، ستزدادين قوة! ومع كلّ محاولة، سيصبح صوتك أوضح.”

أطرقت ياسمين رأسها وقالت بصوت خافت:
– “لكن يا أمي، ماذا لو سخروا مني؟”
ابتسمت الأم وربّتت على يدها:
– “من يسخر لا يعرف قيمة الكلمة. والناس دائمًا يحترمون القوي الذي يحاول.”

فكّرت ياسمين طويلًا بكلام أمها، أدركت أن مشكلتها لم تكن في شِعرها، بل في الأفكار التي كانت تكبّلها. ابتسمت ابتسامة صغيرة، وكأن نورًا جديدًا أضاء داخلها، ووعدت نفسها أن تخوض تجربة صغيرة، حتى لو ارتجفت قدماها.

أولى الخطوات نحو الثقة بالنفس

في اليوم التالي، قررت ياسمين أن تبدأ بخطوة صغيرة. جلست أمام أخيها الصغير سامر، الذي كان يلعب بسيارته الحمراء على الأرض، وقالت له بخجل:
“هل تسمع قصيدتي الجديدة؟”
رفع سامر رأسه وضحك وقال: “طبعًا! لكن اقرئيها بصوتٍ عالٍ وببطء كي أسمع جيدًا.”

ترددت لحظة، ثم فتحت دفترها وبدأت تلقي أبياتها. كان صوتها يرتجف، لكن الكلمات خرجت رغم ذلك. عندما انتهت، صفق سامر بيديه الصغيرتين وقال:
– “واو! إلقاؤك جميل جدًّا! أنت رائعة.”

شعرت ياسمين بالدفء يسري في قلبها… جرّبت مساءً أن تقرأ لوالدها وهو يطالع جريدته. ابتسم وقال:
“-أنت شجاعة يا ياسمين. تذكّري أن الثقة بالنفس مثل الزهرة. تحتاج إلى رعاية كي تنمو.”

وفي اليوم التالي، جمعت شجاعتها وقرأت لصديقتها مريم تحت ظل شجرة المدرسة. عندما أنهت قصيدتها، صاحت مريم:
 “-أنتِ شجاعة أكثر مما تظنين. لو ألقيتِ هذا على المسرح لصفق لك الجميع!”

ومع كلّ مرّة، كان قلبها يخفق بقوة، لكن صوتها يزداد وضوحًا، بدأت تشعر أن خوفها لم يعد جبلًا ضخمًا كما كان، بل قد أصبح حجرًا صغيرًا يمكن أن تتخطّاه. كانت ابتسامتها تتسع أكثر فأكثر، كزهرة تتفتح مع كل صباح. وفي سرّها قالت: “ربما أستطيع… ربما أنجح.”

يوم الوقوف على المسرح

وأخيرًا جاء اليوم المنتظر! تزيّن المسرح بستائر زرقاء، والمقاعد امتلأت بالطلاب والمعلمين وأولياء الأمور، كانت القاعة تشعّ بالحماس، والكلّ يترقّب أسماء المشاركين. خلف الستار، كانت ياسمين تمسك دفترها بقوة، ويداها تتعرّقان، وقلبها يخفق كالطبول من جديد.

سمعت صوت المنادي: “والآن مع الطالبة ياسمين!”
شعرت أنّ قدميها ثقيلتان كصخرتين، لكنها تذكّرت كلمات أمها وأبيها، وتصفيق سامر، وتشجيع مريم. رفعت رأسها وقالت في سرّها: أنا أستطيع.”

تقدّمت بخطوات بطيئة نحو المسرح. الأضواء بدت قوية، والوجوه الكثيرة أمامها جعلت قلبها يسرع أكثر… للحظة، كادت أن تهرب، لكنها تنفّست بعمق، ثم بدأت تقرأ:

“أحلامُ قلبيَ تكبُرُ
كالنور يغفو ويَنشُرُ
أحيا بفرحةِ وردةٍ
للصُّبحِ دوما أُقبل

أرنو لبيتٍ هادئٍ
فيه المحبةُ تُزهِرُ
وأصيرُ يوما ناجحةً
أرعى الضعيفَ وأشكُرُ

اللهُ يراني دائما
بالخيرِ نفسيَ تُبصِرُ
أطوي السماءَ بلُعبي
ونحو الغدِ الجميل أُبحر

في البداية كان صوتها خافتًا مثل همسة، لكن شيئًا في داخلها اشتعل! شعرت أنها ليست وحدها، بل كل من تحبهم يقفون معها. تذكّرت القمر الذي كان يصغي إليها دائمًا، وتخيّلت أنه يبتسم لها من النافذة العالية. صار صوتها أعلى وأوضح ومليئًا بالثقة.

وعندما انتهت، دوّى التصفيق في القاعة… وقفت ياسمين مذهولة للحظة، ثم ابتسمت، وامتلأ قلبها فرحًا. حتى المعلّمة التي لطالما انتظرت أن تسمع صوتها، ابتسمت بفخر وكأنها تقول: “لقد فعلتها يا ياسمين.”

الثقة بالنفس تضيء الطريق

بعد أن نزلت عن المسرح، أحاط بها أصدقاؤها يهنئونها، وقالت لها مريم:
 _ “رأيتِ؟ كنتِ رائعة! لم أتخيل أن صوتك سيصدح بهذه الثقة.”

