سنووايت والأقزام السبعة

كان يا مكان في قديم الزمان، وسالف العصر والأوان، كانت تعيش ملكة جميلة طيبة القلب في إحدى الممالك البعيدة.

في إحدى أيام الشتاء قارسة البرودة، وبينما كان الثلج يهطل بغزارة في الخارج، جلست الملكة الطيبة عند حافة النافذة تطرّز على قماش من حرير، وبينما هي على تلك الحال، وخزت اصبعها فجأة بإبرة الخياطة، وسقطت بضع قطرات من الدم على الثلج الأبيض المتجمّع عند النافذة. 

في تلك اللحظة، تمنّت الملكة أن يرزقها الله بمولود ذو بشرة بيضاء كالثلج، وفم أحمر كالدم، وشعر أسود كالأبانوس. 

وما هي إلاّ بضعة أشهر حتى وضعت الملكة مولودها، وكان بنتًا جميلة تمامًا كما تمنّتها، ذات شعر أسود حالك كالأبانوس، وبشرة بيضاء ناصعة كالثلج، وفم أحمر كالدم القاني. وأسمتها الملكة سنو وايت أيّ: “بياض الثلج”. 

وفرح الملك بمولودته الصغيرة، لكنّ فرحته لم تدم طويلاً، فقد مرضت الملكة بعد الولادة مرضًا شديدًا، وماتت بعد بضعة أيّام تاركة سنووايت يتيمة بلا أمّ.

سنووايت وزوجة الأب الجديدة

تزوّج الملك فيما بعد بامرأة أخرى، وكانت زوجته الجديد جميلة جدًا، لكنها لم تكن طيبة على الإطلاق كما كانت الملكة الراحلة. كما أنها كانت تغار كثيرًا ولا تحبّ أن يكون هناك من هو أجمل منها. بل كان لديها أيضًا مرآة سحرية، وكانت في كلّ صباح تنظر إلى المرآة وتقول:

– مرآتي يا مرآتي، أخبريني من هي أجمل فتاة في الأرض؟

فتجيب المرآة:

– مولاتي الملكة، أنتِ الأجمل في هذه الأرض، وليس هناك من يضاهي جمالك على الإطلاق.

فتضحك الملكة بسعادة، ويزداد غرورها وإعجابها بنفسها وجمالها.

ومرّت الأيام والسنوات، وكبرت سنو وايت، وازداد جمالها، كما أنها كانت ذات قلب طيب رقيق، تحبّ مساعدة الغير، ولا تبخل بتقديم العون على من يحتاج، ولاحظت الملكة المغرورة جمال سنو وايت، وبدأت تغار من حسن مظهرها ودماثة أخلاقها. 

وفي أحد الأيام، استيقظت الملكة، وسألت مرآتها السحرية:

– مرآتي يا مرآتي، من هي أجمل فتاة على وجه الأرض؟

وأجابت المرآة:

– مولاتي الملكة، إنّ جمالك رائع لا مثيل له، ولكنّ هناك من هو أجمل منك…إنها سنو وايت.

غضبت الملكة غضبًا شديدًا حين سمعت هذه الجملة، واشتعلت نيران الغيرة في قلبها وتأجّجت، وقررت التخلص من سنو وايت. فنادت أحد حرّاسها المخلصين وقالت له:

– أريد أن تصطحب سنو وايت إلى الغابة، وتقتلها، وتحضر لي قلبها، حتى أتأكد أنها ماتت بالفعل.

فزع الحارس من طلب الملكة، لكن لم يستطع الرفض، وهكذا نفّذ أوامر الملكة، ورافق سنو وايت إلى الغابة. 

كانت هذه هي المرّة الأولى التي تخرج فيها سنو وايت من القصر، وكم كانت سعادتها عظيمة وهي ترى الغابة بحيواناتها الأليفة من أرانب وغزلان وعصافير، ونباتاتها وأزهارها البرية الساحرة، فراحت تقفز من مكان لآخر وهي تغنّي فرحًا وسعادة، بينما كان الحارس يتحيّن الفرصة للقضاء عليها وهي غافلة عنه وعن خطّته الماكرة.

لكن الحارس كان في أعماقه رجلاً طيبًا وفيًا للملك، ولم يستطع برغم كلّ محاولاته أن يقتل سنو وايت، فقال لها أخيرًا، وهو يصوّب قوسه نحوها:

– اهربي يا سنو وايت ولا تعودي إلى القصر، فزوجه أبيك الشريرة تريد القضاء عليك.

فزعت سنو وايت عندما رأت الحارس في تلك الحالة وسمعت ما قاله لها، فهربت بعيدًا عنه، وراحت تركض على غير هدى في الغابة باحثة عن ملجأ أو مأوى.

بيت الأقزام

حلّ الليل، وتحوّلت الغابة المشرقة إلى مكان مظلم مخيف، اختبأت الحيوانات الظريفة من أرانب وغزلان، وبدأت الحيوانات المفترسة التجوال باحثة عن عشائها. أمّا سنو وايت، فقد اختبأت في كهف بعيد، وقضت ليلتها الأولى في خوف شديد، فلم تستطع النوم حتى بدأت بشائر الصباح بالظهور. 

استيقظت سنو وايت في اليوم التالي عند العصر، وخرجت من الكهف تبحث عن شيء تأكله، فقد كانت جائعة جدًا، وبينما كانت تبحث عن الطعام، لاح لها من بعيد كوخ صغير، ففرحت وابتهجت، وقرّرت الذهاب إليه وطلب العون من أهله، علّهم يقدّمون لها طعامًا تسدّ به جوعها.

وصلت سنو وايت إلى الكوخ الصغير، وطرق الباب عدّة مرّات، فلم تلقَ جوابًا، ثمّ دفعت الباب، فوجدته مفتوحًا فدخلت وأغلقت الباب من خلفها.

في داخل الكوخ، وجدت سنو وايت مائدة مستطيلة حولها سبعة كراسي، وعلى المائدة سبعة صحون من الحساء، وسبع ملاعق، وسبعة شوك وكذلك سبع أرغفة من الخبز، وسبعة أكواب من الماء.

ولأنها كانت جائعة جدًا، لم تستطع الانتظار حتى يأتي أهل البيت، فجلست على أحد الكراسي، وقد كان كرسيًا صغيرًا للغاية، وأخذت ملعقة وراحت تأكل بضع لقيمات من كلّ صحن، وتأخذ قطعة صغيرة من كلّ رغيف، ورشفة من كلّ كوب. 

وعندما انتهت من تناول الطعام، صعدت إلى الطابق العلوي من الكوخ، ووجدت فيه سبعة أسرّة أيضًا، لكنّها كانت صغيرة جدًا وكأنها أسرّة أطفال، فاختارت أحدها واستلقت عليه، وما لبثت أن غطّت في نوم عميق.

ومع حلول المساء، عاد أهل البيت إلى كوخهم، وقد كانوا سبعة أقزام يعملون في التنجيم، وما إن دخلوا حتى لاحظوا أمرًا غريبًا في منزلهم لكنهم لم يستطيعوا معرفة ما هو.

وعندما جلسوا جميعًا إلى مائدة العشاء، قال أوّلهم:

– هنالك من جلس على كرسيّي!

وقال آخر:

– وهناك من أكل من طبقي…

وأضاف الثالث:

– ومن استخدم ملعقتي؟!

ثمّ أضاف الرابع:

– وهنالك من شرب من كأسي…

وقال الخامس:

– وأكل من رغيف الخبز الخاصّ بي!

قال السادس في غضب:

– واستخدم شوكتي أيضًا!

وهنا سمع الجميع صوت القزم السابع يقول وهو ينزل من الطابق العلوي:

– والآن هو ينام على سريري!

تفاجأ الأقزام كلّهم، وصعدوا على الفور إلى العليّة، فعثروا على سنووايت الجميلة نائمة بعمق، وأصابتهم الحيرة، وراحوا يفكّرون بأمرها:

– من تكون يا ترى؟

قال أحدهم.

– لا يبدو عليها أنّها شريرة. 

أضاف الآخر، ووافقه البقية، وبينما هم في حيرتهم تلك، فتحت سنووايت عينيها أخيرًا واستيقظت من نومها، فتعجّبت ممّن حولها، واستغربت وخافت، لكنّ الأقزام قاموا بطمأنتها وأخبروها أنّهم لم يأذوها.

اعتذرت سنووايت لأنها دخلت البيت دون استئذان، وأخبرت الأقزام بقصّتها وحدّثتهم عن زوجة أبيها الشريرة القاسية، فحزن الأقزام على حالها.

– يمكنك أن تعيشي معنا في هذا الكوخ، وسنحميك من زوجة أبيك الماكرة.

قال كبير الأقزام أخيرًا، ووافقه البقية. ففرحت سنووايت بذلك كثيرًا، وشكرت الأقزام على طيبتهم وحسن ضيافتهم.

وفي مكان آخر، كان الصيّاد قد عاد إلى القصر، وقد أحضر معه قلب أحد الحيوانات التي اصطادها، وأخبر الملك أنّ ذلك هو قلب سنووايت، ففرحت الملكة بهذا الخبر، وقهقهت بصوت عالٍ. لقد أصبحت مجدّدًا أجمل امرأة على وجه الأرض.

خطط الملكة الشريرة للقضاء على سنووايت

عاشت سنووايت مع الأقزام بسعادة، فكانت تفيق صباحًا وتعدّ لهم الطعام الشهي وتقوم بأعمال المنزل من تنظيف وترتيب، وكان الأقزام سعداء بوجودها أيضًا، فكانوا يقدّمون لها الهدايا، ويقصّون عليها الحكايات، ويعتنون بها أحسن عناية.

ومرّت الأيام والأسابيع على هذه الحال، وفي أحد الأيام، سألت الملكة مرآتها السحرية:

– مرآتي يا مرآتي…أخبريني من هي الأجمل في الأرض؟

وأجابت المرآة:

– مولاتي الملكة، إنّك بلا شكّ أجمل النساء في هذه القلعة، ولكن هناك في أعماق الغابة، تعيش فتاة رائعة الجمال، وهي أجمل الفتيات على الأرض…إنها سنووايت.

عند سماع هذه الكلمات، استشاطت الملكة غضبًا، وقالت:

– لا بدّ أن الصياد قد خدعني وكذب عليّ…لن أغفر له هذا الأمر، وسألقّنه درسًا لن ينساه. أمّا سنووايت…فسأتخلّص منها بيديّ هاتين.

في اليوم التالي، تنكّرت الملكة في شكل سيّدة في مقتبل العمر، وحملت معها حقيبة مليئة بالأشرطة والأحزمة القماشية، وذهبت بها إلى الغابة حيث تقطن سنوايت مع الأقزام السبعة.

في ذلك الوقت كانت سنووايت الأزهار في الحديقة، عندما رأت السيدة الغريبة تقترب منها، فحيّتها بأدب، وراحت تحادثها وتسألها عن أحوالها.

– صغيرتي الجميلة، أنا أبيع الأشرطة الحريرية والأحزمة القماشية للفتيات الجميلات أمثالك، وظنّي أنّ هذا الحزام سيلائم لون عينيك، فدعيني أجرّبه عليك.

– شكرًا لك يا خالة، ولكنّي لا أملك أيّ مال لأشتريه منك.

– لا عليك. قالت البائعة، ثمّ واصلت: فكلماتك الطيبة تكفي.

