مجموعة متفرّدة من الحكايات الهادئة والمثالية لوقت النوم. قصص قصيرة مهدئة وقصص قبل النوم تساعد الطفل على الاسترخاء وتحفّز خياله وتخلق جوّا من الراحة والهدوء لتعزيز رفاه الطفل النفسي والعاطفي.
في مساءٍ هادئ، جلست «ليان» عند نافذة غرفتها تنظر إلى النجوم. كان يومها مليئًا بالخير؛ ساعدت أمها في ترتيب البيت، وأخرجت من حصّالتها صدقةً وضعتها في صندوق المدرسة، وابتسمت لصديقتها التي كانت حزينة.
قبل أن تنام، همست بصوتٍ خافت: «اللهمّ ارزقني الجنة، وأعِذْني من النار»، ثم غفت وقلبها مليء بالطمأنينة.
رأت في حلمها عصفورًا أبيض صغيرًا، يطير حولها ويغرّد بلحنٍ رقيقٍ كأنه يقول: «تعالي معي». تبعته، فإذا بساحة واسعة لامعة كأنها من اللؤلؤ، وعلى طرفها باب كبير يضيء بنورٍ لطيف لا يؤذي العين، وفوقه مكتوب «سلام». اقتربت ليان بخطوات مترددة، فإذا بروائح طيبة مثل رائحة الياسمين تملأ المكان وتغمر قلبها براحةٍ لم تعرفها من قبل.
سمعت صوتًا هادئًا يشبه حفيف الأشجار يقول: «سلامٌ عليكم…». لم ترَ أحدًا… التفتت لترى خلف الباب حدائق بلا نهاية، وأنهارًا صافية تجري بهدوء، وأشجارًا خضراء مليئة بالثمار كأنها تبتسم لها. قال العصفور: «هذا المكان له مفتاحان: توحيد الله، والعمل الصالح». ابتسم قلبها فرحًا، وتذكرت مساعدتها لصديقتها وصدقتها الصغيرة، فعرفت أن كل عملٍ تفعله إرضاءً لله يقرّبها من هذا الباب.
مدّت يدها لتلمس أزهارًا تضيء مثل المصابيح، سألت العصفور: «هل يمكنني الدخول؟» فغرّد: «باب الجنة يُفتح لمن أحب الله وأحسن للناس. ادخلي بسلامٍ آمنة». أخذت نفسًا عميقًا، وشعرت أن العالم كله يبتسم لها وهي تخطو أول خطوة…
أنهارٌ من نور
ما إن خطت ليان أول خطوة حتى انكشفت أمامها سهولٌ خضراء واسعة، وفي وسطها أنهار كأنها خيوط من نور تجري بهدوء. نهرٌ ماؤه صافٍ أحلى من العسل، وآخر أبيض مثل الحليب، وثالث يجري بعصير من أنواع فاكهة لم ترَها من قبل، لكن رائحتها تملأ القلب فرحًا. اقتربت ليان ومدّت كفها في النهر الصافي، فشعرت ببرودةٍ جميلة وانتعاش لطيف.
قال العصفور الأبيض الذي كان يرافقها: «هذه عطايا الله لعباده الذين أحبوه وأطاعوه». سألت ليان: «هل يمكن لأهل الجنة أن يشربوا منه متى أرادوا؟» غرّد العصفور: «هنا لا عطش ولا قلق؛ كل ما تتمنينه يتحقق». جلست ليان على العشب الأخضر، أغمضت عينيها قليلًا وهي تتذكر دعاءها قبل النوم، ثم فتحت عينيها وعزم جديد يضيء قلبها: حين أعود، سأزيد من طاعة الله.
سارت ليان في ممرٍ ذهبي تحيط به الأزهار، حتى وصلت إلى شجرة أوراقها لامعة وثمارها على شكل قلوب صغيرة تضيء مثل المصابيح. أشارت إلى ثمرة قريبة منها، فقال العصفور: «هذه ثمار تنبتها الأعمال الصالحة. كل قلب هنا هو عمل صالح لك في الدنيا».
مدّت يدها ولمست ثمرة، فوجدت طعمها حلوًا وتذكرت ابتسامة أعطتها لصديقة حزينة، واليوم الذي ساعدت فيه أمها. قالت ليان بدهشة: «إذن لا يضيع أي خير؟» رد العصفور: «عند الله لا يضيع شيء. الكلمة الطيبة، والصدقة، وبرّ الوالدين؛ كلها تتحول هنا إلى خير كبير».
قطفت ثمرة أخرى، فشعرت بقلبها خفيفًا كأن جناح طائر يلمسه. همست: «ما أجمل أن يثمر الحب!» ثم وعدت نفسها أن تزرع قلوبًا أكثر حين تستيقظ.
بيوتٌ من سلام
على بعد خطوات، ظهرت بيوت بيضاء كأنها من لؤلؤ، نوافذها مفتوحة يدخل منها النور، وعلى أبوابها لافتات مكتوب عليها «سلام». اقتربت ليان، فسمعت أصواتًا رقيقة تملأ قلبها بالطمأنينة: «سلامٌ عليكم بما صبرتم».
دخلت بيتًا، فرأت غرفًا مضيئة بلا مصابيح، وسجادًا ناعمًا كالغيم يتحرك مع خطواتها، وأكوابًا موضوعة على موائد من نور. جلست على أريكة دافئة وخفيفة، فقال العصفور: «هذه البيوت لأهل الإحسان، يزور بعضهم بعضًا بلا تعب ولا ملل».
تخيّلت ليان أصدقاءها، وتمنت أن يجلسوا هنا معها. ثم رأت في زاوية البيت مرآة تشبه صفحة ماء هادئة، وحين نظرت فيها تذكرت كل مرة صبرت فيها على الغضب أو سامحت من أخطأ، عندها امتلأ قلبها بفخر هادئ، لأنها أدركت أن الصبر والرضا سلام في الدنيا والآخرة.
مجلس الأناشيد والذكر
أخذها العصفور إلى بستان واسع، أشجاره متشابكة، وفي وسطه منصة من نور يجتمع حولها الأطفال. لا أحد يرفع صوته؛ المكان كله هادئ لكنه مبهج… تتعالى فيه أنغام جميلة، ليست عالية ولا خافتة، كلها شكر لله وحمد على نعمه.
كان كل طفل يجلس ومعه «سجل الأعمال الحسنة»؛ كل صفحة فيه تلخص عملًا صالحًا فعله في الدنيا. فتحت ليان سجلها، فرأت حروفًا مضيئة: «صدقة صغيرة، مساعدة صديقة، استئذان مؤدب، استغفار».
همست لها طفلة قريبة: «هنا يذكّرنا كلّ واحد بقصة لخير فعله في الدنيا». ابتسمت ليان وقالت: «سأجمع قصصًا أكثر بكثير». وفي تلك اللحظة ارتفع في البستان نشيد لطيف: «السلام لأهل الإحسان»، فازدادت الأشجار نضارة واخضرارًا.
رحلة على أجنحة الطيور
رأت ليان طيورًا بيضاء كبيرة الأجنحة، تشبه سفنًا خفيفة تطير ببطء… اقترب أحدها منها، وانحنى بجناحه كأنه يدعوها للركوب. جلست ليان فوق ظهر الطائر، وما إن أمسكت بريشه حتى شعرت بخفة غريبة؛ ارتفعت عاليًا فوق الحدائق، فرأت الأنهار تتلألأ كالشرائط، والثمار تلمع مثل نجوم صغيرة، والبيوت البيضاء كأنها لآلئ فوق بساط أخضر.
قال العصفور الصغير وهو يطير بجانبها: «في الجنة لا خوف من السقوط». أخذ الطائر يحلق فوق «سوق الهدايا»، حيث يتبادل أهل الجنة العطايا بلا بيع ولا ثمن.
تمنّت ليان كتابًا من نور يحكي قصص الأنبياء والصالحين من غير صور، فصار الكتاب بين يديها. ضمته إلى صدرها وقالت بسعادة: «الحمد لله».
حديقة البذور الصغيرة
هبطت ليان في حديقة مشرقة، وفيها أحواض مرتبة بعناية، كل حوض منها يحمل اسم خُلُق جميل: «رحمة، أمانة، صدق، برّ». وبجانب كل حوض جَرّة ماء مكتوب عليها «بسم الله». قال العصفور: «هذه البذور هي الأعمال التي ينوي العبد فعلها، فإذا سقاها بالدعاء والعمل كبرت».
أخذت ليان الماء وسقت «الصدق» و«البرّ»، فإذا بالأزهار تنبت بألوان زاهية فورًا. همست: «أريد أن أزرع عادة الاستئذان دائمًا، وأن أنهي واجباتي قبل اللعب». وما إن نوت ذلك حتى ظهرت زهرتان جديدتان تتفتحان أمامها، فعرفت أن النية باب عظيم.
ثم كتبت على لوحة صغيرة: «لن يمرّ يوم بلا ذكر أو مساعدة لأحد». فجاءت نسمة طيبة رفعت اللوحة إلى قوس من نور، فثبتت فيه كأنها وعد محفوظ.
الجسر الذي يعيدنا إلى البيت
اقترب المساء في الجنة، لكنه مساء بلا ظلام، بل نور دافئ يملأ القلب بالسكينة. ظهرت أمام ليان قنطرة رقيقة تمتد فوق جدول صغير، وعلى حافتها لافتة مكتوب عليها: «جسر الدعاء». قال العصفور: «من هنا تعودين إلى عالمك، ومعك هدايا لا تُرى: عزيمة، وطمأنينة، وحب للخير».
مشت ليان على الجسر، فسمعت أصواتًا تعرفها: دعاء أمها لها، وابتسامة أبيها حين يراها تحسن إلى الآخرين، وكلمة «جزاكِ الله خيرًا» التي قالتها معلمتها يومًا.
وقفت في منتصف الجسر، وشكرت ربها على النعم، ووعدت نفسها أن تجعل من كل يوم طريقًا للجنة: صلاة بخشوع، برّ بالوالدين، صدقة ولو قليلة، وابتسامة ترفع الحزن. ثم سألت العصفور: «هل أراك من جديد؟» فأجاب بصوت كأغنية لطيفة: «أنا معك في كل عمل صالح تفعلينه».
أغمضت ليان عينيها… واستيقظت على نور الفجر.
وعدُ ليان
فتحت ليان نافذتها فرأت الهلال يلمع في السماء، فابتسمت وقالت: «يا رب، اجعلني من أهل الجنة». أخذت حصالتها وأخرجت منها نقودًا لتضعها في صندوق الصدقة، وساعدت أمها قبل أن تذهب إلى المدرسة، ووعدت نفسها ألا يمر يوم بلا طاعة.
كلما تذكرت ثمار القلوب وأنهار النور، ازداد شوقها لتكون من الذاهبين إلى الجنة. وهكذا صار حلمها الذي رأته عن الجنّة بداية لأيام مليئة بالطاعات في الدنيا… وطريقًا إلى نعيم لا ينتهي.
في عالم البحار، حيث تسبح الأسماك والكائنات البحرية بحرية بين الشعاب المرجانية، تسير بعضها في مجموعات، بينما تفضّل أخرى السباحة بمفردها. في هذا العالم العجيب، هناك دائمًا مغامرات جديدة، مغامرات مليئة بالشجاعة، والفرح، والصداقة، والأمل. كلّ يوم يمضي في عالم البحار يحمل حكاية جديدة تكون بطلتها سمكة جديدة. نحكي اليوم قصة من قصص عن عالم البحار، قصة مليئة بالمغامرات والأحداث.
بطلتها سمكة ذات شكل غريب، لم تكن تشبه باقي الأسماك من حولها. سمكة يخشى الآخرون الاقتراب منها، لكنّ ليس لأنها قوية أو شرسة، بل لأنهم لم يحاولوا حتى التعرّف عليها أو الاقتراب منها، فقط خافوا من شكلها. لكن، ماذا لو كان اختلافها هو سبب نجاة الآخرين من فخ كبير؟ ماذا لو كانت هذه السمكة هي من أنقذت الأسماك من الوقوع في مصيدة الصياد؟ ماذا لو كان الاختلاف هو سر الشجاعة الحقيقي؟
هيا بنا نغوص في عالم البحار والمحيطات ونتعرف على رحلة سمكة المنشار الشجاعة في تقبّل ذاتها، واكتشاف قوتها الحقيقية. هل أنت مستعدّ لترافقها في هذه المغامرة؟
قصص عن عالم البحار: سمكة المنشار الشجاعة
من يحبك سيراك بقلبه لا بعينيه، من هذا المبدأ تبدأ أحداث قصتنا المشوقة من داخل أعماق البحار، حيث تعيش العديد من الكائنات البحرية المتنوعة، لكل منها شكله وطباعه الخاصة.
في أعماق المحيط الأزرق، حيث المياه اللامعة والنقية والكائنات البحرية المختلفة، عاشت سمكة المنشار. كان جسدها صغيرًا وعيناها كبيرتان وتبرز من مقدمة رأسها خيشوم طويل وحادّ كالسيف المُسنّن. ورغم أنّ قلبها كان مليئًا بالحب واللطف، إلّا أنّ الأسماك الأخرى كانت تشعر بالخوف بمجرّد رؤيتها. كُلّما اقتربت من الأسماك لتحاول اللّعب معهم، كانوا يسبحون مبتعدين عنها بسرعة، تاركين إيّاها وحيدة. تملّك الحزن سمكة المنشار بسبب هذه التصرفات، فابتعدت عن الأنظار واختبأت في بيتها، تراقب الأسماك الأخرى وهي تلعب وتمرح بسعادة.
لم يجرؤ أيّ مخلوق بحري على الاقتراب من سمكة المنشار، خوفا من ذلك المنشار الحاد، بل لم يحاول أحد حتّى مجرَّد مصادقتها. سئمت سمكة المنشار وحدتها، فحاولت تغيير مظهرها لتخفّف من خوف الآخرين. فمرّة غطّت نفسها بالأعشاب البحرية، ومرة لفت حول منشارها بعض المرجان. لكنّ كُلّ محاولتها كانت تنتهي بالفشل، بل كان نجم البحر وبعض الأسماك يتجمّعون حولها للسّخرية من مظهرها، وتعلو ضحكاتُهم، فيزيد بذلك حزنها وأسفها.
وذات صباح، بينما كانت تختبأ خلف صخرة كعادتها، لمحت الحوت وسمكة القرش وهما يلعبان سويًا بالكرة ويضحكان. همست في نفسها: “كم أتمنى أن ألعب معهما، لكنّي لا أستطيع بسبب منشاري الطويل”.
فجأة، قطع صوت الحوت تفكيرها، سائلًا: “أيتها السمكة، هل ترغبين في الانضمام إلينا واللعب؟”
لم تصدق ما سمعته، فأجابت بلهفة: “حقًا! هل يمكنني اللعب معكم؟”
أجابت سمكة القرش: “بالطبع”.
انطلقت سمكة المنشار مسرعةً، يملؤها الحماس. عندما أعطوها الكرة، ضربتها بخفة بمنشارها، لكنّ حدّة المنشار تسبّبت في قطع الكرة. تجمّدت سمكة المنشار في مكانها، وصاحت بصوت حزين: “أنا آسفة! لم أقصد ذلك”.
طمأنها الحوت، وقال: “لا بأس، هذا مجرد سوء فهم. يمكننا لعب لعبة أخرى، ما رأيكما بالغميضة؟”
بدأ الأصدقاء في الاختباء خلف الصخور، بينما أغمضت عينيها وبدأت بالعد. عندما انتهت من العد، انطلقت تبحث عنهما. ظلّت سمكة المنشار تبحث عنهما حتى وصلت إلى سفينة غارقة قديمة، عندها لمحت زعنفة القرش تلوح خلف المدخنة، فاندفعت للدخول، لكن طرفها الحاد اصطدم بالمدخنة، محطمًا إياها إلى أجزاء صغيرة.
قالت بنبرة حزينة: “أنا آسفة، يبدو أنني أفسد كل شيء”.
غضب القرش مما حدث، وهمّ بتأنيبها، لكن الحوت أوقفه قائلاً: “توقف يا صديقي، هي لم تفعل ذلك بقصد. لنفكّر في شيء أخر يمكننا فعله”.
عندها، لمعت فكرة في ذهن القرش، فقال بحماس: “ما رأيكما أن نذهب إلى مدينة الملاهي؟”
ردّ الحوت وهو متحمس لاقتراح القرش: هيا بنا، إنها فكرة رائعة حقًا”.
سبحت الأسماك الثلاث إلى مدينة الملاهي، شعرت سمكة المنشار بالحماس والسعادة، فلم يسبق لها أن ذهبت إلى مدينة الملاهي من قبل. عندما وقفوا في صف انتظار لعبة الدوّارة، سبحت سمكة المنشار يمينا ويسارًا بسرعة وحماس، وفي غفلة منها، اصطدم منشارها بأحد أعمدة حائط المرجان، فانكسر العمود، وسقطت اللعبة بالكامل.
خرجت المديرة من غرفتها غاضبة، نظرت إلى الفوضى التي حدثت، وصاحت: “ما هذه الفوضى؟ اخرجي فورًا أنتِ وأصدقاؤكِ”. وطردت الأصدقاء الثلاثة دون أن تعطيهم فرصة للتوضيح.
غضب الحوت والقرش. وظهر الإحباط على وجهيهما. تقدّم الحوت، وقال بصوت غاضب: “لقد تحمّلنا الكثير من المتاعب، وكنت أدافع عنك، ولكنّي لم أعد أستطيع اللَّعب معك.”
أدار ظهره وسبح بعيدًا، وتبعه القرش دون أن ينطق بكلمة. شعرت سمكة المنشار بالحزن واليأس، ولم تعدّ تعرف ماذا تفعل. سبحت بعيدًا إلى الأعماق، وجلست عند الشعاب المرجانية حزينة، تتأمل الفقاعات وهي تصعد نحو السطح، وتتمنى لو أنّها تشبه الأسماك الأخرى، أو لو كان بإمكانها التخلّص من منشارها الطويل الحاد، حتّى تتمكن من اللعب مع أصدقائها.
