قصص للأطفال بعمر 5 سنوات تساعدهم على التعلّم والنمو

تُعد القصص من أكثر الوسائل سحرًا ومتعة في تعليم الأطفال دروسًا قيّمة بطريقة ممتعة وبسيطة. إذ تفتح للطفل عالما من التسلية والتعليم، تختلط فيه الحكايات بالقيم والمبادئ التي يحتاج إلى تعلّمها منذ الصغر. وفي سن الخامسة، يكون الطفل بطبيعته فضوليًا لاكتشاف العالم من حوله وتبدأ شخصيته في التكون وتيصبح طريقة تفكيره أكثر مرونة لما يسمعه ويراه. ومن هنا، يأتي دور القصص لتأخذه في رحلات تربوية وخيالية. لذا، من المهم اختيار قصص للأطفال تتناسب مع أعمارهم ومرحلة نموّهم وتفكيرهم، حتى يتمكّنوا من فهم الأحداث والتفاعل معها، ليستفيدوا منها بأفضل صورة. يمكنك اختيار قصص للأطفال تحتوى على مغامرات لأطفال شجعان أو حيوانات خيالية ليتعلّم مفاهيم متنوعة، مثل: التعاون، التواضع، الذكاء، وغيرها التي تشكل شخصيته.

توجد العديد من قصص ما قبل النوم المناسبة للأطفال في عمر الخمس سنوات، التي تُساعد في تنمية مفرداتهم اللغوية، وتعزيز قدرتهم على الفهم والإدراك لما يدور حولهم بطريقة سلسة ومناسبة. وتمزج هذه القصص بين التعليم والمتعة بأسلوب مشوّق يجعل الطفل يستمتع بكل لحظة.

وتُعدّ قصص ما قبل النوم من أهم الوسائل التربوية في هذه المرحلة المبكرة، إذ تساعدك على تهدئة طفلك قبل النوم، وتُغرس فيه القيم الرفيعة، مثل: الصداقة، اللطف، التعاون، والاهتمام بالآخرين بطريقة لا تُنسى أبدًا. وفي هذا المقال، نقدَّم لك أفضل 4 قصص للأطفال مكتوبة بلغة بسيطة تراعي مستوى فهمهم.

قصص للأطفال قبل النوم مناسبة لعمر 5 سنوات

إليك أربع قصص للأطفال قصيرة ومناسبة لعمر 5 سنوات، مكتوبة بلغة بسيطة، وأسلوب مشوّق، مع قيم تربوية واضحة، يمكنك الاستمتاع بقرائتها لأطفال قبل النوم أو في أي وقت.

1. قصة بستان الفراشات

في يوم من الأيام، أخبرت بسمة أمها: “ما أجمل الفراشات، إنَّني أُحبُّها كثيرًا. من فضلك إشترى لى فراشات كثيرة لألعب معها وتكون صديقاتي”. ضحكت الأم وقالت: “الفراشات لا تباع ولا تُشترى يا بسمة إنَها مخلوقاتٌ حرّة، تعيش حيث تتواجد الشجر والأزهار”.

ردّت بسمة: “إذا احضرى لى من البستان فراشات بكلّ الألوان”.

قالت الأم: “إنَّ الفراشات التي تطير فى البستان، ليس لنا الحقُّ يا عزيزتى أن نأخذها لنا، ونحرم الأطفال الصغار الآخرين من التَّمتع برؤيتها”. وتابعت: “ما رأيك أن نذهب إلى رؤيتها فى البستان غداً صباحاً إن شاء الله “.

فى الصَّباح، ذهبت الأم وبسمة إلى البستان، وأخدتا تتأملان الفراشات وهى تطير بسعادة وأمان، وأشعة الشَّمس تنعكس على أجنحتها وتُظهر جمالها، فالت بسمة بإعجاب: “وما أجمل هذا البستان، كم أتمنَّى أن يكون هذا البستان ملكًا لنا يا أمى”.

قالت الأم: “عزيزتى لا نملك المال، لا يمكننا أن نشتري هذا البستان، ولكن نستطيع أن نأتى هُنا كلَّ يومٍ ونستمتع بجمال المكان”.

بسمة: “لكنَّ البستان بعيدٌ عن بيتنا وطريقهُ طويل. فى المرة القادمة سوف أُحضر معى أوراقًا وأقلامًا وأرسمُ كلَّ الفراشات”.

في المساء، جلست الأم على الأريكة تُفكر في كيفية إسعاد ابنتها، وبعد تفكير طويل، توصلت الأم إلى خطة. وفي صباح اليوم التالي، بينما كانت بسمة تستعد إلى الذهاب إلى المدرسة، ودّعتها أمها بإبتسامة دافئة. وما إن أغلقت الباب، حتى بدأت الأم في تنفيذ خطتها. أحضرت الألوان والفرشاة، وبدأت ترسم فراشات بألوان زاهية على جدران غرفة بسمة. كما علّقت فراشات ورقية في سقف الغرفة تتطاير في الهواء كأنها تحلّق، تحوّلت الغرفة إلى بستان جميل يملؤه الفراشات.

عادت بسمة من مدرستها وما إن فتحت باب غرفتها حتى ترسمت على ملامحها السعادة والفرح. كانت الغرفة قد تحوّلت إلى عالم سحري مليء بالفراشات الملوّنة التي تتمايل مع نسيم الهواء كأنها تُحلّق في حديقة ربيعية.

قفزت بسمة بسعادة وقبلت أمها. وقالت الأم: “هل أعجبتك المفاجأة؟ صنعتها خصيصًا لكِ، لأنك فراشتي الصغيرة. ما زال هناك المزيد، انظرىإلى الشرفة”.

نظرت بسمة فرأت عدّة أوانى بها زُهور طبيعية. قالت الأم: “لا يوجد بستان بلا أزهار، أليس كذلك؟ ومع مرور الأيام، ستنمو هذه الأزهار أكثر فأكثر، وعندها ستأتي الفراشات الحقيقية لتمتص رحيقها”.

لمعت عينا بسمة بالفرح، وقالت بحماس: “سأعتني بها كل يوم. ما رأيك أن أسمي غرفتي باسم بستان الفراشات”.

قَالت الأم: “اسمُ جميلٌ يا بسمة، انتظرى غداً فلديَّ المزيد من المفاجأت”. فى اليوم التالى رسمت الأم أشجارًا جميلةً على جُدران الغرفة ورسمت عليها عصافير وفراشات وزهورا كثيرة، فرحت بسمة وأحبت غرفتها وقالت :”أمى أنتِ أفضل الأمهات”.

اقرأ أيضًا: قصة عن التعاون للأطفال: الحمامة المطوقة وأصدقاء الغابة

2. قصة الأسد العادل

في يوم من الأيام، في غابة جميلة تعيش فيها أنواع كثيرة من الحيوانات، كان هناك أسدٌ عادلٌ يحكم الغابة. كان هذا الأسد صالحًا ويحب العدل ويكره الظلم، ينصر الضعيف. وبفضل عدله وحكمته، عاشت جميع الحيوانات في أمان، فلم يعاني أي حيوان من الجوع أو الخوف. وبمرور الأيام، كبر سن الأسد وبدأت قوته تضعف، ولم يعد قادرًا على إدارة شؤون الغابة.

وفي صباح يوم هادئ، جلس الأسد في عرينه، وهو يفكر في أمن الغابة، ثم نادى على الحمامة وقال: “اطلبي من جميع الحيوانات أن يحضروا إلى عريني، يجب أن أناقش أمر معهم”.

طارت الحمامة بسرعة وأخبرت جميع الحيوانات. وفي وقت قصير، بدأت الحيوانات تتوافد إلى العرين.

قال الأسد: “لقد كبرت في العمر وأصبحت كهلًا ولا يمكنني حكم الغابة بعد الآن. لذلك، جمعتكم لأرى من منكم سيكون قادرًا على حكم الغابة من بعدى”.

نظرت الحيوانات إلى بعضها البعض بدهشة، وخيم الصمت على المكان. ثم بدأت الحيوانات بتقدم واحدًا تلو الآخر، كلّ منها يتفاخر بقدرته ويدّعي أنه الأجدر بحكم الغابة. تقدّم الفيل، وقال: “أنا وزيرك يا مولاى، وقانون الغابة يُحتّم على أنّ أكون من يتولى الحكم من بعدك يا مولاى. كما أنني الأقوى هنا ولا أحد يجرؤ على تحدّي الفيل”.

ضحك النمر على كلام الفيل، ثم قال: “أنا أستطيع الحكم بالعدل، ولا تنسي يا مولاى أننا من نفس السلالة. كما أنني قويٌ وشجاع. لذلك أنا الأصلح لهذا المنصب”.

انتظر الأسد ليرى أى متطوع آخر لحكم الغابة. فتقدّم القرد بإستحياء مخبرًا الأسد بخجل:” أظنّ يا صاحب الجلالة أن الغابة بحاجة إلى حيوان ذكى، فالقوة وحدها لا تكفي”.

قاطعه الثعلب، وابتسم بمكر وقال: “أنتم تنسون شيئًا مهمًا من يعرف كيف يتصرف في المواقف الصعبة؟ إنه أنا، الثعلب.” وهكذا، بدأ كل حيوان يستعرض مميزاته، ويتفاخر بقدراته، لم يتحدث الأسد، وبقى يراقب الموقف، فهو يعلم أن الحكم ليس لمن يتفاخر، بلّ لمن يستحق.

بعد وقت من التفكير، صاح الأسد: “انصرفوا جميعًا، لكن يجب أنّ تأتوا في الصباح لعلي أكُن قد قرّرت من منكم سيخلفنى في العرش”.

وبعد خروج الحيوانات، ظلّ الأسد يفكّر ويقارن بين المتقدمين لمعرفة الأحق بالحكم، ولكّنه لم يصل إلى قرار صائب. وفي الصباح، استدعي الأسد الحمامة وقال: “أحبري الأرنب بأنني أريد رؤيته بسرعة”.

نفذت الحمامة ما طُلب منها، وأسرعت مع الأرنب للذهاب إلى الأسد. قال الأسد: “لدي خطة وأريد مساعدتك في تنفيذها لأعرف من الأحق بالحكم”.

قال الأرنب: “ماذا يجب أن أفعل”. قال الأسد: “أريدك أنّ تذهب إلى منتصف الطريق بالغابة وضع قدمك بين أشجار الموز واطلب العون من أيّ حيوان تراه”.

اندهش الأرنب من طلب الملك الغريب، ولكنّ سُرعان ما ذهب لتنفيذ ما طُلب منه. وبعد مغادرة الأرنب بوقت قصير، جاءت الحيوانات الأربعة لمعرفة من اختاره الأسد ليحل محله.

نظر إليهم الأسد، وقال:” قبل معرفة الحاكم الجديد، أريدكم أن تذهبوا جميعًا إلى شجرة الموز الضخمة في منتصف الغابة ومن ياتني أولاً سوف أعينه الملك الجديد”.

أعلنت الحمامة بداية السباق، وانطلقت الحيوانات الأربعة مسرعين نحو الشجرة. وبعد مرور القليل من الوقت، تقدّم النَّمر في السباق، ووتلاه الفيل ثمُّ القردُ والثعلب. وفي منتصف الطريق، عند الشجرة الكبيرة. سمع صوتًا ضعيفًا يناديه من بين الأغصان: “أيّها النمر ساعدنى لقد تعثرت قدمى بأغصان الأشجار، أنقذنى فلمْ آكلْ منذ يومين”.

نظر النمر إلى مصدر الصوت، فإذا بالأرنب يستلقي بين الأغصان ويبدو عليه التعب والإرهاق. تردّد النمر للحظة، ونظر إلى خط النهاية ثم نظر إلى الأرنب. لكنّه أشاح نظره وقال: “اتركنى أيُّها الأرنب فلم يتبقى الكثير على الفوز بالسّباق وأصبح ملكًا لهذه الغابة”. وترك الأرنب وأكمل طريقه. وعندما أتى الفيل، صاح الأرنب: “أيّها الفيل أنقذنى فقد تعثَّرت قدمى بالأغصان”.

ردّ عليه الفيل: “لا أستطيع، يجب أن أهزم النمر لأفوز بالسباق”. أسرع الفيل دون أن يهتم بالأرنب المسكين. مرّ الوقت، ووصل الثعلب إلى الشجرة، فرآى الأرنب ما يزال جالسًا هناك، يحاول تحرير قدمه. فضحك ضحكةً خبيثة، واقترب منه وقال: “لو لم أكن في هذا السباق، لأكلتك على الفور. اعتبر نفسك محظوظًا اليوم”. ثم أدار ظهره، وانطلق يركض تاركًا الأرنب وحيدًا.

وقبل أن يصل القرد إلى الشجرة الكبيرة، توقف فترة وفكّر في عبور البحيرة مِنْ خلال الأشجار التى تتواجد في منتصف البحيرة ليصل لنقطة النّهاية مباشرةً. وا إن اتجه إلي البحيرة لتنفيذ فكرته، سمع صوتًا يستغيث به من بعيد، لم يتردّد القرد إلى ذهاب نحو مصدر الصوت وعند اقترابه وجد الأرنب محاصر بين الأغصان. وبدون تفكير في السباق والفوز، أسرع وفك قيود الأرنب.

أثناء فكه لقيوده وجد الأسد أمامه يخرج من بين الأشجار ومعه باقي الحيوانات. وضع الأسد التَّاج على رأس القرد وقال: “أنت الذي جئتني أولًا أيُّها القرد، كانت هذه خطتي لأعلم من أكثركم رحمةً وعدلاً”. فرحت الحيوانات فرحًا شديدًا لفوز القرد الذي ترك السَّباق والفوز بالعرش الذي كان يتمنَّاه من أجل فعل الخير ومساعدة قيود الأرنب. اندهش القرد، ونظر إليه الأسد وقال: “لا تندهش أيّها القرد فمن يترك ما يتمنَّاه من أجل الخير لن يتركه الخير، إلَّا أَن يأتيه بكلّ ما كان يتمنَّاه”.

اقرأ أيضًا: 7 نصائح لاختيار القصص المناسبة للأطفالك

3. قصة عصفور الحرية

على غصن أحد الأشجار، وقبل ظهور ضوء النهار, تركت العصفورة الأم عشها وطارت لتبحث عن رزقها وتأتي بِالطعام لتطعم صغيرها. وعند عودتها إلى عشها وجدت صغيرها حزينًا، ولم يرحب بها كعادته ولم يسارع إلى تناول الطّعام، فشعرت الأم أن شيئًا ما قد حدث لصغيرها.

سألت الأم الصغير عما يحزنه فأخبرها : “لقد قمت بالطيران في غيابك إلى حافة النافذة الموجودة أمامنا في هذا البيت، حيث يُوجد قفص جميل بداخله عصافير ملونة، ولديهم طعام وفير، وحاولت الفتاة التى تطعمهم الإمساك بى، لكنَّنى طرت بعيدًا عنها” وصمت الصغير وظهر على وجهه حُزن شديدٌ.

حثته الأم على إكمال كلامه فى حنان: “ماذا حدث يا عزيزي؟”.

أكمل الصغير : “لقد قالت لى الفتاة اذهب بعيداً أيها العصفور الأسمر، فلا أحدًا يُريدك ولا أحدًا يحبك وأنا لدي عصافيرى الملونة وهي أفضل منك”.

طمأنت الأم صغيرها وهي تضمه لصدرها بجناحها : “الحمد لله يا ولدى أن الفتاة لم تمسك بك، لأنها لو أمسكتك لوضعتك داخل القفص، ولكنت تعذبت من السجن وأنا كنت ساموت من الحزن”.

وتابعت:” إِن البشر يا عزيزى يحبون حبس الطيور، ونحن طيور أحرار نكره الأقفاص ولا نطيق الأسوار”.

قال الصغير بحزن: “ولماذا تكرهنى تلك الفتاة يا أمى”.

أجابته الأم وهي مازالت تضمه: “لأنها لا تعرف شيئًا عنك، فلو صاحبتك لشعرت بروحك الجميلة وأخلاقك النبيلة, ولو سمعت صوتك واستمعت إلى عذوبة لحنك ونغمك لأحبتك. فدعك منها يا أميرى لأنها إذا كانت تميز بين الطيور بسبب لونها وشكلها فالواضح أنها فتاة لا عقل لها”.

بعد مرور أيام, طلبت الأم من الصغير مرافقتها وطارا حتى وصلا إلى النافذة, قالت الأم: “انظر يا ولدى إِلى القطة الملونة التى تجلسها الفتاة بجوارها وتطعمها وتعتنى بها”. وبعد ساعة نزلت الفتاة إلى مدرستها فوجدت قطة أمام منزلها فدفعتها بعيداً بقدمها, قالت الأم حقًا إنها لا عقل لها.

فى اليوم التالى, طارت الأم وصغيرها حيث قفص العصافير الملونة. تعرفت عليهم الأم وتساءلت: “هل أنتم سعداء؟” قالت إحداهم:” الجميع هنا مكسور القلب وحزين”.

تسأل الصغير بفضول :” ألست سعيدًا بشكلك الجميل ولون ريشك البديع”. أجابه العصفور الملون: “إننى حقًا تعيس وأتمنَّى عيش الحرية حتى لو فقدت تلك الرِيشات الذهبية”.

أجابه الصغير بحزن:” أتمنى لكم أن تشاركونا الحرية قريبًا”. وطارت الأم وصغيرها وسبحوا في السَّماء ثم عادوا إِلى عشهم الصغير.

غنت الأم مع صغيرها :

نحن العصافيرُ. نُحبُّ أن نطير
لنا منقارٌ صغير. ولنا ذيل كبير
نُحِبُ الحياة. فى العش الصغير
نختبى بين الأشجار. وفوق طلع النَّخيل
أصواتنا عذبةُ وحبسنا مُستحيل

وسعادتنا الحقيقية هي فى عيش الحريَّة

اقرأ أيضًا: قصص من أعماق البحار: حورية البحر الصغيرة

4. قصة الأميرة بائعة السمك

في مملكة بعيدة، عاشت أميرةٌ جميلةٌ ولكنّها سيّئة الخُلق ومُتكبِرة، وتتعامل الجميع بغرور. وذات يوم، مرضت الأميرة مرضًا شديدًا وفقدت شهيّتها، ولم تستطع أن تأكل إِلَّا القليل من الطعام ولم يستطع أطبَّاء المملكة علاج الأميرة، حزن الملك لمرض الأميرة.

وذات يوم، أصدر الملك بمرسوم بأنَّ من سيثعالج الأميرة سَوف يتزوجها، فجاء النَّاس من كلَّ أنحاء المملكة وكلُّ واحد منهم يتمنَّى أن يعالج الأميرة ليتمكن من الزواج بها، لكنَّ الأميرة كانت تُعاملهم باستعلاء وغرور، ولم يتمكن أيّ شخص في علاجها.

وذات يوم، حضر شاب وسيم من مملكة بعيدة، وأخبر الملك: “أنا أستطيع علاج الأميرة، لكن لأتمكن من علاجها يجب أن تتوقف الأميرة عن الأكل تمامًا لمدَّة يومين كاملين”.

وافق الملك وتعجَّبت الأميرة من شرط الشَّاب الوسيم. وبعد مرور يومين تملك الأميرة الفضول، فذهبت لتُراقب الشاب من بعيدٍ، وجدته عند النَّهر يصطاد سمكًا ثُمَّ بطهيه، كانت رائحة السمك شهيَّة جدًا، ولم تستطع الأميرة مقاومة الرائحة اللذيذة، فاقتربت من الشاب وأكلت كل السمك الذي طهاه.

شُفيت الأميرة أخيرًا من مرضها الغامض، وعادت البسمة إلى وجه الملك. وكما وعد، وفّى الملك بوعده وزوّج ابنته للشاب الوسيم الذي ساعدها في محنتها. لكن، منذ اليوم الأول، بدأت الأميرة تُعامله بغرور وتعالٍ. أما الشاب، فكان يبتسم ولا يُجادلها ولا يردّ الإساءة.

