قصة الفيل المغرور الذي فقد صوته

في غابة جميلة مليئة بالأشجار، والزهور المتنوعة، كان هناك صوت جميل يملأ الأرجاء بغنائه عن جمال الطبيعة وألوانها الزاهية. كان هذا الصوت يعود إلى الفيل الذّي يسحر كلّ من يسمعه. لكنّ لم يكن هذا الفيل فيلاً عاديًا، بل كان مغرورًا، ومتباهيًا بجمال صوته في كل مكان، ويظنّ أنّه الأفضل بين جميع الحيوانات. حتّى أن الحيوانات الأخرى أطلقت عليه لقب “الفيل المغرور”.

لنقرأ معًا قصة الفيل المغرور الذي فقد صوته، ونتعرّف ما الذي حدث له؟ ولماذا فقد صوته؟

قصص حيوانات: قصة الفيل الذي فقد صوته

في صباح أحد الأيام، كان الفيل المغرور يتجوّل في الغابة مفتخرًا بنفسه، ويغنى بصوته الجميل الذي طالما تباهى به أمام جميع الحيوانات. أثناء سيره بالقرب من أشجار الموز، قابل القرد الذي كان يتأرجح على أغصان الشجر، فقال الفيل: “مرحبًا أيّها القرد. ما رأيك أن تنضمّ إلى الغناء معي؟”

ابتسم القرد وبدأ بالغناء بصوت عالٍ، ولكن ما إن بدأ في الغناء، حتى انفجر الفيل ضاحكًا، وقال: “ما هذا الصوت المقرف أيّها القرد؟ كيف تجرؤ على الغناء بهذا الصوت؟”

استاء القرد من كلام الفيل القاسي وامتلأت عيناه بالدموع. لم يردّ القرد على هذه الكلمات، فقط نزل من الغصن وذهب بعيدًا. لم يتأثر الفيل بدموع صديقه القرد، وأكمل سيره ضاحكًا متباهيًا بصوته الجميل. بعد لحظات قابل الأرنب بالقرب من البحيرة، فقال: مرحبًا يا صديقي، أيمكنك الغناء معي أم أنك تمتلك صوت بشع مثل باقي الحيوانات؟”

شعر الأرنب بالحزن، ثم قال: “أيها الفيل، إن صوتك هبة من الله سبحانه وتعالى. يجب أن تستخدمه في الخير وتغني مع أصدقائك بسعادة، وليس للسخرية من الآخرين”.

لم يهتم الفيل المغرور بكلام الأرنب، وقال في نفسه: “لابد أنّه يشعر بالغبطة من جمال صوتي مثل باقي الحيوانات”.

واصل الفيل سيره، وهو يردّد ألحانه ويتمايل فرحًا بين الأشجار، ويشعر وكأنّه نجم مشهور. كان منشغلًا بأحلامه وخيالاته، دون أن ينتبه إلى طريقه، فجأة وجد نفسه في طريق غريب لم يراه من قبل. نظر حوله، فلاحظ أن الأشجار تختلف من حوله والمكان أصبح غريبًا. توقّف للحظة، نظر حوله وقال: “أين أنا؟ هل تهت؟”

شعر ببعض الخوف، لكنّ غروره دفعه ليتجاهل الأمر، وقال بثقة: “أنا الفيل صاحب الصوت النقي، لا يمكن أن أضيع”. تابع السّير، حتى مرّ بجانب شجرة، فلمح امرأة عجوز تحمل سلة ثقيلة وتتّكئ على عصا غريبة الشكل. قالت العجوز: “هل يمكنك أن تساعدنى في حمل هذه السلة، لقد تعبت كثيرًا في حملها. ولم أعد أستطيع”.

سخر الفيل منها وقال: “هل تريدين من صاحب أفضل صوت في الغابة أنّ يحمل هذه السلة؟ أنا مغني الغابة، لا يمكنني أن أضيع وقتي في حمل أشياءٍ لاسخيفة”.

نظرت العجوز إلى الفيل، وقالت: “هل أنت الفيل المغرور الذي يجوب أنحاء الغابة ويسخر من الآخرين”.

أشار الفيل المغرور بالموافقة وأخبرها: “إذًا، فأنتي تعلمي الآن من أنا. اذهبي أيتها العجوز بعيدًا قبل أن أضربك بخرطومي الطويل”.

ردّت العجوز: ” لا تكن مغرور أيها الفيل، قفد تفقد صوتك في لحظة”.

ضحك الفيل كثيرًا من كلام العجوز، وأجابها بثقة: “لن يزول صوتي في يوم من الأيام، بل سيظل يدوي في الغابة ليسحر كلّ من يسمعه”.

اقتربت العجوز من الفيل المغرور، وفجأة تحوّلت من عجوز كبيرة في السن إلى ساحرة جميلة وصغيرة في العمر، ثم رفعت عصاها وبدأت تُحرّكها بحركات دائرية لدرجة أن الأشجار بدأت تهتز من حولها في مشهد أرعب الفيل. وكانت تتمتم بكلمات غامضة وغريبة. فقال غاضبًا: “ماذا تفعلين؟ اذهبي بعيدًا، واغربي من وجهي أيّتها العجوز المجنونة”.

لم تُجبه الساحرة، واستمرت في تمتماتها حتى أنهت تعويذتها. وعندما انتهت، رفعت رأسها وقالت: “أيّها الفيل المغرور لقد حان الوقت لتتعلّم الدرس”.

همّ الفيل المغرور بأن يرد على العجوز، لكنه ما إن فتح فمه، حتى صُدم، لم يصدر منه أي صوت. حاول الغناء والصراخ لكن لم يتغير شيء. نظر إلى العجوز، وقد اتسعت عيناه بالخوف، فقالت بهدوء: “لقد أخذتُ صوتك، حتى تتعلّم كيف تكون متواضعًا، لا تسخر من الآخرين.”

وفجأة، اختفت الساحرة بعيدًا عن أنظار الفيل الذي يشعر بالألم والحسرة على ذهاب صوته. جلس الفيل على الأرض وعيناه ممتلئتان بالحزن. وأدرك أخيرًا أنّ صوته كان نعمة، لكنّه لم يُحسن استخدامها.

في صباح اليوم التالي، قرّر أن يذهب إلى أصدقائه الحيوانات، لعلّه يجد من يساعده. ذهب إلى القرد، والأرنب، ثم إلى بعض الحيوانات الأخرى. تعجبت الحيوانات، وقالت في دهشة: “ماذا حدث لك أيها الفيل؟ حاول أن يشرح لهم بإشارات ما يشعر به، لكنهم لم يفهموا.

ثم قال القرد: “لماذا سنساعدك؟ لقد كنت تسخر منا دائمًا؟

أردك الفيل خطأه أخيرًا، وشعر أن فقدان صوته لم يكن العقاب الوحيد، بل خسارته لأصدقائه الذين كانوا يحبونه. وجلس وحيدًا تحت الشجرة الكبيرة يبكي على خسارته لأصدقائه وفقدان صوته.

وفي اليوم التالي، استيقظ الفيل عازمًا على تصحيح أخطائه، قرّر أن يكتب رسائل اعتذار لأصدقائه. أمسك بورقة وكتب: “أنا أعتذر من أعماق قلبي، لقد أخطأت في حقكم وسخرت منكم. لقد كنت مغرورًا واعتقدت أنّ صوتي أهم من الصداقة، لكنّي كنت مخطئًا. وأدركت أنّ الأصدقاء لا يُقاسون بأصواتهم، بل بتصرّفاتهم. أرجوكم سامحوني يا أصدقائي”.

ترك هذه الرسالة أمام منازل أصدقائه، وذهب إلى بيته وهو يشعر بالندم على أفعاله. بعد يومين، دق جرس الباب، عندما فتح الفيل الباب، فوجئ بأصدقائه يقفون على باب منزله. قال الأرنب: “هل تسمح لنا بالدخول؟ لقد افتقدناك كثيرًا”.

لم يتمالك الفيل نفسه من الفرحة، وهرول إليهما يحتضنهما بذراعيه، وعيناه تلمعان بالدموع. وأشار لهما بالدخول، جلس الأصدقاء معًا، وبدأ يحكي لهما القصة كاملة. وقرّر الأصدقاء مساعدة الفيل في البحث عن الساحرة ليتمكن من الاعتذار لها.

سار الفيل، والقرد، والأرنب جنبًا إلى جنب يبحثون في كل زاوية عن أثرٍ يدلّهم على بيت الساحرة. وبعد ساعات طويلة من البحث، لمحوا منزل خشبي صغير قريبًا من ضفاف النهر.

قال القرد: “لنسأل صاحب هذا البيت، ربما نجد من يساعدنا”.

اقترب الأصدقاء من المنزل، ثم طرق الفيل الباب. عندها فتح لهم الساحرة الباب، وقالت: “هل تعلمت الدرس الآن؟

شعر الفيل بالخجل وكتب لها في رسالة: “أنا آسف، لقد تعلمت استخدام صوتي في إدخال السرور على جميع من حولي، وليس للسخرية منهم. كما تعلّمت أهمية الصداقة، ومن اليوم سأساعد كل من يطلب مني المساعدة”.

ردّت الساحرة: ” يبدو أنك تعلت الدرس جيدًا. الصوت الجميل نعمة، لكن الأجمل القلب المتواضع. هل أنت مستعد لإسترجاع صوتك”.

رفعت الساحرة عصاها، وأدارتها في الهواء، بينما كانت تتمتم بكلمات غامضة. وفجأة، شعر الفيل بدفء يسري داخله. ما إنّ فتح فمه، حتى خرج صوته العذب مرة أخرى.

عندما سمع صوته مجددًا شعر بالسعادة. لم يغني، بل نظر إلى أصدقائه واعتذر لهم على ما فعله سابقًا. وهنا أدركت الساحرة أن الفيل تعلم الدرس جيدًا، فأهدته سلة مليئة بالفواكه اللذيذة ليتناولها مع أصدقائه.

خرج الثلاث أصدقاء من بيت الساحرة وهم يشعرون بالسعادة لسماع صوت الفيل مجددًا. تغيرت تصرفات الفيل وأصبح يساعد كل حيوانات الغابة ويغني لهم ليشعروا بالسعادة وأصبح رمزًا للطيبة والتواضع والفرح.

اقرأ أيضًا: قصة عن أهمية التفكير الإيجابي: كيف غيّرت أفكاري عالمي الصغير

المغذي من قصة لفيل الذي فقد صوته

واحدة من أفضل قصص الحيوانات التي تحمل في طيّاتها العديد من العبر والقيم التربوية. يتعلّم الأطفال من خلال مغامرة الفيل في استعادة صوته أهمية التواضع مهما امتلك من صفات مميّزة، والحافظ على أصدقائه، فهم كنز حقيقي لا يُقدر بثمن. كما تُعلّمهم ثقافة الاعتذار، وأن الاعتراف بالخطأ والاعتذار لا يُنقص من قيمته.  

قنفوذ النَّزِق | قصة قصيرة للأطفال عن النوم المبكّر

يُعدّ النوم المبكر للأطفال من أهمّ العادات التي يجب أن يكتسبها أطفالنا، فهو لبنة أساسية التي تُبنى عليها صحّة الطفل ونموّه. وفي الوقت الذي ننظر إليه كوقت للراحة والسكون، ينطوي النوم على عملية معقّدة تحدث فيها الكثير من المعجزات الصغيرة. خلال النوم، يعمل الجسم على تجديد الخلايا وتقوية الجهاز المناعي وتثبيت المعلومات التي اكتسبها الطفل في النهار.

لكن ما الذي قد يحدث إن تجاهل الطفل أهميّة النوم؟! وأصرّ على السهر واللهو حتى وقتٍ متأخر في كلّ يوم؟ هذا ما سيُخبرنا به قنفوذ الصغير، في هذه القصّة الظريفة عن أهميّة النوم المبكّر للأطفال.

في غابة واسعة مليئة بالأشجار العالية والزهور الملونة، كانت الحيوانات تعيش بسلام ونظامٍ، تبدأ يومها مع بزوغ الفجر، تنشط وتلعب تحت أشعة الشمس، ثم تستعد للنوم عندما يحلّ المساء، ويغمرها هدوء النجوم…

كلّ شيء في الغابة يسير بانسجام؛ الطيور تستيقظ باكرًا لتغني، الأرانب تجري إلى المدرسة بنشاط، والدببة الصغار تنامُ بعد العشاء مباشرة وهي تعانق دُماها المفضّلة.

لكن كان هناك من لا يُشبههم تمامًا…

إنه قنفوذ الصغير، يعيش في بيت دافئ في قلب شجرة بلّوط قديمة، ذكي، محب للاستكشاف، وفضولي إلى حدٍّ كبير… لكنه لا يحب النوم أبدًا!

حين تنام الغابة، يبدأ يوم قنفوذ الحقيقي! فيتسلّل إلى قصصه السرية، يراقب القمر من نافذته الصغيرة، ويقول لنفسه كل ليلة:

“سأنام بعد دقيقة… فقط دقيقة واحدة أخرى!”

تمرّ الليالي وهو يسهر، يضحك، ويؤجل النوم ظنًّا منه أن النوم ممل، وأنّه يفوت عليه الكثير من المغامرات والأحداث، وأنّ المتعة لا تأتي إلا بعد أن ينام الجميع.

لكن…شيئًا فشيئًا، بدأت الغابة تتغير في عينيه… النهار صار متعبًا، اللعب صار مرهقًا، والمزاج صار غائمًا، وكأن السهر سرق منه شيئًا جميلًا لم يعرفه من قبل.

الفوضى الصباحية

لكنّه لم يكن يشعر بالراحة التي يشعر بها الجميع، كان يشعر بثقل في عينيه، وكسل في جسده الصغير.

ركض نحو نافذته لينظر إلى السماء الزرقاء، ثم نظر إلى ساعته الصغيرة.

يا للأسف! لقد تأخر كثيرًا!

حاول بسرعة ارتداء ملابسه، لكنّه وقع في فوضى: حذاؤه الأيسر غير موجود، وحقيبته ملقاة على الأرض.

ركض خارج البيت وهو يلهث.

تبعته الدبة الصغيرة “ماما توت” بابتسامة مُحِبّة لكنها قلقة:

“يا قنفوذ، هل نمت جيدًا الليلة؟ أنت تبدو متعبًا جدًّا.”

لم يرد قنفوذ، ركض نحو الحافلة التي بدأت تتحرك.

حاول اللحاق بها لكن قدمه انزلقت على حجر صغير، وسقط على ركبتيه، فأصاب يده بالوحل.

وقف، نظف يده بعجل، وأسرع للحاق بالحافلة، لكنه كان متأخرًا بالفعل.

شاهد الحافلة تبتعد أمامه، ووقف على الرصيف يشعر بالحزن.

وصل إلى المدرسة بعد قليل سيرًا على الأقدام، وجهه متعب، وملابسه متسخة قليلًا.

الحصة المتعبة

جلس قنفوذ في صفه، ورفع رأسه ببطء محاولًا التركيز، لكنّ عينيه كانتا ترفرفان من التعب.

كانت “بومة الحكيمة” تشرح درسًا عن الكواكب بنبرة هادئة وصوت شجي، يعانق كل كلمة فيه شغفًا وعلمًا.

لكنّ قنفوذ لم يكن يستمع؛ كان يفكر في لعبته التي تركها في البيت، وفي قصته المفضلة التي لم يكملها، وفي حلمه بأن يسهر أكثر.

حين سألته المعلمة فجأة عن أكبر كوكب في المجموعة الشمسية، لم يستطع الرد بسرعة، فقال بحيرة:

“ممم… كوكب العسل؟”

ضحك الطلاب جميعًا، واحمرّ هو خجلًا.

اقترب منه الأرنب رعد وهمس له:

“قنفوذ، النوم مهم يا صاحبي! لا يمكنك أن تنجح إن كنت تشعر بالنعاس في الصف طوال الوقت!”

تمنّى قنفوذ لو استطاع أن ينام جيدًا، لكنه لم يعرف كيف يغيّر عادته.

نسيان وغضب

في وقت توزيع الواجبات، جاء دور قنفوذ ليُسلّم ورقته.

بحث في حقيبته، لكنه لم يجدها! قلب حقيبته مرارًا، وأدرك أنه نسيها في البيت.

