يُعدّ النوم المبكر للأطفال من أهمّ العادات التي يجب أن يكتسبها أطفالنا، فهو لبنة أساسية التي تُبنى عليها صحّة الطفل ونموّه. وفي الوقت الذي ننظر إليه كوقت للراحة والسكون، ينطوي النوم على عملية معقّدة تحدث فيها الكثير من المعجزات الصغيرة. خلال النوم، يعمل الجسم على تجديد الخلايا وتقوية الجهاز المناعي وتثبيت المعلومات التي اكتسبها الطفل في النهار.
لكن ما الذي قد يحدث إن تجاهل الطفل أهميّة النوم؟! وأصرّ على السهر واللهو حتى وقتٍ متأخر في كلّ يوم؟ هذا ما سيُخبرنا به قنفوذ الصغير، في هذه القصّة الظريفة عن أهميّة النوم المبكّر للأطفال.
في غابة واسعة مليئة بالأشجار العالية والزهور الملونة، كانت الحيوانات تعيش بسلام ونظامٍ، تبدأ يومها مع بزوغ الفجر، تنشط وتلعب تحت أشعة الشمس، ثم تستعد للنوم عندما يحلّ المساء، ويغمرها هدوء النجوم…
كلّ شيء في الغابة يسير بانسجام؛ الطيور تستيقظ باكرًا لتغني، الأرانب تجري إلى المدرسة بنشاط، والدببة الصغار تنامُ بعد العشاء مباشرة وهي تعانق دُماها المفضّلة.
لكن كان هناك من لا يُشبههم تمامًا…
إنه قنفوذ الصغير، يعيش في بيت دافئ في قلب شجرة بلّوط قديمة، ذكي، محب للاستكشاف، وفضولي إلى حدٍّ كبير… لكنه لا يحب النوم أبدًا!
حين تنام الغابة، يبدأ يوم قنفوذ الحقيقي! فيتسلّل إلى قصصه السرية، يراقب القمر من نافذته الصغيرة، ويقول لنفسه كل ليلة:
“سأنام بعد دقيقة… فقط دقيقة واحدة أخرى!”
تمرّ الليالي وهو يسهر، يضحك، ويؤجل النوم ظنًّا منه أن النوم ممل، وأنّه يفوت عليه الكثير من المغامرات والأحداث، وأنّ المتعة لا تأتي إلا بعد أن ينام الجميع.
لكن…شيئًا فشيئًا، بدأت الغابة تتغير في عينيه… النهار صار متعبًا، اللعب صار مرهقًا، والمزاج صار غائمًا، وكأن السهر سرق منه شيئًا جميلًا لم يعرفه من قبل.
الفوضى الصباحية
لكنّه لم يكن يشعر بالراحة التي يشعر بها الجميع، كان يشعر بثقل في عينيه، وكسل في جسده الصغير.
ركض نحو نافذته لينظر إلى السماء الزرقاء، ثم نظر إلى ساعته الصغيرة.
يا للأسف! لقد تأخر كثيرًا!
حاول بسرعة ارتداء ملابسه، لكنّه وقع في فوضى: حذاؤه الأيسر غير موجود، وحقيبته ملقاة على الأرض.
ركض خارج البيت وهو يلهث.
تبعته الدبة الصغيرة “ماما توت” بابتسامة مُحِبّة لكنها قلقة:
“يا قنفوذ، هل نمت جيدًا الليلة؟ أنت تبدو متعبًا جدًّا.”
لم يرد قنفوذ، ركض نحو الحافلة التي بدأت تتحرك.
حاول اللحاق بها لكن قدمه انزلقت على حجر صغير، وسقط على ركبتيه، فأصاب يده بالوحل.
وقف، نظف يده بعجل، وأسرع للحاق بالحافلة، لكنه كان متأخرًا بالفعل.
شاهد الحافلة تبتعد أمامه، ووقف على الرصيف يشعر بالحزن.
وصل إلى المدرسة بعد قليل سيرًا على الأقدام، وجهه متعب، وملابسه متسخة قليلًا.
الحصة المتعبة
جلس قنفوذ في صفه، ورفع رأسه ببطء محاولًا التركيز، لكنّ عينيه كانتا ترفرفان من التعب.
كانت “بومة الحكيمة” تشرح درسًا عن الكواكب بنبرة هادئة وصوت شجي، يعانق كل كلمة فيه شغفًا وعلمًا.
لكنّ قنفوذ لم يكن يستمع؛كان يفكر في لعبته التي تركها في البيت، وفي قصته المفضلة التي لم يكملها، وفي حلمه بأن يسهر أكثر.
حين سألته المعلمة فجأة عن أكبر كوكب في المجموعة الشمسية، لم يستطع الرد بسرعة، فقال بحيرة:
“ممم… كوكب العسل؟”
ضحك الطلاب جميعًا، واحمرّ هو خجلًا.
اقترب منه الأرنب رعد وهمس له:
“قنفوذ، النوم مهم يا صاحبي! لا يمكنك أن تنجح إن كنت تشعر بالنعاس في الصف طوال الوقت!”
تمنّى قنفوذ لو استطاع أن ينام جيدًا، لكنه لم يعرف كيف يغيّر عادته.
نسيان وغضب
في وقت توزيع الواجبات، جاء دور قنفوذ ليُسلّم ورقته.
بحث في حقيبته، لكنه لم يجدها! قلب حقيبته مرارًا، وأدرك أنه نسيها في البيت.
تملّكه الغضب والخجل، فصرخ:
“لا أحتاج مساعدتكم! أستطيع حلها وحدي!”
تفاجأ الأصدقاء من تصرفه، وابتعدوا عنه بهدوء.
جلست بجانبه السلحفاة روان، التي تعرف أن التعب يؤثر على المزاج، وقالت له بلطف:
“قنفوذ، أنت تعبان جدًّا. عندما لا ننام كفاية، نصبح سريعي الغضب وننسى الأشياء بسهولة.”
نظر قنفوذ إلى الأرض، وشعر بالحزن. كان يريد أن يكون كائنًا سعيدًا وهادئًا كما كان قبل فترة.
حديث المساء
عاد قنفوذ إلى بيته الصغير تحت شجرة البلوط.
كان المنزل دافئًا وهادئًا، مع نوافذ صغيرة تفتح على الغابة المظلمة.
في زاوية البيت، جلست جدته “ميمو” تنتظره، تحمل كوبًا دافئًا من الحليب بالعسل.
قالت له بابتسامة دافئة:
“يا قنفوذ، الجسم يحتاج للراحة كي يكبر ويكون قويًّا. النوم هو وقت العلاج والتعافي.”
جلس قنفوذ بجانبها، وأخذ رشفة من الحليب الدافئ، وأغمض عينيه للحظة.
قال بصوت خافت:
“أنا أشعر بالتعب، ولا أستطيع التركيز… ماذا أفعل يا جدتي؟”
ابتسمت جدته وقالت:
“جرب أن تنام مبكرًا الليلة. أجربها معك، وسنرى كيف ستشعر في الصباح.”
التجربة الجديدة
في تلك الليلة، أطفأ قنفوذ ألعابه، وغسل أسنانه، واستلقى على سريره المصنوع من أوراق البلوط الناعمة.
الهدوء كان يعم الغرفة، والنجوم تلمع كحبات الماس من نافذته.
تنفس بعمق، وغلق عينيه.
بدأ يحلم بأماكن جميلة، حيث كان يركض ويلعب بسعادة دون تعب أو غضب.
صباح المفاجأة
في الصباح التالي، استيقظ قنفوذ مبكرًا قبل أن تشرق الشمس بقليل.
شعر بنشاط لم يشعر به منذ زمن بعيد، وأصبح كل شيء يبدو أجمل وأوضح.
تناول فطوره بسرعة، وحزم حقيبته بكل حماس، ووصل إلى المدرسة قبل أصدقائه.
في الصف، أجاب عن الأسئلة بسهولة، وتذكر كل شيء تعلّمه... وفي وقت اللعب ركض بسعادة مع الجميع، وابتسامته تملأ وجهه.
قالت المعلمة بومة الحكيمة بسعادة:
“يا له من تغيير رائع! يبدو أن النوم الجيد يفعل العجائب.”
ابتسم قنفوذ وقال بفخر:
“النوم المبكر هو سر الطاقة والسعادة!”
الخاتمة
منذ ذلك اليوم، تغير قنفوذ كثيرًا، وصار ينام باكرًا كل ليلة، لا يؤجل النوم كما كان يفعل من قبل. أصبح يستيقظ مع شروق الشمس، مليئًا بالنشاط والطاقة، جاهزًا ليوم جديد من المغامرات واللعب والتعلم.
في المدرسة، لاحظ الجميع الفرق الكبير في قنفوذ. لم يعد يتأخر أو ينسى واجباته، بل صار من أكثر الأطفال انتباهًا واجتهادًا. كان يرفع يده ليجيب على الأسئلة بحماس، ويشارك في الأنشطة بابتسامة مشرقة لا تفارقه.
وفي وقت اللعب، أصبح قنفوذ سريع الحركة، يلعب مع أصدقائه بفرح، ويضحك من قلبه. حتى أنه أصبح يساعد من كانوا يعانون مثله سابقًا، يُخبرهم بقصة نومه الجديدة، ويشجعهم على النوم مبكرًا ليشعروا بسعادة ونشاط مثله.
ذات يوم، اجتمعت حيوانات الغابة الصغيرة في حفلة مسائية، وطلبوا من قنفوذ أن يخبرهم بسرّ نشاطه الجديد. وقف قنفوذ أمام الجميع، وابتسم قائلًا:
“السرّ هو النوم المبكر يا أصدقائي! النوم ليس فقط للراحة، بل هو وقت ينمو فيه جسدكم، ويزداد فيه ذكاؤكم، ويهدأ فيه قلبكم.”
ابتسم الجميع، وقرروا أن يجعلوا النوم عادة جميلة في حياتهم.
عاد قنفوذ إلى بيته الصغير تحت شجرة البلوط، فتح نافذته لينظر إلى النجوم المتلألئة، وقال لنفسه وهو سعيد:
“النوم صديقي الجديد، وشريك كل مغامراتي القادمة.”
وهكذا، عاش قنفوذ سعيدًا ونشيطًا، وكل ليلة ينام باكرًا ليستيقظ بطل الغابة الصغير مستعدًا لتحقيق أحلامه الكبيرة.
نصيحة من قنفوذ
لا تؤجل النوم من أجل اللعب أو القصص أو الأجهزة.
عقلك يحتاج النوم لينمو، وقلبك يحتاج الراحة ليكون مطمئنًا،
وجسمك يحتاج الليل كي يستعد ليوم جديد ومليء بالمغامرات.
في عالم البحار، حيث تسبح الأسماك والكائنات البحرية بحرية بين الشعاب المرجانية، تسير بعضها في مجموعات، بينما تفضّل أخرى السباحة بمفردها. في هذا العالم العجيب، هناك دائمًا مغامرات جديدة، مغامرات مليئة بالشجاعة، والفرح، والصداقة، والأمل. كلّ يوم يمضي في عالم البحار يحمل حكاية جديدة تكون بطلتها سمكة جديدة. نحكي اليوم قصة من قصص عن عالم البحار، قصة مليئة بالمغامرات والأحداث.
بطلتها سمكة ذات شكل غريب، لم تكن تشبه باقي الأسماك من حولها. سمكة يخشى الآخرون الاقتراب منها، لكنّ ليس لأنها قوية أو شرسة، بل لأنهم لم يحاولوا حتى التعرّف عليها أو الاقتراب منها، فقط خافوا من شكلها. لكن، ماذا لو كان اختلافها هو سبب نجاة الآخرين من فخ كبير؟ ماذا لو كانت هذه السمكة هي من أنقذت الأسماك من الوقوع في مصيدة الصياد؟ ماذا لو كان الاختلاف هو سر الشجاعة الحقيقي؟
هيا بنا نغوص في عالم البحار والمحيطات ونتعرف على رحلة سمكة المنشار الشجاعة في تقبّل ذاتها، واكتشاف قوتها الحقيقية. هل أنت مستعدّ لترافقها في هذه المغامرة؟
قصص عن عالم البحار: سمكة المنشار الشجاعة
من يحبك سيراك بقلبه لا بعينيه، من هذا المبدأ تبدأ أحداث قصتنا المشوقة من داخل أعماق البحار، حيث تعيش العديد من الكائنات البحرية المتنوعة، لكل منها شكله وطباعه الخاصة.
في أعماق المحيط الأزرق، حيث المياه اللامعة والنقية والكائنات البحرية المختلفة، عاشت سمكة المنشار. كان جسدها صغيرًا وعيناها كبيرتان وتبرز من مقدمة رأسها خيشوم طويل وحادّ كالسيف المُسنّن. ورغم أنّ قلبها كان مليئًا بالحب واللطف، إلّا أنّ الأسماك الأخرى كانت تشعر بالخوف بمجرّد رؤيتها. كُلّما اقتربت من الأسماك لتحاول اللّعب معهم، كانوا يسبحون مبتعدين عنها بسرعة، تاركين إيّاها وحيدة. تملّك الحزن سمكة المنشار بسبب هذه التصرفات، فابتعدت عن الأنظار واختبأت في بيتها، تراقب الأسماك الأخرى وهي تلعب وتمرح بسعادة.
لم يجرؤ أيّ مخلوق بحري على الاقتراب من سمكة المنشار، خوفا من ذلك المنشار الحاد، بل لم يحاول أحد حتّى مجرَّد مصادقتها. سئمت سمكة المنشار وحدتها، فحاولت تغيير مظهرها لتخفّف من خوف الآخرين. فمرّة غطّت نفسها بالأعشاب البحرية، ومرة لفت حول منشارها بعض المرجان. لكنّ كُلّ محاولتها كانت تنتهي بالفشل، بل كان نجم البحر وبعض الأسماك يتجمّعون حولها للسّخرية من مظهرها، وتعلو ضحكاتُهم، فيزيد بذلك حزنها وأسفها.
وذات صباح، بينما كانت تختبأ خلف صخرة كعادتها، لمحت الحوت وسمكة القرش وهما يلعبان سويًا بالكرة ويضحكان. همست في نفسها: “كم أتمنى أن ألعب معهما، لكنّي لا أستطيع بسبب منشاري الطويل”.
فجأة، قطع صوت الحوت تفكيرها، سائلًا: “أيتها السمكة، هل ترغبين في الانضمام إلينا واللعب؟”
لم تصدق ما سمعته، فأجابت بلهفة: “حقًا! هل يمكنني اللعب معكم؟”
أجابت سمكة القرش: “بالطبع”.
انطلقت سمكة المنشار مسرعةً، يملؤها الحماس. عندما أعطوها الكرة، ضربتها بخفة بمنشارها، لكنّ حدّة المنشار تسبّبت في قطع الكرة. تجمّدت سمكة المنشار في مكانها، وصاحت بصوت حزين: “أنا آسفة! لم أقصد ذلك”.
طمأنها الحوت، وقال: “لا بأس، هذا مجرد سوء فهم. يمكننا لعب لعبة أخرى، ما رأيكما بالغميضة؟”
بدأ الأصدقاء في الاختباء خلف الصخور، بينما أغمضت عينيها وبدأت بالعد. عندما انتهت من العد، انطلقت تبحث عنهما. ظلّت سمكة المنشار تبحث عنهما حتى وصلت إلى سفينة غارقة قديمة، عندها لمحت زعنفة القرش تلوح خلف المدخنة، فاندفعت للدخول، لكن طرفها الحاد اصطدم بالمدخنة، محطمًا إياها إلى أجزاء صغيرة.
قالت بنبرة حزينة: “أنا آسفة، يبدو أنني أفسد كل شيء”.
غضب القرش مما حدث، وهمّ بتأنيبها، لكن الحوت أوقفه قائلاً: “توقف يا صديقي، هي لم تفعل ذلك بقصد. لنفكّر في شيء أخر يمكننا فعله”.
عندها، لمعت فكرة في ذهن القرش، فقال بحماس: “ما رأيكما أن نذهب إلى مدينة الملاهي؟”
ردّ الحوت وهو متحمس لاقتراح القرش: هيا بنا، إنها فكرة رائعة حقًا”.
سبحت الأسماك الثلاث إلى مدينة الملاهي، شعرت سمكة المنشار بالحماس والسعادة، فلم يسبق لها أن ذهبت إلى مدينة الملاهي من قبل. عندما وقفوا في صف انتظار لعبة الدوّارة، سبحت سمكة المنشار يمينا ويسارًا بسرعة وحماس، وفي غفلة منها، اصطدم منشارها بأحد أعمدة حائط المرجان، فانكسر العمود، وسقطت اللعبة بالكامل.
خرجت المديرة من غرفتها غاضبة، نظرت إلى الفوضى التي حدثت، وصاحت: “ما هذه الفوضى؟ اخرجي فورًا أنتِ وأصدقاؤكِ”. وطردت الأصدقاء الثلاثة دون أن تعطيهم فرصة للتوضيح.
غضب الحوت والقرش. وظهر الإحباط على وجهيهما. تقدّم الحوت، وقال بصوت غاضب: “لقد تحمّلنا الكثير من المتاعب، وكنت أدافع عنك، ولكنّي لم أعد أستطيع اللَّعب معك.”
أدار ظهره وسبح بعيدًا، وتبعه القرش دون أن ينطق بكلمة. شعرت سمكة المنشار بالحزن واليأس، ولم تعدّ تعرف ماذا تفعل. سبحت بعيدًا إلى الأعماق، وجلست عند الشعاب المرجانية حزينة، تتأمل الفقاعات وهي تصعد نحو السطح، وتتمنى لو أنّها تشبه الأسماك الأخرى، أو لو كان بإمكانها التخلّص من منشارها الطويل الحاد، حتّى تتمكن من اللعب مع أصدقائها.
مرت الأيام، وسمكة المنشار تواصل جلوسها عند الشعاب المرجانية يوميًا، وتراقب الجميع من بعيد، دون أن تزعج أحدًا، أو تحاول اللعب معهم مرة أخرى. وفي أحد الأيام، اقترب منها حصان بحر عجوز، وقال لها بصوت هادئ: “لماذا أنتِ حزينة يا صغيرتي؟ أراكِ تجلسين وحدكِ في هذا المكان كل يوم.”
قصّت سمكة المنشار ما حدث معها، وتفكيرها في التخلص من منشارها. ابتسم حصان البحر، وقال بحكمة: “يجب أن تعلمي يا ابنتي أنه جزء منكِ، وله فوائد عظيمة لم تكتشفيها بعد. يجب أن تحبي نفسكِ كما أنتِ.”
ردّت السمكة: “لكني أؤذي من حولي ولا أستطيع اللعب مع أصدقائي!”
أجاب حصان البحر: “هذا لأنكِ لم تتعلمي بعد كيف تستخدمين قوتكِ وتتحكمين في هذا الجزء المميز”.
وفي صباح اليوم التالي، بينما كانت مجموعة من الأسماك تلعب مع بعضها البعض، من بينهما الحوت وسمكة القرش ونجم البحر الذي كان يشتهر باستهزائه بغيره، ظهرت فجأة شبكة صيد وعلقت بها الأسماك. ارتعب الجميع ولم يستطيعوا الهرب، فبدأوا بالصراخ وطلب المساعدة. لم تتجرأ أي من سمكة من الاقتراب من الشبكة. في تلك اللحظة، كانت سمكة المنشار تجلس كعادتها عند الشعاب المرجانية، فرأت ما يحدث وسمعت الصراخ.
تردّدت سمكة المنشار في البداية، وقالت في نفسها: “ماذا لو أفسدت الأمر مرة أخرى”.
لكن قطع تفكيرها وترددها صرخات الأسماك المتعالية وشبكة الصيد وهي ترتفع ببطء نحو السطح. قالت: “لا يوجد وقت، يجب أن أتصرف!”
سبحت سمكة المنشار بكل سرعتها نحو الشبكة. كانت الشبكة كبيرة، تمتد من قاع البحر إلى منتصفه. رأت الأسماك الصغيرة تبكي، وصديقها الحوت يستغيث، فاندفعت بكل قوتها. بدأت تقطع خيوط الشبكة السميكة بمنشارها الطويل والحاد، وبعد عدة محاولات، تمكّنت من تمزيق الخيوط دون أن تؤذي أحدًا. تمزقت الشبكة، وخرجت الأسماك واحدة تلو الأخرى.