وفي أحد الأيام، دخل الشاب على الملك، وانحنى احترامًا، وقال: “لقد حان الوقت لأعود أنا وزوجتي إلى بيتي”. أومأ الملك برأسه موافقًا، لكن حين علمت الأميرة بالأمر، اشتعلت غضبًا ، وقالت: “لن أغادر المملكة؟ كيف تجرؤ على اتخاذ هذا القرار دون استشارتي؟”

عندما وصلت الأميرة إلى بيت زوجها في المملكة المجاورة، تفاجأت ببساطته، كان المنزل عبارة عن كوخ صغير قرب البحر، وتحيط به الأشجار. في البداية، شعرت بالغربة، لكنّ الشاب ظلّ يعاملها بلطف وحنان، ومع مرور الأيام، بدأت الأميرة تُحبه. كان الشاب يعمل صيادًا، يخرج مع شروق الشمس إلى البحر ليصطاد السمك، والأميره تساعده عن طريق بيع السمك في السوق. لكنها لم تتمكن من بيع أيّ سمك بسبب تعاملها بغرور واستعلاء مع العملاء.

وذات يوم، استيقظت الأميرة ووجدت زوجها طريح الفراش، وجهه شاحب ويداه باردتان، وقد أنهكه المرض، جلست بجانبه تمسح جبينه. ومرّت الأيام والزوج ما زال مريضًا، وبدأ الطعام ينفد من البيت، ولم يعد قادرًا على الذهاب إلى البحر. خرجت الأميرة وحدها إلى البحر، حملت شباك الصيد وقلبها مليء بالخوف والإصرار. لم تكن تعرف كيف تصطاد جيدًا، لكنّها جرّبت، حتى امتلأت سلّتها بالسمك. ثم توجّهت إلى السوق، بدأت تبيع السمك، وتُعامل الناس بلُطف، تتحدث بلباقة وتبتسم، فتفاجأ الجميع بأخلاقها الجميلة.

بعد أن باعت الأميرة كل السمك، توجهت نحو الصيدلية لتشتري الدواء الذي وصفه الطبيب لزوجها. ثم اشتر ما يكفي من الطعام. وعندما وصلت إلى البيت، أسرعت إلى فراش زوجها، وضعت الدواء بجانبه، وأطعمته بيديها.

ابتسم الشاب وقال: “الآن أستطيع أن أخبرك بالحقيقة، أنا لست رجل فقير بلّ أنا ملك هذه المملكة، وقد رأيتك في أحد الأيام وأعجبت بك كثيرًا إلا أن العديد حظروني منك بسبب غرورك. وعندما علمت أنَّك مريضة، أردت أن أساعدك ولكنَّني وجدتك ذات كبرياء وغرورٍ، فاتَّفقتُ أنا ووالدك على تعليمك التَّواضع، وأردت أن تحبيني لنفسي وليس لأنني ملك”.

وبعد أن شُفي الشاب تمامًا، عاد مع الأميرة إلى قصره، حيث استقبلهما الجميع بفرحٍ كبير. عاشت الأميرة مع زوجها بسعادة، لكنها لم تنسَ الكوخ والصيد. وتعلمت الدرس وأصبحت مثالاً يحتذى به في التواضع والرحمة.

اقرأ أيضًا: أفضل قصص قبل النوم: قصة الأميرة النائمة

لم تعدّ قصص ما قبل النوم مجرد وسيلة ترفيهية للأطفال، بل أصبحت بوابة لعالم واسع من الخيال والإبداع، تسهم في تنمية شخصية الأطفال، وتعزيز مهاراتهم، وغرس القيم الأخلاقية في نفوسهم. يمكن أن تعزز قراءة قصص ما قبل النوم لطفلك لحظات دافئة من الحب، والسعادة، وحب الأسرة، كما تفتح باب الحوار مع طفلك بطريقة تناسب عمره. عندما يستمع طفلك إلى هذه القصص، لا يكتفي بالاستمتاع إليها، بل ييبدأ في اكتساب قيم جميلة تغرس بداخله منذ الصغر. سيتعلم معنى العدل من الأسد الحاكم، وأهمية التواضع من الأميرة المغرورة. هذه القيم البسيطة، ستشكّل وعيه وطريقة تفكيره، وتساعده على بناء شخصية إيجابية.

كما يقولون اللحظات السعيدة تبقى في الذاكرة وتترك أثرًا لا يُنسى في القلب، فاحرص كل يوم أن تروي لطفلك قصص مناسبة لعمره، وحوّل كل ليلة إلى مغامرة صغيرة ينام طفلك على حكايتها. كن أنت من يصنع هذه الذكريات مع مجموعة القصص التي قدّمنها لك في المقال.

قصص دينية للأطفال: يوم في الجنة

في مساءٍ هادئ، جلست «ليان» عند نافذة غرفتها تنظر إلى النجوم. كان يومها مليئًا بالخير؛ ساعدت أمها في ترتيب البيت، وأخرجت من حصّالتها صدقةً وضعتها في صندوق المدرسة، وابتسمت لصديقتها التي كانت حزينة.

قبل أن تنام، همست بصوتٍ خافت: «اللهمّ ارزقني الجنة، وأعِذْني من النار»، ثم غفت وقلبها مليء بالطمأنينة.

رأت في حلمها عصفورًا أبيض صغيرًا، يطير حولها ويغرّد بلحنٍ رقيقٍ كأنه يقول: «تعالي معي». تبعته، فإذا بساحة واسعة لامعة كأنها من اللؤلؤ، وعلى طرفها باب كبير يضيء بنورٍ لطيف لا يؤذي العين، وفوقه مكتوب «سلام». اقتربت ليان بخطوات مترددة، فإذا بروائح طيبة مثل رائحة الياسمين تملأ المكان وتغمر قلبها براحةٍ لم تعرفها من قبل.

سمعت صوتًا هادئًا يشبه حفيف الأشجار يقول: «سلامٌ عليكم…». لم ترَ أحدًا… التفتت لترى خلف الباب حدائق بلا نهاية، وأنهارًا صافية تجري بهدوء، وأشجارًا خضراء مليئة بالثمار كأنها تبتسم لها. قال العصفور: «هذا المكان له مفتاحان: توحيد الله، والعمل الصالح». ابتسم قلبها فرحًا، وتذكرت مساعدتها لصديقتها وصدقتها الصغيرة، فعرفت أن كل عملٍ تفعله إرضاءً لله يقرّبها من هذا الباب.

مدّت يدها لتلمس أزهارًا تضيء مثل المصابيح، سألت العصفور: «هل يمكنني الدخول؟» فغرّد: «باب الجنة يُفتح لمن أحب الله وأحسن للناس. ادخلي بسلامٍ آمنة». أخذت نفسًا عميقًا، وشعرت أن العالم كله يبتسم لها وهي تخطو أول خطوة…

أنهارٌ من نور

ما إن خطت ليان أول خطوة حتى انكشفت أمامها سهولٌ خضراء واسعة، وفي وسطها أنهار كأنها خيوط من نور تجري بهدوء. نهرٌ ماؤه صافٍ أحلى من العسل، وآخر أبيض مثل الحليب، وثالث يجري بعصير من أنواع فاكهة لم ترَها من قبل، لكن رائحتها تملأ القلب فرحًا. اقتربت ليان ومدّت كفها في النهر الصافي، فشعرت ببرودةٍ جميلة وانتعاش لطيف.

قال العصفور الأبيض الذي كان يرافقها: «هذه عطايا الله لعباده الذين أحبوه وأطاعوه». سألت ليان: «هل يمكن لأهل الجنة أن يشربوا منه متى أرادوا؟» غرّد العصفور: «هنا لا عطش ولا قلق؛ كل ما تتمنينه يتحقق». جلست ليان على العشب الأخضر، أغمضت عينيها قليلًا وهي تتذكر دعاءها قبل النوم، ثم فتحت عينيها وعزم جديد يضيء قلبها: حين أعود، سأزيد من طاعة الله.

اقرأ المزيد من القصص الدينية الهادفة للأطفال

ثمار القلوب

سارت ليان في ممرٍ ذهبي تحيط به الأزهار، حتى وصلت إلى شجرة أوراقها لامعة وثمارها على شكل قلوب صغيرة تضيء مثل المصابيح. أشارت إلى ثمرة قريبة منها، فقال العصفور: «هذه ثمار تنبتها الأعمال الصالحة. كل قلب هنا هو عمل صالح لك في الدنيا».

مدّت يدها ولمست ثمرة، فوجدت طعمها حلوًا وتذكرت ابتسامة أعطتها لصديقة حزينة، واليوم الذي ساعدت فيه أمها. قالت ليان بدهشة: «إذن لا يضيع أي خير؟» رد العصفور: «عند الله لا يضيع شيء. الكلمة الطيبة، والصدقة، وبرّ الوالدين؛ كلها تتحول هنا إلى خير كبير».

قطفت ثمرة أخرى، فشعرت بقلبها خفيفًا كأن جناح طائر يلمسه. همست: «ما أجمل أن يثمر الحب!» ثم وعدت نفسها أن تزرع قلوبًا أكثر حين تستيقظ.

بيوتٌ من سلام

على بعد خطوات، ظهرت بيوت بيضاء كأنها من لؤلؤ، نوافذها مفتوحة يدخل منها النور، وعلى أبوابها لافتات مكتوب عليها «سلام». اقتربت ليان، فسمعت أصواتًا رقيقة تملأ قلبها بالطمأنينة: «سلامٌ عليكم بما صبرتم».

دخلت بيتًا، فرأت غرفًا مضيئة بلا مصابيح، وسجادًا ناعمًا كالغيم يتحرك مع خطواتها، وأكوابًا موضوعة على موائد من نور. جلست على أريكة دافئة وخفيفة، فقال العصفور: «هذه البيوت لأهل الإحسان، يزور بعضهم بعضًا بلا تعب ولا ملل».

تخيّلت ليان أصدقاءها، وتمنت أن يجلسوا هنا معها. ثم رأت في زاوية البيت مرآة تشبه صفحة ماء هادئة، وحين نظرت فيها تذكرت كل مرة صبرت فيها على الغضب أو سامحت من أخطأ، عندها امتلأ قلبها بفخر هادئ، لأنها أدركت أن الصبر والرضا سلام في الدنيا والآخرة.

مجلس الأناشيد والذكر

أخذها العصفور إلى بستان واسع، أشجاره متشابكة، وفي وسطه منصة من نور يجتمع حولها الأطفال. لا أحد يرفع صوته؛ المكان كله هادئ لكنه مبهج… تتعالى فيه أنغام جميلة، ليست عالية ولا خافتة، كلها شكر لله وحمد على نعمه.

كان كل طفل يجلس ومعه «سجل الأعمال الحسنة»؛ كل صفحة فيه تلخص عملًا صالحًا فعله في الدنيا. فتحت ليان سجلها، فرأت حروفًا مضيئة: «صدقة صغيرة، مساعدة صديقة، استئذان مؤدب، استغفار».

همست لها طفلة قريبة: «هنا يذكّرنا كلّ واحد بقصة لخير فعله في الدنيا». ابتسمت ليان وقالت: «سأجمع قصصًا أكثر بكثير». وفي تلك اللحظة ارتفع في البستان نشيد لطيف: «السلام لأهل الإحسان»، فازدادت الأشجار نضارة واخضرارًا.

رحلة على أجنحة الطيور

رأت ليان طيورًا بيضاء كبيرة الأجنحة، تشبه سفنًا خفيفة تطير ببطء… اقترب أحدها منها، وانحنى بجناحه كأنه يدعوها للركوب. جلست ليان فوق ظهر الطائر، وما إن أمسكت بريشه حتى شعرت بخفة غريبة؛ ارتفعت عاليًا فوق الحدائق، فرأت الأنهار تتلألأ كالشرائط، والثمار تلمع مثل نجوم صغيرة، والبيوت البيضاء كأنها لآلئ فوق بساط أخضر.

قال العصفور الصغير وهو يطير بجانبها: «في الجنة لا خوف من السقوط». أخذ الطائر يحلق فوق «سوق الهدايا»، حيث يتبادل أهل الجنة العطايا بلا بيع ولا ثمن.

تمنّت ليان كتابًا من نور يحكي قصص الأنبياء والصالحين من غير صور، فصار الكتاب بين يديها. ضمته إلى صدرها وقالت بسعادة: «الحمد لله».

حديقة البذور الصغيرة

هبطت ليان في حديقة مشرقة، وفيها أحواض مرتبة بعناية، كل حوض منها يحمل اسم خُلُق جميل: «رحمة، أمانة، صدق، برّ». وبجانب كل حوض جَرّة ماء مكتوب عليها «بسم الله». قال العصفور: «هذه البذور هي الأعمال التي ينوي العبد فعلها، فإذا سقاها بالدعاء والعمل كبرت».

أخذت ليان الماء وسقت «الصدق» و«البرّ»، فإذا بالأزهار تنبت بألوان زاهية فورًا. همست: «أريد أن أزرع عادة الاستئذان دائمًا، وأن أنهي واجباتي قبل اللعب». وما إن نوت ذلك حتى ظهرت زهرتان جديدتان تتفتحان أمامها، فعرفت أن النية باب عظيم.

ثم كتبت على لوحة صغيرة: «لن يمرّ يوم بلا ذكر أو مساعدة لأحد». فجاءت نسمة طيبة رفعت اللوحة إلى قوس من نور، فثبتت فيه كأنها وعد محفوظ.

الجسر الذي يعيدنا إلى البيت

اقترب المساء في الجنة، لكنه مساء بلا ظلام، بل نور دافئ يملأ القلب بالسكينة. ظهرت أمام ليان قنطرة رقيقة تمتد فوق جدول صغير، وعلى حافتها لافتة مكتوب عليها: «جسر الدعاء». قال العصفور: «من هنا تعودين إلى عالمك، ومعك هدايا لا تُرى: عزيمة، وطمأنينة، وحب للخير».

مشت ليان على الجسر، فسمعت أصواتًا تعرفها: دعاء أمها لها، وابتسامة أبيها حين يراها تحسن إلى الآخرين، وكلمة «جزاكِ الله خيرًا» التي قالتها معلمتها يومًا.

وقفت في منتصف الجسر، وشكرت ربها على النعم، ووعدت نفسها أن تجعل من كل يوم طريقًا للجنة: صلاة بخشوع، برّ بالوالدين، صدقة ولو قليلة، وابتسامة ترفع الحزن. ثم سألت العصفور: «هل أراك من جديد؟» فأجاب بصوت كأغنية لطيفة: «أنا معك في كل عمل صالح تفعلينه».

أغمضت ليان عينيها… واستيقظت على نور الفجر.

وعدُ ليان

فتحت ليان نافذتها فرأت الهلال يلمع في السماء، فابتسمت وقالت: «يا رب، اجعلني من أهل الجنة». أخذت حصالتها وأخرجت منها نقودًا لتضعها في صندوق الصدقة، وساعدت أمها قبل أن تذهب إلى المدرسة، ووعدت نفسها ألا يمر يوم بلا طاعة.

كلما تذكرت ثمار القلوب وأنهار النور، ازداد شوقها لتكون من الذاهبين إلى الجنة. وهكذا صار حلمها الذي رأته عن الجنّة بداية لأيام مليئة بالطاعات في الدنيا… وطريقًا إلى نعيم لا ينتهي.

استمع الآن إلى نشيد “أن تدخلني ربي الجنة” للأطفال.

قصص قصيرة للأطفال مناسبة لعمر 4 سنوات

تلعب القصص دورًا فعّالًا وأساسيًّا في تكوين شخصية الطفل منذ السنوات الأولى، وتغذية خياله، وتنمية مهاراته اللغوية، والعاطفية، والإبداعية، وتساعده على التفكير بطريقة منطقية. وتُعدّ القصص وسيلة ممتعة لمساعدة الطفل على فهم العالم والشخصيات من حوله، كما تُساعده على إدراك القيم الحميدة مثل: الصداقة، والصدق، والتعاون، والإيثار، وحب العلم، والسعي نحو النجاح، وتحديد الأهداف. ولهذا، ينصح خبراء التربية الوالدين بضرورة قراءة قصص قصيرة للأطفال منذ السنوات الأولى من عمرهم.

في هذا المقال، اخترنا لكم أفضل 4 قصص قصيرة للأطفال الصغار، حيث تم اختيار كل قصة بعناية لتقدم لأطفالك فضيلة أو قيمة تربوية بطريقة ممتعة وسهلة الفهم.

قصص قصيرة للأطفال سن 4 سنوات

اليوم نقص قصص قصيرة للأطفال مناسبة لعمر 4 سنوات بطريقة سلسة تتميّز بلغتها السهلة، ورسائلها التربوية البسيطة، ورسوماتها الجميلة التي تشد انتباه طفلك. احرص على قراءة هذه القصص على طفلك، وفي نهاية كل قصة قم بسؤال طفلك عن فهمه لها، وأي القصص أعجبته، ولماذا؟ يساعدك هذا النقاش الصغير على معرفة أنواع القصص القصيرة التي يحبها طفلك، مما يساعدك على اختيار أفضلها.

1. قصة الغراب العطشان

في يوم مشمس حار، شعر الغراب بالعطش وأراد أن يشرب ماءً باردًا ليروي ظماه. طار فوق الغابة، يحلق بين الأشجار والبحيرات باحثًا عن بركة صغيرة أو بحيرة ليشرب منها. لكن كان الأمر كان مستحيلاً بسبب جفاف البحيرات في الصيف. 

رفض الغرابُ الاستسلام، قال في نفسه: “يجب أن أواصل البحث، لابد ان أجد الماء في مكان ما”. بينما يطير، رأى فجأةً شيئًا لامعًا على الأرض. فاقترب بسرعة، فرأى إناء يحتوي على الماء. غمرت السعادة قلب الغرابُ، وأشرق وجهُه، وقال: “لقد أثمرتْ جهودِي. أخيرًا وجدتُ الماء”.

هبط الغراب ليشرب الماء ويروي ظمأه، لكن فرحته لم تدوم. فقد كان عنق الإناء ضيقًا جدًا، والماء في القاع ولا يستطيع الوصول إليه. حاول إمالة الإناء، لكنّه لم يستطع، بسب ثقل الإناء.

شعر الغراب بالتعب والإحباط، وجلس يفكّر قليلاً في طريقة لإخراج الماء من الإناء. فجأة، رأى بعض الحجارة ملقاة على الأرض. فخطرت له فكرة على الفور، وقال في سره: “لقد وجدت الحل. إذا وضعت هذه الحجارة في الإناء، تسغوص إلى القاع، ويرتفع الماء للأعلى. بهذه الطريقة، سأكون قادرًا على شربه بسهولة”.

بدأ الغراب يجمع الحجارة الثقيلة، ويسقطها واحدة تلو الأخرى في الإناء. وكلما أسقط حجرًا، ارتفع مستوى الماء قليلاً. ظلّ الغراب يكرر ذلك حتى وصل مستوى الماء إلى مستوى عالٍ بما يكفي ليشرب منه. شرب الماء بفرحٍ، وشعر بالفخر بعمله الدؤوب، وهتف قائلًا: “أنا أذكى غراب في الغابة”. ثم رفرف بجناحيه، طار سعيدًا فوق الأشجار ليُكمل رحلته.

اقرأ أيضًا: قصة للأطفال عن توفير المال: سامر والديناصور الأخضر

2. قصة الدب والصديقان

في أحد الأيام، قرّر صديقان الخروج في نزهة داخل غابة كثيفة استكشافها. كانت الغابة موحشة ومليئة بالحيوانات البرية الخطرة، مثل: الأسود والدببة والثعابين. ورغم علمهما بالخطر، تعاهدا على البقاء معًا ومساعدة بعضهما بعضًا في أي موقف.