مرت الأيام، وسمكة المنشار تواصل جلوسها عند الشعاب المرجانية يوميًا، وتراقب الجميع من بعيد، دون أن تزعج أحدًا، أو تحاول اللعب معهم مرة أخرى. وفي أحد الأيام، اقترب منها حصان بحر عجوز، وقال لها بصوت هادئ: “لماذا أنتِ حزينة يا صغيرتي؟ أراكِ تجلسين وحدكِ في هذا المكان كل يوم.”
قصّت سمكة المنشار ما حدث معها، وتفكيرها في التخلص من منشارها. ابتسم حصان البحر، وقال بحكمة: “يجب أن تعلمي يا ابنتي أنه جزء منكِ، وله فوائد عظيمة لم تكتشفيها بعد. يجب أن تحبي نفسكِ كما أنتِ.”
ردّت السمكة: “لكني أؤذي من حولي ولا أستطيع اللعب مع أصدقائي!”
أجاب حصان البحر: “هذا لأنكِ لم تتعلمي بعد كيف تستخدمين قوتكِ وتتحكمين في هذا الجزء المميز”.
وفي صباح اليوم التالي، بينما كانت مجموعة من الأسماك تلعب مع بعضها البعض، من بينهما الحوت وسمكة القرش ونجم البحر الذي كان يشتهر باستهزائه بغيره، ظهرت فجأة شبكة صيد وعلقت بها الأسماك. ارتعب الجميع ولم يستطيعوا الهرب، فبدأوا بالصراخ وطلب المساعدة. لم تتجرأ أي من سمكة من الاقتراب من الشبكة. في تلك اللحظة، كانت سمكة المنشار تجلس كعادتها عند الشعاب المرجانية، فرأت ما يحدث وسمعت الصراخ.
تردّدت سمكة المنشار في البداية، وقالت في نفسها: “ماذا لو أفسدت الأمر مرة أخرى”.
لكن قطع تفكيرها وترددها صرخات الأسماك المتعالية وشبكة الصيد وهي ترتفع ببطء نحو السطح. قالت: “لا يوجد وقت، يجب أن أتصرف!”
سبحت سمكة المنشار بكل سرعتها نحو الشبكة. كانت الشبكة كبيرة، تمتد من قاع البحر إلى منتصفه. رأت الأسماك الصغيرة تبكي، وصديقها الحوت يستغيث، فاندفعت بكل قوتها. بدأت تقطع خيوط الشبكة السميكة بمنشارها الطويل والحاد، وبعد عدة محاولات، تمكّنت من تمزيق الخيوط دون أن تؤذي أحدًا. تمزقت الشبكة، وخرجت الأسماك واحدة تلو الأخرى.
هتفت إحدى الأسماك الصغيرة بفرح: “شكرًا لكِ! لقد أنقذتنا”.
قال الحوت: “أنتِ شجاعة جدًا! شكرًا لكِ يا صديقتي”.
شكرت الأسماك سمكة المنشار على إنقاذها لهم. وقالت سمكة المنشار بتواضع: “لم أستطع أن أترككم في خطر.”
اقتربت الأسماك من سمكة المنشار واعتذروا بصدق عما بدر منهم سابقًا وتجاهلهم لها. ثم دعاها نجم البحر للحضور إلى الحفل الذي سيقيمه في الغد.
تردّدت السمكة، وقالت: “لا شكرًا لك، لا أريد أن أوذي أحدًا”.
قال الحوت: “كلنا نخطئ يا صديقتي، ولكن الأهم هو أن نحاول أن نكون أفضل ونتعلّم من أخطائنا. كما أننا أخطأنا في حقك كثيرًا ولم نحاول التقرب منك أو فهمك. أرجوكِ سامحينا”.
وافقت سمكة المنشار وذهبت معهم. وهناك، استقبلها حصان البحر العجوز بحرارة وقال للحاضرين: “هذه بطلتنا التي أنقذت الأسماك”.
حيّت الأسماك سمكة المنشار وهتف الجميع باسمها، واحتفلوا بها كبطلة حقيقية. ومنذ ذلك اليوم، تغيّر كل شيء في حياة سمكة المنشار. أصبحت محاطة بالأصدقاء، وصاروا يلعبون معها ويسبحون معها، مدركين أن ما كان يبدو عيبًا فيها، كان في الحقيقة ميزة فريدة.
تعلّمت سمكة المنشار منذ ذلك اليوم أن الاختلاف ليس عيبًا أو ضعف، بل يمكن أنّ يكون مصدر قوة. ولم تعدّ تخجل من منشارها، ولم يعد الآخرون يخافون منها، وأصبحت رمزًا للشجاعة. ومنذ ذلك اليوم، انطلقت السمكة في المحيط تسبح بثقة مع أصدقائها ولم تعدّ تجلس وحدها في الزاوية. وتذكّر يا بني العزيز أن اختلافك هو مصدر قوتك وفخرك، وأن البطل الحقيقي هو من يحب نفسه كما هو ويحاول اكتشاف قوته لاستخدامها في الخير ومساعدة الآخرين.
تلعب قصص الأطفال دورًا مهمًا في تنمية الخيال وتعزيز القيم التربوية لدى الطفل. فهي من أفضل الوسائل التعليمية والترفيهية التي يمكن استخدامها في أي وقت من اليوم، وخاصةً قبل النوم، لتعليم الطفل القيم، وتنمية مفرداته، وتعزيز مهاراته في التفكير.
في سنّ 7 سنوات، يبدأ الأطفال في اكتشاف البيئة من حولهم بفضولٍ كبير، لذلك، من المهم أن تكون القصص التي يقرؤونها ممتعة وذات مغزى، حتى تساهم في بناء شخصياتهم وتطوير مهاراتهم اللغوية. يجب أن تولي اهتمامًا خاصًا باختيار ما يناسب عمر واهتمامات أطفالك، إذ ليست كل القصص مفيدة أو مناسبة لهذا السن. جمعنا لك في مقال اليوم مجموعة قصص أطفال المناسبة لعمر 7 سنوات، والتي يمكنك قراءتها لطفلك أو تشجيعه على قراءتها بنفسه، ليستمتع بها ويتعلّم منها في الوقت ذاته.
قصص أطفال لعمر 7 سنوات
1. المحقق الصغير ماكس
في قرية صغيرة، عاش فتى صغير مُحب للمغامرة وحلّ الألغاز يُدعى ماكس. كان يتمتّعُ بعين ثاقبة وانتباه كبير لأدقِّ التفاصيل، مما جعله محلَّ إعجاب الجميع. وفي عيد ميلاده، أهداه والده هدية مميّزة وهي أدوات تحقيق، تضمّ عدسة مكبّرة، ودفتر ملاحظات، وقبعة شبيهة بقبعة المحقق الشهير شارلوك هولمز. ومنذ ذلك اليوم، صار أصدقاؤه يُلقبونه بالمحقق ماكس.
وذات يوم، بينما ماكس يلعب في حديقة منزله، اندّفعت صديقتُه ميا نحوه مسرعة وهي تبكي، وقالت: “ماكس! أحتاجُ مساعدتك، لقد ضاعت قطتي”.
ارتدى ماكس ملابس التحقيق الخاصة به بسرعة، وضع قبعته فوق رأسه وعدسته المكبرة في جيبه، ثمّ التفت إلى ميا وقال: “لا تقلقي يا صديقتي، المحقق ماكس تولّى القضية”.
توجّه ماكس مع صديقته إلى منزلها ليبدأ بالتحقيق في مهمته الجديدة. وتنقّل بين أركان المنزل، متفحّصًا الأماكن التي تٌحب القطة الجلوس فيها بداية بسريرها الدافئ بجوار النافذة، ثم الأريكة، وصولاً إلى المطبخ، حيث كانت القطة تتناول طعامها كل صباح.
لكن لم يكن هناك أي أثر للقطة في أي مكان. فكّر ماكس قليلاً، ثم قال: “يجب أن نخرج للبحث عن القطة”.
اتجه إلى الشرفة، وهناك أخرج عدسته المكبرة مفتشًا عن أي دليل يوصله إلى القطة. وفجأة، وجد بعض الأثار، فقال مشيرًا للآثار: “ميا، انظري هذه الآثار تبدو حديثة. لا بدّ أن قطتك مرت من هنا قبل وقت قصير”. قال ماكس بحماس وهو يدوّن ملاحظاته في دفتره الصغير.
ابتسمت ميا لأول مرة منذ اختفاء قطتها، وقالت: أنت مذهل يا ماكس. لا بد أنها قريبة منا”.
وبينما كانا يتتبعان آثار الأقدام، سمعا فجأة صوت مواءٍ خافت قادمًا من بين الشجيرات. نظر ماكس إلى ميا، وقال: “هل سمعت هذا؟”
أومأت ميا برأسها وانطلقا يركضان نحو مصدر الصوت حتى حتى وصلا إلى ممرّ ضيق مخفي خلف الأشجار. وفي نهايته، بيت خشبي قديم يبدو مهجورًا. فتح ماكس باب المنزل ببطء وحرص، وعندما نظر للداخل وجد القطة مستلقية على الأرض.
عندما رأتها ميا ركضت نحوها واحتضنتها بين ذراعيها، ثمّ شكرت ماكس قائلة: “شكرآ لك يا ماكس، أنت أفضل محقق عرفته”. ثم تساءلت: “لكن كيف وصلت قطتي إلى هذا المكان الغريب؟”
ابتسم ماكس، ثم اقترب من النافذة الصغيرة في زاوية الغرفة، وقال: “يبدو أنها دخلت من هنا. ربما كانت تطارد فراشةً أو طائرًا، ولم تستطع الخروج بعدها.”
وعندما همّ الصديقان بمغادرة المنزل، لمح ماكس شيئًا لامعًا على الأرضية الخشبية. انحنى ليلتقطه، فإذا به يعثر على قلادة ذهبية بداخلها صورة لفتاة صغيرة تحمل بين يديها قطًّا يُشبه قطة ميا إلى حدٍّ كبير.
نظرت ميا بدهشة وقالت: “ما هذه القلادة؟ لم أرَها من قبل!”
تفحّصها ماكس بعناية، وقال بحماس: “يبدو أن أمامنا لغزًا جديدًا يا ميا. يجب أن نعرف من صاحبة هذه القلادة ونعيدها إليها.”
أومأت ميا برأسها موافقة، ثم جلسا يفكّران فيمن يمكنه مساعدتهما، فخطر في بالهما على الفور الجدّة حسناء، أقدم ساكني القرية، والتي تعرف كلّ من عاش فيها منذ سنوات طويلة. توجّها إلى منزلها، وهناك وجدا الجدة حسناء تجلس في شرفة منزلها، تحيك وشاحًا صوفيًا ملونًا.
قال ماكس بأدب: “مرحبًا سيدتي، كيف حالكِ اليوم؟”
ابتسمت الجدة وقالت: “بخير يا أطفالي. كيف حالك يا ماكس؟ وأنتِ يا ميا؟”
قال ماكس وهو يُخرج القلادة من جيبه: “نحن بخير. لقد وجدنا هذه القلادة في المنزل الخشبي القديم. هل تعرفين من هذه الفتاة في الصورة؟”
أخذت الجدة القلادة، ونظرت فيها بإمعان. وبعد لحظة، قالت: “إنها لارا. لقد كانت تعيش هنا مع عائلتها قبل سنوات طويلة، لكنهم انتقلوا من القرية لم نسمع عنهم شيئًا”.
قالت ميا: “هل تعتقدين أن لارا لا تزال تبحث عن قلادتها؟”
قالت الجدة حسناء: “ربما يا صغيرتي”.
صاح ماكس: “إذن علينا أن نعيدها إليها”.
ردّت الجدة حسناء: “وأنا سأساعدكم يا أطفال، سأسأل بعض الأصدقاء القدامى، ربما أتمكن من معرفة عنوانها الجديد”.
وبالفعل، وبعد عدّة أيام من البحث، تمكّنت الجدة حسناء من معرفة العنوان الجديد الذي انتقلت إليه عائلة لارا. ما إن حصل الصديقان على العنوان، حتّى جلسا يكتبان رسالة إلى لارا يخبرانها بكل ما حدث. وأرفقا القلادة مع الرسالة.
وبعد مرور عدة أيام، وصلتهما رسالة من لارا والتي تبيّن أنها أصبحت امرأة مسنّة. فتح ماكس الرسالة، وجلس بجانب ميا ليقرآها معًا:
“لقد شعرت بسعادة بالغة عندما وصلتني رسالتكما. شكرًا لكما لقد أسعدتماني كثيرًا بعثوركما على قلادتي الثمينة. بحثت عنها كثيرًا لكنّي لم أتمكن من العثور عليها. لم أصدق عيني عندما رأيتها، فهي تحمل ذكريات طفولتي”.
وأرفقت لهما مع الرسالة صورة لها وهي تجلس مع قطتها. غمرت السعادة قلبي ماكس وميا وشعرا بالفخر لإدخال السرور على السيّدة لارا. ومنذ ذلك الحين، انتشرت قصتهما في القرية، وأصبح الجميع يناديهما بالمحققَين الصغيرَين.
تُعدُّ قصة الدجاجة الذهبية واحدةً من أجمل قصص أطفال لعمر 7 سنوات، التي يمكنك سردها قبل النوم. وهذه القصة ليست مجرد قصة ترفيهية، بل هي من قصص الأطفال التي تحمل عبرًا وقيمًا جميلة، وتحفّز لدى الأطفال الخيال.
يُحكى أنّ مزارعًا عاش مع زوجته في فقر شديد، ولم يكن لديهما سوى مزرعة صغيرة يزرعان فيها الخضروات. كان المزارع يبيع تلك الخضروات ليكسب منها قوت يومه، وفي أحد الأيّام، قالت زوجة المزارع: “ما رأيك أن نشتري دجاجة تضع لنا البيض”.
وافق المزارع على اقتراح زوجته، وجمع بعض الخضراوت ليبيعها، ويشتري بثمنها دجاجة. وبالفعل، توجّه إلى السوق واشترى الدجاجة، ثمّ عاد إلى مزرعته وبنى لها عشًا جميلاً.
وفي صباح أحد الأيام، ذهب المزارع كعادته ليتفقد أحوال دجاجته ويجمع منها البيض، فتفاجأ بأنّها قد وضعت بيضة ذهبيّة كبيرة.
تفاجأ المزارع، ونادى زوجته لترَى البيضة الغريبة. فوقفت مذهولة، غمرتها السعادة، حمل المزارع البيضة بحذر شديد، ثم دخل هو وزوجته إلى المنزل، فقالت له زوجته: “اذهب إلى السوق وبِع هذه البيضة، سنصبح أثرياء”.
وبدءًا من ذلك اليوم، أصبحت الدجاجة تضع كلّ صباح بيضة ذهبيّة، والمزارع يبيعها ويعود إلى أسرته بالمال. ازداد المزارع وزوجته غنى يومًا بعد يوم. لكنّ الطمع تسلّل إلى قلبه، فقال لنفسه: “لماذا أنتظر بيضة واحدة كلّ يوم؟ لماذا لا أذبح الدجاجة وأحصل على كلّ البيض الذهبيّ دفعة واحدة؟”
أخبر المزارع زوجته بما يُفكّر فيه، فنصحتهُ ألّا يفعل ذلك، قائلة: “لا تفعل ذلك، هذه فكرة سيئة”.
لكنّه لم يُنصت لها وأعماه الطمع. وفي اليوم التالي، ذبح المزارع الدجاجة، وشقّ بطنها للحصول على البيض الذهبي الذي تخيله، لكنّه لم يجد فيها أيّ بيض على الإطلاق.
صُدم المزارع وزوجته، وجلسا يبكيان، ويندبان حظهما، فقد خسرا دجاجتهما الذهبيّة التي كانت مصدر رزقهما اليوميّ بسبب الطمع.
قصة بائعة الكبريت هي واحدة من أروع قصص أطفال لعمر 7 سنوات من تأليف الكاتب الشهير هانس كريستيان أندرسن.
في قديم الزَّمان، في بلدة ثلجيّة، عاشت فتاة صغيرة جميلة ذات شعر أشقر كأشعة الشّمس الذّهبيَّة. كانت أجمل وألطف الأطفال في سنِّها وأحلى من القمر حين يظهر في السّماء ليلاً. رغم فقر عائلتها، لم تفقد طبيتها ولا أحلامها الكبيرة. كانت تبيع الزهور في الصباح وفي المساء تبيع أعواد الكبريت لمساعدة عائلتها على تدبير أمورهم.
وذات مساء، أضاءت المدينة الأنوار للاحتفال، وعمّت الضحكات في البيوت احتفالًا بسقوط الثلج. كان الجوّ شديد البرودة والثلج يتساقط بغزارة، والرياح عاصفة، إلا أنّ هذا لم يمنع زوج والدتها من إجبارها على الخروج لبيع أعواد الكبريت.
ارتعبت الفتاة من زوج أبيها، فخرجت من المنزل تتجوّل في الشوارع، تحملُ علبها الصغيرة وتُنادي بكلّ قوتها آملةً أن تبيع ما يكفي لجلب المال لعائلتها: “كبريت … كبريتٌ جميل، يُضيءُ ليلَكَ البارد”.
لكنّ أهل البلدة كانوا منشغلين بالاحتفالات والأنوار الساطعة، فلم يلحظوا وجودها، ولم يتوقّف أحد لشراء الكبريت منها أو مساعدتها.
ازدادت العاصفة، وتساقط الثلج بقوّة، فهرع الناس إلى منزلهم، وأقفل البائعون محلاتهم، بينما ظلّت بائعة الكبريت تتجوّل في الشوارع وحيدة. ارتجفت الفتاة من البرد، فقد كانت ترتدي ملابس خفيفة وحذاءً كبيرًا لا يلائم مقاسها. ومع تساقط الثلج، لم تتوقف الفتاة عن السير حتى تمزّق حذاؤها.