قال سامر الذي حضر مع والدته:
 _ “أختي أفضل شاعرة في العالم!”

شعرت ياسمين أن قلبها صار خفيفًا كالهواء. لم يختفِ خوفها تمامًا، لكنه صار أصغر بكثير، مثل ظلّ بعيد لا يمنعها من التقدّم. ابتسمت لنفسها وقالت:
– “الثقة بالنفس لا تعني أن لا نخاف، بل أن نجرؤ على مواجهة خوفنا.”

منذ ذلك اليوم تغيّرت ياسمين. صارت ترفع يدها في الصف لتشارك بلا تردد، وتكتب قصائدها بفخر، وتقرأ ما تكتبه لأصدقائها بابتسامة. صارت تضحك أكثر، تحلم أكثر، وتثق أن صوتها يستحق أن يسمع.

وذات مساء، جلست قرب نافذتها كعادتها، وفتحت دفترها. كتبت:

أحلامي الصغيرة قد كبُرتْ…
ولم تعد تخافُ من الخطرِ…
فتحت أجنحتها، عزمتْ…
وحلّقت بعيدًا مع الفجر…”

رفعت رأسها إلى القمر، وقالت:
– “شكرًا لك يا صديقي، لم أعد أخجل من ضوئي! سأضيء مثلما تفعل دائمًا.”

وهكذا، تحوّلت “أحلام ياسمين الصغيرة” إلى نورٍ يضيء قلبها، ويعلّم كل طفلٍ أنّ الشجاعة تبدأ بخطوة صغيرة، وأنّ الثقة بالنفس تجعل الحياة أجمل وأبهى. ومنذ ذلك اليوم، صارت ياسمين تذكّر كل من يسمع قصائدها أن صوته أيضًا يستحق أن يرى النور.

اقرأ المزيد من القصص القصيرة الملهمة.

ماذا يوجد خارج كوكب الأرض؟! | قصة تعليمية عن كواكب المجموعة الشمسية

في إحدى الليالي الصافية، جلس الطفل سامر ينظر من نافذة غرفته إلى السماء المرصّعة بالنجوم، كانت النجوم تلمع كأنها عيون صغيرة تراقبه من بعيد. سأل سامر نفسه: “تُرى، ماذا يوجد خارج كوكب الأرض؟ هل هناك أطفال مثلنا يعيشون هناك؟”

دخلت أخته ليلى الغرفة، ورأت سامر شارد الذهن. قالت بابتسامة: “تتأمل السماء من جديد؟”

هزّ رأسه قائلاً: “أريد أن أعرف عن الكواكب. أريد أن أزورها بنفسي!”

ضحكت ليلى وقالت: “يمكن أن نحلم برحلة معاً. ربما في الحلم نمتلك مركبة فضائية سريعة!”

أغمضا أعينهما، وفجأة وجدا نفسيهما داخل مركبة لامعة بأزرار مضيئة، ظهر أمامهما روبوت صغير اسمه “نوفو”، وقال بصوت لطيف: “مرحباً أيها المغامران! أنا دليلكما إلى كواكب المجموعة الشمسية. هل أنتما مستعدّان للرحلة؟”

صاح الطفلان بحماس: “جاهزان!”

بدأت المركبة تهتز وانطلقت بسرعة كبيرة، إلى أن تجاوزت الغلاف الجوي للأرض. شاهد الطفلان كوكبنا الأزرق يبتعد شيئاً فشيئاً، حتى بدا مثل كرة صغيرة تسبح في الظلام!

قال سامر بدهشة: “يا إلهي! لم أتصوّر أن الأرض تبدو هكذا من الفضاء!”

ابتسم نوفو وقال: “هذه مجرد بداية. هيا نكتشف ماذا يوجد خارج كوكب الأرض!”

ثم أضاف: “رحلتنا اليوم ستكون لزيارة كواكب المجموعة الشمسية القريبة، ستتعلّمان الكثير عن هذه الكواكب”

الكوكب الأحمر

قال نوفو: “أول محطة ستكون كوكب المريخ.”

اقتربت المركبة من كوكب أحمر اللون، يحيط به الغبار والعواصف. كانت الجبال هناك شاهقة، وأكبر بركان في النظام الشمسي يقف شامخًا وكأنه قلعة ضخمة.

هتفت ليلى: “إنه يبدو مخيفاً قليلاً!”

أجابها نوفو: “لكن العلماء يحبون المريخ كثيراً، فهم يظنون أنه قد يكون صالحًا للعيش في المستقبل. هناك جليد تحت سطحه، وربما ماء أيضاً.”

هبطت المركبة برفق، ونزل الصغيران يرتديان بدلات فضائية صغيرة. أخذ سامر حفنة من التراب الأحمر وقال: “كم هو مختلف عن تراب الأرض!”

ضحك نوفو وقال: “ولهذا يسمّونه الكوكب الأحمر.”

بينما كان الثلاثة يتجولون، ظهرت أمامهم آثار قديمة تشبه الأنهار اليابسة. قالت ليلى: “هل كانت هناك حياة هنا؟”

رد نوفو: “لا نعرف بعد، لكن العلماء يبحثون دائماً عن أدلة.”