تجول الصديقان في الغابة والخوف يسيطر عليهما. فقال أحدهما: “أنا خائف جدًا، ربما علينا العودة”. فردّ الآخر: “لا، دعنا نُكمل طريقنا. لكن لنتعاهد إن وقع أحدنا في مشكلة، فلن يهرب الآخر ويتركه وحيدًا”.

تعاهد الصديقان على البقاء معًا وحماية بعضهما البعض. وأكمل طريقهما وسط الأشجار. وفجأة، سمعا صوت حفيفًا من الشجيرات أمامهما. فتوقّفا في مكانهما من الخوف. وما هي إلا لحظات حتى خرج من بين الأشجار دبٌّ ضخمٌ يركض نحوهما بسرعة.

ركضا الصديقان، وتسلق أحدهما شجرة عالية، وجلس على أحد أغصانها، أما الآخر، فلم يكن يجيد التسلق الشجرة. فقال: “ساعدني يا صديقي. لا أعرف كيف أتسلق الأشجار”. لكن صديقه تجاهله، وتمسك بالغصن خوفًا من الدب.

رأى الصديق الذي تُرك وحيدًا الدب يقترب منه، فعلم أن لا خيار أمامه سوى التظاهر بالموت. فاستلقى على الأرض فورًا، وأغمض عينيه، وكتم أنفاسه حتى لا يهاجمه الدب.

اقترب الدب منه، بدأ يشمّه، ثم اقترب من أذنه وكأنّه يهمس له. ثم تركه واختفى بين الأشجار.

بعد أن رحل الدب، نزل الصديق من فوق الشجرة، واقترب من صديقه وقال: “هل أنت بخير يا صديقي؟ لقد رأيت الدب يقترب منك وكأنه يهمس لك بشيء، ماذا قال لك؟”

 ردّ الصديق: “أخبرني أن أحذر من الصديق الكاذب وألا أصاحبه. فالصديق الحقيقي هو من يقف بجانبك وقت الضيق ولا من يهرب ويتركه وحده”.

اقرأ أيضًا: حكايات عالمية: أشهر القصص من حول العالم

3. قصة الخراف الثلاثة والذئب

في قديم الزمان، عاش 3 خراف صغار مع والدتهم في بيت صغير في إحدى المروج الخضراء. عاش الصغار مع والدتهم حتى كبروا، وحان الوقت ليبني كلّ واحد منهم بيتًا خاصًا ليعيش بمفرده. وذات يوم، قال الأم: “لقد كبرتم يا أطفالي، ويجب عليكم بناء بيوتكم الخاصة. تأكّدوا من اختيار مواد قويّة لبناء بيوتكم ، لتحميكم من الذئب الشرير”.

كان الخروف الأوّل كسولاً للغاية، لذلك قرّر أن يبني بيته من القشّ. ذهب بسرعة وجمع القشّ، ثم بنى بيته في وقت قصير. وما إن انتهى من البناء، حتى جلس مرتاحًا بداخله، يظنّ أنّه في أمان، يتناول طعامه بسعادة.

أمّا الخروف الثاني، فكان أكثر اجتهادًا من أخيه، وقرّر أن يبني بيته من الخشب. ذهب وجمع الأخشاب، وبنى بيتًا جميلاً، ظنًا منه أنها المادة الأقوى. وبعدما انتهى من البناء، جلس في بيته الجديد يشعر بالفخر، واستلقى ليستريح.

كان الخروف الثالث يُتابع ما يفعله أخواه، لكنه لم يُعجبه تسرّعهم، فقد كان ذكيًا ومجتهدًا في كلّ ما يقوم به. وبعد تفكير طويل، قرّر استخدام الطوب والحجارة ليبني بيته. استغرق وقتًا أطول من إخوته، لكنه بنى بيتًا قويًّا. ولم يكتفِ بذلك، بل زيّنه ورتّبه ليُصبح جميلاً.

لم يمضِ وقتٌ طويل على انتهاء الخراف من بناء بيوتهم، حتى ظهر الذئب الجائع يبحث عن طعام. سار بين الأشجار حتى وصل إلى البيوت الثلاثة، فاقترب من بيت القشّ، وطرق الباب وهو يقول: افتح الباب فورًا، وإلّا سأحطّم بيتك!”

خاف الخروف الأوّل كثيرًا، وقال: “لا، لا، لا، لن أفتحه”.

فنفخ الذئب حتّى طار القشّ في لحظات. فهرب الخروف الأوّل مذعورًا إلى بيت أخيه الثاني. ذهب الذئب إلى البيت المصنوع من الخشب، وطرق الباب وقال مرّة أخرى: “افتح الباب، وإلّا سأحطّم البيت وأدمّره”.

رفض الخروف الثاني فتح الباب، فبدأ الذئب بالنّفخ، اهتزّ البيت الخشبي قليلاً، ولكنه بقى صامدًا، حينها قرّر الذئب أن يحطمه برأسه، فاندفع نحوه مرارًا حتى بدأت الألواح تتفكّك وتسقط. خاف الخروفان، ركضا بسرعة إلى بيت أخيهما الثالث.

وصل الخروفان إلى بيت أخيهما، وأغلق الخروف الثالث الباب بإحكام. بعد لحظات، جاء الذئب وطرق الباب بقوة وهو يصرخ: “افتحوا الباب حالًا، وإلّا سأُدمّر هذا البيت أيضًا”.

نفخ الذئب بكلّ قوّته مّرة ومرّتين وثلاثًا، لكن دون جدوى. غضب الذئب كثيرًا، وبدأ يدور حول البيت وهو يفكّر في طريقة للدخول. فجأة، رأي المدخنة، فابتسم بخبث، وقال في سره: “لقد وجدتها”.

تسلّق السطح بهدوء، وبدأ ينزل من المدخنة ببطء. سمع الخروف الثالث أقدام الذئب تَخْطُو فوق السّطح، فعرف على الفور ما ينوي فعله. فأسرع إلى المطبخ، وأحضر قدرًا كبيرًا من الماء الساخن، ووضعه تحت المدخنة. وما إن نزل الذئب من المدخنة، حتى سقط مباشرةً في قدر الماء الساخن. فصرخ من شدة الألم، ثم قفز خارج البيت وهرب بعيدًا في الغابة.

ومنذ ذلك اليوم، لم يعد الذئب الشرير يزعج الخراف. وتعلّم الخروفان أنّ الاجتهاد والتّخطيط هما الطريق الوحيد إلى النّجاح والأمان.

اقرأ أيضًا: من أجمل القصص القصيرة قبل النوم للأطفال

4. قصة الأسد والأرنب

في إحدى الغابات، عاش أسد قوي ومغرور، وكانت جميع الحيوانات تخشاه وتخاف منه ومن الاقتراب منه. ومع مرور الوقت، سئم الصيد تدريجيًّا، فنادى جميع حيوانات الغابة وأخبرهم: “سأكف عن الصيد في الغابة، ولكن في المقابل، سترسلون حيوانًا يوميًّا إلى عريني لآكله”. شعرت الحيوانات بالخوف من حكم الأسد، ولكن جميع الحيوانات كانت تخاف من أن تعترض على كلام الأسد فيقرّر قتلهم جميعًا. وبدأت جميع الحيوانات بالامتثال لأوامر الأسد، وكانوا يرسلون حيوانًا كل يومٍ لعرين الأسد.

وفي أحد الأيام، جاء دور الأرنب للذهاب إلى عرين الأسد، وأُصيب الأرنب بالحزن الشديد. بدأ يمشي وهو يقول في نفسه: “سيأكلني الأسد اليوم، ولا أعرف ما الذي يجب عليَّ فعله للنجاة بحياتي”.

وفي طريقه للأسد، صادف بئرًا قديمة، فشرب الماء، وبدأ في النظر إلى البئر، ووجده عميقًا جدًّا، ثم بدأ يضحك، وقال: “لقد خطرت لي فكرة ستضمن لي النجاة من الأسد”.

أسرع الأرنب إلى عرين الأسد، الذي كان غاضبًا للغاية، ويشعر بالجوع الشديد، وما إن رأى الأرنب، حتى صاح به بغضبٍ قائلًا: “لماذا تأخرت أيها الأرنب؟ ألم تعلم أني أشعر بالجوع منذ الصباح؟”.

تقدّم الأرنب بخطوات بطيئة وتظهر عليه علامات الخوف والتوتر، وقال: “اعتذر يا سيدي الملك، ولكن في طريقي إلى هنا، صادفتُ أسدًا آخر في الغابة، وظلّ يدّعي أنه ملك الغابة، وأراد أن يأكلني، لكني نجوتُ بصعوبة بالغة، لأُقدم حياتي إليك كما أمرت”.

غضب الأسد وشعر بالاستياء لفكرة وجود أسد آخر في الغابة غيره. صاح قائلًا: “ماذا تقول؟ أسد غيري. هل تعرف أين يسكن؟”، فأجاب الأرنب: “نعم يا سيدي، تعال معي لأريك مكانه”.

أخذ الأرنب الأسد إلى البئر القديمة، وقال له: “سيدي، إن الأسد الآخر يسكن في هذه البئر، لكن احذر فهو عملاق”.

نظر الأسد إلى داخل البئر، فرأى في الماء صورة انعكاسه، فظنّ أنها أسدٍ آخر. أطلق زئيره العالي ليُخيفه، لكن صدى صوته ارتدّ إليه من أعماق البئر، فظنّ أن الأسد الآخر يردّ عليه الزئير. اشتدّ غضبه، وقرّر مهاجمته للقضاء عليه، فقفز مباشرةً إلى داخل البئر ليهاجمه، لكنه سرعان ما أدرك الحقيقة.

حاول الخروج، وظلّ ينادي على الأرنب لينقذه، لكن الأرنب اقترب من حافة البئر وقال: “ولماذا سأنقذك؟ لتعود وتلتهمني أنا وجميع الحيوانات في الغابة لاحقًا؟ لقد كنتَ أسدًا مغرورًا، تبثّ الرعب في قلوبنا، ونسيتَ أننا جعلناك ملك الغابة الحقيقي لتحمينا من هجمات الحيوانات الأخرى، لا لكي تأكلنا وتُرعبنا”.

غادر الأرنب المكان تاركًا الأسد وحيدًا في البئر، وظلّ الأسد ينادي ويستغيث باقي الحيوانات، لكن لم يتمكن أحد من سماع صوته بسبب عمق البئر. عاد الأرنب إلى الغابة وأخبر الحيوانات بما حدث، وكيف قضى على الأسد المغرور. فرحت الحيوانات كثيرًا، وشعروا بالراحة والاطمئنان لأنهم تخلّصوا من الأسد. أما الأرنب فشعر بالفخر والسعادة، لأنه أنقذ حياة من في الغابة بذكائه.

اقرأ أيضًا: قصة الفراولة للأطفال: مغامرة ماري في المملكة السحرية

قصص الأطفال ليست مجرد كلمات تُروى، بل هي نوافذ تفتح عقول الأطفال على الإبداع، والخيال، وحب القراءة وتعلّمهم كيف يصبحون أبطالاً في الحياة الواقعية. فهي تغرس في نفوسهم البذور الأولى للتمييز بين الصواب والخطأ، وتمنحهم أدوات لفهم أنفسهم والعالم من حولهم. وفي هذا المقال، قدّمنا لك قصص قصيرة للأطفال مناسبة لعمر 4 سنوات، قصص جميلة ومسلية وتحمل في طياتها العديد من العبر عن الصداقة والتخطيط والتواضع ومساعدة الأخرين.

فعندما يستمع طفلك إلى مغامرات الغراب العطشان، يتعلّم أهمية التفكير وعدم الاستسلام للظروف، ومع قصة الدب والصديقان سيتعلم أهمية الصداقة الحقيقية وكيف يختار صديقه. وهذه القيم ستساعده في المستقبل وتبقى في ذاكرته وتبني شخصيته على الأخلاق والمبادئ الحميدة.

المصدر

.Storyrack

قصة للأطفال عن العناية بالأسنان | نورة والأسنان السعيدة

قد تكون العناية بالأسنان للأطفال أمرًا في غاية الصعوبة، خاصّة مع حبّهم الشديد للسكاكر والحلوى، وإعراضهم بشكل عام عن تنظيف الأسنان قبل النوم، ما قد يسبّب التسوّس والآلام للصغار. في قصّة اليوم، نكتشف مع نورة أهميّة العناية بالأسنان وتنظيفها بشكل دوري للحفاظ على صحّتها وإشراقتها! قصّة ممتعة لصغارك لتحفيزهم على اكتساب هذه العادة الصحيّة المهمّة.

بداية العطلة

كانت نورة تعيش في مدينة كبيرة تعج بالحياة والألوان، حيث تلمع ناطحات السحاب في النهار وتتلألأ الأنوار ليلًا… في حي هادئ وسط المدينة، كان هناك منزل صغير مليء بالزهور والأشجار العالية، في هذا المنزل عاشت نورة مع أسرتها.

نورة فتاة في العاشرة من عمرها، ذات شعر بني ناعم وعينين لامعتين تبرزان فضولها الدائم لمعرفة كل جديد. كانت طيبة وبشوشة فابتسامتها التي لا تفارق وجهها، لكنها كانت دائمًا مشغولة باللعب والمغامرات. كانت تحب الرسم والركض مع أصدقائها في النادي الصيفي القريب، وتحب استكشاف المدينة مع عائلتها في عطلات نهاية الأسبوع.

في هذا الصيف، ومع بداية العطلة الصيفية، كانت نورة متحمسة لقضاء وقت طويل في النادي الصيفي؛ لأنّها تتوق للحرية واللعب في الهواء الطلق، لكن هناك أمر واحد لم تكن تحبه في أي وقت وتهمله أكثر في العطلة وهو: تنظيف أسنانها.

كانت أمها، التي تهتم كثيرًا بصحة نورة، تحرص على تذكيرها كل صباح:

“نورة، لا تنسي غسل أسنانك جيدًا قبل الذهاب إلى النادي، الأسنان النظيفة تجعل ابتسامتك أجمل.”

لكن نورة كانت ترد بابتسامة طفولية:

“لاحقًا يا أمي… سأغسلها عندما أعود.”

وعندما يعود المساء، وبعد اللعب والمرح في النادي، كانت تقول لنفسها:

“غدًا سأغسلها، الآن أنا متعبة جدًّا.”

أما صديقتها سارة، التي كانت مهتمة بأسنانها، فقد كانت دائمًا تحمل فرشاة أسنانها الصغيرة معها في النادي، وتقول بفخر:

“أنا أغسل أسناني مرتين يوميًّا، وأشعر دائمًا بالراحة والنظافة.”

فتضحك نورة وتقول لها:

“هذا ممل!”

بداية الألم

مرت أسابيع على إهمال نورة، وبدأت تشعر بألم مزعج في أحد أسنانها الخلفية، لكنها لم تخبر أحدًا. استمر الألم في التزايد، وأصبح يزعجها أثناء اللعب في النادي وخاصة عند النوم.

في إحدى الليالي، استيقظت نورة من الألم الشديد وركضت إلى أمها التي احتضنتها بحنان وقالت:

“لا تقلقي يا حبيبتي، سنذهب غدًا إلى طبيبة الأسنان.”

في العيادة، جلست نورة على الكرسي الكبير بقلق، وفتحت فمها لتفحص الطبيبة أسنانها بعناية. قالت الطبيبة بابتسامة مطمئنة:

“لديك تسوّس عميق، ولهذا تشعرين بهذا الألم.”

قالت نورة بخوف:

“هل سأفقد سني؟”

طمأنتها الطبيبة:

“سنحاول علاجه، ولكن كان من الممكن تجنب هذا الألم لو اعتنيت بأسنانك منذ البداية.”

وأوضحت:

“التسوّس يسبب ألمًا شديدًا قد يمتد إلى الرأس والأذن. والأسنان الصحية تساعدك على الابتسام بثقة وتناول الطعام بسهولة.”

ثم أضافت:

“اختاري معجون أسنان يحتوي على مكونات طبيعية مثل زيت النعناع أو الصبار، فهي تساعد على تهدئة اللثة وحماية الأسنان من الجراثيم، ولا تنسي تغيير فرشاة أسنانك كل ثلاثة أشهر لتبقى فعالة.”


الحلم العجيب

أثناء النوم حلمت نورة حلمًا غريبًا، حيث وجدت نفسها داخل عالم عجيب يشبه مملكة كبيرة داخل فمها! هناك، كان كل شيء مصنوعًا من الأسنان اللامعة واللثة الوردية، لكنها لاحظت أن بعض الأسنان كانت حزينة، بعضها مكسور وبعضها مغطى بالبقع السوداء.

فجأة، ظهرت الملكة لؤلؤة، ملكة الأسنان السعيدة، ترتدي تاجًا لامعًا من اللؤلؤ النظيف، وقالت بنبرة لطيفة:

“نورة، هذه مملكتي العظيمة، لكن انظري! بعض الأسنان تعاني بسبب الإهمال، والتسوّس هو عدونا الأكبر.”

ثم ظهرت الفرشاة الحكيمة، التي كانت ذات شعيرات ناعمة وابتسامة ودودة. قالت:

“تعالي، سأعلمك كيف تنظفين أسنانك بطريقة صحيحة. لا تنظفي أسنانك فقط بالتحريك ذهابًا وإيابًا، بل بحركات دائرية ناعمة من الأعلى إلى الأسفل. لا تنسي تنظيف كل الأماكن، تحديدًا خلف الأسنان واللثة؛ لأنها الأماكن التي يحب الجراثيم أن تختبئ فيها.”

أشارت الملكة لؤلؤة إلى خيط الأسنان الذي كان يلمع بين الأسنان وقالت:

“وهذا هو الخيط السحري، يساعدك على تنظيف الأماكن الضيقة بين الأسنان التي لا تصل إليها الفرشاة.”

ثم قالت الملكة:

“كما يجب عليك تنظيف لسانك بلطف، فهو مكان تتجمع فيه الجراثيم التي تسبب رائحة الفم الكريهة.”

وأكملت الفرشاة الحكيمة:

“استعملي معجون أسنان صحّيّ ومناسب لطبيعة لثتك وأسنانك.”

نظرت نورة حولها، ورأت الأسنان السعيدة تبتسم وتتلألأ، بينما ابتعدت الأسنان السوداء وهي تذبل. تعهدت نورة في قلبها أن تعتني بأسنانها جيدًا، وهتف كل سكان المملكة:

“نحن نثق بكِ يا بطلة مملكتنا!”

التغيير في النادي الصيفي و العناية بالأسنان

في صباح اليوم التالي، استيقظت نورة مبكرة قبل الذهاب إلى النادي الصيفي، وأحضرت فرشاة أسنانها الصغيرة ومعجون الأسنان الطبيعي. ذهبت إلى حمام النادي، وأمام مرآة الحمام نظفت أسنانها بحركات دائرية ناعمة، كما تعلمت من الملكة لؤلؤة والفرشاة الحكيمة، كانت تركز على تنظيف الأسنان الخلفية حيث كان الألم، وحرصت على تنظيف لسانها أيضًا بلطف.

خلال استراحة الغداء، أخرجت نورة خيط الأسنان السحري الذي اشترته حديثًا، وتعلمت من والدة صديقتها كيف تستعمله بحذر بين الأسنان. لاحظت سارة هذا التغيير وقالت:

“واو، نورة، تبدين محترفة! هل ستشاركيننا كيف تعتنين بأسنانك؟”

ابتسمت نورة وقالت:

“بالطبع! نظافة الأسنان سهلة وممتعة عندما تعرفين الطريقة الصحيحة.”

نظّم النادي نشاطًا كبيرًا بعنوان “ابتسامتنا سر سعادتنا”، حيث اجتمع الأطفال مع المشرفين، ورسموا ملصقات ولوحات ملونة تُظهر فرشاة الأسنان كبطلة تحارب التسوّس. تعلم الأطفال من خلال عرض مسرحي بسيط كيف يمكن للتسوس أن يدمر الأسنان وكيف تساعدهم الفرشاة والخيط والمعجون في الحفاظ عليها.