تملّكه الغضب والخجل، فصرخ:

“لا أحتاج مساعدتكم! أستطيع حلها وحدي!”

تفاجأ الأصدقاء من تصرفه، وابتعدوا عنه بهدوء.

جلست بجانبه السلحفاة روان، التي تعرف أن التعب يؤثر على المزاج، وقالت له بلطف:

“قنفوذ، أنت تعبان جدًّا. عندما لا ننام كفاية، نصبح سريعي الغضب وننسى الأشياء بسهولة.”

نظر قنفوذ إلى الأرض، وشعر بالحزن. كان يريد أن يكون كائنًا سعيدًا وهادئًا كما كان قبل فترة.

حديث المساء

عاد قنفوذ إلى بيته الصغير تحت شجرة البلوط.

كان المنزل دافئًا وهادئًا، مع نوافذ صغيرة تفتح على الغابة المظلمة.

في زاوية البيت، جلست جدته “ميمو” تنتظره، تحمل كوبًا دافئًا من الحليب بالعسل.

قالت له بابتسامة دافئة:

“يا قنفوذ، الجسم يحتاج للراحة كي يكبر ويكون قويًّا. النوم هو وقت العلاج والتعافي.”

جلس قنفوذ بجانبها، وأخذ رشفة من الحليب الدافئ، وأغمض عينيه للحظة.

قال بصوت خافت:

“أنا أشعر بالتعب، ولا أستطيع التركيز… ماذا أفعل يا جدتي؟”

ابتسمت جدته وقالت:

“جرب أن تنام مبكرًا الليلة. أجربها معك، وسنرى كيف ستشعر في الصباح.”

التجربة الجديدة

في تلك الليلة، أطفأ قنفوذ ألعابه، وغسل أسنانه، واستلقى على سريره المصنوع من أوراق البلوط الناعمة.

الهدوء كان يعم الغرفة، والنجوم تلمع كحبات الماس من نافذته.

تنفس بعمق، وغلق عينيه.

بدأ يحلم بأماكن جميلة، حيث كان يركض ويلعب بسعادة دون تعب أو غضب.

صباح المفاجأة

في الصباح التالي، استيقظ قنفوذ مبكرًا قبل أن تشرق الشمس بقليل.

شعر بنشاط لم يشعر به منذ زمن بعيد، وأصبح كل شيء يبدو أجمل وأوضح.

تناول فطوره بسرعة، وحزم حقيبته بكل حماس، ووصل إلى المدرسة قبل أصدقائه.

في الصف، أجاب عن الأسئلة بسهولة، وتذكر كل شيء تعلّمه... وفي وقت اللعب ركض بسعادة مع الجميع، وابتسامته تملأ وجهه.

قالت المعلمة بومة الحكيمة بسعادة:

“يا له من تغيير رائع! يبدو أن النوم الجيد يفعل العجائب.”

ابتسم قنفوذ وقال بفخر:

“النوم المبكر هو سر الطاقة والسعادة!”

الخاتمة

منذ ذلك اليوم، تغير قنفوذ كثيرًا، وصار ينام باكرًا كل ليلة، لا يؤجل النوم كما كان يفعل من قبل. أصبح يستيقظ مع شروق الشمس، مليئًا بالنشاط والطاقة، جاهزًا ليوم جديد من المغامرات واللعب والتعلم.

في المدرسة، لاحظ الجميع الفرق الكبير في قنفوذ. لم يعد يتأخر أو ينسى واجباته، بل صار من أكثر الأطفال انتباهًا واجتهادًا. كان يرفع يده ليجيب على الأسئلة بحماس، ويشارك في الأنشطة بابتسامة مشرقة لا تفارقه.

وفي وقت اللعب، أصبح قنفوذ سريع الحركة، يلعب مع أصدقائه بفرح، ويضحك من قلبه. حتى أنه أصبح يساعد من كانوا يعانون مثله سابقًا، يُخبرهم بقصة نومه الجديدة، ويشجعهم على النوم مبكرًا ليشعروا بسعادة ونشاط مثله.

ذات يوم، اجتمعت حيوانات الغابة الصغيرة في حفلة مسائية، وطلبوا من قنفوذ أن يخبرهم بسرّ نشاطه الجديد. وقف قنفوذ أمام الجميع، وابتسم قائلًا:

“السرّ هو النوم المبكر يا أصدقائي! النوم ليس فقط للراحة، بل هو وقت ينمو فيه جسدكم، ويزداد فيه ذكاؤكم، ويهدأ فيه قلبكم.”

ابتسم الجميع، وقرروا أن يجعلوا النوم عادة جميلة في حياتهم.

عاد قنفوذ إلى بيته الصغير تحت شجرة البلوط، فتح نافذته لينظر إلى النجوم المتلألئة، وقال لنفسه وهو سعيد:

“النوم صديقي الجديد، وشريك كل مغامراتي القادمة.”

وهكذا، عاش قنفوذ سعيدًا ونشيطًا، وكل ليلة ينام باكرًا ليستيقظ بطل الغابة الصغير مستعدًا لتحقيق أحلامه الكبيرة.

نصيحة من قنفوذ

لا تؤجل النوم من أجل اللعب أو القصص أو الأجهزة.

عقلك يحتاج النوم لينمو، وقلبك يحتاج الراحة ليكون مطمئنًا،

وجسمك يحتاج الليل كي يستعد ليوم جديد ومليء بالمغامرات.

اقرأ أيضًا: 5 قصص أطفال لعمر 8 سنوات

اقرأ المزيد من القصص القصيرة الملهمة للكبار والصغار.

قصص عن عالم البحار: سمكة المنشار الشجاعة

في عالم البحار، حيث تسبح الأسماك والكائنات البحرية بحرية بين الشعاب المرجانية، تسير بعضها في مجموعات، بينما تفضّل أخرى السباحة بمفردها. في هذا العالم العجيب، هناك دائمًا مغامرات جديدة، مغامرات مليئة بالشجاعة، والفرح، والصداقة، والأمل. كلّ يوم يمضي في عالم البحار يحمل حكاية جديدة تكون بطلتها سمكة جديدة. نحكي اليوم قصة من قصص عن عالم البحار، قصة مليئة بالمغامرات والأحداث.

بطلتها سمكة ذات شكل غريب، لم تكن تشبه باقي الأسماك من حولها. سمكة يخشى الآخرون الاقتراب منها، لكنّ ليس لأنها قوية أو شرسة، بل لأنهم لم يحاولوا حتى التعرّف عليها أو الاقتراب منها، فقط خافوا من شكلها. لكن، ماذا لو كان اختلافها هو سبب نجاة الآخرين من فخ كبير؟ ماذا لو كانت هذه السمكة هي من أنقذت الأسماك من الوقوع في مصيدة الصياد؟ ماذا لو كان الاختلاف هو سر الشجاعة الحقيقي؟

هيا بنا نغوص في عالم البحار والمحيطات ونتعرف على رحلة سمكة المنشار الشجاعة في تقبّل ذاتها، واكتشاف قوتها الحقيقية. هل أنت مستعدّ لترافقها في هذه المغامرة؟

قصص عن عالم البحار: سمكة المنشار الشجاعة

من يحبك سيراك بقلبه لا بعينيه، من هذا المبدأ تبدأ أحداث قصتنا المشوقة من داخل أعماق البحار، حيث تعيش العديد من الكائنات البحرية المتنوعة، لكل منها شكله وطباعه الخاصة.

في أعماق المحيط الأزرق، حيث المياه اللامعة والنقية والكائنات البحرية المختلفة، عاشت سمكة المنشار. كان جسدها صغيرًا وعيناها كبيرتان وتبرز من مقدمة رأسها خيشوم طويل وحادّ كالسيف المُسنّن. ورغم أنّ قلبها كان مليئًا بالحب واللطف، إلّا أنّ الأسماك الأخرى كانت تشعر بالخوف بمجرّد رؤيتها. كُلّما اقتربت من الأسماك لتحاول اللّعب معهم، كانوا يسبحون مبتعدين عنها بسرعة، تاركين إيّاها وحيدة. تملّك الحزن سمكة المنشار بسبب هذه التصرفات، فابتعدت عن الأنظار واختبأت في بيتها، تراقب الأسماك الأخرى وهي تلعب وتمرح بسعادة.

لم يجرؤ أيّ مخلوق بحري على الاقتراب من سمكة المنشار، خوفا من ذلك المنشار الحاد، بل لم يحاول أحد حتّى مجرَّد مصادقتها. سئمت سمكة المنشار وحدتها، فحاولت تغيير مظهرها لتخفّف من خوف الآخرين. فمرّة غطّت نفسها بالأعشاب البحرية، ومرة لفت حول منشارها بعض المرجان. لكنّ كُلّ محاولتها كانت تنتهي بالفشل، بل كان نجم البحر وبعض الأسماك يتجمّعون حولها للسّخرية من مظهرها، وتعلو ضحكاتُهم، فيزيد بذلك حزنها وأسفها.

وذات صباح، بينما كانت تختبأ خلف صخرة كعادتها، لمحت الحوت وسمكة القرش وهما يلعبان سويًا بالكرة ويضحكان. همست في نفسها: “كم أتمنى أن ألعب معهما، لكنّي لا أستطيع بسبب منشاري الطويل”.

فجأة، قطع صوت الحوت تفكيرها، سائلًا: “أيتها السمكة، هل ترغبين في الانضمام إلينا واللعب؟”

لم تصدق ما سمعته، فأجابت بلهفة: “حقًا! هل يمكنني اللعب معكم؟”

أجابت سمكة القرش: “بالطبع”.

انطلقت سمكة المنشار مسرعةً، يملؤها الحماس. عندما أعطوها الكرة، ضربتها بخفة بمنشارها، لكنّ حدّة المنشار تسبّبت في قطع الكرة. تجمّدت سمكة المنشار في مكانها، وصاحت بصوت حزين: “أنا آسفة! لم أقصد ذلك”.

طمأنها الحوت، وقال: “لا بأس، هذا مجرد سوء فهم. يمكننا لعب لعبة أخرى، ما رأيكما بالغميضة؟”

بدأ الأصدقاء في الاختباء خلف الصخور، بينما أغمضت عينيها وبدأت بالعد. عندما انتهت من العد، انطلقت تبحث عنهما. ظلّت سمكة المنشار تبحث عنهما حتى وصلت إلى سفينة غارقة قديمة، عندها لمحت زعنفة القرش تلوح خلف المدخنة، فاندفعت للدخول، لكن طرفها الحاد اصطدم بالمدخنة، محطمًا إياها إلى أجزاء صغيرة.

قالت بنبرة حزينة: “أنا آسفة، يبدو أنني أفسد كل شيء”.

غضب القرش مما حدث، وهمّ بتأنيبها، لكن الحوت أوقفه قائلاً: “توقف يا صديقي، هي لم تفعل ذلك بقصد. لنفكّر في شيء أخر يمكننا فعله”.

عندها، لمعت فكرة في ذهن القرش، فقال بحماس: “ما رأيكما أن نذهب إلى مدينة الملاهي؟”

ردّ الحوت وهو متحمس لاقتراح القرش: هيا بنا، إنها فكرة رائعة حقًا”.

سبحت الأسماك الثلاث إلى مدينة الملاهي، شعرت سمكة المنشار بالحماس والسعادة، فلم يسبق لها أن ذهبت إلى مدينة الملاهي من قبل. عندما وقفوا في صف انتظار لعبة الدوّارة، سبحت سمكة المنشار يمينا ويسارًا بسرعة وحماس، وفي غفلة منها، اصطدم منشارها بأحد أعمدة حائط المرجان، فانكسر العمود، وسقطت اللعبة بالكامل.

خرجت المديرة من غرفتها غاضبة، نظرت إلى الفوضى التي حدثت، وصاحت: “ما هذه الفوضى؟ اخرجي فورًا أنتِ وأصدقاؤكِ”. وطردت الأصدقاء الثلاثة دون أن تعطيهم فرصة للتوضيح.

غضب الحوت والقرش. وظهر الإحباط على وجهيهما. تقدّم الحوت، وقال بصوت غاضب: “لقد تحمّلنا الكثير من المتاعب، وكنت أدافع عنك، ولكنّي لم أعد أستطيع اللَّعب معك.”

أدار ظهره وسبح بعيدًا، وتبعه القرش دون أن ينطق بكلمة. شعرت سمكة المنشار بالحزن واليأس، ولم تعدّ تعرف ماذا تفعل. سبحت بعيدًا إلى الأعماق، وجلست عند الشعاب المرجانية حزينة، تتأمل الفقاعات وهي تصعد نحو السطح، وتتمنى لو أنّها تشبه الأسماك الأخرى، أو لو كان بإمكانها التخلّص من منشارها الطويل الحاد، حتّى تتمكن من اللعب مع أصدقائها.

مرت الأيام، وسمكة المنشار تواصل جلوسها عند الشعاب المرجانية يوميًا، وتراقب الجميع من بعيد، دون أن تزعج أحدًا، أو تحاول اللعب معهم مرة أخرى. وفي أحد الأيام، اقترب منها حصان بحر عجوز، وقال لها بصوت هادئ: “لماذا أنتِ حزينة يا صغيرتي؟ أراكِ تجلسين وحدكِ في هذا المكان كل يوم.”

قصّت سمكة المنشار ما حدث معها، وتفكيرها في التخلص من منشارها. ابتسم حصان البحر، وقال بحكمة: “يجب أن تعلمي يا ابنتي أنه جزء منكِ، وله فوائد عظيمة لم تكتشفيها بعد. يجب أن تحبي نفسكِ كما أنتِ.”

ردّت السمكة: “لكني أؤذي من حولي ولا أستطيع اللعب مع أصدقائي!”

أجاب حصان البحر: “هذا لأنكِ لم تتعلمي بعد كيف تستخدمين قوتكِ وتتحكمين في هذا الجزء المميز”.

وفي صباح اليوم التالي، بينما كانت مجموعة من الأسماك تلعب مع بعضها البعض، من بينهما الحوت وسمكة القرش ونجم البحر الذي كان يشتهر باستهزائه بغيره، ظهرت فجأة شبكة صيد وعلقت بها الأسماك. ارتعب الجميع ولم يستطيعوا الهرب، فبدأوا بالصراخ وطلب المساعدة. لم تتجرأ أي من سمكة من الاقتراب من الشبكة. في تلك اللحظة، كانت سمكة المنشار تجلس كعادتها عند الشعاب المرجانية، فرأت ما يحدث وسمعت الصراخ.

تردّدت سمكة المنشار في البداية، وقالت في نفسها: “ماذا لو أفسدت الأمر مرة أخرى”.

لكن قطع تفكيرها وترددها صرخات الأسماك المتعالية وشبكة الصيد وهي ترتفع ببطء نحو السطح. قالت: “لا يوجد وقت، يجب أن أتصرف!”

سبحت سمكة المنشار بكل سرعتها نحو الشبكة. كانت الشبكة كبيرة، تمتد من قاع البحر إلى منتصفه. رأت الأسماك الصغيرة تبكي، وصديقها الحوت يستغيث، فاندفعت بكل قوتها. بدأت تقطع خيوط الشبكة السميكة بمنشارها الطويل والحاد، وبعد عدة محاولات، تمكّنت من تمزيق الخيوط دون أن تؤذي أحدًا. تمزقت الشبكة، وخرجت الأسماك واحدة تلو الأخرى.

هتفت إحدى الأسماك الصغيرة بفرح: “شكرًا لكِ! لقد أنقذتنا”.

قال الحوت: “أنتِ شجاعة جدًا! شكرًا لكِ يا صديقتي”.

شكرت الأسماك سمكة المنشار على إنقاذها لهم. وقالت سمكة المنشار بتواضع: “لم أستطع أن أترككم في خطر.”

اقتربت الأسماك من سمكة المنشار واعتذروا بصدق عما بدر منهم سابقًا وتجاهلهم لها. ثم دعاها نجم البحر للحضور إلى الحفل الذي سيقيمه في الغد.

تردّدت السمكة، وقالت: “لا شكرًا لك، لا أريد أن أوذي أحدًا”.