وهكذا أخرجت من سلّتها الشريط الحريري، ولفّته حول خصر سنووايت، وراحت تشدّه بقوّة، حتى ما عادت سنووايت قادرة على التنفس، وحاولت من دون جدوى أن تخبر السيدّة بأنّ الحزام يؤلمها، لكنّها فشلت، وأغمي عليها قبل أن تتمكّن من قول أيّ شيء.

وقعت سنووايت أرضًا، وراحت الملكة الشريرة المتنكّرة بثياب البائعة تضحك سعيدة بفعلتها، ثمّ غادرت عائدة إلى القلعة سعيدة لأنها أخيرًا تخلّصت من منافستها، وقد أصبحت الآن أجمل فتاة في الأرض.

ومع غروب الشمس، عاد الأقزام السبعة إلى الكوخ، وأصابتهم الصدمة عندما رأوا سنووايت ملقاة أرضًا بلا حراك. حاولوا إيقاظها، ولكن دون جدوى، إلى أن لاحظ أحد الأقزام الحزام الحريري ملتفًا حولها، وقال للبقية:

– انظروا! هذا الحزام ملتفّ بشدة حول خصرها، إنها غير قادرة على التنفّس بسببه… هيا أحضروا لي المقصّ!

وبسرعة جاء قزم آخر بالمقصّ، ومزّق الحزام، فبدأ اللون يعود تدريجيًا إلى وجه سنووايت وبدأت تتنفس من جديد، وما هي إلاّ لحظات، حتى فتحت عينيها وأفاقت من إغمائها.

فرح الأقزام كثيرًا، وقصّت عليهم سنووايت ما حصل معها، فعرفوا في الحال أنّ تلك السيدة ما هي إلاّ الملكة الشريرة نفسها، وحذّروا سنووايت من عودتها، وطلبوا إليها ألاّ تحادث الغرباء مجدّدًا وأن تتوخّى الحذر.

بعد مرور أيّام قليلة قضتها الملكة الشريرة في سعادة ترتّب الحفلات، والمآدب والعشاءات مع النبلاء والأمراء، توجّهت مرّة أخرى إلى مرآتها السحرية وسألتها:

– مرآتي يا مرآتي….من هي أجمل النساء على وجه الأرض؟

وردّت المرآة:

– إنك يا ملكتي أجمل النساء في القصر، ولكنّ ما تزال سنووايت أجمل منك، وهي أجمل من في الأرض.

استشاطت الملكة غضبًا، وكادت تكسر المرآة من شدّة غضبها، وصاحت بإنكار:

– هذا مستحيل! لقد تخلّصت منها بيديّ!

وأجابت المرآة:

– ما تزال سنووايت حيّة ترزق، فقد تمكّن الأقزام من إنقاذها، وهي تزداد جمالاً في كلّ يوم.

– ليس لوقت طويل!

قالت الملكة، ثمّ تنكّرت مرّة أخرى بزيّ بائعة لأدوات التجميل، وغيّرت شكلها ووجها حتى لا تتعرّف عليها سنووايت، وذهبت مجدّدًا إلى الكوخ.

في ذلك الوقت كانت، سنووايت جالسة عند المدخل تقرأ كتابًا قديمًا، وحولها بعض من حيوانات الغابة اللطيفة. اقتربت منها البائعة العجوز، وقالت لها بصوت لطيف:

– كيف حالك أيتها الفتاة الحسناء؟ هل ترغبين بشراء مشطٍ مميّز لتسريح شعرك الأسود الجميل.

تذكّرت سنووايت على الفور ما حدث في المرّة السابقة، وشعرت ببعض الخوف، لكنّ السيدة العجوز طمأنتها، وقالت:

– أعلم أنّ التحدث إلى الغرباء قد لا يكون آمنًا، لكنّي يا صغيرتي لا أنوي بك شرًّا. انظري، سأسرّح شعري بهذا المشط حتى تتأكدي أنّه سليم وليس فيه ما يخيف.

وأخرجت مشطًا، وبدأت بتسريح شعرها، فاطمأنت لها سنووايت، وقالت:

– هل يمكنني أن أجرب أنا أيضًا؟

أجابت البائعة:

– بالطبع يا صغيرتي! دعيني أسرّح شعرك أنا… 

ومن دون أن تلاحظ سنووايت، أخرجت العجوز مشطًا آخر، وقد كان مسمومًا، وراحت تسرّح به شعر سنووايت الأسود الجميل، وفي غضون لحظات قليلة، بدأت سنووايت تشعر بالدوار، فقد بدأ السمّ يتسلل إلى جسمها تدريجيًا، وسقطت بعد دقائق أرضًا بلا حراك.

ضحكت الملكة سعيدة، وغادرت على الفور عائدة إلى قصرها وهي سعيدة لأنها تمكّنت من التخلص من سنووايت. أمّا الأقزام السبعة، فقد عادوا مساءًا ومرّة أخرى وجدوا سنووايت مغمىً عليها بلا حراك. بحثوا عن شريط حول خصرها لكنّهم لم يجدوا شيئًا، وبينما هم يحاولون إيقاظها، انتبه أحدهم فجأة إلى المشط المسموم مغروزًا في شعرها، فنزعه على الفور وألقاه بعيدًا، وبدأت سنووايت تستعيد عافيتها بعده، وأفاقت بعد عدّة دقائق.

مجدّدًا، قصّت هذه الأخيرة ما حصل معها، وعرف الأقزام أنّها محاولة أخرى من محاولات الملكة الشريرة للقضاء عليها. فحذّروا سنووايت وطلبوا منها ألاّ تخرج من الكوخ أبدًا وألا تفتح الباب لأحد من الآن فصاعدًا.

وهكذا مرّت الأيام، وسنووايت تعيش بأمان مع الأقزام، تقضي وقتها في داخل الكوخ، ولا تفتح لأحد الباب أيًّا كان. أما الملكة الشريرة، فقد انشغلت مجدّدًا بإقامة الولائم وحضور الحفلات في القصر، ولكنها بعد عدّة أسابيع، عادت إلى مرآتها وسألتها:

– مرآتي يا مرآتي، من هي أجمل نساء الأرض.

وأجابت المرآة:

– أنتِ يا مولاتي من أجمل النساء، ولكنّ سنووايت كانت وستبقى هي الأجمل على الإطلاق.

كادت الملكة تفقد عقلها من شدّة الغضب والحنق، وقرّرت هذه المرّة أن تقضي على سنووايت تمامًا، فتنكّرت من جديد بهيئة امرأة طاعنة في السنّ، وحملت معها سلّة من التفاح الأحمر اللذيذ، وتوجّهت نحو الكوخ لتنفّذ خطّتها الشريرة.

لكن في هذه المرّة لم تكن سنووايت في الخارج، وكان باب الكوخ مغلقًا، فطرقت الباب، وجاءها صوت سنووايت من الداخل:

– من بالباب؟

– أنا سيّدة طاعنة أسكن في الجوار، وأحتاج لكوب من الماء من فضلك، إنني عطشى…

التزمت سنووايت بأوامر الأقزام، وقالت للعجوز:

– معذرة يا خالة، ولكني لا أستطيع أن أفتح لك الباب.

فأجابت السيدة العجوز:

– لا عليك يا صغيرتي، يمكنك أن تناوليني كوب الماء من النافذة إن شئتِ.

فكّرت سنووايت قليلاً، ورأت أنّه لا ضير في ذلك، ففتحت النافذة وقدّمت للعجوز كوب الماء، فشكرتها هذه الأخيرة، وشربت الماء، ثمّ قالت:

– إنك فتاة طيبة للغاية، وتستحقّين كلّ الخير. تفضّلي، سأعطيك هدّية صغيرة. 

ثمّ قدّمت لها حبّة تفاح حمراء ناضجة، وأضافت:

– لقد قطفت هذا التفاح قبل قليل من شجرة عند النهر، تذوّقيها، إنّها حلوة ولذيذة للغاية.

وعلى الرغم من تردّدها، لكن سنووايت لم تستطيع مقاومة تلك التفاحة التي بدت شهيّة للغاية، فأخذتها من العجوز، وقضمتها… وبمجرّد أن فعلت ذلك، حتى سقطت أرضًا مرّة أخرى مغمى عليها، فقد كانت التفاحة مسمومة، وكان السمّ فيها قويًا للغاية.

ضحكت الملكة الشريرة وهي تنظر إلى سنووايت الملقاة أرضًا وقالت:

– هذه المرّة لن تتمكّني من النجاة أبدًا! هاهاهاهاهاها…

ثمّ عادت إلى قصرها والسعادة بالانتصار تغمرها.

عاد الأقزام ليلاً، ووجدوا سنووايت ملقاة أرضًا، فحاولوا بشتّى الطرق إيقاظها، لكنهم فشلوا… لم يعثروا على حزام حول خصرها ولا مشط مسموم في شعرها، ولم يعرفوا كيف يمكنهم إنقاذها. 

حاولوا وحاولوا، ولكن دون جدوى… هذه المرّة لم يكن بالإمكان إنقاذ سنووايت.

حزن الأقزام كثيرًا على صديقتهم المسكينة، فبنوا لها صندوقًا زجاجيًا ووضعوها فيها، ثمّ ذهبوا بها إلى الغابة، وجلسوا هناك حولها يبكون وينتحبون.

ومرّت الأيام على تلك الحال دون أن تستيقظ سنووايت أو تستعيد عافيتها. أمّا الملكة، فكانت تسأل مرآتها كلّ يوم عن أجمل امرأة في الأرض، وكانت المرآة تجيب:

– أنتِ يا مولاتي أجمل نساء الأرض الآن.

فكانت تضحك وتقهقه بسعادة وفرح، لأنّ سنووايت قد ماتت، ولم تعد حيّة بعد الآن.

النهاية السعيدة

وفي أحدّ الأيام، مرّ أمير من إحدى الممالك المجاورة بالغابة، فسمع صوت الأقزام وهم يبكون، واقترب من مصدر الصوت، حتى عثر على الأقزام وهم ملتفّون حول الصندوق الزجاجي.

استغرب وأصابته الدهشة، لكنه عندما اقترب أكثر من الصندوق، ورأى سنووايت الجميلة نائمة فيه، أعجب بها كلّ الإعجاب، وسأل الأقزام عنها، فأخبروه بحكايتها، وقصّوا عليه محاولات الملكة الشريرة للقضاء عليها، وكيف أنّها نجحت أخيرًا في تحقيق مرادها.

حزن الأمير أشدّ الحزن على سنووايت، وطلب من الأقزام أن يسمحوا له بأخذها معه إلى قصره، علّ الأطباء في مملكته يقدرون على علاجها.

وبعد مشاورات فيما بينهم، وافق الأقزام على طلب الأمير، وفتحوا الصندوق الزجاجي، فانحنى الأمير نحو سنووايت وحملها بين ذراعيه ليضعها على صهوة حصانه، فتدلّى رأسها، وانفتح فمها قليلاً فسقطت قطعة التفاح المسموم أرضًا، وما هي إلاّ لحظات حتى فتحت سنووايت عينيها وعاد إليها وعيها.