شاركت نورة مع أصدقائها ليلى وراكان في تقديم قصة قصيرة عن مملكة الأسنان السعيدة التي تحكمها الملكة لؤلؤة. استخدموا مجسمات وفرشًا وأسنانًا بلاستيكية لشرح كيفية التنظيف الصحيح. كان الجميع مستمتعين وتعلموا الكثير.

في نهاية النشاط، شكر المشرفون الفريق، وقالوا:

“أحسنتم! أنتم أبطال، وستجعلون النادي مكانًا أكثر صحة وسعادة.”

ومنذ ذلك اليوم، أصبحت نورة مصدر إلهام لأصدقائها في النادي، يلاحظونها وهي تحمل فرشاة أسنانها دائمًا، وتحرص على العناية بأسنانها جيدًا، وتعلم الآخرين بنفس الشغف.

نورة بطلة الابتسامة

مع مرور الأيام في النادي الصيفي، تحوّلت نورة من فتاة كانت تهرب من تنظيف أسنانها إلى بطلة حقيقية تهتم بصحة أسنانها وتلهم أصدقاءها بفعل الشيء نفسه. أصبحت نورة مثالًا يُحتذى به بين الأطفال، وكانت دائمًا تحمل معها فرشاة الأسنان ومعجون الأسنان الطبيعي في حقيبتها.

في إحدى جلسات النادي، نظمت المشرفة سعاد مسابقة صغيرة بعنوان “أفضل ابتسامة”. طلبت من الأطفال أن يحكوا قصصهم عن العناية بالأسنان أو يشاركوا نصائحهم. وقفت نورة أمام الجميع، وأخبرتهم عن حلمها في مملكة الأسنان السعيدة والملكة لؤلؤة التي علمتها كيف تنظف أسنانها بطريقة صحيحة.

وتابعت بحماس:

“أنا الآن أغسل أسناني مرتين يوميًّا، بحركات دائرية لطيفة، وأنظف لساني وأستخدم الخيط السحري الذي يساعد على إزالة بقايا الطعام بين الأسنان.”

تحدثت عن الألم الذي عانته في السابق، وكيف أن العناية بالأسنان والاهتمام الجيد بها هو الطريق إلى الابتسامة الجميلة والراحة أثناء الأكل والنوم.

ابتسم الأطفال بفضول، وبدؤوا يطرحون أسئلة حول أفضل الطرق للعناية بالأسنان، فأجابت نورة بكل ثقة مؤكدة أن اللعب والانشغال لا يمنعانها من الاهتمام بأسنانها.

في نهاية المسابقة، أعلنت المشرفة سعاد:

“كلنا فائزون عندما نهتم بصحتنا، لكن نورة استحقت لقب بطلة الابتسامة!”

صفّق الجميع، وعلّقت إدارة النادي لوحة شكر في المدخل كتبوا عليها:

“أبطال الابتسامة – نورة قائدة الصحة والبهجة”

منذ ذلك اليوم، أصبحت نورة بطلة النادي، حيث تلعب دورًا فعالًا في نشر الوعي بين أصدقائها، وتحرص على أن يكون النادي مكانًا نظيفًا وصحيًّا في كل شيء. كانت دائمًا تبتسم بثقة، وتعلم الجميع أن كل شيء نفعله في الحفاظ على صحتنا -مهما بدا سخيفًا- يجعلنا أكثر رضا وسعادة.

تعرّف على أهمية الغذاء المتوازن مع قصّة طبق الألوان المرح.

قنفوذ النَّزِق | قصة قصيرة للأطفال عن النوم المبكّر

يُعدّ النوم المبكر للأطفال من أهمّ العادات التي يجب أن يكتسبها أطفالنا، فهو لبنة أساسية التي تُبنى عليها صحّة الطفل ونموّه. وفي الوقت الذي ننظر إليه كوقت للراحة والسكون، ينطوي النوم على عملية معقّدة تحدث فيها الكثير من المعجزات الصغيرة. خلال النوم، يعمل الجسم على تجديد الخلايا وتقوية الجهاز المناعي وتثبيت المعلومات التي اكتسبها الطفل في النهار.

لكن ما الذي قد يحدث إن تجاهل الطفل أهميّة النوم؟! وأصرّ على السهر واللهو حتى وقتٍ متأخر في كلّ يوم؟ هذا ما سيُخبرنا به قنفوذ الصغير، في هذه القصّة الظريفة عن أهميّة النوم المبكّر للأطفال.

في غابة واسعة مليئة بالأشجار العالية والزهور الملونة، كانت الحيوانات تعيش بسلام ونظامٍ، تبدأ يومها مع بزوغ الفجر، تنشط وتلعب تحت أشعة الشمس، ثم تستعد للنوم عندما يحلّ المساء، ويغمرها هدوء النجوم…

كلّ شيء في الغابة يسير بانسجام؛ الطيور تستيقظ باكرًا لتغني، الأرانب تجري إلى المدرسة بنشاط، والدببة الصغار تنامُ بعد العشاء مباشرة وهي تعانق دُماها المفضّلة.

لكن كان هناك من لا يُشبههم تمامًا…

إنه قنفوذ الصغير، يعيش في بيت دافئ في قلب شجرة بلّوط قديمة، ذكي، محب للاستكشاف، وفضولي إلى حدٍّ كبير… لكنه لا يحب النوم أبدًا!

حين تنام الغابة، يبدأ يوم قنفوذ الحقيقي! فيتسلّل إلى قصصه السرية، يراقب القمر من نافذته الصغيرة، ويقول لنفسه كل ليلة:

“سأنام بعد دقيقة… فقط دقيقة واحدة أخرى!”

تمرّ الليالي وهو يسهر، يضحك، ويؤجل النوم ظنًّا منه أن النوم ممل، وأنّه يفوت عليه الكثير من المغامرات والأحداث، وأنّ المتعة لا تأتي إلا بعد أن ينام الجميع.

لكن…شيئًا فشيئًا، بدأت الغابة تتغير في عينيه… النهار صار متعبًا، اللعب صار مرهقًا، والمزاج صار غائمًا، وكأن السهر سرق منه شيئًا جميلًا لم يعرفه من قبل.

الفوضى الصباحية

لكنّه لم يكن يشعر بالراحة التي يشعر بها الجميع، كان يشعر بثقل في عينيه، وكسل في جسده الصغير.

ركض نحو نافذته لينظر إلى السماء الزرقاء، ثم نظر إلى ساعته الصغيرة.

يا للأسف! لقد تأخر كثيرًا!

حاول بسرعة ارتداء ملابسه، لكنّه وقع في فوضى: حذاؤه الأيسر غير موجود، وحقيبته ملقاة على الأرض.

ركض خارج البيت وهو يلهث.

تبعته الدبة الصغيرة “ماما توت” بابتسامة مُحِبّة لكنها قلقة:

“يا قنفوذ، هل نمت جيدًا الليلة؟ أنت تبدو متعبًا جدًّا.”

لم يرد قنفوذ، ركض نحو الحافلة التي بدأت تتحرك.

حاول اللحاق بها لكن قدمه انزلقت على حجر صغير، وسقط على ركبتيه، فأصاب يده بالوحل.

وقف، نظف يده بعجل، وأسرع للحاق بالحافلة، لكنه كان متأخرًا بالفعل.

شاهد الحافلة تبتعد أمامه، ووقف على الرصيف يشعر بالحزن.

وصل إلى المدرسة بعد قليل سيرًا على الأقدام، وجهه متعب، وملابسه متسخة قليلًا.

الحصة المتعبة

جلس قنفوذ في صفه، ورفع رأسه ببطء محاولًا التركيز، لكنّ عينيه كانتا ترفرفان من التعب.

كانت “بومة الحكيمة” تشرح درسًا عن الكواكب بنبرة هادئة وصوت شجي، يعانق كل كلمة فيه شغفًا وعلمًا.

لكنّ قنفوذ لم يكن يستمع؛ كان يفكر في لعبته التي تركها في البيت، وفي قصته المفضلة التي لم يكملها، وفي حلمه بأن يسهر أكثر.

حين سألته المعلمة فجأة عن أكبر كوكب في المجموعة الشمسية، لم يستطع الرد بسرعة، فقال بحيرة:

“ممم… كوكب العسل؟”

ضحك الطلاب جميعًا، واحمرّ هو خجلًا.

اقترب منه الأرنب رعد وهمس له:

“قنفوذ، النوم مهم يا صاحبي! لا يمكنك أن تنجح إن كنت تشعر بالنعاس في الصف طوال الوقت!”

تمنّى قنفوذ لو استطاع أن ينام جيدًا، لكنه لم يعرف كيف يغيّر عادته.

نسيان وغضب

في وقت توزيع الواجبات، جاء دور قنفوذ ليُسلّم ورقته.

بحث في حقيبته، لكنه لم يجدها! قلب حقيبته مرارًا، وأدرك أنه نسيها في البيت.

تملّكه الغضب والخجل، فصرخ:

“لا أحتاج مساعدتكم! أستطيع حلها وحدي!”

تفاجأ الأصدقاء من تصرفه، وابتعدوا عنه بهدوء.

جلست بجانبه السلحفاة روان، التي تعرف أن التعب يؤثر على المزاج، وقالت له بلطف:

“قنفوذ، أنت تعبان جدًّا. عندما لا ننام كفاية، نصبح سريعي الغضب وننسى الأشياء بسهولة.”

نظر قنفوذ إلى الأرض، وشعر بالحزن. كان يريد أن يكون كائنًا سعيدًا وهادئًا كما كان قبل فترة.

حديث المساء

عاد قنفوذ إلى بيته الصغير تحت شجرة البلوط.

كان المنزل دافئًا وهادئًا، مع نوافذ صغيرة تفتح على الغابة المظلمة.

في زاوية البيت، جلست جدته “ميمو” تنتظره، تحمل كوبًا دافئًا من الحليب بالعسل.

قالت له بابتسامة دافئة:

“يا قنفوذ، الجسم يحتاج للراحة كي يكبر ويكون قويًّا. النوم هو وقت العلاج والتعافي.”

جلس قنفوذ بجانبها، وأخذ رشفة من الحليب الدافئ، وأغمض عينيه للحظة.

قال بصوت خافت:

“أنا أشعر بالتعب، ولا أستطيع التركيز… ماذا أفعل يا جدتي؟”

ابتسمت جدته وقالت:

“جرب أن تنام مبكرًا الليلة. أجربها معك، وسنرى كيف ستشعر في الصباح.”

التجربة الجديدة

في تلك الليلة، أطفأ قنفوذ ألعابه، وغسل أسنانه، واستلقى على سريره المصنوع من أوراق البلوط الناعمة.

الهدوء كان يعم الغرفة، والنجوم تلمع كحبات الماس من نافذته.

تنفس بعمق، وغلق عينيه.

بدأ يحلم بأماكن جميلة، حيث كان يركض ويلعب بسعادة دون تعب أو غضب.

صباح المفاجأة

في الصباح التالي، استيقظ قنفوذ مبكرًا قبل أن تشرق الشمس بقليل.

شعر بنشاط لم يشعر به منذ زمن بعيد، وأصبح كل شيء يبدو أجمل وأوضح.

تناول فطوره بسرعة، وحزم حقيبته بكل حماس، ووصل إلى المدرسة قبل أصدقائه.

في الصف، أجاب عن الأسئلة بسهولة، وتذكر كل شيء تعلّمه... وفي وقت اللعب ركض بسعادة مع الجميع، وابتسامته تملأ وجهه.

قالت المعلمة بومة الحكيمة بسعادة:

“يا له من تغيير رائع! يبدو أن النوم الجيد يفعل العجائب.”

ابتسم قنفوذ وقال بفخر:

“النوم المبكر هو سر الطاقة والسعادة!”

الخاتمة

منذ ذلك اليوم، تغير قنفوذ كثيرًا، وصار ينام باكرًا كل ليلة، لا يؤجل النوم كما كان يفعل من قبل. أصبح يستيقظ مع شروق الشمس، مليئًا بالنشاط والطاقة، جاهزًا ليوم جديد من المغامرات واللعب والتعلم.

في المدرسة، لاحظ الجميع الفرق الكبير في قنفوذ. لم يعد يتأخر أو ينسى واجباته، بل صار من أكثر الأطفال انتباهًا واجتهادًا. كان يرفع يده ليجيب على الأسئلة بحماس، ويشارك في الأنشطة بابتسامة مشرقة لا تفارقه.

وفي وقت اللعب، أصبح قنفوذ سريع الحركة، يلعب مع أصدقائه بفرح، ويضحك من قلبه. حتى أنه أصبح يساعد من كانوا يعانون مثله سابقًا، يُخبرهم بقصة نومه الجديدة، ويشجعهم على النوم مبكرًا ليشعروا بسعادة ونشاط مثله.

ذات يوم، اجتمعت حيوانات الغابة الصغيرة في حفلة مسائية، وطلبوا من قنفوذ أن يخبرهم بسرّ نشاطه الجديد. وقف قنفوذ أمام الجميع، وابتسم قائلًا:

“السرّ هو النوم المبكر يا أصدقائي! النوم ليس فقط للراحة، بل هو وقت ينمو فيه جسدكم، ويزداد فيه ذكاؤكم، ويهدأ فيه قلبكم.”

ابتسم الجميع، وقرروا أن يجعلوا النوم عادة جميلة في حياتهم.

عاد قنفوذ إلى بيته الصغير تحت شجرة البلوط، فتح نافذته لينظر إلى النجوم المتلألئة، وقال لنفسه وهو سعيد:

“النوم صديقي الجديد، وشريك كل مغامراتي القادمة.”

وهكذا، عاش قنفوذ سعيدًا ونشيطًا، وكل ليلة ينام باكرًا ليستيقظ بطل الغابة الصغير مستعدًا لتحقيق أحلامه الكبيرة.

نصيحة من قنفوذ

لا تؤجل النوم من أجل اللعب أو القصص أو الأجهزة.

عقلك يحتاج النوم لينمو، وقلبك يحتاج الراحة ليكون مطمئنًا،

وجسمك يحتاج الليل كي يستعد ليوم جديد ومليء بالمغامرات.

اقرأ أيضًا: 5 قصص أطفال لعمر 8 سنوات

اقرأ المزيد من القصص القصيرة الملهمة للكبار والصغار.

قصة عن التعاون للأطفال: الحمامة المطوقة وأصدقاء الغابة

قيل قديمًا أن التعاون هو أقوى سلاح في مواجهة التحديات، وأن اليد الواحدة لا يمكنها إنجاز العمل بمفردها. لذلك، سنروي اليوم قصة عن حمامة جميلة الألوان وقعت في فخ الصياد. لكن بفضل مساعدة أصدقائها في الغابة تمكّنت من الهروب من شبكة الصياد. تابعوا معنا هذه القصة المليئة بالمغامرة، والتي ستعلم الأطفال أن العمل الجماعي هو سر النجاح في مواجهة أصعب المواقف.

قصة عن التعاون للأطفال: الحمامة المطوقة وأصدقائها

حدثت قصّتنا في غابةٍ جميلةٍ كثيفة الأشجار ذات منظر بديع. كانت الغابة موطنًا للطيور. لكن، كما هي العادة في الحياة، لا تسلم الطيور والحيوانات من خطر الصيادين الذين ينصبون شباكهم في كل أنحاء الغابة طمعًا في اصطياد الطيور الجميلة التي تعيش فيها.

كثيرًا ما يتردد الصيادون على الغابة، وخاصةً بالقرب من شجرة كبيرة، حيث اعتادت الطّيور التجمع عندها باستمرار. وذات يوم، في الصباح الباكر، خرج غراب من عشه القريب من الشجرة الكبيرة فرأى صيادًا تبدو على وجهه ملامح الدهاء والخبث، يتسلَّل بحذر داخل الغابة، ويحمل في إحدى يديه شبكة صيد كبيرة وحبوبًا، وفي اليد الأخرى عصا غليظة.

ذُعر الغراب مما رآه، وتسمّر في مكانه، وتساءل كثيرًا في نفسه: “لماذا جاء هذا الصياد إلى غابتنا؟ هل جاء لاصطيادي وقتلي؟ أم أنَّ هناك طيورًا أخرى ستكون ضحية خدعته؟” 

اختبأ الغراب وأخذ يُراقب ما يفعله الصياد من بعيد، فرأه يضع شبكته الكبيرة بحذر بين الأعشاب الطويلة، وينثر الحبوب فوقها لتكون فخًا للطيور التي تطير حول الشجرة. لم يمضِ وقت طويل حتى جاء سرب كبير من الحمام، تتقدّمهن في الطيران حمامة بيضاء آسرة الجمال تُدعى “المطوقة”، وسُميت الحمامة بهذا الاسم لشدة جمال ريشها الأبيض اللامع وعنقها الأبيض كحبات اللؤلؤ. كانت المطوقة حكيمة وفطنة، وتكنُّ لها باقي الحمامات احترامًا عظيمًا.

حلّق السرب فوق الشجرة الكبيرة، ولمحت الحمامات الحبوب المتناثرة. فرحت الحمامات بشدة ولم يستطعن مقاومة الطعام المجاني، واندفعن نحو الأرض، وقد أنساهن الجوع أخذ الحذر، فلم ينتبهن إلى الشبكة.

شعرت المطوقة بالريبة، فصاحت في أصدقائها: “احذرن! هذا غريب، قد يكون هذا فخًا”.

وعلى الرغم من إحساسها بالخطر، إلا أنها لم تتمكن من إيقاف السرب، فقد غلبتها أصوات الجوع. وعندما أقبل السرب والحمامة المطوقة نحو الحبوب لالتقطاها، وقف الغراب فوق غصن مرتفع، يحاول تحذيرهن، ولكن لم يصغ إليه أحد.

ما إن لمست أقدامهن أرض الغابة، حتى انطبقت عليهن الشبكة التي نصبها الصياد، فتشابكت أرجلهن في خيوطها. علا صراخ سرب الحمام، وبدأت كل حمامة تضرب بجناحيها بجنون في محاولة يائسة للخلاص من الشبكة، غير آبهة برفيقاتها.

فرح الصياد وهو يراقب المشهد من بعيد، وانطلق مسرعًا لجمع الحمام. وفي تلك اللحظة، حاول الحمام الطيران بعيدًا، لكن دون جدوى، إذ طارت كل حمامة في اتجاه مختلف، فتشابكت الخيوط أكثر، مما زاد الموقف سوءًا

اقترب الصياد من الشبكة وقال بسخرية: “لقد أمسكتُ بصيدٍ ثمينٍ! سأخذ هذه الطّيور إلى السوق وأبيعها وأصبح غنيًا”.

وعندما اقترب الصياد منهن، خاف الحمام كثيرًا، وقال بعضهن لبعض: “سيُقضى علينا جميعًا”.

عندها فكرت الحمامة المطوقة بحكمة وقالت: “توقفن! لن نستطيع النجاة هكذا. أرجوكن، لا تضربن بأجنحتكنّ، ولا تفكرن بإنقاذ أنفسكنّ فقط. علينا التعاون معًا لننقذ أنفسنا”.

قالت إحدى الحمامات في حيرة: “وماذا نفعل؟”

ردت المطوقة بثقة: “يجب علينا الاتحاد والتعاون معًا. يجب أن نرفرف جميعًا بأجنحتنا في نفس الوقت وبقوة واحدة”.

استجاب باقي السرب لكلام الحمامة المطوقة، واتحدن وقرّرن أن يطرن معًا إلى أعلى كي يتخلَّصن من الشبكة العالقة. وعلى الرغم من ثقلها، استطاعوا رفعها عن الأرض بفضل التعاون معًا. لاحظ الصياد ما يحدث، فاندفع مسرعًا لينقضّ عليهن، لكنه لم يستطع، فقد حلّق الحمام بالشبكة عاليًا في الهواء.