قال الحوت: “كلنا نخطئ يا صديقتي، ولكن الأهم هو أن نحاول أن نكون أفضل ونتعلّم من أخطائنا. كما أننا أخطأنا في حقك كثيرًا ولم نحاول التقرب منك أو فهمك. أرجوكِ سامحينا”.

وافقت سمكة المنشار وذهبت معهم. وهناك، استقبلها حصان البحر العجوز بحرارة وقال للحاضرين: “هذه بطلتنا التي أنقذت الأسماك”.

حيّت الأسماك سمكة المنشار وهتف الجميع باسمها، واحتفلوا بها كبطلة حقيقية. ومنذ ذلك اليوم، تغيّر كل شيء في حياة سمكة المنشار. أصبحت محاطة بالأصدقاء، وصاروا يلعبون معها ويسبحون معها، مدركين أن ما كان يبدو عيبًا فيها، كان في الحقيقة ميزة فريدة.

اقرأ أيضًا: قصة عن التسامح قصيرة للأطفال: أسامة والأصدقاء

تعلّمت سمكة المنشار منذ ذلك اليوم أن الاختلاف ليس عيبًا أو ضعف، بل يمكن أنّ يكون مصدر قوة. ولم تعدّ تخجل من منشارها، ولم يعد الآخرون يخافون منها، وأصبحت رمزًا للشجاعة. ومنذ ذلك اليوم، انطلقت السمكة في المحيط تسبح بثقة مع أصدقائها ولم تعدّ تجلس وحدها في الزاوية. وتذكّر يا بني العزيز أن اختلافك هو مصدر قوتك وفخرك، وأن البطل الحقيقي هو من يحب نفسه كما هو ويحاول اكتشاف قوته لاستخدامها في الخير ومساعدة الآخرين.

قصص قبل النوم للأطفال سن 6 سنوات

في عمر 6 سنوات، يبدأ الأطفال في تطوير مهاراتهم اللغوية، مما يجعل هذا الوقت مناسبًا لتعزيز تلك المهارات، ويمكنك تحقيق ذلك من خلال استخدام القصص الممتعة.

جمعنا لكم اليوم قائمة بقصص قبل النوم للأطفال، حيث تُعدّ القصص وسيلة فعالة لتطوير مهارات الأطفال وتنمية خيالهم وإبداعهم. ليس هذا فحسب، بل فيها فرصة لغرس القيم والأخلاق في نفوس الأطفال وتعويدهم عليها منذ الصغر، بالإضافة إلى تهذيب سلوكهم بطريقة هادفة وممتعة.

في هذا المقال، نقدّم لكم أفضل قصص الأطفال لعمر 6 سنوات، وقد تمّ اختيارها بعناية، واستخدمنا كلمات بسيطة تتناسب مع مستوى فهم الأطفال وتتلائم قدراتهم المعرفية.

قصص قبل النوم: قصة عازف مزمار هاملين

أحداث القصة

في قديم الزمان، عاش سكان مدينة هاملين حياة هانئة على ضفاف النهر. لكن في أحد الأيام، امتلأت شوارع المدينة بالفئران مسببة مشاكل عديدة في كلّ مكان. لم تترك الفئران مكانًا في المدينة إلا دخلته وقضت على الطعام وأزعجت السكان. حاول أهل المدينة التخلص منها بكل الطرق، لكن دون جدوى.

في صباح أحد الأيام، ظهر رجل غريب يرتدي ملابس زاهية الالوان وقبعة تزينها ريشة حمراء، ويحمل في يديه مزمارًا. لم يكن يشبه أهل المدينة وكانت ألحانه جميلة لدرجة أن الطيور كانت تقف بجانبه لتستمع إلى موسيقاه. وقف عازف المزمار في وسط الساحة، فتجمّع حوله السكان مندهشين من مظهره. وعرض عليهم مساعدتهم في التخلّص من الفئران.

قال العازف: “أستطيع مساعدتكم في التخلّص من الفئران بسهولة، لكن يجب أن تعطوني أجرًا مقابل ذلك”.

نظر إليه السكان بدهشة، ثم وافقوا على طلبه. فقد كانوا يريدون التخلّص من الفئران التي أفسدت طعامهم ونشرت الأمراض في البيوت وأصواتهم المزعجة بأيّ ثمن. رفع العازف مزماره إلى فمه وبدأ يعزف لحنًا غريبًا تردّد صداه في الشوارع، كان لحنًا لم يسبق لسكّان المدينة أن سمعوه من قبل. ولم تمرّ سوى دقائق، حتى خرجت الفئران من كل زاوية وركن.

سارت الفئران خلف العازف في صفوف متوازية، وتبعته حتى وصل إلى النهر. وهناك، توقفت الموسيقى وجرفتهم مياه النهر بعيدًا عن المدينة. غمرت أصوات الفرحة المدينة، وامتلأت الشوارع بالتصفيق والتهليل، فرحين بتخلّصهم من الفئران إلى الأبد، وشكروا عازف المزمار على مساعدته العظيمة.

قال العازف: “لقد أنجزت مهمتي، أين أجري؟”

تهرّب الناس وبدأ يتهامسون: “إن المبلغ كبير، لم يفعل شيئًا يستحق هذا المبلغ، لم يفعل شيئًا سوى العزف”. ومع تذمّر أهل المدينة، استجاب لهم العمدة، وقال للعازف: “لم تكن المهمة تستحق هذا المبلغ. سأمنحك نصف المبلغ”.

شعر عازف المزمار بالغدر وارتسمت على وجهه علامات الغضب والخيبة. فقد أوفى بوعده وساعد أهل المدينة بإخلاص، لكنهم أخلفوا وعدهم. لم يقل شيئًا وتراجع خطوة إلى الخلف، ثم رفع مزماره مرة أخرى، ولكن هذه المرة عزف لحنًا حزينًا ملأ صداه أجواء المدينة. تعجّب السكان من عزفه، ثم فجأة خرج الأطفال من منازلهم واحدًا تلو الآخر، وساروا خلف العازف كأنهم تحت تأثير تعويذة سحرية.

صاح الآباء والأمهات، وركضوا خلفهم محاولين إيقافهم، لكن دون جودى. واصل العازف السير خارج المدينة، والأطفال خلفه، حتى اختفوا في الأفق لم يستطع أحد إيقافه أو إبطال مفعول السحر، فعمّ الحزن والندم. أدرك العمدة وأهل المدينة خطأهم، لكن بعد فوات الأوان.

العبرة من القصة

من القصص الكلاسيكية الجميلة التي يمكنك سردها ضمن مجموعة قصص قبل النوم، فهي تحمل في طياتها العديد من العبر والقيم النبيلة. إذ يتعلّم الأطفال من هذه القصة أهمية الوفاء بالوعود، وأن الجشع قد يؤدي إلى خسارة أشياء لا تقدَّر بثمن. كما تغرس فيهم قيمة احترام الآخرين وعدم الاستخفاف بجهودهم، فلكل عمل أهميته مهما كان بسيط، وكل إنسان يستحق التقدير.

اقرأ أيضًا: قصة عن أهمية التفكير الإيجابي: كيف غيّرت أفكاري عالمي الصغير

قصة للأطفال سن 6: القرد والتمساح

قصة “القرد والتمساح” هي واحدة من القصص الت تُروى للأطفال ضمن مجموعة قصص قبل النوم، ومناسبة للأطفال في سن السادسة. وهي إحدى القصص المذكورة في كتاب كليلة ودمنة.

أحداث القصة

يُحكى في قديم الزمان، في غابة جميلة تحيط بها الأشجار الخضراء، عاش قرد طيب القلب على إحدى أغصان شجرة موز بالقرب من بحيرة كبيرة. وفي صباح مشمس، بينما كان القرد يستمتع بتناول حبات الموز اللذيذة، لاحظ تمساحًا منهكًا يستريح قرب الشجرة، ويبدو عليه آثار التعب والإرهاق. اقترب القرد منه، وقال: “تبدو متعبًا جدًا، ما الذي حدث لك؟”

ردّ التمساح وقال بصوت متعب: “حاولت اليوم صيد الأسماك، لكنني لم أنجح، أشعر بالجوع والإرهاق.”

أشفق القرد على التمساح الجائع، فقطف بعض حبات الموز وقدّمه للتمساح، وقال: ” تفضّل، هذه فاكة لذيذة”.

التهم التمساح الفاكهة بسرعة من شدة الجوع، وأعجب بطعمها الذيذ وطلب المزيد. فقطف القرد بضع حبات أخرى وأعطاها للتمساح بإبتسامة. شكر التمساح القرد، ومن هنا بدأت تنمو بينهما صداقة بينهما مع مرور الأيام. وأصبح التمساح يزور القرد يوميًا ليستمتع برفقة صديقه والفاكهة اللذيذة.

ذات يوم، عاد التمساح إلى منزله وأخبر زوجته وعائلته عن تلك الفاكهة الشهية. فطلبت الزوجة أن يحضر لهم بعضًا منها لتتذوقها. وفي اليوم التالي، زار التمساح القرد، وطلب منه أن يعطيه بعض الفاكهة  الإضافية لعائلته. ولم يتردد القرد في تلبية طلبه، وقدّم له سلة مليئة بالموز.

تقاسم التمساح الفاكهة مع زوجته، التي استمتعت بتناولها، فهي لم يسبق لها أن تناولت شيئًا حلوًا كهذا. بعد أن تذوقت الفاكهة، امتلأ قلب الزوجة بالغيرة والطمع، وتخيّلت أن طعم القرد نفسه سيكون ألذ، لأنه يتغذى على الفواكه كل يوم.

ففكّرت في خطة لتحصل على القرد، وأخبرت زوجها أنها تعاني من مرض شديد، وأن الطبيب نصحها بتناول قلب قرد لتُشفى. وأصرّت عليه أن يحضر لها صديقه القرد لتأكله. صُدم التمساح من حديث زوجته، وقال: “ما … ماذا تقولين؟ كيف يمكنني أن أؤذي صديقي؟ أنه صديقي الوحيد”.

لم تستمع الزوجة الجشعة وألحّت عليه، مُدّعية تعبها الشّديد، لم يدْرِ التمساح المسكين ماذا يفعل، لم يكن يريد أن يؤذي صديقه، لكنه لم يستطع رفض طلبها. وفي اليوم التالي، زار التمساح صديقه، وقال بإبتسامة مخادعة: “مرحبًا يا صديقي العزيز، إن زوجتى تدعوك لتناول الغداء معنا اليوم لتشكرك على الفاكهة”.

تردّد القرد للحظة وقال: “أريد الذهاب، لكن كيف أعبر البحيرة؟ أنا لا أجيد السباحة، ومنزلك على الضفة الأخرى من البحيرة.”

ردّ التمساح: “لا تقلق، يا صديقي. لقد فكّرت في هذه المشكلة، ويمكنك الركوب على ظهري، سأوصلك بأمان”.

لم يشُكّ القرد في نوايا التمساح الخبيثة، وقال: “حسنًا، دعني أجمع بعض الفاكهة أولاً”.

حالما قطف القرد ما يكفي من الفاكهة لزوجة التمساح، صعد على ظهر التمساح، وانطلقا نحو البحيرة، حيث كانت المياه تتلألأ كمرآة تحت أشعة الشمس. عندما وصلا إلى منتصف البحيرة، توقف التمساح، وقال: “أنا آسف جدًا يا صديقي، لكن زوجتي مريضة جدًا، والطريقة الوحيدة لإنقاذها هو قلبك.”

عندما سمع القردد كلمات التمساح القاسية، تجمد في مكانه للحظة. لم يصدق أن صديقه الذي شاركه الفاكهة والحديث يمكن أن يطعنه في ظهره بهذا الشكل.

فكّر القرد سريعًا في طريقة لإنقاذه من هذه الورطة، ثم قال: “يا صديقي العزيز، يؤسفني جدًا سماع نبأ مرض زوجتك. أنا مستعد للمساعدة، لكنني نسيت قلبي في المنزل”.

صدّق التمساح كلام القرد، وصاح: “ماذا؟! يجب أن نعود فورًا لنحضر قلبك”.

سبح التمساح عائدًا للضفة. حالما وصلا، قفز القرد عن ظهره، وتسلق الشجرة سريعًا. ثم نظر إلى التمساح، وقال: “أيها الأحمق، ألا تعلم أن قلوبنا في أجسامنا؟ لن أثق بك مرة أخرى ولن أعطيك فاكهة بعد الآن”.

ثم أضاف: “لقد ظننتك صديقًا حقيقيًا، لكنك علمتني أن الثقة لا تُعطى إلا لمن يستحقها.”

شعر التمساح بالخجل وأدرك أنه فقد صديقه للأبد. أما القرد، فقد أنقذ نفسه بسرعة بديهته.

العبرة من القصة

تُعدّ قصة القرد والتمساح من أجمل قصص قبل النوم للأطفال. يتعلّم الأطفال من خلالها أهمية الذكاء والحكمة في التعامل مع المواقف الصعبة، كما تُحذر الأطفال من عواقب الخداع والطمع.

اقرأ أيضًا: قصة قصيرة حول تقبل الآخرين| الثعلب واللقلق

قصص قبل النوم: قصة الأرنب والقنفذ

قصة “الأرنب والقنفذ” من القصص الشعبية المعروفة في التراث الأوروبي، وقد تناقلتها الأجيال، وتُرجمت إلى اللغة العربية وانتشرت بصيغ مختلفة لما تحمله من قيم وعِبر. هي قصة جميلة ومناسبة للأطفال في سن 6 سنوات، ويمكنك سردها لطفلك ضمن مجموعة قصص قبل النوم لما تحمله من دروس حول الغرور والتواضع.

أحداث القصة

في صباح يوم مشمس، كان القنفذ يسير ببطء على جانب الطريق مستمتعًا بالهواء النقي. فجأة صادف الأرنب المتكبّر، كان الأرنب معروفًا بين حيوانات الغابة بغروره وتباهيه بسرعته. لم يستطع الأرنب ترك هذه الفرصة الذّهبية لتنمّر على القنفذ. فاقترب منه، وقال: “مرحبًا يا صديقي، إلى أين أنت ذاهب هكذا؟”

ردّ القنفذ: “أنا فقد أتنزّه”.

قال الأرنب ساخرًا: “بهذه الأرجل القصيرة، يبدو أنّك ستعود إلى منزلك غدًا”.

شعر القنفذ بالإهانة من سخرية الأرنب، وقرّر أن يلقّنه درسًا قاسيًا. أجاب: “ما رأيك أن نتسابق عند الشجرة الكبيرة لنرَ من الأسرع بيننا؟ وإن فُزت، يجب أن تتوقّف عن السخرية من الآخرين”.

ضحك الأرنب بصوت عالٍ، وقال بثقة: “ماذا؟ أنت ستفوز، هذا مضحك للغاية، حسنًا أنا موافق”.

عاد القنفذ إلى منزله، وجلس يفكر في خطة لهزيمة الأرنب. أخبر القنفذ زوجته عن السباق، قلقت الزوجة وقالت:” كيف ستهزمه وهو أسرع حيوانات الغابة”.

وبينما كان يتحدّث مع زوجته، خَطرت له فكرةُ ذكية. كانت زوجة القنفذ تشبهه كثيرًا، فقال: “لا تقلقلي لديّ خطة جيدة. غدًا سنقُوم بخدعة بسيطة، أنتِ تشبهينني كثيرًا. يُمكننا الاستفادة من هذه الميزة ونخدع الأرنب المغرور. غدًا سأقف عند  خط البداية، وأنتِ تنتظرين عند نهايته. وعندما يصل الأرنب إلى خط النهاية، تتظاهرين بأنكِ أنا”.

اتّفق الزوجان على الخطة. وفي صباح اليوم التالي، تجمّعت الحيوانات لمشاهدة السباق. وقف الأرنب عند خط البداية متباهيًا بسرعته، بينما وقف القنفذ صامتًا وواثقًا.

بدأ السباق، وانطلق الأرنب بأقصى سرعته، أما القنفذ فتظاهر بالجري بضع خطوات ثم اختفي بين الشجيرات. وعندما وصل الأرنب إلى خط النهاية، صُعق عندما وجد القنفذ واقفًا هناك.

 قال الأرنب: “كـ.. كـ.. كيف حدث هذا؟ كيف وصلت إلى هنا بهذه السرعة؟”

ردّ القنفذ بهدوء: “أنا سريع مثلك تمامًا”.