فرح الأقزام أشدّ الفرح بعودة صديقتهم، واستقبلوها بالأحضان والغناء، وأمّا الأمير، فقد انحنى نحوها، وأبدى احترامه وإعجابه الشديد بها، فقال:

– آنستي الجميلة، إني ومنذ رأيتك نائمة، قد وقعت في حبّك، وأرجوك أن تقبلي طلبي بمرافقتي إلى قصري لتكوني زوجتي وملكة مملكتي المستقبلية. 

احمّرت وجنتا سنووايت خجلاً، ووافقت فورًا على طلب الأمير، فهتف الأقزام فرحًا وسعادة، وهلّلوا لهذا الخبر السعيد. 

وركبت سنووايت ظهر الحصان مع الأمير، وساروا في الغابة يتبعهم الأقزام يغنون فرحًا، وشاركتهم حيوانات الغابة من أرانب وعصافير وغزلان هذا الفرح في موكب جميل بهيّ.

وأقيمت احتفالات عظيمة في المملكة المجاورة احتفاءً بالأمير وعروسه الجميلة، ووصلت أخبار هذا الزفاف المهيب إلى المملكة التي كانت تعيش فيها سنووايت سابقًا، فارتابت الملكة وتشكّكت، واتجهت إلى مرآتها لتسألها السؤال المعتاد:

– مرآتي يا مرآتي، من هي أجمل نساء الأرض؟

– إنها يا مولاتي سنووايت…ملكة المملكة المجاورة المستقبلية وعروس الأمير الطيب الشجاع…سنووايت هي أجمل الفتيات في الأرض.

لم تستطع الملكة تحمّل الصدمة، وقذفت بتاجها على المرآة السحرية فتهشمّت إلى قطع صغيرة، واخترقت إحدى هذه القطع قلب الملكة فماتت على الفور. وهكذا نالت عقابها جزاء غرورها وحقدها الشديد على كلّ ما هو جميل.

أمّا سنووايت فعاشت بسعادة وهناء مع الأمير، وكانت تزور أصدقاءها الأقزام بين الحين والآخر لتلعب وتمرح معهم في الغابة.

قصة تعليمية عن المثابرة: نطّاط يمسك نجمة

لطالما أحبّ الضفدع الصغير “نطّاط” النظر إلى النجوم ليلاً. وكان في كلّ ليلة يجلس على ورقة زنبق كبيرة، ويتأمل النجوم المتلألئة.

– كم أتمنى لو ألمس هذه النجوم!
كان نطّاط يقول لنفسه في كلّ مرّة يرى فيها نجوم السماء اللامعة.
هذه الليلة، كانت السماء صافية، والجوّ صيفيًا جميلاً. النجوم اللامعة كانت تملأ السماء وتتراقص مثل الجواهر الصغيرة.

قرّر نطّاط تسلّق صخرة كبيرة ليتمكّن من لمس النجوم. ثابر وثابر حتى وصل إلى قمّة الصخرة، ثمّ مدّ يده ليمسك نجمة…ولكن…
يالا الأسف، النجوم لا تزال بعيدة جدًا، ولا يستطيع نطّاط الوصول إليها!

فجأة رأى نطّاط تلّة بالقرب منه، فقال فرحًا:
– أوه سأتسلّق التلّة وساتمكّن من الإمساك بنجمة!

و…ويييييي…تزحلق نطّاط من أعلى الصخرة، وبدأ القفز صاعدًا التلّة.
هيب…هوب…هيب…هوب

وصل أخيرًا إلى أعلى التلّة! ومدّ يده ليمسك نجمة…ولكن..
وأسفاه، لا تزال النجوم بعيدة جدًا، ولا يمكن لنطّاط الوصول إليها!

من أعلى التلّة، رأى نطّاط شجرة جوز هند قريبة منه. كانت طويلة جدًا، وفرح نطّاط:
– إن تسلّقت الشجرة، فسوف أمسك نجمة حتمًا!

وهكذا، نزل نطّاط من التلّة…
هيب…هوب…هيب…هوب…

حتى وصل أخيرًا إلى شجرة جوز الهند، وبدأ يتسلّقها بصعوبة كبيرة!
واحد…اثنان….واحد….اثنان….

وصل نطّاط بعد كثير من الجهد إلى قمّة الشجرة، ومدّ يده ليمسك نجمة….ولكن….
أوه…لا… لا تزال بعيدة جدًا، ولا أستطيع الإمساك بها.

شعر نطّاط بخيبة الأمل، وطأطأ رأسه حزينًا، فرأى كم كان مرتفعًا عن سطح الأرض، وخفق قلبه بقوّة من الخوف…بوم..بوم…بوم…

وضع نطّاط يده على قلبه الصغير، وهمس لنفسه:
– لن أخاف…أستطيع أن أفعلها!

ثمّ نظر مجدّدًا إلى الأسفل نحو الأرض، فرأى منظرًا رائعًا جدًا!
كان هنالك بركة صغيرة في الأسفل، وعلى سطحها تلألأت النجوم بقوّة!

نظر نطّاط إلى النجوم في الماء بإعجاب شديد….استجمع شجاعته، وقفز أخيرًا نحو البركة…
كلّما اقترب نطّاط من البركة، زاد اقترابه أكثر من النجوم المتلألئة على سطحها.

سبلااااش

أخيرًا وصل نطّاط إلى سطح الماء، وغطس في مياه البركة.

خرج نطّاط من البركة، وجلس على ضفّتها، ثمّ راح يتأمل النجوم الصغيرة وهي تتلألأ على السطح في منظر ساحر بديع.

ابتسم الضفدع نطّاط أخيرًا، وقال:
– أخيرًا لقد أمسكت بالنجوم ولمستها!

أسئلة تفاعلية لصغيرك

لقد كان نطّاط يريد الإمساك بنجمة، ماذا فعل كي يحقّق هدفه هذا؟

هل تمكّن نطّاط من الإمساك بالنجوم من المحاولة الأولى؟

ما الذي تعلّمنا إياه هذه القصّة؟

قصص أميرات للبنات: قصة سندريلا

كان يا مكان، في قديم الزمان، وفي إحدى البلدان البعيدة، عاشت فتاة جميلة طيبة القلب اسمها سندريلا، مع أبويها اللذين يحبّانها ويعطفان عليها. كانت تعيش حياة سعيدة إلى أنّ جاء يوم مرضت فيه والدتها مرضً شديدًا، ولم يتمكّن الأطباء من علاجها، ففارقت الحياة، تاركة سندريلا المسكينة وحيدة.

حزن الأب على فراق زوجته حزنًا شديدًا، وأصبح وحيدًا يشعر بألم الفراق. وكان كلّما نظر إلى ابنته الصغيرة، شعر بمزيد من الحزن لأنه أصبحت يتيمة دون أمّ ترعاها وتعطف عليها. فقرّر أن يتزوّج بامرأة أخرى تحلّ محلّ أمها، فتعتني بها وتقدّم لها الحبّ والعناية.

وكذلك كان الحال، تزوّج الأب بامرأة أرملة، لديها ابنتان أكبر من سندريلا بقليل. وانتقلن للعيش في منزل سندريلا. 

كانت زوجة الأب وابنتاها يعاملن سندريلا معاملة حسنة، وفرحت هذه الأخيرة لأنه أصبح لديها أختان تتتسلّى معهما. 

فرح الاب لرؤية ابنته وقد عادت إلى محياها الابتسامة، واطمأن قلبه أنها ستكون بخير أثناء سفره للعمل، وهكذا، بعد عدّة أسابيع من زواجه، سافر الأب مبحرًا إلى بلاد بعيدة لإحضار البضاعة من أجل عمله. وهنا تغيّرت الأمور تمامًا.

أصبحت زوجة الأب هي سيّدة المنزل، فأجبرت سندريلا على الانتقال إلى العليّة المظلمة، وأعطتها ملابس رثّة ممزقة لترتديها بدلاً من ثيابها الجميلة. ليس هذا وحسب، بل جعلتها تقوم بجميع أعمال المنزل من تنظيف وترتيب وطبخ.

تحوّلت حياة سندريلا بين ليلة وضحاها، وصارت خادمة لزوجة أبيها القاسية وابنتيها المدللتين، فكانت تستيقظ باكرًا لتعدّ لهنّ طعام الفطور، وتغسل ثيابهنّ وترتب غرفهن، في حين كانت الأختان المغرورتان تقضيان نهارهما في النوم والأكل والتنزّه في الأسواق لشراء الأثواب والمجوهرات الفاخرة.

على الرغم من قسوة الحياة ومعاملة زوجة الأب وابنتاها السيئة، لكنّ سندريلا لم تفقد الأمل، وحافظت على طيبة قلبها ورقّتها في التعامل، وكان لديها أصدقاء صغار من الحيوانات يخفّفون عنها وحدتها ويساعدونها في بعض أعمالها. فكانت بعض العصافير تقدّم لها العون لنشر الغسيل على الحبال، والفئران الظريفة تمدّ لها يدّ العون في حمل بعض الخضار والفواكه والأواني، والقطّ ميشا يساعدها في المسح وتنظيف الأرضيات، ممّا أدخل السعادة إلى قلبها، وشجّعها على الاستمرار في العيش برضى.

في أحد الأيام شاع خبر رغبة الأمير ابن حاكم المملكة في الزواج، وأعلن الملك عن إقامة حفل كبير في القصر الملكي، تحضره جميع الفتيات ممّن هنّ في سنّ الزواج ليختار الأمير عروسه من بينهنّ.

وتلقّت زوجة الأب وابنتاها دعوات لحضور الحفل الراقص، كما تلقّت سندريلا أيضًا دعوة لحضور الحفل، وكم أفرحها وأسعدها ذلك، لكنها طلبت الإذن من زوجة أبيها للسماح لها بحضور الحفل:

  • هل يمكنني أن أذهب أنا أيضًا إلى الحفل الراقص؟

سألت سندريلا بحذر.

ضحكت زوجة الأب بسخرية، وردّت:

– سأسمح لك بالذهاب إن استطعتِ إنهاء جميع أعمالك المنزلية، وعثرتِ على ثوب مناسب للحفل، أمّا الآن فأريد منك أن تساعدي ابنتيّ على الاستعداد للحفل، أريد أن تكونا أجمل الفتيات في القصر حتى يقع اختيار الأمير على إحداهما.

وهكذا ازداد ضغط العمل على سندريلا التي أصبحت الآن مكلّفة بإتمام جميع أعمال التنظيف والترتيب والطبخ، وكذلك تحضير وخياطة أثواب الحفل لأختيها ومساعدتهما لاختيار المجوهرات والأحذية المناسبة لحضور هذه المناسبة الراقية.

كانت تعمل بجدّ طوال النهار، وتسهر ليلاً على حياكة ثياب أختيها، واستطاعت بفضل أصدقائها الطيبين أن تصلح أحد أثواب والدتها الراحلة وتزيّنه بالشرائط الحريرية والخرز اللامع حتى أصبح ثوبًا أنيقًا وجميلاً.

في يوم الحفل، استيقظت سندريلا باكرًا، فأعدّت الفطور لأختيها، وقامت بتنظيف وترتيب المنزل كاملاً، ثمّ ساعدت الفتاتان المغرورتان على تجربة فساتين الحفل واختيار ما يلائم من الجواهر والأحذية، فكانتا تلبسان وتخلعان الفساتين والموجوهرات، وسندريلا تساعدهما على اختيار ما يلائم وما لا يلائم، حيث قضت معهما ساعات طوال تستمع إلى أرائهن وتصلح ما يحتاج إلى إصلاح أو تضييق أو توسيع من الثياب والفساتين.

