قصة الفيل المغرور الذي فقد صوته

في غابة جميلة مليئة بالأشجار، والزهور المتنوعة، كان هناك صوت جميل يملأ الأرجاء بغنائه عن جمال الطبيعة وألوانها الزاهية. كان هذا الصوت يعود إلى الفيل الذّي يسحر كلّ من يسمعه. لكنّ لم يكن هذا الفيل فيلاً عاديًا، بل كان مغرورًا، ومتباهيًا بجمال صوته في كل مكان، ويظنّ أنّه الأفضل بين جميع الحيوانات. حتّى أن الحيوانات الأخرى أطلقت عليه لقب “الفيل المغرور”.

لنقرأ معًا قصة الفيل المغرور الذي فقد صوته، ونتعرّف ما الذي حدث له؟ ولماذا فقد صوته؟

قصص حيوانات: قصة الفيل الذي فقد صوته

في صباح أحد الأيام، كان الفيل المغرور يتجوّل في الغابة مفتخرًا بنفسه، ويغنى بصوته الجميل الذي طالما تباهى به أمام جميع الحيوانات. أثناء سيره بالقرب من أشجار الموز، قابل القرد الذي كان يتأرجح على أغصان الشجر، فقال الفيل: “مرحبًا أيّها القرد. ما رأيك أن تنضمّ إلى الغناء معي؟”

ابتسم القرد وبدأ بالغناء بصوت عالٍ، ولكن ما إن بدأ في الغناء، حتى انفجر الفيل ضاحكًا، وقال: “ما هذا الصوت المقرف أيّها القرد؟ كيف تجرؤ على الغناء بهذا الصوت؟”

استاء القرد من كلام الفيل القاسي وامتلأت عيناه بالدموع. لم يردّ القرد على هذه الكلمات، فقط نزل من الغصن وذهب بعيدًا. لم يتأثر الفيل بدموع صديقه القرد، وأكمل سيره ضاحكًا متباهيًا بصوته الجميل. بعد لحظات قابل الأرنب بالقرب من البحيرة، فقال: مرحبًا يا صديقي، أيمكنك الغناء معي أم أنك تمتلك صوت بشع مثل باقي الحيوانات؟”

شعر الأرنب بالحزن، ثم قال: “أيها الفيل، إن صوتك هبة من الله سبحانه وتعالى. يجب أن تستخدمه في الخير وتغني مع أصدقائك بسعادة، وليس للسخرية من الآخرين”.

لم يهتم الفيل المغرور بكلام الأرنب، وقال في نفسه: “لابد أنّه يشعر بالغبطة من جمال صوتي مثل باقي الحيوانات”.

واصل الفيل سيره، وهو يردّد ألحانه ويتمايل فرحًا بين الأشجار، ويشعر وكأنّه نجم مشهور. كان منشغلًا بأحلامه وخيالاته، دون أن ينتبه إلى طريقه، فجأة وجد نفسه في طريق غريب لم يراه من قبل. نظر حوله، فلاحظ أن الأشجار تختلف من حوله والمكان أصبح غريبًا. توقّف للحظة، نظر حوله وقال: “أين أنا؟ هل تهت؟”

شعر ببعض الخوف، لكنّ غروره دفعه ليتجاهل الأمر، وقال بثقة: “أنا الفيل صاحب الصوت النقي، لا يمكن أن أضيع”. تابع السّير، حتى مرّ بجانب شجرة، فلمح امرأة عجوز تحمل سلة ثقيلة وتتّكئ على عصا غريبة الشكل. قالت العجوز: “هل يمكنك أن تساعدنى في حمل هذه السلة، لقد تعبت كثيرًا في حملها. ولم أعد أستطيع”.

سخر الفيل منها وقال: “هل تريدين من صاحب أفضل صوت في الغابة أنّ يحمل هذه السلة؟ أنا مغني الغابة، لا يمكنني أن أضيع وقتي في حمل أشياءٍ لاسخيفة”.

نظرت العجوز إلى الفيل، وقالت: “هل أنت الفيل المغرور الذي يجوب أنحاء الغابة ويسخر من الآخرين”.

أشار الفيل المغرور بالموافقة وأخبرها: “إذًا، فأنتي تعلمي الآن من أنا. اذهبي أيتها العجوز بعيدًا قبل أن أضربك بخرطومي الطويل”.

ردّت العجوز: ” لا تكن مغرور أيها الفيل، قفد تفقد صوتك في لحظة”.

ضحك الفيل كثيرًا من كلام العجوز، وأجابها بثقة: “لن يزول صوتي في يوم من الأيام، بل سيظل يدوي في الغابة ليسحر كلّ من يسمعه”.

اقتربت العجوز من الفيل المغرور، وفجأة تحوّلت من عجوز كبيرة في السن إلى ساحرة جميلة وصغيرة في العمر، ثم رفعت عصاها وبدأت تُحرّكها بحركات دائرية لدرجة أن الأشجار بدأت تهتز من حولها في مشهد أرعب الفيل. وكانت تتمتم بكلمات غامضة وغريبة. فقال غاضبًا: “ماذا تفعلين؟ اذهبي بعيدًا، واغربي من وجهي أيّتها العجوز المجنونة”.

لم تُجبه الساحرة، واستمرت في تمتماتها حتى أنهت تعويذتها. وعندما انتهت، رفعت رأسها وقالت: “أيّها الفيل المغرور لقد حان الوقت لتتعلّم الدرس”.

همّ الفيل المغرور بأن يرد على العجوز، لكنه ما إن فتح فمه، حتى صُدم، لم يصدر منه أي صوت. حاول الغناء والصراخ لكن لم يتغير شيء. نظر إلى العجوز، وقد اتسعت عيناه بالخوف، فقالت بهدوء: “لقد أخذتُ صوتك، حتى تتعلّم كيف تكون متواضعًا، لا تسخر من الآخرين.”

وفجأة، اختفت الساحرة بعيدًا عن أنظار الفيل الذي يشعر بالألم والحسرة على ذهاب صوته. جلس الفيل على الأرض وعيناه ممتلئتان بالحزن. وأدرك أخيرًا أنّ صوته كان نعمة، لكنّه لم يُحسن استخدامها.

في صباح اليوم التالي، قرّر أن يذهب إلى أصدقائه الحيوانات، لعلّه يجد من يساعده. ذهب إلى القرد، والأرنب، ثم إلى بعض الحيوانات الأخرى. تعجبت الحيوانات، وقالت في دهشة: “ماذا حدث لك أيها الفيل؟ حاول أن يشرح لهم بإشارات ما يشعر به، لكنهم لم يفهموا.

ثم قال القرد: “لماذا سنساعدك؟ لقد كنت تسخر منا دائمًا؟

أردك الفيل خطأه أخيرًا، وشعر أن فقدان صوته لم يكن العقاب الوحيد، بل خسارته لأصدقائه الذين كانوا يحبونه. وجلس وحيدًا تحت الشجرة الكبيرة يبكي على خسارته لأصدقائه وفقدان صوته.

وفي اليوم التالي، استيقظ الفيل عازمًا على تصحيح أخطائه، قرّر أن يكتب رسائل اعتذار لأصدقائه. أمسك بورقة وكتب: “أنا أعتذر من أعماق قلبي، لقد أخطأت في حقكم وسخرت منكم. لقد كنت مغرورًا واعتقدت أنّ صوتي أهم من الصداقة، لكنّي كنت مخطئًا. وأدركت أنّ الأصدقاء لا يُقاسون بأصواتهم، بل بتصرّفاتهم. أرجوكم سامحوني يا أصدقائي”.

ترك هذه الرسالة أمام منازل أصدقائه، وذهب إلى بيته وهو يشعر بالندم على أفعاله. بعد يومين، دق جرس الباب، عندما فتح الفيل الباب، فوجئ بأصدقائه يقفون على باب منزله. قال الأرنب: “هل تسمح لنا بالدخول؟ لقد افتقدناك كثيرًا”.

لم يتمالك الفيل نفسه من الفرحة، وهرول إليهما يحتضنهما بذراعيه، وعيناه تلمعان بالدموع. وأشار لهما بالدخول، جلس الأصدقاء معًا، وبدأ يحكي لهما القصة كاملة. وقرّر الأصدقاء مساعدة الفيل في البحث عن الساحرة ليتمكن من الاعتذار لها.

سار الفيل، والقرد، والأرنب جنبًا إلى جنب يبحثون في كل زاوية عن أثرٍ يدلّهم على بيت الساحرة. وبعد ساعات طويلة من البحث، لمحوا منزل خشبي صغير قريبًا من ضفاف النهر.

قال القرد: “لنسأل صاحب هذا البيت، ربما نجد من يساعدنا”.

اقترب الأصدقاء من المنزل، ثم طرق الفيل الباب. عندها فتح لهم الساحرة الباب، وقالت: “هل تعلمت الدرس الآن؟

شعر الفيل بالخجل وكتب لها في رسالة: “أنا آسف، لقد تعلمت استخدام صوتي في إدخال السرور على جميع من حولي، وليس للسخرية منهم. كما تعلّمت أهمية الصداقة، ومن اليوم سأساعد كل من يطلب مني المساعدة”.

ردّت الساحرة: ” يبدو أنك تعلت الدرس جيدًا. الصوت الجميل نعمة، لكن الأجمل القلب المتواضع. هل أنت مستعد لإسترجاع صوتك”.

رفعت الساحرة عصاها، وأدارتها في الهواء، بينما كانت تتمتم بكلمات غامضة. وفجأة، شعر الفيل بدفء يسري داخله. ما إنّ فتح فمه، حتى خرج صوته العذب مرة أخرى.

عندما سمع صوته مجددًا شعر بالسعادة. لم يغني، بل نظر إلى أصدقائه واعتذر لهم على ما فعله سابقًا. وهنا أدركت الساحرة أن الفيل تعلم الدرس جيدًا، فأهدته سلة مليئة بالفواكه اللذيذة ليتناولها مع أصدقائه.

خرج الثلاث أصدقاء من بيت الساحرة وهم يشعرون بالسعادة لسماع صوت الفيل مجددًا. تغيرت تصرفات الفيل وأصبح يساعد كل حيوانات الغابة ويغني لهم ليشعروا بالسعادة وأصبح رمزًا للطيبة والتواضع والفرح.

اقرأ أيضًا: قصة عن أهمية التفكير الإيجابي: كيف غيّرت أفكاري عالمي الصغير

المغذي من قصة لفيل الذي فقد صوته

واحدة من أفضل قصص الحيوانات التي تحمل في طيّاتها العديد من العبر والقيم التربوية. يتعلّم الأطفال من خلال مغامرة الفيل في استعادة صوته أهمية التواضع مهما امتلك من صفات مميّزة، والحافظ على أصدقائه، فهم كنز حقيقي لا يُقدر بثمن. كما تُعلّمهم ثقافة الاعتذار، وأن الاعتراف بالخطأ والاعتذار لا يُنقص من قيمته.  

قصص للأطفال بعمر 5 سنوات تساعدهم على التعلّم والنمو

تُعد القصص من أكثر الوسائل سحرًا ومتعة في تعليم الأطفال دروسًا قيّمة بطريقة ممتعة وبسيطة. إذ تفتح للطفل عالما من التسلية والتعليم، تختلط فيه الحكايات بالقيم والمبادئ التي يحتاج إلى تعلّمها منذ الصغر. وفي سن الخامسة، يكون الطفل بطبيعته فضوليًا لاكتشاف العالم من حوله وتبدأ شخصيته في التكون وتيصبح طريقة تفكيره أكثر مرونة لما يسمعه ويراه. ومن هنا، يأتي دور القصص لتأخذه في رحلات تربوية وخيالية. لذا، من المهم اختيار قصص للأطفال تتناسب مع أعمارهم ومرحلة نموّهم وتفكيرهم، حتى يتمكّنوا من فهم الأحداث والتفاعل معها، ليستفيدوا منها بأفضل صورة. يمكنك اختيار قصص للأطفال تحتوى على مغامرات لأطفال شجعان أو حيوانات خيالية ليتعلّم مفاهيم متنوعة، مثل: التعاون، التواضع، الذكاء، وغيرها التي تشكل شخصيته.

توجد العديد من قصص ما قبل النوم المناسبة للأطفال في عمر الخمس سنوات، التي تُساعد في تنمية مفرداتهم اللغوية، وتعزيز قدرتهم على الفهم والإدراك لما يدور حولهم بطريقة سلسة ومناسبة. وتمزج هذه القصص بين التعليم والمتعة بأسلوب مشوّق يجعل الطفل يستمتع بكل لحظة.

وتُعدّ قصص ما قبل النوم من أهم الوسائل التربوية في هذه المرحلة المبكرة، إذ تساعدك على تهدئة طفلك قبل النوم، وتُغرس فيه القيم الرفيعة، مثل: الصداقة، اللطف، التعاون، والاهتمام بالآخرين بطريقة لا تُنسى أبدًا. وفي هذا المقال، نقدَّم لك أفضل 4 قصص للأطفال مكتوبة بلغة بسيطة تراعي مستوى فهمهم.

قصص للأطفال قبل النوم مناسبة لعمر 5 سنوات

إليك أربع قصص للأطفال قصيرة ومناسبة لعمر 5 سنوات، مكتوبة بلغة بسيطة، وأسلوب مشوّق، مع قيم تربوية واضحة، يمكنك الاستمتاع بقرائتها لأطفال قبل النوم أو في أي وقت.

1. قصة بستان الفراشات

في يوم من الأيام، أخبرت بسمة أمها: “ما أجمل الفراشات، إنَّني أُحبُّها كثيرًا. من فضلك إشترى لى فراشات كثيرة لألعب معها وتكون صديقاتي”. ضحكت الأم وقالت: “الفراشات لا تباع ولا تُشترى يا بسمة إنَها مخلوقاتٌ حرّة، تعيش حيث تتواجد الشجر والأزهار”.

ردّت بسمة: “إذا احضرى لى من البستان فراشات بكلّ الألوان”.

قالت الأم: “إنَّ الفراشات التي تطير فى البستان، ليس لنا الحقُّ يا عزيزتى أن نأخذها لنا، ونحرم الأطفال الصغار الآخرين من التَّمتع برؤيتها”. وتابعت: “ما رأيك أن نذهب إلى رؤيتها فى البستان غداً صباحاً إن شاء الله “.

فى الصَّباح، ذهبت الأم وبسمة إلى البستان، وأخدتا تتأملان الفراشات وهى تطير بسعادة وأمان، وأشعة الشَّمس تنعكس على أجنحتها وتُظهر جمالها، فالت بسمة بإعجاب: “وما أجمل هذا البستان، كم أتمنَّى أن يكون هذا البستان ملكًا لنا يا أمى”.

قالت الأم: “عزيزتى لا نملك المال، لا يمكننا أن نشتري هذا البستان، ولكن نستطيع أن نأتى هُنا كلَّ يومٍ ونستمتع بجمال المكان”.

بسمة: “لكنَّ البستان بعيدٌ عن بيتنا وطريقهُ طويل. فى المرة القادمة سوف أُحضر معى أوراقًا وأقلامًا وأرسمُ كلَّ الفراشات”.

في المساء، جلست الأم على الأريكة تُفكر في كيفية إسعاد ابنتها، وبعد تفكير طويل، توصلت الأم إلى خطة. وفي صباح اليوم التالي، بينما كانت بسمة تستعد إلى الذهاب إلى المدرسة، ودّعتها أمها بإبتسامة دافئة. وما إن أغلقت الباب، حتى بدأت الأم في تنفيذ خطتها. أحضرت الألوان والفرشاة، وبدأت ترسم فراشات بألوان زاهية على جدران غرفة بسمة. كما علّقت فراشات ورقية في سقف الغرفة تتطاير في الهواء كأنها تحلّق، تحوّلت الغرفة إلى بستان جميل يملؤه الفراشات.

عادت بسمة من مدرستها وما إن فتحت باب غرفتها حتى ترسمت على ملامحها السعادة والفرح. كانت الغرفة قد تحوّلت إلى عالم سحري مليء بالفراشات الملوّنة التي تتمايل مع نسيم الهواء كأنها تُحلّق في حديقة ربيعية.

قفزت بسمة بسعادة وقبلت أمها. وقالت الأم: “هل أعجبتك المفاجأة؟ صنعتها خصيصًا لكِ، لأنك فراشتي الصغيرة. ما زال هناك المزيد، انظرىإلى الشرفة”.

نظرت بسمة فرأت عدّة أوانى بها زُهور طبيعية. قالت الأم: “لا يوجد بستان بلا أزهار، أليس كذلك؟ ومع مرور الأيام، ستنمو هذه الأزهار أكثر فأكثر، وعندها ستأتي الفراشات الحقيقية لتمتص رحيقها”.

لمعت عينا بسمة بالفرح، وقالت بحماس: “سأعتني بها كل يوم. ما رأيك أن أسمي غرفتي باسم بستان الفراشات”.

قَالت الأم: “اسمُ جميلٌ يا بسمة، انتظرى غداً فلديَّ المزيد من المفاجأت”. فى اليوم التالى رسمت الأم أشجارًا جميلةً على جُدران الغرفة ورسمت عليها عصافير وفراشات وزهورا كثيرة، فرحت بسمة وأحبت غرفتها وقالت :”أمى أنتِ أفضل الأمهات”.

اقرأ أيضًا: قصة عن التعاون للأطفال: الحمامة المطوقة وأصدقاء الغابة

2. قصة الأسد العادل

في يوم من الأيام، في غابة جميلة تعيش فيها أنواع كثيرة من الحيوانات، كان هناك أسدٌ عادلٌ يحكم الغابة. كان هذا الأسد صالحًا ويحب العدل ويكره الظلم، ينصر الضعيف. وبفضل عدله وحكمته، عاشت جميع الحيوانات في أمان، فلم يعاني أي حيوان من الجوع أو الخوف. وبمرور الأيام، كبر سن الأسد وبدأت قوته تضعف، ولم يعد قادرًا على إدارة شؤون الغابة.

وفي صباح يوم هادئ، جلس الأسد في عرينه، وهو يفكر في أمن الغابة، ثم نادى على الحمامة وقال: “اطلبي من جميع الحيوانات أن يحضروا إلى عريني، يجب أن أناقش أمر معهم”.

طارت الحمامة بسرعة وأخبرت جميع الحيوانات. وفي وقت قصير، بدأت الحيوانات تتوافد إلى العرين.

قال الأسد: “لقد كبرت في العمر وأصبحت كهلًا ولا يمكنني حكم الغابة بعد الآن. لذلك، جمعتكم لأرى من منكم سيكون قادرًا على حكم الغابة من بعدى”.

نظرت الحيوانات إلى بعضها البعض بدهشة، وخيم الصمت على المكان. ثم بدأت الحيوانات بتقدم واحدًا تلو الآخر، كلّ منها يتفاخر بقدرته ويدّعي أنه الأجدر بحكم الغابة. تقدّم الفيل، وقال: “أنا وزيرك يا مولاى، وقانون الغابة يُحتّم على أنّ أكون من يتولى الحكم من بعدك يا مولاى. كما أنني الأقوى هنا ولا أحد يجرؤ على تحدّي الفيل”.

ضحك النمر على كلام الفيل، ثم قال: “أنا أستطيع الحكم بالعدل، ولا تنسي يا مولاى أننا من نفس السلالة. كما أنني قويٌ وشجاع. لذلك أنا الأصلح لهذا المنصب”.

انتظر الأسد ليرى أى متطوع آخر لحكم الغابة. فتقدّم القرد بإستحياء مخبرًا الأسد بخجل:” أظنّ يا صاحب الجلالة أن الغابة بحاجة إلى حيوان ذكى، فالقوة وحدها لا تكفي”.

قاطعه الثعلب، وابتسم بمكر وقال: “أنتم تنسون شيئًا مهمًا من يعرف كيف يتصرف في المواقف الصعبة؟ إنه أنا، الثعلب.” وهكذا، بدأ كل حيوان يستعرض مميزاته، ويتفاخر بقدراته، لم يتحدث الأسد، وبقى يراقب الموقف، فهو يعلم أن الحكم ليس لمن يتفاخر، بلّ لمن يستحق.

بعد وقت من التفكير، صاح الأسد: “انصرفوا جميعًا، لكن يجب أنّ تأتوا في الصباح لعلي أكُن قد قرّرت من منكم سيخلفنى في العرش”.

وبعد خروج الحيوانات، ظلّ الأسد يفكّر ويقارن بين المتقدمين لمعرفة الأحق بالحكم، ولكّنه لم يصل إلى قرار صائب. وفي الصباح، استدعي الأسد الحمامة وقال: “أحبري الأرنب بأنني أريد رؤيته بسرعة”.

نفذت الحمامة ما طُلب منها، وأسرعت مع الأرنب للذهاب إلى الأسد. قال الأسد: “لدي خطة وأريد مساعدتك في تنفيذها لأعرف من الأحق بالحكم”.

قال الأرنب: “ماذا يجب أن أفعل”. قال الأسد: “أريدك أنّ تذهب إلى منتصف الطريق بالغابة وضع قدمك بين أشجار الموز واطلب العون من أيّ حيوان تراه”.

اندهش الأرنب من طلب الملك الغريب، ولكنّ سُرعان ما ذهب لتنفيذ ما طُلب منه. وبعد مغادرة الأرنب بوقت قصير، جاءت الحيوانات الأربعة لمعرفة من اختاره الأسد ليحل محله.

نظر إليهم الأسد، وقال:” قبل معرفة الحاكم الجديد، أريدكم أن تذهبوا جميعًا إلى شجرة الموز الضخمة في منتصف الغابة ومن ياتني أولاً سوف أعينه الملك الجديد”.

أعلنت الحمامة بداية السباق، وانطلقت الحيوانات الأربعة مسرعين نحو الشجرة. وبعد مرور القليل من الوقت، تقدّم النَّمر في السباق، ووتلاه الفيل ثمُّ القردُ والثعلب. وفي منتصف الطريق، عند الشجرة الكبيرة. سمع صوتًا ضعيفًا يناديه من بين الأغصان: “أيّها النمر ساعدنى لقد تعثرت قدمى بأغصان الأشجار، أنقذنى فلمْ آكلْ منذ يومين”.

نظر النمر إلى مصدر الصوت، فإذا بالأرنب يستلقي بين الأغصان ويبدو عليه التعب والإرهاق. تردّد النمر للحظة، ونظر إلى خط النهاية ثم نظر إلى الأرنب. لكنّه أشاح نظره وقال: “اتركنى أيُّها الأرنب فلم يتبقى الكثير على الفوز بالسّباق وأصبح ملكًا لهذه الغابة”. وترك الأرنب وأكمل طريقه. وعندما أتى الفيل، صاح الأرنب: “أيّها الفيل أنقذنى فقد تعثَّرت قدمى بالأغصان”.

ردّ عليه الفيل: “لا أستطيع، يجب أن أهزم النمر لأفوز بالسباق”. أسرع الفيل دون أن يهتم بالأرنب المسكين. مرّ الوقت، ووصل الثعلب إلى الشجرة، فرآى الأرنب ما يزال جالسًا هناك، يحاول تحرير قدمه. فضحك ضحكةً خبيثة، واقترب منه وقال: “لو لم أكن في هذا السباق، لأكلتك على الفور. اعتبر نفسك محظوظًا اليوم”. ثم أدار ظهره، وانطلق يركض تاركًا الأرنب وحيدًا.

وقبل أن يصل القرد إلى الشجرة الكبيرة، توقف فترة وفكّر في عبور البحيرة مِنْ خلال الأشجار التى تتواجد في منتصف البحيرة ليصل لنقطة النّهاية مباشرةً. وا إن اتجه إلي البحيرة لتنفيذ فكرته، سمع صوتًا يستغيث به من بعيد، لم يتردّد القرد إلى ذهاب نحو مصدر الصوت وعند اقترابه وجد الأرنب محاصر بين الأغصان. وبدون تفكير في السباق والفوز، أسرع وفك قيود الأرنب.

أثناء فكه لقيوده وجد الأسد أمامه يخرج من بين الأشجار ومعه باقي الحيوانات. وضع الأسد التَّاج على رأس القرد وقال: “أنت الذي جئتني أولًا أيُّها القرد، كانت هذه خطتي لأعلم من أكثركم رحمةً وعدلاً”. فرحت الحيوانات فرحًا شديدًا لفوز القرد الذي ترك السَّباق والفوز بالعرش الذي كان يتمنَّاه من أجل فعل الخير ومساعدة قيود الأرنب. اندهش القرد، ونظر إليه الأسد وقال: “لا تندهش أيّها القرد فمن يترك ما يتمنَّاه من أجل الخير لن يتركه الخير، إلَّا أَن يأتيه بكلّ ما كان يتمنَّاه”.

اقرأ أيضًا: 7 نصائح لاختيار القصص المناسبة للأطفالك

3. قصة عصفور الحرية

على غصن أحد الأشجار، وقبل ظهور ضوء النهار, تركت العصفورة الأم عشها وطارت لتبحث عن رزقها وتأتي بِالطعام لتطعم صغيرها. وعند عودتها إلى عشها وجدت صغيرها حزينًا، ولم يرحب بها كعادته ولم يسارع إلى تناول الطّعام، فشعرت الأم أن شيئًا ما قد حدث لصغيرها.

سألت الأم الصغير عما يحزنه فأخبرها : “لقد قمت بالطيران في غيابك إلى حافة النافذة الموجودة أمامنا في هذا البيت، حيث يُوجد قفص جميل بداخله عصافير ملونة، ولديهم طعام وفير، وحاولت الفتاة التى تطعمهم الإمساك بى، لكنَّنى طرت بعيدًا عنها” وصمت الصغير وظهر على وجهه حُزن شديدٌ.

حثته الأم على إكمال كلامه فى حنان: “ماذا حدث يا عزيزي؟”.

أكمل الصغير : “لقد قالت لى الفتاة اذهب بعيداً أيها العصفور الأسمر، فلا أحدًا يُريدك ولا أحدًا يحبك وأنا لدي عصافيرى الملونة وهي أفضل منك”.

طمأنت الأم صغيرها وهي تضمه لصدرها بجناحها : “الحمد لله يا ولدى أن الفتاة لم تمسك بك، لأنها لو أمسكتك لوضعتك داخل القفص، ولكنت تعذبت من السجن وأنا كنت ساموت من الحزن”.

وتابعت:” إِن البشر يا عزيزى يحبون حبس الطيور، ونحن طيور أحرار نكره الأقفاص ولا نطيق الأسوار”.

قال الصغير بحزن: “ولماذا تكرهنى تلك الفتاة يا أمى”.

أجابته الأم وهي مازالت تضمه: “لأنها لا تعرف شيئًا عنك، فلو صاحبتك لشعرت بروحك الجميلة وأخلاقك النبيلة, ولو سمعت صوتك واستمعت إلى عذوبة لحنك ونغمك لأحبتك. فدعك منها يا أميرى لأنها إذا كانت تميز بين الطيور بسبب لونها وشكلها فالواضح أنها فتاة لا عقل لها”.