هتفت إحدى الأسماك الصغيرة بفرح: “شكرًا لكِ! لقد أنقذتنا”.
قال الحوت: “أنتِ شجاعة جدًا! شكرًا لكِ يا صديقتي”.
شكرت الأسماك سمكة المنشار على إنقاذها لهم. وقالت سمكة المنشار بتواضع: “لم أستطع أن أترككم في خطر.”
اقتربت الأسماك من سمكة المنشار واعتذروا بصدق عما بدر منهم سابقًا وتجاهلهم لها. ثم دعاها نجم البحر للحضور إلى الحفل الذي سيقيمه في الغد.
تردّدت السمكة، وقالت: “لا شكرًا لك، لا أريد أن أوذي أحدًا”.
قال الحوت: “كلنا نخطئ يا صديقتي، ولكن الأهم هو أن نحاول أن نكون أفضل ونتعلّم من أخطائنا. كما أننا أخطأنا في حقك كثيرًا ولم نحاول التقرب منك أو فهمك. أرجوكِ سامحينا”.
وافقت سمكة المنشار وذهبت معهم. وهناك، استقبلها حصان البحر العجوز بحرارة وقال للحاضرين: “هذه بطلتنا التي أنقذت الأسماك”.
حيّت الأسماك سمكة المنشار وهتف الجميع باسمها، واحتفلوا بها كبطلة حقيقية. ومنذ ذلك اليوم، تغيّر كل شيء في حياة سمكة المنشار. أصبحت محاطة بالأصدقاء، وصاروا يلعبون معها ويسبحون معها، مدركين أن ما كان يبدو عيبًا فيها، كان في الحقيقة ميزة فريدة.
تعلّمت سمكة المنشار منذ ذلك اليوم أن الاختلاف ليس عيبًا أو ضعف، بل يمكن أنّ يكون مصدر قوة. ولم تعدّ تخجل من منشارها، ولم يعد الآخرون يخافون منها، وأصبحت رمزًا للشجاعة. ومنذ ذلك اليوم، انطلقت السمكة في المحيط تسبح بثقة مع أصدقائها ولم تعدّ تجلس وحدها في الزاوية. وتذكّر يا بني العزيز أن اختلافك هو مصدر قوتك وفخرك، وأن البطل الحقيقي هو من يحب نفسه كما هو ويحاول اكتشاف قوته لاستخدامها في الخير ومساعدة الآخرين.
تلعب قصص الأطفال دورًا مهمًا في تنمية الخيال وتعزيز القيم التربوية لدى الطفل. فهي من أفضل الوسائل التعليمية والترفيهية التي يمكن استخدامها في أي وقت من اليوم، وخاصةً قبل النوم، لتعليم الطفل القيم، وتنمية مفرداته، وتعزيز مهاراته في التفكير.
في سنّ 7 سنوات، يبدأ الأطفال في اكتشاف البيئة من حولهم بفضولٍ كبير، لذلك، من المهم أن تكون القصص التي يقرؤونها ممتعة وذات مغزى، حتى تساهم في بناء شخصياتهم وتطوير مهاراتهم اللغوية. يجب أن تولي اهتمامًا خاصًا باختيار ما يناسب عمر واهتمامات أطفالك، إذ ليست كل القصص مفيدة أو مناسبة لهذا السن. جمعنا لك في مقال اليوم مجموعة قصص أطفال المناسبة لعمر 7 سنوات، والتي يمكنك قراءتها لطفلك أو تشجيعه على قراءتها بنفسه، ليستمتع بها ويتعلّم منها في الوقت ذاته.
قصص أطفال لعمر 7 سنوات
1. المحقق الصغير ماكس
في قرية صغيرة، عاش فتى صغير مُحب للمغامرة وحلّ الألغاز يُدعى ماكس. كان يتمتّعُ بعين ثاقبة وانتباه كبير لأدقِّ التفاصيل، مما جعله محلَّ إعجاب الجميع. وفي عيد ميلاده، أهداه والده هدية مميّزة وهي أدوات تحقيق، تضمّ عدسة مكبّرة، ودفتر ملاحظات، وقبعة شبيهة بقبعة المحقق الشهير شارلوك هولمز. ومنذ ذلك اليوم، صار أصدقاؤه يُلقبونه بالمحقق ماكس.
وذات يوم، بينما ماكس يلعب في حديقة منزله، اندّفعت صديقتُه ميا نحوه مسرعة وهي تبكي، وقالت: “ماكس! أحتاجُ مساعدتك، لقد ضاعت قطتي”.
ارتدى ماكس ملابس التحقيق الخاصة به بسرعة، وضع قبعته فوق رأسه وعدسته المكبرة في جيبه، ثمّ التفت إلى ميا وقال: “لا تقلقي يا صديقتي، المحقق ماكس تولّى القضية”.
توجّه ماكس مع صديقته إلى منزلها ليبدأ بالتحقيق في مهمته الجديدة. وتنقّل بين أركان المنزل، متفحّصًا الأماكن التي تٌحب القطة الجلوس فيها بداية بسريرها الدافئ بجوار النافذة، ثم الأريكة، وصولاً إلى المطبخ، حيث كانت القطة تتناول طعامها كل صباح.
لكن لم يكن هناك أي أثر للقطة في أي مكان. فكّر ماكس قليلاً، ثم قال: “يجب أن نخرج للبحث عن القطة”.
اتجه إلى الشرفة، وهناك أخرج عدسته المكبرة مفتشًا عن أي دليل يوصله إلى القطة. وفجأة، وجد بعض الأثار، فقال مشيرًا للآثار: “ميا، انظري هذه الآثار تبدو حديثة. لا بدّ أن قطتك مرت من هنا قبل وقت قصير”. قال ماكس بحماس وهو يدوّن ملاحظاته في دفتره الصغير.
ابتسمت ميا لأول مرة منذ اختفاء قطتها، وقالت: أنت مذهل يا ماكس. لا بد أنها قريبة منا”.
وبينما كانا يتتبعان آثار الأقدام، سمعا فجأة صوت مواءٍ خافت قادمًا من بين الشجيرات. نظر ماكس إلى ميا، وقال: “هل سمعت هذا؟”
أومأت ميا برأسها وانطلقا يركضان نحو مصدر الصوت حتى حتى وصلا إلى ممرّ ضيق مخفي خلف الأشجار. وفي نهايته، بيت خشبي قديم يبدو مهجورًا. فتح ماكس باب المنزل ببطء وحرص، وعندما نظر للداخل وجد القطة مستلقية على الأرض.
عندما رأتها ميا ركضت نحوها واحتضنتها بين ذراعيها، ثمّ شكرت ماكس قائلة: “شكرآ لك يا ماكس، أنت أفضل محقق عرفته”. ثم تساءلت: “لكن كيف وصلت قطتي إلى هذا المكان الغريب؟”
ابتسم ماكس، ثم اقترب من النافذة الصغيرة في زاوية الغرفة، وقال: “يبدو أنها دخلت من هنا. ربما كانت تطارد فراشةً أو طائرًا، ولم تستطع الخروج بعدها.”
وعندما همّ الصديقان بمغادرة المنزل، لمح ماكس شيئًا لامعًا على الأرضية الخشبية. انحنى ليلتقطه، فإذا به يعثر على قلادة ذهبية بداخلها صورة لفتاة صغيرة تحمل بين يديها قطًّا يُشبه قطة ميا إلى حدٍّ كبير.
نظرت ميا بدهشة وقالت: “ما هذه القلادة؟ لم أرَها من قبل!”
تفحّصها ماكس بعناية، وقال بحماس: “يبدو أن أمامنا لغزًا جديدًا يا ميا. يجب أن نعرف من صاحبة هذه القلادة ونعيدها إليها.”
أومأت ميا برأسها موافقة، ثم جلسا يفكّران فيمن يمكنه مساعدتهما، فخطر في بالهما على الفور الجدّة حسناء، أقدم ساكني القرية، والتي تعرف كلّ من عاش فيها منذ سنوات طويلة. توجّها إلى منزلها، وهناك وجدا الجدة حسناء تجلس في شرفة منزلها، تحيك وشاحًا صوفيًا ملونًا.
قال ماكس بأدب: “مرحبًا سيدتي، كيف حالكِ اليوم؟”
ابتسمت الجدة وقالت: “بخير يا أطفالي. كيف حالك يا ماكس؟ وأنتِ يا ميا؟”
قال ماكس وهو يُخرج القلادة من جيبه: “نحن بخير. لقد وجدنا هذه القلادة في المنزل الخشبي القديم. هل تعرفين من هذه الفتاة في الصورة؟”
أخذت الجدة القلادة، ونظرت فيها بإمعان. وبعد لحظة، قالت: “إنها لارا. لقد كانت تعيش هنا مع عائلتها قبل سنوات طويلة، لكنهم انتقلوا من القرية لم نسمع عنهم شيئًا”.
قالت ميا: “هل تعتقدين أن لارا لا تزال تبحث عن قلادتها؟”
قالت الجدة حسناء: “ربما يا صغيرتي”.
صاح ماكس: “إذن علينا أن نعيدها إليها”.
ردّت الجدة حسناء: “وأنا سأساعدكم يا أطفال، سأسأل بعض الأصدقاء القدامى، ربما أتمكن من معرفة عنوانها الجديد”.
وبالفعل، وبعد عدّة أيام من البحث، تمكّنت الجدة حسناء من معرفة العنوان الجديد الذي انتقلت إليه عائلة لارا. ما إن حصل الصديقان على العنوان، حتّى جلسا يكتبان رسالة إلى لارا يخبرانها بكل ما حدث. وأرفقا القلادة مع الرسالة.
وبعد مرور عدة أيام، وصلتهما رسالة من لارا والتي تبيّن أنها أصبحت امرأة مسنّة. فتح ماكس الرسالة، وجلس بجانب ميا ليقرآها معًا:
“لقد شعرت بسعادة بالغة عندما وصلتني رسالتكما. شكرًا لكما لقد أسعدتماني كثيرًا بعثوركما على قلادتي الثمينة. بحثت عنها كثيرًا لكنّي لم أتمكن من العثور عليها. لم أصدق عيني عندما رأيتها، فهي تحمل ذكريات طفولتي”.
وأرفقت لهما مع الرسالة صورة لها وهي تجلس مع قطتها. غمرت السعادة قلبي ماكس وميا وشعرا بالفخر لإدخال السرور على السيّدة لارا. ومنذ ذلك الحين، انتشرت قصتهما في القرية، وأصبح الجميع يناديهما بالمحققَين الصغيرَين.
تُعدُّ قصة الدجاجة الذهبية واحدةً من أجمل قصص أطفال لعمر 7 سنوات، التي يمكنك سردها قبل النوم. وهذه القصة ليست مجرد قصة ترفيهية، بل هي من قصص الأطفال التي تحمل عبرًا وقيمًا جميلة، وتحفّز لدى الأطفال الخيال.
يُحكى أنّ مزارعًا عاش مع زوجته في فقر شديد، ولم يكن لديهما سوى مزرعة صغيرة يزرعان فيها الخضروات. كان المزارع يبيع تلك الخضروات ليكسب منها قوت يومه، وفي أحد الأيّام، قالت زوجة المزارع: “ما رأيك أن نشتري دجاجة تضع لنا البيض”.
وافق المزارع على اقتراح زوجته، وجمع بعض الخضراوت ليبيعها، ويشتري بثمنها دجاجة. وبالفعل، توجّه إلى السوق واشترى الدجاجة، ثمّ عاد إلى مزرعته وبنى لها عشًا جميلاً.
وفي صباح أحد الأيام، ذهب المزارع كعادته ليتفقد أحوال دجاجته ويجمع منها البيض، فتفاجأ بأنّها قد وضعت بيضة ذهبيّة كبيرة.
تفاجأ المزارع، ونادى زوجته لترَى البيضة الغريبة. فوقفت مذهولة، غمرتها السعادة، حمل المزارع البيضة بحذر شديد، ثم دخل هو وزوجته إلى المنزل، فقالت له زوجته: “اذهب إلى السوق وبِع هذه البيضة، سنصبح أثرياء”.
وبدءًا من ذلك اليوم، أصبحت الدجاجة تضع كلّ صباح بيضة ذهبيّة، والمزارع يبيعها ويعود إلى أسرته بالمال. ازداد المزارع وزوجته غنى يومًا بعد يوم. لكنّ الطمع تسلّل إلى قلبه، فقال لنفسه: “لماذا أنتظر بيضة واحدة كلّ يوم؟ لماذا لا أذبح الدجاجة وأحصل على كلّ البيض الذهبيّ دفعة واحدة؟”
أخبر المزارع زوجته بما يُفكّر فيه، فنصحتهُ ألّا يفعل ذلك، قائلة: “لا تفعل ذلك، هذه فكرة سيئة”.
لكنّه لم يُنصت لها وأعماه الطمع. وفي اليوم التالي، ذبح المزارع الدجاجة، وشقّ بطنها للحصول على البيض الذهبي الذي تخيله، لكنّه لم يجد فيها أيّ بيض على الإطلاق.
صُدم المزارع وزوجته، وجلسا يبكيان، ويندبان حظهما، فقد خسرا دجاجتهما الذهبيّة التي كانت مصدر رزقهما اليوميّ بسبب الطمع.
قصة بائعة الكبريت هي واحدة من أروع قصص أطفال لعمر 7 سنوات من تأليف الكاتب الشهير هانس كريستيان أندرسن.
في قديم الزَّمان، في بلدة ثلجيّة، عاشت فتاة صغيرة جميلة ذات شعر أشقر كأشعة الشّمس الذّهبيَّة. كانت أجمل وألطف الأطفال في سنِّها وأحلى من القمر حين يظهر في السّماء ليلاً. رغم فقر عائلتها، لم تفقد طبيتها ولا أحلامها الكبيرة. كانت تبيع الزهور في الصباح وفي المساء تبيع أعواد الكبريت لمساعدة عائلتها على تدبير أمورهم.
وذات مساء، أضاءت المدينة الأنوار للاحتفال، وعمّت الضحكات في البيوت احتفالًا بسقوط الثلج. كان الجوّ شديد البرودة والثلج يتساقط بغزارة، والرياح عاصفة، إلا أنّ هذا لم يمنع زوج والدتها من إجبارها على الخروج لبيع أعواد الكبريت.
ارتعبت الفتاة من زوج أبيها، فخرجت من المنزل تتجوّل في الشوارع، تحملُ علبها الصغيرة وتُنادي بكلّ قوتها آملةً أن تبيع ما يكفي لجلب المال لعائلتها: “كبريت … كبريتٌ جميل، يُضيءُ ليلَكَ البارد”.
لكنّ أهل البلدة كانوا منشغلين بالاحتفالات والأنوار الساطعة، فلم يلحظوا وجودها، ولم يتوقّف أحد لشراء الكبريت منها أو مساعدتها.
ازدادت العاصفة، وتساقط الثلج بقوّة، فهرع الناس إلى منزلهم، وأقفل البائعون محلاتهم، بينما ظلّت بائعة الكبريت تتجوّل في الشوارع وحيدة. ارتجفت الفتاة من البرد، فقد كانت ترتدي ملابس خفيفة وحذاءً كبيرًا لا يلائم مقاسها. ومع تساقط الثلج، لم تتوقف الفتاة عن السير حتى تمزّق حذاؤها.
هنا، خارت قوّتها، وجلست في زاوية شارعٍ هادئٍ. وبينما كانت تتكئ على الجدار البارد، أشعلت عود كبريت، فانبعث ضوءٌ خافتٌ دافئٌ. في تلك اللحظةِ، بدأت ترى الأحلام. رأت نفسها في منزل دافئ، حيثُ المدفأة مشتعلة، وجدت أجواء من الحنان والدفء تحيط بها.
وما هي إلاّ لحظات حتى انطفأ العود، فأشعلت عودًا ثانيًا، وفجأة، رأت نفسها في حديقةٍ كبيرةٍ مليئةٍ بالزهور الملونة، وتلعب مع أطفال يضحكون ويشاركونها القصص. مع كلّ عود كبريت تشعله، كانت بائعة الكبريت تنتقلُ إلى مشهد مختلف. ومع العود الثالث، وجدت نفسها في سماءٍ مليئةٍ بالنجوم اللامعة، وظهرت جدتها التي كانت تحبها كثيرًا، تبتسمُ لها وتلوّح بيدها. بادلتها الصغيرة الابتسامة، وقالت: “جدتي لا تترُكيني وحدي، خذيني معك”.
جلست الفتاة في حضن جدتها، تحكي لها القصص، وتربّت على كتفها. فرحت الفتاة برؤية جدتها، وقرّرت إشعال مجموعة من الأعواد مرةً واحدةً لتبقى مع جدتها فترة أطول.
إلا أن الأعواد بدأت تنطفئ، وتتلاشى أحلامها واحدة تلو الأخرى. ومع آخر عود ثقاب اقتربت جدتها منها وطوّقتها بذراعيها، وقالت: “تعالي يا حبيبتي، لنذهب إلى عالم أجمل، حيث لا برد ولا جوع ولا قسوة”.
أغمضت بائعةُ الكِبريتِ عينيها بسلامٍ، واحتضنت جدتها بقوّة، وشعرت بالدفء والأمان. وفي الصباح، وجد أهل البلدة بائعة الكبريت في الزاوية التي جلست فيها، لكنَّ وجهها كان هادئًا وابتسامتها جميلة، وكأنَّها سافرت إلى عالمٍ أجمل لا جوع فيه ولا برد.
تجمّع أهل البلدة حولها بحزن بعد رؤية أعواد الثقاب، وقرّروا ألا ينسوا الفتاة الصغيرة التي علّمتهم معنى الحبّ والرحمةِ، وعاهدوا أنفسهم أن يعتنوا بالفقراء والمحتاجين. لم تكن النهاية قاسية على بائعة الكبريت كما ظنّ أهل البلدة، فهي رأت أجمل الأحلام مع جدتها التي تُحب أن تبقى معها ولا تفارقها.
قصّة أخرى في مجموعة اليوم بعنوان “قصص أطفال لعمر 7 سنوات”، وهي قصّة الأب الحكيم وأبنائه الثلاثة.
في منزل هادئ، عاش أب حكيم مع أبنائه الثلاثة. كان الأب يراقب أبناءه وهم يتجادلون ويتخاصمون كلّ يوم على أتفه المشاكل. حاول الأب كثيرًا أن ينصحهم ويُصلح بينهم، لكنّه لم يتمكن من ذلك، وظلّ الخلاف يُفرِّق بينهم.
في أحد الأيام، وبعد شجار حادّ بين الأخوة، قرّر الأب أن يُعلّمهم درسًا مهمًا ليدركوا قيمة التعاون بينهم والوحدة. فنادى أبناءه، وأمر أحدهم أن يُحضر له حزمة كبيرة من العصي.
أحضر الابن الحزمة، واجتمع الأبناء الثلاثة مع والدهم في حديقة المنزل. نظر لهم الأب، ثم قال: “أريد أن يحاول كل واحد منك كسر هذه الحزمة”
أخذ الابن الأكبر الحزمة، وحاول بكلّ قوته كسرها، لكنّه لم ينجح، فسخر منه أخوته. ثم قال الأخ الأوسط: “أنا سأسكرها”. أمسك الحزمة، وحاول كسرها بكل الطرق لكن دون فائدة.
ثم أخذها الأخ الأصغر وحاول أيضًا ولكنه فشل أيضًا. تعجّب الإخوة الثلاثة، عندها ابتسم الأب، وفكّ حزمة العصيّ، ثم أعطى كلّ واحدٍ منهم عصا واحدة، وقال: “الآن جربوا أن تكسروا هذه العصا”.
كسر كلّ واحد من الإخوة عصاه بسهولة ودون بذل جهد. قال الأب مبتسمًا: “عندما كانت العِصي مُجتمعة، لم تستطيعوا كسرها، لكن عندما انقسمت إلى أعواد، أصبحت هشة وسهلة الكسر. وهكذا أنتم يا أبنائي، إن اتّحدتم، فلن يقدر أحدٌ على هزيمتكم. أمّا إذا تفرَّقتم، فسيكون من السّهل التغلب عليكم وهزيمتكم”.