هنا، خارت قوّتها، وجلست في زاوية شارعٍ هادئٍ. وبينما كانت تتكئ على الجدار البارد، أشعلت عود كبريت، فانبعث ضوءٌ خافتٌ دافئٌ. في تلك اللحظةِ، بدأت ترى الأحلام. رأت نفسها في منزل دافئ، حيثُ المدفأة مشتعلة، وجدت أجواء من الحنان والدفء تحيط بها.
وما هي إلاّ لحظات حتى انطفأ العود، فأشعلت عودًا ثانيًا، وفجأة، رأت نفسها في حديقةٍ كبيرةٍ مليئةٍ بالزهور الملونة، وتلعب مع أطفال يضحكون ويشاركونها القصص. مع كلّ عود كبريت تشعله، كانت بائعة الكبريت تنتقلُ إلى مشهد مختلف. ومع العود الثالث، وجدت نفسها في سماءٍ مليئةٍ بالنجوم اللامعة، وظهرت جدتها التي كانت تحبها كثيرًا، تبتسمُ لها وتلوّح بيدها. بادلتها الصغيرة الابتسامة، وقالت: “جدتي لا تترُكيني وحدي، خذيني معك”.
جلست الفتاة في حضن جدتها، تحكي لها القصص، وتربّت على كتفها. فرحت الفتاة برؤية جدتها، وقرّرت إشعال مجموعة من الأعواد مرةً واحدةً لتبقى مع جدتها فترة أطول.
إلا أن الأعواد بدأت تنطفئ، وتتلاشى أحلامها واحدة تلو الأخرى. ومع آخر عود ثقاب اقتربت جدتها منها وطوّقتها بذراعيها، وقالت: “تعالي يا حبيبتي، لنذهب إلى عالم أجمل، حيث لا برد ولا جوع ولا قسوة”.
أغمضت بائعةُ الكِبريتِ عينيها بسلامٍ، واحتضنت جدتها بقوّة، وشعرت بالدفء والأمان. وفي الصباح، وجد أهل البلدة بائعة الكبريت في الزاوية التي جلست فيها، لكنَّ وجهها كان هادئًا وابتسامتها جميلة، وكأنَّها سافرت إلى عالمٍ أجمل لا جوع فيه ولا برد.
تجمّع أهل البلدة حولها بحزن بعد رؤية أعواد الثقاب، وقرّروا ألا ينسوا الفتاة الصغيرة التي علّمتهم معنى الحبّ والرحمةِ، وعاهدوا أنفسهم أن يعتنوا بالفقراء والمحتاجين. لم تكن النهاية قاسية على بائعة الكبريت كما ظنّ أهل البلدة، فهي رأت أجمل الأحلام مع جدتها التي تُحب أن تبقى معها ولا تفارقها.
قصّة أخرى في مجموعة اليوم بعنوان “قصص أطفال لعمر 7 سنوات”، وهي قصّة الأب الحكيم وأبنائه الثلاثة.
في منزل هادئ، عاش أب حكيم مع أبنائه الثلاثة. كان الأب يراقب أبناءه وهم يتجادلون ويتخاصمون كلّ يوم على أتفه المشاكل. حاول الأب كثيرًا أن ينصحهم ويُصلح بينهم، لكنّه لم يتمكن من ذلك، وظلّ الخلاف يُفرِّق بينهم.
في أحد الأيام، وبعد شجار حادّ بين الأخوة، قرّر الأب أن يُعلّمهم درسًا مهمًا ليدركوا قيمة التعاون بينهم والوحدة. فنادى أبناءه، وأمر أحدهم أن يُحضر له حزمة كبيرة من العصي.
أحضر الابن الحزمة، واجتمع الأبناء الثلاثة مع والدهم في حديقة المنزل. نظر لهم الأب، ثم قال: “أريد أن يحاول كل واحد منك كسر هذه الحزمة”
أخذ الابن الأكبر الحزمة، وحاول بكلّ قوته كسرها، لكنّه لم ينجح، فسخر منه أخوته. ثم قال الأخ الأوسط: “أنا سأسكرها”. أمسك الحزمة، وحاول كسرها بكل الطرق لكن دون فائدة.
ثم أخذها الأخ الأصغر وحاول أيضًا ولكنه فشل أيضًا. تعجّب الإخوة الثلاثة، عندها ابتسم الأب، وفكّ حزمة العصيّ، ثم أعطى كلّ واحدٍ منهم عصا واحدة، وقال: “الآن جربوا أن تكسروا هذه العصا”.
كسر كلّ واحد من الإخوة عصاه بسهولة ودون بذل جهد. قال الأب مبتسمًا: “عندما كانت العِصي مُجتمعة، لم تستطيعوا كسرها، لكن عندما انقسمت إلى أعواد، أصبحت هشة وسهلة الكسر. وهكذا أنتم يا أبنائي، إن اتّحدتم، فلن يقدر أحدٌ على هزيمتكم. أمّا إذا تفرَّقتم، فسيكون من السّهل التغلب عليكم وهزيمتكم”.
ثم تابع الأب حديثه: “في التعاون قوّة، عندما تقفون معًا، وتدعمون بعضكم بعضًا، وتعملون كفريق واحد، ستكونون قادرين على مواجهة أيّ عقبة. ولكن إذا سمحتم للخلاف أن يُفرقكم، فستُصبحون عُرضة للخطر”.
تبادل الأبناء النظرات، وأدركوا أخيرًا خطأهم وكم كانت خصوماتهم تُضعفهم. ومنذ ذلك اليوم، قرّروا أن يضعوا خلافاتهم جانبًا، ويعيشوا في وِئام، مُتعاونين، مدركين أنّ الوحدة والتعاون هما مصدر قوتهم.
وقت القصة ليس مجرد لحظة تقضيها مع طفلك، بل هو فرصة ذهبية لتنمية خياله، تطوير مفرداته، وتعليمه المبادئ والقيم بطريقة غير مباشرة. تساعد قصص الأطفال على فهمهم للعالم من حولهم بطريقة بسيطة وملائمة لمستوى تفكيرهم وإدراكهم للأشياء، وتفتح امامهم أبواب جديدة للتفكير.
كانت هذه مجموعة قصص أطفال لعمر 7 سنوات، تساعد طفلك على تنميه خياله، وتعزيز القيم الجميلة لديه. فأيّ هذه القصص أعجبك أكثر؟
يمكنك تصفّح المزيد من القصص المميّزة على موقعنا، لاختيار ما يناسب طفلك ويساهم في تعزيز حبّه للقراءة.
ماذا لو أخبرتك أن قوة وطيبة قلبك قد تحقق لك ما تريده في حياتك؟ في قصتنا اليوم، نتعرف على قصة الأميرة النائمة، التي كانت ضحية لعنة سحرية استمرت لمئة عام. لعنة بدت كأن لا أمل في زوالها، ولكن ما لم يكن يتوقعه أحد هو أن يأتي أمير شجاع وطيب القلب يتمكّن من إبطال مفعول اللعنة.
قصة الأميرة النائمة
في قديم الزمان، في أرض سحرية، عاش ملك وملكة في إحدى الممالك الجميلة، ينعمان بحياة سعيدة يملؤها الحب والطبية، ويحلمان أن يُرزقا بطفل صغير يمنحهما السعادة والفرح ويُنير حياتهما. مرت سنوات طويلة من الانتظار والدعاء، وفي أحد الأيام، تحقق حلمهما، ورزقهما الله بأميرة جميلة جدًا، شعرها ذهبي كأشعة الشمس وعيناها زرقاوان كصفاء السماء.
فرحَ الملك بقدوم الأميرة الصغيرة وسمّاها أورورا. وقرر الملك أن يقيم حفلاً كبيرًا للاحتفال بهذه المناسبة السعيدة، ودعا جميع أهل المملكة من دون استثناء.
وهنا، في يوم الاحتفال، تبدأ أحداث قصة الأميرة النائمة.
هبة الجنيّات ولعنة الساحرة
احتفلت المملكة كلّها باليوم السعيد، بميلاد أميرتهم الصغيرة. وحضر الحفل جميع الملوك والأمراء من الممالك المجاورة، وكانت البهجة تملأ القلوب وزُين القصر بالزهور والأنوار. وكان من عادات المملكة أن يُقدّم كل فرد حضر الحفل هدية إلى المولود الجديد. لذلك، سمح الملك للناس برؤية ابنته الصغيرة وتقديم الهدايا إليها. ثم حضرت الجنيات الثلاثة في المملكة وأحضرت كلّ واحدة منهن هدية سحرية للأميرة الصغيرة.
اقتربت الجنية الأولى من المهد وقالت: “أمنحكِ أيتها الاميرة هبة الجمال، فلتكوني جميلة مشرقة لا يضاهي جمالك أحد.” ثم تقدّمت الجنية الثانية وقالت: “أما أنا يا أميرتي الصغيرة أمنحكِ هبة الصوت العذب، فليكن صوتك رقيقًا رنّانًا عذبًا كشدو العصافير.”
عندما اقتربت الجنية الثالثة من الأميرة، وقبل أن تتكلم، دوّى صوت قوي في قاعة الاحتفال. ظهرت ساحرة شريرة لم تُدعَ إلى الحفل. غضبت بشدة من تجاهلهم لها، فصرخت بغضبٍ شديد، وألقت لعنة على الأميرة الصغيرة.
قالت الساحرة الشريرة بصوت غاضب: “ستموت الأميرة في عيد ميلادها السادس عشر، ستلمس مغزلًا وتموت!” ثم اختفت وسط دخان أسود كثيف، تاركة الجميع في القاعة في صدمة وذعر. شعر كل من حضر الحفل بالقلق والخوف الشديد على مستقبل أميرتهم الصغيرة.
عندها، صرخت الملكة والدموع تملأ عينيها: “لا يمكن أن يحدث هذا لابنتي!”. أمر الملك الجنود بمطاردة الساحرة، لكن دون جدوى، فقد اختفت الساحرة في لمح البصر، كأنها لم تكن موجودة أصلًا.
اقتربت إحدى الجنيات الطيبات من الملكة وقالت بهدوء: “لا تقلقي يا مولاتي، ما زال هناك هدية الجنية الثالثة.”
اقتربت الجنية الثالثة من مهد الأميرة، وحرّكت عصاها السحرية وهي تقول: “أميرتي الجميلة، إن كان قدرُكِ أن تلمسي مغزلًا في عيد ميلادك السادس عشر. فهبتي لكِ هي ألّا تموتي بل ستغرقين في نومٍ عميق، وتستيقظين بقبلةٍ صادقة من قلبٍ مُحب فيزول السحر”.
هدأ القصر قليلًا، لكن ظل القلق يحوم حول الملك والملكة. وفي اليوم التالي، أمر الملك بحرق جميع المغازل الموجودة في الممكلة حفاظًا على حياة الأميرة. وبالفعل، خرج الجنود إلى كل مكان، وجمعوا المغازل من البيوت والمحلات، وحرقوها، حتى لم يتبقَ مغزلٌ واحد في المملكة. فعلوا ما بوسعهم، لكن في أعماقهم، لا يزال الخوف يسكن قلوبهم.
تحقق اللعنة
ومرّت السنوات، وكبُرت الأميرة أورورا وازدات جمالًا يومًا بعد يوم. وأحبّها جميع من في المملكة بسبب طيبتها وتواضعها وتعاملها الحسن معهم. كانت جميلة قلبًا وقالبًا، تضحك مع الجميع، وتعلب مع الأطفال، وتنشر الفرح أينما ذهبت.
وفي عيد ميلادها السادس عشر، شعر الملك والملكة بخوفٍ شديد من أن يتحقق ما تنبأت به الساحرة الشريرة. لذلك، قرّر الملك أن يُقيم احتفال عيد ميلادها داخل القصر لحمايتها. كما أمر الجنيات بمراقبة ورعاية الأميرة أورورا في الجناح الملكي طوال اليوم.
وفي ذلك اليوم، بينما كانت الأميرة تلهو وتتجول في أروقة القصر، سمعت صوتًا غريبًا يناديها من أعلى البرج. دفعها فضولها لتتبع الصوت، فوجدت بابًا قديمًا لم تره من قبل، ففتحته وصعدت درجات سلّم يؤدي إلى غرفة صغيرة في أعلى البرج.
عندما فتحت الأميرة باب الغرفة، رأت امرأة عجوز تجلس أمام مغزل وتغزل الصوف لصنع عروسة صغيرة. تعجبت الأميرة من شكل الآلة، فهي لم ترَ مثلها من قبل.
اقتربت من العجوز وقالت بلطف: “مرحبًا سيدتي، ما هذا الشيء؟ لم أرّه من قبل.”
قالت العجوز بصوت ناعم: “تعالي يا عزيزتي، إنه مغزل، ما رأيك أن تجرّبيها بنفسك”.
مدّت الأميرة أورورا يدها بحذر، وما أن لمست المغزل، حتى وخز سنّه الحاد إصبعها. فسقطت على الأرض في الحال، وغرقت في نومٍ عميق.
بعد فترة، لاحظ الملك غياب ابنته، فشعر بالقلق، وأمر جميع الحرّاس والخدم بالبحث عنها في أنحاء القصر. وبعد بحث طويل، وجدها أحد الحراس نائمة على أرض الغرفة، بلا حراك. فحملها بسرعة، ووضعها في غرفتها، ثم نادى الملك والملكة.
أمر الملك باستدعاء أمهر أطباء المملكة، على أمل أن يتمكّن أحدهم من إيقاظ الأميرة من نومها العميق. ولكن باءت جميع المحاولات بالفشل، فالأميرة لم تستيقظ.
أصيب الملك والملكة بحزن شديد، وحضرت الجنيّات الثلاث على عجل إلى القصر، فوجدن الملك وحاشيته في حالة ذعر وحزن لا مثيل لها.
طلبت إحدى الجنيات أن يتمّ نقل الأميرة إلى غرفة خاصّة، وإعداد مكان نومها جيّدًا، ثم حرّكت عصاها السحرية وهي تقول:
“ستنام الأميرة لمئة عام، ومن المحزن أن تستيقظ فلا تجد عائلتها وأحبابها معها، لذا… فلتناموا جميعًا، ولتغرقوا في سبات عميق حتى تستيقظ الأميرة…”
وما إن تمتمت بتلك الكلمات، حتّى غطّ الجميع في النوم، كلّ على حاله…نام الملك على كرسيّ العرش، وغرقت الملكة في النوم وهي في غرفتها، وكذلك الحرس والطهاة والعاملون والعاملات، غرقوا جميعًا في النوم.
خرجت بعدها الجنية إلى حديقة القصة، وحرّكت عصاها مرّة أخرى، فنبتت من الأرض أشجار عملاقة ونباتات التوت ولفّت القصر بأكمله، لتحميه من دخول الغرباء وإزعاج الأميرة وحاشيتها في سباتهم.
انكسار اللعنة
مرّت العديد من السنوات، وما زالت الأميرة النائمة أورورا غارقة في سباتها العميق، محاطة بحراسة الجنيات. وفي أحد الأيام، مرّ أمير من إحدى الممالك المجاورة يتجول في الغابة. كان الأمير الشاب فضوليًا ويهوى استكشاف الأماكن الجديدة برفقة حرّاسه.
وبينما هو يتجوّل بين أجمات الأشجار، لاحظ فجأة القصر الغامض محاطًا بالأشجار والنباتات المتسلّقة، وسأل حرّاسه عن حكايته، فأخبره أحدهم قائلاً:
“إنّه قصر ملعون، يقال أنّه مليئ بالساحرات والجنيّات، ومن يقترب منه ستصيبه لعنة مميتة لا مجال للنجاة منها!”
فأردف آخر:
“إنّه قصر الأميرة النائمة، لقد سمعت أنّ أميرة فائقة الحسن والجمال تعيش فيه، ويقال أنّها أميرة وقعت عليها لعنة شريرة، فأغرقتها في نوم عميق لمئة عام.”
ازداد فضول الأمير حين سمع قصّة الأميرة النائمة وقرّر أن يستكشف حقيقة الأمر بنفسه. فاندفع نحو القصر على صهوة حصانه، وعبثًا حاول جنوده ثنيه عن ذلك، فلم يستطيعوا إقناعه بالعدول عن قراره.
وما إن اقترب الأمير من مدخل القصر المحاط بالنباتات والأشجار، حتّى بدأت هذه النباتات تتباعد وتتحرّك متيحة له المجال للمرور كما لو أنّها ترحّب به، وبمجرد أن سار من بينها حتى عاودت الانغلاق، مانعة بقية الجنود من التقدّم.
استغرب الأمير ما يحدث معه، ولكنّه واصل المسير على صهوة حصانه، متوغّلاً في حدائق القصر وجنائنه، وكما كان الحال في البداية، استمرّ على ذات المنوال، كانت النباتات والأشواك تتباعد كلّما اقترب، وتنغلق مجدّدًا بعد مروره.
استمرّ مسير الأمير لساعات في قلب حدائق القصير المهجور الغريب، إلى أنّ وصل أخيرًا إلى مدخل المبنى، ووجد عنده اثنان من الحرّاس يغطّان في نومٍ عميق وهما واقفان يحملان رماحهما. فازداد عجبه واستغرابه ممّا يحصل، ودخل إلى القصر، ليجد ما هو أعجب وأغرب… كان القصر مليئًا بالخدم والحاشية، والحيوانات الأليفة، والكلّ كان يغطّ في النوم، القطط والكلاب والعصافير كانت نائمة، وكذلك الطهاة، نائمون وهم يحرّكون طعامهم، والعاملات نائمات وهنّ يغسلن الثياب أو يرتبّن الأثاث!
أخيرًا وصل الأمير إلى غرفة الأميرة النائمة، وكانت مغلقة هي الأخرى، ففتحها وتقدّم بخطوات متردّدة نحو السرير، وهناك…وقعت عيناه على أجمل فتاة رآها في الكون… كانت الأميرة تغطّ في نوم عميق، شعرها الناعم الأشقر منسدل على كتفيها وبين يديها وردة حمراء تماثل في حمرتها شفتيها وخدّيها.