تعجّب الصياد مما رأى، وقال: “كيف حدث هذا؟ هذه أول مرة أرى طيورًا تحمل شبكة”.

غضب الصياد واندفع يطاردهن عبر الغابة. وعندما رأت المطوقة أنّ الصياد يتبعهن، صاحت بصوت مرتفع: “هيا، لنطير بين الأشجار الكثيفة حتى لا يتمكن من ملاحقتنا”.

وبالفعل، طار سرب الحمام بين الأشجار المتشابكة، فتعذّر على الصياد اللحاق بهن، وتردد في دخول أعماق الغابة خوفًا من الحيوانات المفترسة. واصل السرب الطيران حتى ابتعد تمامًا عن الصياد، ووصل إلى مكان آمن وسط الغابة. وهناك، ظهر الغراب فجأة، واقترب وهو يقول: “لا تخفن، سأذهب مسرعًا لإحضار السنجاب الحكيم ليساعدكن”.

عُرف السنجاب في الغابة بحكمته وحيلته ومساعدته لجميع الطيور والحيوانات. طار الغراب مسرعًا إلى بيت السنجاب، وقصَّ عليه ما حدث مع سرب الحمام، وقال بلهفة: “أيها السنجابُ الحكيمُ، نحتاج إلى مساعدتك، لقد وقع الحمام في شبكة الصياد”.

أسرع السنجاب مع الغراب إلى مكان السرب. وعندما رأت الحمامة السنجاب قالت: “أيها السنجاب الحكيم، لقد تعاوننا معًا للهرب من الصياد، ولكننا ما زلنا عالقين. نحتاج إلى مساعدتك كي نتخلص من هذه الشبكة وننجو”.

استنكر السنجاب المشهد، وتعجّب كيف للمطوقة أن تقع ضحية هذا الفخ وقال: ما الذي أوقعكِ في هذا الفخ، وأنتِ معروفة بالذكاء والفطنة؟”

ردت الحمامة، وهي تشير إلى الحبوب العالقة في الشبكة بحزن: “إنه الطمع، هو من أوقعني في هذه الورطة”.

ابتسم السنجاب، وقال: “حسنًا، لا تقلقي. سأعمل على تحريركنَّ بأسرع وقت”.

أسرع السنجاب في محاولة فكّ الشباك عن الحمامة المطوقة أولًا. لكنها أوقفته بلطف وقالت: “أرجوك، أنقذ أصدقائي أولًا قبل أن تفكَّ قيدي”.

تعجّب السنجاب من طلب الحمامة وقال: “ألا تريدين أن أنقذكِ أولًا؟”

ابتسمت الحمامة، وقالت: “إني أخاف إن بدأتَ بي أن تشعر بالتعب فتترك أصدقائي. ولكن إذا بدأتَ بفك شباك صديقاتي، فحتى إن أصابك التعب ستواصل العمل من أجل تحريري.”

نظر إليها السنجاب بإعجاب وقال: “كل يوم يزداد إعجابي بحكمتك وذكائك.”

وبينما انهمك السنجاب جاهدًا على قطع خيوط الشبكة بأسنانه، وصل الفأر والأرنب والسلحفاة مسرعين لمساعدته على تحرير الحمام. اجمعت الحيوانات معًا، وبدأوا يعملون كفريق واحد يسوده التعاون.

استخدمت السلحفاة فكّها لشد أطراف الشبكة وقطعها، بينما كان الأرنب والفأر يقطعان الحبال السميكة بمساعدة النحلة التي كانت تدلهما على أماكن العقد المخفية. أما الغراب، فظل يحلق في السماء، يراقب المكان ويحذرهم إذا اقترب الصياد من جديد. وعندما أحس الغراب باقتراب الصياد، طار مسرعًا ونادى الفيل ليساعدهم في مطاردته وإبعاده عنهم.

بفضل التعاون بين الجميع، استطاع الأصدقاء فكَّ الشباك وتحرير الحمام. ورفرفن بأجنحتهنَّ في الغابة فرحات بتحررهن.

شكرت المطوقة السنجاب وأصدقاءه، وقالت بامتنان: لقد نجونا بفضل تعاونكم جميعًا. شكرًا لكم”.

ابتسم السنجاب وقال: “إن التعاون بيننا هو الذي ساعدنا على تحريركن بسرعة.”

وأضافت السلحفاة: “مهما اختلفت أشكالنا وأحجامنا، فإن باتحادنا نستطيع التغلب على أي خطر. فالنجاح لا يتحقق إلا بالتعاون”.

طار سرب الحمام في السماء، وهنّ يلوّحن بأجنحتهن مودعات أصدقائهم الأوفياء. ومنذ ذلك اليوم، ظلّ سكان الغابة يروون قصة الحمامة المطوقة وأصدقائها الذين علّموا الجميع أن التعاون هو أساس النجاح.

اقرأ أيضًا: قصة عن الكذب للأطفال: الراعي والذئب

تُعد قصة الحمامة وأصدقائها واحدة من أفضل قصص الأطفال التي تغرس القيم والأخلاق في نفوسهم، حيث تحمل بين طياتها العديد من المبادئ السامية، فهي قصة عن التعاون والعمل الجماعي.

تُعلّم الأطفال أهمية مساعدة الآخرين وعدم التفكير في أنفسهم فقط، وتؤكد أن أساس النجاح والتغلب على المخاطر يكمن في التعاون. كما تُبرز القصة درسًا مهمًا، وهو ألا نستهين بقدرات الآخرين مهما كان حجمهم أو شكلهم؛ فكما رأينا في قصتنا، رغم صغر حجم الفأر والسنجاب وبطء السلحفاة، إلا أنهم كانوا السبب في تحرير الحمامات من الشبكة.

اقرأ أيضًا: قصة قصيرة عن الصدق: ياسر والجرّة

الجندب والنملة – قصة قصيرة عن الإيثار للأطفال

نحن نعيش من أجل أنفسنا ولكننا نتعلّم المعنى الحقيقي للحياة عندما نؤُثر الآخرين، فالإيثار لا يعني أن نُعطي الأشياء الفائضة لدينا، بل أن نُعطي الأشخاص من حاجتنا ونؤثرهم على نفسنا، حتى وإنّ كنا بأمس الحاجة.

بهذه الحكمة نحكي لكم اليوم قصة النملة والجندب، صديقان يعيشان سويًا في الغابة ويتشاركان اللعب والمرح، ولكن ماذا سيحدث عندما يحلّ فصل الشتاء القارس؟ وهل يمكن للإيثار أن يُنقذ حياة أحدهما في وقت الشدة؟

هيا نقرأ معًا قصة النملة والجندب ونتعلّم منها درسًا مهمًا عن الإيثار والعطاء الحقيقي ونكتشف جمال هذه القيم وأهميتها في تحويل الحياة إلى عالم يملؤه الحب والرحمة.

قصة عن الإيثار للأطفال: الجندب والنملة

في قديم الزمان، عاشت نملة وجندب في غابة خضراء جميلة، مليئة بالأشجار العالية والزهور الملونة. عُرف الجندب بين حيوانات الغابة بحبّه للعب واللهو. فهو يعشق الغناء، ويقفز برشاقة بين الأزهار المختلفة، ويعزف ألحانه السعيدة، وينشر الفرح في كل مكان. لم يكن يفكّر إلا في اللعب، ولا يشغل باله سوى المرح واللهو.

أما النملة، فعلى عكس الجندب، تستيقظ مع الفجر وتعمل بجدّ دون كلل أو تعب. تجمع الحبوب وتخزنها بعناية في بيتها الصغير تحت الأرض. وتقضي نهارها تتنقل بين الأعشاب والبذور، باحثة عن الطعام الصالح لتخزينه. ولا تتوقف عن العمل أبدًا، مهما اشتدّ الحر أو هبّت الرياح، لأنها تعرف أن الشتاء قادم، ويجب أن تكون مستعدة.

في أحد أيام الصيف الحارّة، خرج الجندب يتنقّل بين الأعشاب حتى وصل إلى بيت النملة. طرق الجندب باب منزلها، قائلاً: مرحبًا يا صديقتي العزيزة، الجو حار اليوم، ما رأيك أن نذهب إلى البركة ونستمتع بمياهها المنعشة”.

ردّت النملة: لا أستطيع اللعب الآن، يجب أن أجمع الحبوب وأخزّنها استعدادًا لفصل الشتاء”.

ضحك الجندب، وقال بلا مبالاة: “مازال الصيف طويلاً والوقت مبكر، لا تكوني مملة يا صديقتي، هيا بنا نلعب قليلًا”.

ردّت عليه: “يجب أن أخزّن الطعام يا صديقي، لماذا لا تنضم إليّ وتساعدني في جمع الحبوب وبعدها يمكننا اللعب”.

صاح الجندب: “لا لا لا لا، الجو حار جدًا، سأذهب إلى الماء لأخفف هذا الحر”.

رحل كلٌ من الجندب والنملة إلى وجهته. توجّهت النملة إلى المرج الأخضر لجمع الحبوب الصالحة لتخزينها. كانت النملة تحمل الحبوب الثقيلة بتوازن على ظهرها، ثم تضع حبة القمح في مخزنها، ثم تعود مسرعة إلى الحقل مرة أخرى لجمع حبة جديدة. وتكرّر هذه الرحلة مرات ومرات، ذهابًا وإيابًا بلا كلل.

من جهة أخرى، وصل الجندب إلى البركة الزرقاء، فاستقبلته الحيوانات بترحيب وفرح. قفز في المياه الباردة، وقضى يومه في سعادة غامرة مع أصدقائه، يغني ويلعب، مستمتعًا بأشعة الشمس والمياه المنعشة.

في صباح يوم جديد، التقي الجندب بالنملة في المرج العشبي، لوّح لها وقال ساخرًا: “هل ستجمعين الحبوب اليوم أيضًا؟ ألا تملين من العمل كلّ يوم؟”

ردّت النملة بهدوء: “الشتاء القارص سيحل قريبًا، ولن يسمح لنا بالخروج للبحث عن الطعام، لذا يجب أن أعمل اليوم لأرتاح غدًا”.

لكن الجندب لم يهتم بكلام صديقته النملة، وقضى يومه في المرج العشبي يلعب ويغني ويرقص على الألحان التي يعزفها. وفي كل مرة يرى النملة تمر من أمامه، يلوّح لها ويناديها للعلب معه، يقول لها ضاحكًا: “كُفّي عن العمل! تعالي نغنِّ ونستمتع بالشمس الدافئة. لديكِ الكثير من الطعام الذي يكفيكِ طوال الصيف”.

كانت النملة تتجاهله وتواصل عملها بجد، وهي تردد في نفسها: “نحن بحاجة إلى الطعام لنعيش. الصيف سيمضي سريعًا، ويا ليت الجندب يفكر قليلًا في الغد”.

 ومع مرور الأيام، ازدادت سخرية الجندب من النملة كلما رآها تحمل الحبوب. وهو يقول في نفسه: “لماذا أقلق بشأن الغد؟ اليوم جميل، والطعام وفير في الغابة”.

مرّت الأسابيع، وانتهى فصل الصّيف، وأقبل الخريف برياحه الخفيفة وأوراقه المُتساقطة. لكن لم يتغيّر شيء في طباع الجندب والنملة. النملة تواصل جمع الطعام، والجندب لا يزال يعزف ويغنّي. كل يوم، تدعو النملة صديقها الجندب إلى جمع الطعام للاستعداد للشّتاء، لكنّه يرفض بكسل.

ثم حلّ فصل الشّتاء البارد. تساقطت الثلوج وغطّت الأرض والأشجار، وأصبح كلّ شيء أبيض. لم تعد هناك أوراق، ولا بذور، مما جعل البحث عن الطعام مستحيلاً. جلست النملة تتناول ما خزّنته من طعام، في بيتها الدّافئ. أما الجندب الكسول، فكان يرتجف من البرد، ويتنقّل بين الأغصان باحثًا عن حبة طعام، لكن دون جدوى.

في أحد الأيام الباردة، استيقظ الجندب من نومه وخرج من منزله باحثًا عن أيّ شيء يسد به جوعه، كان البرد قاسيًا وأوراق الشجر تتساقط، والرياح تعصف من حوله. حاول أن يبحث عن طعام بين الثلوج والأوراق المتساقطة، لكنّه لم يجد شيئًا. فجلس بجانب صخرة يرتجف من الجوع والبرد وضم جناحيه ليدفأ نفسه.

فجأة، تذكّر كلمات النملة، فقرّر زيارتها ليطلب منها بعض الطعام. وفي طريقه إلى بيت صديقته، وجدها أمامه وكأنّها تبحث عنه، وكانت تحمل فوق ظهرها حبّة سكر كبيرة. توقفت النملة عندما رأته في هذه الحالة، ونظرت إليه بحزن. وقالت: “جندب! ماذا بك؟ لماذا تبدو ضعيفًا وشاحبًا بهذا الشكل؟”

أجاب الجندب بصوت ضعيف: “البرد شديد وأنا جائع للغاية، ولم أجد طعامًا منذ يومين”.

صمتت النملة قليلاً، ثم قالت: “هذا ما حذّرتك منه يا صديقي، ولكنّك لم تستمع إليّ”.

ثم أضافت: “تعال معي إلى بيتي، لديّ الكثير من الطعام الذي يكفيني أنا وأنت. يمكنك أن تأكل وتستريح حتى تزول العاصفة.”

فتح الجندب عينيه بدهشة: “حقًا! هل ستُعطيني الطعام؟ لكنني لم أساعدك في جمعه أو تخزينه”.

ردّت النملة: “أعلم ذلك، ولكنك صديقي. والإيثار هو أن نتشارك مع نحب حتى وإن لم يُعطينا شيئًا في المقابل. وأنت صديقي”.

شعر الجندب بالخجل الشديد، وانتابته موجة من الندم على كسله وعدم إكتراثه. سار مع النملة بصمت مستندًا عليها، حتى وصلا إلى بيتها. فتحت النملة الباب، وساعدته على الجلوس بالقرب من موقد النار، ثم أحضرت له بطانية، وقدّمت له طبقًا شهيًا من الحبوب والماء الدافئ.

كان الجندب ممتنًا للغاية، ولم يجد كلمات تُعبّر عن شكره ولطف النملة معه. بعد أن تناول الطعام، وشعر بالدفء، همّ بالمغادرة، لكنّ النملة منعته من المغادرة وقالت بلطف: “اجلس هنا حتي تستعيد صحتك بالكامل وتنتهي العاصفة”.

مكث الجندب في بيت النملة عدة أيام، ينعم بدفئها وكرمها، ويستعيد صحته شيئًا فشيئًا. وذات يوم، قال الجندب بصدق: لقد تعلّمت درسًا قاسيًا لن أنساه أبدًا، وأعدك يا صديقتي العزيزة أنني سأساعدك بكل طاقتي في جمع الطعام في الصيف المقبل.”

ومع مرور الأيام، ازدادت الصداقة بين الجندب والنملة وصارت أقوي. وبعد انتهاء الشتاء وحلول الربيع، خرج الجندب مبكرًا من بيته حاملاً سلة كبيرة وتوجّه مباشرة إلى منزل النملة.

دق الجندب الباب، ففتحت له النملة، قال لها بحماس: “هيا يا صديقتي، لقد حان وقت العمل، لنجمع الحبوب معًا”.

فرحت النملة كثيرًا بتغير الجندب وخرجت معه لجمع الطعام. قضى الصديقان الأيام في جمع الطعام وهما يغنيان ويرقصان فرحين بالتّعاون والعمل المشترك.

لم ينسَ الجندب أبدًا ما فعلته النملة لأجله، وكيف آثرت نفسها ومنحته من طعامها، رغم تعبها الشّديد في جمعه. وأخبر جميع حيوانات الغابة عن أخلاق النملة وكيف علمته معنى الإيثار الحقيقي، وكيف غيرّت حياته إلى الأفضل.

ومنذ ذلك اليوم، انتشرت قصة النملة والجندب بين الحيوانات، وصارت النملة ترمز إلى الإيثار والكرم، وصار الجندب مثالًا للتّغير الإيجابي. وهكذا، عاشا الصديقين يتعاونان ويتكاتفان في كل الأوقات.

اقرأ أيضًا: قصة قصيرة حول تقبل الآخرين| الثعلب واللقلق

المغزى من قصتنا عن الإيثار

قصة النملة والجندب ليست مجرد قصة تُعلّمنا أهمية العمل فقط، بل تعلمنا أهمية الإيثار والمشاركة مع الآخرين. قصة جميلة تبرز أهمية الشعور بآلام الآخرين ومشاكلهم وكيف يمكن للرحمة والمحبة والإيثار أن تبني العلاقات وتقويها. كما تعلم الأطفال أن القوة الحقيقة ليست في امتلاكك لكل شيء، بل تكمن في قدرتك على العطاء بحب للآخرين.

دعونا نتعلم اليوم يا أطفال قيمة وأهمية الإيثار في حياتنا ونحرص على العمل به، لنبني مجتمعًا قائمًا على المحبة والتعاون.

اقرأ أيضًا: مالك الغاضب!| قصة قصيرة حول السيطرة على الغضب

المصدر

.The Ant and the Grasshopper

قصة الفراولة للأطفال: مغامرة ماري في المملكة السحرية

يواجه العديد من الآباء صعوبة يومية في إقناع أطفالهم بتناول الفواكه والخضراوات. فغالبًا ما يزداد عناد الأطفال حين محاولة إقناعهم بتناول الأطعمة المفيدة. لذلك، يلجأ الآباء إلى البحث عن حلول مبتكرة لتشجيع أطفالهم على تناول الفواكه. ومن بين هذه الحلول الفعّالة استخدام القصص التي تتناول الفواكه والخضروات، حيث يمكنك تقديمها على أنها أبطال مغامرات شيقة. بهذه الطريقة، يمكنك تغيير نظرة الأطفال تجاه الطعام الصحي وتشجيعهم على تناوله.

في مغامرة جديدة، ستخوض ماري تحدّيات في مملكة الفراولة السحرية، حيث ستتعرف على الفوائد العجيبة للفراولة التي لم تكن تعلمها. ماذا ستتعلم ماري؟ وهل ستغير رأيها بعد هذه المغامرة؟ لنتابع معنًا قصة ماري والمملكة السحرية.

قصة الفراولة للأطفال: مغامرة ماري في المملكة السحرية

تدور أحداث قصتنا حول ماري ذات التسعة أعوام. ماري فتاة مرحة وذات قلب طيب، لكن هناك أمرًا واحدًا يُعكّر صفو سعادة والديها هو كرها الشديد لتناول الفواكه، وخاصةً الفراولة. ومهما حاول والداها إقناعها بتناول الفراولة الحمراء بطرق شتى، كانت تهز رأسها بعناد وترفض بشدة. لم يعرف الأب ماذا يفعل لإقناع ابنته، وهو يعلم جيدًا فوائدها الصحية العديدة. وذات يوم، وبينما كان يجلس الأب في حديقة البيت، خطرت له فكرة. وقرر أن يزرع الفراولة في مكان مميز بالحديقة، أملًا في أن تتعلّق ابنته بها شيئًا فشيئًا.

في أحد الأيام، جلست ماري بجانب والدها في الحديقة، تتأمل الأزهار وتستنشق عبيرها الفواح، متجاهلةً نبتة الفراولة التي زرعها والدها. وبينما كانت تلعب بين الأزهار، لفت انتباهها فراشة بديعة، تزهو أجنحتها بألوان لم ترَ مثلها من قبل. انطلقت ماري خلف الفراشة الجميلة، تجري وتلعب معها. بينما كانت تتبع الفراشة، ظهر فجأة ضوء ذهبي غريب، يشعّ بقوة من خلف الشجرة الكبيرة.