بعد مرور أيام, طلبت الأم من الصغير مرافقتها وطارا حتى وصلا إلى النافذة, قالت الأم: “انظر يا ولدى إِلى القطة الملونة التى تجلسها الفتاة بجوارها وتطعمها وتعتنى بها”. وبعد ساعة نزلت الفتاة إلى مدرستها فوجدت قطة أمام منزلها فدفعتها بعيداً بقدمها, قالت الأم حقًا إنها لا عقل لها.

فى اليوم التالى, طارت الأم وصغيرها حيث قفص العصافير الملونة. تعرفت عليهم الأم وتساءلت: “هل أنتم سعداء؟” قالت إحداهم:” الجميع هنا مكسور القلب وحزين”.

تسأل الصغير بفضول :” ألست سعيدًا بشكلك الجميل ولون ريشك البديع”. أجابه العصفور الملون: “إننى حقًا تعيس وأتمنَّى عيش الحرية حتى لو فقدت تلك الرِيشات الذهبية”.

أجابه الصغير بحزن:” أتمنى لكم أن تشاركونا الحرية قريبًا”. وطارت الأم وصغيرها وسبحوا في السَّماء ثم عادوا إِلى عشهم الصغير.

غنت الأم مع صغيرها :

نحن العصافيرُ. نُحبُّ أن نطير
لنا منقارٌ صغير. ولنا ذيل كبير
نُحِبُ الحياة. فى العش الصغير
نختبى بين الأشجار. وفوق طلع النَّخيل
أصواتنا عذبةُ وحبسنا مُستحيل

وسعادتنا الحقيقية هي فى عيش الحريَّة

اقرأ أيضًا: قصص من أعماق البحار: حورية البحر الصغيرة

4. قصة الأميرة بائعة السمك

في مملكة بعيدة، عاشت أميرةٌ جميلةٌ ولكنّها سيّئة الخُلق ومُتكبِرة، وتتعامل الجميع بغرور. وذات يوم، مرضت الأميرة مرضًا شديدًا وفقدت شهيّتها، ولم تستطع أن تأكل إِلَّا القليل من الطعام ولم يستطع أطبَّاء المملكة علاج الأميرة، حزن الملك لمرض الأميرة.

وذات يوم، أصدر الملك بمرسوم بأنَّ من سيثعالج الأميرة سَوف يتزوجها، فجاء النَّاس من كلَّ أنحاء المملكة وكلُّ واحد منهم يتمنَّى أن يعالج الأميرة ليتمكن من الزواج بها، لكنَّ الأميرة كانت تُعاملهم باستعلاء وغرور، ولم يتمكن أيّ شخص في علاجها.

وذات يوم، حضر شاب وسيم من مملكة بعيدة، وأخبر الملك: “أنا أستطيع علاج الأميرة، لكن لأتمكن من علاجها يجب أن تتوقف الأميرة عن الأكل تمامًا لمدَّة يومين كاملين”.

وافق الملك وتعجَّبت الأميرة من شرط الشَّاب الوسيم. وبعد مرور يومين تملك الأميرة الفضول، فذهبت لتُراقب الشاب من بعيدٍ، وجدته عند النَّهر يصطاد سمكًا ثُمَّ بطهيه، كانت رائحة السمك شهيَّة جدًا، ولم تستطع الأميرة مقاومة الرائحة اللذيذة، فاقتربت من الشاب وأكلت كل السمك الذي طهاه.

شُفيت الأميرة أخيرًا من مرضها الغامض، وعادت البسمة إلى وجه الملك. وكما وعد، وفّى الملك بوعده وزوّج ابنته للشاب الوسيم الذي ساعدها في محنتها. لكن، منذ اليوم الأول، بدأت الأميرة تُعامله بغرور وتعالٍ. أما الشاب، فكان يبتسم ولا يُجادلها ولا يردّ الإساءة.

وفي أحد الأيام، دخل الشاب على الملك، وانحنى احترامًا، وقال: “لقد حان الوقت لأعود أنا وزوجتي إلى بيتي”. أومأ الملك برأسه موافقًا، لكن حين علمت الأميرة بالأمر، اشتعلت غضبًا ، وقالت: “لن أغادر المملكة؟ كيف تجرؤ على اتخاذ هذا القرار دون استشارتي؟”

عندما وصلت الأميرة إلى بيت زوجها في المملكة المجاورة، تفاجأت ببساطته، كان المنزل عبارة عن كوخ صغير قرب البحر، وتحيط به الأشجار. في البداية، شعرت بالغربة، لكنّ الشاب ظلّ يعاملها بلطف وحنان، ومع مرور الأيام، بدأت الأميرة تُحبه. كان الشاب يعمل صيادًا، يخرج مع شروق الشمس إلى البحر ليصطاد السمك، والأميره تساعده عن طريق بيع السمك في السوق. لكنها لم تتمكن من بيع أيّ سمك بسبب تعاملها بغرور واستعلاء مع العملاء.

وذات يوم، استيقظت الأميرة ووجدت زوجها طريح الفراش، وجهه شاحب ويداه باردتان، وقد أنهكه المرض، جلست بجانبه تمسح جبينه. ومرّت الأيام والزوج ما زال مريضًا، وبدأ الطعام ينفد من البيت، ولم يعد قادرًا على الذهاب إلى البحر. خرجت الأميرة وحدها إلى البحر، حملت شباك الصيد وقلبها مليء بالخوف والإصرار. لم تكن تعرف كيف تصطاد جيدًا، لكنّها جرّبت، حتى امتلأت سلّتها بالسمك. ثم توجّهت إلى السوق، بدأت تبيع السمك، وتُعامل الناس بلُطف، تتحدث بلباقة وتبتسم، فتفاجأ الجميع بأخلاقها الجميلة.

بعد أن باعت الأميرة كل السمك، توجهت نحو الصيدلية لتشتري الدواء الذي وصفه الطبيب لزوجها. ثم اشتر ما يكفي من الطعام. وعندما وصلت إلى البيت، أسرعت إلى فراش زوجها، وضعت الدواء بجانبه، وأطعمته بيديها.

ابتسم الشاب وقال: “الآن أستطيع أن أخبرك بالحقيقة، أنا لست رجل فقير بلّ أنا ملك هذه المملكة، وقد رأيتك في أحد الأيام وأعجبت بك كثيرًا إلا أن العديد حظروني منك بسبب غرورك. وعندما علمت أنَّك مريضة، أردت أن أساعدك ولكنَّني وجدتك ذات كبرياء وغرورٍ، فاتَّفقتُ أنا ووالدك على تعليمك التَّواضع، وأردت أن تحبيني لنفسي وليس لأنني ملك”.

وبعد أن شُفي الشاب تمامًا، عاد مع الأميرة إلى قصره، حيث استقبلهما الجميع بفرحٍ كبير. عاشت الأميرة مع زوجها بسعادة، لكنها لم تنسَ الكوخ والصيد. وتعلمت الدرس وأصبحت مثالاً يحتذى به في التواضع والرحمة.

اقرأ أيضًا: أفضل قصص قبل النوم: قصة الأميرة النائمة

لم تعدّ قصص ما قبل النوم مجرد وسيلة ترفيهية للأطفال، بل أصبحت بوابة لعالم واسع من الخيال والإبداع، تسهم في تنمية شخصية الأطفال، وتعزيز مهاراتهم، وغرس القيم الأخلاقية في نفوسهم. يمكن أن تعزز قراءة قصص ما قبل النوم لطفلك لحظات دافئة من الحب، والسعادة، وحب الأسرة، كما تفتح باب الحوار مع طفلك بطريقة تناسب عمره. عندما يستمع طفلك إلى هذه القصص، لا يكتفي بالاستمتاع إليها، بل ييبدأ في اكتساب قيم جميلة تغرس بداخله منذ الصغر. سيتعلم معنى العدل من الأسد الحاكم، وأهمية التواضع من الأميرة المغرورة. هذه القيم البسيطة، ستشكّل وعيه وطريقة تفكيره، وتساعده على بناء شخصية إيجابية.

كما يقولون اللحظات السعيدة تبقى في الذاكرة وتترك أثرًا لا يُنسى في القلب، فاحرص كل يوم أن تروي لطفلك قصص مناسبة لعمره، وحوّل كل ليلة إلى مغامرة صغيرة ينام طفلك على حكايتها. كن أنت من يصنع هذه الذكريات مع مجموعة القصص التي قدّمنها لك في المقال.

قصص قصيرة للأطفال مناسبة لعمر 4 سنوات

تلعب القصص دورًا فعّالًا وأساسيًّا في تكوين شخصية الطفل منذ السنوات الأولى، وتغذية خياله، وتنمية مهاراته اللغوية، والعاطفية، والإبداعية، وتساعده على التفكير بطريقة منطقية. وتُعدّ القصص وسيلة ممتعة لمساعدة الطفل على فهم العالم والشخصيات من حوله، كما تُساعده على إدراك القيم الحميدة مثل: الصداقة، والصدق، والتعاون، والإيثار، وحب العلم، والسعي نحو النجاح، وتحديد الأهداف. ولهذا، ينصح خبراء التربية الوالدين بضرورة قراءة قصص قصيرة للأطفال منذ السنوات الأولى من عمرهم.

في هذا المقال، اخترنا لكم أفضل 4 قصص قصيرة للأطفال الصغار، حيث تم اختيار كل قصة بعناية لتقدم لأطفالك فضيلة أو قيمة تربوية بطريقة ممتعة وسهلة الفهم.

قصص قصيرة للأطفال سن 4 سنوات

اليوم نقص قصص قصيرة للأطفال مناسبة لعمر 4 سنوات بطريقة سلسة تتميّز بلغتها السهلة، ورسائلها التربوية البسيطة، ورسوماتها الجميلة التي تشد انتباه طفلك. احرص على قراءة هذه القصص على طفلك، وفي نهاية كل قصة قم بسؤال طفلك عن فهمه لها، وأي القصص أعجبته، ولماذا؟ يساعدك هذا النقاش الصغير على معرفة أنواع القصص القصيرة التي يحبها طفلك، مما يساعدك على اختيار أفضلها.

1. قصة الغراب العطشان

في يوم مشمس حار، شعر الغراب بالعطش وأراد أن يشرب ماءً باردًا ليروي ظماه. طار فوق الغابة، يحلق بين الأشجار والبحيرات باحثًا عن بركة صغيرة أو بحيرة ليشرب منها. لكن كان الأمر كان مستحيلاً بسبب جفاف البحيرات في الصيف. 

رفض الغرابُ الاستسلام، قال في نفسه: “يجب أن أواصل البحث، لابد ان أجد الماء في مكان ما”. بينما يطير، رأى فجأةً شيئًا لامعًا على الأرض. فاقترب بسرعة، فرأى إناء يحتوي على الماء. غمرت السعادة قلب الغرابُ، وأشرق وجهُه، وقال: “لقد أثمرتْ جهودِي. أخيرًا وجدتُ الماء”.

هبط الغراب ليشرب الماء ويروي ظمأه، لكن فرحته لم تدوم. فقد كان عنق الإناء ضيقًا جدًا، والماء في القاع ولا يستطيع الوصول إليه. حاول إمالة الإناء، لكنّه لم يستطع، بسب ثقل الإناء.

شعر الغراب بالتعب والإحباط، وجلس يفكّر قليلاً في طريقة لإخراج الماء من الإناء. فجأة، رأى بعض الحجارة ملقاة على الأرض. فخطرت له فكرة على الفور، وقال في سره: “لقد وجدت الحل. إذا وضعت هذه الحجارة في الإناء، تسغوص إلى القاع، ويرتفع الماء للأعلى. بهذه الطريقة، سأكون قادرًا على شربه بسهولة”.

بدأ الغراب يجمع الحجارة الثقيلة، ويسقطها واحدة تلو الأخرى في الإناء. وكلما أسقط حجرًا، ارتفع مستوى الماء قليلاً. ظلّ الغراب يكرر ذلك حتى وصل مستوى الماء إلى مستوى عالٍ بما يكفي ليشرب منه. شرب الماء بفرحٍ، وشعر بالفخر بعمله الدؤوب، وهتف قائلًا: “أنا أذكى غراب في الغابة”. ثم رفرف بجناحيه، طار سعيدًا فوق الأشجار ليُكمل رحلته.

اقرأ أيضًا: قصة للأطفال عن توفير المال: سامر والديناصور الأخضر

2. قصة الدب والصديقان

في أحد الأيام، قرّر صديقان الخروج في نزهة داخل غابة كثيفة استكشافها. كانت الغابة موحشة ومليئة بالحيوانات البرية الخطرة، مثل: الأسود والدببة والثعابين. ورغم علمهما بالخطر، تعاهدا على البقاء معًا ومساعدة بعضهما بعضًا في أي موقف.

تجول الصديقان في الغابة والخوف يسيطر عليهما. فقال أحدهما: “أنا خائف جدًا، ربما علينا العودة”. فردّ الآخر: “لا، دعنا نُكمل طريقنا. لكن لنتعاهد إن وقع أحدنا في مشكلة، فلن يهرب الآخر ويتركه وحيدًا”.

تعاهد الصديقان على البقاء معًا وحماية بعضهما البعض. وأكمل طريقهما وسط الأشجار. وفجأة، سمعا صوت حفيفًا من الشجيرات أمامهما. فتوقّفا في مكانهما من الخوف. وما هي إلا لحظات حتى خرج من بين الأشجار دبٌّ ضخمٌ يركض نحوهما بسرعة.

ركضا الصديقان، وتسلق أحدهما شجرة عالية، وجلس على أحد أغصانها، أما الآخر، فلم يكن يجيد التسلق الشجرة. فقال: “ساعدني يا صديقي. لا أعرف كيف أتسلق الأشجار”. لكن صديقه تجاهله، وتمسك بالغصن خوفًا من الدب.

رأى الصديق الذي تُرك وحيدًا الدب يقترب منه، فعلم أن لا خيار أمامه سوى التظاهر بالموت. فاستلقى على الأرض فورًا، وأغمض عينيه، وكتم أنفاسه حتى لا يهاجمه الدب.

اقترب الدب منه، بدأ يشمّه، ثم اقترب من أذنه وكأنّه يهمس له. ثم تركه واختفى بين الأشجار.

بعد أن رحل الدب، نزل الصديق من فوق الشجرة، واقترب من صديقه وقال: “هل أنت بخير يا صديقي؟ لقد رأيت الدب يقترب منك وكأنه يهمس لك بشيء، ماذا قال لك؟”

 ردّ الصديق: “أخبرني أن أحذر من الصديق الكاذب وألا أصاحبه. فالصديق الحقيقي هو من يقف بجانبك وقت الضيق ولا من يهرب ويتركه وحده”.

اقرأ أيضًا: حكايات عالمية: أشهر القصص من حول العالم

3. قصة الخراف الثلاثة والذئب

في قديم الزمان، عاش 3 خراف صغار مع والدتهم في بيت صغير في إحدى المروج الخضراء. عاش الصغار مع والدتهم حتى كبروا، وحان الوقت ليبني كلّ واحد منهم بيتًا خاصًا ليعيش بمفرده. وذات يوم، قال الأم: “لقد كبرتم يا أطفالي، ويجب عليكم بناء بيوتكم الخاصة. تأكّدوا من اختيار مواد قويّة لبناء بيوتكم ، لتحميكم من الذئب الشرير”.

كان الخروف الأوّل كسولاً للغاية، لذلك قرّر أن يبني بيته من القشّ. ذهب بسرعة وجمع القشّ، ثم بنى بيته في وقت قصير. وما إن انتهى من البناء، حتى جلس مرتاحًا بداخله، يظنّ أنّه في أمان، يتناول طعامه بسعادة.

أمّا الخروف الثاني، فكان أكثر اجتهادًا من أخيه، وقرّر أن يبني بيته من الخشب. ذهب وجمع الأخشاب، وبنى بيتًا جميلاً، ظنًا منه أنها المادة الأقوى. وبعدما انتهى من البناء، جلس في بيته الجديد يشعر بالفخر، واستلقى ليستريح.

كان الخروف الثالث يُتابع ما يفعله أخواه، لكنه لم يُعجبه تسرّعهم، فقد كان ذكيًا ومجتهدًا في كلّ ما يقوم به. وبعد تفكير طويل، قرّر استخدام الطوب والحجارة ليبني بيته. استغرق وقتًا أطول من إخوته، لكنه بنى بيتًا قويًّا. ولم يكتفِ بذلك، بل زيّنه ورتّبه ليُصبح جميلاً.

لم يمضِ وقتٌ طويل على انتهاء الخراف من بناء بيوتهم، حتى ظهر الذئب الجائع يبحث عن طعام. سار بين الأشجار حتى وصل إلى البيوت الثلاثة، فاقترب من بيت القشّ، وطرق الباب وهو يقول: افتح الباب فورًا، وإلّا سأحطّم بيتك!”

خاف الخروف الأوّل كثيرًا، وقال: “لا، لا، لا، لن أفتحه”.

فنفخ الذئب حتّى طار القشّ في لحظات. فهرب الخروف الأوّل مذعورًا إلى بيت أخيه الثاني. ذهب الذئب إلى البيت المصنوع من الخشب، وطرق الباب وقال مرّة أخرى: “افتح الباب، وإلّا سأحطّم البيت وأدمّره”.

رفض الخروف الثاني فتح الباب، فبدأ الذئب بالنّفخ، اهتزّ البيت الخشبي قليلاً، ولكنه بقى صامدًا، حينها قرّر الذئب أن يحطمه برأسه، فاندفع نحوه مرارًا حتى بدأت الألواح تتفكّك وتسقط. خاف الخروفان، ركضا بسرعة إلى بيت أخيهما الثالث.

وصل الخروفان إلى بيت أخيهما، وأغلق الخروف الثالث الباب بإحكام. بعد لحظات، جاء الذئب وطرق الباب بقوة وهو يصرخ: “افتحوا الباب حالًا، وإلّا سأُدمّر هذا البيت أيضًا”.

نفخ الذئب بكلّ قوّته مّرة ومرّتين وثلاثًا، لكن دون جدوى. غضب الذئب كثيرًا، وبدأ يدور حول البيت وهو يفكّر في طريقة للدخول. فجأة، رأي المدخنة، فابتسم بخبث، وقال في سره: “لقد وجدتها”.

تسلّق السطح بهدوء، وبدأ ينزل من المدخنة ببطء. سمع الخروف الثالث أقدام الذئب تَخْطُو فوق السّطح، فعرف على الفور ما ينوي فعله. فأسرع إلى المطبخ، وأحضر قدرًا كبيرًا من الماء الساخن، ووضعه تحت المدخنة. وما إن نزل الذئب من المدخنة، حتى سقط مباشرةً في قدر الماء الساخن. فصرخ من شدة الألم، ثم قفز خارج البيت وهرب بعيدًا في الغابة.

ومنذ ذلك اليوم، لم يعد الذئب الشرير يزعج الخراف. وتعلّم الخروفان أنّ الاجتهاد والتّخطيط هما الطريق الوحيد إلى النّجاح والأمان.

اقرأ أيضًا: من أجمل القصص القصيرة قبل النوم للأطفال

4. قصة الأسد والأرنب

في إحدى الغابات، عاش أسد قوي ومغرور، وكانت جميع الحيوانات تخشاه وتخاف منه ومن الاقتراب منه. ومع مرور الوقت، سئم الصيد تدريجيًّا، فنادى جميع حيوانات الغابة وأخبرهم: “سأكف عن الصيد في الغابة، ولكن في المقابل، سترسلون حيوانًا يوميًّا إلى عريني لآكله”. شعرت الحيوانات بالخوف من حكم الأسد، ولكن جميع الحيوانات كانت تخاف من أن تعترض على كلام الأسد فيقرّر قتلهم جميعًا. وبدأت جميع الحيوانات بالامتثال لأوامر الأسد، وكانوا يرسلون حيوانًا كل يومٍ لعرين الأسد.

وفي أحد الأيام، جاء دور الأرنب للذهاب إلى عرين الأسد، وأُصيب الأرنب بالحزن الشديد. بدأ يمشي وهو يقول في نفسه: “سيأكلني الأسد اليوم، ولا أعرف ما الذي يجب عليَّ فعله للنجاة بحياتي”.

وفي طريقه للأسد، صادف بئرًا قديمة، فشرب الماء، وبدأ في النظر إلى البئر، ووجده عميقًا جدًّا، ثم بدأ يضحك، وقال: “لقد خطرت لي فكرة ستضمن لي النجاة من الأسد”.

أسرع الأرنب إلى عرين الأسد، الذي كان غاضبًا للغاية، ويشعر بالجوع الشديد، وما إن رأى الأرنب، حتى صاح به بغضبٍ قائلًا: “لماذا تأخرت أيها الأرنب؟ ألم تعلم أني أشعر بالجوع منذ الصباح؟”.

تقدّم الأرنب بخطوات بطيئة وتظهر عليه علامات الخوف والتوتر، وقال: “اعتذر يا سيدي الملك، ولكن في طريقي إلى هنا، صادفتُ أسدًا آخر في الغابة، وظلّ يدّعي أنه ملك الغابة، وأراد أن يأكلني، لكني نجوتُ بصعوبة بالغة، لأُقدم حياتي إليك كما أمرت”.

غضب الأسد وشعر بالاستياء لفكرة وجود أسد آخر في الغابة غيره. صاح قائلًا: “ماذا تقول؟ أسد غيري. هل تعرف أين يسكن؟”، فأجاب الأرنب: “نعم يا سيدي، تعال معي لأريك مكانه”.

أخذ الأرنب الأسد إلى البئر القديمة، وقال له: “سيدي، إن الأسد الآخر يسكن في هذه البئر، لكن احذر فهو عملاق”.

نظر الأسد إلى داخل البئر، فرأى في الماء صورة انعكاسه، فظنّ أنها أسدٍ آخر. أطلق زئيره العالي ليُخيفه، لكن صدى صوته ارتدّ إليه من أعماق البئر، فظنّ أن الأسد الآخر يردّ عليه الزئير. اشتدّ غضبه، وقرّر مهاجمته للقضاء عليه، فقفز مباشرةً إلى داخل البئر ليهاجمه، لكنه سرعان ما أدرك الحقيقة.

حاول الخروج، وظلّ ينادي على الأرنب لينقذه، لكن الأرنب اقترب من حافة البئر وقال: “ولماذا سأنقذك؟ لتعود وتلتهمني أنا وجميع الحيوانات في الغابة لاحقًا؟ لقد كنتَ أسدًا مغرورًا، تبثّ الرعب في قلوبنا، ونسيتَ أننا جعلناك ملك الغابة الحقيقي لتحمينا من هجمات الحيوانات الأخرى، لا لكي تأكلنا وتُرعبنا”.

غادر الأرنب المكان تاركًا الأسد وحيدًا في البئر، وظلّ الأسد ينادي ويستغيث باقي الحيوانات، لكن لم يتمكن أحد من سماع صوته بسبب عمق البئر. عاد الأرنب إلى الغابة وأخبر الحيوانات بما حدث، وكيف قضى على الأسد المغرور. فرحت الحيوانات كثيرًا، وشعروا بالراحة والاطمئنان لأنهم تخلّصوا من الأسد. أما الأرنب فشعر بالفخر والسعادة، لأنه أنقذ حياة من في الغابة بذكائه.

اقرأ أيضًا: قصة الفراولة للأطفال: مغامرة ماري في المملكة السحرية

قصص الأطفال ليست مجرد كلمات تُروى، بل هي نوافذ تفتح عقول الأطفال على الإبداع، والخيال، وحب القراءة وتعلّمهم كيف يصبحون أبطالاً في الحياة الواقعية. فهي تغرس في نفوسهم البذور الأولى للتمييز بين الصواب والخطأ، وتمنحهم أدوات لفهم أنفسهم والعالم من حولهم. وفي هذا المقال، قدّمنا لك قصص قصيرة للأطفال مناسبة لعمر 4 سنوات، قصص جميلة ومسلية وتحمل في طياتها العديد من العبر عن الصداقة والتخطيط والتواضع ومساعدة الأخرين.

فعندما يستمع طفلك إلى مغامرات الغراب العطشان، يتعلّم أهمية التفكير وعدم الاستسلام للظروف، ومع قصة الدب والصديقان سيتعلم أهمية الصداقة الحقيقية وكيف يختار صديقه. وهذه القيم ستساعده في المستقبل وتبقى في ذاكرته وتبني شخصيته على الأخلاق والمبادئ الحميدة.

المصدر

.Storyrack

قصص عن عالم البحار: سمكة المنشار الشجاعة

في عالم البحار، حيث تسبح الأسماك والكائنات البحرية بحرية بين الشعاب المرجانية، تسير بعضها في مجموعات، بينما تفضّل أخرى السباحة بمفردها. في هذا العالم العجيب، هناك دائمًا مغامرات جديدة، مغامرات مليئة بالشجاعة، والفرح، والصداقة، والأمل. كلّ يوم يمضي في عالم البحار يحمل حكاية جديدة تكون بطلتها سمكة جديدة. نحكي اليوم قصة من قصص عن عالم البحار، قصة مليئة بالمغامرات والأحداث.

بطلتها سمكة ذات شكل غريب، لم تكن تشبه باقي الأسماك من حولها. سمكة يخشى الآخرون الاقتراب منها، لكنّ ليس لأنها قوية أو شرسة، بل لأنهم لم يحاولوا حتى التعرّف عليها أو الاقتراب منها، فقط خافوا من شكلها. لكن، ماذا لو كان اختلافها هو سبب نجاة الآخرين من فخ كبير؟ ماذا لو كانت هذه السمكة هي من أنقذت الأسماك من الوقوع في مصيدة الصياد؟ ماذا لو كان الاختلاف هو سر الشجاعة الحقيقي؟

هيا بنا نغوص في عالم البحار والمحيطات ونتعرف على رحلة سمكة المنشار الشجاعة في تقبّل ذاتها، واكتشاف قوتها الحقيقية. هل أنت مستعدّ لترافقها في هذه المغامرة؟

قصص عن عالم البحار: سمكة المنشار الشجاعة

من يحبك سيراك بقلبه لا بعينيه، من هذا المبدأ تبدأ أحداث قصتنا المشوقة من داخل أعماق البحار، حيث تعيش العديد من الكائنات البحرية المتنوعة، لكل منها شكله وطباعه الخاصة.

في أعماق المحيط الأزرق، حيث المياه اللامعة والنقية والكائنات البحرية المختلفة، عاشت سمكة المنشار. كان جسدها صغيرًا وعيناها كبيرتان وتبرز من مقدمة رأسها خيشوم طويل وحادّ كالسيف المُسنّن. ورغم أنّ قلبها كان مليئًا بالحب واللطف، إلّا أنّ الأسماك الأخرى كانت تشعر بالخوف بمجرّد رؤيتها. كُلّما اقتربت من الأسماك لتحاول اللّعب معهم، كانوا يسبحون مبتعدين عنها بسرعة، تاركين إيّاها وحيدة. تملّك الحزن سمكة المنشار بسبب هذه التصرفات، فابتعدت عن الأنظار واختبأت في بيتها، تراقب الأسماك الأخرى وهي تلعب وتمرح بسعادة.