وقع الأمير في حبّ أورورا من النظرة الأولى، ودنا منها، وطبع على جبينها قبلة خفيفة. وحدث حينها ما لم يكن يتوقّعه أحد. بدأت الأمير تتحرّك، وفتحت عينيها تدريجيًا… لقد انكسرت اللعنة بعد مئة عام من وقوعها، وأنقذ حبّ الأمير النقي الأميرة من سباتها العميق الأبدي.
النهاية السعيدة
استغربت الأميرة ممّا يحدث وسألت:
“من أنت؟ وماذا تفعل هنا؟ ما الذي حصل لي؟”
شرح لها الأمير من يكون، وكيف عثر على القصر واكتشف وجوده، وكيف دخل إليه ووصل إليها. وعرّفها بنفسه، وعبّر لها عن إعجابه بها. أمّا الأميرة، فقد مال قلبها إلى الأمير، وأعجبت بحسن أخلاقه، وشجاعته وطيبة قلبه.
وبينما هما يتحادثان، بدأت الحياة تدبّ من جديد في القصر…استيقظ الخدم والجنود والعمال من نومهم الطويل، وأفاقت الحيوانات من سباتها، وكذلك الملك والملكة، حيث هرعا على الفور نحو غرفة ابنتهما بمجرّد ان استيقظا، فوجداها جالسة في سريرها تحادث الأمير، وتتبادل وإياه أطراف الحديث.
فرح الأبوان بعودة ابنتهما إليهما سالمة، وشكرا الأمير الشجاع لأنه أنقذهم جميعًا من هذه اللعنة الشريرة. واستأذن الأمير أن ترافقه أورورا إلى مملكته، لتكون زوجته وشريكة حياته، وملكة مملكته مستقبلاً، فوافق الملك والملكة على الفور، وباركا هذا الزواج. وابتهجت المملكة بالفرح وبالزفاف القريب.
وهكذا عاد الفرح والسرور إلى المملكة، وعاش الجميع بسعادة وهناء.
في نهاية قصتنا، نتعلم منها أن الحسد والكره من أبغض الصفات التي يجب أن تبعد عنها ليس لأنها تسبب الأذى فقط لمن حولك بل لك أيضًا. كما نتعلم أيضًا أن الحياة مليئة بالمخاطر والتحديات، لكن الإصرار على تحقيق الهدف هو الطريق الوحيد لتجاوز هذه الصعاب. النجاح لا يأتي بسهولة، بل يتطلب إصرار وعزيمة. مثلما فعل الأمير في قصة الأميرة النائمة، الذي لم ييأس من محاولاته رغم الفشل، واستمر في السعي ليحقق هدفه. وتذكر دائمًا، إذا أردت أن تكون شخصًا مميزًا، تذكر أن تتعامل بطيبة وتواضع مع الآخرين.
في قديم الزمان، عاشت فتاة جميلة تمتلك شعرًا ذهبيًا جميلاً وقدرة سحرية مذهلة في برج عالٍ وبعيد عن أهل المملكة بأكملها. لم تعرف الفتاة شيئًا عن الحياة خارج البرج، وفي يوم من الأيام تغيرت حياتها عندما تعرفت على أمير وسيم. ومن هنا تبدأ قصتنا عن رابونزل الفتاة الجميلة ذات الشعر السحري الذهبي.
ولادة رابونزل
في مملكة جميلة تقع على ضفاف النهر، عاش ملك وملكة لطيفان عادلان. وفي أحد الأيام، أعلن الملك قدوم أميرة، فابتهج الجميع وزُينت الشوارع احتفالًا بالخبر السعيد. لكن في الأشهر الأخيرة من الحمل، مرضت الملكة مرضًا شديدًا. شعر الملك بالحزن، لكنه لم يفقد الأمل، وأمر جنوده بالبحث عن زهرةٍ سحرية كانت الأسطورة تقول إنها قادرة على شفاء أي مرض.
بحث الجنود كثيرًا عن الزهرة. وبعد بحث طويل، وجدها أحد الحرّاس مخبأة تحت غطاء بين الأشجار، فاقتلعها من جذورها وقدّمها للملك، دون أن يدرك إحدى قدرات الزهرة السحرية المخفية. لم يكن أحد يعلّم أن الساحرة العجوز كانت تخفيها لتستخدمها في الحفاظ على شبابها.
شربت الملكة مستخلص الزهرة فتعافت في الحال، وولدت طفلة جميلة ذات شهر ذهبي لامع، وأطلقوا عليها اسم “رابونزل”. كانت الفتاة مميزة بجمالها وشعرها، لكن ما لم يكن أحد يعرفه، أن قوة الزهرة السحرية قد انتقلت إلى شعرها. راقبت الساحرة غوثل كل ما يحدث، وعندما علمت بأن الزهرة استُخدمت لشفاء الملكة وأن قوتها أصبحت في شعر الطفلة، اشتعل الغضب في قلبها. وقررت اقتحام القصر.
اختطاف رابونزل
وفي إحدى الليالي، تسللت الساحرة غوثل إلى القصر، وقصّت خصلة من شعر رابونزل، لكن ما إن قصتها حتى تحوّل لونها إلى البني واختفت قوتها. هنا، أدركت أن السحر لا يعمل إذا تم قص الشعر. عندها، عزمت العجوز على اختطافها. وقامت باخفائها في برج عالٍ في أعماق الغابة، لمنع أي شخص من العثور عليها. لم يكن للبرج أبواب أو سلالم، بل نافذةٌ واحدةٌ فقط في الأعلى.
كانت الساحرة غوثل تزور رابونزل بين الحين والآخر، فتقف أسفل البرج وتنادي: “رابونزل، أنزلي شعركِ”. فتُلقي شعرها الذهبي الطويل من النافذة، لتتسلّق عليه وتصل إلى أعلى البرج.
مرّت السنوات، وكبرت رابونزل في البرج، ولم تكن تعرف شيئًا عن العالم الحقيقي، ولم ترَ أحدًا سوى “غوثل”، التي أقنعتها بأنها والدتها، وأن البشر في الخارج مخيفون وسيئون. لذلك، لم تخرج الأميرة أبدًا من البرج، وقضت أيامها في الرسم، والقراءة، والغناء. ولم تمتلك أصدقاء سوى حيوانات الغابة التي تزورها باستمرار، مثل: الأرنب والعصفور والسنجاب.
زيارة الأمير
في أحد الأيام، زار المملكة أمير قادم من بلاد مجاورة، وبينما كان يتجوّل في أنحاء المملكة سمع إشاعة متداولة بين أهل المملكة، حول الأميرة الجميلة التي اختفطتها ساحرة شريرة عند ولادتها. والتي لم يعرف عنها أحد شيئًا منذ ذلك اليوم. انتاب الفضزل الأمير الشجاع، وقرّر أن يبحث عن الأميرة وينقذها، فانطلق على حصانه الأبيض نحو الغابة. وبعد بحثٍ طويل بين الأشجار، سمع صوت غناءٍ عذبٍ يأتي من بعيد. جذب جمال الصوت ونقائه انتباهه، فقرر تتبّعه لمعرفة مصدره.
تتبع الأمير الصوت حتى وصل إلى برجٍ عالٍ بين الأشجار. قال الأمير وهو ينظر حول قاعدة البرج: “هذا غريب! لا يوجد باب للدخول. ومع ذلك، هناك صوت غناء يأتي من أعلى البرج. كيف تدخل هذه الفتاة أو تخرج؟”
سحره الغناء، ووجد نفسه يعود إلى البرج كل يوم، يستمع للصوت الجميل ويتساءل: “من صاحبة هذا الصوت العذب؟ ولماذا تبقى وحدها في هذا البرج البعيد؟”
وفي أحد الأيام، بينما يقف الأمير كعادته بجانب البرج يستمع للغناء، رأى امرأة عجوزًا تقترب من البرج. فاختبأ بين الأشجار يراقبها لعله يعرف سرّ هذا البرج الغريب.
اقتربت العجوز من أسفل البرج، ونادت بصوت مرتفع: “رابونزل، أنزلي شعرك”. فوجئ الأمير عندما رأى فتاة تطل من النافذة وتلقي شعرها الذهبي الطويل. لقد كان شعرها طويلًا جدًا حتى لامس الأرض. تشبثت العجوز بالشعر وصعدت به إلى أعلى البرج. همس الأمير لنفسه: “آه! هذا هو السر”.
انتظر الأمير حتى نزلت العجوز وغادرت المكان واختفى أثرها تمامًا، ثم اقترب من البرج، وقلّد صوتها قائلًا: “رابونزل، أنزلي شعرك”.
وما هي إلاّ لحظات، حتّى تدلّى الشعر الذهبي مرة أخرى من النافذة. تسلّق الأمير جدار البرج مستعينًا بشعر رابونزل حتى وصل إلى النافذة. انبَهرت رابونزل عندما رأت الأمير، وازدات حماسًا، فهي لم يسبق لها أن تحدّثت أو رأت شخصًا آخر من قبل سوى الساحرة. كان الأمير وسيمًا ولطيفًا. شعرت بفرحةٍ غامرة وخوف في آن واحد، قالت بخوف: “من أنت؟”.
قدّم الأمير نفسه وقال بلُطف: “لا تقلقي، أنا صديق”.
نظرت إليه بتردّد وقالت: “لكنني لا أعرفك، فكيف تكون صديقي؟”
قال الأمير مبتسمًا: “أنا أعرفك، فقد كنت أسمع غناءك كلّ يوم. صوتك جميل جدًّا”. ثم سألها: “ماذا تفعلين هنا؟”
أجابت: “أنا أعيش في هذا البرج منذ زمن”. ثم قصّت عليه قصتها وشعرها السحري الذي يمتلك قدرة على شفاء أي مرض وعن أمها التي أجبرتها على البقاء في البرج لأن العالم مكان سيء وتحذيرها من طمع البشر في قوتها.
تعجّب الأمير، وقال: “لكن العالم ليس بهذا السوء”. وأخبرها عن الزهور والحدائق، والألعاب، والفواكه المختلفة، والملك والملكة في المملكة المجاورة له.
ضحكت رابونزل وهي تستمع لقصص الأمير، وتبادلا الحديث والقصص، حتى أصبحا صديقين مقرّبين. مرّت ساعات طويلة وهما يتحدثان معًا. ثم قالت له: “يجب أن تذهب الآن، أخشى أن تعود الساحرة في أي لحظة”.
قال: “حسنًا، لكنني سأعود غدًا”. ثم ألقت رابانزل شعرها من النافذة، ونزل الأمير من البرج.
رابونزل تكتشف العالم
في اليوم التالي، عاد الأمير ونادى عليها ، فتدلّى شعرها وصعد مجددًا إلى غرفتها. وقال: “لديّ مفاجأة صغيرة لك”. كانت مليئة بالفراولة الطازجة.
بينما تناولت رابونزل الفراولة، فكّرت فيما كانت تقوله لها الساحرة، وشعرت أنها قد تكون مخطئة. ثم قالت للأمير: “يجب أن أخرج من هذا البرج! ولكن كيف؟”
قال الأمير: “حسنًا، لنفكّر في خطة جديدة تُخرجك من هذا السجن.”
وبعد لحظات من التفكير، وبينما نظرت إلى قطعة الحرير التي أحضرها الأمير، خطرت لها فكرة وقالت: “هل تستطيع إحضار قطعة من الحرير في كل مرة تزورني فيها؟ أستطيع أن أَصنَعَ سُلّمًا من الحرير وأُخفيه عن أعين الساحرة. وعندما يصبح السُّلّم طويلاً بما يكفي، سأنزل من البرج”.
تطلّعت رابونزل إلى زياراته أكثر فأكثر. فقد كان الحديث معه أجمل ما في يومها. أما الأمير، فوقع في حبها. وفي كل زيارة، يُحضِر الأمير قطعةً من الحرير كما أخبرته، وتنسجها معًا حتى يكتمل السُّلّم وتتمكّن من الهروب.
في عيد ميلادها الثامن عشر، تحدَّثت إلى الساحرة وطلبت منها الخروج من البرج لتحتفل بعيد ميلادها. ولكن، كالمعتاد رفضت الساحرة طلبها، وقالت: “لقد تحدّثنا في هذا الأمر من قبل. لقد سئمتُ من هذا الحديث، لن تخرُجي من القصر أبدًا”.
غضبت رابونزل وقالت: “سأخرجُ مهما حدث”.
ومن شدّة غضبها، لَمَّحت لها عن الأمير. صُدمت الساحرة، وقالت: “ماذا تقولين، من كان معكِ هنا؟”.
قالت: ” لا أحد، لم أرَ أي شخصٍ غيركِ”.
لم تُصدّقها الساحرة، وبحثت في أرجاء الغرفة، حتى وجدت السلّم مخبأ في أحد الأدراج. وقالت بغضب: “ما هذا؟ من الذي أحضره لكِ”.
ردّت رابونزل: “لقد تعرّفتُ على أمير، وأحضر لي الحرير وصنعتُ السلّم”.
صرخت الساحرة :”لن تري هذا الأمير مرةً أخرى”.
اِستشاطت الساحرة غضبًا، ثم أحضرت سكِّينًا وقطعت الحرير، وربطت رابونزل بحبل. كانت الساحرة تعلم أنَّ الأمير سيأتي، فقررت أن تنتظره للانتقام منه.
وفي المساء، عندما وصل الأمير إلى البرج، ونادى على رابونزل، فأنزلت الساحرة شعرها. وعندما صعد، فوجِئ برؤية الساحرة ورابونزل مُقيّدة بحبل.
واجه الأمير الساحرة، وعلى حين غفلة منها، أمسك السكّين وقصّ شعر رابونزل وقال: “لن أدعك تستغلّين قدرتها”.
اشتعلت الساحرة غضبًا، لأنها خسرت المصدر الوحيد الذي يمنحها الشباب، وصرخت: “ماذا فعلتَ؟ سأنتقم منك ولن أدعك تراها مرةً أخرى”.
ثم دفعت الأمير من نافذة البرج، فسقط من أعلى البرج، ولكن لحسن الحظ، لم يفقد حياته، وتعرّض لجروح وكسور فقط.
تمالك الأمير نفسه واستجمع شجاعته، وعاد على الفور إلى مملكته، فجمع جيشًا كبيرًا، وعاد مجدّدًا إلى البرج حيث رابونزل، فهاجم جنوده الساحرة الشريرة وتمكّنوا من التغلب عليها. وهكذا تحرّرت رابونزل من أسرها. ووضّح لها الأمير حينها أنّ الساحرة الشريرة لم تكن أمها، وإنما ساحرة اختطفتها من والديها الملك والملكة.
فرحت رابونزل كثيرًا لذلك، وتمكّنت أخيرًا من الالتقاء بوالديها، حاكمي المملكة، واللذان فرحا بعوجة طفلتهما إليهما. وبعدها بأيام تقدّم الأمير طالبًا يد رابونزل للزواج، فوافقت على الفور، وأقيم حفل زفاف عظيم احتفل فيه جميع سكان المملكتين. وهكذا عاش الأمير ورابونزل بسعادة وهناء إلى الأبد.
قصة حورية البحر (The Little Mermaid) هي واحدة من أشهر القصص الخيالية في الأدب العالمي، كتبت القصة بواسطة المؤلف العالمي هانس كريستيان أندرسن في عام 1837. يبحر بنا هانس في أعماق البحر، حيث تعيش الأسماك والكائنات البحرية وحوريات البحر ذات الجمال الحسن. ومن هنا نتعرف على قصة آريل حورية البحر التي كانت تحب عالم البشر وتحلم بأن تزور اليابسة، ولكن والدها كان يخاف عليها ويمنعها من الصعود إلى السطح.
هل ستتمكن آريل من تحقيق حلمها ورؤية عالم البشر؟ ما الذي ستقابله وستكتشفه في هذه المغامرة الشيقة. لنقرأ القصة معًا.
أحداث قصة حورية البحر
في أعماق البحر، حيث المياه الصافية الزرقاء والأسماك المتنوعة، كان هناك ملك يحكم عالم البحار. وكانت قلعته تقع في أعمق نقطة في البحر. وكانت مصنوعة من المرجان الأزرق، تعلوها أصداف تفتح وتغلق عند مرور الماء من خلالها.
كان ملك البحر يعيش هناك مع والدته وبناته الأربع، وكانت أصغر الأميرات تُدعى آريل. كانت آريل حورية بحر لطيفة وجميلة، لها شعر طويل وصوت عذب يأسر القلوب. كانت آريل مميزة عن باقي الحوريات، لم تكن تحب الغناء والسباحة فقط، بل كانت تحلم بعالم البشر. وكانت تقضي معظم وقتها تسبح قرب السفن الغارقة في قاع البحر، تجمع الكنوز التي تسقط منها وتملأ ذراعيها بالمجوهرات، ثم ترتبها في مجموعات في كهفها وهي تغني بصوتها الجميل.
كان والدها قد وضع قانونًا يمنع حوريات البحر من الصعود إلى سطح البحر قبل بلوغهن سن الخامسة عشرة. وكانت آريل تحب الاستماع إلى قصص أخواتها عن حياة البشر، عن السفن والغابات والشمس الساطعة فوق سطح البحر، وكانت تتوق لرؤية كل ذلك بنفسها.
وعندما طلبت من والدها في أحد الأيام أن يسمح لها بالذهاب إلى سطح البحر، رفض بشدة، وحذرها من الصعود إلى سطح قبل بلوغ السن المسموح به.
حزنت آريل كثيرًا من رفض والدها، وكانت جدتها تخفف عنها بأن بحكايات عن الحياة على اليابسة، والمدن، وكل ما تعرفه عن البشر.
وأخيرًا، جاء اليوم المنتظر، اليوم الذي بلغت فيه حورية البحر آريل الخامسة عشرة. الآن، بات بإمكانها الصعود إلى السطح لترى العالم الذي طالما حلمت به.
عندما صعدت للسطح، رأت سفينة ضخمة تبحر فوق المياه، وكان البحارة يرقصون ويضحكون. وأثناء سباحتها حول السفينة، رأت أميرًا وسيمًا يقف عند الحافة يضحك ويعزف الموسيقى. اقتربت منه، وأخذت تراقبه بدهشة وإعجاب.