سمع الأطفال صوت صفير، وفجأة بدأت عاصفة ترابية تقترب. أسرعوا عائدين إلى المركبة، وأُغلقت الأبواب بإحكام.

قال سامر وهو يلهث: “يا لها من مغامرة! المريخ جميل، لكنه مليء بالمفاجآت.”

ابتسم نوفو: “هيا نكمل رحلتنا، فما زال أمامنا العديد من الكواكب الأخرى لاكتشافها!”

ثم أضاف مبتسمًا: “تخيلوا لو كان لدينا بيوت زجاجية كبيرة هنا، يمكننا أن نزرع فيها البطاطا والطماطم ونعيش كروّاد فضاء حقيقيين!” ضحك الطفلان بحماس، وراحا يتخيّلان مزرعة خضراء وسط الصحراء الحمراء.

العملاق الغازي

قال نوفو: “تمسكّا جيداً، نحن الآن في طريقنا إلى كوكب آخر من كواكب المجموعة الشمسية، المشتري!”

بدأ الكوكب يقترب، وكان ضخماً جدّاً حتى بدت المركبة كذرة صغيرة بجانبه! لفتت انتباه الأطفال بقعة حمراء هائلة تدور في الكوكب.

قال سامر بدهشة: “ما هذه البقعة الكبيرة؟”

أجاب نوفو: “هذه عاصفة عملاقة تدور منذ مئات السنين، أكبر من حجم الأرض نفسها!”

اقتربوا أكثر، فرأوا أقمارًا كثيرة تدور حول المشتري. أشار نوفو إلى أحدها وقال: “هذا قمر أوروبا، يعتقد العلماء أن تحته محيطًا ضخمًا قد يحتوي على حياة.”

قالت ليلى: “تخيّل لو وجدنا أسماكاً فضائية هناك!” وضحكوا جميعًا.

لكن المشتري لم يكن مكاناً يمكنهم الهبوط فيه، لأنه كوكب غازي، ولا سطح صلب يهبطون عليه. اكتفى الأطفال بمشاهدة ألوانه الزاهية تدور وتتماوج كأنها لوحة فنية ضخمة.

قال نوفو: “المشتري هو الحامي لكواكب المجموعة الشمسية، فجاذبيته القوية تجذب الكثير من الصخور والمذنبات وتحمي الأرض من الاصطدامات والنيازك.”

شعر الأطفال بالفخر وقالوا: “إذن علينا أن نشكره!”

ابتسم نوفو: “هيا نكمل رحلتنا نحو الكوكب التالي!”

ثم همس: “لولا المشتري لما كانت الأرض آمنة كما هي الآن. إنّه صديقنا الضخم، وحامينا الكبير على الرغم أنه لا يملك سطحًا صلبًا كالأرض.”

حلقات ساحرة

قال نوفو بحماس: “الآن ستشاهدون أجمل كواكب المجموعة الشمسية، زُحَل!”

ظهر الكوكب الأصفر الذهبي تحيط به حلقات واسعة لامعة… لم يتمالك سامر نفسه وصرخ: “إنه أجمل مما تخيّلت!”

اقتربت المركبة من الحلقات، وكانت مكوّنة من ملايين الصخور والثلوج الصغيرة التي تدور بسرعة حول الكوكب.

قالت ليلى: “إنها تشبه عقداً ضخماً يزين الكوكب!”

أجاب نوفو: “صحيح. وزحل لديه أكثر من 80 قمرًا، بعضها غريب مثل قمر تيتان الذي يملك بحيرات من غاز الميثان السائل.”

كلّ شيء كان لامعًا مضيئًا، وحينما قرّروا المرور بين حلقات زحل، رأوا صخوره تلمع كالألماس.

وفجأة ارتطمت قطعة صغيرة بالمركبة وأصدرت صوتاً عالياً. ارتجف سامر وقال: “هل سنسقط؟”

طمأنهم نوفو: “لا تقلقا، مركبتنا قوية ضدّ الصدمات الفضائية!”

قالت ليلى: “أريد أن أبقي هذه الصورة في قلبي للأبد.”

رد نوفو: “كل ما تريانه اليوم سيبقى في ذاكرتكما ما دمتما تحبّان المعرفة.”

ثم فتح شاشة صغيرة أمامهم، عرضت صورة لحلقات زحل كما يراها التلسكوب من الأرض. قال نوفو: “يمكننا رؤية حلقات زحل من كوكب الأرض أيضًا، باستخدام التليسكوب. إنّها من أجمل ما يشاهده علماء الفلك.” عندها شعرت ليلى وكأنها أصبحت عالمة فضاء صغيرة، وقالت بحماس: “سأرسمها في دفتري غداً!”

أبعد مما نتخيل

قال نوفو: “الآن سنذهب إلى أبعد كواكب المجموعة الشمسية: نبتون.”

اقتربوا من كوكب أزرق صغير نسبيًا، وكانت رياحه قوية وسريعة جدّاً، أسرع من أي ريح على الأرض.

قال سامر بدهشة: “إنه أزرق جميل، كأنه محيط ضخم.”

أجاب نوفو: “نبتون بارد جدّاً، لكنه مليء بالعواصف، وله أقمار أيضاً، أشهرها تريتون.”