ثم تابع الأب حديثه: “في التعاون قوّة، عندما تقفون معًا، وتدعمون بعضكم بعضًا، وتعملون كفريق واحد، ستكونون قادرين على مواجهة أيّ عقبة. ولكن إذا سمحتم للخلاف أن يُفرقكم، فستُصبحون عُرضة للخطر”.
تبادل الأبناء النظرات، وأدركوا أخيرًا خطأهم وكم كانت خصوماتهم تُضعفهم. ومنذ ذلك اليوم، قرّروا أن يضعوا خلافاتهم جانبًا، ويعيشوا في وِئام، مُتعاونين، مدركين أنّ الوحدة والتعاون هما مصدر قوتهم.
وقت القصة ليس مجرد لحظة تقضيها مع طفلك، بل هو فرصة ذهبية لتنمية خياله، تطوير مفرداته، وتعليمه المبادئ والقيم بطريقة غير مباشرة. تساعد قصص الأطفال على فهمهم للعالم من حولهم بطريقة بسيطة وملائمة لمستوى تفكيرهم وإدراكهم للأشياء، وتفتح امامهم أبواب جديدة للتفكير.
كانت هذه مجموعة قصص أطفال لعمر 7 سنوات، تساعد طفلك على تنميه خياله، وتعزيز القيم الجميلة لديه. فأيّ هذه القصص أعجبك أكثر؟
يمكنك تصفّح المزيد من القصص المميّزة على موقعنا، لاختيار ما يناسب طفلك ويساهم في تعزيز حبّه للقراءة.
للقصص أسلوبها وسحرها الخاص في تعليم الأطفال دروس الحياة التي تبقى في ذاكرتهم إلى الأبد. فإلى الجانب الترفيهي الممتع، تلعب القصص دورًا مهمًا في ترسيخ القيم الإيجابية لدى الأطفال، واستيعابهم الصواب من الخطأ بطرقٍ مشوّقة لا تُنسى. لذا، بدلًا من أمرهم أو إخبارهم بالنصائح والقيم مباشرةً، استخدم القصص التي تنسج الدروس في هيئة مغامراتٍ شيقة، مما يجعلها سهلة الفهم.
في هذا المقال، نقدم لك أفضل 8 قصص أطفال قصيرة ومعبّرة يمكنك سردها لطفلك قبل النوم. كُلّ قصة من هذه القصص تأخذك في رحلة ممتعة إلى عالم الخيال، تحمل في نهايتها عبرة تُساهم في تشكيل شخصية الطفل، وتُقوِّم سلوكه بطريقة ممتعة وملهمة.
أفضل 8 قصص أطفال قصيرة
1. قصة الثعلب والعنب
قصة الثعلب والعنب هي واحدة من أفضل 8 قصص الأطفال المعبّرة، لما تحمله من دروس وعبر، أهمّها تعليمهم درسًا مهمًا في تقبل الفشل وعدم تقديم أعذار عندما لا يستطيعون الوصول إلى هدفهم.
أحداث القصة
في صباحٍ مشمس، خرج ثعلبٌ جائع يبحث عن طعام يُسدّ به جوعه ويروي عطشه. وبينما كان يتجول بين الأشجار رأى عنقودًا كبيرًا من العنب يتدلّى من فوق شجرة عالية. كان العنب ناضجًا، وجميلاً يلمع تحت أشعة الشمس الذهبية، ويبدو شهيًا للغاية. قال في نفسه: “يا ليتني أستطيع الحصول على بعض منه، لأروي به عطشي.”
قفز الثعلب بكل قوته، لكن العنب ظل بعيدًا جدًا ولم يستطع الوصول إليه. لذا وقف على رجليه الخلفيتين، ومدّ عنقه قدر استطاعته، لكن العنب كان لا يزال مرتفعًا جدًا.
تراجع عدة خطوات إلى الوراء، ثم ركض وقفز مرة أخرى، لكنه أخطأ الهدف. لم يستسلم الثعلب، وحاول مرة أخرى من الاتجاه الآخر. ركض بأقصى سرعة ممكنة، وقفز في الهواء، لكنه أخطأها مرة أخرى.
حاول الثعلب مرة رابعة وخامسة مصممًا على الحصول على العنب اللذيذ، لكنه لم يستطع الوصول إليه مهما حاول. بعد محاولات كثيرة، جلس الثعلب على الأرض وهو يلهث من التعب، ثم نظر الثعلب إلى العنب، وقال بغضب: “لا أعرف لماذا أضيع وقتي على هذا العنب الفظيع. أنا متأكد أن طعمه حامضٌ جدًا، لم أعد أريده أصلاً.”
وفي النهاية، نهض الثعلب ومشى مبتعدًا، يحاول أن يقنع نفسه بأنه لم يكن بحاجة لذلك العنب أبدًا وأنه لا يستحق هذا العناء. لكن في أعماقه، كان يعلم أنه استسلم بسرعة، وأنه اختلق عذرًا بدلًا من الاستمرار في المحاولة.
العبرة من القصة
لا تقدم الأعذار عندما يكون الأمر صعبًا، بل استمر في المحاولة وفكّر في طريقة مختلفة لتحقيق أهدافك.
قصة الكلب والعظمة هي واحدة من قصص الأطفال القصيرة والمعبرة، والتي تحمل درسًا قيّمًا عن الطمع والجشع، وهي من السمات الأخلاقية السيئة التي يجب توعية الأطفال بها، والحرص على ألاّ يتخلّقوا بها.
أحداث القصة
في أحد الأيّام، عثر كلب على عظمةٍ كبيرةٍ ولذيذة بجوار أحد المنازل. فرح الكلب كثيرًا بهذه العظمة الكبيرة لدرجة أنّه أمسكها وركض يبحث عن مكان هادئ ليأكلها بسلام بعيدًا عن تتطفُّل الكلاب الأخرى.
بينما كان الكلب يعبر جسرًا صغيرًا فوف النهر، نظر إلى أسفل الجسر، فرأى صورة انعكاسه في الماء وهو يَحملُ العظمة. لكّن الكلب الساذج ظَنّ أن هناك كلبًا آخر يحملُ عظمة أكبر، ولم يعلم أنَّ ما رآه هو مجرد انعاكس صُورته على سطح الماء.
طمع الكلب في العظمة الأخرى، وفكّر في نفسه قائلاً: “هذه العظمة تبدو أكبر من عظمتي، أُريد الحصول عليها.”
نبح الكلب ليُخيف الكلب الأخر فيخطف منه العظمة، لكّنه ما أن فتح فمه حتّى سقطت عظمته في الماء وغرقت. اندهش الكلب عندما لم يجد الكلب الآخر وازدادت دهشتُه أكثر عندما رأى التيّار يحمل عظمته بعيدًا.
خسر الكلب المسكين طعامه، وجلس حزينًا واضطرَّ للعودة إلى منزله خالي الوفاض، بعد أن تعلّم درسًا لن ينساه أبدًا.
العبرة من القصة
تعلّم الرضى بما لديك، لأن الطمع فيما لا تملك قد يُفقدك ما تملك حقًا.
من أسوء الصفات التي قد يتحلّى بها الإنسان هي الغرور والتكبّر، لذا من المهم تربية الطفل على التواضع مهما امتلك من مواهب وأموال، وتوجد العديد من القصص التي تُسلّط الضوء على هذه الصفات وتُشجّع على التواضع. ومن بين هذه القصص تبرز قصة “الطيور والنسر المغرور” برغم من أنها ضمن مجموعة قصص أطفال قصيرة إلا أنها تحمل عبرة كبيرة.
أحداث القصة
على شاطئِ النّهر الكبير، كانت تعيشُ طيور ذاتِ أجنحة بيضاء ومناقير طويلة. وكانت هذه الطيور تتجمَّع كُلّ يوم في الصّباح الباكر وتسبحُ في مياه النَّهر بهدوء، باحثةً عن الأسماك لتصطادها بمناقيرها الطويلة وتُطعم صغارها الجائعين.
وفي صَباح أحد الأيَّام، بينما الطيور مُتجمَّعة على شاطئِ النَّهر، هبّت رياح قوية، واضطربت مياه النهّر. فجأة، انقضَّ نسر ضخم من السماء، والتقط سمكة كبيرة بمخالبه، ثمّ طار بها عاليًا في الهواء، ولم يتوقّف عند هذا الحد، بل كرّر الأمر عدّة مراتٍ.
ارتبكت الطيور، وتسائلت بقلق فيما بينها: :من هذا النسر؟ ومن أين جاء؟”، فقال أحدها: “إنَّه جارنا الجديد، لقد رأيتُه يبني عشَّهُ فوق الشجرة العالية هناك.”
وبمُرور الأيَّام، سيطر النَّسر على النَّهر، وكان يمشي مغرورًا بقوّته وحجمه ويضرب الماء بجناحيه ليُرهب الجميع ويصطاد كلّ الأسماك في النهر ويخيف البقيّة، مما جعل الأسماك تهرب من النَّهر. فلم تستطع الطيور الحصول على طعامها ولا إطعام صغارها.
اقترب قائدُ الطيور من النسر، وقال: “أنت تخيف الصغار، وتصطاد بعنف فتُرعب الأسماك وتُفزّعها. لماذا لا تصطاد بهدوءٍ مثلنا؟ إمّا أن تتوقّف عن هذه التصرفات أو ترحل فورًا.”
ضحك النسر، وقال: “أيُّها الطائر العجوز كيف تجرؤ على تهديدي؟ ألا تعرف من أكون؟” ردّ الطائد بثقة: “أنت مجرّد نسر مغرور ومتكبرّ”.
قال النسر: “أنا أقوى منكم جميعًا، أنتم جبناء وضعفاء ولا تصطادون سوى أسماك الشاطئ، أمّا أنا فأصطاد من الأعماق.” ثم أخذ سمكته وانطلق بعيدًا إلى عشه وهو يضحك بسخرية من بقيّة الطيور الأخرى.
مرّت الأيام والنَّسر المغرور لا يزال يُعكّر صفو حياة الطيور وينقضّ على الأسماك التي يحاولون اصطيادها. فحذّره قائد الطيور من عاقبة أفعاله وغروره. لكنَّ النسر لم يُبالِ بحديثه، وظلّ يسخر منهم.
ذات صباح، حاولت الطيور التوغّل داخل النهر لاصطياد الأسماك لإطعام صغارهن، لكّن القائد حذّرهنّ من الاقتراب من منتصف النهر لشدة خطورته وتياره القويّ. فتراجعت الطيور جائعة حزينة. كان النسر يراقب المشهد في هدوء وثبات. ثم قال ساخرًا: “سوف أصطاد سمكة كبيرة الحجم لتعلموا أيّنا أشدّ قوةً وأكثر ذكاءً.”
انطلق النسر إلى منتصف النهر، وانقضَّ على سمكة كبيرةٍ وأدخل مخالبه فيها وارتفع بها في الهواء إلى عشه فخورًا ساخرًا ومعتدًّا بنفسه. ذهبت إحدى الطيور تستأذن منه الحصول بعض الطعام للصغار، إلا أن النسر رفض وصاح بها قائلا: “اذهبي لا مكان هنا للضعفاء.”
وفي اليوم التالي، قرّر النسر أن يصطاد سمكة أكبر من أيّ مرةٍ مضت، ليُرضي غروره. حلق عاليًا، ثم انقضّ على سمكة ضخمة وسط النَّهر. أمسك بها بمخالبه وارتفع في الهواء، لكنّ السمكة بدأت تقاوم بقوة، وتضرب بذيلها الماء. ارتبك النسر واختلّ توازنه، فانزلقت السمكة من مخالبه، وسقط هو في النهر.
بدأ يرفرف بجناحيه محاولاً الخروج، لكنه لم يتمكّن من ذلك بسبب قوّة التيار والرياح. وابتلّت جناحاه فسحبه التيارُ، دون أن يستطع المقاومة وخارت قواه. عندها رأى الطيور التي طالما سخر منها تطير بجانبه. نظر إليها برجاء، وقال: “أرجوكم ساعدوني”.
لم ترغب الطيور في مساعدته، لكنّ قائدها قال: “لا يجب أن نردّ الإساءة بالإساءة”. تعاونت الطيور معًا، ومدّت أجنحتها لتصنع سلسلة طويلة، حتَّى تمكّن النسر من التعلّق بها، ثم سحبته الطيور إلى برّ الأمان.
جلس النسر على الشاطئ يلهث، ثم نظر إلى الطيور، وقال بخجل: “أنا آسف. لقد كنت مغرورًا، وظننت أني الأقوى، لكنني كنت مخطئًا.”
ابتسم القائد وقال: “كلنا نخطئ يا صديقي، ولكن المهم أن نتغير ونتعلّم أن لا أحد أفضل من الآخر وأنّّ الاحترام والتعاون هما سر الحياة.”
ومنذ ذلك اليوم، تغيّر النسر وصار متواضعًا يصطاد بهدوء، ويحترم الطيور الأخرى، بل وأصبح يساعدها أحيانًا في اصطياد الأسماك. وعاد الهدوء إلى شاطئ النهر، وامتلأ بالأسماك من جديد، وعاش الجميع في سلام.
العبرة من القصة
الغرور هو أسوء الصفات التي قد نتحلى بها، وقد يجعلنا نخسر أصدقائنا وكل ما نملكه.
هذه واحدة من أجمل القصص المعبرة للأطفال، حيث تزرع فيهم التواضع والصدق، وتعلمهم التفكير النقدي بطريقة غير مباشرة.
أحداث القصة
في قديم الزمان، في مملكة بعيدة، عاش إمبراطورٌ لا يهتم بشيء سوى ارتداء الملابس الجديدة، لم يكن يهتم بحال شعبه، ولا بأمور الحكم والعدل. لقد كان مهووسًا بالثياب، ويرتدي في كل ساعة زيًا مختلفًا، ولا يمرّ عليه يوم إلا اشترى ملابس جديدة. وكان يقول دائمًا: “الملك يُعرَف من أناقته”.
في أحد الأيام، وصل رجلان إلى المدينة، وزعما إنّهما خيّاطان ماهران، ويستطيعان حياكة ملابس لا يراها إلا الأذكياء والحكماء، أما الحمقى فلا يستطيعون رؤيتها. سرعان ما انتشرت الأخبار ووصلت إلى الإمبراطور. تحمّس كثيرًا، وظنّ أنّ هذه الملابس ستُظهر عظمته وروعته، قال في نفسه: “يجب أن أحصل على هذه الملابس”.
ذهب الإمبراطور بنفسه لزيارة الخيّاطين، والفضول يملأ قلبه. رحبّ الخياطان به بحرارة، ثم أشارا إلى الطاولات الفارغة وقالا بثقة وفخر: “انظر يا سيدي، أليست هذه أروع أقمشة رأيتها في حياتك؟ انظر إلى خيوطها اللامعة، وألوانها الزاهية”.
نظر الإمبراطور لكنه لم ير شيئًا، لا قماش، ولا خيوط، ولا ألوان. فخشيّ أن يشك الناس في ذكائه، وتظاهر بالإعجاب وقال بصوتٍ عالٍ: “يا للروعة! إنه أروع قماش رأيته في حياتي”.
ثم أضاف مبتسمًا: “لقد اقترب موعد الاحتفال السنوي، وأريد منكما أن تنسجا لي أفضل زي ملكي على الإطلاق”.
انحنى الخيّاطان باحترام وقالا: “أمرُك مطاع، يا صاحب الجلالة”. غادرا متجرهما الصغير، وذهبا لشراء بعض الشموع، ثم توجّها إلى القصر. وهناك، حصلا على غرفة خاصة للعمل، فجلسا فيها ليلًا ونهارًا، يتظاهران بالحياكة والغزل، وفي الليل يشعلان الشموع، فيظن كل من يراهما أنهما يعملان بجد.
بعد مرور بضعة أيّام، أرسل الإمبراطور مساعده ليرى كيف تسير الأمور، دخل المساعد الغرفة، ونظر حوله فلم يرَ شيئًا. لكنه خشيّ أن يقول الحقيقة فيظنّ الناس أنه غبيّ. فقال: “رائع! الثوب جميل جدًا، ألوانه زاهية ونقوشه مدهشة”.
فرح الإمبراطور كثيرًا بكلام مساعده، وذهب بنفسه ليرى الثوب. وكان على يقين من أنَّه هذه المرة سيكونُ قادرًا على رؤية القماش السحريّ، لكنه لم ير شيئًا. ومع ذلك، تظاهر بالإعجاب وقال: “إنه أجمل ثوب رأيته في حياتي”.
مع مرور الأيام، كان الجميع ينتظرون بفارغ الصبر ملابس الإمبراطور الجديدة. وتظاهر الخياطان بالعمل، ولم يجرؤ أحد على القول بأنه لا يرى شيئًا. وازداد فخر الإمبراطور يومًا بعد يوم، وكان على يقين من أنه سيرتدي قريبًا أجمل زي في العالم.
أخيرًا، جاء يوم العرض الكبير. تظاهر الخيّاطان بتسليم الإمبراطور ملابسه الجديدة. رفعا قميصًا وسروالًا وعباءة غير مرئية، واصفين كل تفصيلة كما لو كانت حقيقية. شعر الإمبراطور بالقلق، فقد كان لا يرى شيئًا، لكنه لم يُرِد أن يبدو أحمقًا أو يُقال عنه أنّه لا يملك الذكاء الكافي لرؤية الثوب. فخلع ملابسه القديمة وتظاهر بارتداء الثوب الجديد.
قال أحد الخياطين بدهاء: “هذه الملابس خفيفة للغاية ستشعر وكأنك لا ترتدي شيئًا”. وهزّ الآخر رأسه مؤكدًا على حديث صديقه.
أشاد الخيّاطان بمظهره، وهلل عُمّال القصر والجنود مُعجبين بملابسه الجديدة. وقف الإمبراطور أمام المرآة، فرأى نفسه بثيابه الداخلية فقط. ورغم ذلك، أقنع نفسه أن الثوب السحري لا يُرى إلا من قِبَل الأذكياء.
أثناء العرض، سار الإمبراطور فخورًا بملابسه. وكان كلّ من يراه يهمس: “إنه لا يرتدي شيئًا”. لكن لم يتجرأ أحد على قول الحقيقة بصوت عالٍ، خشية أن يوصفوا بالأغبياء.
وفجأة، وسط الهتافات، صاح طفل صغير: “لماذا لا يرتدي الإمبراطور أيّ ملابس؟”
ساد صمت قصير، ثم بدأ الناس يتهامسون ويضحكون، لأنهم اكتشفوا أن الطفل الصغير هو الوحيد الذي قال الحقيقة. تلفّت الإمبراطور حوله باحثًا عن الخيّاطينَ ليوقفا هذه المهزلة، لكنّ لا أثر لهما.
في تلك اللحظة، أدرك الإمبراطور أنه قد خُدع، وشعر بالخجل وهو يقف أمام شعبه بلا ثياب، ولا كبرياء. ومنذ ذلك اليوم، تغيّر الإمبراطور وأصبح أكثر تواضعًا وتبرّع بجميع ملابسه الزائدة للمحتاجين.
العبرة من القصة
يجب قول الحقيقة بدلاً من التظاهر بما لا نراه فقط لنُرضي الآخرين. وتأكد أن الشجاعة في قول الصدق.
يفضّل الكثير من الأهل سرد قصص قصيرة لأطفالهم، لما تحمله من متعة وفائدة في آنٍ واحد. وهذه إحدى القصص الجميلة والملهمة، التي تستحق أن تكون جزءًا من مجموعة القصص التي تقرأها لطفلك قبل النوم.
أحداث القصة
في غابة خضراء جميلة، عاش أرنب ذكي يُدعى فوفو مع عائلته الصغيرة. وكان يحب أخاه الأصغر كبيرًا، ولا يفترق عنه. وذات ليلة، بينما كان فوفو نائمًا في سريره، رأى في حلمه عصفورًا صغيرًا يخبره بأن أخاه الصغير في خطر، ويحتاج من ينقذه.
استيقظ فوفو مفزوعًا، والتفت حوله فلم يجد أخاه، فخفق قلبه خوفًا. خرج من البيت مسرعًا نحو الغابة، حيث اعتاد أخوه أن يلعب. وهناك، وجده يلعب مع أصدقائه.
جلس فوفو يستريح وينظر إلى السماء. بعد مدة، عندما نظر إلى الأرانب، لم يجد أخاه بينهم. فأسرع إليهم وسألهم: “أين ذهب أخي؟”
ردّ أحدهم: “لقد كان يلعب معنا منذ قليل، لكنَّه تركنا وذهب ليستكشف القرية القريبة من الغابة، ولم يعد حتّى الآن”.