لم يُصدّق الأرنب ما حدث، وظنّ أنّ القنفذ خدعه، فأصرّ على إعادة السباق. وافق القنفذ، وبدأ السباق وركض الأرنب أسرع من المرة السابقة. ولكن كما حدث في المرة الأولى، وجد القنفذ عند خط النهاية.

كرّر الأرنب السباق عدّة مراتٍ، وفي كل مرة كان الأرنب يجد القنفذ ينتظره عند خط النهاية. في النهاية، جلس الأرنب على الأرض واعترف بهزيمته. ابتسم القنفذ وقال: “لا يتعلّق الأمر بالسرعة، أحيانًا يكون الذكاء هو الحل.”

شعر الأرنب بالخجل واعتذر للقنفذ، ووعده ألّا يسخر من أحدٍ مرة أخرى. ومنذ ذلك اليوم تعلّم الأرنب أن كل مخلوق له صفاته الفريدة التي تستحق الاحترام.

العبرة من قصة الأرنب والقنفذ

لا تسخر من الآخرين، ولا تقلل من شأنهم، ولا تتنمر على أحد بسبب شكله أو شخصيته أو طريقة تحدثه أو حتى ملابسه. جميعنا متساوون وما يميزنا هو ما يحمله قلبنا من خير وحُب للآخرين. وتذكرّ دائمًا أن التواضع فضيلة والقوة لا تقاس بمظهر بل بقلبك وذكائك وطيبتك.

اقرأ أيضًا: حكايات عالمية: أشهر القصص من حول العالم

قصة للأطفال سن 6: التاجر الذكي

قصة جميلة من تراثنا العربي، وتنتمي إلى مجموعة قصص قبل النوم التي يمكنك سردها لطفلك قبل النوم لتغرس فيه القيم الجميلة بطريقة ممتعة.

أحداث القصة

يُحكى أنه في قديم الزمان، كان هناك ملكٌ ظالم يحكم إحدى البلاد، لا يهتمّ بشعبه ولا بأحوالهم، ويُثقل كاهلهم بفرض الضرائب، ساعيًا فقط وراءَ مصالحه الشخصية. وكان يحيط به مجموعة أشخاص فاسدين، لا همّ لهم إلا خِداعُه والثناء عليه مهما ارتكب من أخطاء. وفي نفس المدينة، عاش تاجر طيب القلب، عُرف بحكمتهِ وذكائه ورفضه لتصرّفات الملك الخاطئة وكُرهه لأولئك المنافقين المحيطين بالملك.

وذات يوم، دار نقاش في المحكمة بين التاجر وحاشية الملك. قال التاجر: “يمكن لأيّ شخص الخروج من أيّ مأزق إذا امتلك الذكاء، أما أنتم فمجرّد حمقى لا تستطيعون التصرّف ولا تصلُحون لحكم البلاد”. ثار حاشية الملك غضبًا، وحرّضوا الملك على معاقبة التاجر.

فأمر الملك بمعاقبة التاجر بسبب سلوكه الطائش وأخبر جنوده بوضعه في اسطبل الخيول، وقال مُتحدّيًا: “إن لم تخرج من هذا المكان بعد شهر، ومعك ألف عملة ذهبية، فسأسجنك للأبد”.

وافق التاجر على التحدي، وطلب أن يُسمح له بأخذ ميزان معه. تعجّب الجميع من طلبه الغريب، وافق الملك. وبمجرد دخوله الاسطبل، بدأ التاجر يزن الخيول. سأله أحد العمال بدهشة: “ما الذي تفعله؟”

ردّ التاجر: لقد وضعني الملك هنا لمراقبتكم، ولأتأكّد إن كنتم تطعمون الخيول جيدًا أم لا؟

صاح أحدهم: “كيف ستعرف هذا؟”

أجابه التاجر: “إذا كان وزن الروث أقل من الطبيعي، فهذا يعني أنّها لا تتغذّى جيدًا، وعندها سأُخبر الملك بسرقتكم للطعام”.

شعر العمال بالرّعب، فقد كانوا يبيعون طعام الخيول مقابل المال بدون علم الملك. توسّلوا إلى التاجر ألّا يفضح الملك، وعرضوا عليه المال والطعام، بل وحرصوا على إطعام الخيول كما ينبغي.

وبعد مرور شهر، خرج التاجر وأعطى الملك ألف قطعة ذهبية. غضب الملك، وقرر معاقبته مجددًا. هذه المرة، أرسله إلى نهر خارج المدينة، وأمره بالحصول على 2000 قطعة ذهبية خلال شهر واحد ليثبت أنه ذكيٌ حقًا.

طلب التاجر أن يأخذ معه الميزان مرة أخرى، فسمح له الملك. وعندما وصل إلى النهر، بدأ يزن الماء، رآه أحد البحارة، فتعجّب مما يفعله، وصاح: “ماذا تفعل أيها الرجل”.

ردّ التاجر: “أنني أزن الماء، أمرني الملك بمعرفة من يأخذ ركابًا أكثر من العدد المسموح، ليتم معاقبته”.

خاف أصحاب القوارب وتوتروا، فقد كانوا يزيدون عدد الركاب ليكسبوا المزيد من المال مستغلّين إهمال الملك. توسّلوا إلى التاجر ليسامحهم وألّا يبلغ الملك، وفي المقابل، عرضوا عليه المال.

وبعد شهر، استدعي الملك التاجر إلى القصر، فحضر حاملاً ألفي عملة ذهبية. دُهش الملك من ذكائه، وقال: “كيف تمكّنت من فعل هذا؟”

فأجابه التاجر: “يا مولاي إنّ حاشيتك تخدعك. والرجل الحكيم يستطيع أن يتعامل مع أيّ ظروف تُواجهه”.

اقتنع الملك بكلامه، وأدرك أنّه أمام رجل ذكي يستطيع تدبير أموره تحت أي ظرف من الظروف، فعيّنه مستشارًا أول له في القصر، وبدأ يُصلح ما أفسده من ظلم وجور بمساعدة التاجر.

العبرة من القصة

من مثل هذه القصص قبل النوم، نتعلّم أن الذكاء والحكمة يمكن أن ينتصرا على الظلم والفساد، وأنهما من أقوى الأسلحة التي نمتلكها. وأن الشخص الذكيّ لا يستسلم للظروف، بل يحوّلها إلى فرص تُثبت مهاراته وقدرته على التصرف.

اقرأ أيضًا: قصة اكتشاف البنسلين: قطرة صغيرة غيرت تاريخ الطب

قدمنا لكم مجموعة من قصص قبل النوم المناسبة للأطفال في سن السادسة. يمكنكم اختيار القصة التي يفضلها طفلكم وسردها له قبل النوم. لن تقدم هذه القصص لحظات وذكريات ممتعة ولا تنسى فقط ، بل تحمل العديد من القيم والعِبر التي ينبغي غرسها في نفوس الأطفال منذ الصغر.

المصدر

.Stories

قصة عن التعاون للأطفال: الحمامة المطوقة وأصدقاء الغابة

قيل قديمًا أن التعاون هو أقوى سلاح في مواجهة التحديات، وأن اليد الواحدة لا يمكنها إنجاز العمل بمفردها. لذلك، سنروي اليوم قصة عن حمامة جميلة الألوان وقعت في فخ الصياد. لكن بفضل مساعدة أصدقائها في الغابة تمكّنت من الهروب من شبكة الصياد. تابعوا معنا هذه القصة المليئة بالمغامرة، والتي ستعلم الأطفال أن العمل الجماعي هو سر النجاح في مواجهة أصعب المواقف.

قصة عن التعاون للأطفال: الحمامة المطوقة وأصدقائها

حدثت قصّتنا في غابةٍ جميلةٍ كثيفة الأشجار ذات منظر بديع. كانت الغابة موطنًا للطيور. لكن، كما هي العادة في الحياة، لا تسلم الطيور والحيوانات من خطر الصيادين الذين ينصبون شباكهم في كل أنحاء الغابة طمعًا في اصطياد الطيور الجميلة التي تعيش فيها.

كثيرًا ما يتردد الصيادون على الغابة، وخاصةً بالقرب من شجرة كبيرة، حيث اعتادت الطّيور التجمع عندها باستمرار. وذات يوم، في الصباح الباكر، خرج غراب من عشه القريب من الشجرة الكبيرة فرأى صيادًا تبدو على وجهه ملامح الدهاء والخبث، يتسلَّل بحذر داخل الغابة، ويحمل في إحدى يديه شبكة صيد كبيرة وحبوبًا، وفي اليد الأخرى عصا غليظة.

ذُعر الغراب مما رآه، وتسمّر في مكانه، وتساءل كثيرًا في نفسه: “لماذا جاء هذا الصياد إلى غابتنا؟ هل جاء لاصطيادي وقتلي؟ أم أنَّ هناك طيورًا أخرى ستكون ضحية خدعته؟” 

اختبأ الغراب وأخذ يُراقب ما يفعله الصياد من بعيد، فرأه يضع شبكته الكبيرة بحذر بين الأعشاب الطويلة، وينثر الحبوب فوقها لتكون فخًا للطيور التي تطير حول الشجرة. لم يمضِ وقت طويل حتى جاء سرب كبير من الحمام، تتقدّمهن في الطيران حمامة بيضاء آسرة الجمال تُدعى “المطوقة”، وسُميت الحمامة بهذا الاسم لشدة جمال ريشها الأبيض اللامع وعنقها الأبيض كحبات اللؤلؤ. كانت المطوقة حكيمة وفطنة، وتكنُّ لها باقي الحمامات احترامًا عظيمًا.

حلّق السرب فوق الشجرة الكبيرة، ولمحت الحمامات الحبوب المتناثرة. فرحت الحمامات بشدة ولم يستطعن مقاومة الطعام المجاني، واندفعن نحو الأرض، وقد أنساهن الجوع أخذ الحذر، فلم ينتبهن إلى الشبكة.

شعرت المطوقة بالريبة، فصاحت في أصدقائها: “احذرن! هذا غريب، قد يكون هذا فخًا”.

وعلى الرغم من إحساسها بالخطر، إلا أنها لم تتمكن من إيقاف السرب، فقد غلبتها أصوات الجوع. وعندما أقبل السرب والحمامة المطوقة نحو الحبوب لالتقطاها، وقف الغراب فوق غصن مرتفع، يحاول تحذيرهن، ولكن لم يصغ إليه أحد.

ما إن لمست أقدامهن أرض الغابة، حتى انطبقت عليهن الشبكة التي نصبها الصياد، فتشابكت أرجلهن في خيوطها. علا صراخ سرب الحمام، وبدأت كل حمامة تضرب بجناحيها بجنون في محاولة يائسة للخلاص من الشبكة، غير آبهة برفيقاتها.

فرح الصياد وهو يراقب المشهد من بعيد، وانطلق مسرعًا لجمع الحمام. وفي تلك اللحظة، حاول الحمام الطيران بعيدًا، لكن دون جدوى، إذ طارت كل حمامة في اتجاه مختلف، فتشابكت الخيوط أكثر، مما زاد الموقف سوءًا

اقترب الصياد من الشبكة وقال بسخرية: “لقد أمسكتُ بصيدٍ ثمينٍ! سأخذ هذه الطّيور إلى السوق وأبيعها وأصبح غنيًا”.

وعندما اقترب الصياد منهن، خاف الحمام كثيرًا، وقال بعضهن لبعض: “سيُقضى علينا جميعًا”.

عندها فكرت الحمامة المطوقة بحكمة وقالت: “توقفن! لن نستطيع النجاة هكذا. أرجوكن، لا تضربن بأجنحتكنّ، ولا تفكرن بإنقاذ أنفسكنّ فقط. علينا التعاون معًا لننقذ أنفسنا”.

قالت إحدى الحمامات في حيرة: “وماذا نفعل؟”

ردت المطوقة بثقة: “يجب علينا الاتحاد والتعاون معًا. يجب أن نرفرف جميعًا بأجنحتنا في نفس الوقت وبقوة واحدة”.

استجاب باقي السرب لكلام الحمامة المطوقة، واتحدن وقرّرن أن يطرن معًا إلى أعلى كي يتخلَّصن من الشبكة العالقة. وعلى الرغم من ثقلها، استطاعوا رفعها عن الأرض بفضل التعاون معًا. لاحظ الصياد ما يحدث، فاندفع مسرعًا لينقضّ عليهن، لكنه لم يستطع، فقد حلّق الحمام بالشبكة عاليًا في الهواء.

تعجّب الصياد مما رأى، وقال: “كيف حدث هذا؟ هذه أول مرة أرى طيورًا تحمل شبكة”.

غضب الصياد واندفع يطاردهن عبر الغابة. وعندما رأت المطوقة أنّ الصياد يتبعهن، صاحت بصوت مرتفع: “هيا، لنطير بين الأشجار الكثيفة حتى لا يتمكن من ملاحقتنا”.

وبالفعل، طار سرب الحمام بين الأشجار المتشابكة، فتعذّر على الصياد اللحاق بهن، وتردد في دخول أعماق الغابة خوفًا من الحيوانات المفترسة. واصل السرب الطيران حتى ابتعد تمامًا عن الصياد، ووصل إلى مكان آمن وسط الغابة. وهناك، ظهر الغراب فجأة، واقترب وهو يقول: “لا تخفن، سأذهب مسرعًا لإحضار السنجاب الحكيم ليساعدكن”.

عُرف السنجاب في الغابة بحكمته وحيلته ومساعدته لجميع الطيور والحيوانات. طار الغراب مسرعًا إلى بيت السنجاب، وقصَّ عليه ما حدث مع سرب الحمام، وقال بلهفة: “أيها السنجابُ الحكيمُ، نحتاج إلى مساعدتك، لقد وقع الحمام في شبكة الصياد”.

أسرع السنجاب مع الغراب إلى مكان السرب. وعندما رأت الحمامة السنجاب قالت: “أيها السنجاب الحكيم، لقد تعاوننا معًا للهرب من الصياد، ولكننا ما زلنا عالقين. نحتاج إلى مساعدتك كي نتخلص من هذه الشبكة وننجو”.

استنكر السنجاب المشهد، وتعجّب كيف للمطوقة أن تقع ضحية هذا الفخ وقال: ما الذي أوقعكِ في هذا الفخ، وأنتِ معروفة بالذكاء والفطنة؟”

ردت الحمامة، وهي تشير إلى الحبوب العالقة في الشبكة بحزن: “إنه الطمع، هو من أوقعني في هذه الورطة”.

ابتسم السنجاب، وقال: “حسنًا، لا تقلقي. سأعمل على تحريركنَّ بأسرع وقت”.

أسرع السنجاب في محاولة فكّ الشباك عن الحمامة المطوقة أولًا. لكنها أوقفته بلطف وقالت: “أرجوك، أنقذ أصدقائي أولًا قبل أن تفكَّ قيدي”.

تعجّب السنجاب من طلب الحمامة وقال: “ألا تريدين أن أنقذكِ أولًا؟”

ابتسمت الحمامة، وقالت: “إني أخاف إن بدأتَ بي أن تشعر بالتعب فتترك أصدقائي. ولكن إذا بدأتَ بفك شباك صديقاتي، فحتى إن أصابك التعب ستواصل العمل من أجل تحريري.”

نظر إليها السنجاب بإعجاب وقال: “كل يوم يزداد إعجابي بحكمتك وذكائك.”

وبينما انهمك السنجاب جاهدًا على قطع خيوط الشبكة بأسنانه، وصل الفأر والأرنب والسلحفاة مسرعين لمساعدته على تحرير الحمام. اجمعت الحيوانات معًا، وبدأوا يعملون كفريق واحد يسوده التعاون.

استخدمت السلحفاة فكّها لشد أطراف الشبكة وقطعها، بينما كان الأرنب والفأر يقطعان الحبال السميكة بمساعدة النحلة التي كانت تدلهما على أماكن العقد المخفية. أما الغراب، فظل يحلق في السماء، يراقب المكان ويحذرهم إذا اقترب الصياد من جديد. وعندما أحس الغراب باقتراب الصياد، طار مسرعًا ونادى الفيل ليساعدهم في مطاردته وإبعاده عنهم.