اقتربوا قليلاً، ورأوا غيوماً بيضاء تتحرك بسرعة جنونية. قالت ليلى: “لا أعتقد أنني أستطيع العيش هنا!”

ضحك نوفو: “لا أحد يستطيع العيش هنا، لكنه كوكب رائع للدراسة والمشاهدة.”

بينما كانوا ينظرون، لمحوا من بعيد ضوء مذنب يعبر السماء. قال سامر: “إنه كألعاب نارية فضائية!”

رد نوفو: “الفضاء مليء بالمفاجآت، وكلما ابتعدنا أكثر زاد الغموض.”

تنهدت ليلى: “لكنني بدأت أشتاق إلى كوكبنا الصغير.”

ابتسم نوفو: “رحلتنا لم تنتهِ بعد، لأن أهم محطة ستكون العودة إلى الأرض.”

وأضاف: “تخيلوا يا أصدقائي أن نبتون يحتاج أكثر من 160 سنة أرضية ليكمل دورة واحدة حول الشمس! أي أن السنة هنا أطول من عمر الإنسان!”

كواكب أخرى بانتظار الاكتشاف

_ “هذه إذن هي كواكب المجموعة الشمسية التي نسمع عنها في البرامج الوثائقية!”

قالت ليلى مستدركة، وأضاف الروبوت الصغير نوفو حينها:

_”نعم، لكنّها ليست الوحيدة. في الواقع تضمّ المجموعة الشمسية تسعة كواكب، تدور جميعها حول الشمس…أوّلها كوكب عطارد، إنّه كوكب حارّ جدًا بسبب قربه الشديد من الشمس.”

_ “أشدّ حرًّا من الصيف في صحراء الأرض؟!” سأل سامر.

_ “أجل، بملايين المرّات!”

_ “لا يبدو كوكبًا مناسبًا للزيارة!”

ضحك كلّ من نوفو وليلى موافقين، ثمّ واصل نوفو:

_”يليه كوكب الزهرة، كوكب حارّ أيضًا بسبب قربه من الشمس، وبعده كوكب الأرض، وطننا الحبيب، ثمّ المريخ، والمشتري، وبعدهما زحل، ويليه أورانوس، ونبتون وأخيرًا بلوتو.”

_” تسعة كواكب جميلة تدور كلها حول شمس واحدة، كصغار تلتفُّ حول امّها!” قالت ليلى.

_”ههههه، صحيح، لكن…قرّر العلماء قبل بضعة سنوات إقصاء كوكب بلوتو من المجموعة الشمسية، لأنه صغير جدًّا، وبعيد جدًّا.”

_”مسكين، كوكب بلوتو…” قال سامر في حزن.

_”سأعتبره كوكبًا من كواكب المجموعة الشمسية برغم كلّ شيء!” قالت ليلى وضحك نوفو.

_ “لستِ الوحيدة، ما زال البعض يعتبره من كواكب المجموعة الشمسية أيضًا.”

العودة إلى البيت الأزرق

قال نوفو: “الآن حان وقت العودة إلى موطنكم.”

بدأت المركبة تتحرّك بسرعة نحو كوكب الأرض، ومع اقترابهم، شاهدوا الكرة الزرقاء تلمع وسط السواد. كان المشهد مهيباً لدرجة جعلتهم يصمتون لحظة.

قال سامر: “بعد كل ما رأيناه، أدركت أن الأرض جميلة جدّاً، وهي المكان الأنسب للحياة.”

أضافت ليلى: “نعم، كل الكواكب رائعة وغامضة، لكنها ليست مثل بيتنا.”

ابتسم نوفو وقال: “لهذا يجب أن تحافظوا على كوكبكم، فهو أغلى من كل كواكب المجموعة الشمسية الأخرى.”

هبطت المركبة بلطف في حديقة المنزل، وعاد الطفلان إلى غرفتهما. فتحا أعينهما ليجدا نفسيهما في سريريهما، وكأن الرحلة كانت مجرد حلم.

لكن عندما نظر سامر إلى النافذة مرة أخرى، رأى نجمة تلمع بشكل مختلف، وكأنها إشارة سرية من نوفو. ابتسم وقال: “ربما لم يكن حلمًا بعد كل شيء.”

ضحكت ليلى وقالت: “سواء كان حلماً أو حقيقة، المهم أننا تعلّمنا أن الفضاء مليء بالأسرار، وأن الأرض هي أغلى كنز.”

ثم احتضنت أخاها قائلة: “من الآن فصاعداً، لن ننظر إلى السماء كأنها مجرد نجوم، بل كأصدقاء يدعوننا لاكتشاف المزيد.”

اقرأ المزيد من القصص التعليمية الممتعة على حدّوتة.

قصة آدم عليه السلام | سلسلة قصص الأنبياء للأطفال

مرحبًا يا أصدقاء في سلسلة قصص الأنبياء، والتي سنبدأها بقصّة النبي آدم عليه السلام. أول من خُلق من البشر. قصّته تخبرنا كيف بدأ الإنسان، وكيف علّمه الله كل شيء، وكيف أحبّه وكرّمه. استعد لرحلة ممتعة نكتشف فيها بداية الحكاية التي تخصّنا جميعًا.