شعر فوفو بالخوف على أخيه الأصغر، فقرّر البحث عنه على الفور. واجتمعت الأرانب والحيوانات وقرّرت الذهاب معه إلى أطراف الغابة للبحث عن أخيه.
في هذه الأثناء، كان الأرنبُ الصغيرُ يراقب الأطفال وهم يلعبون ويضحكون. أراد أن يقلّدهم، فبدأ يجري ويلعب وحده، حتى شعر بالعطش. فتوجّه إلى النهر القريب، دون أنّ يعلم أنّ هناك صيادًا مختبئًا يراقبه من بعيد.
عندما اقترب الأرنب الصغير من النهر، رفع الصياد بندقيته، ووجّهها نحوه، ثم أطلق النار، لكن لحسن الحظ لم تُصِبه أيّ رصاصةٍ، فانطلق مذعورًا يركض ليختبئ من الصياد.
في تلك اللحظة، سمع غراب صوت إطلاق النار، فأسرع ليرى ما يحدث، فرأى الصيّاد يطارد الأرنب الصغير شقيق فوفو. طار الغراب مسرعًا إلى فوفو وأخبره بما رأى. فقال له فوفو: “أين هو؟! خذني إليه بسرعة.”
قاد الغرابُ فوفو إلى مكان أخيه، وهناك، وجده مختبئًا خلف صخرة، يلهثُ من الخوف. ركض فوفو نحوه واحتضنه بقوة، وقال له: “الحمد لله أنك بخير يا أخي.”
وعندما سمع الصياد أصوات الحيوانات تقترب، خاف أن يُكشف أمره، ففرّ هاربًا من المكان. عاد الأرنبان إلى بيتهما سالمين، فقال الأرنب الصغير: “أنا آسف لأنني ابتعدت دون أن أخبرك.”
ابتسم فوفو وربت على رأسه قائلًا: “يجب ألا تبتعد مرة أخرى، فالعالم مليء بالمخاطر.”
العبرة من القصة
يجب عليك عدم الابتعاد عن البيت دون إخبار والديك، لأن ذلك قد يعرضك للخطر.
قصص أطفال قصيرة وبسيطة تحمل قيمًا وأخلاقًا وتعلّمهم دروسًا مهمة لا تُمحى من ذاكرتهم أبدًا. ومن هذه القصص قصة السلطعون الصغير وتعلّم تقبل نفسه كما هو.
أحداث القصة
في أحد الأيام، كان هناك سلطعون صغير يتجول مع أمه فوق الرمال شاطئ البحر. وبينما كانا يسيران، لاحظ السلطعون طفلاً صغيرًا يمشي للأمام بخطوات مستقيمة. توقف السلطعون الصغير فجأة، ثم نظر إلى قدميه، ثم إلى والدته فشاهدها تمشي بخطوات مائلة إلى الجانب بدلًا من السير بشكل مستقيم.
قال بدهشة: “أمي، لماذا نمشي هكذا؟ ألا نستطيع أن نمشي مثل ذلك الطفل؟ للأمام، بخط مستقيم؟ أظنّ أن هذا أكثر أناقة. انظري إلى هذا الطفل وكيف يبدو أنيقًا”.
ابتسمت أمه وقالت بهدوء: “يا بني، هكذا نمشي نحن السلطعونات، وهذه طريقتنا في السير، وقد خلقنا الله هكذا”.
لم يقتنع السلطعون الصغير، ورفض الاستماع لكلمات والدته. ورفع مخلبه الصغير، وحاول تحريكه إلى الأمام، تمامًا مثل البشر، لكنّه ما لبث أن فقد توازنه وسقط على الرمل.
نهض بسرعة، وحاول مرارًا وتكرارًا، لكنه كان يسقط في كل مرة. في النهاية، استسلم الصغير وجلس على الرمل حزينًا.
ضحكت الأم بلطف وهي تراقب محاولات طفلها، ثم اقتربت منه ووضعت أحد مخالبها على كتفه الصغير، وقالت: “يا بُني، لست بحاجة لأن تُشبه غيرك لتكون رائعًا. نحن سلطعونات، وهكذا خلقنا الله. يجب أن تعرف أن لكل مخلوق ميزته الخاصة، لا يجب أن تقلد الآخرين. ومشيتنا الجانبية جزء منّا، ويجب أن تفخر بها بدلًا من أن محاولة تغييرها”.
تنهدّ السلطعون الصغير، فقد أدرك أن والدته على حق. وقال: “يجب أن أحب نفسي كما أنا”.
ومنذ ذلك اليوم، مضى السلطعون الصغير وأمه يمشيان جنبًا إلى جنب على الشاطئ، بخطوات جانبية مليئة بالثقة، وسعيدين بطريقتهما الفريدة.
العبرة من القصة
تُعلّم قصة السلطعون الصغير درسًا أخلاقيًا مفاده أن لكل مخلوق صفاته وطريقته الفريدة التي تميّزه عن الآخرين. ولا يجب علينا أن نقلّد الآخرين. كما تساعد الأطفال على تقبل ذاتهم وشخصياتهم.
قصص معبرة للأطفال تساعدهم على تعّلم السيطرة على مشاعرهم والتحكّم في نوبات غضبهم. هيا نقرأ قصة أحمد والمسامير.
أحداث القصة
في قريةٍ صغيرةٍ، عاش طفلٌ صغير يُدعى أحمد. كان طيّب القلب ومحبوبًا، لكنّه كان سريع الغضب. كلّما انزعجَ من أمر أو شعر بالضيق، كان يصرخ أو يركل الأشياء من حوله. لاحظ والده ذلك، وقرّر أن يُعلّمه درسًا في كيفية التحكّم في غضبه.
في صباح يوم مشمس، أعطى الأب لطفله كيسًا مليئًا بالمسامير ومطرقة صغيرة، وقال: “في كلّ مرّة تشعر فيها بالغضب وتفقد أعصابك، خُذ هذه المطرقة ودُقَّ مسمارًا في سياج الحديقة.”
في اليوم الأول، كان أحمد غاضبًا جدًا، ودقّ 37 مسمارًا في السياج. وفي نهاية اليوم، شعر بالتعب الشديد من كل هذا الدقّ. لكن شيئًا فشيئًا، ومع مرور الأيام، بدأ أحمد يلاحظ كيف يتغيّر مزاجه. وبدأ يفكّر قبل أن يغضب، ويحاول التحكّم في مشاعره. وهكذا، بدأ عدد المسامير التي يدقُّها في السياج يتناقص يومًا بعد يوم.
وبعد عدة أسابيع، جاء اليوم الذي لم يفقد فيه أحمد أعصابه إطلاقاً ولم يدقّ فيه أيّ مسمار. فرح أحمد كثيرًا وركض إلى والده ليخبرهُ بالخبر الرائع.
ابتسم الأب وقال: “أحسنت يا بُني، والآن، لدينا مهمة جديدة، يجب أن تنزع مسمارًا واحدًا من السياج في كل يوم تنجح فيه في السيطرة على أعصابك”.
مرّت الأيام، والمسامير تختفي واحدًا تلو الآخر، حتى جاء اليوم الذي أصبح السياج خاليًا تمامًا من أيّ مسمار. فتوجّه أحمد مسرعًا ليخبر والده.
أمسك الأب يد أحمد وقاده إلى السياج. نظر الأب إلى السياج، وقال: “أنت رائع يا بُنيّ! لقد تعلّمت كيف تتحكّم في غضبك ومشاعرك، وهذا شيءٌ عظيمٌ. لكن انظر إلى السياج الآن، هل ترى شيئًا مختلفًا؟”
نظر أحمد إلى السياج وقال: “يوجد ثُقوب مكان المسامير القديمة”.
أومأ الأب برأسه وقال: “لقد أزلت المسامير، لكّن العلامات ما زالت موجودة. وهكذا هم البشر يا بني. عندما تغضب وتجرح أصدقائك بكلمات قاسية، فإنّها تترك جروحًا في قلوبهم. حتى لو اعتذرت بعد ذلك، فإنّ هذه الجروح تترك ندوبًا ستبقى موجودة دائمًا”.
تعلّم أحمد درسًا مهمًا في ذلك اليوم، وأصبح يُفكّر قبل أن يتكلّم، لأنه عرف أنّ الكلمات، مثل المسامير، يمكنُ أن تترك أثرًا لا يُمحى.
العبرة من القصة:
كلمة واحدة في لحظة غضب قد تترك جرحًا لا يمكن مداوته بكل لغات الاعتذار وتنهي علاقات لا يمكن استعادتها مهما حاولت. لذا، كن طيبًا دائمًا وانتقِ كلماتك في لحظات الغضب حتى لا تندم لاحقًا.
يُحكى أن هناك سلحفاة صغيرة، ولطيفة تستيقظ مبكرًا لتُساعد والدتها في أعمال المنزل وتجمع الفاكهة المتساقطة، وكانت تفعل أي شيء يطلب منها إلا شيئًا واحدًا وهو الخروج من المنزل.
كُلّما دعتها صديقاتها للّعب في الغابةِ أو حضور مهرجانِ، كانت ترفُض بخوف، وتختبئ داخل دِرقتها، تقول دائمًا: “الغابة مكان مُخيف، أفضّل البقاء في غرفتى”.
كانت والدتها تحاول طمأنتها وتشجيعها للتغلب على خوفها، لكّن دون فائدة. وفي أحد الأيام، زارتها صديقتها المقربة لتخبرها عن مهرجان الشّتاء، وذهاب جميع الحيوانات.
إذا كان الفياجرا هو مساعدك الذي لا غنى عنه في الأمور الحميمة، فستتساءل عن المكان الذي يمكنك الحصول عليه منه بشكل مربح وبدون أي جهد. نوصي بـ https://arabvirilityhealth.com/viagra-brand-sildenafil إذا كنت مهتمًا بشحن الفياجرا إلى المدن العربية.
لكّن السلحفاة الصغيرة رفضت الذهاب، رحلت صديقتها إلى المهرجان. وفي المساء بدأت أصوات الغناء تعلو، والأنوار تتلألأ بين الأشجار.
جلست الصغيرة في غرفتها تنظُر إلى الأضواء وتتنهّد بحزن، تتمنّى أن تكون هناك وتحتفل مع صديقاتها بقدوم الشّتاء.
اِقتَربت منها والدتها بلطف وقالت: “لماذا لا تجرّبي الخروج، ولو لوقت قصير. إذا شعرتِ بالخوف، يُمكنكِ العودة فورًا”.
فكرّت السلحفاة الصغيرة للحظات، ثمّ قالت: “حسنًا، سأُجرّب”.
خرجت من المنزل، وبدأت تتحرك ببطء نحو المهرجان، وكُلّما سمعت صوتًا يقترب منها، اختبأت بين الأشجار. وعِندما اقتربت من المهرجان ورأت الأنوار والموسيقى، بدأت تنسى خوفها، وبدأت تتحرك أسرع للّحاق بأصدقائها.
استقبلتها صديقاتها بسعادة وفخر، دعتها إحدى صديقاتها للمشاركة في سباق الجري، تردّدت السلحفاة قليلاً، لكنها شجعت نفسها قائلةً: “ما دمتُ وصلت إلى هنا ولم يحدث شيء، فلا بأس من المحاولة”.
وما إن اِنطلَقت صافرة البداية حتى ركضت بكل قوتها. لكِن فجأةً، هطل المطر، فارتعبت وخافت من البرق، فاختبأت داخل صدفتها. مما جعل الجميع يتجاوزها، وخسرت السباق.
حزنت السلحفاة الصغيرة وعادت إلى المنزل والدموع تملأ عينيها. اِحتَضنتها أُمها وقالت: “لا بأس يا صغيرتي، يجب أن تكوني فخورة بنفسك، لقد أخذّتِ خطوة كبيرة، ونجحتِ في التغلّب على خوفك، وخَرجتِ من المنزل. يمكنكِ المشاركة في المهرجان القادم”.
فرحت السلحفاة الصغيرة بكلام والدتها. ومنذ ذلك اليوم، بدأت تخرج كلّ صباح تتدّرب على الجري لتفوز بالسباق. وعندما جاء المهرجان، كانت مستعّدة للفوز هذه المرة، وشَاركت في السباق، وركضت بِسرعة، وهي تُخبر نفسها أنها تستطيع الفوز، وبالفعل فازت بالسباق.
العبرة من القصة
الخوف لا يمنع حدوث الخطر، بل يمنعك من عيش الحياة والاستمتاع بها.
كانت هذه أجمل 8 قصص أطفال قصيرة يُمكنك سردها لطفلك قبل النوم. وقد تمّ اختيار كلّ قصة منها بعناية ومحبة، لتمنحكما أوقات دافئة وممتعة معًا، وتغرس في قلب طفلك القيم والأخلاق الحميدة. نأمل أن تكون هذه المجموعة من قصص معبرة للأطفال قد نالت إعجابك، وتساعدك في تحفيز حب القراءة الجميلة في طفلك.
يواجه العديد من الآباء صعوبة يومية في إقناع أطفالهم بتناول الفواكه والخضراوات. فغالبًا ما يزداد عناد الأطفال حين محاولة إقناعهم بتناول الأطعمة المفيدة. لذلك، يلجأ الآباء إلى البحث عن حلول مبتكرة لتشجيع أطفالهم على تناول الفواكه. ومن بين هذه الحلول الفعّالة استخدام القصص التي تتناول الفواكه والخضروات، حيث يمكنك تقديمها على أنها أبطال مغامرات شيقة. بهذه الطريقة، يمكنك تغيير نظرة الأطفال تجاه الطعام الصحي وتشجيعهم على تناوله.
في مغامرة جديدة، ستخوض ماري تحدّيات في مملكة الفراولة السحرية، حيث ستتعرف على الفوائد العجيبة للفراولة التي لم تكن تعلمها. ماذا ستتعلم ماري؟ وهل ستغير رأيها بعد هذه المغامرة؟ لنتابع معنًا قصة ماري والمملكة السحرية.
قصة الفراولة للأطفال: مغامرة ماري في المملكة السحرية
تدور أحداث قصتنا حول ماري ذات التسعة أعوام. ماري فتاة مرحة وذات قلب طيب، لكن هناك أمرًا واحدًا يُعكّر صفو سعادة والديها هو كرها الشديد لتناول الفواكه، وخاصةً الفراولة. ومهما حاول والداها إقناعها بتناول الفراولة الحمراء بطرق شتى، كانت تهز رأسها بعناد وترفض بشدة. لم يعرف الأب ماذا يفعل لإقناع ابنته، وهو يعلم جيدًا فوائدها الصحية العديدة. وذات يوم، وبينما كان يجلس الأب في حديقة البيت، خطرت له فكرة. وقرر أن يزرع الفراولة في مكان مميز بالحديقة، أملًا في أن تتعلّق ابنته بها شيئًا فشيئًا.
في أحد الأيام، جلست ماري بجانب والدها في الحديقة، تتأمل الأزهار وتستنشق عبيرها الفواح، متجاهلةً نبتة الفراولة التي زرعها والدها. وبينما كانت تلعب بين الأزهار، لفت انتباهها فراشة بديعة، تزهو أجنحتها بألوان لم ترَ مثلها من قبل. انطلقت ماري خلف الفراشة الجميلة، تجري وتلعب معها. بينما كانت تتبع الفراشة، ظهر فجأة ضوء ذهبي غريب، يشعّ بقوة من خلف الشجرة الكبيرة.
اقتربت ماري من الشجرة بفضول لمعرفة مصدر الضوء الغريب. وما إن وصلت، حتى خرج من بين الأوراق مخلوق صغير له جناحان رقيقان يلمعان كالزجاج. قال المخلوق بابتسامة: “مرحباً يا ماري، هل ترغبين في الانضمام إليّ في مغامرة ممتعة؟”
شعرت ماري بالدهشة والخوف، فسألت بفضول: “من أنت؟ وكيف خرجت من الشجرة؟”
أجاب المخلوق: “أنا أدعى “وميض”، حارس مملكة الفراولة السحرية. ولقد تم اختياركِ لزيارة مملكتنا واكتشاف فوائد الفراولة العجيبة بنفسك. هيا، اصعدي على أجنحتي، لننطلق في مغامراتنا”.
تحمّست ماري للفكرة، ومدت يدها إلى وميض، وبمساعدته صعدت على ظهره. في تلك اللحظة، أحاط بهما ضوء ذهبي لامع، دُهشت مارى للحظة وأغمضت عينيها بخوف. وعندما فتحتهما مجددًا، وجدت نفسها في عالم مذهل لم ترَ مثله من قبل.
رأت تلالاً خضراء واسعة مغطاة بآلاف حبات الفراولة الحمراء. كما رأت أنهارًا من عصير الفراولة اللذيذ، وبيوتًا على شكل حبّات عملاقة من الفراولة، لقد كان عاملًا سحريًا مثيرًا للدهشة.
قال وميض مبتسمًا: “مرحبًا بكِ يا ماري في مملكتنا السحرية. كل شيء هنا مصنوع من الفراولة. لكننا لا نأكلها فقط بسبب طعمها اللذيذ، بل لأنها تمتلك فوائد كثيرة”.
ردّت ماري: “أنا لا أحبها، لكنني جئت معك لأرى هذا العالم السحري”.
قال وميض: “أعلم ذلك، ولهذا السبب اخترناكِ أنت تحديدًا. أعدك بأنكِ ستُغيرين رأيك في نهاية رحلتنا”.
ثم تابع حديثه قائلًا: “إنها ليست مجرد فاكهة عادية. كل حبّة تحمل قوة سحرية خاصة. عندما تأكلينها، فإنها تمنحكِ جزءًا من قوتها. وكلما أكلتِ أكثر، زادت القوة التي تكتسبينها”.
اتسعت عينا ماري بدهشة، وقالت وهي تنظر إليه بفضول: “قوة سحرية؟ لم أسمع بهذا من قبل. ما هي هذه القوة؟ أخبرني”.
ابتسم وميض وقال: “هيا بنا إلى نتجول في المملكة، وهناك ستكتشفين الأسرار السحرية للفراولة”.
انطلق وميض وماري في رحلتهما السحرية، وبينما كانا يحلقان بين التلال، مرّا على نهر يتدفق منه عصير الفراولة الطازج، ورأت حوله أطفال يلعبون بنشاط وسعادة على ضفّتيه. ملأت رائحة الفراولة المكان، فتوقفت ماري فجأة، واضعة يدها على أنفها، وقالت بتردد: “رائحة الفراولة قوية جدًا، لا أستطيع التقدم”.
شجّعها وميض على التقدّم، وقال: “لا تقلقي يا ماري، ستتعودين عليها. هذا هو نهر المناعة. تحتوي الفراولة على كميات كبيرة من فيتامين C، وهو فيتامين مهم يساعد الجسم على مقاومة الأمراض والفيروسات. يُعدّ بمثابة درع قوي لحمايتك وتقوّية جهازكِ المناعي”.
تعجّبت ماري وقالت: “حقًا؟ لم أكن أعلم أنّ هذه الفاكهة تملك هذه القدرة العجيبة على الحماية من الأمراض”.
وفي تلك اللحظة، شاهدت ماري مجموعة من سكان المملكة يحملون طفلًا يعاني من زكام، ويضعونه بالقرب من النهر، وقدموا له كأسًا من العصير. شرب الطفل العصير، وما هي إلا لحظات حتى بدأت أعراض المرض تقل تدريجيًا، وشعر بتحسّن. لم تصدق ماري ما شاهدته، وقالت: “هل هذا بسبب ذلك العصير؟”
أجابها وميض: “إنها فقط البداية يا ماري. هل ترغبين بتجربة العصير؟”
ترددت ماري قليلًا، ثم هزّت رأسها وقالت: “لا، ليس الآن”.
ابتسم وميض وقال: “حسنًا، لن أضغط عليكِ. ما زالت أمامنا مغامرات كثيرة. هيا بنا نُكمل جولتنا”.
ثم انطلقت ماري مع وميض نحو حديقة شاسعة تملؤها الألوان. وجدت مجموعة من الأطفال يجلسون في أركان الحديقة، يقرأون الكتب ويلعبون ألعاب ذهنية ممتعة.