ومع غروب الشمس، كانت الفتاتان وزوجة الأب في أبهى حلّة لهنّ، يرتدين فساتين من الحرير مطرّزة بالخيوط الذهبية ومزيّنة بالخرز والجواهر، واستغلّت سندريلا فترة تناولهنّ الطعام، فارتدت فستان والدتها الراحلة البسيط الذي أصلحته مع أصدقائها الحيوانات، وربطت شعرها بشريط حريري، ونزلت إلى الأسفل تحمل دعوتها.

كانت زوجة الأب والفتاتان على وشك ركوب العربة المتجهة إلى القصر عندما نادتهنّ سندريلا:

– انتظروني! ألن آتي معكنّ أنا أيضًا!

والتفتت الأختان وأمهما إلى سندريلا، ثمّ انفجرن ضاحكات بسخرية:

– هل ستأتين معنا بهذا الثوب القديم البالي؟!

قالت إحدى الأختان، وأضافت الأخرى:

– وهذا الحذاء البشع القبيح؟!

قالت زوجة الأب

– لن أسمح لكِ بإفساد فرصة الزواج من الأمير على ابنتيّ، فإن رآكِ معهما سيسخرّ منّا وينفر من الحديث معهما، ستحرجينني مع العائلة المالكة والطبقة الثرية من الحضور.

– لكن…

وقاطعتها زوجة الأب مجدّدًا:

– كفى….لن تحضري الحفل، ثمّ إنّ المنزل غارق في الفوضى، عليك ترتيب المكان وتنظيفه قبل عودتنا، لا أريد أن أرى ذرّة غبار واحدة عندما أعود.

ثمّ اقتربت منها، وأخذت منها دعوة الحفل، فمزّقتها ورمتها أرضًا حتى تتأكّد من أنّ سندريلا لن تحضر الحفل، وغادرت بعدها مع ابنتاها وهنّ يضحكن بخبث، تاركات سندريلا وحدها في المنزل.

شعرت سندريلا بالظلم، والحزن الشديد، واندفعت إلى غرفتها في العلية حيث ارتمت على السرير وراحت تبكي بكاءً مريرًا، فيما حاول أصدقاؤها الصغار التخفيف عنها، ولكن بلا جدوى.

ومن شدّة تعبها، غفت سندريلا لبضع لحظات، لكنّها عندما استيقظت من جديد رأت أمامها سيدة طيبة الملامح، ترتدي ثوبًا أزرق لامعًا، وتحمل بيدها عصًا غريبة الشكل.

– من أنتِ؟

سألت سندريلا بفضول.

– أنا الجنيّة الطيبة، وقد أتيتُ لمساعدتك يا سندريلا، فامسحي دموعك، ولا تحزني لأنط ستذهبين إلى الحفل الراقص.

– وكيف أذهب من دون ثوب أو عربة أو حتى بطاقة دعوة، زوجة أبي وأختاي محقّات، سأكون مصدر إحراج لهنّ ولنفسي إن ذهبت.

قالت سندريلا بحزن، وابتسمت الجنية الطيبة وهي تستمع إليها ثمّ قالت:

– لا عليك… ستكونين أجمل فتاة في الحفل، وستخطفين الأبصار بحضورك!

ثم لمست بعصاها سندريلا، فأشعّ نور قويّ، وفجأة تحوّل ثوبها القديم إلى فستان رائع الجمال من الحرير الثمين، مطرّز بخيوط فضيّة دقيقة وخرزٍ نجمي لامع.

ولمست الجنيّة شعر سندريلا، فمُشّطَ تلقائيًا ووُضع عليه تاج ثمين مرصّع باللآلئ والألماس، وعلى رقبتها استقرّ عقدٌ من اللؤلؤ والمرجان.

وأمّا حذاؤها الممزّق، فتحوّل هو الآخر إلى حذاء من الزجاج الشفاف اللامع. 

– أنتِ مستعدّة الآن للحفل، ولم يتبقَ سوى إعداد العربة… هيا لننزل إلى الأسفل!

قلت الجنية، ثمّ نزلت إلى المطبخ في الطابق السفلي، فاختارت منه حبّة يقطين كبير، وحملتها إلى المدخل، ثمّ ضربتها بعصاها، فتحوّلت في الحال إلى مقصورة عربة رائعة الجمال، وبضربة أخرى، تحوّلت الفئران من أصدقاء سندريلا إلى جياد بيضاء أصيلة ذات عدّة ذهبية بديعة.

– أخيرًا، نحتاج إلى سائق عربة، وخادم لمساعدتك على الركوب والنزول!

ونظرت من حولها فرأت زوج العصافير من أصدقاء سندريلا، فلمست كلّا منهم بعصاها السحرية، وكما هو الحال مع الفئران، تحوّلا في الحال إلى رجلين ببزّة رسمية أنيقة.

ذُهلت سندريلا من كلّ ما رأت، وشعرت بالسعادة الغامرة. فراحت تدور حول نفسها بثوبها الساحر وهي تشكر الجنيّة الطيبة.

– شكرًا لك أيتها الجنية الرائعة، لا أنسى لك معروفك ما حييت!

ابتسمت الجنيّة بطيبة، ثمّ قالت:

– هيا يا عزيزتي، حان وقت الذهاب… لكن تذكّري، عليك العودة إلى المنزل قبل منتصف الليل، فعند الدقّة الثانية عشرة من منتصف الليل سيختفي أثر السحر وتعود ثيابك إلى حالتها الأولى وكذلك العربة وكلّ شيء آخر.

– فهمت لن أنسى ذلك، وسأغادر قبل حدوث ذلك.

ثمّ ركبت العربة، وودّعت الجنية وانطلقت نحو الحفل.

هناك في القلعة، كانت الفتيات يحاولن التقرّب من الأمير، والتعريف بنفسهن أمامه، لكن علامات الملل والضجر كانت بادية على محيّاه، فلم يرَ في أيّ منهن صفات الزوجة المناسبة، وفجأة رفع نظره نحو مدخل القاعة، فرأى سندريلا وهي تقف عند المدخل بثوبها الساحر وحليّها الفاخرة. 

وقف الأمير على الفور، واتجه نحوها، وتتبّع جميع الحضور خطواته نحو سندريلا.

– آنستي الجميلة، أهلاً بك في هذا الحفل الراقص، لا شكّ أنّك من النبلاء أو أميرة من أميرات الممالك المجاورة.

لم تعرف سندريلا ما تقول، فانحنت للأمير باحترام وشكرته على دعوتها لمثل هذا الحفل المميز، ومدّ الأمير يده إليها طالبًا منها مشاركته الرقصة التالية، فوافقت وابتسامة مشرقة ترتسم على محيّاها.

وانطلق العزف من جديد في الأرجاء، فرقصت سندريلا والأمير لوقت طويل، وأسرت جميع الحضور بجمالها وروعة حضورها.

وبعد الرقص، تمّ تقديم العشاء في الحفل، فرافق الأمير سندريلا، وتناول عشاءه معها، ثمّ خرج الإثنان إلى حديقة القصر، وراحا يتحدّثان ويتسامران، فأعجب كلّ منهما بشخصية الآخر ودماثة أخلاقه وطيبة قلبه، ولم تنتبه سندريلا لتأخر الوقت في حضرة الأمير، إلى أن سمعت فجأة الساعة تدقّ معلنة منتصف الليل.

ارتبكت سندريلا وتوتّرت، واعتذرت على عجل من الأمير:

– أرجو المعذرة يا مولاي، ولكن يجب أن أغادر الآن!

– مهلاً انتظري…لم أعرف اسمك حتى الآن…

لكنّ سندريلا لم تكن تملك من الوقت ما يكفي للإجابة عن سؤال الأمير، فحيّته، وركضت نحو الخارج، وأثناء نزولها الدرج باتجاه العربة سقطت منها فردة حذائها، إلاّ أنها لم تبالي وتركتها وراءها وركبت العربة وغادرت على عجل.

حار الأمير في أمرها، ولم يعرف ما أصابها ودفعها للرحيل على هذا النحو، ثمّ حمل فردة الحذاء الزجاجي الذي تركته، وعاد به إلى الحفل، الذي بدا له حينها مملاً لا معنى له.

في اليوم التالي، راح الأمير يسأل حاشيته عن صاحبة الحذاء، لكنّ أحدًا لم يعرف من تكون أو ما اسمها، ممّا زاد من حزنه على رحيلها. وأصدر أمرًا بالبحث عنها والعثور عليها، ولكن دون جدوى، فلم يعثر أحد على هذه الأميرة الغامضة.

أخيرًا أعلن الأمير أنّه سيتزوّج الفتاة التي تناسب قدمها الحذاء الزجاجي، وأمر خدمه بزيارة كلّ المنازل في المملكة وجعل الفتيات يجرّبن فردة الحذاء الزجاجي حتى يعثروا على عروسه.

جاب الحرّاس أنحاء المملكة، يطرقون أبواب المنازل، ويعرضون فردة الحذاء على الفتيات، وحاولت الكثير منهنّ ارتداءه لكنّه لم يناسب أيًّا منهن.

وبعد عدّة أيام، وصل حرّاء الملك إلى منزل سندريلا، فبادرت الأختان بقياس فردة الحذاء، لكنه كان صغيرًا جدًّا عليهما. وقال أحد الحراس بعدها:

– بحسب معلوماتي فهنالك فتاة أخرى تعيش في هذا المنزل.

قالت زوجة الأب:

– هذا صحيح، لكنّها مجرّد خادمة، ولا يمكن أن تكون تلك الأميرة الساحرة التي رأيناها في الحفل، فلا داعي لإضاعة وقتكم الثمين معها.

أجاب الحارس:

– إنّ الأوامر تنصّ على أن تجرّب كلّ فتاة في المملكة فردة الحذاء بغضّ النظر عمّن تكون، فأرجو منك استدعاءها الآن.

وعلى مضض، نادت زوجة الأب سندريلا من المطبخ، فجاءت وجلست على الأريكة، ووُضع الحذاء في قدمها، فانزلق بسهولة كأنه خُلق لها! دهش الجميع، وفجأة، أشرق نور سحري من حولها، ليعود فستانها الملكي ويتألّق تاجها من جديد، وسط شهقات الذهول من زوجة الأب وابنتيها.

– هذا مستحيل، سندريلا لم تذهب إلى ذلك الحفل، فمن أين لها بذلك الثوب الرائع وتلك الجواهر الثمين.

أخذها الخدم إلى القصر، حيث كان الأمير ينتظرها بفارغ الصبر. وعندما رآها، أشرق وجهه بالسعادة وقال: “أخيرًا وجدتكِ!” لم يكن بحاجة لسماع أيّ شيء آخر، فقد كان متأكدًا أنّها هي الفتاة التي يريدها. وبعد أيام قليلة، أُقيم حفل زفاف كبير، وتوّجت سندريلا أميرة، لتعيش مع الأمير بسعادة وهناء.

أما زوجة الأب وابنتاها، فتعلمّن درسًا قاسيًا، حيث أدركن أن الجمال الحقيقي ليس في الملابس الفاخرة، بل في القلب الطيب والروح النقية.