فجأة، هبت عاصفة قوية وارتفعت الأمواج وبدأت السفينة تتأرجح. بدأ البحارة ينزلون الأشرعة، كانت آريل تراقب الموقف بخوف من بعيد، وفجأة سمعت صرخة.
صاح أحد البحارة: ” لقد سقط الأمير إريك”.
من دون تردد، غاصت آريل بسرعة وأمسكت بالأمير من قميصه، فهي تعرف أن البشر لا يستطيعون التنفس تحت الماء، وسحبته إلى السطح. بقيا يطفوان معًا فوق الأمواج. بحلول صباح اليوم التالي، كانت العاصفة قد هدأت، سبحت آريل الأمير بصعوبة إلى الشاطئ، ثم جلست بجانبه تغني له أغنية حزينة. وفجأة، بدأ الأمير يتحرك.
سألت آريل بقلق: “أوه! هل أنت بخير؟”
لكن قبل أن يراها الأمير، رأت أريل أناسًا يقتربون، فأسرعت عائدة إلى البحر، واختبأت خلف صخرة كبيرة، تراقب الأمير.
سبحت آريل إلى أعماق البحر، وكانت حزينة، لأن الأمير لن يعرف أبدًا أنها من أنقذته. لم تستطع التوقف عن التفكير فيه، وكانت تحلم أن تكون معه. لكن كيف يحدث ذلك؟ هي تعرف أنها لا تستطيع الاجتماع معه في عالم واحد.
وعندما عادت إلى منزلها، أراد إخوتها معرفة كل شيء عن رحلتها، لكنها كانت حزينة جدًا لدرجة أنها لم تكن قادرة على قول أي شيء. ومرت الأيام والأسابيع، وظلت آريل حزينة تفكر في الأمير. قلقت أخواتها، وذهبن إلى جدتهن طلبًا للمساعدة.
أسرعت الجدة إلى آريل وسألتها: “ما الأمر يا صغيرتي؟”
قصّت حورية البحر عن مغامراتِها وإنقاذِها للأمير إريك، ثم قالت: “جدتي، أُريد أن أراه مرة أخرى، أريد أن تكون لي قدمان، لأصعد إلى اليابسة وأقابله ثانية.”
قالت الجدة: “يا صغيرتي، أنتِ تعلمين أن حوريات البحر لا يمتلكن قدمين. ساحرة البحر هي الوحيدة القادرة على ذلك، لكن الذهاب إليها خطير للغاية.”
رغم تحذير جدتها، إلا ان آريل أسرعت إلى ساحرة البحر وقصّت عليها قصتها وأخبرتها بأمنيتها.
قالت الساحرة: ” هذه ليست مشكلة. كل ما عليك فعله هو شرب هذا الشراب وستحصلين على ساقين.”
ثم تابعت الحديث: “ولكنني الأمر ليس مجانيًا، كما تعلمين”.
سألت حورية البحر الصغيرة، “حسنًا، ما هو ثمن الجرعة؟”
ردت الساحرة: “أوه، ليس كثيرًا. عليكِ التخلي عن صوتكِ من أجل الحصول على الجرعة.”
صُدمت آريل، وقالت: “صوتي؟”
قالت ساحرة البحر: “نعم، ولكن لا داعي لذلك، إذا كنت لا تريدين.” ترددت آريل، ولكنها في النهاية وافقت على شرط الساحرة.
تابعت الساحرة الحديث:” وهناك شرط أخر، يجب أن يتزوجك الأمير لتستعيدي صوتك، فإذا تزوج بأخرى حينها سيبقى صوتكِ معي للأبد. ولكن من يدري؟ قد يختارك الأمير.”
بالرغم من صعوبة الاختيار، إلا أن آريل وافقت على شرط الساحرة. وشربت حورية البحر الجرعة بسرعة. شعرت بألم شديد ودوار خفيف، ثم فقدت وعيها.
عندما استيقظت، وجدت نفسها على نفس الشاطئ الذي أنقذت فيه الأمير، وكان لها ساقان كالبشر. فرحت آريل وأدركت أنها ستتمكن من مقابلة الأمير.
في البداية، لم تستطع آريل الوقوف أو استخدام ساقيها الجديدتين، وظلّت تحاول الوقوف. عندها رآها الأمير، أسرع لمساعدتها.
سألها الأمير إريك: “هل أنتِ بخير؟”
حاولت حورية البحر آريل الإجابة، لكن دون جدوى.
سألها: “هل يمكنكِ التحدث؟”
هزّت رأسها نفيًا.
قال: “أوه! اسمحي لي أن آخذكِ إلى القلعة حتى تتمكني من تغيير ملابسكِ.”
كانت حورية البحر في غاية السعادة وهي ترى الأمير يمشي بجانبها. كانت تمشي على قدميها بصعوبة، لكنها سرعان ما تعلمت وأتقنت الأمر.
قضت أريل أيامها مع الأمير إريك، يتمشيان في الحدائق ويضحكان معًا. كان الأمير معجبًا بها، ولكنه كان يأمل بشدة في مقابلة الفتاة ذات الصوت الجميل التي أنقذته. كانت آريل تحاول أن توضح له أنها هي من أنقذته بمساعدة أصدقائها الطيور والكائنات البحرية، ولكن في كل مرة لم يتمكن الأمير من فهمها.
لم يكن يعلم أن الفتاة التي يبحث عنها هي نفسها التي بجانبه، لأنه لم يرَ وجهها بسبب العاصفة.
في أحد الأيام، استدعى الملك ابنه الأمير، وقال له: “يا بني، لقد اتفقنا أنا وأمك على تزويجك، وقد اخترنا لك عروسًا، وستأتي مع والديها الليلة، وسنتحدث عن خطط الزفاف.”
أُصيب الأمير بالذعر، لأنه يريد الزواج من الفتاة ذات الصوت الجميل. أما حورية البحر، فشعرت بالخوف، لأنها تعلم ما سيحدث لها عندما يتزوج الأمير من أخرى.
في الليل، جاءت الأميرة، وكانت مغرورة لا تفكر إلا في نفسها. وعندما تحدتث مع الامير كان صوتها يشبه صوت آريل. صُدم الأمير، ولم يصدق أنه وجد أخيرًا الفتاة التي يبحث عنها.
تعجبت آريل: كيف لهذه الأميرة أن تمتلك صوتها؟ ولم تكن تعلم أن ساحرة البحر الشريرة قد وضعت صوتها في هذه الأميرة.
في صباح اليوم التالي، ذهبت حورية البحر الصغيرة إلى الشاطئ، وأخبرت أخواتها بما حدث، وأن الأمير سيتزوج غدًا.
قلقت الأخوات، لكنهن أخبرنها ألا تقلق وأن تعود إلى القلعة. وعندما عادت الأميرات الثلاث إلى المنزل، فوجئن بوالدهن في انتظارهِن، وقد كان غاضبًا للغاية.
نظر إليهن بحدة، وسأل: “أين أختكن الصغيرة؟” تبادلن النظرات، ثم أخبرنه القصة كاملة، دون إخفاء شيء.
وأخيرًا، جاء يوم الزفاف. صعدت حورية البحر الصغيرة إلى سفينة الزفاف مع الضيوف الآخرين. أما ملك البحر، فقد هرع إلى رؤية ساحرة البحر، وسألها عن كيفية إنقاذ ابنته.
قالت: “هناك طريقة واحدة لإنقاذها من مصيرها، وهي أن تسلّمني الصولجان.”
كانت الساحرة تريد الصولجان لتتمكن من السيطرة على حكم مملكة عالم البحار. لم يكن أمام ملك البحر خيار آخر لإنقاذ ابنته، فسلمها الصولجان.
أخذت ساحرة البحر الصولجان وهرعت إلى سفينة الزفاف، وقد أصبحت وحشًا بحريًا ضخمًا. كانت مخالبها تتلوى كالأخطبوط. بدأ ضيوف السفينة يركضون خوفًا.
فكرت حورية البحر الصغيرة كيف تحمي الأمير حب حياتها، فأمسكت السكين. في تلك اللحظة، امتدت إحدى مجسات ساحرة البحر ورفعت حورية البحر الصغيرة عن السفينة.
صاحت الساحرة: “هذه نهايتك، سأقضي عليك الآن”
لكن الحورية الصغيرة، استخدمت السكين وغرستها في صدر الوحش.
ترنّحت ساحرة البحر من الألم، ثم سقطت في الماء. وبينما كانت تسقط، عاد صوت حورية البحر الصغيرة لها.
صاحت الأميرة التي كان سيتزوجها الأمير، بصوتٍ أجشّ: “يا لها من مملكةٍ بائسة! ما هذه الفوضى!”
وعندما سمع الأمير صوتها الحقيقي، أدرك أنها ليست كما ظن. ثم بدأت الحورية الصغيرة بالغناء. وعندما سمع الأمير صوتها، أدرك أنها هي من أنقذته.
قال: “كنت أبحث عنك، أنتِ منقذتي الحقيقية.”
فرحا فرحًا شديدًا، وسألها الأمير: “هل تتزوجينني؟”
شعرت الحورية الصغيرة وكأن المحيط كله يحتفل معها. وظهرت عائلتها من بين الأمواج، مبتهجين بسعادتها.
تزوج الأمير والحورية الصغيرة في حفلٍ جميل على متن السفينة. منذ ذلك اليوم، عاشت الحورية الصغيرة حياةً مليئةً بالحب. ووجدت طريقة للبقاء على اتصال بعائلتها في البحر، إذ بنت جسرًا بين الأرض والمحيط، مما سمح للعالمين بالعيش في وئام.
وفي النهاية، نتعلم من آريل الشجاعة والأمل والحب الحقيقي الذي يمنح لحياتنا معنى وقيمة تجعلنا نعيش كل يوم بأمل جديد، وأهمية التسامح والتفاهم بينا وبين الآخرين. حققت آريل حلمها وتمكنت من العيش كما تريد، لذلك لا تتردد في السعي وتحقيق حلمك في حياتك.
عالم الحكايات عالم واسع لا حدود له، فمنذ قديم الزمان، كان يتمّ تناقل الحكايات والقصص من جيل لآخر. وكانت تتنوّع وتتابين، فيأخذنا بعضها إلى ممالك خيالية، ويغوص بنا البعض الآخر إلى أعماق البحار، تروي بعضها حكايات أبطال شجعان، وتعلّمنا قصص أخرى دروسًا مفيدة على ألسنة حيوانات ناطقة أو مخلوقات أسطورية، وفي كلّ قصّة أو حكاية نستشعر بعضًا من ثقافة البلد الذي أتت منه.
في مقال اليوم، جمعنا لكم قائمة حكايات عالمية من مختلق بقاع الأرض، ستعلّم طفلك دروسًا مهمّة، وتسليّه وتمتّعه في الوقت ذاته. حيث يمكنك قراءة هذه القصص لطفلك قبل النوم، أو كجزء من درس تعليمي تربوي…والأجمل من ذلك أن تحاول تمثيل هذه القصص مع صغيرك لإضافة لمسة من المرح والمتعة لوقت القراءة!
حكايات عالمية من اليونان: قصة الأسد والفأر
قصة الأسد والفأر هي واحدة من أشهر الحكايات العالمية. تمّ تأليفها بواسطة إيسوب، وهو راوي قصص يوناني. حيث كتب هذا الأخير مجموعة من القصص تحت اسم “حكايات إيسوب”. تضمّ حكايات إيسوب العديد من العبر والدروس المفيدة والقيّمة للأطفال. ولعلّ هذا هو سبب انتشارها في كافة أنحاء العالم.
أحداث القصة
تحكي القصّة عن لقاء الأسد ملك الغابة القويّ والشجاع بفأر صغير. حيث كان الأسد يأخذ قيلولته اليومية عندما استيقظ فجأة على صوت فأر صغير يلعب بقربه ويُحدث ضجيجًا أزعجه وحرمه الاستمتاع بغفوته.
ولأن الأسد هو ملك الغابة ومن أقوى حيواناتها، فقد أغضبه تصرّف الفأر، الذي لم يحترم مكانته، وقرّر أن يأكله. لكن الفأر الصغير توسّل للأسد أن يعفو عنه ويغفر له خطأه، ووعده بأنه سيردّ له الجميل يومًا ما وينقذه إن وقع في مأزق.
سخر الأسد من الفأر، ومن ثقته العجيبة بنفسه، وتساءل، كيف يمكن لكائن صغير مثله أن يساعده هو؟ الأسد العظيم الذي تخشاه جميع حيوانات الغابة؟!
ومع ذلك، فقد صفح الأسد عن الفأر، وقرّر مسامحته شرط ألاّ يكرّر فعلته تلك مرّة أخرى.
وهكذا تمرّ الأيام والشهور، ويحدث أن يقع الأسد في أحد الأيام في مأزق عظيم. فهل سيتمكّن الفأر حقًا من ردّ الجميل إليه؟ والوفاء بوعده للأسد؟
قصة البطة القبيحة هي قصة من تأليف الكاتب الدنماركي الشهير هانز كريستيان أندرسن، وتُعد واحدة من القصص العالمية الشهيرة التي لا يغفل عنها أحد حيث أصبحت واحدة من أشهر الحكايات العالمية التي تُروى للأطفال في كلّ بقاع الأرض، لما تحمله من قيم سامية ودروس مفيدة.
أحداث القصة
في مزرعة صغيرة، كانت البطة الأم تنتظر أن يفقس بيضها. كانت ترقد على البيض وتدفئه حتى يخرج منه صغارها. بدأ البيض يفقس واحدًا تلو الآخر، وكان يخرج بط صغير جميل، له ريش أصفر ذهبي. فرحت البطة الأم كثيرًا برؤية صغارها.
لكن البيضة الكبيرة لم تفقس بعد. خافت البطة الأم، ونادت زوجها لتسأله عن هذه البيضة الكبيرة.
اطمأنت البطة الأم، وكانت متحمسة جدًا للبيضة الكبيرة، فقد ظنت أن بداخلها أجمل بطة في المزرعة. قررت أن تواصل الجلوس عليها حتى تفقس بسرعة.
وبعد فترة، فقست البيضة أخيرًا، وخرجت منها بطة قبيحة، مغطاة بريش رمادي، وكان شكلها مختلفًا عن باقي البط. تعجبت الأم من شكلها، وحزنت لأنها لم تكن كما توقعت.
أصبحت البطة الصغيرة موضع سخرية من إخوتها وباقي حيوانات المزرعة، وأطلقوا عليها لقب “البطة القبيحة”. كانت تبكي دائمًا بسبب سخرية الحيوانات ولعدم حصولها على صديق يلعب معها. كان الجميع يرفضها ولا يتقبل شكلها.
حزنت البطة كثيرًا بسبب ما تتعرض له من مضايقات، وقررت أن تترك المزرعة وتذهب للعيش وحدها. وأثناء سيرها، وجدت بحيرة جميلة، وقررت أن تبقي بجوارها. لكن الطيور هناك لم تتقبلها، وعاملوها بطريقة سيئة، وطردوها من المكان.
تابعت البطة الصغيرة طريقها، وبعد فترة شعرت بالتعب، فجلست بجانب شجرة. فرآها مزارع طيب، وأخذها إلى مزرعته، لكنها واجهت نفس المعاملة من حيوانات المزرعة. لذلك، قررت الرحيل من جديد.
ذهبت البطة إلى الغابة، ولكن حيوانات الغابة لم ترحّب بها أيضًا، فقررت الاختباء بعيدًا عن أنظاؤ الجميع.
مرت الأيام، وكبرت البطة الصغيرة. ومع قدوم الربيع، ذهبت إلى البحيرة لتشرب الماء، فنظرت إلى انعكاس صورتها، وتفاجأت بما رأت! لقد تحولت إلى طائر جميل، له ريش أبيض ناعم، وأجنحة كبيرة، وعينان لامعتان.
فرحت البطة كثيرًا، وأدركت أنها لم تكن بطة قبيحة، وإنما من فصيلة البجع المشهورة بأجنحتها الكبيرة وقدرتها على الطيران والتحليق في عنان السماء.
العبرة من القصة:
لكلّ شخص جماله الخاصّ ومميزاته التي تجعله متفرّدًا عن الآخرين. الجمال الحقيقي هو جمال الروح وليس الشكل. لذا من المهمّ ألا نحكم على الآخرين من شكلهم فقط.
واحدة من أشهر وأقدم القصص العالمية التي تناقلتها الشعوب، دوّنها الأخوان غريم الألمانيان، وهي تحكي قصّة الطفلين هانسل وغريتل ومغامرتهما في الغابة.
أحداث القصة
في إحدى القرى البعيدة، كان يعيش توأمان جميلان يُدعيان هانسل وغريتل، مع والدهما الطيب. وبعد أن توفيت والدتهما، تزوج الأب من امرأة قاسية كانت دائمة الغضب من الطفلين، وترغب في التخلص منهما بأي شكل. كان الأب فقيرًا جدًا، والطعام في البيت قليل لا يكفي الجميع. وفي إحدى الليالي، همست زوجة الأب في أذنه قائلة: “اسمعنى جيدًا يجب أن نتخلص من الطفلين، وإلا سنموت جوعًا.”
ردّ الأب: “كيف تقولين هذا؟ أتريدين منّي أن أتخلصّ من طفليّ الوحيدين؟!”
ومع ذلك، فقد استمرّت الزوجة في إقناع زوجها بخطّتها للتخلّص من الطفلين وتركهما في الغابة، إلى أن اقتنع بكلامها مرغمًا. وقرّر أن يتخلّى عن ولديه.
أمّا الطفلان فقد سمعًا ما كان يدور من حديث بين الأب وزوجته، وشرعت غريتل بالبكاء، لكن أخاها قال لها:
“لا تخافي، فأنا لديّ خطّة ذكيّة”.