لم يجرؤ أيّ مخلوق بحري على الاقتراب من سمكة المنشار، خوفا من ذلك المنشار الحاد، بل لم يحاول أحد حتّى مجرَّد مصادقتها. سئمت سمكة المنشار وحدتها، فحاولت تغيير مظهرها لتخفّف من خوف الآخرين. فمرّة غطّت نفسها بالأعشاب البحرية، ومرة لفت حول منشارها بعض المرجان. لكنّ كُلّ محاولتها كانت تنتهي بالفشل، بل كان نجم البحر وبعض الأسماك يتجمّعون حولها للسّخرية من مظهرها، وتعلو ضحكاتُهم، فيزيد بذلك حزنها وأسفها.

وذات صباح، بينما كانت تختبأ خلف صخرة كعادتها، لمحت الحوت وسمكة القرش وهما يلعبان سويًا بالكرة ويضحكان. همست في نفسها: “كم أتمنى أن ألعب معهما، لكنّي لا أستطيع بسبب منشاري الطويل”.

فجأة، قطع صوت الحوت تفكيرها، سائلًا: “أيتها السمكة، هل ترغبين في الانضمام إلينا واللعب؟”

لم تصدق ما سمعته، فأجابت بلهفة: “حقًا! هل يمكنني اللعب معكم؟”

أجابت سمكة القرش: “بالطبع”.

انطلقت سمكة المنشار مسرعةً، يملؤها الحماس. عندما أعطوها الكرة، ضربتها بخفة بمنشارها، لكنّ حدّة المنشار تسبّبت في قطع الكرة. تجمّدت سمكة المنشار في مكانها، وصاحت بصوت حزين: “أنا آسفة! لم أقصد ذلك”.

طمأنها الحوت، وقال: “لا بأس، هذا مجرد سوء فهم. يمكننا لعب لعبة أخرى، ما رأيكما بالغميضة؟”

بدأ الأصدقاء في الاختباء خلف الصخور، بينما أغمضت عينيها وبدأت بالعد. عندما انتهت من العد، انطلقت تبحث عنهما. ظلّت سمكة المنشار تبحث عنهما حتى وصلت إلى سفينة غارقة قديمة، عندها لمحت زعنفة القرش تلوح خلف المدخنة، فاندفعت للدخول، لكن طرفها الحاد اصطدم بالمدخنة، محطمًا إياها إلى أجزاء صغيرة.

قالت بنبرة حزينة: “أنا آسفة، يبدو أنني أفسد كل شيء”.

غضب القرش مما حدث، وهمّ بتأنيبها، لكن الحوت أوقفه قائلاً: “توقف يا صديقي، هي لم تفعل ذلك بقصد. لنفكّر في شيء أخر يمكننا فعله”.

عندها، لمعت فكرة في ذهن القرش، فقال بحماس: “ما رأيكما أن نذهب إلى مدينة الملاهي؟”

ردّ الحوت وهو متحمس لاقتراح القرش: هيا بنا، إنها فكرة رائعة حقًا”.

سبحت الأسماك الثلاث إلى مدينة الملاهي، شعرت سمكة المنشار بالحماس والسعادة، فلم يسبق لها أن ذهبت إلى مدينة الملاهي من قبل. عندما وقفوا في صف انتظار لعبة الدوّارة، سبحت سمكة المنشار يمينا ويسارًا بسرعة وحماس، وفي غفلة منها، اصطدم منشارها بأحد أعمدة حائط المرجان، فانكسر العمود، وسقطت اللعبة بالكامل.

خرجت المديرة من غرفتها غاضبة، نظرت إلى الفوضى التي حدثت، وصاحت: “ما هذه الفوضى؟ اخرجي فورًا أنتِ وأصدقاؤكِ”. وطردت الأصدقاء الثلاثة دون أن تعطيهم فرصة للتوضيح.

غضب الحوت والقرش. وظهر الإحباط على وجهيهما. تقدّم الحوت، وقال بصوت غاضب: “لقد تحمّلنا الكثير من المتاعب، وكنت أدافع عنك، ولكنّي لم أعد أستطيع اللَّعب معك.”

أدار ظهره وسبح بعيدًا، وتبعه القرش دون أن ينطق بكلمة. شعرت سمكة المنشار بالحزن واليأس، ولم تعدّ تعرف ماذا تفعل. سبحت بعيدًا إلى الأعماق، وجلست عند الشعاب المرجانية حزينة، تتأمل الفقاعات وهي تصعد نحو السطح، وتتمنى لو أنّها تشبه الأسماك الأخرى، أو لو كان بإمكانها التخلّص من منشارها الطويل الحاد، حتّى تتمكن من اللعب مع أصدقائها.

مرت الأيام، وسمكة المنشار تواصل جلوسها عند الشعاب المرجانية يوميًا، وتراقب الجميع من بعيد، دون أن تزعج أحدًا، أو تحاول اللعب معهم مرة أخرى. وفي أحد الأيام، اقترب منها حصان بحر عجوز، وقال لها بصوت هادئ: “لماذا أنتِ حزينة يا صغيرتي؟ أراكِ تجلسين وحدكِ في هذا المكان كل يوم.”

قصّت سمكة المنشار ما حدث معها، وتفكيرها في التخلص من منشارها. ابتسم حصان البحر، وقال بحكمة: “يجب أن تعلمي يا ابنتي أنه جزء منكِ، وله فوائد عظيمة لم تكتشفيها بعد. يجب أن تحبي نفسكِ كما أنتِ.”

ردّت السمكة: “لكني أؤذي من حولي ولا أستطيع اللعب مع أصدقائي!”

أجاب حصان البحر: “هذا لأنكِ لم تتعلمي بعد كيف تستخدمين قوتكِ وتتحكمين في هذا الجزء المميز”.

وفي صباح اليوم التالي، بينما كانت مجموعة من الأسماك تلعب مع بعضها البعض، من بينهما الحوت وسمكة القرش ونجم البحر الذي كان يشتهر باستهزائه بغيره، ظهرت فجأة شبكة صيد وعلقت بها الأسماك. ارتعب الجميع ولم يستطيعوا الهرب، فبدأوا بالصراخ وطلب المساعدة. لم تتجرأ أي من سمكة من الاقتراب من الشبكة. في تلك اللحظة، كانت سمكة المنشار تجلس كعادتها عند الشعاب المرجانية، فرأت ما يحدث وسمعت الصراخ.

تردّدت سمكة المنشار في البداية، وقالت في نفسها: “ماذا لو أفسدت الأمر مرة أخرى”.

لكن قطع تفكيرها وترددها صرخات الأسماك المتعالية وشبكة الصيد وهي ترتفع ببطء نحو السطح. قالت: “لا يوجد وقت، يجب أن أتصرف!”

سبحت سمكة المنشار بكل سرعتها نحو الشبكة. كانت الشبكة كبيرة، تمتد من قاع البحر إلى منتصفه. رأت الأسماك الصغيرة تبكي، وصديقها الحوت يستغيث، فاندفعت بكل قوتها. بدأت تقطع خيوط الشبكة السميكة بمنشارها الطويل والحاد، وبعد عدة محاولات، تمكّنت من تمزيق الخيوط دون أن تؤذي أحدًا. تمزقت الشبكة، وخرجت الأسماك واحدة تلو الأخرى.

هتفت إحدى الأسماك الصغيرة بفرح: “شكرًا لكِ! لقد أنقذتنا”.

قال الحوت: “أنتِ شجاعة جدًا! شكرًا لكِ يا صديقتي”.

شكرت الأسماك سمكة المنشار على إنقاذها لهم. وقالت سمكة المنشار بتواضع: “لم أستطع أن أترككم في خطر.”

اقتربت الأسماك من سمكة المنشار واعتذروا بصدق عما بدر منهم سابقًا وتجاهلهم لها. ثم دعاها نجم البحر للحضور إلى الحفل الذي سيقيمه في الغد.

تردّدت السمكة، وقالت: “لا شكرًا لك، لا أريد أن أوذي أحدًا”.

قال الحوت: “كلنا نخطئ يا صديقتي، ولكن الأهم هو أن نحاول أن نكون أفضل ونتعلّم من أخطائنا. كما أننا أخطأنا في حقك كثيرًا ولم نحاول التقرب منك أو فهمك. أرجوكِ سامحينا”.

وافقت سمكة المنشار وذهبت معهم. وهناك، استقبلها حصان البحر العجوز بحرارة وقال للحاضرين: “هذه بطلتنا التي أنقذت الأسماك”.

حيّت الأسماك سمكة المنشار وهتف الجميع باسمها، واحتفلوا بها كبطلة حقيقية. ومنذ ذلك اليوم، تغيّر كل شيء في حياة سمكة المنشار. أصبحت محاطة بالأصدقاء، وصاروا يلعبون معها ويسبحون معها، مدركين أن ما كان يبدو عيبًا فيها، كان في الحقيقة ميزة فريدة.

اقرأ أيضًا: قصة عن التسامح قصيرة للأطفال: أسامة والأصدقاء

تعلّمت سمكة المنشار منذ ذلك اليوم أن الاختلاف ليس عيبًا أو ضعف، بل يمكن أنّ يكون مصدر قوة. ولم تعدّ تخجل من منشارها، ولم يعد الآخرون يخافون منها، وأصبحت رمزًا للشجاعة. ومنذ ذلك اليوم، انطلقت السمكة في المحيط تسبح بثقة مع أصدقائها ولم تعدّ تجلس وحدها في الزاوية. وتذكّر يا بني العزيز أن اختلافك هو مصدر قوتك وفخرك، وأن البطل الحقيقي هو من يحب نفسه كما هو ويحاول اكتشاف قوته لاستخدامها في الخير ومساعدة الآخرين.

5 قصص أطفال لعمر 8 سنوات

تعد قصص الأطفال المخصّصة لأعمار محدّدة من الطرق التعليمية الهادفة التي تساعدك على تعليم أطفالك المبادئ والقيم الحميدة بأسلوب سلس وممتع. على سبيل المثال، هناك قصص أطفال لعمر 8 سنوات صُمّمت خصيصًا لتفتح بوابة سحرية يتجول الطفل بداخلها مع شخصيات تعلمه القيم الإنسانية، وتزيد من إبداعه، وتعلمه كيفية التفريق بين الصواب والخطأ، وتزيد من قدرته على التفكير والتحليل المنطقي الصحيح.

إليك أفضل 5 قصص أطفال لعمر 8 سنوات فما فوق. تركز هذه القصص القصيرة على تقديم دروس وقيم تستمر معهم مدى الحياة، أو مفاهيم يمكن للآباء مناقشتها مع أطفالهم. تذكر أنّ شخصية كل طفل تختلف عن الآخر. لذا يُرجى استخدام حكمك الخاص ومعرفتك بشخصية طفلك عند اختيار القصص له.

قصص أطفال لعمر 8 سنوات

تبرز قصص الأطفال كأداة تعليمية فعّالة تساعدك في غرس المبادئ والقيم لدى أطفالك بطريقة بسيطة وممتعة ومن بين الأنواع المتنوعة، تُعدّ القصص المعبرة والملهمة من أهمها وأفضلها، إذ تجمع بين الترفية والتعليم بأسلوب احترافي فريد. إليك أفضل 5 قصص أطفال لعمر 8 سنوات لا يجب أن تفوتها:

1. قصة الحطاب الأمين

في قديم الزمان، عاش حطّاب فقير في قرية صغيرة تقع قرب غابة كثيفة الأشجار. كان رجلاً مخلصًا في عمله، ومعروفًا بصدقه بين أهل قريته. يخرجُ كلّ يومٍ إلى الغابة ليقطع الأشجار، ثمّ يعود مرّة أخرى إلى القرية ليبيع الخشب ليكسب قوت يومه. ورغم أنَّ عمله شاق، ودخله قليل، إلّا أنّه كان راضيًا بحياته وسعيدًا بما يملكه.

وفي أحد الأيّام، بينما كان يقطع شجرة بجوار النهر، انزلق فأسه من يده وسقط في الماء. كان النهر عميقًا جدًا، ولم يستطع الحطاب استعادة فأسه. شعر بالقلق والحزن، فذلك الفأس كان كلّ ما يملكه. جلس الحطّاب على ضفّة النهر حزينًا ومهمومًا، يتساءل كيف سيتمكن من قطع الأخشاب وكسب رزقه من جديد.

فجأة، ظهرت له جنية طيّبة من داخل الماء، عندما رأته حزينًا سألته: “لماذا أنت حزين هكذا أيّها الرجل؟”.

أجابها بصوت يائس: “لقد سقط فأسي في النهر، وهو الأداة الوحيدة التي أعمل بها”.

ابتسمت الجنيّة، وقالت: “لا تقلق، أيّها الحطاب الطيّب، سأحضر لك فأسك”.

غاصت الجنيّة في الماء، وبعد لحظات، خرجت وهي تلوّح بفأس ذهبي لامع، وسألته: “هل هذا هو فأسك الذي تبحث عنه؟”

نظر الحطّاب إلى الفأس وقال: “لا”. قالت الجنيّة: “هل أنت متأكّد؟ اُنظر مرّة أخرى، هذا فأس ذهبي ثمين جدًا”. ردّ الحطاب: “لا، إنّه ليس لي”.

فأعادته الجنيّة إلى الماء مرّة أخرى، ثم أخرجت فأسًا فضيًا وسألته: “هل هذا هو فأسك؟” نظرَ الحطّاب إلى الفأس، وقال بحزن: “لا، هذا أيضًا ليس لي”.

قالت: “هل أنت متأكّد”. أجاب الحطّاب: “نعم، لا أستطيع قطع الأشجار بفأس فضّي. إنّه ليس مفيدًا”.

ابتسمت الجنيّة من أمانة الحطّاب، وغاصت للمرّة الثالثة، وعادت بفأس خشبي قديم، وسألته مبتسمة: “هل هذا فأسك الضائع؟”

ابتسم الحطّاب، وقال: “أجل. هذا هو، شكرًا لك”.

أُعجبت الجنيّة بصدق وأمانة الحطّاب، وقالت له: “لن أعيد إليك فقط فأسك، بل سأهديكَ الفأسين الآخرين مكافأةً على صدقِك”. اندهش الحطّاب، وشكرها على مساعدتها وكرمها. ثم عاد إلى أهله سعيدًا، وهو يحمل الفؤوس الثلاثة، يروي لهم كيف كافأته الجنيّة على صدقه وأمانته.

تُعدّ قصة الحطاب الأمين واحدة من قصص إيسوب الشهيرة، التي تُعلّم الأطفال أهمية الصدق، وكيف لم يطلب الحطاب إلا فأسه البسيط فقط، ولم يطمع في الفؤوس الثمينة. وتُعدّ هذه واحدة من مجموعة قصص أطفال لعمر 8 سنوات، إذ تتضمن حوارًا ممتعًا وفكرة أخلاقية واضحة تتمثل في أهمية الصدق والأمانة. كما أنّها تتوافق مع مستوى نضجهم الأخلاقي وقدرتهم على فهم المغزى من الأحداث.

اقرأ أيضًا: قصة قصيرة عن الصدق: ياسر والجرّة

2. قصة هرقل والمزارع

في يومٍ من الأيام، قاد مزارعٌ عربته المحملة على طريقٍ ريفي. كان المطر يهطل طوال اليوم، مما جعل الطريق غارقًا في الوحل. وبينما تكافح الخيول بكل قوتها لسحب العربة، غاصت إحدى عجلاتها في حفرةٍ موحلة. لم تستطع الخيول التحرك أو سحب العربة، فنزل المزارع من مقعده ووقف بجانب الخيول يصرخ ويستغيث طلبًا للمساعدة.

لم يحاول المزارع بذل أي جهد لدفع العربة أو تخليص نفسه من المشكلة، بل نادى بأعلى صوته طلبًا للمساعدة وتذمرًا من سوء حظه. وكان في المدينة رجل قوي يدعى هرقل، فنادي المزارع بأعلى صوته: “يا هرقل، ساعدني”.

سمع هرقل الصوت فخرج مسرعًا ليرى ما الأمر. وجد هرقل المزارع يقف بجانب العربة ينادي فقط، والخيول المسكينة هي التي تكافح لجرها. فقال هرقل متعجبًا: “لماذا تقف هكذا ولا تحاول دفع العربة؟”

ردّ المزارع: “لا أستطيع”. قال هرقل: “هل تظنّ أن العربة ستتحرّك بمجرّد أنك تنظر إليها تتذمّر وتصرخ؟ لن أساعدك ما لم تبذل جهدًا بنفسك أولاً. هيا أسرع واذهب إلى مؤخرة عربتك وادفعها بكل قوتك، وساعد خيولك للسحب بكل قوتها”.

لم يجد المزارع ما يفعله سوى الإنصات إلى هرقل ليتخلص من مشكلته. وذهب وبدأ يدفع العربة بكلّ قوّته، ثم نادى الخيول لتجرّ بأقصى ما تستطيع. وبالفعل، بدأت العربة تتحرك شيئًا فشيئًا حتى خرجت العجلة من حفرة الوحل. وسرعان ما ركضت الخيول بحرية، وتحركت العربة بسلاسة على طول الطريق الريفي. ارتسمت على وجه المزارع ابتسامة عريضة، فقد تعلّم درسًا قيّمًا أن المحاولة خيرٌ من التذمّر، وأنه لن يعرف أبدًا ما يمكنه أن يحققه إذا لم يحاول.

اقرأ أيضًا: حكاية إديسون واختراع المصباح الكهربائي

3. قصة مواجهة الشدائد

كانت مريم ترى العالم بعينٍ متشائمة، وتنزعج من أبسط الأمور. وذات يوم، شعرت بأن المشاكل تلاحقها من كل مكان، لم تعد قادرةً على تحمّل ما تواجهه. فذهبت إلى والدها وقالت: “أبي، أنا متعبة، كلما حاولتُ حل مشكلة، ظهرت لي أخرى. لقد سئمتُ من هذا، ماذا أفعل؟”

رتّب الأب على كتف ابنته وقال: “لا تقلقي يا صغيرتي، دعيني أريك شيئًا مثيرًا للاهتمام، سيساعدك على مواجهة المشكلات”.

أخذها إلى المطبخ، وأحضر حبّة بطاطس، وبيضة، وبعض أوراق الشاي، ثم أحضر ثلاث أوعية على موقد النار. ووضع في كلّ وعاء كميةً متساوية من الماء، ثم وضع البطاطس في الأول، والبيضة في الثاني، وأوراق الشاي في الثالث، وأشعل النار تحت الأوعية الثلاثة لمدة 15 دقيقة.

تعجّبت مريم مما يفعله والده، وسألته: “ماذا تفعل يا أبي؟ لا أفهم شيئًا”.

ابتسم الأب، وقال: “اصبري قليلاً يا مريم، وستفهمين كلّ شيء بعد ربع ساعة”.

جلست مريم تراقب المشهد بفضول. بدأ الماء يغلي، والدقائق تمرّ ببطء. وبعد مضيّ ربع ساعة، أطفأ الأب النار، وأخرج المكوّنات من الماء، ثم وضعها أمام مريم على المنضدة.

سألها: ماذا ترين؟ قالت مريم: “أرى بطاطس وبيضة وكوب من الشاي”.

ضحك الأب وقال: “لا، انظري مجددًا. ماذا حدث للأشياء في الماء؟ أيُّها تعتقدين أصبحت أقوى وأيّها لم تتأثر بالماء؟”

أجابت مريم: “ما زالت كما هي”.

قال الأب: “لا، دقّقي جيدًا. إذا لمست البطاطس، ستجدينها لم تعد صلبة بل أصبحت طريّة وناعمة. أما البيضة، فقد أصبحت صلبة. أما أوراق الشاي، فقد غيّرت الماء نفسه، وأضافت له نكهةً ورائحةً مميّزتين”.

ثم تابع: “هذه الأشياء الثلاثة مرّت بنفس الظروف وهي الماء المغلي. لكن كلّ واحدة منها تفاعلت بطريقتها مختلفة. كانت البطاطس صلبة، لكنها استسلمت للماء، وخرجت ضعيفة وطرية، بينما واجهت البيضة الموقف وأصبحت أقوى وأصلب، ولم تسمح للماء بالتأثير عليها. وأوراق الشاي لم تتأثر، بل غيّرت البيئة نفسها وصنعت مشروبًا جديدًا مُغيّرة بذلك الظروف تمامًا”.

ثمّ نظر إلى ابنته وقال: “وأنتِ يا مريم، لا يمكنكِ تغيير الظروف دائمًا، لكن يمكنكِ أن تقرّري كيف ستواجهينها، هل ستضعفكِ، أم ستقويكِ، أم ستُخرج منكِ شيئًا جميلًا يُلهم الآخرين؟”

ابتسمت مريم وتعلّمت الدرس: أن بإمكانها أن تكون أقوى مثل البيضة أو كأوراق الشاي، تصنع من الشدائد شيء جديد وفريد.

المشاكل ستحدث دائمًا، لكنّ ردود أفعالنا وتصرفاتنا هي ما ستصنع الفرق وسيحدد مسار حياتك. لا تكنّ يا صغيري مثل البطاطس أو البيض، بل حاول أنّ تكون كأوراق الشاي تُغيّر ما حولك للأفضل.

اقرأ أيضًا: قصة عن أهمية التفكير الإيجابي: كيف غيّرت أفكاري عالمي الصغير

4. قصة الأميرة والملح

كان هناك ملك يعيش مع بناته الثلاثة، أحب الملك بناته كثيرًا، كما أحببنه هنّ كثيرًا. وفي أحد الأيّام، أراد الملك أن يختبر مدى حبّ بناته له ومن منهنّ تُحبّه أكثر. فنادى الملك بناته، وسألهنّ: “أخبرنني، كم مقدار حبّكنّ لي”.

أجابت الابنة الكُبرى على الفور: “أحبّك يا أبي كما يُحبّ السمك البحر”. شعر الملك بسعادة غامرة عند سمع إجابة ابنته، وقال في نفسه: “إنّ ابنتي تُحبني كثيرًا، فالسمك لا يستطيع الاستغناء عن الماء. يبدو أنها تُحبنّي أكثر مما أتخيّل”. فقرّر الملك إهداءها قصرًا كبيرًا والكثير من المجوهرات.

ثم أجابت الابنة الثانية دون تردّد: “أحبّك يا أبي كما يُحبّ الطير السماء”. فأعجب الملك بإجابة ابنته الثانية أيضًا، وقرّر أن يعطيها قصرًا كبيرًا والكثير من المجوهرات.

ثم تقدّمت الابنة الصّغرى، وقال: “أحبّك بقدر حُبّي للملح”. تغيّرت ملامح الملك، وخيمت علامات الغضب والخيبة على وجهه، فقد كانت أكثر بناته قربًا إلى قلبه، وكان ينتظر منها إجابةً فريدة. وصاح قائلاً: “الملح؟ كيف تجرئين على تشبيه حبك لي بشيء زهيد لا قيمة له؟”

أمر الملك بطردها خارج القصر دون أن يمنحها فرصة لشرح ما تقصده. غادرت الأميرة الصغيرة القصر ودموعها تنهمر على خديها، وبينما كانت تتجوّل في الغابة، صادفها أمير طيب القلب. سمع قصتها، وأعجب بصدقها وذكائها، فطلب منها أنّ تأتي معه إلى قصره، وعرض عليها الزواج.

أعجبت الابنة بطيبة الأمير، ولكنها أخبرته أنها لن تتزوّجه إلا بحضور والدها الملك، ذكّرته بأن والدها غاضبٌ منها وأمرها بعدم العودة إلى المملكة، مما يجعل هذه المهمة شبه مستحيلة.

طمأنها الأمير، وأخبرها: “لا تقلقي، عندي خطة. سأدعو الملك إلى وليمة طعام، ولكن أريد منكِ تحضير الطعام الذي يحبه والدك ولا تضعي به ملح”.

فهمت الابنة قصد الأمير وقرّرت تنفيذ طلبه. وفي الصباح، أرسل الأمير دعوة إلى الملك يدعوه إلى تناول الطّعام في قصره، دون أن يكشف له عن وجود ابنته. قبِل الملك الدعوة، وذهب إلى قصر الأمير، وجلس على مائدة الطّعام، وقدّم الخدم أطباقًا شهيّة ومتنوّعة.

تذوق الملك الطبق الأول، وتعجّب من طعمه السيء، قال في سره:”ربما هذا الطبق فقط؟”، فتناول لقمة من طبق آخر، لكن كانت النتيجة نفسها. بدا الطعام شهيًا لكنه كان بلا نكهة أو طعم، اشتعل غضبًا، وصاح: “ما هذا الطعام السيّء، كيف تأكلون الطعام بدون ملح؟”

هنا، تذكّر حديث ابنته الصّغرى وأخذ يبكي مدركًا خطئه في حق ابنته الصغيرة، تعجبّ الأمير من بكاء الملك وسأله: “لماذا تبكي؟”

أخبره الملك بقصّة ابنته، وكيف أنّه لم يفهم قصدها وطردها من قصره. هنا دخلت ابنته إلى غرفة الطعام حاملة معها الملح، ووقفت أمامه وهي تقول باكية: “هل عرفتَ الآن مقدار حبّي لك؟ لا أحد يأكل الطعام دون ملح، فرغم أنّه رخيص، إلا أنّه مهمّ جدًا ولا نستطيع الاستغناء عنه”. 

أدرك الملك خطأه، ودمعت عيناه، وقال: “سامحيني يا ابنتي، لم أفهم قصدك”. ردّت الأميرة فرحًا: “إنّك أغلى شخص على قلبي، وأنا أسامحك”.

فرح الملك، وأخبره الأمير عن رغبته في الزواج من ابنته. فوافق على زواجهما، وقدّم لابنته قصرين والكثير من الهدايا الثّمينة.

تُصّنف قصة الأميرة والملح ضمن مجموعة قصص أطفال لعمر 8 سنوات، إذّ تحمل في طيّاتها العديد من العبر التي قد لا نلتفت إليها بسهولة، مثل: ألا نحكم على الأمور من منظورنا فقط، وألّا نتّخذ قرارات سريعة دون فهم حقيقي للمقصد. كما أنّ قيمة الأشياء لا تُقاس بثمنها، بل بأثرها ودورها الذي تؤديه في حياتنا، فكم من أشياء رخيصة وبسيطة إلا أنّ لها تأثيرًا كبيرًا في حياتنا.

اقرأ أيضًا: أفضل قصص الأميرات: رابونزل والأمير الشجاع

5. قصة تحويل التراب إلى الذهب

قصة أخرى ضمن مجموعة قصص أطفال لعمر 8 سنوات، تحمل معاني قيمة مثل: أهمية العائلة أهمية العمل والاجتهاد ووهم الثراء السريع.