آدم عليه السلام في الجنة

في قديم الزمان، قبل أن توجد الجبال العالية والأنهار الجارية كما نعرفها اليوم، شاء الله تعالى أن يكرّم هذا الكون بمخلوقٍ جديد يعبده ويعمر الأرض بالخير. خلق الله آدم عليه السلام من طينٍ لطيفٍ نديّ، ثم نفخ فيه من روحه، فصار آدم إنسانًا كاملًا يسمع ويرى ويتفكّر، وفتح آدم عليه السلام عينيه على رحمة الله، ووجد نفسه في جنّةٍ جميلة فيها أشجارٌ مثمرة، وأنهارٌ صافية، وأزهارٌ عطرة، وطيورٌ تغرّد بألحانٍ مبهجة.

كان آدم عليه السلام ذا قلبٍ طيبٍ ولسانٍ شاكر، وعلّمه الله أسماء الأشياء من حوله حتى يعرفها ويستخدمها، فصار يتعرّف إلى النعَم ويشكر الله عليها… ثم أمر الله الملائكة أن يسجدوا سجود تكريمٍ واحترام لآدم، فسجدوا جميعًا امتثالًا لأمر الله، لكنّ إبليس الشيطان تكبّر ورفض، فاستحقّ غضب الله، وصار عدوًّا للإنسان يوسوس له ليصرفه عن الخير!

وصارت غاية خلق آدم عليه السلام أن يعرف ربّه ويشكره ويحافظ على الطاعة.

اقرأ أيضًا: قصّة الهدهد والنبي سليمان عليه السلام

آدم وحوّاء

شاء الله تعالى فيما بعد أن يجعل لآدم عليه السلام صحبةً طيبة تؤنسه وتعاونه، فخلق له زوجته حوّاء. فرح آدم بها، وفرحت هي به، وصارا يتجولان في الجنة معًا، يقطفان من ثمارها ويستمتعان بظلالها الباردة ومياهها العذبة. لم يكن في الجنة تعبٌ ولا حزن، بل راحةٌ وطمأنينة، وكلّ شيء يذكّر بالمنعم الكريم.

أمر الله تعالى آدم وحوّاء أن يسكنا الجنّة، يجولان ويطوفان فيها، يأكلان من خيراتها وينعمان بما فيها من مناظر خلاّبة ساحرة. ونهاهما عن الاقتراب من شجرة واحدة في الجنة. فهي ممنوعة عليهما. كان الأمر واضحًا وسهلًا؛ في الجنة من الخيرات ما يغنيهما، فلا حاجة للاقتراب مما نُهيَا عنه.

قال تعالى:

“وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين” – البقرة 36

كان آدم عليه السلام وزوجته يعلمان أن الطاعة تحفظ النعمة، وأن شكر الله يديمها، وقد كان لديهما من النعم ما لا عين رأت ولا خطر على قلب بشر من القصور والفواكه الحلوة والذهب والأنهار الصافية من اللبن والعسل والسكينة التي تملأ القلوب.

وسوسة العدو

لكنّ العدوّ القديم، إبليس، لم ينسَ حقده. أخذ يوسوس سرًّا: “اقتربا من تلك الشجرة، فيها سرٌّ كبير… إن أكلتما منها ستصيران أعظم!” وحاول أن يُلبِس الباطل ثوبَ الخير، وأن يخلط الأكاذيب بالوعود المزيّفة.

في لحظة ضعفٍ ونسيان، اقترب آدم عليه السلام وحوّاء، فأكلا من الشجرة الممنوعة! ما إن فعلا ذلك حتى شعرا بالحزن في قلبيهما، فقد خالفا أمر الله، وعرفا أنّ طمأنينة الجنة لا تُحفظ إلا بالطاعة، وأن وسوسة إبليس كانت فخًّا.

لم يبرّرا خطأهما، ولم يقولا: “لم نقصد!” بل أسرعا إلى التوبة… ردّد آدم عليه السلام كلمات علّمه الله إيّاها يدعو بها:

“قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين” – الأعراف 23

لرحمة الله بعباده قبل توبتهما لكنه قضى أن ينزلا إلى الأرض وتبدأ رحلتهما الجديدة: رحلةُ تعمير الأرض بالعمل الصالح، لكي يتعلّم أبناء آدم عليه السلام أنّ الطاعة طريق النجاة، وأن الخطأ إذا لحقته توبةٌ نصوح، يزيد القلوب قربًا من الله.

بداية الحياة على الأرض

هبط آدم عليه السلام وحوّاء إلى الأرض، فاستقبلتهما طبيعةٌ واسعة: سماءٌ زرقاء، جبالٌ شامخة، سهولٌ خضراء، وبحارٌ رحبة. على الأرض تعبٌ وشمسٌ وليلٌ ونهار، فيها جهدٌ وتعلّم وتجربة. لكن الله لم يتركهما وحدهما؛ أنزل عليهما الهداية، وعرّفهما كيف يعيشان ويعبدان ويعلّمان أبناءهما الخير.

على الأرض وُجد التنوع: ألوانٌ كثيرة من الطيور والنباتات والحيوانات، وكلّها تذكّر بالخالق العظيم، ومع كل صعوبةٍ واجهتهما، كان آدم وحوّاء يتذكران أنّ الله يحب الصابرين، وأن الطريق الصحيح يبدأ بالصدق في القول والعمل.