في الصباح، أيقظت زوجة الأب الطفلين كي يذهبا معها إلى الغابة بحجة إحضار الحطب. وأعطت زوجة الأب لكل واحد منهما رغيفا من الخبز وأخبرتهما ألا يأكله قبل موعد الغداء. وقبل أن يغادرا، جمع هانسل بعض الحصى ووضعها في جيبه خفية. وبينما كانوا يسيرون في الغابة، كان يُسقط الحجارة الصغيرة على الطريق دون أن يلاحظ أحد.
في الغابة، أوقد الأب نارًا لتدفئة صغيريه، وقال لهما: “ابقيا هنا، سنذهب لنجمع بعض الحطب، وسنعود بعد قليل.”
بقي الطفلان مكانهما، لكن الأب وزوجته لم يعودا، وكانت الطفلة تظن أن والدها يقطع الأشجار. لكن انتظارهما طال، ولم يعد الأبوان، وبدأ المكان يظلم، فقد حلّ المساء وغربت الشمس.
نام الطفلان في تلك الليلة في الغابة من شدّة التعب، وعندما استيقظا، بكت غريتل كثيرًا لأن والدهما قد تركهما وحدهما في الغابة، لكن هانسل قال:
“لقد أخبرتك بأنّ لدي خطّة، لا تخافي…سنعود إلى المنزل، فأنا أعرف طريق العودة!”
وهكذا تبع الطفلان الحجارة البيضاء حتى وصلا إلى منزلهما بعد بعض الوقت، ففرح الأبُ برجوع ولديه سالمين، أما زوجته فغضبت غضبًا شديدًا، وراحت تفكّر في طريقة جديدة للتخلّص منهما.
في صباح اليوم التالي، أيقظت زوجة الأب الشريرة الطفلين باكرًا، وأخذتها مرّة أخرى إلى الغابة دون أن تخبر والدهما بذلك، وكما في المرة السابقة، قدّمت لكلّ منهما رغيف خبز ليأكله على الغداء.
أدرك هانسل أنّ زوجة أبيه تودّ التخلّص منهما هذه المرّة أيضًا، لكنّه لم يملك الوقت الكافي لجمع الحجارة كما في المرّة السابقة، ولم يكن يملك سوى رغيف الخبز، فراح يقسمه إلى قطع صغيرة يرميها على الأرض ليتمكّن من تتبّعها في طريق العودة.
إلاّ أنّ طريقته هذه لم تنجح، فما لبثت العصافير تحطّ على الأرض وتأكل فتات الخبز الذي ألقى به هانسل، وهكذا لم يعد بإمكان الطفلان العثور على طريق العودة وتاها في الغابة. حلّ الليل، وبدأت حيوانات الغابة المفترسة تجول بين الأشجار، فخاف الصغيران، وراحا يركضان على غير هدىً، ومن شدّة خوفهما بدآ يتخيّلان الأمور على غير حقيقتها، فكانت أغصان الأشجار تبدو كالأشباح، والصخور كالوحوش، وجذور الأشجار الكبيرة البارزة من الأرض كالأفاعي.
حلّ الصباح أخيرًا، واختفت الأوهام التي كان الطفلان يريانها في الليل، فتنفّسا الصعداء، وشربا من مياه البحيرة القريبة ليرويا عطشهما. ثم واصلا المسير على غير هدىً بحثًا عن مخرج من الغابة. وبينما هما يمشيان، إذا بهما يريان بيتًا جميلاً غريبًا، فقد كان مصنوعًا كليًّا من الحلوى والكعك… الجدران والأبواب وحتى النوافذ، كانت كلّها مصنوعة من أنواع الحلوى والسكاكر.
فرح الأخوان كثيرًا بهذا البيت، ومن شدّة جوعهما، راحا يأكلان منه بنهم، وفجأة فُتح الباب وأطلّت منه امرأة عجوز، فخاف الصغيران منها وخشيا أن توبّخهما على أكلهما من بيتها، لكنّها قالت لهما:
“تعاليا يا صغيريّ، لا تخافا وادخلا إلى المنزل، فلديّ طعام كثير، ويمكنكما النوم في بيتي أيضًا!”
فرح الطفلان بذلك، ودخلا إلى البيت ظنًّا منهما أنّ العجوز امرأة طيبة تريد لهما الخير. لكن الأمر لم يكن كذلك إطلاقًا، فتلك العجوز كانت ساحرة شريرة، تحبس الأطفال الصغار، وتجبرهم على الأكل والنوم حتى يسمنوا ثم تأكلهم.
وفي الليل بينما كان الطفلان نائمين، أخذت العجوز هانسل وحبسته في قفص داخل المنزل، ثمّ أجبرت غريتل على الطبخ وتنظيف المنزل والقيام بكافة الأعمال المنزلية. وكانت في كلّ يوم تعدّ لهانسل وجبات دسمة وتحرص على أن يأكلها كلّها حتى يزداد وزنه ويكتنز باللحم ويصبح وجبة ملائمة.
مرّت الأيام، وبدأت العجوز تفقد صبرها، وقررت أن تأكل الطفل في صباح اليوم التالى. ارتعبت غريتل، لكنها تظاهرت بالهدوء، وبدأت تفكر في طريقة تنقذ بها أخاها المسكين.
وفي الصباح، طلبت الساحرة العجوز من غريتل أن تُشعل الفرن وتجهزّه لإعداد عشاء الليلة، فاقتربت غريتل من الفرن وتظاهرت بمحاولتها لإشعاله، ثمّ قالت بعد لحظات:
“يبدو أنّ هنالك مشكلة في الفرن، لا أستطيع إشعاله اليوم”.
غضبت العجوز من تقاعس غريتل، واتجهت إلى الفرن ثمّ انحنت إليه لتتفقّده، فانتهزت غريتل الفرصة ودفع بالعجوز إلى داخل الفرن ثمّ أغلقته على الفور.
وركضت بعدها بسرعة إلى حيث كان هانسل محبوسًا، فحرّرته من أسره على الفور. فرح هانسل بشجاعة أخته، وقبل أن يرحلا قررا أخذ مجوهرات الساحرة، فبحثا في أرجاء المنزل حتى وجدا صندوقًا مليئًا بالحُلي والذهب والفضّة، فملآ كيسًا كبيرًا بهذه المجوهرات وهربا بعدها من بيت الحلوى.
سار الأخوان لعدّة أيام، حتى عثرا على نهر صغير فاجتازاه إلى الضفّة الأخرى، وهناك لاح لهما بيتهما من بعيد. فرحا كثيرًا، وركضا إلى منزلهما بسعادة.
في ذلك الوقت، كان الأب يشعر بحزن شديد لفراق ولديه، والندم لأنه سمح لزوجته أن تتخلّص منهما. لكنه فجأة سمع صوتهما يناديانه من بعيد، فركض نحوهما واحتضنهما بكلّ حب وقد امتلأت عيناه بالدموع. أمّا زوجته فلم تكن في المنزل، لأن الأب طردها بعد أن اكتشف اختفاء ولديه.
وهكذا عاد الولدان إلى منزلهما وهما محمّلان بالكثير من الذهب والفضّة والجواهر التي قام الأب ببيعها وشراء طعام له ولطفليه، وعاشوا جميعًا بسعادة وهناء.
العبرة من القصة
إحدى القصص الجميلة التي تعلم الأطفال الشجاعة والذكاء وأهميتهما في مواجهة المخاطر. كما تبرز عدم الاعتماد على المظاهر في الحكم على الأشخاص.
قام الأخوان غريم بتوثيق مجموعة حكايات عالمية وقصص شعبية التي كانت تروى شفهيًا في ألمانيا في كتاب يدعى “حكايات الأخوان غريم”. وأضافا بعض التعديلات لتناسب الأطفال، فبعض هذه القصص كانت في الأصل تتضمّن مواضيع عنيفة ومخيفة لا تناسب الأطفال.
هي قصة شعبية مشهورة في الثقافات الآسيوية، وتحديدًا في كوريا الجنوبية، وقد أصبحت واحدة من أشهر الحكايات العالمية التي يتناقلها الأشخاص شفهيًا عبر الأجيال. تمّ توثيق هذه القصة ضمن كتب حكايات عالمية شعبية كورية.
أحداث القصة
يُحكى أنّه عاش في قديم الزمان أرنب ذكي في الغابة، وكان هناك نمرٌ قوي ومخيف يعيش في نفس الغابة. كان النمر يتجوّل بين الأشجار، يفتخر بقوته، ويأمر جميع الحيوانات بطاعته وإلاّ فقد كان يأكلها بلا رحمة.
ليس هذا وحسب، لقد كان النمر يقتل الحيوانات الصغيرة لمجرد التسلية. وفي أحد الأيام، بينما كان يتجوّل، رأى الأرنب، لكن الأرنب لم يُعره أيّ اهتمام لأنه كان يعلم شدّة غروره. قال الأرنب في نفسه: “هذا النمر مغرور جدًا! يحسب أنّ قوّته هي كلّ شيء. لقد حان الوقت لأعلمه درسًا لن ينساه.”
غضب النمر من تجاهل الأرنب له، وقال في نفسه أيضًا: “سأجعل هذا الأرنب الساذج يعرف من هو النمر”.
وقفز عليه ليأكله، لكن الأرنب قال بسرعة: “انتظر يا سيدي النمر المغوار، بدلاّ من أن تأكلني، ما رأيك أن أقدّم لك كعكة أرز لذيذة وشهية، فهي أفضل منّي حتمًا”.
كانت كعكة الأرز هي الوجبة المفضّلة للنمر. والذي أجاب على الفور: “أريد 10 كعكات وليس واحدة فقط، أحضرها لي، وإلاّ أكتلك!”.
أجاب الأرنب: “حسنًا، انتظر هنا وسأحضرها لك فورًا”.
أسرع الأرنب وأحضر الكعكات، لكنه خبّأ بداخلها حجارة صغيرة دون أن يراه النمر، ثم وضعها على النار. وعندما هم النمر بالأكل، قال له الأرنب: “عليك أن تنتظر قليلاً، عد حتى العشرة ثم كلها.”
كان النمر ضعيفًا في الحساب، فبقي يعد إلى العشرة عدة مرات. وكان الأرنب يراقبه خفية. أخيرًا، بعدما انتهى من العدّ، أكل النمر الكعكات، وفجأة شعر بحرارة شديدة في فمه، وتكسّرت أسنانه بسبب الحجارة. ولم يستطع أكل شيء طوال اليوم، tاطمأنت الحيوانات قليلاً، وارتاحت من شرّ النمر لبعض الوقت.
في صباح اليوم التالي، شُفي النمر، لكنه بقي بلا أسنان، وخرج غاضبًا يبحث عن الأرنب لينتقم منه. وعندما وجده قرب البحيرة، صرخ بأعلى صوته: “لقد خدعتني! واليوم سأنتقم منك وألقّنك درسًا لن تنساه!”.
ابتسم الأرنب، وقال متظاهرًا بالخوف والحزن: “أنا مستعد لملاقاة مصيري، ولكن أستميحك عذرًا، وأرجوك أن تسامحني على خطئي بالأمس، أنا لستُ سوى حيوانٍ صغير لا يسمن ولا يغني من جوع؟ ما رأيك أن تحصل على 1000 سمكة بدلاً منّي؟”
فكّر النمر قليلًا وقال في نفسه: “إذا ربطت الأرنب بالشجرة فلن يهرب، وإذا حصلت على 1000 سمكة فلن أجوع أبدًا”، ثمّ أجاب قائلا:
“حسنًا، علّمني إذن كيف أمسك ألف سمكة من البحيرة؟”
قال الأرنب: “ضع ذيلك في البحيرة وابقَ على هذه الحال حتى تلتصق به 1000 سمكة!”
ربط النمرُ الأرنبَ بالشجرة، ووضع ذيله في البحيرة كما طُلب منه، وظلّ ينتظر. كان ذلك اليوم من أبرد أيام السنة، وبدأت البحيرة تتجمّد شيئًا فشيئًا، والنمر لا يشعر بذلك. ظن النمر أن الأسماك تعلقت بذيله بسبب ثقله. وبقي جالسًا حتى الصباح، وغطى الثلج البحيرة بالكامل. أما ذيله، فقد تجمّد بالكامل داخل البحيرة.
قال الأرنب ساخرًا: “هيا اسحب ذيلك بقوة، ستحصل على 1000 سمكة”.
لكن النمر لم يستطع إخراج ذيله، وكلما حاول، ازداد ألمه. ضحك الأرنب وقال: “الآن حصلت على الأسماك، ابقَ في مكانك حتى يذوب الثلج أيها الذكي.”
ورحل الأرنب، وسادت الطمأنينة في الغابة.أمّا النمر، فمرّ به صياد، وصاده بعدما خارت قواه، وباعه إلى السيرك. وكان هذا مصير النمر المغرور والطمّاع.
العبرة من القصة
لا يجب أن نستهين بأحد بسبب حجمه أو شكله. والقوة الجسدية لا تساوي شيئًا من دون ذكاء واستخدام صحيح للعقل.
تُعدّ القصص واحدة من أفضل الطرق التعليمية للأطفال، فهي تساعد على تنمية خيالهم وتمكنهم من استيعاب القيم بطريقة سهلة وممتعة من خلال شخصياتهم المفضلة. وفي النهاية، قدمنا لك أفضل 4 حكايات عالمية تناسب أطفالك. تأكد من قراءة هذه القصص معهم، ومع نهاية كل قصة، يمكنك طرح بعض الأسئلة على أطفالك لمعرفة ما تعلموه من القصة.
لطالما أحبّ الضفدع الصغير “نطّاط” النظر إلى النجوم ليلاً. وكان في كلّ ليلة يجلس على ورقة زنبق كبيرة، ويتأمل النجوم المتلألئة.
– كم أتمنى لو ألمس هذه النجوم! كان نطّاط يقول لنفسه في كلّ مرّة يرى فيها نجوم السماء اللامعة. هذه الليلة، كانت السماء صافية، والجوّ صيفيًا جميلاً. النجوم اللامعة كانت تملأ السماء وتتراقص مثل الجواهر الصغيرة.
قرّر نطّاط تسلّق صخرة كبيرة ليتمكّن من لمس النجوم. ثابر وثابر حتى وصل إلى قمّة الصخرة، ثمّ مدّ يده ليمسك نجمة…ولكن… يالا الأسف، النجوم لا تزال بعيدة جدًا، ولا يستطيع نطّاط الوصول إليها!
فجأة رأى نطّاط تلّة بالقرب منه، فقال فرحًا: – أوه سأتسلّق التلّة وساتمكّن من الإمساك بنجمة!
و…ويييييي…تزحلق نطّاط من أعلى الصخرة، وبدأ القفز صاعدًا التلّة. هيب…هوب…هيب…هوب
وصل أخيرًا إلى أعلى التلّة! ومدّ يده ليمسك نجمة…ولكن.. وأسفاه، لا تزال النجوم بعيدة جدًا، ولا يمكن لنطّاط الوصول إليها!
من أعلى التلّة، رأى نطّاط شجرة جوز هند قريبة منه. كانت طويلة جدًا، وفرح نطّاط: – إن تسلّقت الشجرة، فسوف أمسك نجمة حتمًا!
وهكذا، نزل نطّاط من التلّة… هيب…هوب…هيب…هوب…
حتى وصل أخيرًا إلى شجرة جوز الهند، وبدأ يتسلّقها بصعوبة كبيرة! واحد…اثنان….واحد….اثنان….
وصل نطّاط بعد كثير من الجهد إلى قمّة الشجرة، ومدّ يده ليمسك نجمة….ولكن…. أوه…لا… لا تزال بعيدة جدًا، ولا أستطيع الإمساك بها.
شعر نطّاط بخيبة الأمل، وطأطأ رأسه حزينًا، فرأى كم كان مرتفعًا عن سطح الأرض، وخفق قلبه بقوّة من الخوف…بوم..بوم…بوم…
وضع نطّاط يده على قلبه الصغير، وهمس لنفسه: – لن أخاف…أستطيع أن أفعلها!
ثمّ نظر مجدّدًا إلى الأسفل نحو الأرض، فرأى منظرًا رائعًا جدًا! كان هنالك بركة صغيرة في الأسفل، وعلى سطحها تلألأت النجوم بقوّة!
نظر نطّاط إلى النجوم في الماء بإعجاب شديد….استجمع شجاعته، وقفز أخيرًا نحو البركة… كلّما اقترب نطّاط من البركة، زاد اقترابه أكثر من النجوم المتلألئة على سطحها.
سبلااااش
أخيرًا وصل نطّاط إلى سطح الماء، وغطس في مياه البركة.
خرج نطّاط من البركة، وجلس على ضفّتها، ثمّ راح يتأمل النجوم الصغيرة وهي تتلألأ على السطح في منظر ساحر بديع.
كان يا مكان، في قديم الزمان، وفي إحدى البلدان البعيدة، عاشت فتاة جميلة طيبة القلب اسمها سندريلا، مع أبويها اللذين يحبّانها ويعطفان عليها. كانت تعيش حياة سعيدة إلى أنّ جاء يوم مرضت فيه والدتها مرضً شديدًا، ولم يتمكّن الأطباء من علاجها، ففارقت الحياة، تاركة سندريلا المسكينة وحيدة.
حزن الأب على فراق زوجته حزنًا شديدًا، وأصبح وحيدًا يشعر بألم الفراق. وكان كلّما نظر إلى ابنته الصغيرة، شعر بمزيد من الحزن لأنه أصبحت يتيمة دون أمّ ترعاها وتعطف عليها. فقرّر أن يتزوّج بامرأة أخرى تحلّ محلّ أمها، فتعتني بها وتقدّم لها الحبّ والعناية.
وكذلك كان الحال، تزوّج الأب بامرأة أرملة، لديها ابنتان أكبر من سندريلا بقليل. وانتقلن للعيش في منزل سندريلا.
كانت زوجة الأب وابنتاها يعاملن سندريلا معاملة حسنة، وفرحت هذه الأخيرة لأنه أصبح لديها أختان تتتسلّى معهما.
فرح الاب لرؤية ابنته وقد عادت إلى محياها الابتسامة، واطمأن قلبه أنها ستكون بخير أثناء سفره للعمل، وهكذا، بعد عدّة أسابيع من زواجه، سافر الأب مبحرًا إلى بلاد بعيدة لإحضار البضاعة من أجل عمله. وهنا تغيّرت الأمور تمامًا.