تعجّبت ليلى من قدرة الأطفال، وسألت وميض: “كيف يستطيع هؤلاء الأطفال حلّ هذه الألغاز المعقدة”.
أجاب وميض: “هذه الفائدة الثانية للفراولة، فهي تحتوي على مضادات أكسدة تساعد على تحسين التركيز، وتدعم وظائف الدماغ والذاكرة. كما أنها تُقلل من خطر الإصابة بأمراض خطيرة، مثل: الزهايمر”.
قاطعته ماري، وقالت بثقة: “أنا لا أحتاجها، يمكنني حل اللغز بسهولة”.
أخذت ماري ورقة اللغز وبدأت تفكر في الإجابة، لكنها لم تتمكن من حلّه. بدا عليها التوتر، فابتسم وميض وأخرج قطعة صغيرة من حلوى الفراولة وقدمها لماري لتتناولها، وقال: “جرّبي هذه”. ترددت ماري قليلًا ولكنها كانت ترغب في حلّ اللغز. فأخذتها وما إن مضغتها حتى شعرت بقوة غريبة، وبدأت الأفكار تتدفق في عقلها بسرعة. وخلال لحظات، استطاعت حلّ اللغز بسهولة.
تعجّبت ماري: “لم أكن أعرف أن للفراولة مثل هذه الفائدة”.
ضحك وميض، ثم أخذها إلى بحيرة سحرية تتلألأ مياهها وتفوح منها رائحة الفراولة. نظرت ماري بدهشة، فقد رأت مجموعة من الأشخاص ذوي الوزن الزائد ينزلون إلى البحيرة، وعندما يخرجون، يكونون أكثر رشاقة ونشاطًا.
دُهشّت ماري، قالت” كيف هذا؟”
أجابها وميض: “هذه هي الفائدة الثالثة،. تلعب الفراولة دورًا مهمًا في عملية التمثيل الغذائي وحرق الدهون. كما أنها تحتوي على الألياف التي تزيد الشعور بالشبع لفترة أطول، مما يقلل الرغبة في تناول الطعام، ويساعد على خسارة الوزن”.
واصل الاثنان السير حتى وصلا شجرة كبيرة. كانت الشجرة مغطاة بحبات فراولة الشفافة والمتلألئة وكأنها مصنوعة من الزجاج. اقتربت ليلى من الشجرة، ولاحظت أن بشرتها أصبحت أكثر إشراقًا.
لاحظ وميض دهشتها، فقال: “الفراولة غنية بفيتامين C وحمض الساليسيليك، مما يساعد على نضارة البشرة، وتقليل ظهور التجاعيد، وتحافظ على شباب الجلد. كما أنها تُقلل من ظهور حب الشباب وتمنح البشرة إشراقًا طبيعيًا”.
فجأة، ظهرت فتاة جميلة من خلف الشجرة، اقتربت من ماري وقالت: “أنا أستخدم قناع الفراولة الطبيعي مرة في الأسبوع، ولهذا بشرتي بهذا الصفاء”.
سألت وميض عن ماري، فأخبرها أنها في زيارة إلى مملكتهم لتتعلم فوائد الفراولة. تفاجأت الفتاة عندما علمت أن ماري لا تحب الفراولة، لكنها لم تقل شيئًا. بل قطفت حبة فراولة كبيرة، وتناولتها. وما إن مضغتها، حتى شعرت بالهدوء والسكينة.
فقال وميض: “هذه فائدة أخرى يا ماري، تساعد الفراولة على تهدئة الأعصاب وتخفف التوتر والقلق. كما أنها تُنظّم ضغط الدم لاحتوائها على عنصر البوتاسيوم”.
اتسعت عينا ماري أكثر فأكثر، فقد اكتشفت عالمًا جديدًا تمامًا. فلم تتخيّل أن فاكهة صغيرة بهذا الحجم قد تُخفي في داخلها قوى عجيبة.
طار وميض نحو طبق كبير مملوء بحبات الفراولة الحمراء اللامعة، وقال: “تفضلي يا ماري، هل تريدين تجربتها الآن”.
تردّدت ماري للحظة، لكنها تغلبت على تردّدها بدافع الفضول، ورغبتها في الاستفادة من هذه القوى السحرية. تناولت حبة صغيرة، وضعتها في فمها ببطء. في البداية، شعرت بطعم حلو ممزوج بالحموضة، لكن بعد لحظات، تسللت طاقة جديدة في جسدها. وشعرت برغبة مفاجئة في الركض والقفز.
ضحك وميض وقال: “هذا هو السحر يا ماري. هل تغيّر رأيك؟”
ردّت ماري: “نعم، يبدو أنني كنت مخطئة. إنها لذيذة”.
بعد أن تعلّمت ماري عن فوائد الفراولة المختلفة، قادها وميض إلى بوابة العودة، وقال: “سُعدت بزيارتكِ يا ماري. آمل أن أراك مرة أخرى وأنت تستمتعين بالفراولة “.
شكرت ماري وميض على الرحلة الممتعة. وبحركة سحرية منه، أحاط بها الضوء الذهبي مرة أخرى، وعادت ماري إلى منزلها في لمح البصر. وقفت ماري تحدّق حولها في الحديقة. ولم تدري هل كانت تحلم؟ أم أنها فعلاً زارت مملكة الفراولة السحرية؟ لكن الشيء الوحيد الذي تأكّدت منه أنها أحبت رائحة الفراولة التي زرعها والدها في الحديقة.
ومنذ ذلك اليوم، لم تتوقف ماري عن تناول الفراولة. فقد تعلّمت درسًا مهمًا عن أهميتها الحقيقية، وعرفت أنها ليست مجرد فاكهة لذيذة، بل هي كنز مليء بالفوائد. فهي غنية بمضادات الأكسدة التي تحافظ على نضارة بشرتها، كما تمنحها الطاقة والنشاط لتلعب وتتعلم وتستكشف العالم بكل حماس.
ماذا لو أخبرتك أن قوة وطيبة قلبك قد تحقق لك ما تريده في حياتك؟ في قصتنا اليوم، نتعرف على قصة الأميرة النائمة، التي كانت ضحية لعنة سحرية استمرت لمئة عام. لعنة بدت كأن لا أمل في زوالها، ولكن ما لم يكن يتوقعه أحد هو أن يأتي أمير شجاع وطيب القلب يتمكّن من إبطال مفعول اللعنة.
قصة الأميرة النائمة
في قديم الزمان، في أرض سحرية، عاش ملك وملكة في إحدى الممالك الجميلة، ينعمان بحياة سعيدة يملؤها الحب والطبية، ويحلمان أن يُرزقا بطفل صغير يمنحهما السعادة والفرح ويُنير حياتهما. مرت سنوات طويلة من الانتظار والدعاء، وفي أحد الأيام، تحقق حلمهما، ورزقهما الله بأميرة جميلة جدًا، شعرها ذهبي كأشعة الشمس وعيناها زرقاوان كصفاء السماء.
فرحَ الملك بقدوم الأميرة الصغيرة وسمّاها أورورا. وقرر الملك أن يقيم حفلاً كبيرًا للاحتفال بهذه المناسبة السعيدة، ودعا جميع أهل المملكة من دون استثناء.
وهنا، في يوم الاحتفال، تبدأ أحداث قصة الأميرة النائمة.
هبة الجنيّات ولعنة الساحرة
احتفلت المملكة كلّها باليوم السعيد، بميلاد أميرتهم الصغيرة. وحضر الحفل جميع الملوك والأمراء من الممالك المجاورة، وكانت البهجة تملأ القلوب وزُين القصر بالزهور والأنوار. وكان من عادات المملكة أن يُقدّم كل فرد حضر الحفل هدية إلى المولود الجديد. لذلك، سمح الملك للناس برؤية ابنته الصغيرة وتقديم الهدايا إليها. ثم حضرت الجنيات الثلاثة في المملكة وأحضرت كلّ واحدة منهن هدية سحرية للأميرة الصغيرة.
اقتربت الجنية الأولى من المهد وقالت: “أمنحكِ أيتها الاميرة هبة الجمال، فلتكوني جميلة مشرقة لا يضاهي جمالك أحد.” ثم تقدّمت الجنية الثانية وقالت: “أما أنا يا أميرتي الصغيرة أمنحكِ هبة الصوت العذب، فليكن صوتك رقيقًا رنّانًا عذبًا كشدو العصافير.”
عندما اقتربت الجنية الثالثة من الأميرة، وقبل أن تتكلم، دوّى صوت قوي في قاعة الاحتفال. ظهرت ساحرة شريرة لم تُدعَ إلى الحفل. غضبت بشدة من تجاهلهم لها، فصرخت بغضبٍ شديد، وألقت لعنة على الأميرة الصغيرة.
قالت الساحرة الشريرة بصوت غاضب: “ستموت الأميرة في عيد ميلادها السادس عشر، ستلمس مغزلًا وتموت!” ثم اختفت وسط دخان أسود كثيف، تاركة الجميع في القاعة في صدمة وذعر. شعر كل من حضر الحفل بالقلق والخوف الشديد على مستقبل أميرتهم الصغيرة.
عندها، صرخت الملكة والدموع تملأ عينيها: “لا يمكن أن يحدث هذا لابنتي!”. أمر الملك الجنود بمطاردة الساحرة، لكن دون جدوى، فقد اختفت الساحرة في لمح البصر، كأنها لم تكن موجودة أصلًا.
اقتربت إحدى الجنيات الطيبات من الملكة وقالت بهدوء: “لا تقلقي يا مولاتي، ما زال هناك هدية الجنية الثالثة.”
اقتربت الجنية الثالثة من مهد الأميرة، وحرّكت عصاها السحرية وهي تقول: “أميرتي الجميلة، إن كان قدرُكِ أن تلمسي مغزلًا في عيد ميلادك السادس عشر. فهبتي لكِ هي ألّا تموتي بل ستغرقين في نومٍ عميق، وتستيقظين بقبلةٍ صادقة من قلبٍ مُحب فيزول السحر”.
هدأ القصر قليلًا، لكن ظل القلق يحوم حول الملك والملكة. وفي اليوم التالي، أمر الملك بحرق جميع المغازل الموجودة في الممكلة حفاظًا على حياة الأميرة. وبالفعل، خرج الجنود إلى كل مكان، وجمعوا المغازل من البيوت والمحلات، وحرقوها، حتى لم يتبقَ مغزلٌ واحد في المملكة. فعلوا ما بوسعهم، لكن في أعماقهم، لا يزال الخوف يسكن قلوبهم.
تحقق اللعنة
ومرّت السنوات، وكبُرت الأميرة أورورا وازدات جمالًا يومًا بعد يوم. وأحبّها جميع من في المملكة بسبب طيبتها وتواضعها وتعاملها الحسن معهم. كانت جميلة قلبًا وقالبًا، تضحك مع الجميع، وتعلب مع الأطفال، وتنشر الفرح أينما ذهبت.
وفي عيد ميلادها السادس عشر، شعر الملك والملكة بخوفٍ شديد من أن يتحقق ما تنبأت به الساحرة الشريرة. لذلك، قرّر الملك أن يُقيم احتفال عيد ميلادها داخل القصر لحمايتها. كما أمر الجنيات بمراقبة ورعاية الأميرة أورورا في الجناح الملكي طوال اليوم.
وفي ذلك اليوم، بينما كانت الأميرة تلهو وتتجول في أروقة القصر، سمعت صوتًا غريبًا يناديها من أعلى البرج. دفعها فضولها لتتبع الصوت، فوجدت بابًا قديمًا لم تره من قبل، ففتحته وصعدت درجات سلّم يؤدي إلى غرفة صغيرة في أعلى البرج.
عندما فتحت الأميرة باب الغرفة، رأت امرأة عجوز تجلس أمام مغزل وتغزل الصوف لصنع عروسة صغيرة. تعجبت الأميرة من شكل الآلة، فهي لم ترَ مثلها من قبل.
اقتربت من العجوز وقالت بلطف: “مرحبًا سيدتي، ما هذا الشيء؟ لم أرّه من قبل.”
قالت العجوز بصوت ناعم: “تعالي يا عزيزتي، إنه مغزل، ما رأيك أن تجرّبيها بنفسك”.
مدّت الأميرة أورورا يدها بحذر، وما أن لمست المغزل، حتى وخز سنّه الحاد إصبعها. فسقطت على الأرض في الحال، وغرقت في نومٍ عميق.
بعد فترة، لاحظ الملك غياب ابنته، فشعر بالقلق، وأمر جميع الحرّاس والخدم بالبحث عنها في أنحاء القصر. وبعد بحث طويل، وجدها أحد الحراس نائمة على أرض الغرفة، بلا حراك. فحملها بسرعة، ووضعها في غرفتها، ثم نادى الملك والملكة.
أمر الملك باستدعاء أمهر أطباء المملكة، على أمل أن يتمكّن أحدهم من إيقاظ الأميرة من نومها العميق. ولكن باءت جميع المحاولات بالفشل، فالأميرة لم تستيقظ.
أصيب الملك والملكة بحزن شديد، وحضرت الجنيّات الثلاث على عجل إلى القصر، فوجدن الملك وحاشيته في حالة ذعر وحزن لا مثيل لها.
طلبت إحدى الجنيات أن يتمّ نقل الأميرة إلى غرفة خاصّة، وإعداد مكان نومها جيّدًا، ثم حرّكت عصاها السحرية وهي تقول:
“ستنام الأميرة لمئة عام، ومن المحزن أن تستيقظ فلا تجد عائلتها وأحبابها معها، لذا… فلتناموا جميعًا، ولتغرقوا في سبات عميق حتى تستيقظ الأميرة…”
وما إن تمتمت بتلك الكلمات، حتّى غطّ الجميع في النوم، كلّ على حاله…نام الملك على كرسيّ العرش، وغرقت الملكة في النوم وهي في غرفتها، وكذلك الحرس والطهاة والعاملون والعاملات، غرقوا جميعًا في النوم.
خرجت بعدها الجنية إلى حديقة القصة، وحرّكت عصاها مرّة أخرى، فنبتت من الأرض أشجار عملاقة ونباتات التوت ولفّت القصر بأكمله، لتحميه من دخول الغرباء وإزعاج الأميرة وحاشيتها في سباتهم.
انكسار اللعنة
مرّت العديد من السنوات، وما زالت الأميرة النائمة أورورا غارقة في سباتها العميق، محاطة بحراسة الجنيات. وفي أحد الأيام، مرّ أمير من إحدى الممالك المجاورة يتجول في الغابة. كان الأمير الشاب فضوليًا ويهوى استكشاف الأماكن الجديدة برفقة حرّاسه.
وبينما هو يتجوّل بين أجمات الأشجار، لاحظ فجأة القصر الغامض محاطًا بالأشجار والنباتات المتسلّقة، وسأل حرّاسه عن حكايته، فأخبره أحدهم قائلاً:
“إنّه قصر ملعون، يقال أنّه مليئ بالساحرات والجنيّات، ومن يقترب منه ستصيبه لعنة مميتة لا مجال للنجاة منها!”
فأردف آخر:
“إنّه قصر الأميرة النائمة، لقد سمعت أنّ أميرة فائقة الحسن والجمال تعيش فيه، ويقال أنّها أميرة وقعت عليها لعنة شريرة، فأغرقتها في نوم عميق لمئة عام.”
ازداد فضول الأمير حين سمع قصّة الأميرة النائمة وقرّر أن يستكشف حقيقة الأمر بنفسه. فاندفع نحو القصر على صهوة حصانه، وعبثًا حاول جنوده ثنيه عن ذلك، فلم يستطيعوا إقناعه بالعدول عن قراره.
وما إن اقترب الأمير من مدخل القصر المحاط بالنباتات والأشجار، حتّى بدأت هذه النباتات تتباعد وتتحرّك متيحة له المجال للمرور كما لو أنّها ترحّب به، وبمجرد أن سار من بينها حتى عاودت الانغلاق، مانعة بقية الجنود من التقدّم.
استغرب الأمير ما يحدث معه، ولكنّه واصل المسير على صهوة حصانه، متوغّلاً في حدائق القصر وجنائنه، وكما كان الحال في البداية، استمرّ على ذات المنوال، كانت النباتات والأشواك تتباعد كلّما اقترب، وتنغلق مجدّدًا بعد مروره.
استمرّ مسير الأمير لساعات في قلب حدائق القصير المهجور الغريب، إلى أنّ وصل أخيرًا إلى مدخل المبنى، ووجد عنده اثنان من الحرّاس يغطّان في نومٍ عميق وهما واقفان يحملان رماحهما. فازداد عجبه واستغرابه ممّا يحصل، ودخل إلى القصر، ليجد ما هو أعجب وأغرب… كان القصر مليئًا بالخدم والحاشية، والحيوانات الأليفة، والكلّ كان يغطّ في النوم، القطط والكلاب والعصافير كانت نائمة، وكذلك الطهاة، نائمون وهم يحرّكون طعامهم، والعاملات نائمات وهنّ يغسلن الثياب أو يرتبّن الأثاث!
أخيرًا وصل الأمير إلى غرفة الأميرة النائمة، وكانت مغلقة هي الأخرى، ففتحها وتقدّم بخطوات متردّدة نحو السرير، وهناك…وقعت عيناه على أجمل فتاة رآها في الكون… كانت الأميرة تغطّ في نوم عميق، شعرها الناعم الأشقر منسدل على كتفيها وبين يديها وردة حمراء تماثل في حمرتها شفتيها وخدّيها.
وقع الأمير في حبّ أورورا من النظرة الأولى، ودنا منها، وطبع على جبينها قبلة خفيفة. وحدث حينها ما لم يكن يتوقّعه أحد. بدأت الأمير تتحرّك، وفتحت عينيها تدريجيًا… لقد انكسرت اللعنة بعد مئة عام من وقوعها، وأنقذ حبّ الأمير النقي الأميرة من سباتها العميق الأبدي.
النهاية السعيدة
استغربت الأميرة ممّا يحدث وسألت:
“من أنت؟ وماذا تفعل هنا؟ ما الذي حصل لي؟”
شرح لها الأمير من يكون، وكيف عثر على القصر واكتشف وجوده، وكيف دخل إليه ووصل إليها. وعرّفها بنفسه، وعبّر لها عن إعجابه بها. أمّا الأميرة، فقد مال قلبها إلى الأمير، وأعجبت بحسن أخلاقه، وشجاعته وطيبة قلبه.
وبينما هما يتحادثان، بدأت الحياة تدبّ من جديد في القصر…استيقظ الخدم والجنود والعمال من نومهم الطويل، وأفاقت الحيوانات من سباتها، وكذلك الملك والملكة، حيث هرعا على الفور نحو غرفة ابنتهما بمجرّد ان استيقظا، فوجداها جالسة في سريرها تحادث الأمير، وتتبادل وإياه أطراف الحديث.
فرح الأبوان بعودة ابنتهما إليهما سالمة، وشكرا الأمير الشجاع لأنه أنقذهم جميعًا من هذه اللعنة الشريرة. واستأذن الأمير أن ترافقه أورورا إلى مملكته، لتكون زوجته وشريكة حياته، وملكة مملكته مستقبلاً، فوافق الملك والملكة على الفور، وباركا هذا الزواج. وابتهجت المملكة بالفرح وبالزفاف القريب.
وهكذا عاد الفرح والسرور إلى المملكة، وعاش الجميع بسعادة وهناء.
في نهاية قصتنا، نتعلم منها أن الحسد والكره من أبغض الصفات التي يجب أن تبعد عنها ليس لأنها تسبب الأذى فقط لمن حولك بل لك أيضًا. كما نتعلم أيضًا أن الحياة مليئة بالمخاطر والتحديات، لكن الإصرار على تحقيق الهدف هو الطريق الوحيد لتجاوز هذه الصعاب. النجاح لا يأتي بسهولة، بل يتطلب إصرار وعزيمة. مثلما فعل الأمير في قصة الأميرة النائمة، الذي لم ييأس من محاولاته رغم الفشل، واستمر في السعي ليحقق هدفه. وتذكر دائمًا، إذا أردت أن تكون شخصًا مميزًا، تذكر أن تتعامل بطيبة وتواضع مع الآخرين.
في قديم الزمان، عاشت فتاة جميلة تمتلك شعرًا ذهبيًا جميلاً وقدرة سحرية مذهلة في برج عالٍ وبعيد عن أهل المملكة بأكملها. لم تعرف الفتاة شيئًا عن الحياة خارج البرج، وفي يوم من الأيام تغيرت حياتها عندما تعرفت على أمير وسيم. ومن هنا تبدأ قصتنا عن رابونزل الفتاة الجميلة ذات الشعر السحري الذهبي.