بفضل التعاون بين الجميع، استطاع الأصدقاء فكَّ الشباك وتحرير الحمام. ورفرفن بأجنحتهنَّ في الغابة فرحات بتحررهن.

شكرت المطوقة السنجاب وأصدقاءه، وقالت بامتنان: لقد نجونا بفضل تعاونكم جميعًا. شكرًا لكم”.

ابتسم السنجاب وقال: “إن التعاون بيننا هو الذي ساعدنا على تحريركن بسرعة.”

وأضافت السلحفاة: “مهما اختلفت أشكالنا وأحجامنا، فإن باتحادنا نستطيع التغلب على أي خطر. فالنجاح لا يتحقق إلا بالتعاون”.

طار سرب الحمام في السماء، وهنّ يلوّحن بأجنحتهن مودعات أصدقائهم الأوفياء. ومنذ ذلك اليوم، ظلّ سكان الغابة يروون قصة الحمامة المطوقة وأصدقائها الذين علّموا الجميع أن التعاون هو أساس النجاح.

اقرأ أيضًا: قصة عن الكذب للأطفال: الراعي والذئب

تُعد قصة الحمامة وأصدقائها واحدة من أفضل قصص الأطفال التي تغرس القيم والأخلاق في نفوسهم، حيث تحمل بين طياتها العديد من المبادئ السامية، فهي قصة عن التعاون والعمل الجماعي.

تُعلّم الأطفال أهمية مساعدة الآخرين وعدم التفكير في أنفسهم فقط، وتؤكد أن أساس النجاح والتغلب على المخاطر يكمن في التعاون. كما تُبرز القصة درسًا مهمًا، وهو ألا نستهين بقدرات الآخرين مهما كان حجمهم أو شكلهم؛ فكما رأينا في قصتنا، رغم صغر حجم الفأر والسنجاب وبطء السلحفاة، إلا أنهم كانوا السبب في تحرير الحمامات من الشبكة.

اقرأ أيضًا: قصة قصيرة عن الصدق: ياسر والجرّة

قصة الفراولة للأطفال: مغامرة ماري في المملكة السحرية

يواجه العديد من الآباء صعوبة يومية في إقناع أطفالهم بتناول الفواكه والخضراوات. فغالبًا ما يزداد عناد الأطفال حين محاولة إقناعهم بتناول الأطعمة المفيدة. لذلك، يلجأ الآباء إلى البحث عن حلول مبتكرة لتشجيع أطفالهم على تناول الفواكه. ومن بين هذه الحلول الفعّالة استخدام القصص التي تتناول الفواكه والخضروات، حيث يمكنك تقديمها على أنها أبطال مغامرات شيقة. بهذه الطريقة، يمكنك تغيير نظرة الأطفال تجاه الطعام الصحي وتشجيعهم على تناوله.

في مغامرة جديدة، ستخوض ماري تحدّيات في مملكة الفراولة السحرية، حيث ستتعرف على الفوائد العجيبة للفراولة التي لم تكن تعلمها. ماذا ستتعلم ماري؟ وهل ستغير رأيها بعد هذه المغامرة؟ لنتابع معنًا قصة ماري والمملكة السحرية.

قصة الفراولة للأطفال: مغامرة ماري في المملكة السحرية

تدور أحداث قصتنا حول ماري ذات التسعة أعوام. ماري فتاة مرحة وذات قلب طيب، لكن هناك أمرًا واحدًا يُعكّر صفو سعادة والديها هو كرها الشديد لتناول الفواكه، وخاصةً الفراولة. ومهما حاول والداها إقناعها بتناول الفراولة الحمراء بطرق شتى، كانت تهز رأسها بعناد وترفض بشدة. لم يعرف الأب ماذا يفعل لإقناع ابنته، وهو يعلم جيدًا فوائدها الصحية العديدة. وذات يوم، وبينما كان يجلس الأب في حديقة البيت، خطرت له فكرة. وقرر أن يزرع الفراولة في مكان مميز بالحديقة، أملًا في أن تتعلّق ابنته بها شيئًا فشيئًا.

في أحد الأيام، جلست ماري بجانب والدها في الحديقة، تتأمل الأزهار وتستنشق عبيرها الفواح، متجاهلةً نبتة الفراولة التي زرعها والدها. وبينما كانت تلعب بين الأزهار، لفت انتباهها فراشة بديعة، تزهو أجنحتها بألوان لم ترَ مثلها من قبل. انطلقت ماري خلف الفراشة الجميلة، تجري وتلعب معها. بينما كانت تتبع الفراشة، ظهر فجأة ضوء ذهبي غريب، يشعّ بقوة من خلف الشجرة الكبيرة.

اقتربت ماري من الشجرة بفضول لمعرفة مصدر الضوء الغريب. وما إن وصلت، حتى خرج من بين الأوراق مخلوق صغير له جناحان رقيقان يلمعان كالزجاج. قال المخلوق بابتسامة: “مرحباً يا ماري، هل ترغبين في الانضمام إليّ في مغامرة ممتعة؟”

شعرت ماري بالدهشة والخوف، فسألت بفضول: “من أنت؟ وكيف خرجت من الشجرة؟”

أجاب المخلوق: “أنا أدعى “وميض”، حارس مملكة الفراولة السحرية. ولقد تم اختياركِ لزيارة مملكتنا واكتشاف فوائد الفراولة العجيبة بنفسك. هيا، اصعدي على أجنحتي، لننطلق في مغامراتنا”.

تحمّست ماري للفكرة، ومدت يدها إلى وميض، وبمساعدته صعدت على ظهره. في تلك اللحظة، أحاط بهما ضوء ذهبي لامع، دُهشت مارى للحظة وأغمضت عينيها بخوف. وعندما فتحتهما مجددًا، وجدت نفسها في عالم مذهل لم ترَ مثله من قبل.

رأت تلالاً خضراء واسعة مغطاة بآلاف حبات الفراولة الحمراء. كما رأت أنهارًا من عصير الفراولة اللذيذ، وبيوتًا على شكل حبّات عملاقة من الفراولة، لقد كان عاملًا سحريًا مثيرًا للدهشة.

قال وميض مبتسمًا: “مرحبًا بكِ يا ماري في مملكتنا السحرية. كل شيء هنا مصنوع من الفراولة. لكننا لا نأكلها فقط بسبب طعمها اللذيذ، بل لأنها تمتلك فوائد كثيرة”.

ردّت ماري: “أنا لا أحبها، لكنني جئت معك لأرى هذا العالم السحري”.

قال وميض: “أعلم ذلك، ولهذا السبب اخترناكِ أنت تحديدًا. أعدك بأنكِ ستُغيرين رأيك في نهاية رحلتنا”.

ثم تابع حديثه قائلًا: “إنها ليست مجرد فاكهة عادية. كل حبّة تحمل قوة سحرية خاصة. عندما تأكلينها، فإنها تمنحكِ جزءًا من قوتها. وكلما أكلتِ أكثر، زادت القوة التي تكتسبينها”.

اتسعت عينا ماري بدهشة، وقالت وهي تنظر إليه بفضول: “قوة سحرية؟ لم أسمع بهذا من قبل. ما هي هذه القوة؟ أخبرني”.

ابتسم وميض وقال: “هيا بنا إلى نتجول في المملكة، وهناك ستكتشفين الأسرار السحرية للفراولة”.

انطلق وميض وماري في رحلتهما السحرية، وبينما كانا يحلقان بين التلال، مرّا على نهر يتدفق منه عصير الفراولة الطازج، ورأت حوله أطفال يلعبون بنشاط وسعادة على ضفّتيه. ملأت رائحة الفراولة المكان، فتوقفت ماري فجأة، واضعة يدها على أنفها، وقالت بتردد: “رائحة الفراولة قوية جدًا، لا أستطيع التقدم”.

شجّعها وميض على التقدّم، وقال: “لا تقلقي يا ماري، ستتعودين عليها. هذا هو نهر المناعة. تحتوي الفراولة على كميات كبيرة من فيتامين C، وهو فيتامين مهم يساعد الجسم على مقاومة الأمراض والفيروسات. يُعدّ بمثابة درع قوي لحمايتك وتقوّية جهازكِ المناعي”.

تعجّبت ماري وقالت: “حقًا؟ لم أكن أعلم أنّ هذه الفاكهة تملك هذه القدرة العجيبة على الحماية من الأمراض”.

وفي تلك اللحظة، شاهدت ماري مجموعة من سكان المملكة يحملون طفلًا يعاني من زكام، ويضعونه بالقرب من النهر، وقدموا له كأسًا من العصير. شرب الطفل العصير، وما هي إلا لحظات حتى بدأت أعراض المرض تقل تدريجيًا، وشعر بتحسّن. لم تصدق ماري ما شاهدته، وقالت: “هل هذا بسبب ذلك العصير؟”

أجابها وميض: “إنها فقط البداية يا ماري. هل ترغبين بتجربة العصير؟”

ترددت ماري قليلًا، ثم هزّت رأسها وقالت: “لا، ليس الآن”.

ابتسم وميض وقال: “حسنًا، لن أضغط عليكِ. ما زالت أمامنا مغامرات كثيرة. هيا بنا نُكمل جولتنا”.

ثم انطلقت ماري مع وميض نحو حديقة شاسعة تملؤها الألوان. وجدت مجموعة من الأطفال يجلسون في أركان الحديقة، يقرأون الكتب ويلعبون ألعاب ذهنية ممتعة.

تعجّبت ليلى من قدرة الأطفال، وسألت وميض: “كيف يستطيع هؤلاء الأطفال حلّ هذه الألغاز المعقدة”.

أجاب وميض: “هذه الفائدة الثانية للفراولة، فهي تحتوي على مضادات أكسدة تساعد على تحسين التركيز، وتدعم وظائف الدماغ والذاكرة. كما أنها تُقلل من خطر الإصابة بأمراض خطيرة، مثل: الزهايمر”.

قاطعته ماري، وقالت بثقة: “أنا لا أحتاجها، يمكنني حل اللغز بسهولة”.

أخذت ماري ورقة اللغز وبدأت تفكر في الإجابة، لكنها لم تتمكن من حلّه. بدا عليها التوتر، فابتسم وميض وأخرج قطعة صغيرة من حلوى الفراولة وقدمها لماري لتتناولها، وقال: “جرّبي هذه”. ترددت ماري قليلًا ولكنها كانت ترغب في حلّ اللغز. فأخذتها وما إن مضغتها حتى شعرت بقوة غريبة، وبدأت الأفكار تتدفق في عقلها بسرعة. وخلال لحظات، استطاعت حلّ اللغز بسهولة.

تعجّبت ماري: “لم أكن أعرف أن للفراولة مثل هذه الفائدة”.

ضحك وميض، ثم أخذها إلى بحيرة سحرية تتلألأ مياهها وتفوح منها رائحة الفراولة. نظرت ماري بدهشة، فقد رأت مجموعة من الأشخاص ذوي الوزن الزائد ينزلون إلى البحيرة، وعندما يخرجون، يكونون أكثر رشاقة ونشاطًا.

دُهشّت ماري، قالت” كيف هذا؟”  

أجابها وميض: “هذه هي الفائدة الثالثة،. تلعب الفراولة دورًا مهمًا في عملية التمثيل الغذائي وحرق الدهون. كما أنها تحتوي على الألياف التي تزيد الشعور بالشبع لفترة أطول، مما يقلل الرغبة في تناول الطعام، ويساعد على خسارة الوزن”.

واصل الاثنان السير حتى وصلا شجرة كبيرة. كانت الشجرة مغطاة بحبات فراولة الشفافة والمتلألئة وكأنها مصنوعة من الزجاج. اقتربت ليلى من الشجرة، ولاحظت أن بشرتها أصبحت أكثر إشراقًا.

لاحظ وميض دهشتها، فقال: “الفراولة غنية بفيتامين C وحمض الساليسيليك، مما يساعد على نضارة البشرة، وتقليل ظهور التجاعيد، وتحافظ على شباب الجلد. كما أنها تُقلل من ظهور حب الشباب وتمنح البشرة إشراقًا طبيعيًا”. 

فجأة، ظهرت فتاة جميلة من خلف الشجرة، اقتربت من ماري وقالت: “أنا أستخدم قناع الفراولة الطبيعي مرة في الأسبوع، ولهذا بشرتي بهذا الصفاء”.

سألت وميض عن ماري، فأخبرها أنها في زيارة إلى مملكتهم لتتعلم فوائد الفراولة. تفاجأت الفتاة عندما علمت أن ماري لا تحب الفراولة، لكنها لم تقل شيئًا. بل قطفت حبة فراولة كبيرة، وتناولتها. وما إن مضغتها، حتى شعرت بالهدوء والسكينة.

فقال وميض: “هذه فائدة أخرى يا ماري، تساعد الفراولة على تهدئة الأعصاب وتخفف التوتر والقلق. كما أنها تُنظّم ضغط الدم لاحتوائها على عنصر البوتاسيوم”.

اتسعت عينا ماري أكثر فأكثر، فقد اكتشفت عالمًا جديدًا تمامًا. فلم تتخيّل أن فاكهة صغيرة بهذا الحجم قد تُخفي في داخلها قوى عجيبة.

طار وميض نحو طبق كبير مملوء بحبات الفراولة الحمراء اللامعة، وقال: “تفضلي يا ماري، هل تريدين تجربتها الآن”.

تردّدت ماري للحظة، لكنها تغلبت على تردّدها بدافع الفضول، ورغبتها في الاستفادة من هذه القوى السحرية. تناولت حبة صغيرة، وضعتها في فمها ببطء. في البداية، شعرت بطعم حلو ممزوج بالحموضة، لكن بعد لحظات، تسللت طاقة جديدة في جسدها. وشعرت برغبة مفاجئة في الركض والقفز.

ضحك وميض وقال: “هذا هو السحر يا ماري. هل تغيّر رأيك؟”

ردّت ماري: “نعم، يبدو أنني كنت مخطئة. إنها لذيذة”.

بعد أن تعلّمت ماري عن فوائد الفراولة المختلفة، قادها وميض إلى بوابة العودة، وقال: “سُعدت بزيارتكِ يا ماري. آمل أن أراك مرة أخرى وأنت تستمتعين بالفراولة “.

شكرت ماري وميض على الرحلة الممتعة. وبحركة سحرية منه، أحاط بها الضوء الذهبي مرة أخرى، وعادت ماري إلى منزلها في لمح البصر. وقفت ماري تحدّق حولها في الحديقة. ولم تدري هل كانت تحلم؟ أم أنها فعلاً زارت مملكة الفراولة السحرية؟ لكن الشيء الوحيد الذي تأكّدت منه أنها أحبت رائحة الفراولة التي زرعها والدها في الحديقة.

اقرأ أيضًا: قصة للأطفال عن توفير المال: سامر والديناصور الأخضر

ومنذ ذلك اليوم، لم تتوقف ماري عن تناول الفراولة. فقد تعلّمت درسًا مهمًا عن أهميتها الحقيقية، وعرفت أنها ليست مجرد فاكهة لذيذة، بل هي كنز مليء بالفوائد. فهي غنية بمضادات الأكسدة التي تحافظ على نضارة بشرتها، كما تمنحها الطاقة والنشاط لتلعب وتتعلم وتستكشف العالم بكل حماس.

قصة قصيرة حول تقبل الآخرين| الثعلب واللقلق

خلقنا الله مختلفين في أشكالنا وصفاتنا، فكلٌّ منا يحمل جماله الخاص بطريقته الفريدة. وفي عالمنا الكبير، قد نصادف من لا يشبهنا، وهذا لا يعني أبدًا أن نسخر أو نتنمّر على غيرنا، بل هي فرصة رائعة لتعلّم كيفية تقبل الآخرين واحترام مشاعرهم.

وفي قصتنا اليوم، تعلّم الثعلب درسًا لا يُنسى، درسًا مهمًا عن أن الاختلاف ليس عيبًا، بل ميزة مهمّة تزهر بها حياتنا. فلنقرأ معًا قصة “الثعلب واللقلق” ونتعلّم منها الاحترام وتقبل اختلافات الآخرين.