اقتربت ماري من الشجرة بفضول لمعرفة مصدر الضوء الغريب. وما إن وصلت، حتى خرج من بين الأوراق مخلوق صغير له جناحان رقيقان يلمعان كالزجاج. قال المخلوق بابتسامة: “مرحباً يا ماري، هل ترغبين في الانضمام إليّ في مغامرة ممتعة؟”

شعرت ماري بالدهشة والخوف، فسألت بفضول: “من أنت؟ وكيف خرجت من الشجرة؟”

أجاب المخلوق: “أنا أدعى “وميض”، حارس مملكة الفراولة السحرية. ولقد تم اختياركِ لزيارة مملكتنا واكتشاف فوائد الفراولة العجيبة بنفسك. هيا، اصعدي على أجنحتي، لننطلق في مغامراتنا”.

تحمّست ماري للفكرة، ومدت يدها إلى وميض، وبمساعدته صعدت على ظهره. في تلك اللحظة، أحاط بهما ضوء ذهبي لامع، دُهشت مارى للحظة وأغمضت عينيها بخوف. وعندما فتحتهما مجددًا، وجدت نفسها في عالم مذهل لم ترَ مثله من قبل.

رأت تلالاً خضراء واسعة مغطاة بآلاف حبات الفراولة الحمراء. كما رأت أنهارًا من عصير الفراولة اللذيذ، وبيوتًا على شكل حبّات عملاقة من الفراولة، لقد كان عاملًا سحريًا مثيرًا للدهشة.

قال وميض مبتسمًا: “مرحبًا بكِ يا ماري في مملكتنا السحرية. كل شيء هنا مصنوع من الفراولة. لكننا لا نأكلها فقط بسبب طعمها اللذيذ، بل لأنها تمتلك فوائد كثيرة”.

ردّت ماري: “أنا لا أحبها، لكنني جئت معك لأرى هذا العالم السحري”.

قال وميض: “أعلم ذلك، ولهذا السبب اخترناكِ أنت تحديدًا. أعدك بأنكِ ستُغيرين رأيك في نهاية رحلتنا”.

ثم تابع حديثه قائلًا: “إنها ليست مجرد فاكهة عادية. كل حبّة تحمل قوة سحرية خاصة. عندما تأكلينها، فإنها تمنحكِ جزءًا من قوتها. وكلما أكلتِ أكثر، زادت القوة التي تكتسبينها”.

اتسعت عينا ماري بدهشة، وقالت وهي تنظر إليه بفضول: “قوة سحرية؟ لم أسمع بهذا من قبل. ما هي هذه القوة؟ أخبرني”.

ابتسم وميض وقال: “هيا بنا إلى نتجول في المملكة، وهناك ستكتشفين الأسرار السحرية للفراولة”.

انطلق وميض وماري في رحلتهما السحرية، وبينما كانا يحلقان بين التلال، مرّا على نهر يتدفق منه عصير الفراولة الطازج، ورأت حوله أطفال يلعبون بنشاط وسعادة على ضفّتيه. ملأت رائحة الفراولة المكان، فتوقفت ماري فجأة، واضعة يدها على أنفها، وقالت بتردد: “رائحة الفراولة قوية جدًا، لا أستطيع التقدم”.

شجّعها وميض على التقدّم، وقال: “لا تقلقي يا ماري، ستتعودين عليها. هذا هو نهر المناعة. تحتوي الفراولة على كميات كبيرة من فيتامين C، وهو فيتامين مهم يساعد الجسم على مقاومة الأمراض والفيروسات. يُعدّ بمثابة درع قوي لحمايتك وتقوّية جهازكِ المناعي”.

تعجّبت ماري وقالت: “حقًا؟ لم أكن أعلم أنّ هذه الفاكهة تملك هذه القدرة العجيبة على الحماية من الأمراض”.

وفي تلك اللحظة، شاهدت ماري مجموعة من سكان المملكة يحملون طفلًا يعاني من زكام، ويضعونه بالقرب من النهر، وقدموا له كأسًا من العصير. شرب الطفل العصير، وما هي إلا لحظات حتى بدأت أعراض المرض تقل تدريجيًا، وشعر بتحسّن. لم تصدق ماري ما شاهدته، وقالت: “هل هذا بسبب ذلك العصير؟”

أجابها وميض: “إنها فقط البداية يا ماري. هل ترغبين بتجربة العصير؟”

ترددت ماري قليلًا، ثم هزّت رأسها وقالت: “لا، ليس الآن”.

ابتسم وميض وقال: “حسنًا، لن أضغط عليكِ. ما زالت أمامنا مغامرات كثيرة. هيا بنا نُكمل جولتنا”.

ثم انطلقت ماري مع وميض نحو حديقة شاسعة تملؤها الألوان. وجدت مجموعة من الأطفال يجلسون في أركان الحديقة، يقرأون الكتب ويلعبون ألعاب ذهنية ممتعة.

تعجّبت ليلى من قدرة الأطفال، وسألت وميض: “كيف يستطيع هؤلاء الأطفال حلّ هذه الألغاز المعقدة”.

أجاب وميض: “هذه الفائدة الثانية للفراولة، فهي تحتوي على مضادات أكسدة تساعد على تحسين التركيز، وتدعم وظائف الدماغ والذاكرة. كما أنها تُقلل من خطر الإصابة بأمراض خطيرة، مثل: الزهايمر”.

قاطعته ماري، وقالت بثقة: “أنا لا أحتاجها، يمكنني حل اللغز بسهولة”.

أخذت ماري ورقة اللغز وبدأت تفكر في الإجابة، لكنها لم تتمكن من حلّه. بدا عليها التوتر، فابتسم وميض وأخرج قطعة صغيرة من حلوى الفراولة وقدمها لماري لتتناولها، وقال: “جرّبي هذه”. ترددت ماري قليلًا ولكنها كانت ترغب في حلّ اللغز. فأخذتها وما إن مضغتها حتى شعرت بقوة غريبة، وبدأت الأفكار تتدفق في عقلها بسرعة. وخلال لحظات، استطاعت حلّ اللغز بسهولة.

تعجّبت ماري: “لم أكن أعرف أن للفراولة مثل هذه الفائدة”.

ضحك وميض، ثم أخذها إلى بحيرة سحرية تتلألأ مياهها وتفوح منها رائحة الفراولة. نظرت ماري بدهشة، فقد رأت مجموعة من الأشخاص ذوي الوزن الزائد ينزلون إلى البحيرة، وعندما يخرجون، يكونون أكثر رشاقة ونشاطًا.

دُهشّت ماري، قالت” كيف هذا؟”  

أجابها وميض: “هذه هي الفائدة الثالثة،. تلعب الفراولة دورًا مهمًا في عملية التمثيل الغذائي وحرق الدهون. كما أنها تحتوي على الألياف التي تزيد الشعور بالشبع لفترة أطول، مما يقلل الرغبة في تناول الطعام، ويساعد على خسارة الوزن”.

واصل الاثنان السير حتى وصلا شجرة كبيرة. كانت الشجرة مغطاة بحبات فراولة الشفافة والمتلألئة وكأنها مصنوعة من الزجاج. اقتربت ليلى من الشجرة، ولاحظت أن بشرتها أصبحت أكثر إشراقًا.

لاحظ وميض دهشتها، فقال: “الفراولة غنية بفيتامين C وحمض الساليسيليك، مما يساعد على نضارة البشرة، وتقليل ظهور التجاعيد، وتحافظ على شباب الجلد. كما أنها تُقلل من ظهور حب الشباب وتمنح البشرة إشراقًا طبيعيًا”. 

فجأة، ظهرت فتاة جميلة من خلف الشجرة، اقتربت من ماري وقالت: “أنا أستخدم قناع الفراولة الطبيعي مرة في الأسبوع، ولهذا بشرتي بهذا الصفاء”.

سألت وميض عن ماري، فأخبرها أنها في زيارة إلى مملكتهم لتتعلم فوائد الفراولة. تفاجأت الفتاة عندما علمت أن ماري لا تحب الفراولة، لكنها لم تقل شيئًا. بل قطفت حبة فراولة كبيرة، وتناولتها. وما إن مضغتها، حتى شعرت بالهدوء والسكينة.

فقال وميض: “هذه فائدة أخرى يا ماري، تساعد الفراولة على تهدئة الأعصاب وتخفف التوتر والقلق. كما أنها تُنظّم ضغط الدم لاحتوائها على عنصر البوتاسيوم”.

اتسعت عينا ماري أكثر فأكثر، فقد اكتشفت عالمًا جديدًا تمامًا. فلم تتخيّل أن فاكهة صغيرة بهذا الحجم قد تُخفي في داخلها قوى عجيبة.

طار وميض نحو طبق كبير مملوء بحبات الفراولة الحمراء اللامعة، وقال: “تفضلي يا ماري، هل تريدين تجربتها الآن”.

تردّدت ماري للحظة، لكنها تغلبت على تردّدها بدافع الفضول، ورغبتها في الاستفادة من هذه القوى السحرية. تناولت حبة صغيرة، وضعتها في فمها ببطء. في البداية، شعرت بطعم حلو ممزوج بالحموضة، لكن بعد لحظات، تسللت طاقة جديدة في جسدها. وشعرت برغبة مفاجئة في الركض والقفز.

ضحك وميض وقال: “هذا هو السحر يا ماري. هل تغيّر رأيك؟”

ردّت ماري: “نعم، يبدو أنني كنت مخطئة. إنها لذيذة”.

بعد أن تعلّمت ماري عن فوائد الفراولة المختلفة، قادها وميض إلى بوابة العودة، وقال: “سُعدت بزيارتكِ يا ماري. آمل أن أراك مرة أخرى وأنت تستمتعين بالفراولة “.

شكرت ماري وميض على الرحلة الممتعة. وبحركة سحرية منه، أحاط بها الضوء الذهبي مرة أخرى، وعادت ماري إلى منزلها في لمح البصر. وقفت ماري تحدّق حولها في الحديقة. ولم تدري هل كانت تحلم؟ أم أنها فعلاً زارت مملكة الفراولة السحرية؟ لكن الشيء الوحيد الذي تأكّدت منه أنها أحبت رائحة الفراولة التي زرعها والدها في الحديقة.

اقرأ أيضًا: قصة للأطفال عن توفير المال: سامر والديناصور الأخضر

ومنذ ذلك اليوم، لم تتوقف ماري عن تناول الفراولة. فقد تعلّمت درسًا مهمًا عن أهميتها الحقيقية، وعرفت أنها ليست مجرد فاكهة لذيذة، بل هي كنز مليء بالفوائد. فهي غنية بمضادات الأكسدة التي تحافظ على نضارة بشرتها، كما تمنحها الطاقة والنشاط لتلعب وتتعلم وتستكشف العالم بكل حماس.

أفضل قصص قبل النوم: قصة الأميرة النائمة

ماذا لو أخبرتك أن قوة وطيبة قلبك قد تحقق لك ما تريده في حياتك؟ في قصتنا اليوم، نتعرف على قصة الأميرة النائمة، التي كانت ضحية لعنة سحرية استمرت لمئة عام. لعنة بدت كأن لا أمل في زوالها، ولكن ما لم يكن يتوقعه أحد هو أن يأتي أمير شجاع وطيب القلب يتمكّن من إبطال مفعول اللعنة.

قصة الأميرة النائمة

في قديم الزمان، في أرض سحرية، عاش ملك وملكة في إحدى الممالك الجميلة، ينعمان بحياة سعيدة يملؤها الحب والطبية، ويحلمان أن يُرزقا بطفل صغير يمنحهما السعادة والفرح ويُنير حياتهما. مرت سنوات طويلة من الانتظار والدعاء، وفي أحد الأيام، تحقق حلمهما، ورزقهما الله بأميرة جميلة جدًا، شعرها ذهبي كأشعة الشمس وعيناها زرقاوان كصفاء السماء.

فرحَ الملك بقدوم الأميرة الصغيرة وسمّاها أورورا. وقرر الملك أن يقيم حفلاً كبيرًا للاحتفال بهذه المناسبة السعيدة، ودعا جميع أهل المملكة من دون استثناء.

وهنا، في يوم الاحتفال، تبدأ أحداث قصة الأميرة النائمة.

هبة الجنيّات ولعنة الساحرة

احتفلت المملكة كلّها باليوم السعيد، بميلاد أميرتهم الصغيرة. وحضر الحفل جميع الملوك والأمراء من الممالك المجاورة، وكانت البهجة تملأ القلوب وزُين القصر بالزهور والأنوار. وكان من عادات المملكة أن يُقدّم كل فرد حضر الحفل هدية إلى المولود الجديد. لذلك، سمح الملك للناس برؤية ابنته الصغيرة وتقديم الهدايا إليها. ثم حضرت الجنيات الثلاثة في المملكة وأحضرت كلّ واحدة منهن هدية سحرية للأميرة الصغيرة.

اقتربت الجنية الأولى من المهد وقالت: “أمنحكِ أيتها الاميرة هبة الجمال، فلتكوني جميلة مشرقة لا يضاهي جمالك أحد.” ثم تقدّمت الجنية الثانية وقالت: “أما أنا يا أميرتي الصغيرة أمنحكِ هبة الصوت العذب، فليكن صوتك رقيقًا رنّانًا عذبًا كشدو العصافير.”

عندما اقتربت الجنية الثالثة من الأميرة، وقبل أن تتكلم، دوّى صوت قوي في قاعة الاحتفال. ظهرت ساحرة شريرة لم تُدعَ إلى الحفل. غضبت بشدة من تجاهلهم لها، فصرخت بغضبٍ شديد، وألقت لعنة على الأميرة الصغيرة.

قالت الساحرة الشريرة بصوت غاضب: “ستموت الأميرة في عيد ميلادها السادس عشر، ستلمس مغزلًا وتموت!”
ثم اختفت وسط دخان أسود كثيف، تاركة الجميع في القاعة في صدمة وذعر. شعر كل من حضر الحفل بالقلق والخوف الشديد على مستقبل أميرتهم الصغيرة.

عندها، صرخت الملكة والدموع تملأ عينيها: “لا يمكن أن يحدث هذا لابنتي!”. أمر الملك الجنود بمطاردة الساحرة، لكن دون جدوى، فقد اختفت الساحرة في لمح البصر، كأنها لم تكن موجودة أصلًا.

اقتربت إحدى الجنيات الطيبات من الملكة وقالت بهدوء: “لا تقلقي يا مولاتي، ما زال هناك هدية الجنية الثالثة.”

اقتربت الجنية الثالثة من مهد الأميرة، وحرّكت عصاها السحرية وهي تقول: “أميرتي الجميلة، إن كان قدرُكِ أن تلمسي مغزلًا في عيد ميلادك السادس عشر. فهبتي لكِ هي ألّا تموتي بل ستغرقين في نومٍ عميق، وتستيقظين بقبلةٍ صادقة من قلبٍ مُحب فيزول السحر”.

هدأ القصر قليلًا، لكن ظل القلق يحوم حول الملك والملكة. وفي اليوم التالي، أمر الملك بحرق جميع المغازل الموجودة في الممكلة حفاظًا على حياة الأميرة. وبالفعل، خرج الجنود إلى كل مكان، وجمعوا المغازل من البيوت والمحلات، وحرقوها، حتى لم يتبقَ مغزلٌ واحد في المملكة. فعلوا ما بوسعهم، لكن في أعماقهم، لا يزال الخوف يسكن قلوبهم.

تحقق اللعنة

ومرّت السنوات، وكبُرت الأميرة أورورا وازدات جمالًا يومًا بعد يوم. وأحبّها جميع من في المملكة بسبب طيبتها وتواضعها وتعاملها الحسن معهم. كانت جميلة قلبًا وقالبًا، تضحك مع الجميع، وتعلب مع الأطفال، وتنشر الفرح أينما ذهبت.

وفي عيد ميلادها السادس عشر، شعر الملك والملكة بخوفٍ شديد من أن يتحقق ما تنبأت به الساحرة الشريرة. لذلك، قرّر الملك أن يُقيم احتفال عيد ميلادها داخل القصر لحمايتها. كما أمر الجنيات بمراقبة ورعاية الأميرة أورورا في الجناح الملكي طوال اليوم.

وفي ذلك اليوم، بينما كانت الأميرة تلهو وتتجول في أروقة القصر، سمعت صوتًا غريبًا يناديها من أعلى البرج.
دفعها فضولها لتتبع الصوت، فوجدت بابًا قديمًا لم تره من قبل، ففتحته وصعدت درجات سلّم يؤدي إلى غرفة صغيرة في أعلى البرج.

عندما فتحت الأميرة باب الغرفة، رأت امرأة عجوز تجلس أمام مغزل وتغزل الصوف لصنع عروسة صغيرة. تعجبت الأميرة من شكل الآلة، فهي لم ترَ مثلها من قبل.

اقتربت من العجوز وقالت بلطف: “مرحبًا سيدتي، ما هذا الشيء؟ لم أرّه من قبل.”

قالت العجوز بصوت ناعم: “تعالي يا عزيزتي، إنه مغزل، ما رأيك أن تجرّبيها بنفسك”.

مدّت الأميرة أورورا يدها بحذر، وما أن لمست المغزل، حتى وخز سنّه الحاد إصبعها. فسقطت على الأرض في الحال، وغرقت في نومٍ عميق.

بعد فترة، لاحظ الملك غياب ابنته، فشعر بالقلق، وأمر جميع الحرّاس والخدم بالبحث عنها في أنحاء القصر. وبعد بحث طويل، وجدها أحد الحراس نائمة على أرض الغرفة، بلا حراك. فحملها بسرعة، ووضعها في غرفتها، ثم نادى الملك والملكة.

أمر الملك باستدعاء أمهر أطباء المملكة، على أمل أن يتمكّن أحدهم من إيقاظ الأميرة من نومها العميق. ولكن باءت جميع المحاولات بالفشل، فالأميرة لم تستيقظ.

أصيب الملك والملكة بحزن شديد، وحضرت الجنيّات الثلاث على عجل إلى القصر، فوجدن الملك وحاشيته في حالة ذعر وحزن لا مثيل لها.

طلبت إحدى الجنيات أن يتمّ نقل الأميرة إلى غرفة خاصّة، وإعداد مكان نومها جيّدًا، ثم حرّكت عصاها السحرية وهي تقول:

“ستنام الأميرة لمئة عام، ومن المحزن أن تستيقظ فلا تجد عائلتها وأحبابها معها، لذا… فلتناموا جميعًا، ولتغرقوا في سبات عميق حتى تستيقظ الأميرة…”

وما إن تمتمت بتلك الكلمات، حتّى غطّ الجميع في النوم، كلّ على حاله…نام الملك على كرسيّ العرش، وغرقت الملكة في النوم وهي في غرفتها، وكذلك الحرس والطهاة والعاملون والعاملات، غرقوا جميعًا في النوم.

خرجت بعدها الجنية إلى حديقة القصة، وحرّكت عصاها مرّة أخرى، فنبتت من الأرض أشجار عملاقة ونباتات التوت ولفّت القصر بأكمله، لتحميه من دخول الغرباء وإزعاج الأميرة وحاشيتها في سباتهم.

انكسار اللعنة

مرّت العديد من السنوات، وما زالت الأميرة النائمة أورورا غارقة في سباتها العميق، محاطة بحراسة الجنيات. وفي أحد الأيام، مرّ أمير من إحدى الممالك المجاورة يتجول في الغابة. كان الأمير الشاب فضوليًا ويهوى استكشاف الأماكن الجديدة برفقة حرّاسه.

وبينما هو يتجوّل بين أجمات الأشجار، لاحظ فجأة القصر الغامض محاطًا بالأشجار والنباتات المتسلّقة، وسأل حرّاسه عن حكايته، فأخبره أحدهم قائلاً:

“إنّه قصر ملعون، يقال أنّه مليئ بالساحرات والجنيّات، ومن يقترب منه ستصيبه لعنة مميتة لا مجال للنجاة منها!”