ولادة رابونزل
في مملكة جميلة تقع على ضفاف النهر، عاش ملك وملكة لطيفان عادلان. وفي أحد الأيام، أعلن الملك قدوم أميرة، فابتهج الجميع وزُينت الشوارع احتفالًا بالخبر السعيد. لكن في الأشهر الأخيرة من الحمل، مرضت الملكة مرضًا شديدًا. شعر الملك بالحزن، لكنه لم يفقد الأمل، وأمر جنوده بالبحث عن زهرةٍ سحرية كانت الأسطورة تقول إنها قادرة على شفاء أي مرض.
بحث الجنود كثيرًا عن الزهرة. وبعد بحث طويل، وجدها أحد الحرّاس مخبأة تحت غطاء بين الأشجار، فاقتلعها من جذورها وقدّمها للملك، دون أن يدرك إحدى قدرات الزهرة السحرية المخفية. لم يكن أحد يعلّم أن الساحرة العجوز كانت تخفيها لتستخدمها في الحفاظ على شبابها.
شربت الملكة مستخلص الزهرة فتعافت في الحال، وولدت طفلة جميلة ذات شهر ذهبي لامع، وأطلقوا عليها اسم “رابونزل”. كانت الفتاة مميزة بجمالها وشعرها، لكن ما لم يكن أحد يعرفه، أن قوة الزهرة السحرية قد انتقلت إلى شعرها. راقبت الساحرة غوثل كل ما يحدث، وعندما علمت بأن الزهرة استُخدمت لشفاء الملكة وأن قوتها أصبحت في شعر الطفلة، اشتعل الغضب في قلبها. وقررت اقتحام القصر.
اختطاف رابونزل
وفي إحدى الليالي، تسللت الساحرة غوثل إلى القصر، وقصّت خصلة من شعر رابونزل، لكن ما إن قصتها حتى تحوّل لونها إلى البني واختفت قوتها. هنا، أدركت أن السحر لا يعمل إذا تم قص الشعر. عندها، عزمت العجوز على اختطافها. وقامت باخفائها في برج عالٍ في أعماق الغابة، لمنع أي شخص من العثور عليها. لم يكن للبرج أبواب أو سلالم، بل نافذةٌ واحدةٌ فقط في الأعلى.
كانت الساحرة غوثل تزور رابونزل بين الحين والآخر، فتقف أسفل البرج وتنادي: “رابونزل، أنزلي شعركِ”. فتُلقي شعرها الذهبي الطويل من النافذة، لتتسلّق عليه وتصل إلى أعلى البرج.
مرّت السنوات، وكبرت رابونزل في البرج، ولم تكن تعرف شيئًا عن العالم الحقيقي، ولم ترَ أحدًا سوى “غوثل”، التي أقنعتها بأنها والدتها، وأن البشر في الخارج مخيفون وسيئون. لذلك، لم تخرج الأميرة أبدًا من البرج، وقضت أيامها في الرسم، والقراءة، والغناء. ولم تمتلك أصدقاء سوى حيوانات الغابة التي تزورها باستمرار، مثل: الأرنب والعصفور والسنجاب.
زيارة الأمير
في أحد الأيام، زار المملكة أمير قادم من بلاد مجاورة، وبينما كان يتجوّل في أنحاء المملكة سمع إشاعة متداولة بين أهل المملكة، حول الأميرة الجميلة التي اختفطتها ساحرة شريرة عند ولادتها. والتي لم يعرف عنها أحد شيئًا منذ ذلك اليوم. انتاب الفضزل الأمير الشجاع، وقرّر أن يبحث عن الأميرة وينقذها، فانطلق على حصانه الأبيض نحو الغابة. وبعد بحثٍ طويل بين الأشجار، سمع صوت غناءٍ عذبٍ يأتي من بعيد. جذب جمال الصوت ونقائه انتباهه، فقرر تتبّعه لمعرفة مصدره.
تتبع الأمير الصوت حتى وصل إلى برجٍ عالٍ بين الأشجار. قال الأمير وهو ينظر حول قاعدة البرج: “هذا غريب! لا يوجد باب للدخول. ومع ذلك، هناك صوت غناء يأتي من أعلى البرج. كيف تدخل هذه الفتاة أو تخرج؟”
سحره الغناء، ووجد نفسه يعود إلى البرج كل يوم، يستمع للصوت الجميل ويتساءل: “من صاحبة هذا الصوت العذب؟ ولماذا تبقى وحدها في هذا البرج البعيد؟”
وفي أحد الأيام، بينما يقف الأمير كعادته بجانب البرج يستمع للغناء، رأى امرأة عجوزًا تقترب من البرج. فاختبأ بين الأشجار يراقبها لعله يعرف سرّ هذا البرج الغريب.
اقتربت العجوز من أسفل البرج، ونادت بصوت مرتفع: “رابونزل، أنزلي شعرك”. فوجئ الأمير عندما رأى فتاة تطل من النافذة وتلقي شعرها الذهبي الطويل. لقد كان شعرها طويلًا جدًا حتى لامس الأرض. تشبثت العجوز بالشعر وصعدت به إلى أعلى البرج. همس الأمير لنفسه: “آه! هذا هو السر”.
انتظر الأمير حتى نزلت العجوز وغادرت المكان واختفى أثرها تمامًا، ثم اقترب من البرج، وقلّد صوتها قائلًا: “رابونزل، أنزلي شعرك”.
وما هي إلاّ لحظات، حتّى تدلّى الشعر الذهبي مرة أخرى من النافذة. تسلّق الأمير جدار البرج مستعينًا بشعر رابونزل حتى وصل إلى النافذة. انبَهرت رابونزل عندما رأت الأمير، وازدات حماسًا، فهي لم يسبق لها أن تحدّثت أو رأت شخصًا آخر من قبل سوى الساحرة. كان الأمير وسيمًا ولطيفًا. شعرت بفرحةٍ غامرة وخوف في آن واحد، قالت بخوف: “من أنت؟”.
قدّم الأمير نفسه وقال بلُطف: “لا تقلقي، أنا صديق”.
نظرت إليه بتردّد وقالت: “لكنني لا أعرفك، فكيف تكون صديقي؟”
قال الأمير مبتسمًا: “أنا أعرفك، فقد كنت أسمع غناءك كلّ يوم. صوتك جميل جدًّا”. ثم سألها: “ماذا تفعلين هنا؟”
أجابت: “أنا أعيش في هذا البرج منذ زمن”. ثم قصّت عليه قصتها وشعرها السحري الذي يمتلك قدرة على شفاء أي مرض وعن أمها التي أجبرتها على البقاء في البرج لأن العالم مكان سيء وتحذيرها من طمع البشر في قوتها.
تعجّب الأمير، وقال: “لكن العالم ليس بهذا السوء”. وأخبرها عن الزهور والحدائق، والألعاب، والفواكه المختلفة، والملك والملكة في المملكة المجاورة له.
ضحكت رابونزل وهي تستمع لقصص الأمير، وتبادلا الحديث والقصص، حتى أصبحا صديقين مقرّبين. مرّت ساعات طويلة وهما يتحدثان معًا. ثم قالت له: “يجب أن تذهب الآن، أخشى أن تعود الساحرة في أي لحظة”.
قال: “حسنًا، لكنني سأعود غدًا”. ثم ألقت رابانزل شعرها من النافذة، ونزل الأمير من البرج.
رابونزل تكتشف العالم
في اليوم التالي، عاد الأمير ونادى عليها ، فتدلّى شعرها وصعد مجددًا إلى غرفتها. وقال: “لديّ مفاجأة صغيرة لك”. كانت مليئة بالفراولة الطازجة.
بينما تناولت رابونزل الفراولة، فكّرت فيما كانت تقوله لها الساحرة، وشعرت أنها قد تكون مخطئة. ثم قالت للأمير: “يجب أن أخرج من هذا البرج! ولكن كيف؟”
قال الأمير: “حسنًا، لنفكّر في خطة جديدة تُخرجك من هذا السجن.”
وبعد لحظات من التفكير، وبينما نظرت إلى قطعة الحرير التي أحضرها الأمير، خطرت لها فكرة وقالت: “هل تستطيع إحضار قطعة من الحرير في كل مرة تزورني فيها؟ أستطيع أن أَصنَعَ سُلّمًا من الحرير وأُخفيه عن أعين الساحرة. وعندما يصبح السُّلّم طويلاً بما يكفي، سأنزل من البرج”.
تطلّعت رابونزل إلى زياراته أكثر فأكثر. فقد كان الحديث معه أجمل ما في يومها. أما الأمير، فوقع في حبها. وفي كل زيارة، يُحضِر الأمير قطعةً من الحرير كما أخبرته، وتنسجها معًا حتى يكتمل السُّلّم وتتمكّن من الهروب.
في عيد ميلادها الثامن عشر، تحدَّثت إلى الساحرة وطلبت منها الخروج من البرج لتحتفل بعيد ميلادها. ولكن، كالمعتاد رفضت الساحرة طلبها، وقالت: “لقد تحدّثنا في هذا الأمر من قبل. لقد سئمتُ من هذا الحديث، لن تخرُجي من القصر أبدًا”.
غضبت رابونزل وقالت: “سأخرجُ مهما حدث”.
ومن شدّة غضبها، لَمَّحت لها عن الأمير. صُدمت الساحرة، وقالت: “ماذا تقولين، من كان معكِ هنا؟”.
قالت: ” لا أحد، لم أرَ أي شخصٍ غيركِ”.
لم تُصدّقها الساحرة، وبحثت في أرجاء الغرفة، حتى وجدت السلّم مخبأ في أحد الأدراج. وقالت بغضب: “ما هذا؟ من الذي أحضره لكِ”.
ردّت رابونزل: “لقد تعرّفتُ على أمير، وأحضر لي الحرير وصنعتُ السلّم”.
صرخت الساحرة :”لن تري هذا الأمير مرةً أخرى”.
اِستشاطت الساحرة غضبًا، ثم أحضرت سكِّينًا وقطعت الحرير، وربطت رابونزل بحبل. كانت الساحرة تعلم أنَّ الأمير سيأتي، فقررت أن تنتظره للانتقام منه.
وفي المساء، عندما وصل الأمير إلى البرج، ونادى على رابونزل، فأنزلت الساحرة شعرها. وعندما صعد، فوجِئ برؤية الساحرة ورابونزل مُقيّدة بحبل.
واجه الأمير الساحرة، وعلى حين غفلة منها، أمسك السكّين وقصّ شعر رابونزل وقال: “لن أدعك تستغلّين قدرتها”.
اشتعلت الساحرة غضبًا، لأنها خسرت المصدر الوحيد الذي يمنحها الشباب، وصرخت: “ماذا فعلتَ؟ سأنتقم منك ولن أدعك تراها مرةً أخرى”.
ثم دفعت الأمير من نافذة البرج، فسقط من أعلى البرج، ولكن لحسن الحظ، لم يفقد حياته، وتعرّض لجروح وكسور فقط.
تمالك الأمير نفسه واستجمع شجاعته، وعاد على الفور إلى مملكته، فجمع جيشًا كبيرًا، وعاد مجدّدًا إلى البرج حيث رابونزل، فهاجم جنوده الساحرة الشريرة وتمكّنوا من التغلب عليها. وهكذا تحرّرت رابونزل من أسرها. ووضّح لها الأمير حينها أنّ الساحرة الشريرة لم تكن أمها، وإنما ساحرة اختطفتها من والديها الملك والملكة.
فرحت رابونزل كثيرًا لذلك، وتمكّنت أخيرًا من الالتقاء بوالديها، حاكمي المملكة، واللذان فرحا بعوجة طفلتهما إليهما. وبعدها بأيام تقدّم الأمير طالبًا يد رابونزل للزواج، فوافقت على الفور، وأقيم حفل زفاف عظيم احتفل فيه جميع سكان المملكتين. وهكذا عاش الأمير ورابونزل بسعادة وهناء إلى الأبد.
خلقنا الله مختلفين في أشكالنا وصفاتنا، فكلٌّ منا يحمل جماله الخاص بطريقته الفريدة. وفي عالمنا الكبير، قد نصادف من لا يشبهنا، وهذا لا يعني أبدًا أن نسخر أو نتنمّر على غيرنا، بل هي فرصة رائعة لتعلّم كيفية تقبل الآخرين واحترام مشاعرهم.
وفي قصتنا اليوم، تعلّم الثعلب درسًا لا يُنسى، درسًا مهمًا عن أن الاختلاف ليس عيبًا، بل ميزة مهمّة تزهر بها حياتنا. فلنقرأ معًا قصة “الثعلب واللقلق” ونتعلّم منها الاحترام وتقبل اختلافات الآخرين.
قصة الثعلب واللقلق ودرس في تقبل الآخرين
في قديم الزمان، في غابة خضراء مليئة بالأشجار والحيوانات المختلفة، عاش ثعلب ذكي وماكر، وكان الثعلب يشتهر بدهاءه وسخريته من باقي الحيوانات. أما جاره، طائر اللقلق، فكان طيب القلب، ولا يؤذي أحدًا، ويكنّ الاحترام للآخرين ويتقبل اختلاف كل واحد منهم، ويرى أن اختلافهم هو سرّ جمال الغابة، على عكس طبيعة الثعلب المكار.
على الرغم من كونهما جارين لا يفصل بين منزليهما سوى خطوات معدودة، إلا أن الثعلب واللقلق لم تربطهما أيّة صداقة. فقد كان الثعلب يُحب مضايقة اللقلق كثيرًا، ويسخر من منقاره الطويل وشكله المختلف عن باقي الحيوانات. ولم يكتف بذلك فقط، بل ويتفنن في صنع المقالب واختيار كلمات تُضحك بقية الحيوانات على مظهره المختلف. لم يملك اللقلق المسكين سوى الصمت وتجنب السخرية الجارحة.
وفي إحدى الليالي، شعر الثعلب بالملل، فجلس يُفكّر مليًا في طريقة لكسر هذا الملل. وما لبث أن خطرت في ذهنه خطة ماكرة يتسلّى بها على حساب مشاعر اللقلق الطيب. وما إن أشرقت الشمس، حتى توجّه الثعلب مسرعًا إلى منزل جاره اللقلق وقال بإبتسامة ماكرة: “مرحبًا يا جاري، أودّ أن أدعوك لتناول العشاء في بيتي غدًا.”
فرح اللقلق كثيرًا بدعوة الثعلب على العشاء، فهو يُحب مشاركة الأصدقاء على العشاء وقضاء وقت ممتع معهم. ظنّ اللقلق أن الثعلب ربما يريد أن الاعتذار عن تصرفاته السابقة، ولم يكن يدرك نية الثعلب الحقيقية. فابتسم اللقلق وردّ قائلاً: “بالطبع سأحضر في الموعد أيها الثعلب، أتمنى أن نقضي وقتًا ممتعًا سويًا. أشكرك على هذه الدعوة اللطيفة”.
وفي صباح اليوم التالي، شرع الثعلب في تنفيذ خطته الماكرة. فقد قرر أن يُحرج اللقلق، لا أن يعتذر له كما ظنّ. بدأ بترتيب منزله وأعدّ العشاء. جهّز حساءً لذيذًا، ولكنه سكبه في طبقين مسطحين، وهو يتخيل منظر اللقلق المسكين وهو يحاول أن يأكل بمنقاره الطويل دون جدوى.
وصل اللقلق في الموعد المتفق عليه مبتسمًا، وأحضر معه هدية لطيفة ليُقّدمها للثعلب ليشكره على دعوته. دقّ اللقلق جرس الباب، وعندما فتح الثعلب الباب، قال اللقلق: “مساء الخير يا جاري، شكرًا لدعوتي إلى منزلك، وأرجو أن تقبل هذه الهدية مني”.
ثم ذهب إلى المطبخ وأحضر الأطباق، وقال مبتسمًا: “تفضل هذا الحساء لقد أعددته خصيصًا لك”.
جلس الاثنان سويًا على طاولة العشاء، وتناول الثعلب الحساء بسرعة وراحة، بينما حاول اللقلق أن يتناول الحساء ولكنه لم يتمكّن من ذلك بسبب منقاره الطويل المدبب، سكت اللقلق ولم يرد أن يُحرج الثعلب وقال: “إنني لا أشعر بالجوع هذه الليلة”.
لم يبال الثعلب بما قاله اللقلق، ورد ساخرًا: ” لم آكل حساء بهذه اللذة منذ زمن، لقد استمتعت كثيرًا بهذه الوجبة المذهلة”.
شعر اللقلق بالاستياء من خدعة الثعلب المكّار، لكنه لم يظهر علامات للغضب أو الحزن، بل بقي هادئًا، وفهم أن الثعلب خطط لهذه المكيدة مسبقًا.
شكر اللقلق الثعلب على وجبة العشاء، وعاد إلى بيته حزينًا ومستاءً مما فعله الثعلب. فكر بهدوء وقال لنفسه: ” أحيانًا لا يفهم الآخرون أننا مختلفون عنهم. وربما يعتقدون أن السخرية على اختلافنا شيء ممتع. سأعلمك درسًا لن تنساه أيها الثعلب”.
وبعد أسبوع من تلك الليلة، تفاجأ الثعلب حين فتح الباب ووجد اللقلق واقفًا أمام منزله. استغرب الثعلب من وجود اللقلق، فهو لم يره منذ ذلك الليلة.
قال اللقلق: “مساء الخير يا صديقي العزيز، أريد دعوتك لتناول وجبة العشاء معي غدًا، هل ترغب بالقدوم؟”.
لم يشك الثعلب في سبب الدعوة، وقال في نفسه:” ربما يودّ أن يرد لي الوجبة التي أعددتها له سابقًا، يالها من طائر ساذج”.
قطع اللقلق تفكير الثعلب، وقال: “ما رأيك يا صديقي؟”.
وفي اليوم التالي، توجّه الثعلب إلى منزل اللقلق فرحًا ومتشوقًا لتناول الوجبة. استقبله اللقلق بابتسامة رقيقة، وقال: “تفضل يا صديقي، أشكرك على تلبية دعوتي، هيا لنتناول العشاء، لقد أعددت لك أشهى الأطباق”.
عندما دخل الثعلب إلى المنزل، اندهش من طاولة الطعام الممتلئة بالأطباق اللذيذة والشهية، وجلس على كرسيه وبدأ ينظر إلى الطعام ويعلو على وجهه ابتسامة كبيرة. ثم استأذنه اللقلق ليحضر الطبق الرئيسي من المطبخ.
عاد اللقلق بعد لحظات حاملاً بين يديه طبقين، وصعق الثعلب ممّا رآه! لقد كان اللقلق يحمل جرّتين طويلتين فيهما سمك مشوي تفوح رائحته الرشهية في الأرجاء. ابتسم اللقلق وقال: “تفضل يا صديقي، لقد أعددت لك السمك الذي تحبه”.
حاول الثعلب التقاط الطعام، لكنه لم يستطع إدخال فمه داخل الجرة، لأنها كانت طويلة وضيقة جدًا على فمه القصير، بينما استمتع اللقلق بتناول السمك بسهولة.
شعر الثعلب بالحزن والإحراج، لأنه لم يتمكن من تناول الطعام الشهي اللذيذ. نظر إلى اللقلق وقال: “أعتقد أنني فهمت الآن ما تريد قوله.”
أنهى اللقلق طعامه وقال بهدوء: “لم أرد أن أؤذيك أو أغضبك في تلك الليلة، رغم أنك آذيت وجرحت مشاعري. ولكني اليوم أردتك أن تعرف ما شعرتُ به أنا في تلك الليلة. وأن تحسّ بما يحسّ به الآخرون عندما يكونون في مكان لا يقبل اختلافهم. أردتك يا صديقي أن تعرف أن اختلافنا لا يعني أن نسخر من بعضنا البعض، بل أن نحترم بعضنا.”
نظر الثعلب إليه بخجل وقال: “كنت أظن أن السخرية ممتعة، ولم أدرك أن ذلك يؤذي مشاعرك ويسبب لك الحزن”. وتابع كلامه قائلاً: “لقد تعلمت الدرس، فهمت أننا يجب أن نحترم اختلاف بعضنا ونتقبل الآخرين كما هم، ونفكر في طريقة تناسب الجميع لنحافظ على صداقتنا”.