قصة الثعلب واللقلق ودرس في تقبل الآخرين

في قديم الزمان، في غابة خضراء مليئة بالأشجار والحيوانات المختلفة، عاش ثعلب ذكي وماكر، وكان الثعلب يشتهر بدهاءه وسخريته من باقي الحيوانات. أما جاره، طائر اللقلق، فكان طيب القلب، ولا يؤذي أحدًا، ويكنّ الاحترام للآخرين ويتقبل اختلاف كل واحد منهم، ويرى أن اختلافهم هو سرّ جمال الغابة، على عكس طبيعة الثعلب المكار.

على الرغم من كونهما جارين لا يفصل بين منزليهما سوى خطوات معدودة، إلا أن الثعلب واللقلق لم تربطهما أيّة صداقة. فقد كان الثعلب يُحب مضايقة اللقلق كثيرًا، ويسخر من منقاره الطويل وشكله المختلف عن باقي الحيوانات. ولم يكتف بذلك فقط، بل ويتفنن في صنع المقالب واختيار كلمات تُضحك بقية الحيوانات على مظهره المختلف. لم يملك اللقلق المسكين سوى الصمت وتجنب السخرية الجارحة.

وفي إحدى الليالي، شعر الثعلب بالملل، فجلس يُفكّر مليًا في طريقة لكسر هذا الملل. وما لبث أن خطرت في ذهنه خطة ماكرة يتسلّى بها على حساب مشاعر اللقلق الطيب. وما إن أشرقت الشمس، حتى توجّه الثعلب مسرعًا إلى منزل جاره اللقلق وقال بإبتسامة ماكرة: “مرحبًا يا جاري، أودّ أن أدعوك لتناول العشاء في بيتي غدًا.”

فرح اللقلق كثيرًا بدعوة الثعلب على العشاء، فهو يُحب مشاركة الأصدقاء على العشاء وقضاء وقت ممتع معهم. ظنّ اللقلق أن الثعلب ربما يريد أن الاعتذار عن تصرفاته السابقة، ولم يكن يدرك نية الثعلب الحقيقية. فابتسم اللقلق وردّ قائلاً: “بالطبع سأحضر في الموعد أيها الثعلب، أتمنى أن نقضي وقتًا ممتعًا سويًا. أشكرك على هذه الدعوة اللطيفة”.

وفي صباح اليوم التالي، شرع الثعلب في تنفيذ خطته الماكرة. فقد قرر أن يُحرج اللقلق، لا أن يعتذر له كما ظنّ. بدأ بترتيب منزله وأعدّ العشاء. جهّز حساءً لذيذًا، ولكنه سكبه في طبقين مسطحين، وهو يتخيل منظر اللقلق المسكين وهو يحاول أن يأكل بمنقاره الطويل دون جدوى.

وصل اللقلق في الموعد المتفق عليه مبتسمًا، وأحضر معه هدية لطيفة ليُقّدمها للثعلب ليشكره على دعوته. دقّ اللقلق جرس الباب، وعندما فتح الثعلب الباب، قال اللقلق: “مساء الخير يا جاري، شكرًا لدعوتي إلى منزلك، وأرجو أن تقبل هذه الهدية مني”.

أجاب الثعلب بخبث: “تفضل يا صديقي، لنجلس ونتناول العشاء ونتسامر سويًا”.

ثم ذهب إلى المطبخ وأحضر الأطباق، وقال مبتسمًا: “تفضل هذا الحساء لقد أعددته خصيصًا لك”.

جلس الاثنان سويًا على طاولة العشاء، وتناول الثعلب الحساء بسرعة وراحة، بينما حاول اللقلق أن يتناول الحساء ولكنه لم يتمكّن من ذلك بسبب منقاره الطويل المدبب، سكت اللقلق ولم يرد أن يُحرج الثعلب وقال: “إنني لا أشعر بالجوع هذه الليلة”.

لم يبال الثعلب بما قاله اللقلق، ورد ساخرًا: ” لم آكل حساء بهذه اللذة منذ زمن، لقد استمتعت كثيرًا بهذه الوجبة المذهلة”.

شعر اللقلق بالاستياء من خدعة الثعلب المكّار، لكنه لم يظهر علامات للغضب أو الحزن، بل بقي هادئًا، وفهم أن الثعلب خطط لهذه المكيدة مسبقًا.

شكر اللقلق الثعلب على وجبة العشاء، وعاد إلى بيته حزينًا ومستاءً مما فعله الثعلب. فكر بهدوء وقال لنفسه: ” أحيانًا لا يفهم الآخرون أننا مختلفون عنهم. وربما يعتقدون أن السخرية على اختلافنا شيء ممتع. سأعلمك درسًا لن تنساه أيها الثعلب”.

وبعد أسبوع من تلك الليلة، تفاجأ الثعلب حين فتح الباب ووجد اللقلق واقفًا أمام منزله. استغرب الثعلب من وجود اللقلق، فهو لم يره منذ ذلك الليلة.

قال اللقلق: “مساء الخير يا صديقي العزيز، أريد دعوتك لتناول وجبة العشاء معي غدًا، هل ترغب بالقدوم؟”.

لم يشك الثعلب في سبب الدعوة، وقال في نفسه:” ربما يودّ أن يرد لي الوجبة التي أعددتها له سابقًا، يالها من طائر ساذج”.

قطع اللقلق تفكير الثعلب، وقال: “ما رأيك يا صديقي؟”.

وأجاب مبتسمًا: “حسنًا، سآتي أيها اللقلق، انتظرني غدًا”.

وفي اليوم التالي، توجّه الثعلب إلى منزل اللقلق فرحًا ومتشوقًا لتناول الوجبة. استقبله اللقلق بابتسامة رقيقة، وقال: “تفضل يا صديقي، أشكرك على تلبية دعوتي، هيا لنتناول العشاء، لقد أعددت لك أشهى الأطباق”.

عندما دخل الثعلب إلى المنزل، اندهش من طاولة الطعام الممتلئة بالأطباق اللذيذة والشهية، وجلس على كرسيه وبدأ ينظر إلى الطعام ويعلو على وجهه ابتسامة كبيرة. ثم استأذنه اللقلق ليحضر الطبق الرئيسي من المطبخ.

عاد اللقلق بعد لحظات حاملاً بين يديه طبقين، وصعق الثعلب ممّا رآه! لقد كان اللقلق يحمل جرّتين طويلتين فيهما سمك مشوي تفوح رائحته الرشهية في الأرجاء. ابتسم اللقلق وقال: “تفضل يا صديقي، لقد أعددت لك السمك الذي تحبه”.

حاول الثعلب التقاط الطعام، لكنه لم يستطع إدخال فمه داخل الجرة، لأنها كانت طويلة وضيقة جدًا على فمه القصير، بينما استمتع اللقلق بتناول السمك بسهولة.

شعر الثعلب بالحزن والإحراج، لأنه لم يتمكن من تناول الطعام الشهي اللذيذ. نظر إلى اللقلق وقال: “أعتقد أنني فهمت الآن ما تريد قوله.”

أنهى اللقلق طعامه وقال بهدوء: “لم أرد أن أؤذيك أو أغضبك في تلك الليلة، رغم أنك آذيت وجرحت مشاعري. ولكني اليوم أردتك أن تعرف ما شعرتُ به أنا في تلك الليلة. وأن تحسّ بما يحسّ به الآخرون عندما يكونون في مكان لا يقبل اختلافهم. أردتك يا صديقي أن تعرف أن اختلافنا لا يعني أن نسخر من بعضنا البعض، بل أن نحترم بعضنا.”

نظر الثعلب إليه بخجل وقال: “كنت أظن أن السخرية ممتعة، ولم أدرك أن ذلك يؤذي مشاعرك ويسبب لك الحزن”. وتابع كلامه قائلاً: “لقد تعلمت الدرس، فهمت أننا يجب أن نحترم اختلاف بعضنا ونتقبل الآخرين كما هم، ونفكر في طريقة تناسب الجميع لنحافظ على صداقتنا”.

اعتذر الثعلب، وعانق اللقلق، وقال:” أعتذر يا صديقي، أتمنى أن تسامحنى على ما فعلته بك، وأود أن تكوني صديقي على الرغم من اختلافتنا الخارجية”.

مدّ اللقلق جناحيه وضم الثعلب إليه، ثم قال مبتسمًا: “بالطبع يا صديقي، اختلافنا لا يُفرقنا، بل يجعل صداقتنا مميزة.”

وفي تلك اللحظة، نهض اللقلق، ودخل إلى المطبخ، وعاد وهو يحمل طبقًا مسطّحًا عليه السمك الذي يحبه الثعلب، وقال: “لقد أعددتُ هذا لك، لتأكله كما تحب.” ضحك الصديقان وتناولا الطعام وتحدثا معًا طوال الليل.

ومنذ ذلك اليوم، أصبح كلّ من الثعلب واللقلق صديقين مقرّبين، وأخذا يمضيان الوقت معًا، ويتحدثان ويتسامران معًا، ويلعبان الألعاب، ويُحضّران الوجبات معًا بطريقة تناسب كليهما.

اقرأ أيضًا: قصة عن الكذب للأطفال: الراعي والذئب

تعلّم الثعلب درسًا مهمًّا في تلك الليلة، وأدرك أهمية تقبل الآخرين، وأدرك أنّ اختلافهم عنه لا يُبرر السخرية منهم والتنمرّ عليهم، بل يجب عليه أن يتقبّل ويحترم اختلافهم، ويفكّر في طريقة تناسب الجميع، ليتمكن من الحفاظ على صداقته معهم. ومنذ ذلك اليوم، قرّر أن يتغير ويصاحب الجميع، مهما كان شكلهم أو صفاتهم.

وأنت يا صغيري، تذكّر دائمًا أن جميعنا مختلفون، لكل منا لونٌ وشكلٌ خاص به، هذا الاختلاف هو السر الذي يضيف جمالاً خاصًا إلى الحياة. تخيّل لو أنّنا جميعًا متشابهون! لن تكون الحياة حينها ممتعة أو مميزة، بل مملّة باهتة! لذلك، تعلّم من قصتنا أن تتقبل الآخرين كما هم، وألاّ تسخر من اختلافاتهم أو تتنمر عليهم. بدلاً من ذلك ساعدهم وكن لهم صديقًا وفيًا. فالأصدقاء الحقيقيون هم من يتقّبلون بعضهم البعض على الرغم من اختلافهم.

اقرأ المزيد من القصص الملهمة.

قصة للأطفال عن توفير المال: سامر والديناصور الأخضر

قد لا يفهم الأطفال أهمية إدارة المال وقد يكون من الصعب عليهم استيعاب مفهوم الادخار وتوفير المال، كما قد يرى بعض الآباء أن هذا الموضوع غير مناسب لصغارهم. لكن الحقيقة أن السنوات الأولى من عمر الطفل هي التي تُشكّل شخصيته وتُكوّن أفكاره، لذا فهي فرصة مثالية لغرس القيم والعادات الجيدة في نفوسهم. ومن أفضل الطرق لتحقيق ذلك هي باستخدام القصص التعليمية، إذ يمكنك تبسيط فكرة التوفير والادخار من خلال شخصيات كرتونية محببة لطفلك، مما يجعله يتفاعل معك بسهولة.

تبدأ أحداث قصتنا مع سامر عندما يلفت انتباهه ديناصور جديد في واجهة محلّ الألعاب، لينطلق في مغامرة شيقة يتعلّم خلالها كيفية جمع وتوفير المال من أجل الحصول على ما يرغب فيه.

قصة للأطفال حول توفير المال: سامر والديناصور الأخضر

في أحد الأيام، بينما كان سامر عائدًا من مدرسته، لفتت انتباهه لعبة جديدة على شكل ديناصورِ في المتجر القريب من منزله. توجَّه مسرعًا نحو المتجر ليُلقي نظرة عن قرب. بدت اللعبة جميلة بلونها الأخضر الزاهي وحجمها الكبير. خفق قلبه من السعادة فهو يُحبّ الألعاب كثيرًا، وخاصةً تلك التي تأتي على شكل ديناصورات. فهو يمتلك مجموعة كبيرة منها، ويسعى دومًا للحصول على المزيد منها بأشكال وأحجام مختلفة.

لم يكن اهتمام سامر بالديناصورات بهدف اللعب فقط، فلطالما حلم بأن يصبح عالم حفريات، ليكتشف ديناصورات أثرية جديدة. وازداد حماسه كثيرًا عندما اكتشف أن هذه اللعبة الجديدة مميزة، ولا تشبه أيًّا من الديناصورات الأخرى في مجموعته، فقرر شرائه على الفور. ولكن سرعان ما شعر بالإحباط وفقد حماسته عندما رأى بطاقة السعر الصغيرة المُثبّتة بجانب اللعبة. كان سعر اللعبة مرتفعًا للغاية. فتح سامر محفظته وعدّ النقود القليلة التي بحوزته، المبلغ لا يكفي لشرائها.

رغم سعرها المرتفع، إلا أن سامر لم يفقد الأمل وعقد العزم على شرائها بجهده الخاص، دون مساعدة من والدته أو والده. فهو يعلم أن والداه يدّخران المال لشراء أثاثٍ جديدٍ للمنزل، ولم يُرد أن يكون عبئًا إضافيًا عليهما بطلباته. مضى سامر عائدًا إلى البيت وهو يُفكّر طول الطريق، كيف يمكّنه الحصول على اللعبة الجديدة؟

فجأة تذّكر أن معلمته في المدرسة قد قرأت لهم قبل أسبوع قصة عن طفل تعلّم كيف يدّخر مصروفه ليشتري ما يحب، فقال في نفسه:” ماذا لو ادّخرتُ مصروفي أنا أيضًا؟ يمكنني أن أبدأ بتوفير المال كما فعل الطفل في القصة”.

توجّه إلى غرفته، وأخرج حصالته ذات الشكل الديناصوري أيضًا، ووضعها على مكتبه. ثم وضع فيها ما تبقي من مصروفه اليومي، وقال: “سأبدأ من اليوم في توفير المال حتى أتمكن من شراء الديناصور الجديد”.

في اليوم التالي، استيقظ سامر مبكرًا، وجهز حقيبته. وطلب من والدته إعداد شطيرتين بدلاً من واحدة ليأخذها معه إلى المدرسة. تفاجأت والدته من طلبه وسألته: “لماذا تريد شطيرة أخرى يا سامر؟”

فأجاب مبتسمًا: “لقد رأيت ديناصورًا جديدًا وأريد أن أدخّر المال لشرائه.”

تفجأت الأم من ابنها الصغير وأُعجبت بتفكيره، لكنها قالت: “يا بني، لديك الكثير من الديناصورات.”

ردّ سامر: “إنه ديناصور جديد لا أملك مثله في مجموعتي!”.

قالت الأم: “حسنًا، سأدعك تشتريه، لكن إذا كنت تريد شيئًا، عليك أن تعمل من أجل الحصول عليه” .

ثم واصلت القول: “ما رأيك أن تساعدني في بعض المهام المنزلية هذا الأسبوع؟ وسأمنحك مالاً إضافيًا مقابل مساعدتك”.

فكّر سامر في كلام والدته لبرهة وأجاب: “أنا موافق يا أمي، مالذي تريدين منّي فعله؟”

أجابته والدته: “يمكنك ترتيب غرفتك، وتنظيف الحديقة، وترتيب الأطباق وجمع الملابس. وكلّما عملت أكثر، كسبت المزيد من المال”.

قال سامر بحماس: “فكرة رائعة! سأبدأ بمساعدتك بعد عودتي من المدرسة”.

ذهب سامر إلى المدرسة وأكل الشطائر التي أعدّتها والدته وصرف نصف مصروفه فقط وادخّر الباقي ليضعه في حصالته. وعندما عاد إلى المنزل، أخرج حصالته ووضع باقي مصروفه بها. ثم بدأ بتنظيف غرفته أولًا، وقام بترتيب سريره، وجمع الألعاب المبعثرة ووضعها في أماكنها المخصصة. ثم انتقل إلى المطبخ وساعد والدته في تحضير الطعام. وفي المساء، خرج إلى حديقة المنزل وساعد والده في ريّ النباتات واقتلاع الأعشاب الضارّة.  