أصبحت زوجة الأب هي سيّدة المنزل، فأجبرت سندريلا على الانتقال إلى العليّة المظلمة، وأعطتها ملابس رثّة ممزقة لترتديها بدلاً من ثيابها الجميلة. ليس هذا وحسب، بل جعلتها تقوم بجميع أعمال المنزل من تنظيف وترتيب وطبخ.
تحوّلت حياة سندريلا بين ليلة وضحاها، وصارت خادمة لزوجة أبيها القاسية وابنتيها المدللتين، فكانت تستيقظ باكرًا لتعدّ لهنّ طعام الفطور، وتغسل ثيابهنّ وترتب غرفهن، في حين كانت الأختان المغرورتان تقضيان نهارهما في النوم والأكل والتنزّه في الأسواق لشراء الأثواب والمجوهرات الفاخرة.
على الرغم من قسوة الحياة ومعاملة زوجة الأب وابنتاها السيئة، لكنّ سندريلا لم تفقد الأمل، وحافظت على طيبة قلبها ورقّتها في التعامل، وكان لديها أصدقاء صغار من الحيوانات يخفّفون عنها وحدتها ويساعدونها في بعض أعمالها. فكانت بعض العصافير تقدّم لها العون لنشر الغسيل على الحبال، والفئران الظريفة تمدّ لها يدّ العون في حمل بعض الخضار والفواكه والأواني، والقطّ ميشا يساعدها في المسح وتنظيف الأرضيات، ممّا أدخل السعادة إلى قلبها، وشجّعها على الاستمرار في العيش برضى.
في أحد الأيام شاع خبر رغبة الأمير ابن حاكم المملكة في الزواج، وأعلن الملك عن إقامة حفل كبير في القصر الملكي، تحضره جميع الفتيات ممّن هنّ في سنّ الزواج ليختار الأمير عروسه من بينهنّ.
وتلقّت زوجة الأب وابنتاها دعوات لحضور الحفل الراقص، كما تلقّت سندريلا أيضًا دعوة لحضور الحفل، وكم أفرحها وأسعدها ذلك، لكنها طلبت الإذن من زوجة أبيها للسماح لها بحضور الحفل:
هل يمكنني أن أذهب أنا أيضًا إلى الحفل الراقص؟
سألت سندريلا بحذر.
ضحكت زوجة الأب بسخرية، وردّت:
– سأسمح لك بالذهاب إن استطعتِ إنهاء جميع أعمالك المنزلية، وعثرتِ على ثوب مناسب للحفل، أمّا الآن فأريد منك أن تساعدي ابنتيّ على الاستعداد للحفل، أريد أن تكونا أجمل الفتيات في القصر حتى يقع اختيار الأمير على إحداهما.
وهكذا ازداد ضغط العمل على سندريلا التي أصبحت الآن مكلّفة بإتمام جميع أعمال التنظيف والترتيب والطبخ، وكذلك تحضير وخياطة أثواب الحفل لأختيها ومساعدتهما لاختيار المجوهرات والأحذية المناسبة لحضور هذه المناسبة الراقية.
كانت تعمل بجدّ طوال النهار، وتسهر ليلاً على حياكة ثياب أختيها، واستطاعت بفضل أصدقائها الطيبين أن تصلح أحد أثواب والدتها الراحلة وتزيّنه بالشرائط الحريرية والخرز اللامع حتى أصبح ثوبًا أنيقًا وجميلاً.
في يوم الحفل، استيقظت سندريلا باكرًا، فأعدّت الفطور لأختيها، وقامت بتنظيف وترتيب المنزل كاملاً، ثمّ ساعدت الفتاتان المغرورتان على تجربة فساتين الحفل واختيار ما يلائم من الجواهر والأحذية، فكانتا تلبسان وتخلعان الفساتين والموجوهرات، وسندريلا تساعدهما على اختيار ما يلائم وما لا يلائم، حيث قضت معهما ساعات طوال تستمع إلى أرائهن وتصلح ما يحتاج إلى إصلاح أو تضييق أو توسيع من الثياب والفساتين.
ومع غروب الشمس، كانت الفتاتان وزوجة الأب في أبهى حلّة لهنّ، يرتدين فساتين من الحرير مطرّزة بالخيوط الذهبية ومزيّنة بالخرز والجواهر، واستغلّت سندريلا فترة تناولهنّ الطعام، فارتدت فستان والدتها الراحلة البسيط الذي أصلحته مع أصدقائها الحيوانات، وربطت شعرها بشريط حريري، ونزلت إلى الأسفل تحمل دعوتها.
كانت زوجة الأب والفتاتان على وشك ركوب العربة المتجهة إلى القصر عندما نادتهنّ سندريلا:
– انتظروني! ألن آتي معكنّ أنا أيضًا!
والتفتت الأختان وأمهما إلى سندريلا، ثمّ انفجرن ضاحكات بسخرية:
– هل ستأتين معنا بهذا الثوب القديم البالي؟!
قالت إحدى الأختان، وأضافت الأخرى:
– وهذا الحذاء البشع القبيح؟!
قالت زوجة الأب
– لن أسمح لكِ بإفساد فرصة الزواج من الأمير على ابنتيّ، فإن رآكِ معهما سيسخرّ منّا وينفر من الحديث معهما، ستحرجينني مع العائلة المالكة والطبقة الثرية من الحضور.
– لكن…
وقاطعتها زوجة الأب مجدّدًا:
– كفى….لن تحضري الحفل، ثمّ إنّ المنزل غارق في الفوضى، عليك ترتيب المكان وتنظيفه قبل عودتنا، لا أريد أن أرى ذرّة غبار واحدة عندما أعود.
ثمّ اقتربت منها، وأخذت منها دعوة الحفل، فمزّقتها ورمتها أرضًا حتى تتأكّد من أنّ سندريلا لن تحضر الحفل، وغادرت بعدها مع ابنتاها وهنّ يضحكن بخبث، تاركات سندريلا وحدها في المنزل.
شعرت سندريلا بالظلم، والحزن الشديد، واندفعت إلى غرفتها في العلية حيث ارتمت على السرير وراحت تبكي بكاءً مريرًا، فيما حاول أصدقاؤها الصغار التخفيف عنها، ولكن بلا جدوى.
ومن شدّة تعبها، غفت سندريلا لبضع لحظات، لكنّها عندما استيقظت من جديد رأت أمامها سيدة طيبة الملامح، ترتدي ثوبًا أزرق لامعًا، وتحمل بيدها عصًا غريبة الشكل.
– من أنتِ؟
سألت سندريلا بفضول.
– أنا الجنيّة الطيبة، وقد أتيتُ لمساعدتك يا سندريلا، فامسحي دموعك، ولا تحزني لأنط ستذهبين إلى الحفل الراقص.
– وكيف أذهب من دون ثوب أو عربة أو حتى بطاقة دعوة، زوجة أبي وأختاي محقّات، سأكون مصدر إحراج لهنّ ولنفسي إن ذهبت.
قالت سندريلا بحزن، وابتسمت الجنية الطيبة وهي تستمع إليها ثمّ قالت:
– لا عليك… ستكونين أجمل فتاة في الحفل، وستخطفين الأبصار بحضورك!
ثم لمست بعصاها سندريلا، فأشعّ نور قويّ، وفجأة تحوّل ثوبها القديم إلى فستان رائع الجمال من الحرير الثمين، مطرّز بخيوط فضيّة دقيقة وخرزٍ نجمي لامع.
ولمست الجنيّة شعر سندريلا، فمُشّطَ تلقائيًا ووُضع عليه تاج ثمين مرصّع باللآلئ والألماس، وعلى رقبتها استقرّ عقدٌ من اللؤلؤ والمرجان.
وأمّا حذاؤها الممزّق، فتحوّل هو الآخر إلى حذاء من الزجاج الشفاف اللامع.
– أنتِ مستعدّة الآن للحفل، ولم يتبقَ سوى إعداد العربة… هيا لننزل إلى الأسفل!
قلت الجنية، ثمّ نزلت إلى المطبخ في الطابق السفلي، فاختارت منه حبّة يقطين كبير، وحملتها إلى المدخل، ثمّ ضربتها بعصاها، فتحوّلت في الحال إلى مقصورة عربة رائعة الجمال، وبضربة أخرى، تحوّلت الفئران من أصدقاء سندريلا إلى جياد بيضاء أصيلة ذات عدّة ذهبية بديعة.
– أخيرًا، نحتاج إلى سائق عربة، وخادم لمساعدتك على الركوب والنزول!
ونظرت من حولها فرأت زوج العصافير من أصدقاء سندريلا، فلمست كلّا منهم بعصاها السحرية، وكما هو الحال مع الفئران، تحوّلا في الحال إلى رجلين ببزّة رسمية أنيقة.
ذُهلت سندريلا من كلّ ما رأت، وشعرت بالسعادة الغامرة. فراحت تدور حول نفسها بثوبها الساحر وهي تشكر الجنيّة الطيبة.
– شكرًا لك أيتها الجنية الرائعة، لا أنسى لك معروفك ما حييت!
ابتسمت الجنيّة بطيبة، ثمّ قالت:
– هيا يا عزيزتي، حان وقت الذهاب… لكن تذكّري، عليك العودة إلى المنزل قبل منتصف الليل، فعند الدقّة الثانية عشرة من منتصف الليل سيختفي أثر السحر وتعود ثيابك إلى حالتها الأولى وكذلك العربة وكلّ شيء آخر.
– فهمت لن أنسى ذلك، وسأغادر قبل حدوث ذلك.
ثمّ ركبت العربة، وودّعت الجنية وانطلقت نحو الحفل.
هناك في القلعة، كانت الفتيات يحاولن التقرّب من الأمير، والتعريف بنفسهن أمامه، لكن علامات الملل والضجر كانت بادية على محيّاه، فلم يرَ في أيّ منهن صفات الزوجة المناسبة، وفجأة رفع نظره نحو مدخل القاعة، فرأى سندريلا وهي تقف عند المدخل بثوبها الساحر وحليّها الفاخرة.
وقف الأمير على الفور، واتجه نحوها، وتتبّع جميع الحضور خطواته نحو سندريلا.
– آنستي الجميلة، أهلاً بك في هذا الحفل الراقص، لا شكّ أنّك من النبلاء أو أميرة من أميرات الممالك المجاورة.
لم تعرف سندريلا ما تقول، فانحنت للأمير باحترام وشكرته على دعوتها لمثل هذا الحفل المميز، ومدّ الأمير يده إليها طالبًا منها مشاركته الرقصة التالية، فوافقت وابتسامة مشرقة ترتسم على محيّاها.
وانطلق العزف من جديد في الأرجاء، فرقصت سندريلا والأمير لوقت طويل، وأسرت جميع الحضور بجمالها وروعة حضورها.
وبعد الرقص، تمّ تقديم العشاء في الحفل، فرافق الأمير سندريلا، وتناول عشاءه معها، ثمّ خرج الإثنان إلى حديقة القصر، وراحا يتحدّثان ويتسامران، فأعجب كلّ منهما بشخصية الآخر ودماثة أخلاقه وطيبة قلبه، ولم تنتبه سندريلا لتأخر الوقت في حضرة الأمير، إلى أن سمعت فجأة الساعة تدقّ معلنة منتصف الليل.
ارتبكت سندريلا وتوتّرت، واعتذرت على عجل من الأمير:
– أرجو المعذرة يا مولاي، ولكن يجب أن أغادر الآن!
– مهلاً انتظري…لم أعرف اسمك حتى الآن…
لكنّ سندريلا لم تكن تملك من الوقت ما يكفي للإجابة عن سؤال الأمير، فحيّته، وركضت نحو الخارج، وأثناء نزولها الدرج باتجاه العربة سقطت منها فردة حذائها، إلاّ أنها لم تبالي وتركتها وراءها وركبت العربة وغادرت على عجل.
حار الأمير في أمرها، ولم يعرف ما أصابها ودفعها للرحيل على هذا النحو، ثمّ حمل فردة الحذاء الزجاجي الذي تركته، وعاد به إلى الحفل، الذي بدا له حينها مملاً لا معنى له.
في اليوم التالي، راح الأمير يسأل حاشيته عن صاحبة الحذاء، لكنّ أحدًا لم يعرف من تكون أو ما اسمها، ممّا زاد من حزنه على رحيلها. وأصدر أمرًا بالبحث عنها والعثور عليها، ولكن دون جدوى، فلم يعثر أحد على هذه الأميرة الغامضة.
أخيرًا أعلن الأمير أنّه سيتزوّج الفتاة التي تناسب قدمها الحذاء الزجاجي، وأمر خدمه بزيارة كلّ المنازل في المملكة وجعل الفتيات يجرّبن فردة الحذاء الزجاجي حتى يعثروا على عروسه.
جاب الحرّاس أنحاء المملكة، يطرقون أبواب المنازل، ويعرضون فردة الحذاء على الفتيات، وحاولت الكثير منهنّ ارتداءه لكنّه لم يناسب أيًّا منهن.
وبعد عدّة أيام، وصل حرّاء الملك إلى منزل سندريلا، فبادرت الأختان بقياس فردة الحذاء، لكنه كان صغيرًا جدًّا عليهما. وقال أحد الحراس بعدها:
– بحسب معلوماتي فهنالك فتاة أخرى تعيش في هذا المنزل.
قالت زوجة الأب:
– هذا صحيح، لكنّها مجرّد خادمة، ولا يمكن أن تكون تلك الأميرة الساحرة التي رأيناها في الحفل، فلا داعي لإضاعة وقتكم الثمين معها.
أجاب الحارس:
– إنّ الأوامر تنصّ على أن تجرّب كلّ فتاة في المملكة فردة الحذاء بغضّ النظر عمّن تكون، فأرجو منك استدعاءها الآن.
وعلى مضض، نادت زوجة الأب سندريلا من المطبخ، فجاءت وجلست على الأريكة، ووُضع الحذاء في قدمها، فانزلق بسهولة كأنه خُلق لها! دهش الجميع، وفجأة، أشرق نور سحري من حولها، ليعود فستانها الملكي ويتألّق تاجها من جديد، وسط شهقات الذهول من زوجة الأب وابنتيها.
– هذا مستحيل، سندريلا لم تذهب إلى ذلك الحفل، فمن أين لها بذلك الثوب الرائع وتلك الجواهر الثمين.
أخذها الخدم إلى القصر، حيث كان الأمير ينتظرها بفارغ الصبر. وعندما رآها، أشرق وجهه بالسعادة وقال: “أخيرًا وجدتكِ!” لم يكن بحاجة لسماع أيّ شيء آخر، فقد كان متأكدًا أنّها هي الفتاة التي يريدها. وبعد أيام قليلة، أُقيم حفل زفاف كبير، وتوّجت سندريلا أميرة، لتعيش مع الأمير بسعادة وهناء.
أما زوجة الأب وابنتاها، فتعلمّن درسًا قاسيًا، حيث أدركن أن الجمال الحقيقي ليس في الملابس الفاخرة، بل في القلب الطيب والروح النقية.
مع حلول الليل وانتشار الهدوء في جميع أرجاء المنزل، يأتي وقت النوم الذي يُعد وقتًا سحريًا للأطفال والآباء على حدٍ سواء، حيث تتلاشى ضغوط اليوم ويدعو دفء السرير الأطفال الصغار إلى عالمٍ من الخيال. إنَّه وقت البطانيَّات المريحة، والاحتضان الدافئ، وبالطبع وقت رواية قصص قبل النوم للاطفال.
ولكن بعيدًا عن المُغامرات الغريبة والشخصيَّات الساحرة، تحمل حكايات قبل النوم للأطفال أهميَّة أكبر بكثير. إنَّها أداة قويَّة لنقل أهم دروس الحياة إليهم، مُغلفّةً بالمظهر الساحر للحكاية الخياليَّة المُشوّقة.
نُقدّم لك في هذا المقال أكثر من قصة للاطفال قبل النوم والتي ستُساعدك على خلق لحظات من التواصُل مع طفلك، مما يضمن لك أنَّ كل ليلة لن تكون فقط نهاية لليوم، ولكن أيضًا نقطة انطلاق نحو مستقبل أكثر حكمةً لأطفالك الصغار.
وفيما يلي 4 قصص قصيرة للاطفال يُمكنك الاعتماد عليها لتسلية طفلك مع غرز قيمة إنسانيّة رائعة فيه بعد كل قصّة:
1. الفيل وشبكة العنكبوت
في قلب الغابة الخضراء – حيث الزهور الجميلة ذات العبير الرائع وأوراق الشجر التي تُصدر حفيفًا مع النسيم اللطيف – كان يعيش فيل لطيف يُدعى إيلي.
كان إيلي أكبر حيوان في الغابة، ولديه أذنان كبيرتان وخرطوم طويل وكان يُساعد الجميع، مما جعله شخصيَّة محبوبة بين الحيوانات في الغابة. ولكن على الرغم من حجمه، كان لدى إيلي خوفًا سريًا لا يعلمه أحدٌ غيره … لقد كان يرتعب من العناكب!
وفي صباح أحد الأيَّام المُشمسة، بينما كان إيلي يتَّجه نحو بحيرة المياه، وصل الصوت الناعم اليائس لصديقه تيمي السلحفاة إلى أذنيه. “إيلي، هل يُمكنك مساعدتي، من فضلك؟ أنا عالق في شجيرة شائكة، ولا أستطيع الخروج،” توسَّل تيمي.
بدون تردد، استخدم إيلي خرطومه القوي لسحب تيمي بلطف. “شكرًا لك إيلي! أنت شجاع جدًا!” قال تيمي وقد اتَّسعت عيناه بالامتنان. وفي وقتٍ لاحق من ذلك اليوم، بينما كان إيلي يتذوَّق بعض أوراق الأشجار اللذيذة، اخترقت الهواء صرخة صغيرة. لقد كانت صوفي السنجاب – جالسةً على فرع الشجرة – وعيناها واسعتان من القلق.