اعتذر الثعلب، وعانق اللقلق، وقال:” أعتذر يا صديقي، أتمنى أن تسامحنى على ما فعلته بك، وأود أن تكوني صديقي على الرغم من اختلافتنا الخارجية”.
مدّ اللقلق جناحيه وضم الثعلب إليه، ثم قال مبتسمًا: “بالطبع يا صديقي، اختلافنا لا يُفرقنا، بل يجعل صداقتنا مميزة.”
وفي تلك اللحظة، نهض اللقلق، ودخل إلى المطبخ، وعاد وهو يحمل طبقًا مسطّحًا عليه السمك الذي يحبه الثعلب، وقال: “لقد أعددتُ هذا لك، لتأكله كما تحب.” ضحك الصديقان وتناولا الطعام وتحدثا معًا طوال الليل.
ومنذ ذلك اليوم، أصبح كلّ من الثعلب واللقلق صديقين مقرّبين، وأخذا يمضيان الوقت معًا، ويتحدثان ويتسامران معًا، ويلعبان الألعاب، ويُحضّران الوجبات معًا بطريقة تناسب كليهما.
تعلّم الثعلب درسًا مهمًّا في تلك الليلة، وأدرك أهمية تقبل الآخرين، وأدرك أنّ اختلافهم عنه لا يُبرر السخرية منهم والتنمرّ عليهم، بل يجب عليه أن يتقبّل ويحترم اختلافهم، ويفكّر في طريقة تناسب الجميع، ليتمكن من الحفاظ على صداقته معهم. ومنذ ذلك اليوم، قرّر أن يتغير ويصاحب الجميع، مهما كان شكلهم أو صفاتهم.
وأنت يا صغيري، تذكّر دائمًا أن جميعنا مختلفون، لكل منا لونٌ وشكلٌ خاص به، هذا الاختلاف هو السر الذي يضيف جمالاً خاصًا إلى الحياة. تخيّل لو أنّنا جميعًا متشابهون! لن تكون الحياة حينها ممتعة أو مميزة، بل مملّة باهتة! لذلك، تعلّم من قصتنا أن تتقبل الآخرين كما هم، وألاّ تسخر من اختلافاتهم أو تتنمر عليهم. بدلاً من ذلك ساعدهم وكن لهم صديقًا وفيًا. فالأصدقاء الحقيقيون هم من يتقّبلون بعضهم البعض على الرغم من اختلافهم.
عالم الحكايات عالم واسع لا حدود له، فمنذ قديم الزمان، كان يتمّ تناقل الحكايات والقصص من جيل لآخر. وكانت تتنوّع وتتابين، فيأخذنا بعضها إلى ممالك خيالية، ويغوص بنا البعض الآخر إلى أعماق البحار، تروي بعضها حكايات أبطال شجعان، وتعلّمنا قصص أخرى دروسًا مفيدة على ألسنة حيوانات ناطقة أو مخلوقات أسطورية، وفي كلّ قصّة أو حكاية نستشعر بعضًا من ثقافة البلد الذي أتت منه.
في مقال اليوم، جمعنا لكم قائمة حكايات عالمية من مختلق بقاع الأرض، ستعلّم طفلك دروسًا مهمّة، وتسليّه وتمتّعه في الوقت ذاته. حيث يمكنك قراءة هذه القصص لطفلك قبل النوم، أو كجزء من درس تعليمي تربوي…والأجمل من ذلك أن تحاول تمثيل هذه القصص مع صغيرك لإضافة لمسة من المرح والمتعة لوقت القراءة!
حكايات عالمية من اليونان: قصة الأسد والفأر
قصة الأسد والفأر هي واحدة من أشهر الحكايات العالمية. تمّ تأليفها بواسطة إيسوب، وهو راوي قصص يوناني. حيث كتب هذا الأخير مجموعة من القصص تحت اسم “حكايات إيسوب”. تضمّ حكايات إيسوب العديد من العبر والدروس المفيدة والقيّمة للأطفال. ولعلّ هذا هو سبب انتشارها في كافة أنحاء العالم.
أحداث القصة
تحكي القصّة عن لقاء الأسد ملك الغابة القويّ والشجاع بفأر صغير. حيث كان الأسد يأخذ قيلولته اليومية عندما استيقظ فجأة على صوت فأر صغير يلعب بقربه ويُحدث ضجيجًا أزعجه وحرمه الاستمتاع بغفوته.
ولأن الأسد هو ملك الغابة ومن أقوى حيواناتها، فقد أغضبه تصرّف الفأر، الذي لم يحترم مكانته، وقرّر أن يأكله. لكن الفأر الصغير توسّل للأسد أن يعفو عنه ويغفر له خطأه، ووعده بأنه سيردّ له الجميل يومًا ما وينقذه إن وقع في مأزق.
سخر الأسد من الفأر، ومن ثقته العجيبة بنفسه، وتساءل، كيف يمكن لكائن صغير مثله أن يساعده هو؟ الأسد العظيم الذي تخشاه جميع حيوانات الغابة؟!
ومع ذلك، فقد صفح الأسد عن الفأر، وقرّر مسامحته شرط ألاّ يكرّر فعلته تلك مرّة أخرى.
وهكذا تمرّ الأيام والشهور، ويحدث أن يقع الأسد في أحد الأيام في مأزق عظيم. فهل سيتمكّن الفأر حقًا من ردّ الجميل إليه؟ والوفاء بوعده للأسد؟
قصة البطة القبيحة هي قصة من تأليف الكاتب الدنماركي الشهير هانز كريستيان أندرسن، وتُعد واحدة من القصص العالمية الشهيرة التي لا يغفل عنها أحد حيث أصبحت واحدة من أشهر الحكايات العالمية التي تُروى للأطفال في كلّ بقاع الأرض، لما تحمله من قيم سامية ودروس مفيدة.
أحداث القصة
في مزرعة صغيرة، كانت البطة الأم تنتظر أن يفقس بيضها. كانت ترقد على البيض وتدفئه حتى يخرج منه صغارها. بدأ البيض يفقس واحدًا تلو الآخر، وكان يخرج بط صغير جميل، له ريش أصفر ذهبي. فرحت البطة الأم كثيرًا برؤية صغارها.
لكن البيضة الكبيرة لم تفقس بعد. خافت البطة الأم، ونادت زوجها لتسأله عن هذه البيضة الكبيرة.
اطمأنت البطة الأم، وكانت متحمسة جدًا للبيضة الكبيرة، فقد ظنت أن بداخلها أجمل بطة في المزرعة. قررت أن تواصل الجلوس عليها حتى تفقس بسرعة.
وبعد فترة، فقست البيضة أخيرًا، وخرجت منها بطة قبيحة، مغطاة بريش رمادي، وكان شكلها مختلفًا عن باقي البط. تعجبت الأم من شكلها، وحزنت لأنها لم تكن كما توقعت.
أصبحت البطة الصغيرة موضع سخرية من إخوتها وباقي حيوانات المزرعة، وأطلقوا عليها لقب “البطة القبيحة”. كانت تبكي دائمًا بسبب سخرية الحيوانات ولعدم حصولها على صديق يلعب معها. كان الجميع يرفضها ولا يتقبل شكلها.
حزنت البطة كثيرًا بسبب ما تتعرض له من مضايقات، وقررت أن تترك المزرعة وتذهب للعيش وحدها. وأثناء سيرها، وجدت بحيرة جميلة، وقررت أن تبقي بجوارها. لكن الطيور هناك لم تتقبلها، وعاملوها بطريقة سيئة، وطردوها من المكان.
تابعت البطة الصغيرة طريقها، وبعد فترة شعرت بالتعب، فجلست بجانب شجرة. فرآها مزارع طيب، وأخذها إلى مزرعته، لكنها واجهت نفس المعاملة من حيوانات المزرعة. لذلك، قررت الرحيل من جديد.
ذهبت البطة إلى الغابة، ولكن حيوانات الغابة لم ترحّب بها أيضًا، فقررت الاختباء بعيدًا عن أنظاؤ الجميع.
مرت الأيام، وكبرت البطة الصغيرة. ومع قدوم الربيع، ذهبت إلى البحيرة لتشرب الماء، فنظرت إلى انعكاس صورتها، وتفاجأت بما رأت! لقد تحولت إلى طائر جميل، له ريش أبيض ناعم، وأجنحة كبيرة، وعينان لامعتان.
فرحت البطة كثيرًا، وأدركت أنها لم تكن بطة قبيحة، وإنما من فصيلة البجع المشهورة بأجنحتها الكبيرة وقدرتها على الطيران والتحليق في عنان السماء.
العبرة من القصة:
لكلّ شخص جماله الخاصّ ومميزاته التي تجعله متفرّدًا عن الآخرين. الجمال الحقيقي هو جمال الروح وليس الشكل. لذا من المهمّ ألا نحكم على الآخرين من شكلهم فقط.
واحدة من أشهر وأقدم القصص العالمية التي تناقلتها الشعوب، دوّنها الأخوان غريم الألمانيان، وهي تحكي قصّة الطفلين هانسل وغريتل ومغامرتهما في الغابة.
أحداث القصة
في إحدى القرى البعيدة، كان يعيش توأمان جميلان يُدعيان هانسل وغريتل، مع والدهما الطيب. وبعد أن توفيت والدتهما، تزوج الأب من امرأة قاسية كانت دائمة الغضب من الطفلين، وترغب في التخلص منهما بأي شكل. كان الأب فقيرًا جدًا، والطعام في البيت قليل لا يكفي الجميع. وفي إحدى الليالي، همست زوجة الأب في أذنه قائلة: “اسمعنى جيدًا يجب أن نتخلص من الطفلين، وإلا سنموت جوعًا.”
ردّ الأب: “كيف تقولين هذا؟ أتريدين منّي أن أتخلصّ من طفليّ الوحيدين؟!”
ومع ذلك، فقد استمرّت الزوجة في إقناع زوجها بخطّتها للتخلّص من الطفلين وتركهما في الغابة، إلى أن اقتنع بكلامها مرغمًا. وقرّر أن يتخلّى عن ولديه.
أمّا الطفلان فقد سمعًا ما كان يدور من حديث بين الأب وزوجته، وشرعت غريتل بالبكاء، لكن أخاها قال لها:
“لا تخافي، فأنا لديّ خطّة ذكيّة”.
في الصباح، أيقظت زوجة الأب الطفلين كي يذهبا معها إلى الغابة بحجة إحضار الحطب. وأعطت زوجة الأب لكل واحد منهما رغيفا من الخبز وأخبرتهما ألا يأكله قبل موعد الغداء. وقبل أن يغادرا، جمع هانسل بعض الحصى ووضعها في جيبه خفية. وبينما كانوا يسيرون في الغابة، كان يُسقط الحجارة الصغيرة على الطريق دون أن يلاحظ أحد.
في الغابة، أوقد الأب نارًا لتدفئة صغيريه، وقال لهما: “ابقيا هنا، سنذهب لنجمع بعض الحطب، وسنعود بعد قليل.”
بقي الطفلان مكانهما، لكن الأب وزوجته لم يعودا، وكانت الطفلة تظن أن والدها يقطع الأشجار. لكن انتظارهما طال، ولم يعد الأبوان، وبدأ المكان يظلم، فقد حلّ المساء وغربت الشمس.
نام الطفلان في تلك الليلة في الغابة من شدّة التعب، وعندما استيقظا، بكت غريتل كثيرًا لأن والدهما قد تركهما وحدهما في الغابة، لكن هانسل قال:
“لقد أخبرتك بأنّ لدي خطّة، لا تخافي…سنعود إلى المنزل، فأنا أعرف طريق العودة!”
وهكذا تبع الطفلان الحجارة البيضاء حتى وصلا إلى منزلهما بعد بعض الوقت، ففرح الأبُ برجوع ولديه سالمين، أما زوجته فغضبت غضبًا شديدًا، وراحت تفكّر في طريقة جديدة للتخلّص منهما.
في صباح اليوم التالي، أيقظت زوجة الأب الشريرة الطفلين باكرًا، وأخذتها مرّة أخرى إلى الغابة دون أن تخبر والدهما بذلك، وكما في المرة السابقة، قدّمت لكلّ منهما رغيف خبز ليأكله على الغداء.
أدرك هانسل أنّ زوجة أبيه تودّ التخلّص منهما هذه المرّة أيضًا، لكنّه لم يملك الوقت الكافي لجمع الحجارة كما في المرّة السابقة، ولم يكن يملك سوى رغيف الخبز، فراح يقسمه إلى قطع صغيرة يرميها على الأرض ليتمكّن من تتبّعها في طريق العودة.
إلاّ أنّ طريقته هذه لم تنجح، فما لبثت العصافير تحطّ على الأرض وتأكل فتات الخبز الذي ألقى به هانسل، وهكذا لم يعد بإمكان الطفلان العثور على طريق العودة وتاها في الغابة. حلّ الليل، وبدأت حيوانات الغابة المفترسة تجول بين الأشجار، فخاف الصغيران، وراحا يركضان على غير هدىً، ومن شدّة خوفهما بدآ يتخيّلان الأمور على غير حقيقتها، فكانت أغصان الأشجار تبدو كالأشباح، والصخور كالوحوش، وجذور الأشجار الكبيرة البارزة من الأرض كالأفاعي.
حلّ الصباح أخيرًا، واختفت الأوهام التي كان الطفلان يريانها في الليل، فتنفّسا الصعداء، وشربا من مياه البحيرة القريبة ليرويا عطشهما. ثم واصلا المسير على غير هدىً بحثًا عن مخرج من الغابة. وبينما هما يمشيان، إذا بهما يريان بيتًا جميلاً غريبًا، فقد كان مصنوعًا كليًّا من الحلوى والكعك… الجدران والأبواب وحتى النوافذ، كانت كلّها مصنوعة من أنواع الحلوى والسكاكر.
فرح الأخوان كثيرًا بهذا البيت، ومن شدّة جوعهما، راحا يأكلان منه بنهم، وفجأة فُتح الباب وأطلّت منه امرأة عجوز، فخاف الصغيران منها وخشيا أن توبّخهما على أكلهما من بيتها، لكنّها قالت لهما:
“تعاليا يا صغيريّ، لا تخافا وادخلا إلى المنزل، فلديّ طعام كثير، ويمكنكما النوم في بيتي أيضًا!”
فرح الطفلان بذلك، ودخلا إلى البيت ظنًّا منهما أنّ العجوز امرأة طيبة تريد لهما الخير. لكن الأمر لم يكن كذلك إطلاقًا، فتلك العجوز كانت ساحرة شريرة، تحبس الأطفال الصغار، وتجبرهم على الأكل والنوم حتى يسمنوا ثم تأكلهم.
وفي الليل بينما كان الطفلان نائمين، أخذت العجوز هانسل وحبسته في قفص داخل المنزل، ثمّ أجبرت غريتل على الطبخ وتنظيف المنزل والقيام بكافة الأعمال المنزلية. وكانت في كلّ يوم تعدّ لهانسل وجبات دسمة وتحرص على أن يأكلها كلّها حتى يزداد وزنه ويكتنز باللحم ويصبح وجبة ملائمة.
مرّت الأيام، وبدأت العجوز تفقد صبرها، وقررت أن تأكل الطفل في صباح اليوم التالى. ارتعبت غريتل، لكنها تظاهرت بالهدوء، وبدأت تفكر في طريقة تنقذ بها أخاها المسكين.
وفي الصباح، طلبت الساحرة العجوز من غريتل أن تُشعل الفرن وتجهزّه لإعداد عشاء الليلة، فاقتربت غريتل من الفرن وتظاهرت بمحاولتها لإشعاله، ثمّ قالت بعد لحظات:
“يبدو أنّ هنالك مشكلة في الفرن، لا أستطيع إشعاله اليوم”.
غضبت العجوز من تقاعس غريتل، واتجهت إلى الفرن ثمّ انحنت إليه لتتفقّده، فانتهزت غريتل الفرصة ودفع بالعجوز إلى داخل الفرن ثمّ أغلقته على الفور.
وركضت بعدها بسرعة إلى حيث كان هانسل محبوسًا، فحرّرته من أسره على الفور. فرح هانسل بشجاعة أخته، وقبل أن يرحلا قررا أخذ مجوهرات الساحرة، فبحثا في أرجاء المنزل حتى وجدا صندوقًا مليئًا بالحُلي والذهب والفضّة، فملآ كيسًا كبيرًا بهذه المجوهرات وهربا بعدها من بيت الحلوى.
سار الأخوان لعدّة أيام، حتى عثرا على نهر صغير فاجتازاه إلى الضفّة الأخرى، وهناك لاح لهما بيتهما من بعيد. فرحا كثيرًا، وركضا إلى منزلهما بسعادة.
في ذلك الوقت، كان الأب يشعر بحزن شديد لفراق ولديه، والندم لأنه سمح لزوجته أن تتخلّص منهما. لكنه فجأة سمع صوتهما يناديانه من بعيد، فركض نحوهما واحتضنهما بكلّ حب وقد امتلأت عيناه بالدموع. أمّا زوجته فلم تكن في المنزل، لأن الأب طردها بعد أن اكتشف اختفاء ولديه.
وهكذا عاد الولدان إلى منزلهما وهما محمّلان بالكثير من الذهب والفضّة والجواهر التي قام الأب ببيعها وشراء طعام له ولطفليه، وعاشوا جميعًا بسعادة وهناء.
العبرة من القصة
إحدى القصص الجميلة التي تعلم الأطفال الشجاعة والذكاء وأهميتهما في مواجهة المخاطر. كما تبرز عدم الاعتماد على المظاهر في الحكم على الأشخاص.
قام الأخوان غريم بتوثيق مجموعة حكايات عالمية وقصص شعبية التي كانت تروى شفهيًا في ألمانيا في كتاب يدعى “حكايات الأخوان غريم”. وأضافا بعض التعديلات لتناسب الأطفال، فبعض هذه القصص كانت في الأصل تتضمّن مواضيع عنيفة ومخيفة لا تناسب الأطفال.
هي قصة شعبية مشهورة في الثقافات الآسيوية، وتحديدًا في كوريا الجنوبية، وقد أصبحت واحدة من أشهر الحكايات العالمية التي يتناقلها الأشخاص شفهيًا عبر الأجيال. تمّ توثيق هذه القصة ضمن كتب حكايات عالمية شعبية كورية.
أحداث القصة
يُحكى أنّه عاش في قديم الزمان أرنب ذكي في الغابة، وكان هناك نمرٌ قوي ومخيف يعيش في نفس الغابة. كان النمر يتجوّل بين الأشجار، يفتخر بقوته، ويأمر جميع الحيوانات بطاعته وإلاّ فقد كان يأكلها بلا رحمة.
ليس هذا وحسب، لقد كان النمر يقتل الحيوانات الصغيرة لمجرد التسلية. وفي أحد الأيام، بينما كان يتجوّل، رأى الأرنب، لكن الأرنب لم يُعره أيّ اهتمام لأنه كان يعلم شدّة غروره. قال الأرنب في نفسه: “هذا النمر مغرور جدًا! يحسب أنّ قوّته هي كلّ شيء. لقد حان الوقت لأعلمه درسًا لن ينساه.”
غضب النمر من تجاهل الأرنب له، وقال في نفسه أيضًا: “سأجعل هذا الأرنب الساذج يعرف من هو النمر”.
وقفز عليه ليأكله، لكن الأرنب قال بسرعة: “انتظر يا سيدي النمر المغوار، بدلاّ من أن تأكلني، ما رأيك أن أقدّم لك كعكة أرز لذيذة وشهية، فهي أفضل منّي حتمًا”.
كانت كعكة الأرز هي الوجبة المفضّلة للنمر. والذي أجاب على الفور: “أريد 10 كعكات وليس واحدة فقط، أحضرها لي، وإلاّ أكتلك!”.
أجاب الأرنب: “حسنًا، انتظر هنا وسأحضرها لك فورًا”.
أسرع الأرنب وأحضر الكعكات، لكنه خبّأ بداخلها حجارة صغيرة دون أن يراه النمر، ثم وضعها على النار. وعندما هم النمر بالأكل، قال له الأرنب: “عليك أن تنتظر قليلاً، عد حتى العشرة ثم كلها.”