في إحدى القرى، عاش شاب مع زوجته وكانت حياتهما مليئة بالسلام والحبّ والودّ، حتى جاء أحد الأيام التي قرأ فيها الشاب إحدى الكتب القديمة التي تتحدّث عن تحويل التراب إلى ذهب من خلال بعض التجارب الكيميائية. اقتنع الشاب بالفكرة وقرّر تجربة هذا الأمر، وذهب في اليوم التالي، واستقال من عمله على الرغم من رفض زوجته لهذا القرار غير الصائب. بدأ الشاب في تجهيز معمل صغير في إحدى غرف المنزل واستعان بالعديد من الأدوات والمواد الكيميائية وبدأ في اتّباع الخطوات كما ذكرها الكتاب، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فمرّت الأيام بلا جدوى.

وذّات يوم، دخلت الزوجة على زوجها وهي تشعر بالقلق، وأخبرته قائلة: “يا زوجي العزيز، إن هذه التجارب لم ثبت صحتها، فلم لا تترك هذا الأمر وتبدأ في البحث عن عمل آخر”.

رفض الزوج الإنصات لحديث زوجته، ورّد قائلاً: “لا يا زوجتي، سأظلّ أجرّب حتى نصبح أثرياء، تخيلي مقدار الذهب الذي سنمتلكه، وعندها لن نحتاج إلى العمل أو بدل مجهود”.

قالت الزوجة: “إنّ هذا الكلام غير صحيح، يجب أن تسعى وتعمل لتحصل على المال”.

خرجت الزوجة من الغرفة حزينة على حال زوجها، وبعد تفكير، قرّرت الذهاب إلى والدها لطلب المساعدة، لعله يتمكن من إقناع زوجها عن العدول على ما يفكر به. فطمأنها والدها قائلاً: سأتحدث معه يا ابنتي، لا تقلقي كثيرًا سأحل هذا الأمر.

وفي اليوم التالي، ذهب والد الزوجة إلى بيت ابنته، وجلس مع الزوج يسأله عن أحواله، بدأ الزوج يخبره بالقصة وكيف يمكنه الوصول إلى الثراء بسرعة ودون تعب. أنصت الأب إلى حديث زوج ابنته بتركيز ليشعره بأنه يصدقه. ثم قال الزوج: “هناك شيء واحد لا أستطيع الوصول إليه لأحقق المعادلة بشكل صحيح”.

نظر الأب إلى الزوج، وقال: “ربما أملك القطعة الفقودة التي تبحث عنها”.

فرح الزوج كثيرًا وطلب منه إخباره بالسر. فردّ الأب: سأخبرك بالحل بشرط أن تقوم بأداء كل المهام التي أطلبها منك”.

بدأ الأب في كتابة بعض المواد السحرية والكيميائية التي توجد في أماكن محددة وأعطاها للزوج وطلب منه جمعها بنفسه كي لا يأخذ شخص آخر المواد ويقوم بتحويلها للذهب. وافق الزوج سريعًا دون تفكير، وأخبر زوجته أنه سيذهب لجمع المواد التي طلبها والدها ولا حاجة للقلق عليه.

بدأ الزوج رحلته، بعدما أخبره والد زوجته عن أول مادة مطلوبة تُسمّى “المسحوق السحري”، والتي لا يُمكن العثور عليها إلا في قرية صغيرة تقع على قمّة جبل شاهق، ويحتفظ بها رجل عجوز. صعد الزوج الجبل حتى وصل أخيرًا إلى منزل الرجل العجوز، وطلب منه الحصول على المسحوق السحري.

ابتسم العجوز بهدوء، وقال: “سأعطيك المسحوق، لكن بشرطٍ واحد فقط، يجب أن تجمع لي نبتة الجينسنغ من أعلى قمة الجبل”.

ذهب الزوج لأعلى الجبل وحاول جمع الجيسنيغ ولكنه لم يتمكن من ذلك. بحث طويلاً عن شيء حاد لاستخراجه من الأرض. وفي النهاية، وجد سكين مرميًا على الجانب وتمكن من قطع الجنيسنيغ. عاد الزوج إلى العجوز وأخبره: “لقد حصلت على الجينسينغ ولكنك لم تخبرني أن الموضوع شاق لهذه الدرجة”.

ضحك العجوز وقال: “يا بني، يجب أن تعرف أن الأشياء الثمينة تستحق أن تتعب من أجلها”. ثم أعطاه العجوز الجينسيغ البري وأخبره أنه هدية ليتذكر المجهود الذي بذله لجمعه. تعجّب الزوج من كلام العجوز، ولكن عندما أخذ منه الجينسينغ شعر بداخله بلحظات من السرور والامتنان بعد رؤية نتيجة عمله.

ودّع الزوج العجوز، ثم أكمل رحلته بحماس باحثًا عن المادة الثانية وهي تراب الأرض. تجول الزوج في المدينة حتى وصل إلى محل العطارة الذي تحدث عنه والد زوجته. فتح الزوج الباب، ثم طلب من صاحب العطارة الحصول على المادة. فردّ العطار: : هذه المادة ثمينة للغاية، ولن أعطيها لك إلا إذا لبيّتَ أمنية طفلي الصغير”.

ذهب الزوج ليسأل الطفل عن أمنيته وأخبره الطفل: “أريد أن أرى شروق الشمس على المحيط”. تعجّب الزوج من أمنية الطفل ولكنه وافق ليتمكّن من الحصول على المادة التي يريدها. وفي فجر اليوم التالي، اصطحب الطفل إلى المحيط ليتمكّن من رؤية شروق الشمس.

فرح الطفل كثيرًا عندما رأي الشمس وهي تشرق، وأخبر الزوج قائلاً: “شكرًا لك يا عمي على هذه الفرصة الرائعة لرؤية الشمس وهي تشرق، هل تعلم أن شروق الشمس يُخبرنا أن أمامنا فرصة جديدة لنحلم ونُحقّق أحلامنا؟”

غمرت السعادة قلب الزوج بعدما شاهد شروق الشمس لأول مرة، فأحس بشيء غريب لم يشعر به من قبل. عاد إلى محل العطارة برفقة الطفل. وكما وعده العطار سلّمه مادة تراب الأرض تقديرًا لما فعله.

رجع الزوج إلى منزله وكان يبدو عليه التغيير، تعجّبت الزوجه وسألته: “ماذا حدث معك؟”، طلب من زوجته الجلوس وأخبرها بالقصة كاملة، ثم أنهى كلامه قائلاً: يا زوجتي العزيزة لقد عرفت السر أخيرًا”.

شعرت الزوجة بالقلق وسألته: “ما هو هذا السر؟”.

قال الزوج: “لقد أدركت أن الذهب كان أمامي طوال اليوم في حياتنا سويًا ومجهودنا وعملنا اليومي. نحن نمتلك ما هو أثمن من الذهب، نمتلك حلمنا وسعينا اليومي لتحقيقه”.

ذهب الزوج لشكر والد زوجته على هذه الرحلة، وأخبره أنه فهم اللغز أخيرًا. فرح الأب بكلام الزوج وأخبره: “إنّ الحياة تعطينا مكافآت يومية دون أن نطلبها، وكل ما علينا فعله هو السعي وتحقيق حلمنا والاستمتاع بكل شيء لدينا”.

اقرأ أيضًا: قصة عن التسامح قصيرة للأطفال: أسامة والأصدقاء

في هذا المقال، حرصنا على تقديم قصص أخلاقية تُساعدك في غرس القيم في نفوس أطفالك، لأنّ هذا العمر يُعدّ من أفضل الأوقات لبدء تعليمهم المبادئ والسلوكيات التي ستشكّل شخصياتهم وستُرافقهم طوال حياتهم. وبالطبع، لم ننسَ إضافة الطابع الممتع والتّرفيهي كي لا يشعر الأطفال بالملل ونضمن استمتاعهم بها.

نصيحة أخيرة: عند اختيار قصص أطفال لعمر 8 سنوات، احرص على الجمع بين المتعة والفائدة، واختيار مفردات تناسب عمر طفلك ومستوى فهمه.

المصدر

.moral stories

قصص أطفال لعمر 7 سنوات: 4 قصص ممتعة لتنمية الخيال

تلعب قصص الأطفال دورًا مهمًا في تنمية الخيال وتعزيز القيم التربوية لدى الطفل. فهي من أفضل الوسائل التعليمية والترفيهية التي يمكن استخدامها في أي وقت من اليوم، وخاصةً قبل النوم، لتعليم الطفل القيم، وتنمية مفرداته، وتعزيز مهاراته في التفكير.

في سنّ 7 سنوات، يبدأ الأطفال في اكتشاف البيئة من حولهم بفضولٍ كبير، لذلك، من المهم أن تكون القصص التي يقرؤونها ممتعة وذات مغزى، حتى تساهم في بناء شخصياتهم وتطوير مهاراتهم اللغوية. يجب أن تولي اهتمامًا خاصًا باختيار ما يناسب عمر واهتمامات أطفالك، إذ ليست كل القصص مفيدة أو مناسبة لهذا السن. جمعنا لك في مقال اليوم مجموعة قصص أطفال المناسبة لعمر 7 سنوات، والتي يمكنك قراءتها لطفلك أو تشجيعه على قراءتها بنفسه، ليستمتع بها ويتعلّم منها في الوقت ذاته.

قصص أطفال لعمر 7 سنوات

1. المحقق الصغير ماكس

في قرية صغيرة، عاش فتى صغير مُحب للمغامرة وحلّ الألغاز يُدعى ماكس. كان يتمتّعُ بعين ثاقبة وانتباه كبير لأدقِّ التفاصيل، مما جعله محلَّ إعجاب الجميع. وفي عيد ميلاده، أهداه والده هدية مميّزة وهي أدوات تحقيق، تضمّ عدسة مكبّرة، ودفتر ملاحظات، وقبعة شبيهة بقبعة المحقق الشهير شارلوك هولمز. ومنذ ذلك اليوم، صار أصدقاؤه يُلقبونه بالمحقق ماكس.

وذات يوم، بينما ماكس يلعب في حديقة منزله، اندّفعت صديقتُه ميا نحوه مسرعة وهي تبكي، وقالت: “ماكس! أحتاجُ مساعدتك، لقد ضاعت قطتي”.

ارتدى ماكس ملابس التحقيق الخاصة به بسرعة، وضع قبعته فوق رأسه وعدسته المكبرة في جيبه، ثمّ التفت إلى ميا وقال: “لا تقلقي يا صديقتي، المحقق ماكس تولّى القضية”.

توجّه ماكس مع صديقته إلى منزلها ليبدأ بالتحقيق في مهمته الجديدة. وتنقّل بين أركان المنزل، متفحّصًا الأماكن التي تٌحب القطة الجلوس فيها بداية بسريرها الدافئ بجوار النافذة، ثم الأريكة، وصولاً إلى المطبخ، حيث كانت القطة تتناول طعامها كل صباح.

لكن لم يكن هناك أي أثر للقطة في أي مكان. فكّر ماكس قليلاً، ثم قال: “يجب أن نخرج للبحث عن القطة”.

اتجه إلى الشرفة، وهناك أخرج عدسته المكبرة مفتشًا عن أي دليل يوصله إلى القطة. وفجأة، وجد بعض الأثار، فقال مشيرًا للآثار: “ميا، انظري هذه الآثار تبدو حديثة. لا بدّ أن قطتك مرت من هنا قبل وقت قصير”. قال ماكس بحماس وهو يدوّن ملاحظاته في دفتره الصغير.

ابتسمت ميا لأول مرة منذ اختفاء قطتها، وقالت: أنت مذهل يا ماكس. لا بد أنها قريبة منا”.

وبينما كانا يتتبعان آثار الأقدام، سمعا فجأة صوت مواءٍ خافت قادمًا من بين الشجيرات. نظر ماكس إلى ميا، وقال: “هل سمعت هذا؟”

أومأت ميا برأسها وانطلقا يركضان نحو مصدر الصوت حتى حتى وصلا إلى ممرّ ضيق مخفي خلف الأشجار. وفي نهايته، بيت خشبي قديم يبدو مهجورًا. فتح ماكس باب المنزل ببطء وحرص، وعندما نظر للداخل وجد القطة مستلقية على الأرض.

عندما رأتها ميا ركضت نحوها واحتضنتها بين ذراعيها، ثمّ شكرت ماكس قائلة: “شكرآ لك يا ماكس، أنت أفضل محقق عرفته”. ثم تساءلت: “لكن كيف وصلت قطتي إلى هذا المكان الغريب؟”

ابتسم ماكس، ثم اقترب من النافذة الصغيرة في زاوية الغرفة، وقال: “يبدو أنها دخلت من هنا. ربما كانت تطارد فراشةً أو طائرًا، ولم تستطع الخروج بعدها.”

وعندما همّ الصديقان بمغادرة المنزل، لمح ماكس شيئًا لامعًا على الأرضية الخشبية. انحنى ليلتقطه، فإذا به يعثر على قلادة ذهبية بداخلها صورة لفتاة صغيرة تحمل بين يديها قطًّا يُشبه قطة ميا إلى حدٍّ كبير.

نظرت ميا بدهشة وقالت: “ما هذه القلادة؟ لم أرَها من قبل!”

تفحّصها ماكس بعناية، وقال بحماس: “يبدو أن أمامنا لغزًا جديدًا يا ميا. يجب أن نعرف من صاحبة هذه القلادة ونعيدها إليها.”

أومأت ميا برأسها موافقة، ثم جلسا يفكّران فيمن يمكنه مساعدتهما، فخطر في بالهما على الفور الجدّة حسناء، أقدم ساكني القرية، والتي تعرف كلّ من عاش فيها منذ سنوات طويلة. توجّها إلى منزلها، وهناك وجدا الجدة حسناء تجلس في شرفة منزلها، تحيك وشاحًا صوفيًا ملونًا.

قال ماكس بأدب: “مرحبًا سيدتي، كيف حالكِ اليوم؟”

ابتسمت الجدة وقالت: “بخير يا أطفالي. كيف حالك يا ماكس؟ وأنتِ يا ميا؟”

قال ماكس وهو يُخرج القلادة من جيبه: “نحن بخير. لقد وجدنا هذه القلادة في المنزل الخشبي القديم. هل تعرفين من هذه الفتاة في الصورة؟”

أخذت الجدة القلادة، ونظرت فيها بإمعان. وبعد لحظة، قالت: “إنها لارا. لقد كانت تعيش هنا مع عائلتها قبل سنوات طويلة، لكنهم انتقلوا من القرية لم نسمع عنهم شيئًا”.

قالت ميا: “هل تعتقدين أن لارا لا تزال تبحث عن قلادتها؟”

قالت الجدة حسناء: “ربما يا صغيرتي”.

صاح ماكس: “إذن علينا أن نعيدها إليها”.

ردّت الجدة حسناء: “وأنا سأساعدكم يا أطفال، سأسأل بعض الأصدقاء القدامى، ربما أتمكن من معرفة عنوانها الجديد”.

وبالفعل، وبعد عدّة أيام من البحث، تمكّنت الجدة حسناء من معرفة العنوان الجديد الذي انتقلت إليه عائلة لارا. ما إن حصل الصديقان على العنوان، حتّى جلسا يكتبان رسالة إلى لارا يخبرانها بكل ما حدث. وأرفقا القلادة مع الرسالة.

وبعد مرور عدة أيام، وصلتهما رسالة من لارا والتي تبيّن أنها أصبحت امرأة مسنّة. فتح ماكس الرسالة، وجلس بجانب ميا ليقرآها معًا:

“لقد شعرت بسعادة بالغة عندما وصلتني رسالتكما. شكرًا لكما لقد أسعدتماني كثيرًا بعثوركما على قلادتي الثمينة. بحثت عنها كثيرًا لكنّي لم أتمكن من العثور عليها. لم أصدق عيني عندما رأيتها، فهي تحمل ذكريات طفولتي”.

وأرفقت لهما مع الرسالة صورة لها وهي تجلس مع قطتها. غمرت السعادة قلبي ماكس وميا وشعرا بالفخر لإدخال السرور على السيّدة لارا. ومنذ ذلك الحين، انتشرت قصتهما في القرية، وأصبح الجميع يناديهما بالمحققَين الصغيرَين.

اقرأ أيضًا: قصة عن أهمية التفكير الإيجابي: كيف غيّرت أفكاري عالمي الصغير

2. الدجاجة الذهبية

تُعدُّ قصة الدجاجة الذهبية واحدةً من أجمل قصص أطفال لعمر 7 سنوات، التي يمكنك سردها قبل النوم. وهذه القصة ليست مجرد قصة ترفيهية، بل هي من قصص الأطفال التي تحمل عبرًا وقيمًا جميلة، وتحفّز لدى الأطفال الخيال.

يُحكى أنّ مزارعًا عاش مع زوجته في فقر شديد، ولم يكن لديهما سوى مزرعة صغيرة يزرعان فيها الخضروات. كان المزارع يبيع تلك الخضروات ليكسب منها قوت يومه، وفي أحد الأيّام، قالت زوجة المزارع: “ما رأيك أن نشتري دجاجة تضع لنا البيض”.

وافق المزارع على اقتراح زوجته، وجمع بعض الخضراوت ليبيعها، ويشتري بثمنها دجاجة. وبالفعل، توجّه إلى السوق واشترى الدجاجة، ثمّ عاد إلى مزرعته وبنى لها عشًا جميلاً.

وفي صباح أحد الأيام، ذهب المزارع كعادته ليتفقد أحوال دجاجته ويجمع منها البيض، فتفاجأ بأنّها قد وضعت بيضة ذهبيّة كبيرة.

تفاجأ المزارع، ونادى زوجته لترَى البيضة الغريبة. فوقفت مذهولة، غمرتها السعادة، حمل المزارع البيضة بحذر شديد، ثم دخل هو وزوجته إلى المنزل، فقالت له زوجته: “اذهب إلى السوق وبِع هذه البيضة، سنصبح أثرياء”.

وبدءًا من ذلك اليوم، أصبحت الدجاجة تضع كلّ صباح بيضة ذهبيّة، والمزارع يبيعها ويعود إلى أسرته بالمال. ازداد المزارع وزوجته غنى يومًا بعد يوم. لكنّ الطمع تسلّل إلى قلبه، فقال لنفسه: “لماذا أنتظر بيضة واحدة كلّ يوم؟ لماذا لا أذبح الدجاجة وأحصل على كلّ البيض الذهبيّ دفعة واحدة؟”

أخبر المزارع زوجته بما يُفكّر فيه، فنصحتهُ ألّا يفعل ذلك، قائلة: “لا تفعل ذلك، هذه فكرة سيئة”.

لكنّه لم يُنصت لها وأعماه الطمع. وفي اليوم التالي، ذبح المزارع الدجاجة، وشقّ بطنها للحصول على البيض الذهبي الذي تخيله، لكنّه لم يجد فيها أيّ بيض على الإطلاق.

صُدم المزارع وزوجته، وجلسا يبكيان، ويندبان حظهما، فقد خسرا دجاجتهما الذهبيّة التي كانت مصدر رزقهما اليوميّ بسبب الطمع.

اقرأ أيضًا: قصة عن التعاون للأطفال: الحمامة المطوقة وأصدقاء الغابة

3. قصة بائعة الكبريت

قصة بائعة الكبريت هي واحدة من أروع قصص أطفال لعمر 7 سنوات من تأليف الكاتب الشهير هانس كريستيان أندرسن.

في قديم الزَّمان، في بلدة ثلجيّة، عاشت فتاة صغيرة جميلة ذات شعر أشقر كأشعة الشّمس الذّهبيَّة. كانت أجمل وألطف الأطفال في سنِّها وأحلى من القمر حين يظهر في السّماء ليلاً. رغم فقر عائلتها، لم تفقد طبيتها ولا أحلامها الكبيرة. كانت تبيع الزهور في الصباح وفي المساء تبيع أعواد الكبريت لمساعدة عائلتها على تدبير أمورهم.

وذات مساء، أضاءت المدينة الأنوار للاحتفال، وعمّت الضحكات في البيوت احتفالًا بسقوط الثلج. كان الجوّ شديد البرودة والثلج يتساقط بغزارة، والرياح عاصفة، إلا أنّ هذا لم يمنع زوج والدتها من إجبارها على الخروج لبيع أعواد الكبريت.

ارتعبت الفتاة من زوج أبيها، فخرجت من المنزل تتجوّل في الشوارع، تحملُ علبها الصغيرة وتُنادي بكلّ قوتها آملةً أن تبيع ما يكفي لجلب المال لعائلتها: “كبريت … كبريتٌ جميل، يُضيءُ ليلَكَ البارد”.

لكنّ أهل البلدة كانوا منشغلين بالاحتفالات والأنوار الساطعة، فلم يلحظوا وجودها، ولم يتوقّف أحد لشراء الكبريت منها أو مساعدتها.

ازدادت العاصفة، وتساقط الثلج بقوّة، فهرع الناس إلى منزلهم، وأقفل البائعون محلاتهم، بينما ظلّت بائعة الكبريت تتجوّل في الشوارع وحيدة. ارتجفت الفتاة من البرد، فقد كانت ترتدي ملابس خفيفة وحذاءً كبيرًا لا يلائم مقاسها. ومع تساقط الثلج، لم تتوقف الفتاة عن السير حتى تمزّق حذاؤها.

هنا، خارت قوّتها، وجلست في زاوية شارعٍ هادئٍ. وبينما كانت تتكئ على الجدار البارد، أشعلت عود كبريت، فانبعث ضوءٌ خافتٌ دافئٌ. في تلك اللحظةِ، بدأت ترى الأحلام. رأت نفسها في منزل دافئ، حيثُ المدفأة مشتعلة، وجدت أجواء من الحنان والدفء تحيط بها.

وما هي إلاّ لحظات حتى انطفأ العود، فأشعلت عودًا ثانيًا، وفجأة، رأت نفسها في حديقةٍ كبيرةٍ مليئةٍ بالزهور الملونة، وتلعب مع أطفال يضحكون ويشاركونها القصص. مع كلّ عود كبريت تشعله، كانت بائعة الكبريت تنتقلُ إلى مشهد مختلف. ومع العود الثالث، وجدت نفسها في سماءٍ مليئةٍ بالنجوم اللامعة، وظهرت جدتها التي كانت تحبها كثيرًا، تبتسمُ لها وتلوّح بيدها. بادلتها الصغيرة الابتسامة، وقالت: “جدتي لا تترُكيني وحدي، خذيني معك”.

جلست الفتاة في حضن جدتها، تحكي لها القصص، وتربّت على كتفها. فرحت الفتاة برؤية جدتها، وقرّرت إشعال مجموعة من الأعواد مرةً واحدةً لتبقى مع جدتها فترة أطول.

إلا أن الأعواد بدأت تنطفئ، وتتلاشى أحلامها واحدة تلو الأخرى. ومع آخر عود ثقاب اقتربت جدتها منها وطوّقتها بذراعيها، وقالت: “تعالي يا حبيبتي، لنذهب إلى عالم أجمل، حيث لا برد ولا جوع ولا قسوة”.

أغمضت بائعةُ الكِبريتِ عينيها بسلامٍ، واحتضنت جدتها بقوّة، وشعرت بالدفء والأمان. وفي الصباح، وجد أهل البلدة بائعة الكبريت في الزاوية التي جلست فيها، لكنَّ وجهها كان هادئًا وابتسامتها جميلة، وكأنَّها سافرت إلى عالمٍ أجمل لا جوع فيه ولا برد.

تجمّع أهل البلدة حولها بحزن بعد رؤية أعواد الثقاب، وقرّروا ألا ينسوا الفتاة الصغيرة التي علّمتهم معنى الحبّ والرحمةِ، وعاهدوا أنفسهم أن يعتنوا بالفقراء والمحتاجين. لم تكن النهاية قاسية على بائعة الكبريت كما ظنّ أهل البلدة، فهي رأت أجمل الأحلام مع جدتها التي تُحب أن تبقى معها ولا تفارقها.

اقرأ أيضًا: أفضل قصص الأميرات: رابونزل والأمير الشجاع

4. حزمة العصيّ

قصّة أخرى في مجموعة اليوم بعنوان “قصص أطفال لعمر 7 سنوات”، وهي قصّة الأب الحكيم وأبنائه الثلاثة.

في منزل هادئ، عاش أب حكيم مع أبنائه الثلاثة. كان الأب يراقب أبناءه وهم يتجادلون ويتخاصمون كلّ يوم على أتفه المشاكل. حاول الأب كثيرًا أن ينصحهم ويُصلح بينهم، لكنّه لم يتمكن من ذلك، وظلّ الخلاف يُفرِّق بينهم.

في أحد الأيام، وبعد شجار حادّ بين الأخوة، قرّر الأب أن يُعلّمهم درسًا مهمًا ليدركوا قيمة التعاون بينهم والوحدة. فنادى أبناءه، وأمر أحدهم أن يُحضر له حزمة كبيرة من العصي.

أحضر الابن الحزمة، واجتمع الأبناء الثلاثة مع والدهم في حديقة المنزل. نظر لهم الأب، ثم قال: “أريد أن يحاول كل واحد منك كسر هذه الحزمة”

أخذ الابن الأكبر الحزمة، وحاول بكلّ قوته كسرها، لكنّه لم ينجح، فسخر منه أخوته. ثم قال الأخ الأوسط: “أنا سأسكرها”. أمسك الحزمة، وحاول كسرها بكل الطرق لكن دون فائدة.

ثم أخذها الأخ الأصغر وحاول أيضًا ولكنه فشل أيضًا. تعجّب الإخوة الثلاثة، عندها ابتسم الأب، وفكّ حزمة العصيّ، ثم أعطى كلّ واحدٍ منهم عصا واحدة، وقال: “الآن جربوا أن تكسروا هذه العصا”.

كسر كلّ واحد من الإخوة عصاه بسهولة ودون بذل جهد. قال الأب مبتسمًا: “عندما كانت العِصي مُجتمعة، لم تستطيعوا كسرها، لكن عندما انقسمت إلى أعواد، أصبحت هشة وسهلة الكسر. وهكذا أنتم يا أبنائي، إن اتّحدتم، فلن يقدر أحدٌ على هزيمتكم. أمّا إذا تفرَّقتم، فسيكون من السّهل التغلب عليكم وهزيمتكم”.

ثم تابع الأب حديثه: “في التعاون قوّة، عندما تقفون معًا، وتدعمون بعضكم بعضًا، وتعملون كفريق واحد، ستكونون قادرين على مواجهة أيّ عقبة. ولكن إذا سمحتم للخلاف أن يُفرقكم، فستُصبحون عُرضة للخطر”.

تبادل الأبناء النظرات، وأدركوا أخيرًا خطأهم وكم كانت خصوماتهم تُضعفهم. ومنذ ذلك اليوم، قرّروا أن يضعوا خلافاتهم جانبًا، ويعيشوا في وِئام، مُتعاونين، مدركين أنّ الوحدة والتعاون هما مصدر قوتهم.

اقرأ أيضًا: كالدي والفاكهة العجيبة: قصة اكتشاف القهوة

وقت القصة ليس مجرد لحظة تقضيها مع طفلك، بل هو فرصة ذهبية لتنمية خياله، تطوير مفرداته، وتعليمه المبادئ والقيم بطريقة غير مباشرة. تساعد قصص الأطفال على فهمهم للعالم من حولهم بطريقة بسيطة وملائمة لمستوى تفكيرهم وإدراكهم للأشياء، وتفتح امامهم أبواب جديدة للتفكير.