عهدٌ للأرض ورسالةٌ للأجيال

كبرت أسرة آدم عليه السلام، وصار له أبناءٌ وبنات، لكلٍّ منهم طبعه وميوله. علّمهم أن العبادة لا تقتصر على الصلاة والدعاء فقط، بل تشمل الصدق في الكلام، والعدل بين الإخوة، ومساعدة الضعيف، وشكر النعمة. فالله يرانا في كل حين فلنكن له طائعين، وللناس نافعين.

مضت السنوات، واشتعل رأس آدم عليه السلام شيبًا، وقد أدّى أمانته: عبد ربّه، وتاب حين أخطأ، وبنى أسرةً تعلّمت معنى الطاعة والمحبة. وكان آدم عليه السلام نبيًّا مكلَّمًا، أنزل الله إليه الوحي، يعلّم أبناءه وأحفاده عبادة الله وحده ويحذّرهم من عداوة الشيطان، ليعرفوا أن السعادة في طاعة الله، وأن التوبة باب مفتوح لمن أخطأ.

إن الأرض أمانة من الله لا بد أن نغرس فيها الخير، ونصدق ونخلص في العمل، وأن العلم نور في الدنيا والآخرة، وعمار الأرض لا يكون إلا بالعدل، فالعدل ميزان الله، ثم بالإحسان إلى الآخرين وطاعة الله وحده قبل كل شيء.

ثم حان الوداع وتوفي آدم عليه السلام، ليخلّد الله ذكره في قلوب المؤمنين، نبيًّا كريمًا وأبًا رحيمًا. ومن بعده، حمل الناس الرسالة جيلًا بعد جيل: الشكر يحفظ النعمة، والاستغفار يمسح العثرة، والطاعة طريق السعادة في الدنيا والآخرة.

العبرة

يا أحبّتي، نتعلّم من قصّة آدم عليه السلام أن نكون شاكرين لله على كل نعمة بين أيدينا، وأن نسرع إلى التوبة إذا أخطأنا مثلما تاب هو وحوّاء. فقد عاش آدم في الجنة بسعادة، لكن حين نسي أمر الله نزل إلى الأرض، ومع ذلك لم ييأس، بل رجع إلى ربّه فغفر له ليذكرنا دائمًا أنّ باب التوبة مفتوح، وأن الشيطان يحاول أن يوسوس لنا كما فعل مع آدم عليه السلام، لكننا نستطيع أن نغلبه إذا تمسّكنا بالطاعة.

إذا حفظنا هذه العبرة في قلوبنا، عشنا على الأرض بسلام، وزرعنا الخير أينما كنّا، وتطلّعت قلوبنا إلى جنّة عرضها السماوات والأرض، حيث يرضى الله عن عباده المحسنين.

اقرأ المزيد من قصص الأنبياء على حدّوتة.

الصياد المسكين و المارد اللعين

القصة تتحدث عن رجل فقير من عباد الله يعيش على شاطئ البحر مع زوجته وأولاده الثلاثة. كان مصدر رزقه الوحيد هو شبكة الصيد التي يرميها كل صباح أربع مرات، لا أكثر ولا أقل. فقد تعود أن يقول لنفسه: “إن لم تخرج الشبكة بسمك في هذه المحاولات الأربع فلن أبحث أكثر، لأن الصحة لا تُشترى، والرزق بيد الله.”

كان يؤمن بأن السعي مطلوب، لكن الإفراط في إرهاق الجسد طلبًا للرزق لا يزيد سوى المشقة، وأن ما قسمه الله له سيأتيه في النهاية. القصة ترمز إلى الصبر، القناعة، والإيمان بأن الرزق مقسوم، مع تذكير أن الاعتدال في السعي هو الطريق لحياة متوازنة.

قصة للأطفال عن العناية بالأسنان | نورة والأسنان السعيدة

قد تكون العناية بالأسنان للأطفال أمرًا في غاية الصعوبة، خاصّة مع حبّهم الشديد للسكاكر والحلوى، وإعراضهم بشكل عام عن تنظيف الأسنان قبل النوم، ما قد يسبّب التسوّس والآلام للصغار. في قصّة اليوم، نكتشف مع نورة أهميّة العناية بالأسنان وتنظيفها بشكل دوري للحفاظ على صحّتها وإشراقتها! قصّة ممتعة لصغارك لتحفيزهم على اكتساب هذه العادة الصحيّة المهمّة.

بداية العطلة

كانت نورة تعيش في مدينة كبيرة تعج بالحياة والألوان، حيث تلمع ناطحات السحاب في النهار وتتلألأ الأنوار ليلًا… في حي هادئ وسط المدينة، كان هناك منزل صغير مليء بالزهور والأشجار العالية، في هذا المنزل عاشت نورة مع أسرتها.

نورة فتاة في العاشرة من عمرها، ذات شعر بني ناعم وعينين لامعتين تبرزان فضولها الدائم لمعرفة كل جديد. كانت طيبة وبشوشة فابتسامتها التي لا تفارق وجهها، لكنها كانت دائمًا مشغولة باللعب والمغامرات. كانت تحب الرسم والركض مع أصدقائها في النادي الصيفي القريب، وتحب استكشاف المدينة مع عائلتها في عطلات نهاية الأسبوع.