فأردف آخر:

“إنّه قصر الأميرة النائمة، لقد سمعت أنّ أميرة فائقة الحسن والجمال تعيش فيه، ويقال أنّها أميرة وقعت عليها لعنة شريرة، فأغرقتها في نوم عميق لمئة عام.”

ازداد فضول الأمير حين سمع قصّة الأميرة النائمة وقرّر أن يستكشف حقيقة الأمر بنفسه. فاندفع نحو القصر على صهوة حصانه، وعبثًا حاول جنوده ثنيه عن ذلك، فلم يستطيعوا إقناعه بالعدول عن قراره.

وما إن اقترب الأمير من مدخل القصر المحاط بالنباتات والأشجار، حتّى بدأت هذه النباتات تتباعد وتتحرّك متيحة له المجال للمرور كما لو أنّها ترحّب به، وبمجرد أن سار من بينها حتى عاودت الانغلاق، مانعة بقية الجنود من التقدّم.

استغرب الأمير ما يحدث معه، ولكنّه واصل المسير على صهوة حصانه، متوغّلاً في حدائق القصر وجنائنه، وكما كان الحال في البداية، استمرّ على ذات المنوال، كانت النباتات والأشواك تتباعد كلّما اقترب، وتنغلق مجدّدًا بعد مروره.

استمرّ مسير الأمير لساعات في قلب حدائق القصير المهجور الغريب، إلى أنّ وصل أخيرًا إلى مدخل المبنى، ووجد عنده اثنان من الحرّاس يغطّان في نومٍ عميق وهما واقفان يحملان رماحهما. فازداد عجبه واستغرابه ممّا يحصل، ودخل إلى القصر، ليجد ما هو أعجب وأغرب… كان القصر مليئًا بالخدم والحاشية، والحيوانات الأليفة، والكلّ كان يغطّ في النوم، القطط والكلاب والعصافير كانت نائمة، وكذلك الطهاة، نائمون وهم يحرّكون طعامهم، والعاملات نائمات وهنّ يغسلن الثياب أو يرتبّن الأثاث!

أخيرًا وصل الأمير إلى غرفة الأميرة النائمة، وكانت مغلقة هي الأخرى، ففتحها وتقدّم بخطوات متردّدة نحو السرير، وهناك…وقعت عيناه على أجمل فتاة رآها في الكون… كانت الأميرة تغطّ في نوم عميق، شعرها الناعم الأشقر منسدل على كتفيها وبين يديها وردة حمراء تماثل في حمرتها شفتيها وخدّيها.

وقع الأمير في حبّ أورورا من النظرة الأولى، ودنا منها، وطبع على جبينها قبلة خفيفة. وحدث حينها ما لم يكن يتوقّعه أحد. بدأت الأمير تتحرّك، وفتحت عينيها تدريجيًا… لقد انكسرت اللعنة بعد مئة عام من وقوعها، وأنقذ حبّ الأمير النقي الأميرة من سباتها العميق الأبدي.

النهاية السعيدة

استغربت الأميرة ممّا يحدث وسألت:

“من أنت؟ وماذا تفعل هنا؟ ما الذي حصل لي؟”

شرح لها الأمير من يكون، وكيف عثر على القصر واكتشف وجوده، وكيف دخل إليه ووصل إليها. وعرّفها بنفسه، وعبّر لها عن إعجابه بها. أمّا الأميرة، فقد مال قلبها إلى الأمير، وأعجبت بحسن أخلاقه، وشجاعته وطيبة قلبه.

وبينما هما يتحادثان، بدأت الحياة تدبّ من جديد في القصر…استيقظ الخدم والجنود والعمال من نومهم الطويل، وأفاقت الحيوانات من سباتها، وكذلك الملك والملكة، حيث هرعا على الفور نحو غرفة ابنتهما بمجرّد ان استيقظا، فوجداها جالسة في سريرها تحادث الأمير، وتتبادل وإياه أطراف الحديث.

فرح الأبوان بعودة ابنتهما إليهما سالمة، وشكرا الأمير الشجاع لأنه أنقذهم جميعًا من هذه اللعنة الشريرة. واستأذن الأمير أن ترافقه أورورا إلى مملكته، لتكون زوجته وشريكة حياته، وملكة مملكته مستقبلاً، فوافق الملك والملكة على الفور، وباركا هذا الزواج. وابتهجت المملكة بالفرح وبالزفاف القريب.

وهكذا عاد الفرح والسرور إلى المملكة، وعاش الجميع بسعادة وهناء.

اقرأ أيضًا: قصص أميرات للبنات: قصة سندريلا

في نهاية قصتنا، نتعلم منها أن الحسد والكره من أبغض الصفات التي يجب أن تبعد عنها ليس لأنها تسبب الأذى فقط لمن حولك بل لك أيضًا. كما نتعلم أيضًا أن الحياة مليئة بالمخاطر والتحديات، لكن الإصرار على تحقيق الهدف هو الطريق الوحيد لتجاوز هذه الصعاب. النجاح لا يأتي بسهولة، بل يتطلب إصرار وعزيمة. مثلما فعل الأمير في قصة الأميرة النائمة، الذي لم ييأس من محاولاته رغم الفشل، واستمر في السعي ليحقق هدفه. وتذكر دائمًا، إذا أردت أن تكون شخصًا مميزًا، تذكر أن تتعامل بطيبة وتواضع مع الآخرين.

اقرأ المزيد من قصص الأميرات.

اقرأ المزيد من قصص الأطفال ذات العبرة.

أفضل قصص الأميرات: رابونزل والأمير الشجاع

في قديم الزمان، عاشت فتاة جميلة تمتلك شعرًا ذهبيًا جميلاً وقدرة سحرية مذهلة في برج عالٍ وبعيد عن أهل المملكة بأكملها. لم تعرف الفتاة شيئًا عن الحياة خارج البرج، وفي يوم من الأيام تغيرت حياتها عندما تعرفت على أمير وسيم. ومن هنا تبدأ قصتنا عن رابونزل الفتاة الجميلة ذات الشعر السحري الذهبي.

ولادة رابونزل

في مملكة جميلة تقع على ضفاف النهر، عاش ملك وملكة لطيفان عادلان. وفي أحد الأيام، أعلن الملك قدوم أميرة، فابتهج الجميع وزُينت الشوارع احتفالًا بالخبر السعيد. لكن في الأشهر الأخيرة من الحمل، مرضت الملكة مرضًا شديدًا. شعر الملك بالحزن، لكنه لم يفقد الأمل، وأمر جنوده بالبحث عن زهرةٍ سحرية كانت الأسطورة تقول إنها قادرة على شفاء أي مرض.

بحث الجنود كثيرًا عن الزهرة. وبعد بحث طويل، وجدها أحد الحرّاس مخبأة تحت غطاء بين الأشجار، فاقتلعها من جذورها وقدّمها للملك، دون أن يدرك إحدى قدرات الزهرة السحرية المخفية. لم يكن أحد يعلّم أن الساحرة العجوز كانت تخفيها لتستخدمها في الحفاظ على شبابها.

شربت الملكة مستخلص الزهرة فتعافت في الحال، وولدت طفلة جميلة ذات شهر ذهبي لامع، وأطلقوا عليها اسم “رابونزل”. كانت الفتاة مميزة بجمالها وشعرها، لكن ما لم يكن أحد يعرفه، أن قوة الزهرة السحرية قد انتقلت إلى شعرها. راقبت الساحرة غوثل كل ما يحدث، وعندما علمت بأن الزهرة استُخدمت لشفاء الملكة وأن قوتها أصبحت في شعر الطفلة، اشتعل الغضب في قلبها. وقررت اقتحام القصر.

اختطاف رابونزل

وفي إحدى الليالي، تسللت الساحرة غوثل إلى القصر، وقصّت خصلة من شعر رابونزل، لكن ما إن قصتها حتى تحوّل لونها إلى البني واختفت قوتها. هنا، أدركت أن السحر لا يعمل إذا تم قص الشعر. عندها، عزمت العجوز على اختطافها. وقامت باخفائها في برج عالٍ في أعماق الغابة، لمنع أي شخص من العثور عليها. لم يكن للبرج أبواب أو سلالم، بل نافذةٌ واحدةٌ فقط في الأعلى.

كانت الساحرة غوثل تزور رابونزل بين الحين والآخر، فتقف أسفل البرج وتنادي: “رابونزل، أنزلي شعركِ”. فتُلقي شعرها الذهبي الطويل من النافذة، لتتسلّق عليه وتصل إلى أعلى البرج.

اقرأ أيضًا: قصص من أعماق البحار: حورية البحر الصغيرة

مرّت السنوات، وكبرت رابونزل في البرج، ولم تكن تعرف شيئًا عن العالم الحقيقي، ولم ترَ أحدًا سوى “غوثل”، التي أقنعتها بأنها والدتها، وأن البشر في الخارج مخيفون وسيئون. لذلك، لم تخرج الأميرة أبدًا من البرج، وقضت أيامها في الرسم، والقراءة، والغناء. ولم تمتلك أصدقاء سوى حيوانات الغابة التي تزورها باستمرار، مثل: الأرنب والعصفور والسنجاب.

زيارة الأمير

في أحد الأيام، زار المملكة أمير قادم من بلاد مجاورة، وبينما كان يتجوّل في أنحاء المملكة سمع إشاعة متداولة بين أهل المملكة، حول الأميرة الجميلة التي اختفطتها ساحرة شريرة عند ولادتها. والتي لم يعرف عنها أحد شيئًا منذ ذلك اليوم. انتاب الفضزل الأمير الشجاع، وقرّر أن يبحث عن الأميرة وينقذها، فانطلق على حصانه الأبيض نحو الغابة. وبعد بحثٍ طويل بين الأشجار، سمع صوت غناءٍ عذبٍ يأتي من بعيد. جذب جمال الصوت ونقائه انتباهه، فقرر تتبّعه لمعرفة مصدره.

تتبع الأمير الصوت حتى وصل إلى برجٍ عالٍ بين الأشجار. قال الأمير وهو ينظر حول قاعدة البرج: “هذا غريب! لا يوجد باب للدخول. ومع ذلك، هناك صوت غناء يأتي من أعلى البرج. كيف تدخل هذه الفتاة أو تخرج؟”

سحره الغناء، ووجد نفسه يعود إلى البرج كل يوم، يستمع للصوت الجميل ويتساءل: “من صاحبة هذا الصوت العذب؟ ولماذا تبقى وحدها في هذا البرج البعيد؟”

وفي أحد الأيام، بينما يقف الأمير كعادته بجانب البرج يستمع للغناء، رأى امرأة عجوزًا تقترب من البرج. فاختبأ بين الأشجار يراقبها لعله يعرف سرّ هذا البرج الغريب.

اقتربت العجوز من أسفل البرج، ونادت بصوت مرتفع: “رابونزل، أنزلي شعرك”. فوجئ الأمير عندما رأى فتاة تطل من النافذة وتلقي شعرها الذهبي الطويل. لقد كان شعرها طويلًا جدًا حتى لامس الأرض. تشبثت العجوز بالشعر وصعدت به إلى أعلى البرج. همس الأمير لنفسه: “آه! هذا هو السر”.

انتظر الأمير حتى نزلت العجوز وغادرت المكان واختفى أثرها تمامًا، ثم اقترب من البرج، وقلّد صوتها قائلًا:
“رابونزل، أنزلي شعرك”.

وما هي إلاّ لحظات، حتّى تدلّى الشعر الذهبي مرة أخرى من النافذة. تسلّق الأمير جدار البرج مستعينًا بشعر رابونزل حتى وصل إلى النافذة. انبَهرت رابونزل عندما رأت الأمير، وازدات حماسًا، فهي لم يسبق لها أن تحدّثت أو رأت شخصًا آخر من قبل سوى الساحرة. كان الأمير وسيمًا ولطيفًا. شعرت بفرحةٍ غامرة وخوف في آن واحد، قالت بخوف: “من أنت؟”.

قدّم الأمير نفسه وقال بلُطف: “لا تقلقي، أنا صديق”.

نظرت إليه بتردّد وقالت: “لكنني لا أعرفك، فكيف تكون صديقي؟”

قال الأمير مبتسمًا: “أنا أعرفك، فقد كنت أسمع غناءك كلّ يوم. صوتك جميل جدًّا”. ثم سألها: “ماذا تفعلين هنا؟”

أجابت: “أنا أعيش في هذا البرج منذ زمن”. ثم قصّت عليه قصتها وشعرها السحري الذي يمتلك قدرة على شفاء أي مرض وعن أمها التي أجبرتها على البقاء في البرج لأن العالم مكان سيء وتحذيرها من طمع البشر في قوتها.

تعجّب الأمير، وقال: “لكن العالم ليس بهذا السوء”. وأخبرها عن الزهور والحدائق، والألعاب، والفواكه المختلفة، والملك والملكة في المملكة المجاورة له.

اقرأ أيضًا: حكايات عالمية: أشهر القصص من حول العالم

ضحكت رابونزل وهي تستمع لقصص الأمير، وتبادلا الحديث والقصص، حتى أصبحا صديقين مقرّبين. مرّت ساعات طويلة وهما يتحدثان معًا. ثم قالت له: “يجب أن تذهب الآن، أخشى أن تعود الساحرة في أي لحظة”.

قال: “حسنًا، لكنني سأعود غدًا”. ثم ألقت رابانزل شعرها من النافذة، ونزل الأمير من البرج.

رابونزل تكتشف العالم

في اليوم التالي، عاد الأمير ونادى عليها ، فتدلّى شعرها وصعد مجددًا إلى غرفتها. وقال: “لديّ مفاجأة صغيرة لك”. كانت مليئة بالفراولة الطازجة.

بينما تناولت رابونزل الفراولة، فكّرت فيما كانت تقوله لها الساحرة، وشعرت أنها قد تكون مخطئة. ثم قالت للأمير: “يجب أن أخرج من هذا البرج! ولكن كيف؟”

قال الأمير: “حسنًا، لنفكّر في خطة جديدة تُخرجك من هذا السجن.”

وبعد لحظات من التفكير، وبينما نظرت إلى قطعة الحرير التي أحضرها الأمير، خطرت لها فكرة وقالت: “هل تستطيع إحضار قطعة من الحرير في كل مرة تزورني فيها؟ أستطيع أن أَصنَعَ سُلّمًا من الحرير وأُخفيه عن أعين الساحرة. وعندما يصبح السُّلّم طويلاً بما يكفي، سأنزل من البرج”.

تطلّعت رابونزل إلى زياراته أكثر فأكثر. فقد كان الحديث معه أجمل ما في يومها. أما الأمير، فوقع في حبها. وفي كل زيارة، يُحضِر الأمير قطعةً من الحرير كما أخبرته، وتنسجها معًا حتى يكتمل السُّلّم وتتمكّن من الهروب.

في عيد ميلادها الثامن عشر، تحدَّثت إلى الساحرة وطلبت منها الخروج من البرج لتحتفل بعيد ميلادها. ولكن، كالمعتاد رفضت الساحرة طلبها، وقالت: “لقد تحدّثنا في هذا الأمر من قبل. لقد سئمتُ من هذا الحديث، لن تخرُجي من القصر أبدًا”.

غضبت رابونزل وقالت: “سأخرجُ مهما حدث”.

ومن شدّة غضبها، لَمَّحت لها عن الأمير. صُدمت الساحرة، وقالت: “ماذا تقولين، من كان معكِ هنا؟”.

قالت: ” لا أحد، لم أرَ أي شخصٍ غيركِ”.

لم تُصدّقها الساحرة، وبحثت في أرجاء الغرفة، حتى وجدت السلّم مخبأ في أحد الأدراج. وقالت بغضب: “ما هذا؟ من الذي أحضره لكِ”.

ردّت رابونزل: “لقد تعرّفتُ على أمير، وأحضر لي الحرير وصنعتُ السلّم”.

صرخت الساحرة :”لن تري هذا الأمير مرةً أخرى”.

اِستشاطت الساحرة غضبًا، ثم أحضرت سكِّينًا وقطعت الحرير، وربطت رابونزل بحبل. كانت الساحرة تعلم أنَّ الأمير سيأتي، فقررت أن تنتظره للانتقام منه.

وفي المساء، عندما وصل الأمير إلى البرج، ونادى على رابونزل، فأنزلت الساحرة شعرها. وعندما صعد، فوجِئ برؤية الساحرة ورابونزل مُقيّدة بحبل.

واجه الأمير الساحرة، وعلى حين غفلة منها، أمسك السكّين وقصّ شعر رابونزل وقال: “لن أدعك تستغلّين قدرتها”.

اشتعلت الساحرة غضبًا، لأنها خسرت المصدر الوحيد الذي يمنحها الشباب، وصرخت: “ماذا فعلتَ؟ سأنتقم منك ولن أدعك تراها مرةً أخرى”.

ثم دفعت الأمير من نافذة البرج، فسقط من أعلى البرج، ولكن لحسن الحظ، لم يفقد حياته، وتعرّض لجروح وكسور فقط.

تمالك الأمير نفسه واستجمع شجاعته، وعاد على الفور إلى مملكته، فجمع جيشًا كبيرًا، وعاد مجدّدًا إلى البرج حيث رابونزل، فهاجم جنوده الساحرة الشريرة وتمكّنوا من التغلب عليها. وهكذا تحرّرت رابونزل من أسرها. ووضّح لها الأمير حينها أنّ الساحرة الشريرة لم تكن أمها، وإنما ساحرة اختطفتها من والديها الملك والملكة.

فرحت رابونزل كثيرًا لذلك، وتمكّنت أخيرًا من الالتقاء بوالديها، حاكمي المملكة، واللذان فرحا بعوجة طفلتهما إليهما. وبعدها بأيام تقدّم الأمير طالبًا يد رابونزل للزواج، فوافقت على الفور، وأقيم حفل زفاف عظيم احتفل فيه جميع سكان المملكتين. وهكذا عاش الأمير ورابونزل بسعادة وهناء إلى الأبد.

اقرأ أيضًا: قصة قصيرة للأطفال عن أهمية إدارة الوقت

اقرأ المزيد من القصص القصيرة الممتعة.

قصة اكتشاف البنسلين: قطرة صغيرة غيرت تاريخ الطب

تحدث العديد من الاكتشافات بالصدفة، ولكنّ بفضل الفضول وحبّ العلم، تتحوّل هذه الصدفة إلى اكتشاف مهم يفيد البشرية. هل كنت تعلم أنّ أول مضاد حيوي في العالم تم اكتشافه بصدفة غريبة؟ هذا الدواء يُدعى البنسلين، يُستخدم لقتل البكتيريا الضارة داخل الجسم، وعلاج أنواع مختلفة من الأمراض.

هل أنتم مستعدون لمغامرة جديدة؟ دعونا ننضمُّ إلى ليلى ونكتشف كيف أدّت صدفة غريبة إلى اكتشاف البنسلين، وإنقاذ حياة الملايين وتغيير مجال الطب والأدوية.

قطرة صغيرة غيّرت العالم: قصة اكتشاف البنسلين

في مساء أحد الأيام، عاد الأب من عمله في المستشفى، وهو طبيب مشهور. دخل إلى المنزل حاملاً حقيبة الأدوية الخاصة به كعادته كلّ يوم، ثم توجّه مباشرةً لترتيب محتوياتها في خزانة الأدوية. وبينما كان يضع أشرطة المضاد الحيوي داخل الخزانة، دخلت ليلى، وبدأت تراقب والدها بفضول. لمحَت والدها يرتّب الأدوية، فمدت يدها وأخذت أحد أشرطة المضاد الحيوي. ابتسم الأب، وأخذ منها الدواء وحذّرها قائلاً: “هذا دواء مهم، لا يجب أن تلعبي به”.

قالت لوالدها: “ما هذا الدواء يا أبي؟ لقد رأيت أمي تتناوله عندما كانت مريضة”.

قال الأب: “هذا الدواء يسمى مضادًا حيويًا ومن أشهر أنواعه البنسلين، وهو دواء مهم جدًا يُستخدم لعلاج الالتهابات.