كانت هذه مجموعة قصص أطفال لعمر 7 سنوات، تساعد طفلك على تنميه خياله، وتعزيز القيم الجميلة لديه. فأيّ هذه القصص أعجبك أكثر؟

يمكنك تصفّح المزيد من القصص المميّزة على موقعنا، لاختيار ما يناسب طفلك ويساهم في تعزيز حبّه للقراءة.

المصدر

.Stories

8 قصص قصيرة ملهمة ومعبرة للأطفال

للقصص أسلوبها وسحرها الخاص في تعليم الأطفال دروس الحياة التي تبقى في ذاكرتهم إلى الأبد. فإلى الجانب الترفيهي الممتع، تلعب القصص دورًا مهمًا في ترسيخ القيم الإيجابية لدى الأطفال، واستيعابهم الصواب من الخطأ بطرقٍ مشوّقة لا تُنسى. لذا، بدلًا من أمرهم أو إخبارهم بالنصائح والقيم مباشرةً، استخدم القصص التي تنسج الدروس في هيئة مغامراتٍ شيقة، مما يجعلها سهلة الفهم.

في هذا المقال، نقدم لك أفضل 8 قصص أطفال قصيرة ومعبّرة يمكنك سردها لطفلك قبل النوم. كُلّ قصة من هذه القصص تأخذك في رحلة ممتعة إلى عالم الخيال، تحمل في نهايتها عبرة تُساهم في تشكيل شخصية الطفل، وتُقوِّم سلوكه بطريقة ممتعة وملهمة.

أفضل 8 قصص أطفال قصيرة

1. قصة الثعلب والعنب

قصة الثعلب والعنب هي واحدة من أفضل 8 قصص الأطفال المعبّرة، لما تحمله من دروس وعبر، أهمّها تعليمهم درسًا مهمًا في تقبل الفشل وعدم تقديم أعذار عندما لا يستطيعون الوصول إلى هدفهم.

أحداث القصة

في صباحٍ مشمس، خرج ثعلبٌ جائع يبحث عن طعام يُسدّ به جوعه ويروي عطشه. وبينما كان يتجول بين الأشجار رأى عنقودًا كبيرًا من العنب يتدلّى من فوق شجرة عالية. كان العنب ناضجًا، وجميلاً يلمع تحت أشعة الشمس الذهبية، ويبدو شهيًا للغاية. قال في نفسه: “يا ليتني أستطيع الحصول على بعض منه، لأروي به عطشي.”

قفز الثعلب بكل قوته، لكن العنب ظل بعيدًا جدًا ولم يستطع الوصول إليه. لذا وقف على رجليه الخلفيتين، ومدّ عنقه قدر استطاعته، لكن العنب كان لا يزال مرتفعًا جدًا.

تراجع عدة خطوات إلى الوراء، ثم ركض وقفز مرة أخرى، لكنه أخطأ الهدف. لم يستسلم الثعلب، وحاول مرة أخرى من الاتجاه الآخر. ركض بأقصى سرعة ممكنة، وقفز في الهواء، لكنه أخطأها مرة أخرى.

حاول الثعلب مرة رابعة وخامسة مصممًا على الحصول على العنب اللذيذ، لكنه لم يستطع الوصول إليه مهما حاول.
بعد محاولات كثيرة، جلس الثعلب على الأرض وهو يلهث من التعب، ثم نظر الثعلب إلى العنب، وقال بغضب: “لا أعرف لماذا أضيع وقتي على هذا العنب الفظيع. أنا متأكد أن طعمه حامضٌ جدًا، لم أعد أريده أصلاً.”

وفي النهاية، نهض الثعلب ومشى مبتعدًا، يحاول أن يقنع نفسه بأنه لم يكن بحاجة لذلك العنب أبدًا وأنه لا يستحق هذا العناء. لكن في أعماقه، كان يعلم أنه استسلم بسرعة، وأنه اختلق عذرًا بدلًا من الاستمرار في المحاولة.

العبرة من القصة

لا تقدم الأعذار عندما يكون الأمر صعبًا، بل استمر في المحاولة وفكّر في طريقة مختلفة لتحقيق أهدافك.

اقرأ أيضًا: الجندب والنملة – قصة قصيرة عن الإيثار للأطفال

2. قصة الكلب والعظمة

قصة الكلب والعظمة هي واحدة من قصص الأطفال القصيرة والمعبرة، والتي تحمل درسًا قيّمًا عن الطمع والجشع، وهي من السمات الأخلاقية السيئة التي يجب توعية الأطفال بها، والحرص على ألاّ يتخلّقوا بها.

أحداث القصة

في أحد الأيّام، عثر كلب على عظمةٍ كبيرةٍ ولذيذة بجوار أحد المنازل. فرح الكلب كثيرًا بهذه العظمة الكبيرة لدرجة أنّه أمسكها وركض يبحث عن مكان هادئ ليأكلها بسلام بعيدًا عن تتطفُّل الكلاب الأخرى.  

بينما كان الكلب يعبر جسرًا صغيرًا فوف النهر، نظر إلى أسفل الجسر، فرأى صورة انعكاسه في الماء وهو يَحملُ العظمة. لكّن الكلب الساذج ظَنّ أن هناك كلبًا آخر يحملُ عظمة أكبر، ولم يعلم أنَّ ما رآه هو مجرد انعاكس صُورته على سطح الماء.

طمع الكلب في العظمة الأخرى، وفكّر في نفسه قائلاً: “هذه العظمة تبدو أكبر من عظمتي، أُريد الحصول عليها.”

نبح الكلب ليُخيف الكلب الأخر فيخطف منه العظمة، لكّنه ما أن فتح فمه حتّى سقطت عظمته في الماء وغرقت. اندهش الكلب عندما لم يجد الكلب الآخر وازدادت دهشتُه أكثر عندما رأى التيّار يحمل عظمته بعيدًا.    

خسر الكلب المسكين طعامه، وجلس حزينًا واضطرَّ للعودة إلى منزله خالي الوفاض، بعد أن تعلّم درسًا لن ينساه أبدًا.

العبرة من القصة

تعلّم الرضى بما لديك، لأن الطمع فيما لا تملك قد يُفقدك ما تملك حقًا.

اقرأ أيضًا: قصة الفراولة للأطفال: مغامرة ماري في المملكة السحرية

3. قصة الطيور والنسر المغرور

من أسوء الصفات التي قد يتحلّى بها الإنسان هي الغرور والتكبّر، لذا من المهم تربية الطفل على التواضع مهما امتلك من مواهب وأموال، وتوجد العديد من القصص التي تُسلّط الضوء على هذه الصفات وتُشجّع على التواضع. ومن بين هذه القصص تبرز قصة “الطيور والنسر المغرور” برغم من أنها ضمن مجموعة قصص أطفال قصيرة إلا أنها تحمل عبرة كبيرة.

أحداث القصة

على شاطئِ النّهر الكبير، كانت تعيشُ طيور ذاتِ أجنحة بيضاء ومناقير طويلة. وكانت هذه الطيور تتجمَّع كُلّ يوم في الصّباح الباكر وتسبحُ في مياه النَّهر بهدوء، باحثةً عن الأسماك لتصطادها بمناقيرها الطويلة وتُطعم صغارها الجائعين.

وفي صَباح أحد الأيَّام، بينما الطيور مُتجمَّعة على شاطئِ النَّهر، هبّت رياح قوية، واضطربت مياه النهّر. فجأة، انقضَّ نسر ضخم من السماء، والتقط سمكة كبيرة بمخالبه، ثمّ طار بها عاليًا في الهواء، ولم يتوقّف عند هذا الحد، بل كرّر الأمر عدّة مراتٍ.

ارتبكت الطيور، وتسائلت بقلق فيما بينها: :من هذا النسر؟ ومن أين جاء؟”، فقال أحدها: “إنَّه جارنا الجديد، لقد رأيتُه يبني عشَّهُ فوق الشجرة العالية هناك.”

وبمُرور الأيَّام، سيطر النَّسر على النَّهر، وكان يمشي مغرورًا بقوّته وحجمه ويضرب الماء بجناحيه ليُرهب الجميع ويصطاد كلّ الأسماك في النهر ويخيف البقيّة، مما جعل الأسماك تهرب من النَّهر. فلم تستطع الطيور الحصول على طعامها ولا إطعام صغارها.

اقترب قائدُ الطيور من النسر، وقال: “أنت تخيف الصغار، وتصطاد بعنف فتُرعب الأسماك وتُفزّعها. لماذا لا تصطاد بهدوءٍ مثلنا؟ إمّا أن تتوقّف عن هذه التصرفات أو ترحل فورًا.”

ضحك النسر، وقال: “أيُّها الطائر العجوز كيف تجرؤ على تهديدي؟ ألا تعرف من أكون؟” ردّ الطائد بثقة: “أنت مجرّد نسر مغرور ومتكبرّ”.

قال النسر: “أنا أقوى منكم جميعًا، أنتم جبناء وضعفاء ولا تصطادون سوى أسماك الشاطئ، أمّا أنا فأصطاد من الأعماق.” ثم أخذ سمكته وانطلق بعيدًا إلى عشه وهو يضحك بسخرية من بقيّة الطيور الأخرى.

مرّت الأيام والنَّسر المغرور لا يزال يُعكّر صفو حياة الطيور وينقضّ على الأسماك التي يحاولون اصطيادها. فحذّره قائد الطيور من عاقبة أفعاله وغروره. لكنَّ النسر لم يُبالِ بحديثه، وظلّ يسخر منهم.

ذات صباح، حاولت الطيور التوغّل داخل النهر لاصطياد الأسماك لإطعام صغارهن، لكّن القائد حذّرهنّ من الاقتراب من منتصف النهر لشدة خطورته وتياره القويّ. فتراجعت الطيور جائعة حزينة. كان النسر يراقب المشهد في هدوء وثبات. ثم قال ساخرًا: “سوف أصطاد سمكة كبيرة الحجم لتعلموا أيّنا أشدّ قوةً وأكثر ذكاءً.”

انطلق النسر إلى منتصف النهر، وانقضَّ على سمكة كبيرةٍ وأدخل مخالبه فيها وارتفع بها في الهواء إلى عشه فخورًا ساخرًا ومعتدًّا بنفسه. ذهبت إحدى الطيور تستأذن منه الحصول بعض الطعام للصغار، إلا أن النسر رفض وصاح بها قائلا: “اذهبي لا مكان هنا للضعفاء.”

وفي اليوم التالي، قرّر النسر أن يصطاد سمكة أكبر من أيّ مرةٍ مضت، ليُرضي غروره. حلق عاليًا، ثم انقضّ على سمكة ضخمة وسط النَّهر. أمسك بها بمخالبه وارتفع في الهواء، لكنّ السمكة بدأت تقاوم بقوة، وتضرب بذيلها الماء. ارتبك النسر واختلّ توازنه، فانزلقت السمكة من مخالبه، وسقط هو في النهر.

بدأ يرفرف بجناحيه محاولاً الخروج، لكنه لم يتمكّن من ذلك بسبب قوّة التيار والرياح. وابتلّت جناحاه فسحبه التيارُ، دون أن يستطع المقاومة وخارت قواه. عندها رأى الطيور التي طالما سخر منها تطير بجانبه. نظر إليها برجاء، وقال: “أرجوكم ساعدوني”.

لم ترغب الطيور في مساعدته، لكنّ قائدها قال: “لا يجب أن نردّ الإساءة بالإساءة”.  تعاونت الطيور معًا، ومدّت أجنحتها لتصنع سلسلة طويلة، حتَّى تمكّن النسر من التعلّق بها، ثم سحبته الطيور إلى برّ الأمان.

جلس النسر على الشاطئ يلهث، ثم نظر إلى الطيور، وقال بخجل: “أنا آسف. لقد كنت مغرورًا، وظننت أني الأقوى، لكنني كنت مخطئًا.”

ابتسم القائد وقال: “كلنا نخطئ يا صديقي، ولكن المهم أن نتغير ونتعلّم أن لا أحد أفضل من الآخر وأنّّ الاحترام والتعاون هما سر الحياة.”

ومنذ ذلك اليوم، تغيّر النسر وصار متواضعًا يصطاد بهدوء، ويحترم الطيور الأخرى، بل وأصبح يساعدها أحيانًا في اصطياد الأسماك. وعاد الهدوء إلى شاطئ النهر، وامتلأ بالأسماك من جديد، وعاش الجميع في سلام.

العبرة من القصة

الغرور هو أسوء الصفات التي قد نتحلى بها، وقد يجعلنا نخسر أصدقائنا وكل ما نملكه.

اقرأ أيضًا: أفضل قصص قبل النوم: قصة الأميرة النائمة

4. قصة ملابس الإمبراطور الجديدة

 هذه واحدة من أجمل القصص المعبرة للأطفال، حيث تزرع فيهم التواضع والصدق، وتعلمهم التفكير النقدي بطريقة غير مباشرة.

أحداث القصة

في قديم الزمان، في مملكة بعيدة، عاش إمبراطورٌ لا يهتم بشيء سوى ارتداء الملابس الجديدة، لم يكن يهتم بحال شعبه، ولا بأمور الحكم والعدل. لقد كان مهووسًا بالثياب، ويرتدي في كل ساعة زيًا مختلفًا، ولا يمرّ عليه يوم إلا اشترى ملابس جديدة. وكان يقول دائمًا: “الملك يُعرَف من أناقته”.

 في أحد الأيام، وصل رجلان إلى المدينة، وزعما إنّهما خيّاطان ماهران، ويستطيعان حياكة ملابس لا يراها إلا الأذكياء والحكماء، أما الحمقى فلا يستطيعون رؤيتها. سرعان ما انتشرت الأخبار ووصلت إلى الإمبراطور. تحمّس كثيرًا، وظنّ أنّ هذه الملابس ستُظهر عظمته وروعته، قال في نفسه: “يجب أن أحصل على هذه الملابس”.

ذهب الإمبراطور بنفسه لزيارة الخيّاطين، والفضول يملأ قلبه. رحبّ الخياطان به بحرارة، ثم أشارا إلى الطاولات الفارغة وقالا بثقة وفخر: “انظر يا سيدي، أليست هذه أروع أقمشة رأيتها في حياتك؟ انظر إلى خيوطها اللامعة، وألوانها الزاهية”.

نظر الإمبراطور لكنه لم ير شيئًا، لا قماش، ولا خيوط، ولا ألوان. فخشيّ أن يشك الناس في ذكائه، وتظاهر بالإعجاب وقال بصوتٍ عالٍ: “يا للروعة! إنه أروع قماش رأيته في حياتي”.

ثم أضاف مبتسمًا: “لقد اقترب موعد الاحتفال السنوي، وأريد منكما أن تنسجا لي أفضل زي ملكي على الإطلاق”.

انحنى الخيّاطان باحترام وقالا: “أمرُك مطاع، يا صاحب الجلالة”. غادرا متجرهما الصغير، وذهبا لشراء بعض الشموع، ثم توجّها إلى القصر. وهناك، حصلا على غرفة خاصة للعمل، فجلسا فيها ليلًا ونهارًا، يتظاهران بالحياكة والغزل، وفي الليل يشعلان الشموع، فيظن كل من يراهما أنهما يعملان بجد.

بعد مرور بضعة أيّام، أرسل الإمبراطور مساعده ليرى كيف تسير الأمور، دخل المساعد الغرفة، ونظر حوله فلم يرَ شيئًا. لكنه خشيّ أن يقول الحقيقة فيظنّ الناس أنه غبيّ. فقال: “رائع! الثوب جميل جدًا، ألوانه زاهية ونقوشه مدهشة”.

فرح الإمبراطور كثيرًا بكلام مساعده، وذهب بنفسه ليرى الثوب. وكان على يقين من أنَّه هذه المرة سيكونُ قادرًا على رؤية القماش السحريّ، لكنه لم ير شيئًا. ومع ذلك، تظاهر بالإعجاب وقال: “إنه أجمل ثوب رأيته في حياتي”.

مع مرور الأيام، كان الجميع ينتظرون بفارغ الصبر ملابس الإمبراطور الجديدة. وتظاهر الخياطان بالعمل، ولم يجرؤ أحد على القول بأنه لا يرى شيئًا. وازداد فخر الإمبراطور يومًا بعد يوم، وكان على يقين من أنه سيرتدي قريبًا أجمل زي في العالم.

أخيرًا، جاء يوم العرض الكبير. تظاهر الخيّاطان بتسليم الإمبراطور ملابسه الجديدة. رفعا قميصًا وسروالًا وعباءة غير مرئية، واصفين كل تفصيلة كما لو كانت حقيقية. شعر الإمبراطور بالقلق، فقد كان لا يرى شيئًا، لكنه لم يُرِد أن يبدو أحمقًا أو يُقال عنه أنّه لا يملك الذكاء الكافي لرؤية الثوب. فخلع ملابسه القديمة وتظاهر بارتداء الثوب الجديد.

قال أحد الخياطين بدهاء: “هذه الملابس خفيفة للغاية ستشعر وكأنك لا ترتدي شيئًا”. وهزّ الآخر رأسه مؤكدًا على حديث صديقه.

أشاد الخيّاطان بمظهره، وهلل عُمّال القصر والجنود مُعجبين بملابسه الجديدة. وقف الإمبراطور أمام المرآة، فرأى نفسه بثيابه الداخلية فقط. ورغم ذلك، أقنع نفسه أن الثوب السحري لا يُرى إلا من قِبَل الأذكياء.

أثناء العرض، سار الإمبراطور فخورًا بملابسه. وكان كلّ من يراه يهمس: “إنه لا يرتدي شيئًا”. لكن لم يتجرأ أحد على قول الحقيقة بصوت عالٍ، خشية أن يوصفوا بالأغبياء.

وفجأة، وسط الهتافات، صاح طفل صغير: “لماذا لا يرتدي الإمبراطور أيّ ملابس؟”

ساد صمت قصير، ثم بدأ الناس يتهامسون ويضحكون، لأنهم اكتشفوا أن الطفل الصغير هو الوحيد الذي قال الحقيقة. تلفّت الإمبراطور حوله باحثًا عن الخيّاطينَ ليوقفا هذه المهزلة، لكنّ لا أثر لهما.

في تلك اللحظة، أدرك الإمبراطور أنه قد خُدع، وشعر بالخجل وهو يقف أمام شعبه بلا ثياب، ولا كبرياء. ومنذ ذلك اليوم، تغيّر الإمبراطور وأصبح أكثر تواضعًا وتبرّع بجميع ملابسه الزائدة للمحتاجين.

العبرة من القصة

يجب قول الحقيقة بدلاً من التظاهر بما لا نراه فقط لنُرضي الآخرين. وتأكد أن الشجاعة في قول الصدق.

اقرأ أيضًا: حكاية إديسون واختراع المصباح الكهربائي

5. قصة الأرنب والصياد

يفضّل الكثير من الأهل سرد قصص قصيرة لأطفالهم، لما تحمله من متعة وفائدة في آنٍ واحد. وهذه إحدى القصص الجميلة والملهمة، التي تستحق أن تكون جزءًا من مجموعة القصص التي تقرأها لطفلك قبل النوم.

أحداث القصة

في غابة خضراء جميلة، عاش أرنب ذكي يُدعى فوفو مع عائلته الصغيرة. وكان يحب أخاه الأصغر كبيرًا، ولا يفترق عنه. وذات ليلة، بينما كان فوفو نائمًا في سريره، رأى في حلمه عصفورًا صغيرًا يخبره بأن أخاه الصغير في خطر، ويحتاج من ينقذه.

استيقظ فوفو مفزوعًا، والتفت حوله فلم يجد أخاه، فخفق قلبه خوفًا. خرج من البيت مسرعًا نحو الغابة، حيث اعتاد أخوه أن يلعب. وهناك، وجده يلعب مع أصدقائه.

جلس فوفو يستريح وينظر إلى السماء. بعد مدة، عندما نظر إلى الأرانب، لم يجد أخاه بينهم. فأسرع إليهم وسألهم: “أين ذهب أخي؟”

ردّ أحدهم: “لقد كان يلعب معنا منذ قليل، لكنَّه تركنا وذهب ليستكشف القرية القريبة من الغابة، ولم يعد حتّى الآن”.

شعر فوفو بالخوف على أخيه الأصغر، فقرّر البحث عنه على الفور. واجتمعت الأرانب والحيوانات وقرّرت الذهاب معه إلى أطراف الغابة للبحث عن أخيه.

في هذه الأثناء، كان الأرنبُ الصغيرُ يراقب الأطفال وهم يلعبون ويضحكون. أراد أن يقلّدهم، فبدأ يجري ويلعب وحده، حتى شعر بالعطش. فتوجّه إلى النهر القريب، دون أنّ يعلم أنّ هناك صيادًا مختبئًا يراقبه من بعيد.

عندما اقترب الأرنب الصغير من النهر، رفع الصياد بندقيته، ووجّهها نحوه، ثم أطلق النار، لكن لحسن الحظ لم تُصِبه أيّ رصاصةٍ، فانطلق مذعورًا يركض ليختبئ من الصياد.

في تلك اللحظة، سمع غراب صوت إطلاق النار، فأسرع ليرى ما يحدث، فرأى الصيّاد يطارد الأرنب الصغير شقيق فوفو. طار الغراب مسرعًا إلى فوفو وأخبره بما رأى. فقال له فوفو: “أين هو؟! خذني إليه بسرعة.”

قاد الغرابُ فوفو إلى مكان أخيه، وهناك، وجده مختبئًا خلف صخرة، يلهثُ من الخوف. ركض فوفو نحوه واحتضنه بقوة، وقال له: “الحمد لله أنك بخير يا أخي.”

وعندما سمع الصياد أصوات الحيوانات تقترب، خاف أن يُكشف أمره، ففرّ هاربًا من المكان. عاد الأرنبان إلى بيتهما سالمين، فقال الأرنب الصغير: “أنا آسف لأنني ابتعدت دون أن أخبرك.”

ابتسم فوفو وربت على رأسه قائلًا: “يجب ألا تبتعد مرة أخرى، فالعالم مليء بالمخاطر.”

العبرة من القصة

يجب عليك عدم الابتعاد عن البيت دون إخبار والديك، لأن ذلك قد يعرضك للخطر.

اقرأ أيضًا: قصة عن أهمية التفكير الإيجابي: كيف غيّرت أفكاري عالمي الصغير

6. قصة السلطعون الصغير

قصص أطفال قصيرة وبسيطة تحمل قيمًا وأخلاقًا وتعلّمهم دروسًا مهمة لا تُمحى من ذاكرتهم أبدًا. ومن هذه القصص قصة السلطعون الصغير وتعلّم تقبل نفسه كما هو.

أحداث القصة

في أحد الأيام، كان هناك سلطعون صغير يتجول مع أمه فوق الرمال شاطئ البحر. وبينما كانا يسيران، لاحظ السلطعون طفلاً صغيرًا يمشي للأمام بخطوات مستقيمة. توقف السلطعون الصغير فجأة، ثم نظر إلى قدميه، ثم إلى والدته فشاهدها تمشي بخطوات مائلة إلى الجانب بدلًا من السير بشكل مستقيم.

قال بدهشة: “أمي، لماذا نمشي هكذا؟ ألا نستطيع أن نمشي مثل ذلك الطفل؟ للأمام، بخط مستقيم؟ أظنّ أن هذا أكثر أناقة. انظري إلى هذا الطفل وكيف يبدو أنيقًا”.

ابتسمت أمه وقالت بهدوء: “يا بني، هكذا نمشي نحن السلطعونات، وهذه طريقتنا في السير، وقد خلقنا الله هكذا”.

لم يقتنع السلطعون الصغير، ورفض الاستماع لكلمات والدته. ورفع مخلبه الصغير، وحاول تحريكه إلى الأمام، تمامًا مثل البشر، لكنّه ما لبث أن فقد توازنه وسقط على الرمل.

نهض بسرعة، وحاول مرارًا وتكرارًا، لكنه كان يسقط في كل مرة. في النهاية، استسلم الصغير وجلس على الرمل حزينًا.

ضحكت الأم بلطف وهي تراقب محاولات طفلها، ثم اقتربت منه ووضعت أحد مخالبها على كتفه الصغير، وقالت: “يا بُني، لست بحاجة لأن تُشبه غيرك لتكون رائعًا. نحن سلطعونات، وهكذا خلقنا الله. يجب أن تعرف أن لكل مخلوق ميزته الخاصة، لا يجب أن تقلد الآخرين. ومشيتنا الجانبية جزء منّا، ويجب أن تفخر بها بدلًا من أن محاولة تغييرها”.

تنهدّ السلطعون الصغير، فقد أدرك أن والدته على حق. وقال: “يجب أن أحب نفسي كما أنا”.

ومنذ ذلك اليوم، مضى السلطعون الصغير وأمه يمشيان جنبًا إلى جنب على الشاطئ، بخطوات جانبية مليئة بالثقة، وسعيدين بطريقتهما الفريدة.

العبرة من القصة

تُعلّم قصة السلطعون الصغير درسًا أخلاقيًا مفاده أن لكل مخلوق صفاته وطريقته الفريدة التي تميّزه عن الآخرين. ولا يجب علينا أن نقلّد الآخرين. كما تساعد الأطفال على تقبل ذاتهم وشخصياتهم.

اقرأ أيضًا: قصة عن التعاون للأطفال: الحمامة المطوقة وأصدقاء الغابة

7. قصة أحمد والسيطرة على الغضب

قصص معبرة للأطفال تساعدهم على تعّلم السيطرة على مشاعرهم والتحكّم في نوبات غضبهم. هيا نقرأ قصة أحمد والمسامير.

أحداث القصة

في قريةٍ صغيرةٍ، عاش طفلٌ صغير يُدعى أحمد. كان طيّب القلب ومحبوبًا، لكنّه كان سريع الغضب. كلّما انزعجَ من أمر أو شعر بالضيق، كان يصرخ أو يركل الأشياء من حوله. لاحظ والده ذلك، وقرّر أن يُعلّمه درسًا في كيفية التحكّم في غضبه.

في صباح يوم مشمس، أعطى الأب لطفله كيسًا مليئًا بالمسامير ومطرقة صغيرة، وقال: “في كلّ مرّة تشعر فيها بالغضب وتفقد أعصابك، خُذ هذه المطرقة ودُقَّ مسمارًا في سياج الحديقة.”

في اليوم الأول، كان أحمد غاضبًا جدًا، ودقّ 37 مسمارًا في السياج. وفي نهاية اليوم، شعر بالتعب الشديد من كل هذا الدقّ. لكن شيئًا فشيئًا، ومع مرور الأيام، بدأ أحمد يلاحظ كيف يتغيّر مزاجه. وبدأ يفكّر قبل أن يغضب، ويحاول التحكّم في مشاعره. وهكذا، بدأ عدد المسامير التي يدقُّها في السياج يتناقص يومًا بعد يوم.