في هذا الصيف، ومع بداية العطلة الصيفية، كانت نورة متحمسة لقضاء وقت طويل في النادي الصيفي؛ لأنّها تتوق للحرية واللعب في الهواء الطلق، لكن هناك أمر واحد لم تكن تحبه في أي وقت وتهمله أكثر في العطلة وهو: تنظيف أسنانها.

كانت أمها، التي تهتم كثيرًا بصحة نورة، تحرص على تذكيرها كل صباح:

“نورة، لا تنسي غسل أسنانك جيدًا قبل الذهاب إلى النادي، الأسنان النظيفة تجعل ابتسامتك أجمل.”

لكن نورة كانت ترد بابتسامة طفولية:

“لاحقًا يا أمي… سأغسلها عندما أعود.”

وعندما يعود المساء، وبعد اللعب والمرح في النادي، كانت تقول لنفسها:

“غدًا سأغسلها، الآن أنا متعبة جدًّا.”

أما صديقتها سارة، التي كانت مهتمة بأسنانها، فقد كانت دائمًا تحمل فرشاة أسنانها الصغيرة معها في النادي، وتقول بفخر:

“أنا أغسل أسناني مرتين يوميًّا، وأشعر دائمًا بالراحة والنظافة.”

فتضحك نورة وتقول لها:

“هذا ممل!”

بداية الألم

مرت أسابيع على إهمال نورة، وبدأت تشعر بألم مزعج في أحد أسنانها الخلفية، لكنها لم تخبر أحدًا. استمر الألم في التزايد، وأصبح يزعجها أثناء اللعب في النادي وخاصة عند النوم.

في إحدى الليالي، استيقظت نورة من الألم الشديد وركضت إلى أمها التي احتضنتها بحنان وقالت:

“لا تقلقي يا حبيبتي، سنذهب غدًا إلى طبيبة الأسنان.”

في العيادة، جلست نورة على الكرسي الكبير بقلق، وفتحت فمها لتفحص الطبيبة أسنانها بعناية. قالت الطبيبة بابتسامة مطمئنة:

“لديك تسوّس عميق، ولهذا تشعرين بهذا الألم.”

قالت نورة بخوف:

“هل سأفقد سني؟”

طمأنتها الطبيبة:

“سنحاول علاجه، ولكن كان من الممكن تجنب هذا الألم لو اعتنيت بأسنانك منذ البداية.”

وأوضحت:

“التسوّس يسبب ألمًا شديدًا قد يمتد إلى الرأس والأذن. والأسنان الصحية تساعدك على الابتسام بثقة وتناول الطعام بسهولة.”

ثم أضافت:

“اختاري معجون أسنان يحتوي على مكونات طبيعية مثل زيت النعناع أو الصبار، فهي تساعد على تهدئة اللثة وحماية الأسنان من الجراثيم، ولا تنسي تغيير فرشاة أسنانك كل ثلاثة أشهر لتبقى فعالة.”


الحلم العجيب

أثناء النوم حلمت نورة حلمًا غريبًا، حيث وجدت نفسها داخل عالم عجيب يشبه مملكة كبيرة داخل فمها! هناك، كان كل شيء مصنوعًا من الأسنان اللامعة واللثة الوردية، لكنها لاحظت أن بعض الأسنان كانت حزينة، بعضها مكسور وبعضها مغطى بالبقع السوداء.

فجأة، ظهرت الملكة لؤلؤة، ملكة الأسنان السعيدة، ترتدي تاجًا لامعًا من اللؤلؤ النظيف، وقالت بنبرة لطيفة:

“نورة، هذه مملكتي العظيمة، لكن انظري! بعض الأسنان تعاني بسبب الإهمال، والتسوّس هو عدونا الأكبر.”

ثم ظهرت الفرشاة الحكيمة، التي كانت ذات شعيرات ناعمة وابتسامة ودودة. قالت:

“تعالي، سأعلمك كيف تنظفين أسنانك بطريقة صحيحة. لا تنظفي أسنانك فقط بالتحريك ذهابًا وإيابًا، بل بحركات دائرية ناعمة من الأعلى إلى الأسفل. لا تنسي تنظيف كل الأماكن، تحديدًا خلف الأسنان واللثة؛ لأنها الأماكن التي يحب الجراثيم أن تختبئ فيها.”

أشارت الملكة لؤلؤة إلى خيط الأسنان الذي كان يلمع بين الأسنان وقالت:

“وهذا هو الخيط السحري، يساعدك على تنظيف الأماكن الضيقة بين الأسنان التي لا تصل إليها الفرشاة.”

ثم قالت الملكة:

“كما يجب عليك تنظيف لسانك بلطف، فهو مكان تتجمع فيه الجراثيم التي تسبب رائحة الفم الكريهة.”

وأكملت الفرشاة الحكيمة:

“استعملي معجون أسنان صحّيّ ومناسب لطبيعة لثتك وأسنانك.”

نظرت نورة حولها، ورأت الأسنان السعيدة تبتسم وتتلألأ، بينما ابتعدت الأسنان السوداء وهي تذبل. تعهدت نورة في قلبها أن تعتني بأسنانها جيدًا، وهتف كل سكان المملكة:

“نحن نثق بكِ يا بطلة مملكتنا!”