قصة ليلى والذئب

في قرية صغيرة وسط الغابة، عاشت فتاة طيبة القلب تُدعى ليلى. كانت ليلى مشهورة بمعطفها الأحمر الذي أعطتها إياه جدتها الحبيبة. في يوم من الأيام، طلبت والدة ليلى منها أن تزور جدتها المريضة لتطمئن عليها وتأخذ لها سلة مليئة بالطعام اللذيذ.

قالت لها والدتها قبل أن تخرج:
“كوني حذرة يا ليلى، وامشي في الطريق المستقيم ولا تتحدثي مع الغرباء.”

انطلقت ليلى عبر الغابة وهي تغني بفرح، حتى وصلت إلى مكان جميل مليء بالأزهار. قررت قطف بعض الأزهار لإسعاد جدتها. أثناء ذلك، ظهر أمامها ذئب كبير، ولكنه بدا لطيفًا وقال:
“مرحبًا يا صغيرة! إلى أين أنت ذاهبة؟”

ببراءة ردت ليلى:
“أنا ذاهبة إلى بيت جدتي لأطمئن عليها وأعطيها هذه السلة.”

فكر الذئب بمكر وقال لنفسه: “إنها فرصة للحصول على وجبة لذيذة!”
ثم قال بصوت ودود:
“لِمَ لا تقطفين المزيد من الأزهار الجميلة؟ ستفرح جدتك كثيرًا.”

أعجبت ليلى بالفكرة واستغرقت في قطف الأزهار، بينما ركض الذئب بسرعة نحو بيت الجدة. وعندما وصل، طرق الباب.
“من هناك؟” سألت الجدة بصوت ضعيف.
قال الذئب مقلدًا صوت ليلى:
“أنا ليلى يا جدتي. أحضرت لك الطعام!”

فتحت الجدة الباب، لكن الذئب قفز وأخافها حتى اختبأت داخل الخزانة. لبس ملابس الجدة واستلقى في السرير بانتظار ليلى.

عندما وصلت ليلى إلى البيت، لاحظت أن شكل جدتها مختلف قليلاً. فقالت:
“جدتي، لماذا أذناك كبيرتان؟”
أجاب الذئب بصوته الماكر: “لأسمعك جيدًا يا صغيرتي.”
“وجدتي، لماذا عيناك كبيرتان؟”
“لأراك جيدًا يا صغيرتي.”
“لكن، لماذا أسنانك حادة؟”
فجأة قفز الذئب قائلاً: “لأكلك!”

صرخت ليلى بكل قوتها، وسمع صيحتها حطّاب قوي كان يعمل قريبًا. هرع الحطاب إلى البيت، وضرب الذئب فهرب بعيدًا في الغابة، وأخرج الجدة من الخزانة.

شكرته ليلى وجدتها، وتعلمت ليلى درسًا مهمًا: يجب دائمًا الاستماع لنصائح الأهل والحذر من الغرباء.

5 قصص قصيرة ملهمة يجب أن يسمعها كل طفل

في عالم الطفولة الساحر، تحتل القصص مكانةً خاصَّة في قلوب الأطفال. ولا تُُعد هذه القصص مُجرَّد مصدر للترفيه قبل النوم فحسب، ولكنَّها أيضًا أداة قوية للتعلُّم والنمو نظرًا لما تحتويه من العبر والدروس المُفيدة، مما يجعلها بمثابة لَبِنات البناء الأساسيَّة لتشكيل طباع وشخصيّة الطفل. 

وفي عالمٍ تُهيمن فيه شاشات الأجهزة الذكيّة على الكثير من انتباه الأطفال، فإنّ البحث عن قصص الأطفال والحرص على روايتها عليهم بشكلٍ مُنتظم ونقل الحكمة الموجودة بين سطورها إلى عقولهم يُعد أمرًا بالغ الأهميّة. 

في هذا المقال، سوف نستكشف مجموعة مختارة من القصص القصيرة التي تم اختيارها بعناية لتتناسب مع مُختلف الأعمار، والتي لا تُعد مسلَّية فحسب، بل مُشبَّعة أيضًا بالعديد من الدروس القيّمة في الحياة. لذا، إذا كُنت تبحث عن قصص قصيرة للأطفال، فإنّ هذا المقال من أجلك!

أجمل قصص الأطفال لترويها لطفلك

1. السلطعونات في الدلو

في إحدى القرى الساحليّة الجميلة، كان هناك بائعان مَرِحان يبيعان السلطعونات في السوق. كان الأوّل يبيع السلطعونات المعروفة بانضباطها ونظامها، بينما يبيع الآخر السلطعونات المعروفة بطبيعتها العشوائيّة والفوضويّة. كان الناس يُحبون كلا البائعين بسبب الحيويَّة التي جلباها إلى السوق ونضارة صيدهم التي لا مثيل لها.

وفي صباحٍ مُشرق، وصلت إلى القرية مُسافرة تُحب الاستكشاف تُدعى آنا. لقد سمعت الكثير من الحكايات عن أسواق السلطعون الشهيرة وكانت حريصة على مُشاهدتها بنفسها. وبينما كانت تتجوَّل بين الأكشاك المُلوَّنة في السوق، انجذبت نظرتها إلى سلطعونات البائع الأول، والتي كانت محفوظة في دلو مُغطَّى بغطاءٍ من الأعلى. مفتونةً بهذا المنظر، اقتربت من البائع.

“صباح الخير! لا يسعني إلا أن ألاحظ الغطاء الموجود على دلو السلطعون الخاص بك. هل هناك سبب مُعيَّن لذلك؟”

استقبلها البائع بابتسامة دافئة وأوضح لها: “آه، نعم! الغطاء ضروري بالفعل. هذه السرطانات منضبطة تمامًا وتميل إلى العمل معًا. وبدون ذلك، فإنَّهم سيُساعدون بعضهم البعض ويهربون معًا. إنَّهم أذكياء نوعًا ما!”

انبهرت آنا بما سمعت وأعربت عن امتنانها ثم واصلت رحلتها. وسرعان ما صادفت الكشك الثاني، حيث لفت انتباهها دلو مفتوح به الكثير من السلطعونات، وقد لاحظت أنَّ أحد السلطعونات قد وصل إلى الحافَّة تقريبًا، لكن رفاقه قاموا بسحبه للدلو مرةً أخرى!

بدافع الفضول، سألت آنا صاحب الكشك: “لماذا لا تهرب هذه السلطعونات من الدلو؟ ليس هناك غطاء على دلوهم يمنعهم من الخروج!”

أجاب صاحب الكشك بضحكةٍ خافتة: “آه، إنَّ الأمر مُختلف مع هذه السلطعونات. في هذا الدلو، عندما يحاول أحدهم الهروب، يقوم الآخرون بسحبه إلى الأسفل. لقد فشلت هذه السلطعونات في رؤية أنَّه من خلال العمل معًا، يُمكنهم جميعًا الهروب. ولكنَّهم على العكس من ذلك، يُفضِّلون عدم تمكُّن أحدهم من المغادرة”.

أمضت آنا بقية اليوم في التفكير في سلوكيات السلطعونات المتناقضة. في ذلك المساء، بينما كانت تجلس بجانب البحر وأفكارها تتأرجح وتتدفق مثل الأمواج، أدركت أنَّ قصة السلطعونات كانت أكثر من مُجرَّد قصة هروب، إنّها تعكس طبيعة الحياة نفسها!

المغزى من القصّة

تُشير هذه القصّة إلى أهميّة العمل الجماعي من أجل الوصول إلى الأهداف المُشتركة، كما تلفت النظر إلى الطبيعة المُدمِّرة للحسد وكيف يُمكن أن يعيق التقدم الفردي والجماعي معًا.

يُمكن اعتبار سلوك السلطعونات في سحب بعضها البعض للأسفل بمثابة مظهر من مظاهر الحسد، مما أدى في النهاية إلى مواجهتهم جميعًا نفس المصير المُتمثّل في حبسهم معًا في الدلو. إنَّ هذه القصّة بمثابة تذكير بالتأثير السلبي للغيرة وأهميَّة دعم بعضنا البعض من أجل تحقيق النجاح معًا!

2. كفاح الفراشة

في حديقةٍ خضراء جميلة مليئة بالزهور المُلوَّنة والحشرات الطنَّانة، كانت هناك شرنقة صغيرة تتدلَّى من غصن. داخل الشرنقة، كانت هناك فراشة تحاول الخروج جاهدةً لتبدأ حياتها الجديدة. كانت الحديقة لرجلٍ لطيف يُدعى السيد جرين، والذي كان يُحب الاعتناء بحديقته، التي يعتبرها ملاذه الآمن والمكان الذي يُحب أن يجد فيه السلام النفسي والسعادة. 

وفي صباح أحد الأيام المُشمسة، بينما كان السيد جرين يسقي الورود في الحديقة، لاحظ وجود الشرنقة، وقد لمعت عيناه بالفضول والقلق وهو يشاهد الشرنقة تتمايل قليلاً وتهتز أثناء محاولة الفراشة جاهدةً الخروج.

“أوه، أنت تواجهين وقتًا عصيبًا للغاية!” همس في الشرنقة، وهو يشعر بالتعاطف مع الفراشة. وتخيَّل كم سيكون رائعًا أن يرى الفراشة تتخلّص من معاناتها وتخرج سريعًا لتملأ الحديقة بألوانها الجميلة النابضة بالحياة.

كان قلب السيد جرين يتألَّم لأجل هذه الفراشة المُكافحة، وقرّر أن يُساعدها. وعلى الفور ذهب لإحضار مقص من حقيبة أدواته، وبأقصى قدرٍ من العناية قام بقص الشرنقة لعمل فتحة تستطيع الفراشة الخروج من خلالها. وبالفعل، انفتحت الشرنقة وخرجت الفراشة وانتفخ جسدها وتكوَّمت أجنحتها.

ابتسم السيد جرين من هذا المنظر الرائع، مُتوقعًا أن تفرد الفراشة جناحيها وتطير في الهواء في أي لحظة. لكنّ الفراشة لم تُحرّك أجنحتها مُطلقًا!

“لماذا لا تطير؟” سأل السيد جرين نفسه بهدوء، وتحوَّلت ابتسامته إلى ارتباك.

وفي تلك اللحظة أدرك الحقيقة! لقد كانت الفراشة تحتاج إلى الكفاح للخروج من الشرنقة من أجل دفع السوائل من جسمها إلى أجنحتها، حتى تتمكّن من الطيران. ومن خلال قطع الشرنقة وتسهيل خروجها، أعاق السيد جرين هذه العمليّة الطبيعيّة دون قصد.

وضع السيد جرين الفراشة بلطفٍ على زهرة ناعمة ومتفتحة، ثم جلس يراقبها وقد أصبحت الآن غير قادرة على الطيران. وفي خلال الأيّام والأسابيع التالية، كان السيد جرين يراقب بصبر الشرانق الأخرى أثناء خروج الفراشات منها. كلٌ منها يكافح، وكلٌ منها ينجح!

تنهَّد، وقد بزغ عليه شعور عميق بالفهم. “اعتقدتُ أنني كنت أساعدك، لكنني أرى الآن أنَّ كفاحك كان ضروريًا. لقد كانت طريقتك لتصبحي أقوى.”

المغزى من القصّة

تُعد هذه القصّة من أجمل قصص الأطفال التي تُوضّح أهميّة بذل الجهد والكفاح في الحياة. تُعلّم هذه القصّة الأطفال أنّ الصعوبات التي نواجهها في الحياة ليست مُجرَّد عقبات، ولكنَّها جزء أساسي من نمونا وتطورنا. إنَّها طريقة الطبيعة لتجعلنا أقوى، وتُجهِّزنا للتحليق بكل ما أوتينا من قوّة!