كان النمر ضعيفًا في الحساب، فبقي يعد إلى العشرة عدة مرات. وكان الأرنب يراقبه خفية. أخيرًا، بعدما انتهى من العدّ، أكل النمر الكعكات، وفجأة شعر بحرارة شديدة في فمه، وتكسّرت أسنانه بسبب الحجارة. ولم يستطع أكل شيء طوال اليوم، tاطمأنت الحيوانات قليلاً، وارتاحت من شرّ النمر لبعض الوقت.
في صباح اليوم التالي، شُفي النمر، لكنه بقي بلا أسنان، وخرج غاضبًا يبحث عن الأرنب لينتقم منه. وعندما وجده قرب البحيرة، صرخ بأعلى صوته: “لقد خدعتني! واليوم سأنتقم منك وألقّنك درسًا لن تنساه!”.
ابتسم الأرنب، وقال متظاهرًا بالخوف والحزن: “أنا مستعد لملاقاة مصيري، ولكن أستميحك عذرًا، وأرجوك أن تسامحني على خطئي بالأمس، أنا لستُ سوى حيوانٍ صغير لا يسمن ولا يغني من جوع؟ ما رأيك أن تحصل على 1000 سمكة بدلاً منّي؟”
فكّر النمر قليلًا وقال في نفسه: “إذا ربطت الأرنب بالشجرة فلن يهرب، وإذا حصلت على 1000 سمكة فلن أجوع أبدًا”، ثمّ أجاب قائلا:
“حسنًا، علّمني إذن كيف أمسك ألف سمكة من البحيرة؟”
قال الأرنب: “ضع ذيلك في البحيرة وابقَ على هذه الحال حتى تلتصق به 1000 سمكة!”
ربط النمرُ الأرنبَ بالشجرة، ووضع ذيله في البحيرة كما طُلب منه، وظلّ ينتظر. كان ذلك اليوم من أبرد أيام السنة، وبدأت البحيرة تتجمّد شيئًا فشيئًا، والنمر لا يشعر بذلك. ظن النمر أن الأسماك تعلقت بذيله بسبب ثقله. وبقي جالسًا حتى الصباح، وغطى الثلج البحيرة بالكامل. أما ذيله، فقد تجمّد بالكامل داخل البحيرة.
قال الأرنب ساخرًا: “هيا اسحب ذيلك بقوة، ستحصل على 1000 سمكة”.
لكن النمر لم يستطع إخراج ذيله، وكلما حاول، ازداد ألمه. ضحك الأرنب وقال: “الآن حصلت على الأسماك، ابقَ في مكانك حتى يذوب الثلج أيها الذكي.”
ورحل الأرنب، وسادت الطمأنينة في الغابة.أمّا النمر، فمرّ به صياد، وصاده بعدما خارت قواه، وباعه إلى السيرك. وكان هذا مصير النمر المغرور والطمّاع.
العبرة من القصة
لا يجب أن نستهين بأحد بسبب حجمه أو شكله. والقوة الجسدية لا تساوي شيئًا من دون ذكاء واستخدام صحيح للعقل.
تُعدّ القصص واحدة من أفضل الطرق التعليمية للأطفال، فهي تساعد على تنمية خيالهم وتمكنهم من استيعاب القيم بطريقة سهلة وممتعة من خلال شخصياتهم المفضلة. وفي النهاية، قدمنا لك أفضل 4 حكايات عالمية تناسب أطفالك. تأكد من قراءة هذه القصص معهم، ومع نهاية كل قصة، يمكنك طرح بعض الأسئلة على أطفالك لمعرفة ما تعلموه من القصة.
مرحبًا يا أصدقاء! اسمي ناشا، أنا بومة ظريفة وحكيمة كما ترون. أجلس عاليًا على قمم الأشجار الباسقة حيث لا يراني أحد، وحيث أستطيع أن أرى الجميع.
مرحبًا بكم معي، وأهلاً بكم…أنا سعيدة لأنكم هنا قد أتيتم لسماع القصّة التي سأرويها لكم اليوم… وهي قصّة أحد أصدقائي…فلنقرأها معًا.
مغامرة دودي الكبيرة
كان صباحًا باردًا من صباحات بدايات الربيع في الحقل، وبينما أنا جالسة أعلى قمّة الشجرة، رأيتُ الدودة دودي…
كان دودي دودة عادية، يعيش حياة عادية، ويقوم بامور عاديّة كلّ يوم..
لكنّه اليوم، كان يتحرّك ويسير بطريقة لا تبدو عادية!
يبدو وكأنّه ضائع…
في الواقع، كان دودي يبحث عن أحد يتحدّث إليه ويلعب معه. لكنّه لم يجد أحدًا من حيوانات الحقل الأخرى ليتحدّث معها أو يلعب برفقتها….
لم يجد دودة أخرى، ولا خنافس ولا دعسوقة ولا حتّى قطّ!!
وهنا قرّر دودي القيام بأمر غير عادّي على الإطلاق! لقد قرّر الذهاب إلى الحقل المجاور ليعثر على صديق هناك ويتحدّث إليه ويلعب معه!
كان يبدو متأكدًّا أنّه سيعثر على رفيق في الحقل المجاور، وهكذا… انطلق في مغامرته الكبيرة.
كما تعلمون، دودي كان مجرّد دودة صغيرة عادية، ولم يكن سريعًا جدًا في الزحف…لكن…بالنسبة لدودة، لم يكن بطيئًا أيضًا. وهكذا، زحف وزحف باتجاه الحقل المجاور.
ومع مسيره، بدأت الشمس تطلع، وتغمر الأرجاء بنورها ودفئها. وهنا قرّر دودي اخذ قسط من الراحة تحت إحدى أوراق الشجر الكبيرة.
فجأة سمع صوتًا يقول:
“أين تذهب يا دودي؟!”
نظر دودي إلى الأعلى ورأى يرقة جميلة على ورقة الشجر، فابتسم وأجاب:
“أنا ذاهب إلى الحقل المجاور لأعثر على صديق جديد أتحدّث إليه وألعب معه!”
وقالت اليرقة:
” هذا أمر جميل، أتمنى أن تعثر على الكثير من الأصدقاء هناك…كن حذرًا!”
ابتسم دودي لليرقة، وواصل المسير.
كما سبق أن قلت، لم يكن دودي سريعًا جدًا، لكنه كان يحرز تقدّمًا لا بأس به، وكان مركّزًا جدًا لدرجة أنّه ومن شدّة تركيزه على السير نحو الحقل، فقد اصطدم فجأة بالنملة لولي.
“آآآخ” قالت لولي: “انتبه إلى أين تمشي!”
قال دودي:
“أووه انا آسف، لقد كنتُ في طريقي للبحث عن أصدقاء في الحقل المجاور.”
وأجابت لولي:
“حسنًا يا صديقي، ان استمررت في المسير في هذا الاتجاه، فستعثر على الكثير منهم!”
ابتسم دودي، وواصل المسير.
بدأت السماء تتلبّد بالغيوم، وتحوّل لونها الأزرق الجميل إلى الرمادي الغامق…. وبدأت الرياح تشتدّ شيئًا فشيئًا، فقرّر دودي أنّه من الأفضل أن يختبئ تحت إحدى الأشجار ويحتمي بأوراقها من المطر. وكذلك فعل!
فجأة سمع صوتًا يقول:
“المعذرة!”
نظر دودي من حوله ولم يرَ أحدًا، فقال الصوت من جديد:
“المعذرة يا صديقي!”
وهنا رأى دودي تحته عينان برّاقتان! لقد اختبأ من غير قصد فوق جناح فراشة معتقدًا أنّها ورقة شجر.
“أووبس…أنا آسف!”
كانت الفراشة رفيف طيبة القلب، فلم توبّخ دودي، وابتسمت له قائلة:
“لا عليك يا عزيزي!”
قال دودي:
“أنا في طريقي لأعثر على أصدقاء أتحدّث إليهم في الحقل المجاور!”
ضحكت رفيف وأجابت:
“أمر رائع!” وتحدّثت مع دودي اكثر عن الجوّ والمطر.
بعد بعض الوقت، توقّف المطر، وأشرقت الشمس من جديد. وقرّر دودي أنّه قد حان الوقت للرحيل، فودّع رفيف الفراشة، وانطلق من جديد نحو الحقل.
بينما هو يسير في طريقه، ظهرت أمامه فجأة كرة غريبة. ابتعد عنها يمينًا فتدحرجت الكرة يمينًا، فابتعد عنها إلى اليسار فتدحرجت إلى اليسار أيضًا!
تنهّد دودي، وعندها انفتحت الكرة وتحوّلت إلى بيلو، قملة الغابة.
سأل بيلو:
“إلى أين تذهب؟”
أجاب دودي:
“لأعثر على أصدقاء أتحدّث إليهم في الحقل المجاور!”
قال بيلو بصوت خشن ولكن طيّب:
“جميل، جميل… حظّا موفقًا!… لا تسبّب المتاعب!”
ابتسم دودي وردّ قائلاً:
“حسنًا!…إلى اللقاء!”
وانطلق مجدّدًا في طريقه إلى الحقل.
شعر دودي بالسعادة وهو في طريقه إلى الحقل، ووصل أخيرًا إلى طريق ترابي مليء بالحفر السوداء العميقة والضحلة التي تسبّبت بها الشاحنات الكبيرة التي تعبر من الطريق.
فجأة سمع صوتًا يقول:
“مكانك! لا تتحرّك!”
قال القنفذ شوكي فجأة.
لحسن الحظ أنّ دودي أنصت إلى شوكي، ولم يتحرّك خطوة إضافية، فقد نظر أمامه ورأى حفرة كبيرة مليئة بالماء والزيت. كانت لامعة وتبدو كما لو أنّها بقعة من العشب.
قال دودي:
“شكرًا جزيلاً!”
سأل شوكي:
“إلى أين تذهب؟”
وأجاب دودي:
“إلى الحقل المجاور كي أبحث عن أصدقاء أتحدّث إليهم.”
قال شوكي مجدّدًا:
“يمكننا أن نصبح أصدقاء إن شئت!”
وقبل أن يجيب دودي، ظهر فجأة من خلف الأشجار كلب ضخم أبيض اللون، ونظر إلى دودي وشوكي.
خاف الإثنان كثيرًا، وتجمّدا في مكانهما، لكن الكلب قال:
“مرحبًا! كيف حالكما؟ هل تريدان أن نصبح أصدقاء؟!”
كان صوت الكلب لطيفًا هادئًا، فعرف دودي وشوكي أنّه طيّب القلب ولا ينوي إيذاءهما.
“نعم! بالطبع!”
أجاب الإثنان، وأضاف دودي:
“يمكنك أن تأتي معنا إلى الحقل إن شئت؟!”
الآن أصبح هناك دودي، وشوكي والكلب بوبي، يسيرون معًا نحو الحقل المجاور!
حطّ عصفور ملوّن صغير على سياج الحقل، وقال للأصدقاء الثلاثة الذين كانوا يقفون هناك:
شعر دودي بالحيرة للحظة، فلم يعرف الجواب على شوكي، لكنّه وحينما فكّر قليلاً وجد أنّه قد عثر على أصدقاء بالفعل، وهاهم جميعًا في الحقل يلعبون ويتحدّثون معًا… وقد عثر عليهم في طريقه إلى الحقل!
يُحكى أنّه عاش في إحدى الغابات البعيدة الجميلة أرنبٌ مغرور يُدعى “برق”. كان برق سريعًا جدًّا ودائما يفتخر بسرعته الفائقة ويسخر من الحيوانات الأخرى التي لا يمكنها أن تجاري سرعته.
وفي أحد الأيام بينما كان برق ينطّ هنا وهناك في أرجاء الغابة، لمح سلحفاة صغيرة تمشي ببطء شديد نحو إحدى أوراق الأشجار لتأكل منها. فراح يضحك ساخرًا منها وهو يقول:
– يا لك من سلحفاة بطيئة جدًّا، سيحلّ الليل قبل أن تتمكّني من الوصول إلى طعامك…هههههه.
كانت السلحفاة صبورة ومثابرة، وعلى الرغم من مضايقات برق لها، فهي لم تستلم وواصلت المسير بثبات وجدّ، لكنّ برق استمرّ في السخرية منها والاستهزاء بخطواتها البطيئة.
أخيرًا قالت السلحفاة:
– قد تكون سريعًا يا برق، لكنّ السرعة والعجلة الدائمة ليست كلّ شيء. المثابرة أهمّ من كلّ شيء، وكذلك التواضع.
فأجابها الأرنب المغرور:
– تقولين هذا لأنك بطيئة ولا يمكنك تحقيق شيء بخطواتك الثقيلة هذه… لو أننّا تسابقنا، فسوف أفوز عليك، وأحقق النصر، وسنرى عندها ما أهمية السرعة.
استاءت السلحفاة من كلام الأرنب المغرور وقرّرت أن تعلمه درسًا، فقالت:
– حسنًا، انا أقبل التحدّي، فلنتسابق ولِنرى من سيفوز.
استغرب الأرنب من ثقتها، وفكّر مع نفسه أنّها بلا شكّ سلحفاة بلهاء، ولا تعرف ما تقول، لكنّه وافق على التحدّي وقال:
– حسنًا، وأنا قبلت التحدّي أيضًا، لنتسابق يوم الغد، وليكن خطّ النهاية هو شجرة السنديان الكبيرة عند البحيرة.
انتشر خبر السباق بين برق السريع والسلحفاة في الغابة، واجتمعت الحيوانات في اليوم التالي لتشاهد هذا التحدّي المثير للاهتمام. كان الجميع متأكدًا أنّ برق سيفوز، فهو سريع جدًّا ولا يمكن للسلحفاة أن تلحق به أبدًا.
وقف الأرنب والسلحفاة عند خطّ البداية، وقال برق ساخرًا:
– سأراكِ بعد أيّام عند خطّ النهاية، فأنا متأكد أنّك لن تصلي إلى هناك قبل عدّة أيام أو ربّما أسابيع…هههه.
لم تردّ السلحفاة على سخرية الأرنب، وبقيت صامتة، وتمّ الإعلان عن بداية السباق، فانطلقت بجدّ واجتهاد بخطوات بطيئة ولكن ثابتة باتجاه شجرة السنديان.
أمّا برق، فلم ينطلق، وجلس إلى ظلّ شجرة قريبة يأكل حبّة من الجزر.
استغرب الحيوانات ذلك، لكنّه قال لها:
– ما زال الوقت مبكرًّا، سآكل وجبة خفيفة وآخذ قيلولة صغيرة قبل أن أنطلق… فأنا برق السريع وسألحق بالسلحفاة البطيئة في وقت قليل.
وكذلك كان الحال. أكل الأرنب جزرته، وغطّ في النوم. أمّا السلحفاة فلم تتوقّف أبدًا، واستمرّت في السير نحو خطّ النهاية بثبات وإصرار.
مرّت عدّة ساعات، وغرق برق في نوم عميق، لكنه عندما استيقظ، أدرك أنّه قد نام لوقت طويل، وأنّه تأخر كثيرًا…أكثر ممّا كان يعتقد.
انطلق بأقصى سرعته نحو خطّ النهاية ليلحق بالسلحفاة، لكنه مع ذلك لم يكن سريعًا بما فيه الكفاية، وعبثًا حاول اللحاق بالسلحفاة والفوز عليها، لكنّها كانت قد اقتربت كثيرًا من خطّ النهاية، وكان هو لا يزال بعيدًا بسبب تهاونه واستخفافه بالسباق.
وهكذا وصلت السلحفاة إلى خطّ النهاية، وفازت بالسباق قبل أن يتمكّن برق من اللحاق بها.
هتفت جميع الحيوانات وصفّقت للسلحفاة الفائزة، التي علّمتهم وعلّمت الأرنب المغرور درسًا لا يُنسى، ألا وهو أن الغرور خلق سيء وقبيح يكلّف صاحبه كثيرًا، والسخرية من الآخرين تصرّف مُشين لا يجب أن يتحلّى به الطيبّون.
شعر برق بالخجل من نفسه، واعتذر للسلحفاة على سوء تصرّفه، ومنذ ذلك اليوم أصبح أكثر تواضعًا وتهذيبًا، وأصبح يستخدم سرعته الكبيرة في مساعدة غيره من الحيوانات الأبطأ، فصار محبوبًا بين جميع حيوانات الغابة، وعاش الجميع بسعادة وهناء.
في إحدى الغابات الجميلة الواسعة بعيدًا عن المدينة وضجيجها، عاش أسدٌ قويّ كان يحظى باحترام جميع الحيوانات لشجاعته وقوّته. لقد كان ملك الغابة، ودائمًا يتجوّل فيها بفخر وعزّة، وكانت جميع الحيوانات تخاف منه ولا تتجرّأ على الاقتراب منه.
في إحدى أيام الربيع الجميلة، قرّر الأسد أن يأخذ قيلولة تحت ظلّ شجرة كبيرة بعد يوم طويل من الصيد، والركض في الغابة. فغرق في النوم، وكان شخيره يتردّد في أرجاء الغابة.
فجأة مرّ فأر صغير بالقرب منه. كان هذا الفأر مشاغبًا وفضوليًا، وقرّر أن يتسلّق ظهر الأسد النائم. لقد أراد أن يرى كيف يبدو العالم من منظور الأسد، وأن يعرف شعوره وهو قريب إلى هذا الحدّ من ملك الغابة.
وهكذا صعد الفأر على ظهر الأسد، وراح يتحدرج ويقفز هنا وهناك، غير مدركٍ أنّ الأسد قد يستيقظ في أيّ لحظة. أمّا الأسد، فقد شعر بشيء يدغدغ ظهره، وراح يُبدي انزعاجه، ثمّ استيقظ من نومه بعد لحظات غاضبًا، فأمسك الفأر بين مخالبه وقال له مزمجرًا:
– كيف تجرؤ على إزعاج ملك الغابة، وإيقاظه من غفوته؟! هل تريد الموت؟
ارتعب الفأر المسكين من كلام الأسد، وأجاب مرتجفًا من الخوف:
– أرجوك سامحني أيّها الملك العظيم، لا تؤذني! فأنا مجرّد فأر صغير، ولن أفيدك بشيء. دعني أعيش وأعدك بأني سأردّ لك الجميل يومًا ما.
أشفق الأسد على الفأر الصغير الخائف، ثمّ ضحك قائلاً:
– وما الذي يمكن لفأر صغير أن يفعله ليردّ لي الجميل… إنّك مضحك حقًا… لكني سأسامحك هذه المرّة. هيا اذهب ولا تُعِد الكرّة.
شكر الفأر الصغير الأسد على رحمته، ثمّ هرب بعيدًا سعيدًا بنجاته.
مرّت الأيام والأسابيع، واستمرّ الأسد في حياته ملكًا للغابة قويًا، يخافه الجميع. وفي أحد الأيام، بينما كان يتجوّل في الغابة وقع في فخّ نصبه له الصيادون، وعلق في شبكة كبيرة من الحبال. فراح يتخبّط ويحاول أن يمزّق الشبكة بمخالبه لكن دون جدوى.
بدأ الأسد يصرخ ويزأر طالبًا العون، دون جدوى، فلم يسمعه أحد، ولم يأتِ لمساعدته أحد، لقد رأته بعض حيوانات الغابة، ولكنها كانت خائفة جدًا من الاقتراب منه، أو من الوقوع في الفخّ مثله.
وفجأة، ظهر الفأر الصغير من بين الأشجار، وركض مسرعًا نحو الأسد قائلاً:
– لا عليك يا صديقي، أنا هنا لأنقذك!
ثمّ راح يقضم حبال الشبكة بأسنانه الصغيرة الحادّة حتّى مزّقها كلّها وتمكّن من تخليص الأسد منها.
شكر الأسد الفأر كثيرًا على صنيعه وقال له:
– لقد علّمتني درسًا مهمًّا اليوم، فالقوّة ليست بالحجم، ولكلّ منّا قدراته الخاصّة التي لا يمتلكها الآخرون. لقد سخرتُ منك عندما قلت لي أنّك ستردّ لي الجميل، لكنّك بالفعل أنقذت حياتي اليوم. شكرًا لك.
ابتسم الفأر للأسد، وأصبح الاثنان من يومها صديقين حميمين. كان الأسد يحمي الفأر من الحيوانات المفترسة المخيفة، وكان الفأر يحذّر الأسد دومًا من الصيادين وفخاخهم، وهكذا عاش الصديقان سعيدين في الغابة الجميلة.