التغيير في النادي الصيفي و العناية بالأسنان

في صباح اليوم التالي، استيقظت نورة مبكرة قبل الذهاب إلى النادي الصيفي، وأحضرت فرشاة أسنانها الصغيرة ومعجون الأسنان الطبيعي. ذهبت إلى حمام النادي، وأمام مرآة الحمام نظفت أسنانها بحركات دائرية ناعمة، كما تعلمت من الملكة لؤلؤة والفرشاة الحكيمة، كانت تركز على تنظيف الأسنان الخلفية حيث كان الألم، وحرصت على تنظيف لسانها أيضًا بلطف.

خلال استراحة الغداء، أخرجت نورة خيط الأسنان السحري الذي اشترته حديثًا، وتعلمت من والدة صديقتها كيف تستعمله بحذر بين الأسنان. لاحظت سارة هذا التغيير وقالت:

“واو، نورة، تبدين محترفة! هل ستشاركيننا كيف تعتنين بأسنانك؟”

ابتسمت نورة وقالت:

“بالطبع! نظافة الأسنان سهلة وممتعة عندما تعرفين الطريقة الصحيحة.”

نظّم النادي نشاطًا كبيرًا بعنوان “ابتسامتنا سر سعادتنا”، حيث اجتمع الأطفال مع المشرفين، ورسموا ملصقات ولوحات ملونة تُظهر فرشاة الأسنان كبطلة تحارب التسوّس. تعلم الأطفال من خلال عرض مسرحي بسيط كيف يمكن للتسوس أن يدمر الأسنان وكيف تساعدهم الفرشاة والخيط والمعجون في الحفاظ عليها.

شاركت نورة مع أصدقائها ليلى وراكان في تقديم قصة قصيرة عن مملكة الأسنان السعيدة التي تحكمها الملكة لؤلؤة. استخدموا مجسمات وفرشًا وأسنانًا بلاستيكية لشرح كيفية التنظيف الصحيح. كان الجميع مستمتعين وتعلموا الكثير.

في نهاية النشاط، شكر المشرفون الفريق، وقالوا:

“أحسنتم! أنتم أبطال، وستجعلون النادي مكانًا أكثر صحة وسعادة.”

ومنذ ذلك اليوم، أصبحت نورة مصدر إلهام لأصدقائها في النادي، يلاحظونها وهي تحمل فرشاة أسنانها دائمًا، وتحرص على العناية بأسنانها جيدًا، وتعلم الآخرين بنفس الشغف.

نورة بطلة الابتسامة

مع مرور الأيام في النادي الصيفي، تحوّلت نورة من فتاة كانت تهرب من تنظيف أسنانها إلى بطلة حقيقية تهتم بصحة أسنانها وتلهم أصدقاءها بفعل الشيء نفسه. أصبحت نورة مثالًا يُحتذى به بين الأطفال، وكانت دائمًا تحمل معها فرشاة الأسنان ومعجون الأسنان الطبيعي في حقيبتها.

في إحدى جلسات النادي، نظمت المشرفة سعاد مسابقة صغيرة بعنوان “أفضل ابتسامة”. طلبت من الأطفال أن يحكوا قصصهم عن العناية بالأسنان أو يشاركوا نصائحهم. وقفت نورة أمام الجميع، وأخبرتهم عن حلمها في مملكة الأسنان السعيدة والملكة لؤلؤة التي علمتها كيف تنظف أسنانها بطريقة صحيحة.

وتابعت بحماس:

“أنا الآن أغسل أسناني مرتين يوميًّا، بحركات دائرية لطيفة، وأنظف لساني وأستخدم الخيط السحري الذي يساعد على إزالة بقايا الطعام بين الأسنان.”

تحدثت عن الألم الذي عانته في السابق، وكيف أن العناية بالأسنان والاهتمام الجيد بها هو الطريق إلى الابتسامة الجميلة والراحة أثناء الأكل والنوم.

ابتسم الأطفال بفضول، وبدؤوا يطرحون أسئلة حول أفضل الطرق للعناية بالأسنان، فأجابت نورة بكل ثقة مؤكدة أن اللعب والانشغال لا يمنعانها من الاهتمام بأسنانها.

في نهاية المسابقة، أعلنت المشرفة سعاد:

“كلنا فائزون عندما نهتم بصحتنا، لكن نورة استحقت لقب بطلة الابتسامة!”

صفّق الجميع، وعلّقت إدارة النادي لوحة شكر في المدخل كتبوا عليها:

“أبطال الابتسامة – نورة قائدة الصحة والبهجة”

منذ ذلك اليوم، أصبحت نورة بطلة النادي، حيث تلعب دورًا فعالًا في نشر الوعي بين أصدقائها، وتحرص على أن يكون النادي مكانًا نظيفًا وصحيًّا في كل شيء. كانت دائمًا تبتسم بثقة، وتعلم الجميع أن كل شيء نفعله في الحفاظ على صحتنا -مهما بدا سخيفًا- يجعلنا أكثر رضا وسعادة.

تعرّف على أهمية الغذاء المتوازن مع قصّة طبق الألوان المرح.

Exit mobile version