3. الحطَّاب الأمين

على حافَّة غابة كثيفة وساحرة، كان يعيش حطّاب يُدعى هنري. لقد كان رجلاً مُجتهدًا وأمينًا يكدح كل يوم من أجل إعالة أسرته التي يُحبها. كان منزل هنري عبارة عن كوخ صغير، ولكنّه مليئ بالسعادة والضحك والدفء، وذلك بفضل زوجته وطفلَيه. في كل صباح، كان هنري يُودّع عائلته ويتوجه إلى الغابة بفأسه القديم، ليقطع الأخشاب ويبيعها في سوق القرية.

وفي أحد الأيام المُشرقة، بينما كان يقطع الأخشاب بجانب بحيرة عميقة صافية، انزلقت يدا هنري، وتطاير فأسه الوحيد من قبضته، وسقط في الماء. في ذهول، جلس هنري على حافَّة البحيرة، وقلبه مثقلٌ بالقلق. كيف يُمكنه أن يكسب لقمة العيش ويعيل أسرته بدون فأسه؟

وبينما كان يجلس هناك محتارًا لا يدري ماذا يصنع، ظهر تموُّج لطيف عبر سطح البحيرة. ومن المياه المتلألئة ظهر كائن سحري، وهو حوريَّة البحيرة اللطيفة. كان حضورها يشع باللطف والبهجة، وتراقصت أشعة الشمس على القطرات الملتصقة بشعرها وثوبها.

“لماذا تبكي أيها الحطَّاب اللطيف؟” “سألت الحورية بصوتٍ رخيم.

نظر هنري إليها وأجاب بصوتٍ مليء بالحزن: “لقد فقدت فأسي في بحيرتك، وكانت هذه هي الوسيلة الوحيدة التي كانت لدي لإعالة عائلتي”.

ابتسمت الحورية بلطف وغطست في البحيرة. وبعد لحظات قليلة، ظهرت وهي تحمل فأسًا ذهبيًا رائعًا، نصله يلمع في ضوء الشمس، وسألت “هل هذا هو فأسك؟”

هزَّ هنري رأسه. “لا، هذا ليس فأسي.”

أُعجبت الحوريَّة بصدقه، فغطست مرةً أخرى، وعادت هذه المرة بفأس فضي جميل يلمع مثل ضوء القمر. “وهذا، هل هو لك؟” 

مرةً أخرى، أجاب هنري بصراحة: “لا، هذا ليس ملكي أيضًا. كان فأسي بسيطًا بمقبض خشبي”

للمرة الثالثة، غاصت الحورية في البحيرة، محدثةً تموجات تتلألأ في الشمس، وأحضرت فأسًا حديديًا قديمًا، اهترئ من كثرة سنوات الاستخدام. وسألت: “ماذا عن هذا الفأس؟”

بابتسامة ارتياح وفرح، صاح هنري: «نعم! هذا هو فأسي، شكرًا لك!”

لقد تأثَّرت حورية الماء بصدق هنري لدرجة أنها قررت مكافأته. قالت بابتسامةٍ لطيفة: “صدقك يستحق المكافأة”. ولم تسلّمه فأسه فحسب، بل أعطته أيضًا الفأسَيْن: الذهبي والفضي.

شكر هنري الحورية كثيرًا وعاد إلى المنزل وقلبه مليئ بالفرح وذراعاه مثقلتان بالفؤوس الثمينة. ولكن الأهم من ذلك أنَّه استمر في عيش حياته بنفس الصدق والنزاهة اللذين كانا السبب في حصوله على هذه المكافأة!

المغزى من القصّة

إذا كُنت تبحث عن قصص للأطفال لتعليمهم فضيلة الصدق، فإنّ هذه القصّة هي خيارك المثالي. على الرغم من كون الحطّاب في موقف صعب، اختار أن يقول الحقيقة بدلاً من المُطالبة بالفؤوس القيِّمة التي لم تكن له. نتيجةً لذلك، تمَّت مكافأة نزاهته ليس فقط بإعادة فأسه ولكن أيضًا بهدايا تجاوزت بكثير قيمة الفأس الأصلي الذي فقده.

حتى عندما يبدو أنَّ الصدق قد يؤدي إلى خسارة أو ضرر، فإنّ الحفاظ على الأمانة والنزاهة يُمكن أن يؤدي إلى نتائج أفضل بكثير مما كُنّا نتوقّع.

4. الضفادع المُتسلِّقة

ذات مرة في غابةٍ خضراء جميلة، كانت هناك مجموعة من الضفادع تنظر بدهشة إلى مبنى شاهق، وقرَّرت أن تضع لنفسها تحديًا: الصعود إلى قمَّة هذا المبنى المخيف. انتشرت أخبار التحدي بسرعة، وسرعان ما تجمَّعت الحيوانات من جميع أنحاء الغابة لمُشاهدة الضفادع. بدأ السباق بحماس، حيث بدأت الضفادع بالتسلُّق وسط هتافات وإثارة الجمهور.

ومع ذلك، مع ارتفاع البرج نحو السماء، أصبح التسلُّق أكثر صعوبة. بدأ حشد الحيوانات – الذي كان داعمًا في البداية – في الشك في قدرة الضفادع على الوصول إلى القمة. “إنَّه مرتفعٌ جدا! لن تنجحوا أبدًا. هذا مستحيل!”

عند سماع هذه الكلمات المُحبطة، بدأت الضفادع تفقد شجاعتها واحدًا تلو الآخر. وبسبب الشك والإرهاق، بدأوا في الانسحاب من السباق، وتخلوا عن هدفهم في الوصول إلى القمة. جميعهم باستثناء واحد! 

واصل هذا الضفدع الصغير المُتبقي التسلُّق، دون أن تُعيقه الأجواء السلبيَّة المُتصاعدة من الأسفل. كان يتسلَّق أعلى وأعلى، رافضًا الاستسلام. تساءلت الحيوانات الواقفة بالأسفل: “لماذا يستمر؟ ألا يستطيع سماعنا؟”

وأخيرًا، ورغم كل الصعاب، وصل الضفدع الصغير إلى القمَّة، واندلع الحشد في دهشةٍ وإعجاب. ثم تبيَّن بعد ذلك أنَّ هذا الضفدع كان أصمًا، ولم يكن يسمع الكلمات المُثبِّطة التي كانوا يقولونها. في الواقع، لقد كان يعتقد أن الجمهور يهتف له، مما زاد من تصميمه على النجاح. وكانت النتيجة أنّه نجح بالفعل ووصل إلى قمّة المبنى الشاهق.

المغزى من القصّة

تُعد هذه القصّة واحدة من بين أفضل قصص الأطفال التي تُعلّم الثقة بالنفس والإصرار على الهدف حتى عندما يشكك الآخرون. في بعض الأحيان، قد يكون تجاهل الأذن للسلبيَّة والتثبيط هو المفتاح لتحقيق أحلامك!

5. حبال الفيلة

ذات مرَّة في قريةٍ صغيرة، كان هناك مُخيَّم للأفيال، يضم عددًا كبيرًا من الأفيال الضخمة المهيبة. زار صبيٌ صغير فضولي هذا المُخيَّم وقد لاحظ شيئًا غريبًا للغاية، وهو أنَّ كل فيل مربوط بحبلٍ صغير إلى وتد في الأرض.

اقترب الطفل في حيرةٍ من مُدرب الفيلة وسأل وهو يشير إلى الحبال: “عفوا يا سيدي، لماذا هذه الأفيال العملاقة مربوطة بهذه الحبال الصغيرة فقط؟ ألا يُمكنهم قطعها بسهولة وتحرير أنفسهم؟”.

ابتسم المدرب بلطفٍ للصبي الصغير وقال: “كما ترى، عندما كانت هذه الأفيال مُجرَّد أطفال صغار، استخدمنا نفس هذه الحبال لربطهم. في ذلك الوقت، كانت قويَّة بما يكفي لاحتجازهم ومنعهم من الهروب. لقد حاولوا التحرُّر، لكنَّهم لم يستطيعوا. وفي النهاية، قرروا التوقُّف عن المحاولة.

“لكنهم الآن ضخام جدًا وأقوياء! ألا يُمكنهم قطع الحبل أو كسر الوتد الآن؟” تساءل الصبي بصوتٍ تملأه الدهشة.

“نعم، يُمكنهم ذلك بالطبع”، أومأ المدرب برأسه. “ولكن لأنَّهم يعتقدون أنهم لا يستطيعون ذلك، فإنَّهم لا يحاولون حتى.”

نظر الصبي الصغير إلى الأفيال وهو يُفكِّر بعمق، وقال بصوتٍ عال: “هم يعتقدون بأنَّهم لا يستطيعون قطع الحبل لمُجرَّد أنهم لم يتمكنوا من ذلك عندما كانوا صغارًا!”

“بالضبط،” أجاب المدرب. “إنَّهم يحملون هذا الاعتقاد من ماضيهم بأنَّهم لا يستطيعون التحرُّر، لذلك لا يحاولون كسر الأوتاد.”

اتَّسعت عيون الصبي وقال: “يبدو الأمر كما حدث معي عندما أعتقدتُ أنني لا أستطيع تسلُّق شجرة المانجو الكبيرة لأنني سقطت مرة واحدة. ولكن بعد ذلك حاولت مرة أخرى الأسبوع الماضي، ونجحت في ذلك!

ضحك المدرب. “نعم تماما مثل ذلك. في بعض الأحيان، يُمكننا أن نفعل أكثر مما نعتقد. علينا فقط أن نؤمن بأنفسنا وألَّا ندع إخفاقات الماضي توقفنا.

ابتسم الصبي الصغير وهو ينظر إلى الأفيال بعيونٍ لامعة. “شكرا لك سيدي! سأخبر أصدقائي أنَّه لا ينبغي عليهم الاستسلام، وبالطبع لن أستسلم أنا أيضًا مهما يكن!

وبقلب مليء بالحكمة الجديدة المُكتسبة، ركض الطفل ليشارك قصة الفيلة والحبل مع أصدقائه، مذكرًا الجميع بأنه لا ينبغي عليهم أبدًا أن يدعوا إخفاقات الماضي تُحدد مستقبلهم!

المغزى من القصّة

تُعلِّمنا هذه القصَّة أنَّ القيود غالبًا ما تكون نفسية ومفروضة ذاتيًا. تمامًا مثل الأفيال التي تعتقد أنها لا تستطيع التحرر من الحبل بسبب تجاربها السابقة. ولذلك، قد يتمسَّك الناس بمعتقدات خاطئة عن أنفسهم بناءً على إخفاقاتهم السابقة. 

وبالتالي، فإنّ الانتصار الحقيقي يبدأ حين نؤمن بأنفسنا ونتخلّص من أي صورة سلبيّة محفورة في عقولنا عن ذواتنا.

ومع وصولنا إلى نهاية استكشافنا لعالم قصص الأطفال التي تحتوي على مجموعة من أجمل الدروس والعبر، نرى كيف أنّ لهذه القصص دور حيوي في تشكيل شخصيّة الطفل. فمن خلال تعلُّقهم بشخصيّاتها وتأثُّرهم بها، تُوفّر قصص الأطفال الأساس الذي يُمكنهم من خلاله بناء فهم قوي لمبدأ الصواب والخطأ. 