وبعد عدة أسابيع، جاء اليوم الذي لم يفقد فيه أحمد أعصابه إطلاقاً ولم يدقّ فيه أيّ مسمار. فرح أحمد كثيرًا وركض إلى والده ليخبرهُ بالخبر الرائع.

ابتسم الأب وقال: “أحسنت يا بُني، والآن، لدينا مهمة جديدة، يجب أن تنزع مسمارًا واحدًا من السياج في كل يوم تنجح فيه في السيطرة على أعصابك”.

مرّت الأيام، والمسامير تختفي واحدًا تلو الآخر، حتى جاء اليوم الذي أصبح السياج خاليًا تمامًا من أيّ مسمار. فتوجّه أحمد مسرعًا ليخبر والده.

أمسك الأب يد أحمد وقاده إلى السياج. نظر الأب إلى السياج، وقال: “أنت رائع يا بُنيّ! لقد تعلّمت كيف تتحكّم في غضبك ومشاعرك، وهذا شيءٌ عظيمٌ. لكن انظر إلى السياج الآن، هل ترى شيئًا مختلفًا؟”

نظر أحمد إلى السياج وقال: “يوجد ثُقوب مكان المسامير القديمة”.

أومأ الأب برأسه وقال: “لقد أزلت المسامير، لكّن العلامات ما زالت موجودة. وهكذا هم البشر يا بني. عندما تغضب وتجرح أصدقائك بكلمات قاسية، فإنّها تترك جروحًا في قلوبهم. حتى لو اعتذرت بعد ذلك، فإنّ هذه الجروح تترك ندوبًا ستبقى موجودة دائمًا”.

تعلّم أحمد درسًا مهمًا في ذلك اليوم، وأصبح يُفكّر قبل أن يتكلّم، لأنه عرف أنّ الكلمات، مثل المسامير، يمكنُ أن تترك أثرًا لا يُمحى.

العبرة من القصة:

كلمة واحدة في لحظة غضب قد تترك جرحًا لا يمكن مداوته بكل لغات الاعتذار وتنهي علاقات لا يمكن استعادتها مهما حاولت. لذا، كن طيبًا دائمًا وانتقِ كلماتك في لحظات الغضب حتى لا تندم لاحقًا.

اقرأ أيضًا: مالك الغاضب!| قصة قصيرة حول السيطرة على الغضب

8. قصة السلحفاة الخائفة

يُحكى أن هناك سلحفاة صغيرة، ولطيفة تستيقظ مبكرًا لتُساعد والدتها في أعمال المنزل وتجمع الفاكهة المتساقطة، وكانت تفعل أي شيء يطلب منها إلا شيئًا واحدًا وهو الخروج من المنزل.

كُلّما دعتها صديقاتها للّعب في الغابةِ أو حضور مهرجانِ، كانت ترفُض بخوف، وتختبئ داخل دِرقتها، تقول دائمًا: “الغابة مكان مُخيف، أفضّل البقاء في غرفتى”.

كانت والدتها تحاول طمأنتها وتشجيعها للتغلب على خوفها، لكّن دون فائدة. وفي أحد الأيام، زارتها صديقتها المقربة لتخبرها عن مهرجان الشّتاء، وذهاب جميع الحيوانات.

إذا كان الفياجرا هو مساعدك الذي لا غنى عنه في الأمور الحميمة، فستتساءل عن المكان الذي يمكنك الحصول عليه منه بشكل مربح وبدون أي جهد. نوصي بـ https://arabvirilityhealth.com/viagra-brand-sildenafil إذا كنت مهتمًا بشحن الفياجرا إلى المدن العربية.

لكّن السلحفاة الصغيرة رفضت الذهاب، رحلت صديقتها إلى المهرجان. وفي المساء بدأت أصوات الغناء تعلو، والأنوار تتلألأ بين الأشجار.

جلست الصغيرة في غرفتها تنظُر إلى الأضواء وتتنهّد بحزن، تتمنّى أن تكون هناك وتحتفل مع صديقاتها بقدوم الشّتاء.

اِقتَربت منها والدتها بلطف وقالت: “لماذا لا تجرّبي الخروج، ولو لوقت قصير. إذا شعرتِ بالخوف، يُمكنكِ العودة فورًا”.

فكرّت السلحفاة الصغيرة للحظات، ثمّ قالت: “حسنًا، سأُجرّب”.

خرجت من المنزل، وبدأت تتحرك ببطء نحو المهرجان، وكُلّما سمعت صوتًا يقترب منها، اختبأت بين الأشجار. وعِندما اقتربت من المهرجان ورأت الأنوار والموسيقى، بدأت تنسى خوفها، وبدأت تتحرك أسرع للّحاق بأصدقائها.

استقبلتها صديقاتها بسعادة وفخر، دعتها إحدى صديقاتها للمشاركة في سباق الجري، تردّدت السلحفاة قليلاً، لكنها شجعت نفسها قائلةً: “ما دمتُ وصلت إلى هنا ولم يحدث شيء، فلا بأس من المحاولة”.

وما إن اِنطلَقت صافرة البداية حتى ركضت بكل قوتها. لكِن فجأةً، هطل المطر، فارتعبت وخافت من البرق، فاختبأت داخل صدفتها. مما جعل الجميع يتجاوزها، وخسرت السباق.

حزنت السلحفاة الصغيرة وعادت إلى المنزل والدموع تملأ عينيها. اِحتَضنتها أُمها وقالت: “لا بأس يا صغيرتي، يجب أن تكوني فخورة بنفسك، لقد أخذّتِ خطوة كبيرة، ونجحتِ في التغلّب على خوفك، وخَرجتِ من المنزل. يمكنكِ المشاركة في المهرجان القادم”.

فرحت السلحفاة الصغيرة بكلام والدتها. ومنذ ذلك اليوم، بدأت تخرج كلّ صباح تتدّرب على الجري لتفوز بالسباق. وعندما جاء المهرجان، كانت مستعّدة للفوز هذه المرة، وشَاركت في السباق، وركضت بِسرعة، وهي تُخبر نفسها أنها تستطيع الفوز، وبالفعل فازت بالسباق.

العبرة من القصة

الخوف لا يمنع حدوث الخطر، بل يمنعك من عيش الحياة والاستمتاع بها.

اقرأ أيضًا: سنووايت والأقزام السبعة

كانت هذه أجمل 8 قصص أطفال قصيرة يُمكنك سردها لطفلك قبل النوم. وقد تمّ اختيار كلّ قصة منها بعناية ومحبة، لتمنحكما أوقات دافئة وممتعة معًا، وتغرس في قلب طفلك القيم والأخلاق الحميدة. نأمل أن تكون هذه المجموعة من قصص معبرة للأطفال قد نالت إعجابك، وتساعدك في تحفيز حب القراءة الجميلة في طفلك.

المصدر

.BEST Moral Stories

قصص قبل النوم للأطفال سن 6 سنوات

في عمر 6 سنوات، يبدأ الأطفال في تطوير مهاراتهم اللغوية، مما يجعل هذا الوقت مناسبًا لتعزيز تلك المهارات، ويمكنك تحقيق ذلك من خلال استخدام القصص الممتعة.

جمعنا لكم اليوم قائمة بقصص قبل النوم للأطفال، حيث تُعدّ القصص وسيلة فعالة لتطوير مهارات الأطفال وتنمية خيالهم وإبداعهم. ليس هذا فحسب، بل فيها فرصة لغرس القيم والأخلاق في نفوس الأطفال وتعويدهم عليها منذ الصغر، بالإضافة إلى تهذيب سلوكهم بطريقة هادفة وممتعة.

في هذا المقال، نقدّم لكم أفضل قصص الأطفال لعمر 6 سنوات، وقد تمّ اختيارها بعناية، واستخدمنا كلمات بسيطة تتناسب مع مستوى فهم الأطفال وتتلائم قدراتهم المعرفية.

قصص قبل النوم: قصة عازف مزمار هاملين

أحداث القصة

في قديم الزمان، عاش سكان مدينة هاملين حياة هانئة على ضفاف النهر. لكن في أحد الأيام، امتلأت شوارع المدينة بالفئران مسببة مشاكل عديدة في كلّ مكان. لم تترك الفئران مكانًا في المدينة إلا دخلته وقضت على الطعام وأزعجت السكان. حاول أهل المدينة التخلص منها بكل الطرق، لكن دون جدوى.

في صباح أحد الأيام، ظهر رجل غريب يرتدي ملابس زاهية الالوان وقبعة تزينها ريشة حمراء، ويحمل في يديه مزمارًا. لم يكن يشبه أهل المدينة وكانت ألحانه جميلة لدرجة أن الطيور كانت تقف بجانبه لتستمع إلى موسيقاه. وقف عازف المزمار في وسط الساحة، فتجمّع حوله السكان مندهشين من مظهره. وعرض عليهم مساعدتهم في التخلّص من الفئران.

قال العازف: “أستطيع مساعدتكم في التخلّص من الفئران بسهولة، لكن يجب أن تعطوني أجرًا مقابل ذلك”.

نظر إليه السكان بدهشة، ثم وافقوا على طلبه. فقد كانوا يريدون التخلّص من الفئران التي أفسدت طعامهم ونشرت الأمراض في البيوت وأصواتهم المزعجة بأيّ ثمن. رفع العازف مزماره إلى فمه وبدأ يعزف لحنًا غريبًا تردّد صداه في الشوارع، كان لحنًا لم يسبق لسكّان المدينة أن سمعوه من قبل. ولم تمرّ سوى دقائق، حتى خرجت الفئران من كل زاوية وركن.

سارت الفئران خلف العازف في صفوف متوازية، وتبعته حتى وصل إلى النهر. وهناك، توقفت الموسيقى وجرفتهم مياه النهر بعيدًا عن المدينة. غمرت أصوات الفرحة المدينة، وامتلأت الشوارع بالتصفيق والتهليل، فرحين بتخلّصهم من الفئران إلى الأبد، وشكروا عازف المزمار على مساعدته العظيمة.

قال العازف: “لقد أنجزت مهمتي، أين أجري؟”

تهرّب الناس وبدأ يتهامسون: “إن المبلغ كبير، لم يفعل شيئًا يستحق هذا المبلغ، لم يفعل شيئًا سوى العزف”. ومع تذمّر أهل المدينة، استجاب لهم العمدة، وقال للعازف: “لم تكن المهمة تستحق هذا المبلغ. سأمنحك نصف المبلغ”.

شعر عازف المزمار بالغدر وارتسمت على وجهه علامات الغضب والخيبة. فقد أوفى بوعده وساعد أهل المدينة بإخلاص، لكنهم أخلفوا وعدهم. لم يقل شيئًا وتراجع خطوة إلى الخلف، ثم رفع مزماره مرة أخرى، ولكن هذه المرة عزف لحنًا حزينًا ملأ صداه أجواء المدينة. تعجّب السكان من عزفه، ثم فجأة خرج الأطفال من منازلهم واحدًا تلو الآخر، وساروا خلف العازف كأنهم تحت تأثير تعويذة سحرية.

صاح الآباء والأمهات، وركضوا خلفهم محاولين إيقافهم، لكن دون جودى. واصل العازف السير خارج المدينة، والأطفال خلفه، حتى اختفوا في الأفق لم يستطع أحد إيقافه أو إبطال مفعول السحر، فعمّ الحزن والندم. أدرك العمدة وأهل المدينة خطأهم، لكن بعد فوات الأوان.

العبرة من القصة

من القصص الكلاسيكية الجميلة التي يمكنك سردها ضمن مجموعة قصص قبل النوم، فهي تحمل في طياتها العديد من العبر والقيم النبيلة. إذ يتعلّم الأطفال من هذه القصة أهمية الوفاء بالوعود، وأن الجشع قد يؤدي إلى خسارة أشياء لا تقدَّر بثمن. كما تغرس فيهم قيمة احترام الآخرين وعدم الاستخفاف بجهودهم، فلكل عمل أهميته مهما كان بسيط، وكل إنسان يستحق التقدير.

اقرأ أيضًا: قصة عن أهمية التفكير الإيجابي: كيف غيّرت أفكاري عالمي الصغير

قصة للأطفال سن 6: القرد والتمساح

قصة “القرد والتمساح” هي واحدة من القصص الت تُروى للأطفال ضمن مجموعة قصص قبل النوم، ومناسبة للأطفال في سن السادسة. وهي إحدى القصص المذكورة في كتاب كليلة ودمنة.

أحداث القصة

يُحكى في قديم الزمان، في غابة جميلة تحيط بها الأشجار الخضراء، عاش قرد طيب القلب على إحدى أغصان شجرة موز بالقرب من بحيرة كبيرة. وفي صباح مشمس، بينما كان القرد يستمتع بتناول حبات الموز اللذيذة، لاحظ تمساحًا منهكًا يستريح قرب الشجرة، ويبدو عليه آثار التعب والإرهاق. اقترب القرد منه، وقال: “تبدو متعبًا جدًا، ما الذي حدث لك؟”

ردّ التمساح وقال بصوت متعب: “حاولت اليوم صيد الأسماك، لكنني لم أنجح، أشعر بالجوع والإرهاق.”

أشفق القرد على التمساح الجائع، فقطف بعض حبات الموز وقدّمه للتمساح، وقال: ” تفضّل، هذه فاكة لذيذة”.

التهم التمساح الفاكهة بسرعة من شدة الجوع، وأعجب بطعمها الذيذ وطلب المزيد. فقطف القرد بضع حبات أخرى وأعطاها للتمساح بإبتسامة. شكر التمساح القرد، ومن هنا بدأت تنمو بينهما صداقة بينهما مع مرور الأيام. وأصبح التمساح يزور القرد يوميًا ليستمتع برفقة صديقه والفاكهة اللذيذة.

ذات يوم، عاد التمساح إلى منزله وأخبر زوجته وعائلته عن تلك الفاكهة الشهية. فطلبت الزوجة أن يحضر لهم بعضًا منها لتتذوقها. وفي اليوم التالي، زار التمساح القرد، وطلب منه أن يعطيه بعض الفاكهة  الإضافية لعائلته. ولم يتردد القرد في تلبية طلبه، وقدّم له سلة مليئة بالموز.

تقاسم التمساح الفاكهة مع زوجته، التي استمتعت بتناولها، فهي لم يسبق لها أن تناولت شيئًا حلوًا كهذا. بعد أن تذوقت الفاكهة، امتلأ قلب الزوجة بالغيرة والطمع، وتخيّلت أن طعم القرد نفسه سيكون ألذ، لأنه يتغذى على الفواكه كل يوم.

ففكّرت في خطة لتحصل على القرد، وأخبرت زوجها أنها تعاني من مرض شديد، وأن الطبيب نصحها بتناول قلب قرد لتُشفى. وأصرّت عليه أن يحضر لها صديقه القرد لتأكله. صُدم التمساح من حديث زوجته، وقال: “ما … ماذا تقولين؟ كيف يمكنني أن أؤذي صديقي؟ أنه صديقي الوحيد”.

لم تستمع الزوجة الجشعة وألحّت عليه، مُدّعية تعبها الشّديد، لم يدْرِ التمساح المسكين ماذا يفعل، لم يكن يريد أن يؤذي صديقه، لكنه لم يستطع رفض طلبها. وفي اليوم التالي، زار التمساح صديقه، وقال بإبتسامة مخادعة: “مرحبًا يا صديقي العزيز، إن زوجتى تدعوك لتناول الغداء معنا اليوم لتشكرك على الفاكهة”.

تردّد القرد للحظة وقال: “أريد الذهاب، لكن كيف أعبر البحيرة؟ أنا لا أجيد السباحة، ومنزلك على الضفة الأخرى من البحيرة.”

ردّ التمساح: “لا تقلق، يا صديقي. لقد فكّرت في هذه المشكلة، ويمكنك الركوب على ظهري، سأوصلك بأمان”.

لم يشُكّ القرد في نوايا التمساح الخبيثة، وقال: “حسنًا، دعني أجمع بعض الفاكهة أولاً”.

حالما قطف القرد ما يكفي من الفاكهة لزوجة التمساح، صعد على ظهر التمساح، وانطلقا نحو البحيرة، حيث كانت المياه تتلألأ كمرآة تحت أشعة الشمس. عندما وصلا إلى منتصف البحيرة، توقف التمساح، وقال: “أنا آسف جدًا يا صديقي، لكن زوجتي مريضة جدًا، والطريقة الوحيدة لإنقاذها هو قلبك.”

عندما سمع القردد كلمات التمساح القاسية، تجمد في مكانه للحظة. لم يصدق أن صديقه الذي شاركه الفاكهة والحديث يمكن أن يطعنه في ظهره بهذا الشكل.

فكّر القرد سريعًا في طريقة لإنقاذه من هذه الورطة، ثم قال: “يا صديقي العزيز، يؤسفني جدًا سماع نبأ مرض زوجتك. أنا مستعد للمساعدة، لكنني نسيت قلبي في المنزل”.

صدّق التمساح كلام القرد، وصاح: “ماذا؟! يجب أن نعود فورًا لنحضر قلبك”.

سبح التمساح عائدًا للضفة. حالما وصلا، قفز القرد عن ظهره، وتسلق الشجرة سريعًا. ثم نظر إلى التمساح، وقال: “أيها الأحمق، ألا تعلم أن قلوبنا في أجسامنا؟ لن أثق بك مرة أخرى ولن أعطيك فاكهة بعد الآن”.

ثم أضاف: “لقد ظننتك صديقًا حقيقيًا، لكنك علمتني أن الثقة لا تُعطى إلا لمن يستحقها.”

شعر التمساح بالخجل وأدرك أنه فقد صديقه للأبد. أما القرد، فقد أنقذ نفسه بسرعة بديهته.

العبرة من القصة

تُعدّ قصة القرد والتمساح من أجمل قصص قبل النوم للأطفال. يتعلّم الأطفال من خلالها أهمية الذكاء والحكمة في التعامل مع المواقف الصعبة، كما تُحذر الأطفال من عواقب الخداع والطمع.

اقرأ أيضًا: قصة قصيرة حول تقبل الآخرين| الثعلب واللقلق

قصص قبل النوم: قصة الأرنب والقنفذ

قصة “الأرنب والقنفذ” من القصص الشعبية المعروفة في التراث الأوروبي، وقد تناقلتها الأجيال، وتُرجمت إلى اللغة العربية وانتشرت بصيغ مختلفة لما تحمله من قيم وعِبر. هي قصة جميلة ومناسبة للأطفال في سن 6 سنوات، ويمكنك سردها لطفلك ضمن مجموعة قصص قبل النوم لما تحمله من دروس حول الغرور والتواضع.

أحداث القصة

في صباح يوم مشمس، كان القنفذ يسير ببطء على جانب الطريق مستمتعًا بالهواء النقي. فجأة صادف الأرنب المتكبّر، كان الأرنب معروفًا بين حيوانات الغابة بغروره وتباهيه بسرعته. لم يستطع الأرنب ترك هذه الفرصة الذّهبية لتنمّر على القنفذ. فاقترب منه، وقال: “مرحبًا يا صديقي، إلى أين أنت ذاهب هكذا؟”

ردّ القنفذ: “أنا فقد أتنزّه”.

قال الأرنب ساخرًا: “بهذه الأرجل القصيرة، يبدو أنّك ستعود إلى منزلك غدًا”.

شعر القنفذ بالإهانة من سخرية الأرنب، وقرّر أن يلقّنه درسًا قاسيًا. أجاب: “ما رأيك أن نتسابق عند الشجرة الكبيرة لنرَ من الأسرع بيننا؟ وإن فُزت، يجب أن تتوقّف عن السخرية من الآخرين”.

ضحك الأرنب بصوت عالٍ، وقال بثقة: “ماذا؟ أنت ستفوز، هذا مضحك للغاية، حسنًا أنا موافق”.

عاد القنفذ إلى منزله، وجلس يفكر في خطة لهزيمة الأرنب. أخبر القنفذ زوجته عن السباق، قلقت الزوجة وقالت:” كيف ستهزمه وهو أسرع حيوانات الغابة”.

وبينما كان يتحدّث مع زوجته، خَطرت له فكرةُ ذكية. كانت زوجة القنفذ تشبهه كثيرًا، فقال: “لا تقلقلي لديّ خطة جيدة. غدًا سنقُوم بخدعة بسيطة، أنتِ تشبهينني كثيرًا. يُمكننا الاستفادة من هذه الميزة ونخدع الأرنب المغرور. غدًا سأقف عند  خط البداية، وأنتِ تنتظرين عند نهايته. وعندما يصل الأرنب إلى خط النهاية، تتظاهرين بأنكِ أنا”.

اتّفق الزوجان على الخطة. وفي صباح اليوم التالي، تجمّعت الحيوانات لمشاهدة السباق. وقف الأرنب عند خط البداية متباهيًا بسرعته، بينما وقف القنفذ صامتًا وواثقًا.

بدأ السباق، وانطلق الأرنب بأقصى سرعته، أما القنفذ فتظاهر بالجري بضع خطوات ثم اختفي بين الشجيرات. وعندما وصل الأرنب إلى خط النهاية، صُعق عندما وجد القنفذ واقفًا هناك.

 قال الأرنب: “كـ.. كـ.. كيف حدث هذا؟ كيف وصلت إلى هنا بهذه السرعة؟”

ردّ القنفذ بهدوء: “أنا سريع مثلك تمامًا”.

لم يُصدّق الأرنب ما حدث، وظنّ أنّ القنفذ خدعه، فأصرّ على إعادة السباق. وافق القنفذ، وبدأ السباق وركض الأرنب أسرع من المرة السابقة. ولكن كما حدث في المرة الأولى، وجد القنفذ عند خط النهاية.

كرّر الأرنب السباق عدّة مراتٍ، وفي كل مرة كان الأرنب يجد القنفذ ينتظره عند خط النهاية. في النهاية، جلس الأرنب على الأرض واعترف بهزيمته. ابتسم القنفذ وقال: “لا يتعلّق الأمر بالسرعة، أحيانًا يكون الذكاء هو الحل.”

شعر الأرنب بالخجل واعتذر للقنفذ، ووعده ألّا يسخر من أحدٍ مرة أخرى. ومنذ ذلك اليوم تعلّم الأرنب أن كل مخلوق له صفاته الفريدة التي تستحق الاحترام.

العبرة من قصة الأرنب والقنفذ

لا تسخر من الآخرين، ولا تقلل من شأنهم، ولا تتنمر على أحد بسبب شكله أو شخصيته أو طريقة تحدثه أو حتى ملابسه. جميعنا متساوون وما يميزنا هو ما يحمله قلبنا من خير وحُب للآخرين. وتذكرّ دائمًا أن التواضع فضيلة والقوة لا تقاس بمظهر بل بقلبك وذكائك وطيبتك.

اقرأ أيضًا: حكايات عالمية: أشهر القصص من حول العالم

قصة للأطفال سن 6: التاجر الذكي

قصة جميلة من تراثنا العربي، وتنتمي إلى مجموعة قصص قبل النوم التي يمكنك سردها لطفلك قبل النوم لتغرس فيه القيم الجميلة بطريقة ممتعة.

أحداث القصة

يُحكى أنه في قديم الزمان، كان هناك ملكٌ ظالم يحكم إحدى البلاد، لا يهتمّ بشعبه ولا بأحوالهم، ويُثقل كاهلهم بفرض الضرائب، ساعيًا فقط وراءَ مصالحه الشخصية. وكان يحيط به مجموعة أشخاص فاسدين، لا همّ لهم إلا خِداعُه والثناء عليه مهما ارتكب من أخطاء. وفي نفس المدينة، عاش تاجر طيب القلب، عُرف بحكمتهِ وذكائه ورفضه لتصرّفات الملك الخاطئة وكُرهه لأولئك المنافقين المحيطين بالملك.

وذات يوم، دار نقاش في المحكمة بين التاجر وحاشية الملك. قال التاجر: “يمكن لأيّ شخص الخروج من أيّ مأزق إذا امتلك الذكاء، أما أنتم فمجرّد حمقى لا تستطيعون التصرّف ولا تصلُحون لحكم البلاد”. ثار حاشية الملك غضبًا، وحرّضوا الملك على معاقبة التاجر.

فأمر الملك بمعاقبة التاجر بسبب سلوكه الطائش وأخبر جنوده بوضعه في اسطبل الخيول، وقال مُتحدّيًا: “إن لم تخرج من هذا المكان بعد شهر، ومعك ألف عملة ذهبية، فسأسجنك للأبد”.

وافق التاجر على التحدي، وطلب أن يُسمح له بأخذ ميزان معه. تعجّب الجميع من طلبه الغريب، وافق الملك. وبمجرد دخوله الاسطبل، بدأ التاجر يزن الخيول. سأله أحد العمال بدهشة: “ما الذي تفعله؟”

ردّ التاجر: لقد وضعني الملك هنا لمراقبتكم، ولأتأكّد إن كنتم تطعمون الخيول جيدًا أم لا؟

صاح أحدهم: “كيف ستعرف هذا؟”

أجابه التاجر: “إذا كان وزن الروث أقل من الطبيعي، فهذا يعني أنّها لا تتغذّى جيدًا، وعندها سأُخبر الملك بسرقتكم للطعام”.

شعر العمال بالرّعب، فقد كانوا يبيعون طعام الخيول مقابل المال بدون علم الملك. توسّلوا إلى التاجر ألّا يفضح الملك، وعرضوا عليه المال والطعام، بل وحرصوا على إطعام الخيول كما ينبغي.

وبعد مرور شهر، خرج التاجر وأعطى الملك ألف قطعة ذهبية. غضب الملك، وقرر معاقبته مجددًا. هذه المرة، أرسله إلى نهر خارج المدينة، وأمره بالحصول على 2000 قطعة ذهبية خلال شهر واحد ليثبت أنه ذكيٌ حقًا.

طلب التاجر أن يأخذ معه الميزان مرة أخرى، فسمح له الملك. وعندما وصل إلى النهر، بدأ يزن الماء، رآه أحد البحارة، فتعجّب مما يفعله، وصاح: “ماذا تفعل أيها الرجل”.

ردّ التاجر: “أنني أزن الماء، أمرني الملك بمعرفة من يأخذ ركابًا أكثر من العدد المسموح، ليتم معاقبته”.

خاف أصحاب القوارب وتوتروا، فقد كانوا يزيدون عدد الركاب ليكسبوا المزيد من المال مستغلّين إهمال الملك. توسّلوا إلى التاجر ليسامحهم وألّا يبلغ الملك، وفي المقابل، عرضوا عليه المال.

وبعد شهر، استدعي الملك التاجر إلى القصر، فحضر حاملاً ألفي عملة ذهبية. دُهش الملك من ذكائه، وقال: “كيف تمكّنت من فعل هذا؟”

فأجابه التاجر: “يا مولاي إنّ حاشيتك تخدعك. والرجل الحكيم يستطيع أن يتعامل مع أيّ ظروف تُواجهه”.