مع نهاية اليوم، كان سامر قد أتمّ المهام التي طلبتها منه والدته، وفرحت هي كثيرًا بإصرار ابنها والتزامه لتحقيق هدفه وقالت بفخر: “أحسنت يا بني، لقد عملت اليوم بجد. إذا واصلت على هذا النحو، فستتمكّن من جمع المال اللازم لشراء اللعبة التي تحلم بها.”

بعد مرور الأسبوع الأول، لاحظ سامر المال يتضاعف في حصالته الصغيرة. في البداية كان لديه 3 جنيهات فقط، ولكن الآن أصبح يمتلك أكثر من 50 جنيهًا. بالرغم من أن المبلغ لم يكن يكفي، إلا أنه شعر بالفخر بإنجازه الصغير وقدرته على توفير المال. وفي بعض الأيام، كان يجد صعوبة في مقاومة شراء الحلوى، وخاصةً عندما يرى أصدقاءه يشترونها بكثرة، لكنه كان يذكّر نفسه دائمًا بالديناصور، ويقول لنفسه: “أنا أستطيع فعلها”.

ومع مرور الوقت، أصبح سامر يقاوم رغبته في شراء الحلوى أو الألعاب الأخرى. وفي كل مرّة يدّخر مصروفه أو يكسب المال من مساعدته لوالديه، يهرع إلى حصالته ليضع فيها النقود ويجري العمليات الحسابية ليعرف مقدار المال الذي ادخره. أُعجب الوالدان بإصرار سامر وشجّعاه على الاستمرار.

وفي إحدى الأيام، كان الأب يغسل سيارته، فأسرع سامر إليه وعرض عليه مساعدته في غسلها مقابل النقود. وافق الأب، وبدأ الاثنان تنظيفها وغسلها معًا. قضى سامر وقتًا لطيفًا مع والده، وفي النهاية، أعطى الأب النقود لابنه مقابل عمله الشاق. فهرع إلى حصالته ووضع ما جناه فيها.

مرّت الأيام وسامر يقترب من تحقيق هدفه أكثر فأكثر. وفي أحد الأيام، وبعد أن أضاف مكافأته الأخيرة إلى الحصالة، وأجرى العمليات الحسابية، اكتشف أنه قد جمع المبلغ المطلوب. فتح حصالته بعناية، وعدّ النقود، فوجد أن المبلغ أكثر من المبلغ المكتوب في الورقة. عدّ النقود مرة أخرى، وتساءل: “هل أخطأتُ في الحساب؟ إن النقود التي بداخل حصالتي أكبر بكثير من المبلغ المدوّن في دفتري!”.

وبينما يعيد العدّ، سقطت ورقة صغيرة مطوية. فتحها وقرأ ما كُتب بداخلها: “نحن فخوران بك يا سامر. لقد قررت أنا ووالدتك إضافة القليل لمساعدتك لأنك اجتهدت وتعلّمت قيمة الادّخار وتوفير المال”.

لم يتمالك نفسه من الفرح، وركض نحو والديه ليُعانقهما، ثم قال الأب: “هيا بنا يا سامر إلى المتجر لنشتري اللعبة الجديدة”.

توجه سامر برفقة والده إلى المتجر وكان يحمل النقود في محفظته. وعندما رأى اللعبة لا تزال في مكانها، غمرته السعادة. توجّه سامر نحو الديناصور وقال للبائع: “أريد شراء هذا الديناصور”.

قال البائع: “هل لديك المال يا بني؟”

أخرج سامر النقود ودفعها للبائع وأخذ الديناصور. عندما أمسك الديناصور بين يديه، شعر بسعادة ليس لها مثيل، فقد كانت أول لعبة يحصل عليها من ماله الخاص.

قال سامر: “لقد اشتريت الديناصور أخيرًا، لقد استغرق الأمر وقتًا ولكنه كان يستحق العناء!”.

أعطى الأب لابنه بعض الحلوى وقال: “أحسنت يا سامر، أنا فخور بك حقًا، وهذه الحلوى مكافأة لك على اجتهادك وصبرك”.

وفي اليوم التالي، بينما كان يلعب بديناصوره، نظر سامر إلى حصالته وقال: “سأستمر في توفير المال لأحقق المزيد من الأحلام”. ومنذ ذلك الحين، أصبح سامر يدّخر مصروفه. وتعلّم أن توفير المال والصبر يمكنهما مساعدته على الوصول إلى هدفه. كما تعلّم أن الحياة تحتاج إلى التخطيط الجيد.

اقرأ أيضًا: قصة عن الكذب للأطفال: الراعي والذئب

قصة جميلة تعلّم الأطفال درسًا مفيدًا ومهمًا هو: أن توفير المال والعمل الجاد هما المفتاح لتحقيق الأحلام. يمكنك استخدام القصة لتعليم أطفالك أهمية الادّخار. إذا لم يكن الديناصور هو ما يحبه طفلك، يمكنه ببساطة تغيير الشخصية أو الشيء الذي يريد شرائه إلى أي شيء آخر يحبّه.

اقرأ أيضًا: 4 من أسرار النجاح لتحقيق أهدافك.

مغامرة مها وإيمان في الغابة

في إحدى أيّام الربيع الجميلة، خرجت أسرة مها وإيمان في نزهة  إلى الحديقة على طرف المدينة، وذلك للاستمتاع بالجو الجميل، وقضاء الوقت بين أحضان الطبيعة حيث الهواء النقي، وأشعة الشمس الدافئة، والأزهار والطيور كلها تحتفل بقدوم فصل الربيع.

فرحت مها وإيمان كثيرًا بهذه النزهة، وبمجرّد أن وصلت العائلة إلى الحديقة، حتى انطلقت الفتاتان تركضان وتقفزان هنا وهناك، تلاحقان الفراشات، وتتأملان النملات الصغيرة، وتغنيان مع الطيور، لكنّهما سرعان ما شعرتا بالملل، وجلستا تحت ظلّ إحدى الأشجار تفكّران في أمر ممتع آخر للقيام به.

فجأة قالت مها لإيمان:

“ما رأيك أن نذهب إلى الغابة الكبيرة، ونستكشف ما فيها؟”

أجابت إيمان:

“ولكن، لا أعتقد أنا ماما ستسمح لنا بذلك…”

ردّت مها:

“لا تقلقي، سنذهب دون أن تلحظ هي أو بابا غيابنا، وسنعود بسرعة…اُنظري، تلك الغابة تبدو كعالم سحري مليئ بالطيور الجميلة والحيوانات الظريفة المتنوعة.”

تحمّسست إيمان، ووافقت على هذه الخطّة. وهكذا تسلّلت الفتاتان إلى الغابة بينما كانت أمهما منشغلة بإعداد وجبة خفيفة، وكان الأب يقرأ كتابًا تحت إحدى الأشجار.

بدأت مها وإيما تستكشفان المكان، ومع كلّ خطوة كانتا تخطوانها في الغابة كان حماسهما يزداد وفضولهما يشتدّ. نظرتا إلى الأشجار العالية الباسقة وأغصانها تعانق السماء، ورأتا أشجارًا أخرى تتشابك أغصانها معًا في منظر جميل ساحر. 

وسارتا بين الحشائش الخضراء المنعشة، واستنشقتا عبير أزهار الأقحوان وشقائق النعمان بألوانها الجذابة المفرحة، بل وقطفتا باقات منها لتصنعا منها تاجًا جميلاً من الزهور الربيعية الفوّاحة.

قالت إيمان بفرح:

“المكان جميل للغاية، يبدو حقاً كعالم سحري!”

أجابت مها:

“نعم، فصل الربيع يزيد الغابة جمالاً، كما لو أنّ الطبيعة تحتفل بقدومه، وتعبّر عن سعادتها بعودة الدفء بعد أشهر الشتاء الباردة”.

وبينما كانت الفتاتان تتحدّثان، سمعتا فجأة صوت حفيف من خلف الشجيرات، فشعرتا بالخوف لأنهما اعتقدتا أنه حيوان مفترس، لكن خوفهما سرعان ما تلاشى عندما رأتا أرنبًا صغيرًا أبيض اللون يظهر من خلف الشجيرات، وينظر إليهما بعينيه البرّاقتان.

صاحت مها بفرح:

“اُنظري! يا له من أرنب ظريف!”

ردّت إيمان:

“ظريف جدًّا!”

وأضافت مها على الفور، بحماس:

“هيا لنمسك به ونلعب معه!”

لكن إيمان كانت متردّدة بعض الشيء، فقالت:

“لكنّه سريع للغاية، لن نتمكّن من إمساكه بسهولة!”

أجابت مها:

“سنحاول على أيّة حالّ”

ثم انطلقت نحو الأرنب الصغير تحاول الإمساك به، فقفز هذا الأخير، وهرب بعيدًا ولحقت به مها وعيناها تلمعان سرورًا وإثارة، ومن ورائها إيمان.

وأثناء لحاقهما بالأرنب، لم تلحظ الأختان أنّهما قد توغّلتا كثيرًا في الغابة، وابتعدتا عن الحديقة حيث أبواهما.

وبعد مطاردة لوقت طويل، شعرت الفتاتان بالتعب، واختفى الأرنب بين الشجيرات الكثيفة دون أثر. فتوقفت الفتاتان لبرهة، وانتبهتا حينها أنهما قد توغلتا في أعماق الغابة دون أن تشعرا بالوقت، وهما الآن لا تعرفان طريق العودة.

قالت إيمان بخوف:

“يا إلهي نحن ضائعتان الآن، كيف سنعود إلى الحديقة؟”

أجابت مها:

“لا تقلقي… سنجد حلاًّ!”

في حينها، ظهر لهما الأرنب من جديد، وكان يبدو عليه الخوف، وسمعتا مجدّدًا حفيفًا من أعلى الشجرة فنظرتا إلى الأعلى، ورأتا ثعبانًا طويلاً يتدلّى من إحدى الأغضان، ويتجه نحو الأرنب الصغير المسكين.

أصيبت الفتاتان بالذعر، لكن مها استجمعت قوّتها، ونظرت من حولها، فوجدت غصنًا كبيرًا، فحملته وركضت نحو الثعبان وضربته على رأسه بكامل قوّتها. 

سقط الثعبان على الأرض من شدّة الضربة، وكان في حالة ذهول، فلم يعرف ما أصابه، ثمّ فرّ هاربًا.

قالت مها للأرنب الذي كان ما يزال في مكانه:

“أنت بأمان الآن!”

اقترب الأرنب بخطوات متردّدة من الفتاتين، فقد عرف أنّهما طيبتان ولا تريدان به سوءًا، وأمسكته إيمان أخيرًا وربّتت عليه، فبدا سعيدًا جدًّا، ثمّ قفز مجدّدًا على الأرض، وركض مبتعدًا، لكنه توقّف قبل أن يختفي عن الأنظار، والتفت نحو الفتاتان.

نظرت مها وإيمان إلى بعضهما البعض مستغربتين، ثمّ قالت مها:

“أظّنه يريدنا أن نلحق به…”

أجابت إيمان:

“لنفعل ذلك إذن”.

قالت مها:

“هيّا!”

وهكذا تبعت الاختان الأرنب الصغير، الذي راح يقفز ويركض هنا وهناك، ثمّ يتوقف لبضع لحظات حتى لا تضيّع الصغيرتان أثره. وبعد بعض الوقت بدأت ملامح الغابة تتلاشى، وظهرت الحديقة من بعيد.

“انظري يا مها!، إنّها الحديقة”

صاحت مها:

“لقد ساعدنا الأرنب على العثور على طريقنا إلى الحديقة”

قالت إيمان:

“أظن أنّه يريد أن يشكرنا لأننا أنقذناه من الثعبان”

“صحيح!”

قالت مها أخيرًا:

“لقد كانت مغامرة ممتعة، اليس كذلك!”

وأجابت إيمان:

“نعم! استمتعت كثيرًا بوقتي!”

وصلت الفتاتان أخيرًا إلى الحديقة حيث كان أبواهما يبحثان عنهما بعد أن لاحظا غيابهما. وجلست العائلة أخيرًا لتناول طعام العداء في الهواء الطلق، بينما راحت مها وإيمان تحكيان مغامرتهما في الغابة.

قالت الأمّ معاتبة:

“كيف ذهبتما إلى هناك دون إخبارنا؟ لا تفعلا هذا مجدّدًا!”

أمّا الأب فلم يستطع إخفاء سعادته وفخره بابنتيه الشجاعتين المغامرتين، وقال:

“حمدًا لله على سلامتكما، أنا فخور بشجاعتكما وروح المغامرة في قلبيكما! لكن في المرة المقبلة، أخبرانا عن مكانكما!”

ووعدت الفتاتان أبواهما بأنّهما لن تفعلا ذلك مجدّدًا، لكنهما كانتا سعيدتين جدّصا بمغامرتهما الصغيرة في الغابة، وعندما عادو جميعًا إلى المنزل في المساء، لبستا ثياب النوم، وخلدتا إلى النوم على الفور حيث حلمت كلّ منهما بمغامرات سحرية في الغابة مع الأرنب الظريف وأشجار الغابة الجميلة وزهورها الفوّاحة.

اقرأ المزيد من قصص المغامرات على حدّوتة.

قصة قصيرة عن الصدق: ياسر والجرّة

في بيت صغير تحيط به حديقة مليئة بالأزهار الملونة، كان يعيش فتى يُدعى ياسر مع والديه. كان ياسر ولدًا نشيطًا ومحبًا للمغامرات، لكنه كان يجد صعوبة في الاعتراف بأخطائه، خوفًا من العواقب.

ذات يوم، بينما كانت أمه تُحضّر الغداء، نادته قائلة: “ياسر، هل يمكنك إحضار جرّة الماء من المطبخ؟”

أجاب ياسر بحماس: “طبعًا يا أمي!” وانطلق بسرعة نحو المطبخ، ولكن في حماسه، لم ينتبه إلى السجادة الصغيرة التي انزلقت تحت قدميه. تعثر وسقطت الجرّة من يده، فتحطمت إلى قطع متناثرة على الأرض!

وقف ياسر متجمّدًا، وهو يراقب شظايا الجرة التي كانت قبل لحظات ممتلئة بالماء البارد المنعش. تسارعت نبضات قلبه، وأخذ يفكر في ما سيقوله لأمه. وفجأة، لمح قطّتهم الصغيرة “لوزة” تجلس بالقرب من الحطام وهي تحدق فيه بعينيها الواسعتين.

فكر بسرعة وقال لنفسه: “ماذا لو ظنّت أمي أن القطة هي من كسرت الجرّة؟ هكذا لن تغضب مني!”

عندما دخلت أمه لترى ما حدث، نظر إليها ياسر وقال بسرعة: “أمي! القطة كسرت الجرّة! لقد قفزت عليها وأسقطتها!”

نظرت الأم إلى الجرّة المكسورة، ثم إلى القطة التي كانت تلعق مخلبها بهدوء، وكأنها لم تفهم ما يجري. رفعت حاجبها قليلاً، ثم ابتسمت بلطف وقالت: “يا ياسر، هل أنت متأكد؟”

تلعثم ياسر وقال: “أجل… أظن ذلك. ربما قفزت دون أن أنتبه.”

جلست الأم بجانبه وربتت على كتفه بحنان قائلة: “ياسر، هل تعلم أن النبي محمد ﷺ حثّنا على الصدق؟ فالإنسان الصادق يحبه الله والناس، والكذب قد يبعدنا عنهم. فكر جيدًا قبل أن تجيبني مرة أخرى.”

لكن هذه المرة، قررت الأم أن تعلّم ياسر درسًا عمليًا عن عواقب الكذب. عندما عاد الأب إلى المنزل، أخبرته الأم قائلة: “لقد كسرت لوزة الجرة اليوم، ويبدو أنها أصبحت مشاغبة أكثر من اللازم. ربما يجب أن تبقى خارج المنزل من الآن فصاعدًا.”

نظر الأب إلى القطة، ثم هز رأسه قائلاً: “إذا كانت تسبب الفوضى، فقد يكون من الأفضل أن تعيش في الحديقة بدلاً من الداخل.”

شعر ياسر وكأن قلبه سقط من مكانه! هل سيخسر قطته المحبوبة بسبب كذبته؟ نظر إلى “لوزة”، التي كانت تتمسح بقدميه، وكأنها ترجوه أن ينقذها.