وفي عصرٍ تتواجد فيه عوامل التشتيت الرقميَّة بشكل دائم، يُمكن لبساطة وعمق معاني قصص الأطفال التي يتم سردها جيدًا أن تستحوذ على خيال الطفل بطريقةٍ رائعة. وبالتالي، تقع على عاتق الآباء مسؤوليّة رواية هذه القصص الرائعة لأطفالهم قبل النوم. 

وتذكّر دومًا أنّ القصص التي نشاركها مع الأطفال اليوم ستشكل البالغين الذين سيأتون غدًا! وأخيرًا، لا تنسَ الاشتراك في موقعنا ليصلك المزيد من المحتوى الرائع والمُفيد عن كل ما يخص تربية الأطفال!

المصدر: dreamlittlestar

من أجمل القصص القصيرة قبل النوم للأطفال

مع حلول الليل وانتشار الهدوء في جميع أرجاء المنزل، يأتي وقت النوم الذي يُعد وقتًا سحريًا للأطفال والآباء على حدٍ سواء، حيث تتلاشى ضغوط اليوم ويدعو دفء السرير الأطفال الصغار إلى عالمٍ من الخيال. إنَّه وقت البطانيَّات المريحة، والاحتضان الدافئ، وبالطبع وقت رواية قصص قبل النوم للاطفال.

ولكن بعيدًا عن المُغامرات الغريبة والشخصيَّات الساحرة، تحمل حكايات قبل النوم للأطفال أهميَّة أكبر بكثير. إنَّها أداة قويَّة لنقل أهم دروس الحياة إليهم، مُغلفّةً بالمظهر الساحر للحكاية الخياليَّة المُشوّقة.

نُقدّم لك في هذا المقال أكثر من قصة للاطفال قبل النوم والتي ستُساعدك على خلق لحظات من التواصُل مع طفلك، مما يضمن لك أنَّ كل ليلة لن تكون فقط نهاية لليوم، ولكن أيضًا نقطة انطلاق نحو مستقبل أكثر حكمةً لأطفالك الصغار.

أجمل قصص قصيرة للاطفال

وفيما يلي 4 قصص قصيرة للاطفال يُمكنك الاعتماد عليها لتسلية طفلك مع غرز قيمة إنسانيّة رائعة فيه بعد كل قصّة:

1. الفيل وشبكة العنكبوت

في قلب الغابة الخضراء – حيث الزهور الجميلة ذات العبير الرائع وأوراق الشجر التي تُصدر حفيفًا مع النسيم اللطيف – كان يعيش فيل لطيف يُدعى إيلي.

كان إيلي أكبر حيوان في الغابة، ولديه أذنان كبيرتان وخرطوم طويل وكان يُساعد الجميع، مما جعله شخصيَّة محبوبة بين الحيوانات في الغابة. ولكن على الرغم من حجمه، كان لدى إيلي خوفًا سريًا لا يعلمه أحدٌ غيره … لقد كان يرتعب من العناكب!

وفي صباح أحد الأيَّام المُشمسة، بينما كان إيلي يتَّجه نحو بحيرة المياه، وصل الصوت الناعم اليائس لصديقه تيمي السلحفاة إلى أذنيه. “إيلي، هل يُمكنك مساعدتي، من فضلك؟ أنا عالق في شجيرة شائكة، ولا أستطيع الخروج،” توسَّل تيمي.

بدون تردد، استخدم إيلي خرطومه القوي لسحب تيمي بلطف. “شكرًا لك إيلي! أنت شجاع جدًا!” قال تيمي وقد اتَّسعت عيناه بالامتنان. وفي وقتٍ لاحق من ذلك اليوم، بينما كان إيلي يتذوَّق بعض أوراق الأشجار اللذيذة، اخترقت الهواء صرخة صغيرة. لقد كانت صوفي السنجاب – جالسةً على فرع الشجرة – وعيناها واسعتان من القلق.

“إيلي، أنا بحاجة لمساعدتك! أخي الصغير محاصر في شبكة عنكبوت!” صرخت صوفي وهي تشير إلى شجيرة قريبة.

وما إن سمع إيلي كلمة “شبكة العنكبوت” حتى تسارع قلبه ونبضه وسيطر عليه الخوف. لم يكن يريد الاقتراب من شبكة العنكبوت، لكنَّه لم يستطع ترك شقيق صوفي في ورطةٍ بمفرده. وبنفسٍ عميق، استجمع إيلي كل شجاعته ومشى ببطء إلى الأدغال. وهناك رأى عنكبوتًا صغيرًا يغزل شبكته بعناية حول السنجاب الصغير.

“عفوا يا سيد عنكبوت، هل يُمكنك أن تترك السنجاب الصغير يذهب؟” ارتعد صوت إيلي قليلاً عندما تحدَّث.

توقَّف العنكبوت عن غزل شبكته ونظر بأعينه الثماني الصغيرة المتلألئة بالدهشة إلى إيلي وقال بصوت ناعم كخيوط الحرير: “يا عزيزي، لم أكن ألاحظ ذلك! أنا آسف جدًا على هذا الذعر الذي سببته!”

وبنقرةٍ من ساقيه، أطلق العنكبوت سراح السنجاب الصغير الذي رفعه إيلي بلطف وأعاده إلى صوفي، التي لفّت ذراعيها الصغيرتين حول ساق إيلي في عناقٍ مُمتن. “شكرًا لك إيلي! لقد واجهت مخاوفك وأنقذت أخي!” صرخت صوفي وقد لمعت عيناها بالإعجاب والامتنان.

في هذه اللحظة، أدرك إيلي أنَّه على الرغم من خوفه، إلا أنَّه لا يزال بإمكانه التحلي بالشجاعة ومساعدة أصدقائه. منذ ذلك اليوم فصاعدًا، لم يعد إيلي خائفًا من العناكب، حتى أنَّه أصبح صديقًا للسيد عنكبوت الذي علَّمه كل شيء عن الأشياء الرائعة التي تفعلها العناكب في الغابة.

لقد تعلَّم إيلي أنَّ الشجاعة لا تعني  انعدام الخوف، بل تعني القيام بالأمر الصائب ومساعدة الآخرين حتى عندما تكون خائفًا. وهكذا، استمر الفيل إيلي – أشجع حيوان في الغابة – في مساعدة الجميع أينما ذهب!

اقرأ أيضًا: قصص حيوانات مسلية للأطفال

2. قصة الأم فروست

في قريةٍ صغيرة وجميلة تقع بين التلال الخضراء والأنهار الصافية، كان هناك شقيقتان تعيشان مع والدتهما. كانت الأخت الكبرى – التي تُدعى آنا – لطيفة ومُجتهدة بقدر ما كانت جميلة، وكان شعرها ذهبيًا كالشمس. أما الأخت الصغرى – إلسي – فكانت على العكس تمامًا، مُدلَّلة وكسولة، لكنَّها كانت المُفضَّلة لدى والدتها.

كل يوم، كانت آنا تعمل بلا كلل في غزل الصوف بجوار البئر، بينما كانت إلسي تُضيِّع وقتها. وفي أحد الأيام المشؤومة، بينما كانت آنا جالسة بجوار البئر تقوم بغزل الثياب، انزلق مغزلها من أصابعها وسقط في البئر. خوفًا من غضب والدتها، انحنت آنا على الحافَّة لاستعادة المغزل لكنَّها فقدت توازنها وسقطت في البئر.

وبدلاً من أن تجد الظلام المخيف، هبطت آنا في مكانٍ رائع يملؤه ضوء الشمس وتنتشر فيه الزهور من كل لون. وبينما كانت تتجوَّل في المكان، وجدت فرنًا رائعًا مليئًا بالخبز. فقال الخبز: “أخرجينا! أخرجينا! لقد خُبزنا بما فيه الكفاية وسوف نحترق قريبًا! بقلبٍ دافئ مثل الموقد، ارتدت آنا قفازات الفرن الموجودة بالقرب منها وأخرجت الخبز بعناية.

تنهّدت أرغفة الخبز بارتياح وقالت لآنا “شكرًا لكِ أيتها الفتاة الطيبة، لن ننسى لطفك.”

وبعد ذلك، التقت آنا بشجرة تفاح كبيرة تئن تحت ثقل ثمارها. توسّلت الثمار لآنا “هزّينا! هزّينا! لقد نضجنا جميعًا!” وعلى الفور قامت آنا بجمع التفاح في مئزرها، ولم تترك أي ثمرةٍ على الشجرة. “كما اعتنيت بي، سيتم الاعتناء بك أيضًا”، همست الشجرة بحفيف أغصانها الهادئ كما لو كانت ممتنة.

أخيرًا، وصلت آنا إلى كوخٍ صغير غريب، لا يعيش فيه سوى امرأة عجوز تُدعى الأم فروست. استقبلتها المرأة العجوز، بشعرها الأبيض كالثلج وعينيها المتلألئة مثل النجوم، وقالت لها: “إذا خدمتني جيدًا وحافظت على نظام منزلي، فستكون لك ثروة كبيرة. لكن حذار، يجب أن تهزّي سريري بقوة، لأنَّه يجلب الثلج على العالم.

“أفهم ذلك، وسأبذل قصارى جهدي لخدمتك بشكلٍ جيد”، وعدت آنا العجوز بصوتها الثابت والصادق. وبالفعل، وافقت آنا وخدمت الأم فروست العجوز بتفانٍ، ولم تُقصّر أبدًا في مهامها. 

نتيجةً لذلك، أوفت العجوز بوعدها مع آنا وقررت منحها مكافأة لا مثيل لها. وفي صباح أحد الأيام، بينما كانت آنا تهز السرير المصنوع من الريش، سقط عليها وابل من العملات الذهبيَّة التي التصقت بملابسها وملأت جيوبها. “لقد خدمتني جيدًا، والآن حان الوقت لتعودي إلى عالمك”، قالت الأم فروست العجوز، وهي تفتح لآنا بوابة العودة إلى منزلها.

عندما دخلت آنا، استقبلتها ليس فقط المناظر المألوفة لقريتها، ولكن أيضًا وابل من العملات الذهبية التي تبعتها، والتي حدَّدت طريقها إلى البيت. اندهشت والدتها وشقيقتها عندما روت آنا رحلتها المذهلة.

“هل هذا حقًا مكافأة لخدمتك؟” سألت والدتها وقد اتسعت عيناها بدهشة. أجابت آنا، وابتسامتها مشرقة مثل الكنوز التي أحضرتها إلى المنزل: “نعم، لأن اللطف والعمل الجاد لهما قيمة أكبر من أي شيء آخر”.

عندئذٍ، قرَّرت إلسي الكسولة التي أعماها الجشع أن تبحث عن الأم فروست العجوز لتحصل هي أيضًا على بعض العملات الذهبيّة. وعلى عكس آنا، اتسمت رحلة إلسي بالأنانيَّة، حيث تجاهلت توسلات الخبز والتفاح، وخدمت الأم فروست العجوز بشكل سيئ، وأهملت مهامها وواجباتها.