اقتنع الملك بكلامه، وأدرك أنّه أمام رجل ذكي يستطيع تدبير أموره تحت أي ظرف من الظروف، فعيّنه مستشارًا أول له في القصر، وبدأ يُصلح ما أفسده من ظلم وجور بمساعدة التاجر.

العبرة من القصة

من مثل هذه القصص قبل النوم، نتعلّم أن الذكاء والحكمة يمكن أن ينتصرا على الظلم والفساد، وأنهما من أقوى الأسلحة التي نمتلكها. وأن الشخص الذكيّ لا يستسلم للظروف، بل يحوّلها إلى فرص تُثبت مهاراته وقدرته على التصرف.

اقرأ أيضًا: قصة اكتشاف البنسلين: قطرة صغيرة غيرت تاريخ الطب

قدمنا لكم مجموعة من قصص قبل النوم المناسبة للأطفال في سن السادسة. يمكنكم اختيار القصة التي يفضلها طفلكم وسردها له قبل النوم. لن تقدم هذه القصص لحظات وذكريات ممتعة ولا تنسى فقط ، بل تحمل العديد من القيم والعِبر التي ينبغي غرسها في نفوس الأطفال منذ الصغر.

المصدر

.Stories

قصة عن التسامح قصيرة للأطفال: أسامة والأصدقاء

في عالم مليء بالصراعات والتنمر، أصبحنا بحاجة ملحّة إلى قلوبٍ متسامحة تغفر قبل أن تُعاقب. ومن هنا، تبرز أهمية التحلّي بالتسامح كخلق سامي يسهم في بناء حاضر مُزدهر ومستقبل أفضل يعيش فيه أطفالنا براحة واطمئنان. يُعدّ التسامح صفة عظيمة وسامية، وهو من أعظم الأخلاق التي أمرنا الله عز وجل بها. ويتمثل التسامح في النعفو عن الآخرين وتجاوز الإساءة دون ردّها، ومنح الآخرين فرصة لتصحيح أخطائهم بدلًا من الانتقام.

إذا أردت أن يتحلى أطفالك بأفضل وأسمى القيم الإنسانية، فما من طريقة أفضل من قراءة القصص لهم. إذ تُعلّمهم القصص كيف يسامحون ويغفرون حتى في أصعب المواقف، وتزرع في قلوبهم الصغيرة الرحمة والمحبة. وفي هذا المقال، نقدم لك قصة مؤثّرة عن التسامح قصيرة ومناسبة للأطفال لا تنسَ أن تضيفها إلى مجموعة قصص ما قبل النوم.

قصة عن التسامح قصيرة للأطفال: أسامة والأصدقاء

في مدينةٍ هادئةٍ تقع بين التلال الخضراء، عاش طفل يُدعى آدم في منزلٍ صغيرٍ مليءٍ بالحب والدفء. كان آدم يبلغ من العمر ثماني سنوات، ويُعرف بين أهل حيّه بلطفه وطيبته وحبّه للقراءة ولعبه مع أصدقائه.

في صباحٍ مشمس، أخبر والد آدم ابنه بانتقال عائلة جديدة إلى المنزل المجاور، وأن لديهم طفلًا في مثل عمره. قفز آدم من الفرح وتخّيل كيف سيكون صديقه الجديد، وتمنى أن يحب اللعب مثله.

بعد تناول الغداء، خرج آدم مسرعًا إلى الحديقة. وفي اللحظة نفسها توقفت شاحنة أمام المنزل المجاور، وبدأت العائلة الجديدة في إنزال أغراضها. راقب آدم الموقف بفضول حتّى لمح فتى ذا بشرة سمراء وشعر مجعد ينزل من الشاحنة. اقترب آدم منه وقال بابتسامة لطيفة: “مرحبًا! أنا آدم، وأنت؟”

ابتسم الفتى وقال: “أنا أسامة، سررت بلقائك”.

ردّ آدم: “سررت بلقائك، هل تريد أن ترى بيت الشجرة الذي بنيته مع والدي”.

أجاب أسامة: “بالتأكيد”.

ركض الولدان نحو بيت الشجرة الموجود في حديقة منزل آدم. صعد آدم السلّم وخلفه أسامة. عندما وصلا إلى البيت، نظر أسامة حوله بدهشة، وقال: “هذا رائع، لم أرِ في حياتي بيت شجرة كبيرًا مثل هذا”.

أمضى الطفلان الوقت يلعبان في بيت الشجرة ويتبادلا القصص والحديث، وأخبر أسامة آدم بحبه للرسم، وفوزه بعدة جوائز في مسابقات المدرسة. أُعجب آدم بموهبة أسامة، وشعر بأنه وجد صديقًا رائعًا. وفجأة أثناء اللعب، سقطت إحدى ألعاب آدم المفضلة من الشجرة وتحطمت.

لم يستطع أدم السيطرة على غضبه، وصاح: “لماذا كسرتها؟ إنها لعبتي المفضلة”.

تجمّد أسامة مكانه، وامتلأت عيناه بالدموع. قال: “أنا آسف، لم أقصد كسرها”.

هدأ آدم شيئًا فشيئًا، ونظر إلى وجه صديقه الحزين. فشعر بوخز في قلبه، واقترب منه وقال بلطف: “أنا آسف لأنني غضبت منك. أعلم أنك لم تفعلها عن قصد.”

ابتسم أسامة بخجل، وقال: “لا بأس ياصديقي لقد سامحتك، فالتسامح يساعدنا على الحفاظ على صداقتنا”. تعانق الصديقان، ومع غروب الشمس، دعت والدة آدم الولدين لتناول العشاء. تناولا الطعام وتبادلا النكات، ثم افترقا على وعد اللقاء غدًا للعب. مرّت الأيام، وأصبح أسامة وآدم أعز الأصدقاء.

وبعد مرور أسبوع، فتحت المدرسة أبوابها للاستعداد إلى الفصل الدراسي الجديد، ذهب آدم وأسامة ألى المدرسة معًا، وعرّفه على المعلمين والطلاب.

قال آدم لزملائه: “مرحبًا يا أصدقائي، هذا صديقي أسامة، انتقل إلى حيّنا مؤخرًا”.

كان أسامة مختلفًا عن بقية الأولاد بسبب شعره المجعد، فتفرّق الأطفال بين مرحّب به ومتردّد وساخرٍ منه، فقد سخر بعض الطلاب من شعره وبشرته. بدأ الأطفال يتهامسون، وقال مراد: “لماذا شعرك مجعّد هكذا؟”

ضحك البعض، بينما وقف آدم غاضبًا وقال: “توقفوا! هذا ليس مضحكًا. أسامة صديق جيّد، وهو أطيب شخصٍ رأيته في حياتي”.

ابتعد الأولاد ساخرين، ووقف أسامة حزينًا. اقترب منه آدم وقال: “لا تهتمّ لكلامهم، أنت رائع كما أنت”.

عندما حلّ وقت الغداء، توجه الطلاب إلى الكافتيريا، جلس أسامة في زاوية الطاولة وحيدًا. لمح آدم صديقه من بعيد، فتوجّه نحوه على الفور، يحمل صينيته في يده وجلس بجانبه. ومع مرور الوقت، بدأت ملامح أسامة تتغير وعلت وجهه ابتسامة حقيقية. شعر آدم بالفرح لرؤية الابتسامة تعود إلى وجه صديقه المقرب.

بعدَ انتهاء اليوم الدِّراسي، ذهب آدم وأسامة إلى الحديقة للعب كرة القدم، وعندما وصلا إلى الحديقة، رأيا مراد وعلي وبعض الأطفال يلعبون كرة القدم. تردّد آدم للحظةٍ غير متأكّد ممَّا إذا كانوا سيقبلون اللّعب مع أسامة.

بعد لحظات، سألهم: “هل يُمكننا اللَّعب معكم؟”

نظر مراد إلى أسامة، ثمَّ قال: “سنلعب معك أنت يا آدم فقط، لن نلعب معه”.

شعر أسامة بالحزن، وانسحب بهدوء. حاول آدم التَّخفيف عنه ودعاه إلى بيت الشَّجرة للّعب، لكنَّ أسامة اعتذر قائلاً: “أريد أن أعود إلى البيت”.

في الأيّام التّالية، استمرّ مراد وعلي في السّخرية من أسامة، مرّة بسبب لون بشرته، وأخرى من شعره، وأحيانًا من ملابسه. وفي أحد الأيَّام، قال له علي أمام الطلاب: “أنت مختلف، لا تُشبه أحدًا منّا”.

تجمّد أسامة وجلس وحيدًا في زاوية، لاحظت المُعلمة تغيّر حالته وجلوسه وحيدًا. فاقتربت منه: “ما بكَ يا أسامة؟ هل أنت بخير؟”

تردّد قليلًا، ثمّ قال: “زملائي يسخرون منِّي بسبب لون بشرتي وشعري.”

تفاجأت المعلمة، وشعرت بالحزن ممّا سمعته، وقالت: “أنت جميل يا أسامة.  لكلٍّ منّا لون وشكلٌ مختلف، لكنّ ما يهم هو ما في قلوبنا”.

وفي اليوم التّالي، جمعت المعلمة الطلاب في الفصل الدّراسي، تُحدّثهم عن معنى الصَّداقة، فقالت: “هل تعرفون ما هو أهمَّ شيء في الصَّداقة؟”

أجاب آدم: “أن نلعب معًا؟”

ابتسمت المعلمة وقالت: “هذا صحيح، لكنّ الأهمَّ أن نحبَّ ونتقبّل بعضنا كما نحن. خلقنا الله بألوانٍ وأشكالٍ مختلفة، تمامًا مثل الزهور. هل رأيتم من قبل حديقة تتكوَّن من زهور بلون واحد؟”

ردّ الطلاب جميعًا في وقت واحد: “لا”.

قالت المعلمة: “الزهور مختلفة الألوان والأحجام ومعًا تصنع أجمل حديقة، وكذلك البشر”.

نظرَ مراد وعلي إلى أسامة، وشعرا ببعض النّدم على تصرَّفاتهما، لكنّهما لم يعتذرا.

أرادت المعلمة أن تُقرّب الطلاب من بعضهم، فطلبت منهم أن يرسموا لوحةً جميلة تُعبّر عن شيء مهم بالنّسبة لهم.

رسم آدم على الفور بيت الشجرة في حديقة منزله، بينما قرّر أسامة أن يرسم مجموعة أطفال مُختلفي الملامح يلعبون معًا يستمتعون بوقتهم. أمّا مراد فرسم ملعب كرة القدم ورسم عليّ شاطئ البحر.

عندما حان وقت عرض اللّوحات، شارك أسامة لوحته بتردّد. عندما رآها الطلاب، انبهروا بها وصفّقوا له، حتّى مراد وعلي شعرا بالدّهشة من موهبة أسامة ولم يتمكّنا من إخفاء إعجابهما.

قالت المعلمة: “لوحتك رائعة يا أسامة، لقد عبّرت عن المحبّة والتسامح بأجمل صورة.”

وقرب نهاية الفصل، أعلنت المعلمة على إقامة معرض المدرسة السّنوي. تحمّس الطلاب وبدأ كُلّ طالب يُفكّر في المشروع الذي سيقيمه. قرّر آدم وأسامة العمل معًا، وأنشآ مشروعًا جديدًا بعنوان “أساور الصَّداقة”، حيث يستطيع زملاؤهما صُنع أساور مُلوَّنة لأصدقائهم. قضيا ساعات في جمع الخرز الملوّن والخيوط استعدادًا للمعرض.

وفي يوم المعرض، جهّزا الطاولات بحماس، وتوافد الطلاب على ركن الصَّداقة لصُنع الأساور، وبدأوا بصنع أساورهم، بمساعدة آدم وأسامة.

وبعد فترة، اقترب مراد وعلي بتردّد، سأل مراد: “هل يمكننا صنع الأساور أيضًا؟”

ردّ أسامة: “بالتّأكيد، ما الألوان التي تُحبّانها؟”

اختار مراد وعلي الألوان الّتي يُفضّلانها، لكن مراد لم يتمكن من تثبيت الخرز جيدًا، فتبعثرت على الأرض وسط نظرات الجميع، فضحك بعض الطلاب وسخروا منه. شعر مراد بالحزن وهمّ بالمغادرة، وفجأة دوى صوت بين الطلاب: “توقفوا كلنا نخطئ في المحاولة الأولى”.

رفع مراد رأسه، فإذا بأسامة يقف بثبات، يدافع عنه بكل شجاعة. أدهشه موقفه، وشعر بالخجل من تصرفاته السابقة. ثمّ اقترب منه أسامة وابتسم قائلاً بلطف: “لا بأس يا مراد، جرب مرة أخرى، أنا واثق أنك ستنجح”.

جلس آدم وأسامة بجانب مراد يُساعدانه، وبينما كانوا يصنعون الأساور، تبادلوا الحديث والضَّحكات. فقال علي: “أنت طيب للغاية يا أسامة، أنا آسف على ما بدر مني”.

ثمَّ قال مراد: “وأنا أيضًا أعتذر عن تصرَّفاتي، لقد كنت مخطئًا، لم أكن أعلم أن للكلمات هذا التأثير المؤلم. أتمنّى أن تُسامحني”.

نظر أسامة إليهما وقال: “لا بأس يا صديقيّ، لقد سامحتكما”.

مع مُرور الوقت، بدأ الأربعة أطفال في التقرب، وتعلّموا الكثير عن بعضهم البعض، وأصبحوا يُقدّرون اختلافاتهم. كما بدأ الأطفال الآخرون في المدرسة يتقبّلون أسامة واختلافه عنهم.

في أحد الأيّام، تحدّثت مُعلّمتهم عن التسامح. أوضحت أنّ كلّ شخص يختلف بطريقته الخاصّة، لكنّ هذه الاختلافات هي ما تجعل العالم مكانًا أكثر إثارة للاهتمام.

رفع آدم يده، وقال: “مثلي أنا وأسامة. نحن مختلفان، ولكنّنا أفضل الأصدقاء”.

ثمّ قال مراد: “لقد كُنت أخطئُ في حقّه ولكنّه سامحني، وأصبح صديقي”.

ابتسمت المعلمة وقالت: “أنا فخورةُ بكم، أنتم الأربعة مثال رائع للصَّداقة والتسامح. كما أنَّني فخورة بك يا أسامة لمسامحتك زملاءك”.

أمضى الطلاب بقيّة اليوم يُشاركون القصص حول تجاربهم الخاصّة ويتعلّمون كيفيّة مسامحة الآخرين. واصل الأصدقاء الأربعة قضاء أيّامهم في الاستكشاف واللّعب وتكوين ذكريات جديدة. توطدت صداقتُهم أكثر، وأدركوا أنهم يستطيعون دائمًا الاعتماد على بعضهم البعض.

في نهاية الأسبوع، دعاهم آدم لقضاء وقت ممتع في بيت الشّجرة، وبينما كانوا يلّعبون، الّتفت مراد، وقال: “أنا سعيد لأنّني تعرفت عليك، لقَد علّمتني التسامح”.  

شاهد الأصدقاء غروب الشّمس معًا، وشعروا بامتنان لصداقتهم. وأدركُوا أنَّ أهمّ درس على الإطلاق هُو تقبّل اختلاف الآخرين والتسامح وبناء صداقة تدُوم مدى الحياة.

اقرأ أيضًا: قصة عن أهمية التفكير الإيجابي: كيف غيّرت أفكاري عالمي الصغير

التسامح خُلق نبيل من أخلاق الإسلام، وقيمة إنسانية عظيمة، وهو من أرفع الفضائل وأسماها التي تُعبّر عن سموّ النفس. التسامح ليس ضعفًا أو تخليًا عن حقوقك أو تقبّل الظلم، بل هو دليل على طبية ونقاء قلبك.

تذّكر دائمًا: كُن متسامحًا، وعامل الآخرين بلطف كما تحب أن يعاملوك، وتجاوز عن أخطائهم ما دمت قادرًا على ذلك، فذلك من شيم الكرام.

المصدر

.The Friendship Treehouse

حكاية إديسون واختراع المصباح الكهربائي

لم يخترع توماس إديسون المصباح الكهربائي فقط، بل جعل النور متاحًا للجميع. وبعد محاولات عديدة وجهدٍ عظيم، أنار إديسون الظلام، وأضاء العقول، وأطلق عصرًا جديدًا تحكمه التكنولوجيا والضوء.

في قصَّتنا اليوم، نقدّم للأطفال قصة علميّة جديدة عن أحد أعظم الاكتشافات في التاريخ. اكتشاف غيّر مجرى الحياة بالكامل. فبعد أن ظلّ الإنسان لقرون يشعل الضوء بأساليب بدائية، جاء توماس إديسون وأحدث ثورة باختراعه المصباح الكهربائي. هيا بنا ننطلق مع داليا في رحلة مشوّقة عبر الزّمن، لنتعرّف معها على قصة هذا الاختراع السحري، ونكتشف كيف جعل إديسون كلّ بيتِ يضيء بمصابيح كهربائية.

قصة اختراع المصباح الكهربائي: داليا والسفر عبر الزمن

تدور أحداث قصتنا حول داليا وعمها المخترع. تعيش داليا في منزلٍ دافئ وجميل مع عائلتها الصغيرة. يحيط بالمنزل حديقةٌ خلابة، مليئة بالأزهار الملوّنة. لم تكن داليا فتاةً عادية، بل كانت تملك شغفًا كبيرًا بمادة العلوم، تمامًا مثل عمّها الذي يعمل في مجال الأبحاث والتجارب العلمية.

كانت تجد متعتها في استكشاف الظواهر الغريبة وقضاء الوقت في أداء التجارب العلمية، سواء في معمل المدرسة، أو في معمل عمّها الذي كان يستقرّ في الطابق السفلي من منزل العمّ في الحيّ المجاور. وترافق عمّها دائمًا كأنّها عالمة صغيرة، تراقب وتتعلم وتطرح الأسئلة بفضول، وهو يجيبها بلا تعب أو ملل، ويشجّعها على الاستمرار في التعلم.

في يومٍ من الأيّام، طلبت داليا الإذن من والدتها للذّهاب إلى عمّها بعد انتهاء المدرسة، فقد وعدها بأن يشركها أثناء تنفيذ تجربة جديدة. بعد انتهاء اليوم الدراسي، أسرعت داليا إلى المعمل، وعندما وصلت قالت بابتسامة: “مرحبًا عمي لقد وصلت، هيا بنا لنبدأ التجربة”.

ردّ عمها قائلاً: “مرحبًا يا صغيرتي، لم أنتهِ من عملي بعد. لذا، انتظريني هنا قليلاً حتى أنتهي”.

أومأت داليا برأسها، ثم توّجهت لتجلس على مكتب عمها بعيدًا عن المختبر. وبعد فترة، تسلّل الملل إلى قلبها، فقررت أن تتجول في المختبر قليلاً حتى ينتهي العمّ من أعماله. تنقّلت داليا بين الغرف والأجهزة حتى وصلت إلى غرفة صغيرة ذات باب غريب الشكل في نهاية الممر.

شعرت داليا بالفضول، وأرادت أن تستكشف ما يوجد خلف ذلك الباب، فاقتربت منه، وفتحته بحذر شديد، ثمّ أضاءت المصباح الكهربائي، لتجد أمامها آلة غريبة الشكل، تحتلّ بحجمها الكبير نصف مساحة الغرفة.

تعجّبت داليا من الآلة الغريبة، واقتربت منها لاستكشافها. تجوّلت حولها بحذر، محاولة أن تفهم ما هي وكيف تعمل؟ لكن للأسف، لم تتمكن من معرفة أي شيء عنها أو كيفية عملها أو سبب وجودها هنا في هذه الغفرة بالذات. شعرت باليأس، فقررت أن تخرج من الغرفة وتذهب إلى عمها لتسأله. عندما رآها، قال بقلق: أين كنتِ يا داليا؟ لقد بحثت عنكِ كثيرًا”.

العثور على آلة السفر عبر الزمن

أخبرت داليا عمّها عن الآلة التي وجدتها وسألته عنها. ابتسم عمّها، وردّ قائلاً: هذه آلة قديمة، ربما كانت إحدى الاختراعات التي لم يُكتب لها النجاح، فقرّر صاحبها تركها كما هي”.

لم تُرضِ إجابة العمّ فضول داليا، فقالت بإصرار: “لكن يا عمي، ألا تظنّ أنّه قد تمّ اختراعها لهدف معين؟ ربما تكون آلة مفيدة! أرجوك، تعالَ معي لنكتشفها”.

وافق العمّ على اقتراحها فهو يعلم أنها آلة قديمة ولن يضر معرفة ما هي، وقال: “حسنًا يا داليا، هيا بنا نستكشف الآلة”.

توجّه الاثنان إلى الغرفة، بدأ العم في البحث في الأدراج القديمة، باحثًا عن أي كتيب أو ورقة تشرح طريقة عمل الآلة. لكنه لم يعثر على شيء. اقترب من الآلة وبدأ يفحصها عن قرب. كانت الآلة كبيرة الحجم، وتحتوي على لوحة مليئة بالأزرار، بألوان وأشكال مختلفة. وكانت بعض الأزرار تحتوي على حروف غريبة. وفي منتصف الآلة، كان هناك كرسي دائري معدني قابل للدوران. وبجانب الكرسي ذراع معدني طويل يشبه ذراع قيادة الطائرة. أما أمام الكرسي، فكانت هناك ساعة صغيرة تدور عقاربها ببطء شديد.

وفجأة، توهّج أحد الأزرار بلون أحمر لامع، فانتبهت داليا إليه على الفور. أشارت إلى عمها بحماس وقالت: “هذا الزر يضيء”.

ألقى عمها نظرة سريعة، ثم قال بصوت حازم: “إياكِ أن تضغطي عليه يا داليا”.

لم تستطع داليا منع نفسها، فمدّت يدها الصغيرة بسرعة وضغطت على الزر المتوهّج. وفجأة، انطلق ضوء قوي من الآلة، بدأت تهتزّ وتصدر صوتًا غريبًا. أسرع عم داليا وأمسكها بسرعة، وجلسا معًا على الكرسي، وربط الحزام بإحكام حولهما. في تلك اللحظة، بدأت عقارب الساعة التي أمام الكرسي تتحرك بسرعة هائلة، ثم بدأت الآلة بالدوران بسرعة فائقة، حتى تحوّل المكان حولها إلى دوّامة من الألوان. شعرت داليا وعمها بالدوار الشديد وفقدا الوعي.

استيقظ عم داليا أولاً، والتفت إلى داليا، ونادى عليها لايقاظها: “داليا، يا صغيرتي، هل أنت بخير؟”

فتحت داليا عينيها، وقالت بصوت متعب: “ماذا حدث يا عمي؟ رأسي يؤلمني كثيرًا”.

ردّ عمها قائلاً: “لا أعرف، هيا بنا نخرج ونستكشف ماذا حدث؟”

خرج الاثنان من الغرفة، وما إن فتحا الباب حتى تجمّدا من الدهشة. اختفى المختبر من حولهما ووجدا نفسيهما في مبنى قديم جدًا يتكون من غرفتين وأثاث بسيط وقديم. تعجّب الاثنان وتسائلت داليا: ” أين المختبر؟ ما هذا المكان؟”

بحث العم في المبنى عن المصباح الكهربائي ليشعل الضوء، لكنه لم يجد شيء غير الشموع والمصابيح الزيتية، فأسرع للخروج من المبنى ليفهم ما يدور حوله. فصعق أكثر عندما وجد من حوله الشوارع المليئة بعربات تجرّها الخيول، والأشخاص يرتدون ملابس قديمة، والطرقات مظلمة.

اقترب من أحد المارّة وسأله بتردد: “عذرًا، ما تاريخ اليوم؟”

ردّ الرجل: “اليوم هو العشرون من أكتوبر عام 1897”.

اتسعت عينا عم داليا من شدة الصدمة، ولم يستطع أن ينطق بكلمة واحدة. شعر وكأنّه عالق في حلم غريب. بدأ يتحرك بسرعة، يجري في الشارع، يهزّ رأسه ويديه، محاولاً بكل الطرق أن يستيقظ من هذا الكابوس الغريب، لكنه لم يكن حلمًا. أسرع عائدًا إلى المبنى القديم، وأخبر داليا: “لقد سافرنا عبر الزمن”.

ما أن أخبرها بما اكتشفه، حتى قرّر العودة إلى الآلة لعله يستطيع الرجوع إلى الزمن الحاضر. وبينما يتقد الأزرار وجد رسالة ملصقة بجانب لوحة التحكم مكتوب عليها “ستتمكّن من العودة مجددًا إلى زمنك بعد مرور 24 ساعة”.

هنا أدرك عم داليا أنها آلة السفر عبر الزمن وأنه وداليا قد انتقلا إلى الزمن القديم. فرحت داليا عندما عرفت أنها ستبقى لمدة يوم كامل.

اقرأ أيضًا: قصة اكتشاف البنسلين: قطرة صغيرة غيرت تاريخ الطب

إديسون واختراع المصباح الكهربائي

وهكذا لم يجد الاثنان خيارًا سوى الانتظار حتى اليوم التالي ليتمكنا من العودة إلى منزلهما، وقرّرا الخروج من المبنى والتجول في المدينة القديمة. سارا في الشوارع وتناولا الطعام في مطعم صغير. وبينما كان يسيران في أحد الأزقة، سمعا صوت رجل يتحدث بصوت مرتفع وكأنه يُفكّر بصوت عالٍ.

توقف العم وسأل أحد المارة عن مصدر الصوت. فأجابه أحد المارة: “إنه توماس إديسون، لابد أنه يخترع شيء جديد”.

اتسعت عينا داليا وعمّها بدهشة، وقال العم: نحن في نفس الحقبة التي اخترع فيها إديسون أول مصباح كهربائي، كيف فاتني هذا الأمر. هيا بنا أسرعي لا يمكننا تفويت هذه الفرصة”.

أسرعا إلى المنزل الذي صدر منه الصوت. طرقت داليا الباب بخفة، ففتح لهم أحد الخدم، وأستأذوا بالدخول لرؤية إديسون. قادهما الخادم إلى غرفة كبيرة تشبه المختبر، وفي منتصفها، يقف رجلٌ بشعر أشعث ونظارات، ويرتدي معطفًا مغطى ببقع الزيت والغبار. رحب بهما إديسون ودعاهما للدخول، وقال: “من أنتما؟ ولماذا تريدان رؤيتي؟”

أجابه عم داليا قائلاً: “نحن مهتمان بالعلم والاختراعات، وسمعنا أنّك تعمل على تجربة مهمّة. هل تسمح لنا بمشاهدتك”. نظر إليهما إديسون للحظة، ثم قال” حسنًا، لكن لا تزعجاني”. وحذّر العم داليا من التدخل في أي شيء حتى لا يغيرا التاريخ. جلست داليا وعمها بهدوء وصمت، وهما يتابعان حركات إديسون الدقيقة. وهو يضع خيطًا رفيعًا من الخيزران المكربن داخل كرة زجاجية شفافة، ثم وصله بأسلاك نحاسية متصلة بمصدر كهربائي بدائي. وفجأة، أضاءت الكرة الزجاجية.