“إيلي، أنا بحاجة لمساعدتك! أخي الصغير محاصر في شبكة عنكبوت!” صرخت صوفي وهي تشير إلى شجيرة قريبة.
وما إن سمع إيلي كلمة “شبكة العنكبوت” حتى تسارع قلبه ونبضه وسيطر عليه الخوف. لم يكن يريد الاقتراب من شبكة العنكبوت، لكنَّه لم يستطع ترك شقيق صوفي في ورطةٍ بمفرده. وبنفسٍ عميق، استجمع إيلي كل شجاعته ومشى ببطء إلى الأدغال. وهناك رأى عنكبوتًا صغيرًا يغزل شبكته بعناية حول السنجاب الصغير.
“عفوا يا سيد عنكبوت، هل يُمكنك أن تترك السنجاب الصغير يذهب؟” ارتعد صوت إيلي قليلاً عندما تحدَّث.
توقَّف العنكبوت عن غزل شبكته ونظر بأعينه الثماني الصغيرة المتلألئة بالدهشة إلى إيلي وقال بصوت ناعم كخيوط الحرير: “يا عزيزي، لم أكن ألاحظ ذلك! أنا آسف جدًا على هذا الذعر الذي سببته!”
وبنقرةٍ من ساقيه، أطلق العنكبوت سراح السنجاب الصغير الذي رفعه إيلي بلطف وأعاده إلى صوفي، التي لفّت ذراعيها الصغيرتين حول ساق إيلي في عناقٍ مُمتن. “شكرًا لك إيلي! لقد واجهت مخاوفك وأنقذت أخي!” صرخت صوفي وقد لمعت عيناها بالإعجاب والامتنان.
في هذه اللحظة، أدرك إيلي أنَّه على الرغم من خوفه، إلا أنَّه لا يزال بإمكانه التحلي بالشجاعة ومساعدة أصدقائه. منذ ذلك اليوم فصاعدًا، لم يعد إيلي خائفًا من العناكب، حتى أنَّه أصبح صديقًا للسيد عنكبوت الذي علَّمه كل شيء عن الأشياء الرائعة التي تفعلها العناكب في الغابة.
لقد تعلَّم إيلي أنَّ الشجاعة لا تعني انعدام الخوف، بل تعني القيام بالأمر الصائب ومساعدة الآخرين حتى عندما تكون خائفًا. وهكذا، استمر الفيل إيلي – أشجع حيوان في الغابة – في مساعدة الجميع أينما ذهب!
في قريةٍ صغيرة وجميلة تقع بين التلال الخضراء والأنهار الصافية، كان هناك شقيقتان تعيشان مع والدتهما. كانت الأخت الكبرى – التي تُدعى آنا – لطيفة ومُجتهدة بقدر ما كانت جميلة، وكان شعرها ذهبيًا كالشمس. أما الأخت الصغرى – إلسي – فكانت على العكس تمامًا، مُدلَّلة وكسولة، لكنَّها كانت المُفضَّلة لدى والدتها.
كل يوم، كانت آنا تعمل بلا كلل في غزل الصوف بجوار البئر، بينما كانت إلسي تُضيِّع وقتها. وفي أحد الأيام المشؤومة، بينما كانت آنا جالسة بجوار البئر تقوم بغزل الثياب، انزلق مغزلها من أصابعها وسقط في البئر. خوفًا من غضب والدتها، انحنت آنا على الحافَّة لاستعادة المغزل لكنَّها فقدت توازنها وسقطت في البئر.
وبدلاً من أن تجد الظلام المخيف، هبطت آنا في مكانٍ رائع يملؤه ضوء الشمس وتنتشر فيه الزهور من كل لون. وبينما كانت تتجوَّل في المكان، وجدت فرنًا رائعًا مليئًا بالخبز. فقال الخبز: “أخرجينا! أخرجينا! لقد خُبزنا بما فيه الكفاية وسوف نحترق قريبًا! بقلبٍ دافئ مثل الموقد، ارتدت آنا قفازات الفرن الموجودة بالقرب منها وأخرجت الخبز بعناية.
وبعد ذلك، التقت آنا بشجرة تفاح كبيرة تئن تحت ثقل ثمارها. توسّلت الثمار لآنا “هزّينا! هزّينا! لقد نضجنا جميعًا!” وعلى الفور قامت آنا بجمع التفاح في مئزرها، ولم تترك أي ثمرةٍ على الشجرة. “كما اعتنيت بي، سيتم الاعتناء بك أيضًا”، همست الشجرة بحفيف أغصانها الهادئ كما لو كانت ممتنة.
أخيرًا، وصلت آنا إلى كوخٍ صغير غريب، لا يعيش فيه سوى امرأة عجوز تُدعى الأم فروست. استقبلتها المرأة العجوز، بشعرها الأبيض كالثلج وعينيها المتلألئة مثل النجوم، وقالت لها: “إذا خدمتني جيدًا وحافظت على نظام منزلي، فستكون لك ثروة كبيرة. لكن حذار، يجب أن تهزّي سريري بقوة، لأنَّه يجلب الثلج على العالم.
“أفهم ذلك، وسأبذل قصارى جهدي لخدمتك بشكلٍ جيد”، وعدت آنا العجوز بصوتها الثابت والصادق. وبالفعل، وافقت آنا وخدمت الأم فروست العجوز بتفانٍ، ولم تُقصّر أبدًا في مهامها.
نتيجةً لذلك، أوفت العجوز بوعدها مع آنا وقررت منحها مكافأة لا مثيل لها. وفي صباح أحد الأيام، بينما كانت آنا تهز السرير المصنوع من الريش، سقط عليها وابل من العملات الذهبيَّة التي التصقت بملابسها وملأت جيوبها. “لقد خدمتني جيدًا، والآن حان الوقت لتعودي إلى عالمك”، قالت الأم فروست العجوز، وهي تفتح لآنا بوابة العودة إلى منزلها.
عندما دخلت آنا، استقبلتها ليس فقط المناظر المألوفة لقريتها، ولكن أيضًا وابل من العملات الذهبية التي تبعتها، والتي حدَّدت طريقها إلى البيت. اندهشت والدتها وشقيقتها عندما روت آنا رحلتها المذهلة.
“هل هذا حقًا مكافأة لخدمتك؟” سألت والدتها وقد اتسعت عيناها بدهشة. أجابت آنا، وابتسامتها مشرقة مثل الكنوز التي أحضرتها إلى المنزل: “نعم، لأن اللطف والعمل الجاد لهما قيمة أكبر من أي شيء آخر”.
عندئذٍ، قرَّرت إلسي الكسولة التي أعماها الجشع أن تبحث عن الأم فروست العجوز لتحصل هي أيضًا على بعض العملات الذهبيّة. وعلى عكس آنا، اتسمت رحلة إلسي بالأنانيَّة، حيث تجاهلت توسلات الخبز والتفاح، وخدمت الأم فروست العجوز بشكل سيئ، وأهملت مهامها وواجباتها.
كعقاب لها، عندما هزت إلسي السرير المصنوع من الريش، انسكب عليها – بدلًا من الذهب – شلال من القطران الأسود الداكن، ملتصقًا بجلدها وملابسها عقابًا لها على كسلها وجشعها. “لم تتعلمي شيئًا من اللطف أو الاجتهاد لدى أختك؟!” تردَّد صوت الأم العجوز فروست حول إلسي وهي واقفة، مبللة بالقطران ومذعورة. ثم فتحت العجوز لإلسي بابًا للعودة إلى منزلها، فعادت وهى غارقة في القطران.
وهكذا، تعلمنا حكاية الأم فروست العجوز أنَّ اللطف والاجتهاد والقلب الدافئ يؤدون جميعًا إلى أفضل النهايات، على عكس الجشع والكسل اللذين يكون وبالهما سيئًا على صاحبهما!
في إحدى القرى الجذّابة ذات الأراضي الخصبة والأنهار والتي تُعرف باسم “هاملين”، حلَّ مأزق غير عادي بالسُكّان، وهو وباء الفئران. لم تكن هذه القوارض عاديَّة، لقد نزلت بأعدادٍ كبيرة، وأفسدت المؤن والمحاصيل وتسبَّبت في خرابٍ كبير للقرية.
وسط اليأس المُتزايد لسكان القرية، وصل شخص غريب يرتدي معطفًا مُتعدِّد الألوان يلمع في ضوء الشمس. ذهب هذا الشخص إلى عمدة القرية وعرض عليه حلاً لمأزق القوارض، حيث قال: “أنا معروف باسم صاحب المزمار، وسأطهِّر مدينتك من هذا الوباء مُقابل ألف قطعة ذهبيَّة”.
بدافعٍ من اليأس، وافق العمدة على عجلٍ وأبرم الاتفاق. مع وجود المزمار في يده، عزف صاحب المزمار لحنًا ساحرًا لدرجة أنَّ الفئران خرجت من مخابئها لتتبعه، وشكلت موكبًا خلفه خارج قرية هاملين حيث انتشروا في الغابة الواسعة خارج القرية ول يعودوا مرةً أخرى.
وكان ارتياح سُكَّان القرية من هذا الوباء واضحًا، حيث ارتسمت السعادة على وجوههم جميعًا بعد أن تحرَّرت قريتهم أخيرًا من هذه الآفة. ومع ذلك، عندما طلب صاحب المزمار مستحقاته، رفض العمدة الوفاء بوعده حيث قال “ألف قطعة ذهبية مقابل مُجرَّد نغمة؟ هذا سخيف! أعتقد أنّ خمسين عملة ستفي بالغرض”
لم يقبل صاحب المزمار هذا المبلغ من العمدة، وبدا على وجهه ملامح الغضب حيث حذّر العمدة قائلًا: “الوعد الذي قطعته هو وعد يجب الوفاء به وإلا ستكون العواقب وخيمة”. لكنَّ تحذيره قوبل بالسخرية والضحك من العمدة!
في فجر اليوم التالي، استيقظ أهل القرية على نغمةٍ مُختلفة. ليس للفئران هذه المرّة، بل كان لحنًا استدعى عددًا ضخمًا من الثعابين الخاطفة وأسراب الجراد على القرية. تسبَّبت هذه الآفات الجديدة في فوضى أسوأ بكثير من التي سببتها الفئران، مما جلب الخوف والذعر مرةً أخرى إلى القرية التي لم تلبث أن تنعم بالسلام.
صرخ العمدة مذعورًا: “أزل هذه الحيوانات يا صاحب المزمار! أيًا كان الثمن الذي تطلبه، فسوف ندفعه!” لكنَّ الصمت كان رده الوحيد. لقد اختفى صاحب الزمار، واختفى معه أي أمل في الإغاثة.
مضت أيّام وأسابيع وقرية هاملين تكافح لمقاومة هذه القطعان من الثعابين والجراد الضار. وفي خضم معاناتهم، عاد صاحب المزمار إلى القرية، حيث قال بصوتٍ هادئ ولكنَّه مليء بالنديّة والشماتة: “أرى أنَّكم قد تعلمتم الدرس جيدًا. الوعد الذي قطعه عمدتكم هو وعد يجب الوفاء به.”
وعلى الفور، تقدَّم العمدة إلى الأمام متواضعًا ونادمًا، حيث قال “يا صاحب المزمار، نحن نتوسَّل إليك، ساعدنا مرة أخرى. سوف ندفع المبلغ المتفق عليه وأكثر إذا كنت ترغب في ذلك. أومأ صاحب المزمار برأسه وقبل الاعتذار قائلًا “المبلغ الأصلي سيكون كافيا، ولكن تذكَّر أن الثقة والصدق لا يُقدّران بثمن.” وبعد أن أخذ صاحب المزمار المبلغ المُتفق عليه، عزف على المزمار لحنًا ساحرًا آخر جذب جميع الثعابين والجراد حيث تبعوه خارج قرية هاملين إلى أعماق الغابة، وكما الحال مع الفئران لم يعودوا أبدًا.
وبذلك، غادر المزمار مدينة هاملين، تاركًا وراءه بلدة تعلمت القيمة الحقيقيَّة للوفاء بالكلمة. عقابًا على كذبه وخيانته للعهد، استقال عمدة القرية، وأقام سكان القرية نصبًا تذكاريًا لصاحب المزمار على ضفاف النهر لتذكير الأجيال القادمة بأهمية الثقة والنزاهة.
في منطقة حشائش السافانا المُشمسة في سيرينجيتي، عاشت زرافة صغيرة تُدعى جيلي. على عكس الزرافات الأخرى التي كان فراءها مزيجًا لطيفًا من اللون البني والأصفر أو البني المحمر، كان لدى جيلي مزيجًا مُذهلاً من اللون الأصفر الذهبي واللون الباروني الداكن الذي يلمع تحت أشعة الشمس. علاوةً على ذلك، كانت رقبتها أطول بكثير من رقاب جميع الزرافات البالغة في قطيعها.
غالبًا ما كانت جيلي تشعر وكأنَّها شجرة نخيل بين الشجيرات، تعلو فوق أصدقائها الصغار والكبار على حدٍ سواء. وكان أصدقاؤها كُلَّما لعبوا لعبة الغميضة يعثرون على مكان جيلي من بعيد بكل سهولة، حيث كان رأسها يطل من فوق أشجار السنط. هذا الارتفاع جعلها تشعر بالخجل، وكانت تتمنى في كثير من الأحيان أن تتقلص قليلاً لتندمج مع زملائها في اللعب.
بعد ظهر أحد الأيام الدافئة، وبينما كانت الشمس ترسم الأفق بظلال من اللونين البرتقالي والوردي، ضاع صغير حمار وحشي بالقرب من النهر. كان القطيع قلقًا، وانضمت كل الحيوانات للبحث عن صغير الحمار الوحشي المفقود. نظروا خلف الشجيرات، وحول فتحات الري، وفي البقع الموحلة، لكن صغير الحمار الوحشي لم يكن موجودًا في أي مكان.
راقبت جيلي جهود البحث وهي واقفة في الخلف، حيث شعرت بأنَّها منفصلة إلى حدٍ ما عمّا يحدث بسبب طولها. شعرت والدتها بعدم الراحة لدى ابنتها، فدفعتها بلطف. “لماذا لا تلقي نظرة من الأعلى يا جيلي؟ “قد يكون طولك هو ما نحتاجه الآن،” اقترحت والدتها بابتسامة.
متشجعةً ولكن لا تزال مترددة بعض الشيء، قامت جيلي بتمديد رقبتها الطويلة إلى أعلى، وقلبها ينبض في صدرها. شعرت بموجة من الخوف، ماذا لو أنَّها لا تزال غير قادرة على رؤية الحمار الوحشي، أو ما هو أسوأ من ذلك، إذا لاحظت الخطر بعد فوات الأوان؟ متجاوزةً شكوكها، قامت بإلقاء نظرة على الأشجار الطويلة.
ثم رأته – جسمًا مخططًا صغيرًا بالقرب من النهر، بعيدًا عن المكان الذي كان الآخرون يبحثون فيه. وبثقةٍ جديدة عليها، نادت جيلي بصوت عالٍ وقادت القطيع إلى صغير الحمار الوحشي. طولها الفريد، الذي كانت تعتبره دائمًا عيبًا، أصبح بطل القصّة في هذا اليوم!
في ذلك المساء، وبينما كان القطيع يحتفل بعودة الطفل سالمًا، شعرت جيلي بالدفء في صدرها ينتشر في كل مكان. وبمرور الوقت، أصبحت جيلي تُقدِّر طولها بشكلٍ كبير. لقد ساعدت أصدقاءها في قطف الأوراق الطازجة من أطول الأشجار وراقبت المخاطر البعيدة، حيث كانت بمثابة حارس عملاق لطيف يُنبّه الجميع إلى الخطر قبل قدومه.
إنَّ الشيء الذي جعلها تشعر بأنها في غير مكانها جعلها الآن جزءًا لا يتجزأ من مُجتمعها. وبينما كانت تمشي مع صديقها ذات مرّة، قالت لها: “جيلي، سنضيع دون مراقبتك. تستطيعين رؤية أشياء لا يمكننا حتى أن نحلم بها من هنا! سنضيع حتمًا بدونك.” وقد ترك هذا الكلام تأثيرًا رائعًا على جيلي.
وبذلك تعلَّمت جيلي أنَّ ما يجعلنا مُختلفين يُمكن أن يجعلنا مُميَّزين. لم تكُن صفاتها الفريدة مُجرَّد سمات يُمكن التعايش معها، بل كانت نقاط قوة يُمكن أن تساعد الآخرين بطرق لا يستطيع أي شخص آخر القيام بها. منذ ذلك اليوم فصاعدًا، لم ترغب جيلي أبدًا في الانعزال أو الشعور بالخجل مرةً أخرى. وبدلاً من ذلك، كانت تقف فخورةً ببقعها الصفراء الذهبيَّة والمارونيََّة، وممتنةً لرقبتها الطويلة.
ختامًا، عندما تنتهي من السطور الأخيرة من قصَّة ما قبل النوم وتسقط الغرفة في سكونٍ تام، فإن تأثير تلك اللحظات الثمينة يبقى لفترة طويلة بعد أن تخفت الأضواء. هذه القصص تفعل أكثر من مُجرَّد الترفيه، إنّها تغرس القيم وتثير الخيال وتضفي العديد من الدروس إلى عقل الطفل.
عند الاختيار بين مجموعة من قصص للاطفال قبل النوم، يجب أن تعلم أنّ كل قصَّة تُمثّل فرصة ثمينة لنقل الحكمة لدى طفلك. وبينما ينجرفون إلى عالم الأحلام، تترسخ الدروس المستفادة من هذه القصص في أرواحهم وقلوبهم وعقولهم، مما يعزز نموهم الأخلاقي وفهمهم للعالم من حولهم.
لذا، إن كنت تبحث عن قصص قصيرة للاطفال فإنّ هذا المقال هو لك! وأخيرًا، لا تنسَ الاشتراك في مُدونتنا التي ستكون دليلك الشامل لمعرفة كل ما يتعلّق بتربية وتعليم طفلك، وتعزيز رفاهيّته بشكلٍ عام!