كعقاب لها، عندما هزت إلسي السرير المصنوع من الريش، انسكب عليها – بدلًا من الذهب – شلال من القطران الأسود الداكن، ملتصقًا بجلدها وملابسها عقابًا لها على كسلها وجشعها. “لم تتعلمي شيئًا من اللطف أو الاجتهاد لدى أختك؟!” تردَّد صوت الأم العجوز فروست حول إلسي وهي واقفة، مبللة بالقطران ومذعورة. ثم فتحت العجوز لإلسي بابًا للعودة إلى منزلها، فعادت وهى غارقة في القطران.

وهكذا، تعلمنا حكاية الأم فروست العجوز أنَّ اللطف والاجتهاد والقلب الدافئ يؤدون جميعًا إلى أفضل النهايات، على عكس الجشع والكسل اللذين يكون وبالهما سيئًا على صاحبهما!

تصفّح أجمل قصص الأميرات للبنات على حدّوتة.

3. مزمار هاملين

في إحدى القرى الجذّابة ذات الأراضي الخصبة والأنهار والتي تُعرف باسم “هاملين”، حلَّ مأزق غير عادي بالسُكّان، وهو وباء الفئران. لم تكن هذه القوارض عاديَّة، لقد نزلت بأعدادٍ كبيرة، وأفسدت المؤن والمحاصيل وتسبَّبت في خرابٍ كبير للقرية.

وسط اليأس المُتزايد لسكان القرية، وصل شخص غريب يرتدي معطفًا مُتعدِّد الألوان يلمع في ضوء الشمس. ذهب هذا الشخص إلى عمدة القرية وعرض عليه حلاً لمأزق القوارض، حيث قال: “أنا معروف باسم صاحب المزمار، وسأطهِّر مدينتك من هذا الوباء مُقابل ألف قطعة ذهبيَّة”.

بدافعٍ من اليأس، وافق العمدة على عجلٍ وأبرم الاتفاق. مع وجود المزمار في يده، عزف صاحب المزمار لحنًا ساحرًا لدرجة أنَّ الفئران خرجت من مخابئها لتتبعه، وشكلت موكبًا خلفه خارج قرية هاملين حيث انتشروا في الغابة الواسعة خارج القرية ول يعودوا مرةً أخرى.

وكان ارتياح سُكَّان القرية من هذا الوباء واضحًا، حيث ارتسمت السعادة على وجوههم جميعًا بعد أن تحرَّرت قريتهم أخيرًا من هذه الآفة. ومع ذلك، عندما طلب صاحب المزمار مستحقاته، رفض العمدة الوفاء بوعده حيث قال “ألف قطعة ذهبية مقابل مُجرَّد نغمة؟ هذا سخيف! أعتقد أنّ خمسين عملة ستفي بالغرض”

لم يقبل صاحب المزمار هذا المبلغ من العمدة، وبدا على وجهه ملامح الغضب حيث حذّر العمدة قائلًا: “الوعد الذي قطعته هو وعد يجب الوفاء به وإلا ستكون العواقب وخيمة”. لكنَّ تحذيره قوبل بالسخرية والضحك من العمدة!

في فجر اليوم التالي، استيقظ أهل القرية على نغمةٍ مُختلفة. ليس للفئران هذه المرّة، بل كان لحنًا استدعى عددًا ضخمًا من الثعابين الخاطفة وأسراب الجراد على القرية. تسبَّبت هذه الآفات الجديدة في فوضى أسوأ بكثير من التي سببتها الفئران، مما جلب الخوف والذعر مرةً أخرى إلى القرية التي لم تلبث أن تنعم بالسلام.

صرخ العمدة مذعورًا: “أزل هذه الحيوانات يا صاحب المزمار! أيًا كان الثمن الذي تطلبه، فسوف ندفعه!” لكنَّ الصمت كان رده الوحيد. لقد اختفى صاحب الزمار، واختفى معه أي أمل في الإغاثة.

مضت أيّام وأسابيع وقرية هاملين تكافح لمقاومة هذه القطعان من الثعابين والجراد الضار. وفي خضم معاناتهم، عاد صاحب المزمار إلى القرية، حيث قال بصوتٍ هادئ ولكنَّه مليء بالنديّة والشماتة: “أرى أنَّكم قد تعلمتم الدرس جيدًا. الوعد الذي قطعه عمدتكم هو وعد يجب الوفاء به.”

وعلى الفور، تقدَّم العمدة إلى الأمام متواضعًا ونادمًا، حيث قال “يا صاحب المزمار، نحن نتوسَّل إليك، ساعدنا مرة أخرى. سوف ندفع المبلغ المتفق عليه وأكثر إذا كنت ترغب في ذلك. أومأ صاحب المزمار برأسه وقبل الاعتذار قائلًا “المبلغ الأصلي سيكون كافيا، ولكن تذكَّر أن الثقة والصدق لا يُقدّران بثمن.” وبعد أن أخذ صاحب المزمار المبلغ المُتفق عليه، عزف على المزمار لحنًا ساحرًا آخر جذب جميع الثعابين والجراد حيث تبعوه خارج قرية هاملين إلى أعماق الغابة، وكما الحال مع الفئران لم يعودوا أبدًا.

وبذلك، غادر المزمار مدينة هاملين، تاركًا وراءه بلدة تعلمت القيمة الحقيقيَّة للوفاء بالكلمة. عقابًا على كذبه وخيانته للعهد، استقال عمدة القرية، وأقام سكان القرية نصبًا تذكاريًا لصاحب المزمار على ضفاف النهر لتذكير الأجيال القادمة بأهمية الثقة والنزاهة.

اقرأ المزيد من قصص المغامرات الممتعة للأطفال.

4. جيلي الزرافة والطريق إلى قبول الذات

في منطقة حشائش السافانا المُشمسة في سيرينجيتي، عاشت زرافة صغيرة تُدعى جيلي. على عكس الزرافات الأخرى التي كان فراءها مزيجًا لطيفًا من اللون البني والأصفر أو البني المحمر، كان لدى جيلي مزيجًا مُذهلاً من اللون الأصفر الذهبي واللون الباروني الداكن الذي يلمع تحت أشعة الشمس. علاوةً على ذلك، كانت رقبتها أطول بكثير من رقاب جميع الزرافات البالغة في قطيعها.

غالبًا ما كانت جيلي تشعر وكأنَّها شجرة نخيل بين الشجيرات، تعلو فوق أصدقائها الصغار والكبار على حدٍ سواء. وكان أصدقاؤها كُلَّما لعبوا لعبة الغميضة يعثرون على مكان جيلي من بعيد بكل سهولة، حيث كان رأسها يطل من فوق أشجار السنط. هذا الارتفاع جعلها تشعر بالخجل، وكانت تتمنى في كثير من الأحيان أن تتقلص قليلاً لتندمج مع زملائها في اللعب.

بعد ظهر أحد الأيام الدافئة، وبينما كانت الشمس ترسم الأفق بظلال من اللونين البرتقالي والوردي، ضاع صغير حمار وحشي بالقرب من النهر. كان القطيع قلقًا، وانضمت كل الحيوانات للبحث عن صغير الحمار الوحشي المفقود. نظروا خلف الشجيرات، وحول فتحات الري، وفي البقع الموحلة، لكن صغير الحمار الوحشي لم يكن موجودًا في أي مكان.

راقبت جيلي جهود البحث وهي واقفة في الخلف، حيث شعرت بأنَّها منفصلة إلى حدٍ ما عمّا يحدث بسبب طولها. شعرت والدتها بعدم الراحة لدى ابنتها، فدفعتها بلطف. “لماذا لا تلقي نظرة من الأعلى يا جيلي؟ “قد يكون طولك هو ما نحتاجه الآن،” اقترحت والدتها بابتسامة.

متشجعةً ولكن لا تزال مترددة بعض الشيء، قامت جيلي بتمديد رقبتها الطويلة إلى أعلى، وقلبها ينبض في صدرها. شعرت بموجة من الخوف، ماذا لو أنَّها لا تزال غير قادرة على رؤية الحمار الوحشي، أو ما هو أسوأ من ذلك، إذا لاحظت الخطر بعد فوات الأوان؟ متجاوزةً شكوكها، قامت بإلقاء نظرة على الأشجار الطويلة.

ثم رأته – جسمًا مخططًا صغيرًا بالقرب من النهر، بعيدًا عن المكان الذي كان الآخرون يبحثون فيه. وبثقةٍ جديدة عليها، نادت جيلي بصوت عالٍ وقادت القطيع إلى صغير الحمار الوحشي. طولها الفريد، الذي كانت تعتبره دائمًا عيبًا، أصبح بطل القصّة في هذا اليوم!

في ذلك المساء، وبينما كان القطيع يحتفل بعودة الطفل سالمًا، شعرت جيلي بالدفء في صدرها ينتشر في كل مكان. وبمرور الوقت، أصبحت جيلي تُقدِّر طولها بشكلٍ كبير. لقد ساعدت أصدقاءها في قطف الأوراق الطازجة من أطول الأشجار وراقبت المخاطر البعيدة، حيث كانت بمثابة حارس عملاق لطيف يُنبّه الجميع إلى الخطر قبل قدومه. 

إنَّ الشيء الذي جعلها تشعر بأنها في غير مكانها جعلها الآن جزءًا لا يتجزأ من مُجتمعها. وبينما كانت تمشي مع صديقها ذات مرّة، قالت لها: “جيلي، سنضيع دون مراقبتك. تستطيعين رؤية أشياء لا يمكننا حتى أن نحلم بها من هنا! سنضيع حتمًا بدونك.” وقد ترك هذا الكلام تأثيرًا رائعًا على جيلي.

وبذلك تعلَّمت جيلي أنَّ ما يجعلنا مُختلفين يُمكن أن يجعلنا مُميَّزين. لم تكُن صفاتها الفريدة مُجرَّد سمات يُمكن التعايش معها، بل كانت نقاط قوة يُمكن أن تساعد الآخرين بطرق لا يستطيع أي شخص آخر القيام بها. منذ ذلك اليوم فصاعدًا، لم ترغب جيلي أبدًا في الانعزال أو الشعور بالخجل مرةً أخرى. وبدلاً من ذلك، كانت تقف فخورةً ببقعها الصفراء الذهبيَّة والمارونيََّة، وممتنةً لرقبتها الطويلة.

ختامًا، عندما تنتهي من السطور الأخيرة من قصَّة ما قبل النوم وتسقط الغرفة في سكونٍ تام، فإن تأثير تلك اللحظات الثمينة يبقى لفترة طويلة بعد أن تخفت الأضواء. هذه القصص تفعل أكثر من مُجرَّد الترفيه، إنّها تغرس القيم وتثير الخيال وتضفي العديد من الدروس إلى عقل الطفل.

عند الاختيار بين مجموعة من قصص للاطفال قبل النوم، يجب أن تعلم أنّ كل قصَّة تُمثّل فرصة ثمينة لنقل الحكمة لدى طفلك. وبينما ينجرفون إلى عالم الأحلام، تترسخ الدروس المستفادة من هذه القصص في أرواحهم وقلوبهم وعقولهم، مما يعزز نموهم الأخلاقي وفهمهم للعالم من حولهم.

لذا، إن كنت تبحث عن قصص قصيرة للاطفال فإنّ هذا المقال هو لك! وأخيرًا، لا تنسَ الاشتراك في مُدونتنا التي ستكون دليلك الشامل لمعرفة كل ما يتعلّق بتربية وتعليم طفلك، وتعزيز رفاهيّته بشكلٍ عام!

المصدر: dreamlittlestar

Exit mobile version