شعر إديسون بالسعادة لأنه تمكن من توصيل الكهرباء وصنع أول مصباح كهربي، وهتف قائلاً: “لقد نجحت أخيرًا بعد 1000 محاولة”.

بدأ إديسون في قص قصته على مسامعهما وأخبرهما أنه قام بتجربة أكثر من 3000 مادة مختلفة، مثل القطن كفتيل داخل المصباح الكهربائي. كما أنه جرب أكثر من 6,000 مادة نباتية لاستخدامها كخيط متوهج، إلا أنه فشل ولم تنجح هذه المحاولات. لم ييأس توماس من المحاولات والتجربة حتى مع سخرية المحيطين به وعدم تصديقهم لإمكانية صنع مصباح يعمل بالكهرباء بدلا من الشموع والمصابيح الزيتية.

وأخبرهم قائلاً: “تعلمت خلال رحلتي أن الفشل ليس عدوًا، بل معلم. أنا لم أفشل 999 مرة بل وجدت 999 طريقة لا تؤدي إلى النجاح.

ثم نظر إلى داليا وقال بلطف: “تذكّري دائمًا يا صغيرتي، أن العبقرية ليست موهبة، بل جهد وسعي مستمر. العبقرية هي 1٪ إلهام، و99٪ عمل واجتهاد.

مع حلول المساء، ودّعت داليا وعمها إديسون وشكراه على استضافته لهما. ثم عادا إلى المبنى القديم ليقضيا ليلتهما استعدادًا للعودة إلى الزمن الحاضر. مع شروق الشمس، توهّج الزر الأحمر مرة أخرى، فتوجّها إلى الآلة وجلسا في مقعديهما، ثم ضغطت داليا على الزر. وخلال لحظات، امتلأت الغرفة بالضوء الساطع، أغمضت داليا عينيها، وحين فتحتهما، وجدت نفسها مجددًا داخل المختبر في زمنهما الحاضر.

فتحا أعينهما ببطء، وخرجا سريعًا من الآلة وتوجها إلى مكتب العم. وهناك، تفاجأ العمّ عندما علم أنه لم تمر سوى ساعة واحدة فقط. نظرت إليه داليا بدهشة، فقال عمها: “داليا، لا تخبري أحدًا عن هذه الرحلة، ليكن ما حدث اليوم هو سرّنا الصغير. علينا أن نعرف أكثر عن الآلة لتجنب أن تقع في أيدٍ قد تستخدمها لأغراض سيئة”.

وافقت داليا على اقتراح العم وقالت: “حسنًا يا عمي، ولكن ما أن تنتهي من فهم هذه الآلة، يجب أن تدعني أجرب معك الكثير من التجارب”.

ردّ عمها: “بالتأكيد يا داليا، سأخبرك بكل شيء، فأنا أراكِ عالمة صغيرة تُحب العلم وتسعى لاكتشاف الأشياء من حولها”. وذكرها بكلام توماس إديسون بالدراسة بجد لتتمكن من إفادة البشرية بعلمها وتجاربها الناجحة.

عادت داليا إلى منزلها، وهي ترى العالم بشكل جديد. فقد أدركت أن العالم لا ييأس من المحاولة، وأن حتى أعظم الاختراعات وُلدت من أخطاء وتجارب كثيرة، ملثما اخترع إديسون المصباح الكهربائي بعد 999 محاولة فاشلة. وفهمت أن ما يميّز الإنسان الجيد ليس أنه لا يخطئ، بل أنه يعترف بخطئه ويسعى لإصلاحه. وفي صباح اليوم التالي، ذهبت داليا إلى مكتبة المدرسة، وبحثت عن كتب تتحدث عن العلماء والمخترعين، وكيف بدأت رحلتهم الطويلة نحو اختراعات غيّرت العالم.

اقرأ أيضًا: قصة اختراع المايكرويف: كيف غيّر خطأ صغير العالم!

تذكّر أن اختراع المصباح الكهربائي لم يكن وليد الصدفة، بل كان نتيجة الإصرار والسعي والكثير من المحاولات. لم يكن المصباح الكهربائي مجرد ضوء في حقبة قديمة، بل كان بداية لنورٍ غيّر العالم، وما زلنا حتى اليوم ندين بالفضل لتوماس إديسون في إنارة عالمنا. وليس هذا فحسب، فهذا الاختراع البسيط مهّد الطريق أمام آلاف الاكتشافات والابتكارات التي غيرّت حياتنا كما نعرفها الآن.

قصة عن التعاون للأطفال: الحمامة المطوقة وأصدقاء الغابة

قيل قديمًا أن التعاون هو أقوى سلاح في مواجهة التحديات، وأن اليد الواحدة لا يمكنها إنجاز العمل بمفردها. لذلك، سنروي اليوم قصة عن حمامة جميلة الألوان وقعت في فخ الصياد. لكن بفضل مساعدة أصدقائها في الغابة تمكّنت من الهروب من شبكة الصياد. تابعوا معنا هذه القصة المليئة بالمغامرة، والتي ستعلم الأطفال أن العمل الجماعي هو سر النجاح في مواجهة أصعب المواقف.

قصة عن التعاون للأطفال: الحمامة المطوقة وأصدقائها

حدثت قصّتنا في غابةٍ جميلةٍ كثيفة الأشجار ذات منظر بديع. كانت الغابة موطنًا للطيور. لكن، كما هي العادة في الحياة، لا تسلم الطيور والحيوانات من خطر الصيادين الذين ينصبون شباكهم في كل أنحاء الغابة طمعًا في اصطياد الطيور الجميلة التي تعيش فيها.

كثيرًا ما يتردد الصيادون على الغابة، وخاصةً بالقرب من شجرة كبيرة، حيث اعتادت الطّيور التجمع عندها باستمرار. وذات يوم، في الصباح الباكر، خرج غراب من عشه القريب من الشجرة الكبيرة فرأى صيادًا تبدو على وجهه ملامح الدهاء والخبث، يتسلَّل بحذر داخل الغابة، ويحمل في إحدى يديه شبكة صيد كبيرة وحبوبًا، وفي اليد الأخرى عصا غليظة.

ذُعر الغراب مما رآه، وتسمّر في مكانه، وتساءل كثيرًا في نفسه: “لماذا جاء هذا الصياد إلى غابتنا؟ هل جاء لاصطيادي وقتلي؟ أم أنَّ هناك طيورًا أخرى ستكون ضحية خدعته؟” 

اختبأ الغراب وأخذ يُراقب ما يفعله الصياد من بعيد، فرأه يضع شبكته الكبيرة بحذر بين الأعشاب الطويلة، وينثر الحبوب فوقها لتكون فخًا للطيور التي تطير حول الشجرة. لم يمضِ وقت طويل حتى جاء سرب كبير من الحمام، تتقدّمهن في الطيران حمامة بيضاء آسرة الجمال تُدعى “المطوقة”، وسُميت الحمامة بهذا الاسم لشدة جمال ريشها الأبيض اللامع وعنقها الأبيض كحبات اللؤلؤ. كانت المطوقة حكيمة وفطنة، وتكنُّ لها باقي الحمامات احترامًا عظيمًا.

حلّق السرب فوق الشجرة الكبيرة، ولمحت الحمامات الحبوب المتناثرة. فرحت الحمامات بشدة ولم يستطعن مقاومة الطعام المجاني، واندفعن نحو الأرض، وقد أنساهن الجوع أخذ الحذر، فلم ينتبهن إلى الشبكة.

شعرت المطوقة بالريبة، فصاحت في أصدقائها: “احذرن! هذا غريب، قد يكون هذا فخًا”.

وعلى الرغم من إحساسها بالخطر، إلا أنها لم تتمكن من إيقاف السرب، فقد غلبتها أصوات الجوع. وعندما أقبل السرب والحمامة المطوقة نحو الحبوب لالتقطاها، وقف الغراب فوق غصن مرتفع، يحاول تحذيرهن، ولكن لم يصغ إليه أحد.

ما إن لمست أقدامهن أرض الغابة، حتى انطبقت عليهن الشبكة التي نصبها الصياد، فتشابكت أرجلهن في خيوطها. علا صراخ سرب الحمام، وبدأت كل حمامة تضرب بجناحيها بجنون في محاولة يائسة للخلاص من الشبكة، غير آبهة برفيقاتها.

فرح الصياد وهو يراقب المشهد من بعيد، وانطلق مسرعًا لجمع الحمام. وفي تلك اللحظة، حاول الحمام الطيران بعيدًا، لكن دون جدوى، إذ طارت كل حمامة في اتجاه مختلف، فتشابكت الخيوط أكثر، مما زاد الموقف سوءًا

اقترب الصياد من الشبكة وقال بسخرية: “لقد أمسكتُ بصيدٍ ثمينٍ! سأخذ هذه الطّيور إلى السوق وأبيعها وأصبح غنيًا”.

وعندما اقترب الصياد منهن، خاف الحمام كثيرًا، وقال بعضهن لبعض: “سيُقضى علينا جميعًا”.

عندها فكرت الحمامة المطوقة بحكمة وقالت: “توقفن! لن نستطيع النجاة هكذا. أرجوكن، لا تضربن بأجنحتكنّ، ولا تفكرن بإنقاذ أنفسكنّ فقط. علينا التعاون معًا لننقذ أنفسنا”.

قالت إحدى الحمامات في حيرة: “وماذا نفعل؟”

ردت المطوقة بثقة: “يجب علينا الاتحاد والتعاون معًا. يجب أن نرفرف جميعًا بأجنحتنا في نفس الوقت وبقوة واحدة”.

استجاب باقي السرب لكلام الحمامة المطوقة، واتحدن وقرّرن أن يطرن معًا إلى أعلى كي يتخلَّصن من الشبكة العالقة. وعلى الرغم من ثقلها، استطاعوا رفعها عن الأرض بفضل التعاون معًا. لاحظ الصياد ما يحدث، فاندفع مسرعًا لينقضّ عليهن، لكنه لم يستطع، فقد حلّق الحمام بالشبكة عاليًا في الهواء.

تعجّب الصياد مما رأى، وقال: “كيف حدث هذا؟ هذه أول مرة أرى طيورًا تحمل شبكة”.

غضب الصياد واندفع يطاردهن عبر الغابة. وعندما رأت المطوقة أنّ الصياد يتبعهن، صاحت بصوت مرتفع: “هيا، لنطير بين الأشجار الكثيفة حتى لا يتمكن من ملاحقتنا”.

وبالفعل، طار سرب الحمام بين الأشجار المتشابكة، فتعذّر على الصياد اللحاق بهن، وتردد في دخول أعماق الغابة خوفًا من الحيوانات المفترسة. واصل السرب الطيران حتى ابتعد تمامًا عن الصياد، ووصل إلى مكان آمن وسط الغابة. وهناك، ظهر الغراب فجأة، واقترب وهو يقول: “لا تخفن، سأذهب مسرعًا لإحضار السنجاب الحكيم ليساعدكن”.

عُرف السنجاب في الغابة بحكمته وحيلته ومساعدته لجميع الطيور والحيوانات. طار الغراب مسرعًا إلى بيت السنجاب، وقصَّ عليه ما حدث مع سرب الحمام، وقال بلهفة: “أيها السنجابُ الحكيمُ، نحتاج إلى مساعدتك، لقد وقع الحمام في شبكة الصياد”.

أسرع السنجاب مع الغراب إلى مكان السرب. وعندما رأت الحمامة السنجاب قالت: “أيها السنجاب الحكيم، لقد تعاوننا معًا للهرب من الصياد، ولكننا ما زلنا عالقين. نحتاج إلى مساعدتك كي نتخلص من هذه الشبكة وننجو”.

استنكر السنجاب المشهد، وتعجّب كيف للمطوقة أن تقع ضحية هذا الفخ وقال: ما الذي أوقعكِ في هذا الفخ، وأنتِ معروفة بالذكاء والفطنة؟”

ردت الحمامة، وهي تشير إلى الحبوب العالقة في الشبكة بحزن: “إنه الطمع، هو من أوقعني في هذه الورطة”.

ابتسم السنجاب، وقال: “حسنًا، لا تقلقي. سأعمل على تحريركنَّ بأسرع وقت”.

أسرع السنجاب في محاولة فكّ الشباك عن الحمامة المطوقة أولًا. لكنها أوقفته بلطف وقالت: “أرجوك، أنقذ أصدقائي أولًا قبل أن تفكَّ قيدي”.

تعجّب السنجاب من طلب الحمامة وقال: “ألا تريدين أن أنقذكِ أولًا؟”

ابتسمت الحمامة، وقالت: “إني أخاف إن بدأتَ بي أن تشعر بالتعب فتترك أصدقائي. ولكن إذا بدأتَ بفك شباك صديقاتي، فحتى إن أصابك التعب ستواصل العمل من أجل تحريري.”

نظر إليها السنجاب بإعجاب وقال: “كل يوم يزداد إعجابي بحكمتك وذكائك.”

وبينما انهمك السنجاب جاهدًا على قطع خيوط الشبكة بأسنانه، وصل الفأر والأرنب والسلحفاة مسرعين لمساعدته على تحرير الحمام. اجمعت الحيوانات معًا، وبدأوا يعملون كفريق واحد يسوده التعاون.

استخدمت السلحفاة فكّها لشد أطراف الشبكة وقطعها، بينما كان الأرنب والفأر يقطعان الحبال السميكة بمساعدة النحلة التي كانت تدلهما على أماكن العقد المخفية. أما الغراب، فظل يحلق في السماء، يراقب المكان ويحذرهم إذا اقترب الصياد من جديد. وعندما أحس الغراب باقتراب الصياد، طار مسرعًا ونادى الفيل ليساعدهم في مطاردته وإبعاده عنهم.

بفضل التعاون بين الجميع، استطاع الأصدقاء فكَّ الشباك وتحرير الحمام. ورفرفن بأجنحتهنَّ في الغابة فرحات بتحررهن.

شكرت المطوقة السنجاب وأصدقاءه، وقالت بامتنان: لقد نجونا بفضل تعاونكم جميعًا. شكرًا لكم”.

ابتسم السنجاب وقال: “إن التعاون بيننا هو الذي ساعدنا على تحريركن بسرعة.”

وأضافت السلحفاة: “مهما اختلفت أشكالنا وأحجامنا، فإن باتحادنا نستطيع التغلب على أي خطر. فالنجاح لا يتحقق إلا بالتعاون”.

طار سرب الحمام في السماء، وهنّ يلوّحن بأجنحتهن مودعات أصدقائهم الأوفياء. ومنذ ذلك اليوم، ظلّ سكان الغابة يروون قصة الحمامة المطوقة وأصدقائها الذين علّموا الجميع أن التعاون هو أساس النجاح.

اقرأ أيضًا: قصة عن الكذب للأطفال: الراعي والذئب

تُعد قصة الحمامة وأصدقائها واحدة من أفضل قصص الأطفال التي تغرس القيم والأخلاق في نفوسهم، حيث تحمل بين طياتها العديد من المبادئ السامية، فهي قصة عن التعاون والعمل الجماعي.

تُعلّم الأطفال أهمية مساعدة الآخرين وعدم التفكير في أنفسهم فقط، وتؤكد أن أساس النجاح والتغلب على المخاطر يكمن في التعاون. كما تُبرز القصة درسًا مهمًا، وهو ألا نستهين بقدرات الآخرين مهما كان حجمهم أو شكلهم؛ فكما رأينا في قصتنا، رغم صغر حجم الفأر والسنجاب وبطء السلحفاة، إلا أنهم كانوا السبب في تحرير الحمامات من الشبكة.

اقرأ أيضًا: قصة قصيرة عن الصدق: ياسر والجرّة

الجندب والنملة – قصة قصيرة عن الإيثار للأطفال

نحن نعيش من أجل أنفسنا ولكننا نتعلّم المعنى الحقيقي للحياة عندما نؤُثر الآخرين، فالإيثار لا يعني أن نُعطي الأشياء الفائضة لدينا، بل أن نُعطي الأشخاص من حاجتنا ونؤثرهم على نفسنا، حتى وإنّ كنا بأمس الحاجة.

بهذه الحكمة نحكي لكم اليوم قصة النملة والجندب، صديقان يعيشان سويًا في الغابة ويتشاركان اللعب والمرح، ولكن ماذا سيحدث عندما يحلّ فصل الشتاء القارس؟ وهل يمكن للإيثار أن يُنقذ حياة أحدهما في وقت الشدة؟

هيا نقرأ معًا قصة النملة والجندب ونتعلّم منها درسًا مهمًا عن الإيثار والعطاء الحقيقي ونكتشف جمال هذه القيم وأهميتها في تحويل الحياة إلى عالم يملؤه الحب والرحمة.

قصة عن الإيثار للأطفال: الجندب والنملة

في قديم الزمان، عاشت نملة وجندب في غابة خضراء جميلة، مليئة بالأشجار العالية والزهور الملونة. عُرف الجندب بين حيوانات الغابة بحبّه للعب واللهو. فهو يعشق الغناء، ويقفز برشاقة بين الأزهار المختلفة، ويعزف ألحانه السعيدة، وينشر الفرح في كل مكان. لم يكن يفكّر إلا في اللعب، ولا يشغل باله سوى المرح واللهو.

أما النملة، فعلى عكس الجندب، تستيقظ مع الفجر وتعمل بجدّ دون كلل أو تعب. تجمع الحبوب وتخزنها بعناية في بيتها الصغير تحت الأرض. وتقضي نهارها تتنقل بين الأعشاب والبذور، باحثة عن الطعام الصالح لتخزينه. ولا تتوقف عن العمل أبدًا، مهما اشتدّ الحر أو هبّت الرياح، لأنها تعرف أن الشتاء قادم، ويجب أن تكون مستعدة.

في أحد أيام الصيف الحارّة، خرج الجندب يتنقّل بين الأعشاب حتى وصل إلى بيت النملة. طرق الجندب باب منزلها، قائلاً: مرحبًا يا صديقتي العزيزة، الجو حار اليوم، ما رأيك أن نذهب إلى البركة ونستمتع بمياهها المنعشة”.

ردّت النملة: لا أستطيع اللعب الآن، يجب أن أجمع الحبوب وأخزّنها استعدادًا لفصل الشتاء”.

ضحك الجندب، وقال بلا مبالاة: “مازال الصيف طويلاً والوقت مبكر، لا تكوني مملة يا صديقتي، هيا بنا نلعب قليلًا”.

ردّت عليه: “يجب أن أخزّن الطعام يا صديقي، لماذا لا تنضم إليّ وتساعدني في جمع الحبوب وبعدها يمكننا اللعب”.

صاح الجندب: “لا لا لا لا، الجو حار جدًا، سأذهب إلى الماء لأخفف هذا الحر”.

رحل كلٌ من الجندب والنملة إلى وجهته. توجّهت النملة إلى المرج الأخضر لجمع الحبوب الصالحة لتخزينها. كانت النملة تحمل الحبوب الثقيلة بتوازن على ظهرها، ثم تضع حبة القمح في مخزنها، ثم تعود مسرعة إلى الحقل مرة أخرى لجمع حبة جديدة. وتكرّر هذه الرحلة مرات ومرات، ذهابًا وإيابًا بلا كلل.

من جهة أخرى، وصل الجندب إلى البركة الزرقاء، فاستقبلته الحيوانات بترحيب وفرح. قفز في المياه الباردة، وقضى يومه في سعادة غامرة مع أصدقائه، يغني ويلعب، مستمتعًا بأشعة الشمس والمياه المنعشة.

في صباح يوم جديد، التقي الجندب بالنملة في المرج العشبي، لوّح لها وقال ساخرًا: “هل ستجمعين الحبوب اليوم أيضًا؟ ألا تملين من العمل كلّ يوم؟”

ردّت النملة بهدوء: “الشتاء القارص سيحل قريبًا، ولن يسمح لنا بالخروج للبحث عن الطعام، لذا يجب أن أعمل اليوم لأرتاح غدًا”.

لكن الجندب لم يهتم بكلام صديقته النملة، وقضى يومه في المرج العشبي يلعب ويغني ويرقص على الألحان التي يعزفها. وفي كل مرة يرى النملة تمر من أمامه، يلوّح لها ويناديها للعلب معه، يقول لها ضاحكًا: “كُفّي عن العمل! تعالي نغنِّ ونستمتع بالشمس الدافئة. لديكِ الكثير من الطعام الذي يكفيكِ طوال الصيف”.

كانت النملة تتجاهله وتواصل عملها بجد، وهي تردد في نفسها: “نحن بحاجة إلى الطعام لنعيش. الصيف سيمضي سريعًا، ويا ليت الجندب يفكر قليلًا في الغد”.

 ومع مرور الأيام، ازدادت سخرية الجندب من النملة كلما رآها تحمل الحبوب. وهو يقول في نفسه: “لماذا أقلق بشأن الغد؟ اليوم جميل، والطعام وفير في الغابة”.

مرّت الأسابيع، وانتهى فصل الصّيف، وأقبل الخريف برياحه الخفيفة وأوراقه المُتساقطة. لكن لم يتغيّر شيء في طباع الجندب والنملة. النملة تواصل جمع الطعام، والجندب لا يزال يعزف ويغنّي. كل يوم، تدعو النملة صديقها الجندب إلى جمع الطعام للاستعداد للشّتاء، لكنّه يرفض بكسل.

ثم حلّ فصل الشّتاء البارد. تساقطت الثلوج وغطّت الأرض والأشجار، وأصبح كلّ شيء أبيض. لم تعد هناك أوراق، ولا بذور، مما جعل البحث عن الطعام مستحيلاً. جلست النملة تتناول ما خزّنته من طعام، في بيتها الدّافئ. أما الجندب الكسول، فكان يرتجف من البرد، ويتنقّل بين الأغصان باحثًا عن حبة طعام، لكن دون جدوى.

في أحد الأيام الباردة، استيقظ الجندب من نومه وخرج من منزله باحثًا عن أيّ شيء يسد به جوعه، كان البرد قاسيًا وأوراق الشجر تتساقط، والرياح تعصف من حوله. حاول أن يبحث عن طعام بين الثلوج والأوراق المتساقطة، لكنّه لم يجد شيئًا. فجلس بجانب صخرة يرتجف من الجوع والبرد وضم جناحيه ليدفأ نفسه.

فجأة، تذكّر كلمات النملة، فقرّر زيارتها ليطلب منها بعض الطعام. وفي طريقه إلى بيت صديقته، وجدها أمامه وكأنّها تبحث عنه، وكانت تحمل فوق ظهرها حبّة سكر كبيرة. توقفت النملة عندما رأته في هذه الحالة، ونظرت إليه بحزن. وقالت: “جندب! ماذا بك؟ لماذا تبدو ضعيفًا وشاحبًا بهذا الشكل؟”

أجاب الجندب بصوت ضعيف: “البرد شديد وأنا جائع للغاية، ولم أجد طعامًا منذ يومين”.

صمتت النملة قليلاً، ثم قالت: “هذا ما حذّرتك منه يا صديقي، ولكنّك لم تستمع إليّ”.

ثم أضافت: “تعال معي إلى بيتي، لديّ الكثير من الطعام الذي يكفيني أنا وأنت. يمكنك أن تأكل وتستريح حتى تزول العاصفة.”

فتح الجندب عينيه بدهشة: “حقًا! هل ستُعطيني الطعام؟ لكنني لم أساعدك في جمعه أو تخزينه”.

ردّت النملة: “أعلم ذلك، ولكنك صديقي. والإيثار هو أن نتشارك مع نحب حتى وإن لم يُعطينا شيئًا في المقابل. وأنت صديقي”.

شعر الجندب بالخجل الشديد، وانتابته موجة من الندم على كسله وعدم إكتراثه. سار مع النملة بصمت مستندًا عليها، حتى وصلا إلى بيتها. فتحت النملة الباب، وساعدته على الجلوس بالقرب من موقد النار، ثم أحضرت له بطانية، وقدّمت له طبقًا شهيًا من الحبوب والماء الدافئ.

كان الجندب ممتنًا للغاية، ولم يجد كلمات تُعبّر عن شكره ولطف النملة معه. بعد أن تناول الطعام، وشعر بالدفء، همّ بالمغادرة، لكنّ النملة منعته من المغادرة وقالت بلطف: “اجلس هنا حتي تستعيد صحتك بالكامل وتنتهي العاصفة”.

مكث الجندب في بيت النملة عدة أيام، ينعم بدفئها وكرمها، ويستعيد صحته شيئًا فشيئًا. وذات يوم، قال الجندب بصدق: لقد تعلّمت درسًا قاسيًا لن أنساه أبدًا، وأعدك يا صديقتي العزيزة أنني سأساعدك بكل طاقتي في جمع الطعام في الصيف المقبل.”

ومع مرور الأيام، ازدادت الصداقة بين الجندب والنملة وصارت أقوي. وبعد انتهاء الشتاء وحلول الربيع، خرج الجندب مبكرًا من بيته حاملاً سلة كبيرة وتوجّه مباشرة إلى منزل النملة.

دق الجندب الباب، ففتحت له النملة، قال لها بحماس: “هيا يا صديقتي، لقد حان وقت العمل، لنجمع الحبوب معًا”.

فرحت النملة كثيرًا بتغير الجندب وخرجت معه لجمع الطعام. قضى الصديقان الأيام في جمع الطعام وهما يغنيان ويرقصان فرحين بالتّعاون والعمل المشترك.

لم ينسَ الجندب أبدًا ما فعلته النملة لأجله، وكيف آثرت نفسها ومنحته من طعامها، رغم تعبها الشّديد في جمعه. وأخبر جميع حيوانات الغابة عن أخلاق النملة وكيف علمته معنى الإيثار الحقيقي، وكيف غيرّت حياته إلى الأفضل.

ومنذ ذلك اليوم، انتشرت قصة النملة والجندب بين الحيوانات، وصارت النملة ترمز إلى الإيثار والكرم، وصار الجندب مثالًا للتّغير الإيجابي. وهكذا، عاشا الصديقين يتعاونان ويتكاتفان في كل الأوقات.

اقرأ أيضًا: قصة قصيرة حول تقبل الآخرين| الثعلب واللقلق

المغزى من قصتنا عن الإيثار

قصة النملة والجندب ليست مجرد قصة تُعلّمنا أهمية العمل فقط، بل تعلمنا أهمية الإيثار والمشاركة مع الآخرين. قصة جميلة تبرز أهمية الشعور بآلام الآخرين ومشاكلهم وكيف يمكن للرحمة والمحبة والإيثار أن تبني العلاقات وتقويها. كما تعلم الأطفال أن القوة الحقيقة ليست في امتلاكك لكل شيء، بل تكمن في قدرتك على العطاء بحب للآخرين.

دعونا نتعلم اليوم يا أطفال قيمة وأهمية الإيثار في حياتنا ونحرص على العمل به، لنبني مجتمعًا قائمًا على المحبة والتعاون.

اقرأ أيضًا: مالك الغاضب!| قصة قصيرة حول السيطرة على الغضب

المصدر

.The Ant and the Grasshopper

Exit mobile version