تردد للحظة، لكنه لم يستطع تحمّل شعور الذنب أكثر. تنفس بعمق وقال بصوت مرتجف: “أبي، أمي… لوزة لم تكسر الجرة، أنا من فعل ذلك. كنت خائفًا من أن أعترف، فاختلقت هذه القصة.”

نظر إليه أبوه بهدوء، ثم ابتسم وقال: “أحسنت يا ياسر، الاعتراف بالحقيقة يتطلب شجاعة كبيرة. لكن تذكر أن الكذب يمكن أن يؤذي الآخرين، حتى لو لم تقصد ذلك.”

عانقته أمه وقالت: “أنا فخورة بك لأنك قلت الحقيقة، يا بني. كلنا نخطئ، لكن الشجاعة الحقيقية هي أن نعترف بأخطائنا ونتعلم منها.”

أحس ياسر براحة عجيبة، كأن حجراً ثقيلاً قد أُزيح عن قلبه. نظر إلى القطة “لوزة” وضحك قائلاً: “أظن أنها غاضبة مني لأنها كادت تُتَّهم بجريمة لم ترتكبها!”

ضحكت أمه وقالت: “يبدو ذلك! والآن، لننظف هذا المكان معًا، وسأعلمك كيف تحمل الجرّة بطريقة أكثر أمانًا في المرة القادمة.”

ومنذ ذلك اليوم، قرر ياسر أن يكون صادقًا دائمًا، لأنه أدرك أن الصدق يجعل القلب مطمئنًا، ويقرب الإنسان من الله ومن قلوب الناس.العبرة: الصدق فضيلة عظيمة، وهو طريق إلى الخير والجنة. علينا أن نتحلى به في كل المواقف، حتى عندما نرتكب الأخطاء.

مغامرة دودي الكبيرة

مرحبًا يا أصدقاء! اسمي ناشا، أنا بومة ظريفة وحكيمة كما ترون. أجلس عاليًا على قمم الأشجار الباسقة حيث لا يراني أحد، وحيث أستطيع أن أرى الجميع.

مرحبًا بكم معي، وأهلاً بكم…أنا سعيدة لأنكم هنا قد أتيتم لسماع القصّة التي سأرويها لكم اليوم… وهي قصّة أحد أصدقائي…فلنقرأها معًا.

مغامرة دودي الكبيرة

كان صباحًا باردًا من صباحات بدايات الربيع في الحقل، وبينما أنا جالسة أعلى قمّة الشجرة، رأيتُ الدودة دودي… 

كان دودي دودة عادية، يعيش حياة عادية، ويقوم بامور عاديّة كلّ يوم..

لكنّه اليوم، كان يتحرّك ويسير بطريقة لا تبدو عادية!

يبدو وكأنّه ضائع…

في الواقع، كان دودي يبحث عن أحد يتحدّث إليه ويلعب معه. لكنّه لم يجد أحدًا من حيوانات الحقل الأخرى ليتحدّث معها أو يلعب برفقتها….

لم يجد دودة أخرى، ولا خنافس ولا دعسوقة ولا حتّى قطّ!!

وهنا قرّر دودي القيام بأمر غير عادّي على الإطلاق! لقد قرّر الذهاب إلى الحقل المجاور ليعثر على صديق هناك ويتحدّث إليه ويلعب معه!

كان يبدو متأكدًّا أنّه سيعثر على رفيق في الحقل المجاور، وهكذا… انطلق في مغامرته الكبيرة.

كما تعلمون، دودي كان مجرّد دودة صغيرة عادية، ولم يكن سريعًا جدًا في الزحف…لكن…بالنسبة لدودة، لم يكن بطيئًا أيضًا. وهكذا، زحف وزحف باتجاه الحقل المجاور.

ومع مسيره، بدأت الشمس تطلع، وتغمر الأرجاء بنورها ودفئها. وهنا قرّر دودي اخذ قسط من الراحة تحت إحدى أوراق الشجر الكبيرة.

فجأة سمع صوتًا يقول:

“أين تذهب يا دودي؟!”

نظر دودي إلى الأعلى ورأى يرقة جميلة على ورقة الشجر، فابتسم وأجاب:

“أنا ذاهب إلى الحقل المجاور لأعثر على صديق جديد أتحدّث إليه وألعب معه!”

وقالت اليرقة:

” هذا أمر جميل، أتمنى أن تعثر على الكثير من الأصدقاء هناك…كن حذرًا!”

ابتسم دودي لليرقة، وواصل المسير.

كما سبق أن قلت، لم يكن دودي سريعًا جدًا، لكنه كان يحرز تقدّمًا لا بأس به، وكان مركّزًا جدًا لدرجة أنّه ومن شدّة تركيزه على السير نحو الحقل، فقد اصطدم فجأة بالنملة لولي.

“آآآخ” قالت لولي: “انتبه إلى أين تمشي!”

قال دودي:

“أووه انا آسف، لقد كنتُ في طريقي للبحث عن أصدقاء في الحقل المجاور.”

وأجابت لولي:

“حسنًا يا صديقي، ان استمررت في المسير في هذا الاتجاه، فستعثر على الكثير منهم!”

ابتسم دودي، وواصل المسير.

بدأت السماء تتلبّد بالغيوم، وتحوّل لونها الأزرق الجميل إلى الرمادي الغامق…. وبدأت الرياح تشتدّ شيئًا فشيئًا، فقرّر دودي أنّه من الأفضل أن يختبئ تحت إحدى الأشجار ويحتمي بأوراقها من المطر. وكذلك فعل!

فجأة سمع صوتًا يقول:

 “المعذرة!”

نظر دودي من حوله ولم يرَ أحدًا، فقال الصوت من جديد:

“المعذرة يا صديقي!”

وهنا رأى دودي تحته عينان برّاقتان! لقد اختبأ من غير قصد فوق جناح فراشة معتقدًا أنّها ورقة شجر.

“أووبس…أنا آسف!”

كانت الفراشة رفيف طيبة القلب، فلم توبّخ دودي، وابتسمت له قائلة:

“لا عليك يا عزيزي!”

قال دودي:

“أنا في طريقي لأعثر على أصدقاء أتحدّث إليهم في الحقل المجاور!”

ضحكت رفيف وأجابت:

“أمر رائع!” وتحدّثت مع دودي اكثر عن الجوّ والمطر.

بعد بعض الوقت، توقّف المطر، وأشرقت الشمس من جديد. وقرّر دودي أنّه قد حان الوقت للرحيل، فودّع رفيف الفراشة، وانطلق من جديد نحو الحقل.

بينما هو يسير في طريقه، ظهرت أمامه فجأة كرة غريبة. ابتعد عنها يمينًا  فتدحرجت الكرة يمينًا، فابتعد عنها إلى اليسار فتدحرجت إلى اليسار أيضًا!

تنهّد دودي، وعندها انفتحت الكرة وتحوّلت إلى بيلو، قملة الغابة.

سأل بيلو:

“إلى أين تذهب؟”

أجاب دودي:

“لأعثر على أصدقاء أتحدّث إليهم في الحقل المجاور!”

قال بيلو بصوت خشن ولكن طيّب:

“جميل، جميل… حظّا موفقًا!… لا تسبّب المتاعب!”

ابتسم دودي وردّ قائلاً:

“حسنًا!…إلى اللقاء!”

وانطلق مجدّدًا في طريقه إلى الحقل.

شعر دودي بالسعادة وهو في طريقه إلى الحقل، ووصل أخيرًا إلى طريق ترابي مليء بالحفر السوداء العميقة والضحلة التي تسبّبت بها الشاحنات الكبيرة التي تعبر من الطريق. 

فجأة سمع صوتًا يقول:

“مكانك! لا تتحرّك!”

قال القنفذ شوكي فجأة.

لحسن الحظ أنّ دودي أنصت إلى شوكي، ولم يتحرّك خطوة إضافية، فقد نظر أمامه ورأى حفرة كبيرة مليئة بالماء والزيت. كانت لامعة وتبدو كما لو أنّها بقعة من العشب.

قال دودي:

“شكرًا جزيلاً!”

سأل شوكي:

“إلى أين تذهب؟”

وأجاب دودي:

“إلى الحقل المجاور كي أبحث عن أصدقاء أتحدّث إليهم.”

قال شوكي مجدّدًا:

“يمكننا أن نصبح أصدقاء إن شئت!”

وقبل أن يجيب دودي، ظهر فجأة من خلف الأشجار كلب ضخم أبيض اللون، ونظر إلى دودي وشوكي.

خاف الإثنان كثيرًا، وتجمّدا في مكانهما، لكن الكلب قال:

“مرحبًا! كيف حالكما؟ هل تريدان أن نصبح أصدقاء؟!”

كان صوت الكلب لطيفًا هادئًا، فعرف دودي وشوكي أنّه طيّب القلب ولا ينوي إيذاءهما. 

“نعم! بالطبع!”

أجاب الإثنان، وأضاف دودي:

“يمكنك أن تأتي معنا إلى الحقل إن شئت؟!”

الآن أصبح هناك دودي، وشوكي والكلب بوبي، يسيرون معًا نحو الحقل المجاور!

حطّ عصفور ملوّن صغير على سياج الحقل، وقال للأصدقاء الثلاثة الذين كانوا يقفون هناك:

“إلى أين تذهبون؟”

أجاب دودي:

“نحن ذاهبون إلى الحقل لنعثر على أصدقاء نلعب معهم.

أجاب زقزوق العصفور:

“هذا جميل، هل يمكنني القدوم أنا أيضًا؟”

وأجاب الجميع بـ “نعم!”

وصل الأصدقاء أخيرًا إلى الحقل.

“لقد وصلنا!!”

صاح دودي سعيدًا.

قفز الكلب بوب سعيدًا، وتدحرج شوكي متحمّسًا، ورفرف زقزوق فوقهم منشدًا، أمّا دودي فقد راح ينظر إليهم متفاجئًا!

“والآن ماذا؟” قال شوكي متسائلاً بعد لحظات.

شعر دودي بالحيرة للحظة، فلم يعرف الجواب على شوكي، لكنّه وحينما فكّر قليلاً وجد أنّه قد عثر على أصدقاء بالفعل، وهاهم جميعًا في الحقل يلعبون ويتحدّثون معًا… وقد عثر عليهم في طريقه إلى الحقل!

“الآن…سنلعب!”

قال دودي.

أعجبتك هذه القصّة؟ اقرأ قصّة الضفدع نطّاط الذي حاول أن يمسك النجوم.

كالدي والفاكهة العجيبة: قصة اكتشاف القهوة

لنتعرّف على قصّة اكتشاف القهوة مع الجدّة وحفيدها الفضولي أمجد!

جلست الجدّة في إحدى الصباحات الرائقة على كرسيّها المفضّل تحتسي كوبًا من القهوة الساخنة، وتستمتع بمذاقها اللذيذ الشهي. كانت تبدو مستمتعة للغاية، فقد ارتسمت على محيّاها الطيب ابتسامة عريضة مستمتعة.

اقترب منها حفيدها أمجد، وسألها بفضول:

– جدّتي! هل مذاق القهوة لذيذ؟ 

ابتسمت الجدّة بلطف وقالت:

– نعم يا صغيري! إنها لذيذة جدًا، وتمنحني شعورًا بالنشاط والحيوية.

قال أمجد:

– آآه كم أرغب بشرب القهوة أنا أيضًا.

ضحكت الجدّة وأجابت:

– عندما تكبر قليلاً سيصبح بإمكانك شربها، والاستمتاع بمذاقها أيضًا. لكن ما رأيك أن أخبرك الآن عن قصة اكتشاف القهوة؟

ردّ أمجد على الفور:

– بالطبع… احكي لي القصّة كاملة من فضلك يا جدّتي.

ثمّ جلس ببجانب الجدّة وكلّه حماس لسماع القصّة.

قصّة كالدي والفاكهة العجيبة

تنحنحت الجدّة، وارتشفت بعضًا من قهوتها، ثمّ بدأت الحكاية:

في قديم الزمان، وفي أرضٍ بعيدة وجميلة جدّا تسمّى إثيوبيا، كان هنالك فتى في مقتبل العمر اسمه “كالدي”. كان كالدي يعمل راعيًا للماعز، ويقضي أيامه في الحبال يراقب ماعزه وهي ترعى بين الأشجار الخضراء.

وفي أحد الأيام، لاحظ كالدي شيئًا غريبًا! بدت الماعز فجأة أكثر نشاطًا ممّا اعتاد عليها. كانت تجري وتقفز هنا وهناك دون كلل أو ملل. بدا كما لو أنها أصبحت تمتلك طاقة سحرية.

تعجّب كالدي من حال الماعز، وتساءل:

– ما الذي أصابها يا ترى؟ لم هي نشيطة وسعيدة إلى هذا الحدّ؟

وقرّر اكتشاف السرّ وراء نشاط ماعزه الغريب غير المعهود. فتبعها عبر التلال والوديان، حتى وصل إلى منطقة لم يسبق له أن زارها قبلاً. هناك…رأى أشجارًا من نوع غريب خضراء، تحمّل ثمارًا على شكل حبّات صغيرة حمراء لامعة. ولاحظ أنّ الماعز كانت تأكل هذه الحبّات بشراهة كبيرة.

فكّر كالدي:

– هل يُعقل أن تكون هذه الحبّات هي ما يجعل ماعزي نشيطة هكذا؟

وحتى يتأكّد، جمع بعضًا من هذه الحبات، وعاد بها إلى قريته ليخبر الحكيم العجوز في القرية بما رآه. وكذلك كان الحال.

عندما سمع الحكيم القصّة، ورأى الحبّات الحمراء الصغيرة، قرّر أن يجربها هو أيضًا، فقام بغليها في الماء، وشرب بعدها ذلك السائل، فشعر بعد بضع لحظات بنشاط وحيوية كبيرين!

قال الحكيم:

– هذه الحبّات هي بلا شكّ السبب وراء نشاط ماعزك يا كالدي. وأعتقد أنني سأبدأ بتناولها بانتظام أنا أيضًا، فهي تمنحني الطاقة والنشاط والحيوية، وتجعلين أشعر وكأني أصغر سنًّا!

وهكذا، بدأ الناس في القرية يتعرّفون شيئًا فشيئًا على هذا المشروب الجديد، ويتناولونه للشعور بالنشاط، وليتزوّدوا بالطاقة، ثمّ أطلقوا عليه فيما بعد اسم القهوة، وسُميّت الحبات الحمراء الصغيرة “البُنّ”. 

ومع مرور الوقت انتشرت أخبار القهوة في أرجاء العالم، وأصبحت مشروبًا محبوبًا يحتسيه الناس، ويستمتعون به. كما تطوّرت طريقة إعداد القهوة، وأصبحت تُحمّص وتُطحن لإعداد مسحوق القهوة، وأصبحت تُخلط أيضًا مع مكونات أخرى كالحليب مثلاً… لكن مهما تعدّدت طرق إعداد القهوة، فهي تبقى مشروبًا لذيذًا يمنحك النشاط والطاقة… 

ولكن…لابدّ من شربها باعتدال، وإلاّ فسوف تسبّب لك الأرق، والتوتر.

أنصت أمجد لقصّة الجدّة باهتمام، وقال أخيرًا بعد أن أنهت القصّة:

– واو، لقد فهمت الآن لم تحبّين القهوة كثيرًا يا جدّتي! إنها تجعلك نشيطة وقوية لتلعبي معي وتحكي لي الحكايات على الدوام.

ضحكت الجدّة وأجابت:

– نعم يا صغيري! كما أنّها تذكّرني دومًا بكالدي وفضوله الذي مكّنه من اكتشاف هذا المشروب اللذيذ.

– عندما أكبر قليلاً سأبدأ بشرب القهوة معك يا جدّتي وسأنصت للمزيد من حكاياتك الممتعة، أمّا الآن، فسوف أكتفي بشرب الحليب الغني بالكالسيوم والفيتامينات المهمّة لنموّي.

وافقته الجدّة، وقالت بفخر:

– هذا هو صغيري الذكي! أحسنت يا أمجد!

ومنذ ذلك اليوم، أصبح أمجد يحضّر كوبًا من الحليب ويجلس مع جدّته وقت احتسائها لقهوتها ليستمع إلى المزيد من قصص الاكتشافات والمغامرات الممتعة والمثيرة.

Exit mobile version