ردت ليلى: ” بنـ … بنـ .. سـيـ…..، ماذا يدعى مرةً أخرى؟”.

ضحك الأب وقال: بنسلين، هل تُحبين أن أقصّ عليكِ قصته اكتشافه؟ هذا الدواء لديه قصة عجيبة”، فقد بدأت بصدفة غريبة”.

صاحت ليلى بحماس: “نعم، أنا أحب القصص كثيرًا! هيا أخبرني عنه!”

رد الأب: “حسنًا يا صغيرتي، دعيني أنهي ترتيب الأدوية، ثم نذهب لنجلس، فقصتنا مشوقة للغاية، لقد بدأ الأمر بصدفة غريبة، وبسبب هذا الخطأ تمكّنا من إنقاذ حياة ملايين”.

أنهى الأب ترتيب الأدوية، ثم أمسك يد ابنته وذهبا معًا إلى غرفة المعيشة، جلس على الأريكة، وجلست ليلى إلى جواره وهي تنتظر سماع القصّة.

بدأ الأب حديثه: “تبدأ أحداث قصتنا مع عالم يُدعى آلكسندر فليمنغ. كان آلكسندر يعمل في مختبر صغير، ويقضي أغلب وقته في دراسة الأمراض ويُجري الأبحاث لمعرفة كيفية القضاء على البكتيريا التي تُسببها.

وفي عام 1928، بينما كان مشغولًا بإجراء أبحاثه على أنواع مختلفة من البكتيريا، قرّر أن يأخذ إجازة قصيرة ليقضي بعض الوقت مع عائلته. وفي يوم عطلته، غادر فليمنج معمله سريعًا، ونسِي تنظيف أطباق الاختبار والأدوات التي كان يزرع فيها البكتيريا، فترك كل شيء على حاله، وانطلق مُسرعًا إلى عائلته.

قاطعت ليلى والدها قائله: “نسي الأطباق، أيُعقل أن تكون هذه هي الصدفة التي تتحدث عنها؟ وماذا حدث بعد ذلك؟”

رد الأب: “نعم يا ليلى، هذا هو الجزء المدهش في قصتنا. ذلك الخطأ الصغير أدى إلى اكتشاف عظيم غيّر تاريخ الطب، وأحدث ثورة في علم العلاج. ومكّن الأطباء في محاربة الأمراض”.

ثم تابع الأب حديثه: “عندما عاد فليمنغ بعد عدة أيام من عطلته، توجه مباشرةً إلى مختبره. وعند دخوله، تفاجّأ بمنظر غريب، وتساءّل في دهشة: “يا إلهي ماذا حدث هنا؟”

نظر فليمنغ إلى الأطباق، فلاحظ أنّ أحدها قد تكوّنت فيه بقعة كبيرة خضراء من العفن، تشبه تلك التي نراها على الخبز القديم. لكن ما لفت انتّباهه ليس العفن نفسه، بل ما حدث. فقد لاحظ أن البكتيريا توقفت عن النمو بالقرب من ذلك الفطر، بل اختفت تمامًا. كانت تلك المرة الأولى التي يلاحظ فيها فليمنغ أن العفن يمكنه القضاء على البكتيريا.

تعجّب فليمنغ مما رأى، ثم بدأ يدرس العفن بدقة، ويجري الأبحاث على هذا الفطر. فاكتشف أنه ينتمي إلى نوع من أنواع الفطريات يُعرف باسم بنسيليوم. استنتج أن هذا الفطر لديه القدرة على إفراز مادة تقضي على البكتيريا. شعر فليمنغ بسعادة كبيرة، فقد أدرك أنه على بعد خطوة من اكتشاف سيهزّ العالم ويغيّر مجرى الطب وعلم الأدوية.

لم يكتف فليمنغ بمعرفة نوع الفطر فحسب، بل بدأ يُجري العديد من الأبحاث لإستخلاص المادة التي يُفرزها هذا الفطر، ومعرفة خصائصها وتركيبها الكيميائي. وبعد مرور عدة أسابيع من التجارب على فطر البنسلينيوم، تأكّد فليمنغ بشكل قاطع أن هذه المادة تمتلك قدرة كبيرة على القضاء على البكتيريا. فأطلق عليها اسم البنسلين نسبة إلى اسم الفطر.

صمت الأب قليلًا، ثم قال: “لكن المشكلة أن فليمنغ لم يكن قادرًا على استخلاص كمية كافية من البنسلين لاستخدامه كدواء. لذلك، قرر الاستعانة ببعض زملائه من علماء الكيمياء الحيوية، لمساعدته على استخلاص المادة من الفطر لاستخدامها في الأدوية. وظلّ يُجرى الأبحاث لاستخلاصها لأكثر من عام، لكن دون جدوى.

وفي النهاية، شعر بالإحباط وأعلن استسلامه، وقال في نفسه أن هذه العملية شبه مستحيلة.

اندهشت ليلى وقالت لأبيها: “ولكنك يا أبي تحمل شريط الدواء الآن، فكيف تمّكنوا من استخراج هذه المادة؟”

رد الأب: “بعد أكثر من 12 عامًا من اكتشاف فليمنغ للبنسلين، تمّكن فريق من علماء جامعة أكسفورد من استخلاص مادة البنسلين من فطر البنسلينيوم بعد عدة محاولات وتجارب عديدة. وتعاونوا معًا لتحويل اكتشاف فليمنغ إلى دواء يُنتج بكميات كبيرة لعلاج البشر. وهكذا يا ليلى، تمّكنوا من صنع أول مضادّ حيوي في العالم.

ثم أضاف الأب: “هل تعلمين يا صغيرتي، أن أول انسان جُرّب عليه البنسلين، كان شرطيًا يُدعى ألبرت ألكساندر، وذلك في عام 1941م. فبعد أن أصيب بجروح في وجهه تسببت في إصابته بعدوى شديدة. ومن أجل إنقاذه، استخدم الأطباء البنسلين لعلاجه، وقد ساعده بالفعل على التحسّن.”

ومنذ ذلك اليوم، بدأ الأطباء في استخدام البنسلين كعلاج للأمراض، كما استخدموه خلال الحرب العالمية الثانية لإنقاذ حياة العديد من الجنود المصابين. ومع مرور الوقت، أصبح البنسلين علاجًا معتمدًا يُنقذ العديد من الأرواح من أمراض كانت في الماضي قاتلة.

أمسكت ليلى شريط الدواء بيدها وقالت: “لم أكن أعلم أن وراء هذه الحبة الصغيرة قصة عجيبة كهذه”.

قال الأب: “نعم، يا صغيرتي. الكثير من الاكتشافات العظيمة بدأت بخطأ صغير أو صدفة غير متوقعة. لكن، الأهم أن ننتبه لما يدور حولنا، ونفكر ونبحث كما فعل فليمنغ.”

قالت ليلى بابتسامة: “أنا أيضًا أريد أن أصبح عالمة مثله، وأكتشف أدوية جديدة”.

عانقها والدها وقال: “أنت ذكية يا ليلى، وأنا أعلم بأنكِ ستكونين أفضل عالمة في البلاد. فقط تأكّدي من الانتباه والترّكيز على دروسك. فالعلم هو المفتاح لتغيير العالم”.

ومنذ ذلك اليوم، أصبحت ليلى تقضي وقتًا أطول مع والدها لتتعلّم أكثر عن الأدوية، كما بدأت تهتم بدروسها وخاصةً مادة الكيمياء في المدرسة، وتحلم بأن تكتشف يومًا ما اكتشافًا عظيمًا ينفع البشرية.

تعلمت ليلى في ذلك اليوم أن العلماء بذّلوا جهدًا عظيمًا، وسهروا الليالي، ودرسوا وجرّبوا العديد من الأفكار والتجارب، حتى وصلنا إلى ما نملكه اليوم من علم وأدوية. كما أدركت أنّ صناعة حبة دواء واحدة قد تستغّرق عشرات السنين من العمل والتجارب، حتى يتمّكن العلماء من تطويرها واستخدامها في علاج الأمراض.

اقرأ أيضًا: قصة اختراع المايكرويف: كيف غيّر خطأ صغير العالم!

من قصة اكتشاف البنسلين، نتعلم أن وراء كل دواء قصة عظيمة وتاريخًا من التجارب والاكتشافات. وأن العلم هو طريق تحقيق الأحلام لكنه يتطلب الجد والاجتهاد. يجب ألا ننسى دروسنا، وأن نعمل بجد لفهم ما يجري حولنا، والبحث في الأمور بشكل دقيق.

هي قصة جميلة تحث الأطفال على تنمية مهارات التفكير وحب العلم والبحث، وتشجعهم على متابعة أحلامهم والسعي المستمر وراء المعرفة لتحقيق إنجازات تنفع العالم.

قصة قصيرة حول تقبل الآخرين| الثعلب واللقلق

خلقنا الله مختلفين في أشكالنا وصفاتنا، فكلٌّ منا يحمل جماله الخاص بطريقته الفريدة. وفي عالمنا الكبير، قد نصادف من لا يشبهنا، وهذا لا يعني أبدًا أن نسخر أو نتنمّر على غيرنا، بل هي فرصة رائعة لتعلّم كيفية تقبل الآخرين واحترام مشاعرهم.

وفي قصتنا اليوم، تعلّم الثعلب درسًا لا يُنسى، درسًا مهمًا عن أن الاختلاف ليس عيبًا، بل ميزة مهمّة تزهر بها حياتنا. فلنقرأ معًا قصة “الثعلب واللقلق” ونتعلّم منها الاحترام وتقبل اختلافات الآخرين.

قصة الثعلب واللقلق ودرس في تقبل الآخرين

في قديم الزمان، في غابة خضراء مليئة بالأشجار والحيوانات المختلفة، عاش ثعلب ذكي وماكر، وكان الثعلب يشتهر بدهاءه وسخريته من باقي الحيوانات. أما جاره، طائر اللقلق، فكان طيب القلب، ولا يؤذي أحدًا، ويكنّ الاحترام للآخرين ويتقبل اختلاف كل واحد منهم، ويرى أن اختلافهم هو سرّ جمال الغابة، على عكس طبيعة الثعلب المكار.

على الرغم من كونهما جارين لا يفصل بين منزليهما سوى خطوات معدودة، إلا أن الثعلب واللقلق لم تربطهما أيّة صداقة. فقد كان الثعلب يُحب مضايقة اللقلق كثيرًا، ويسخر من منقاره الطويل وشكله المختلف عن باقي الحيوانات. ولم يكتف بذلك فقط، بل ويتفنن في صنع المقالب واختيار كلمات تُضحك بقية الحيوانات على مظهره المختلف. لم يملك اللقلق المسكين سوى الصمت وتجنب السخرية الجارحة.

وفي إحدى الليالي، شعر الثعلب بالملل، فجلس يُفكّر مليًا في طريقة لكسر هذا الملل. وما لبث أن خطرت في ذهنه خطة ماكرة يتسلّى بها على حساب مشاعر اللقلق الطيب. وما إن أشرقت الشمس، حتى توجّه الثعلب مسرعًا إلى منزل جاره اللقلق وقال بإبتسامة ماكرة: “مرحبًا يا جاري، أودّ أن أدعوك لتناول العشاء في بيتي غدًا.”

فرح اللقلق كثيرًا بدعوة الثعلب على العشاء، فهو يُحب مشاركة الأصدقاء على العشاء وقضاء وقت ممتع معهم. ظنّ اللقلق أن الثعلب ربما يريد أن الاعتذار عن تصرفاته السابقة، ولم يكن يدرك نية الثعلب الحقيقية. فابتسم اللقلق وردّ قائلاً: “بالطبع سأحضر في الموعد أيها الثعلب، أتمنى أن نقضي وقتًا ممتعًا سويًا. أشكرك على هذه الدعوة اللطيفة”.

وفي صباح اليوم التالي، شرع الثعلب في تنفيذ خطته الماكرة. فقد قرر أن يُحرج اللقلق، لا أن يعتذر له كما ظنّ. بدأ بترتيب منزله وأعدّ العشاء. جهّز حساءً لذيذًا، ولكنه سكبه في طبقين مسطحين، وهو يتخيل منظر اللقلق المسكين وهو يحاول أن يأكل بمنقاره الطويل دون جدوى.

وصل اللقلق في الموعد المتفق عليه مبتسمًا، وأحضر معه هدية لطيفة ليُقّدمها للثعلب ليشكره على دعوته. دقّ اللقلق جرس الباب، وعندما فتح الثعلب الباب، قال اللقلق: “مساء الخير يا جاري، شكرًا لدعوتي إلى منزلك، وأرجو أن تقبل هذه الهدية مني”.

أجاب الثعلب بخبث: “تفضل يا صديقي، لنجلس ونتناول العشاء ونتسامر سويًا”.

ثم ذهب إلى المطبخ وأحضر الأطباق، وقال مبتسمًا: “تفضل هذا الحساء لقد أعددته خصيصًا لك”.

جلس الاثنان سويًا على طاولة العشاء، وتناول الثعلب الحساء بسرعة وراحة، بينما حاول اللقلق أن يتناول الحساء ولكنه لم يتمكّن من ذلك بسبب منقاره الطويل المدبب، سكت اللقلق ولم يرد أن يُحرج الثعلب وقال: “إنني لا أشعر بالجوع هذه الليلة”.

لم يبال الثعلب بما قاله اللقلق، ورد ساخرًا: ” لم آكل حساء بهذه اللذة منذ زمن، لقد استمتعت كثيرًا بهذه الوجبة المذهلة”.

شعر اللقلق بالاستياء من خدعة الثعلب المكّار، لكنه لم يظهر علامات للغضب أو الحزن، بل بقي هادئًا، وفهم أن الثعلب خطط لهذه المكيدة مسبقًا.

شكر اللقلق الثعلب على وجبة العشاء، وعاد إلى بيته حزينًا ومستاءً مما فعله الثعلب. فكر بهدوء وقال لنفسه: ” أحيانًا لا يفهم الآخرون أننا مختلفون عنهم. وربما يعتقدون أن السخرية على اختلافنا شيء ممتع. سأعلمك درسًا لن تنساه أيها الثعلب”.

وبعد أسبوع من تلك الليلة، تفاجأ الثعلب حين فتح الباب ووجد اللقلق واقفًا أمام منزله. استغرب الثعلب من وجود اللقلق، فهو لم يره منذ ذلك الليلة.

قال اللقلق: “مساء الخير يا صديقي العزيز، أريد دعوتك لتناول وجبة العشاء معي غدًا، هل ترغب بالقدوم؟”.

لم يشك الثعلب في سبب الدعوة، وقال في نفسه:” ربما يودّ أن يرد لي الوجبة التي أعددتها له سابقًا، يالها من طائر ساذج”.

قطع اللقلق تفكير الثعلب، وقال: “ما رأيك يا صديقي؟”.

وأجاب مبتسمًا: “حسنًا، سآتي أيها اللقلق، انتظرني غدًا”.

وفي اليوم التالي، توجّه الثعلب إلى منزل اللقلق فرحًا ومتشوقًا لتناول الوجبة. استقبله اللقلق بابتسامة رقيقة، وقال: “تفضل يا صديقي، أشكرك على تلبية دعوتي، هيا لنتناول العشاء، لقد أعددت لك أشهى الأطباق”.

عندما دخل الثعلب إلى المنزل، اندهش من طاولة الطعام الممتلئة بالأطباق اللذيذة والشهية، وجلس على كرسيه وبدأ ينظر إلى الطعام ويعلو على وجهه ابتسامة كبيرة. ثم استأذنه اللقلق ليحضر الطبق الرئيسي من المطبخ.

عاد اللقلق بعد لحظات حاملاً بين يديه طبقين، وصعق الثعلب ممّا رآه! لقد كان اللقلق يحمل جرّتين طويلتين فيهما سمك مشوي تفوح رائحته الرشهية في الأرجاء. ابتسم اللقلق وقال: “تفضل يا صديقي، لقد أعددت لك السمك الذي تحبه”.

حاول الثعلب التقاط الطعام، لكنه لم يستطع إدخال فمه داخل الجرة، لأنها كانت طويلة وضيقة جدًا على فمه القصير، بينما استمتع اللقلق بتناول السمك بسهولة.

شعر الثعلب بالحزن والإحراج، لأنه لم يتمكن من تناول الطعام الشهي اللذيذ. نظر إلى اللقلق وقال: “أعتقد أنني فهمت الآن ما تريد قوله.”

أنهى اللقلق طعامه وقال بهدوء: “لم أرد أن أؤذيك أو أغضبك في تلك الليلة، رغم أنك آذيت وجرحت مشاعري. ولكني اليوم أردتك أن تعرف ما شعرتُ به أنا في تلك الليلة. وأن تحسّ بما يحسّ به الآخرون عندما يكونون في مكان لا يقبل اختلافهم. أردتك يا صديقي أن تعرف أن اختلافنا لا يعني أن نسخر من بعضنا البعض، بل أن نحترم بعضنا.”

نظر الثعلب إليه بخجل وقال: “كنت أظن أن السخرية ممتعة، ولم أدرك أن ذلك يؤذي مشاعرك ويسبب لك الحزن”. وتابع كلامه قائلاً: “لقد تعلمت الدرس، فهمت أننا يجب أن نحترم اختلاف بعضنا ونتقبل الآخرين كما هم، ونفكر في طريقة تناسب الجميع لنحافظ على صداقتنا”.

اعتذر الثعلب، وعانق اللقلق، وقال:” أعتذر يا صديقي، أتمنى أن تسامحنى على ما فعلته بك، وأود أن تكوني صديقي على الرغم من اختلافتنا الخارجية”.

مدّ اللقلق جناحيه وضم الثعلب إليه، ثم قال مبتسمًا: “بالطبع يا صديقي، اختلافنا لا يُفرقنا، بل يجعل صداقتنا مميزة.”

وفي تلك اللحظة، نهض اللقلق، ودخل إلى المطبخ، وعاد وهو يحمل طبقًا مسطّحًا عليه السمك الذي يحبه الثعلب، وقال: “لقد أعددتُ هذا لك، لتأكله كما تحب.” ضحك الصديقان وتناولا الطعام وتحدثا معًا طوال الليل.

ومنذ ذلك اليوم، أصبح كلّ من الثعلب واللقلق صديقين مقرّبين، وأخذا يمضيان الوقت معًا، ويتحدثان ويتسامران معًا، ويلعبان الألعاب، ويُحضّران الوجبات معًا بطريقة تناسب كليهما.

اقرأ أيضًا: قصة عن الكذب للأطفال: الراعي والذئب

تعلّم الثعلب درسًا مهمًّا في تلك الليلة، وأدرك أهمية تقبل الآخرين، وأدرك أنّ اختلافهم عنه لا يُبرر السخرية منهم والتنمرّ عليهم، بل يجب عليه أن يتقبّل ويحترم اختلافهم، ويفكّر في طريقة تناسب الجميع، ليتمكن من الحفاظ على صداقته معهم. ومنذ ذلك اليوم، قرّر أن يتغير ويصاحب الجميع، مهما كان شكلهم أو صفاتهم.

وأنت يا صغيري، تذكّر دائمًا أن جميعنا مختلفون، لكل منا لونٌ وشكلٌ خاص به، هذا الاختلاف هو السر الذي يضيف جمالاً خاصًا إلى الحياة. تخيّل لو أنّنا جميعًا متشابهون! لن تكون الحياة حينها ممتعة أو مميزة، بل مملّة باهتة! لذلك، تعلّم من قصتنا أن تتقبل الآخرين كما هم، وألاّ تسخر من اختلافاتهم أو تتنمر عليهم. بدلاً من ذلك ساعدهم وكن لهم صديقًا وفيًا. فالأصدقاء الحقيقيون هم من يتقّبلون بعضهم البعض على الرغم من اختلافهم.

اقرأ المزيد من القصص الملهمة.

Exit mobile version