حكايات وقصص قصيرة للأطفال بعمر 4-5 سنوات، مليئة بالتشويق والإثارة والقيم الأخلاقية المهمّة للأطفال في هذه المرحلة العمرية، مناسبة لما قبل النوم أو في المدرسة لاكتساب المهارات.
لطالما أحبّ الضفدع الصغير “نطّاط” النظر إلى النجوم ليلاً. وكان في كلّ ليلة يجلس على ورقة زنبق كبيرة، ويتأمل النجوم المتلألئة.
– كم أتمنى لو ألمس هذه النجوم! كان نطّاط يقول لنفسه في كلّ مرّة يرى فيها نجوم السماء اللامعة. هذه الليلة، كانت السماء صافية، والجوّ صيفيًا جميلاً. النجوم اللامعة كانت تملأ السماء وتتراقص مثل الجواهر الصغيرة.
قرّر نطّاط تسلّق صخرة كبيرة ليتمكّن من لمس النجوم. ثابر وثابر حتى وصل إلى قمّة الصخرة، ثمّ مدّ يده ليمسك نجمة…ولكن… يالا الأسف، النجوم لا تزال بعيدة جدًا، ولا يستطيع نطّاط الوصول إليها!
فجأة رأى نطّاط تلّة بالقرب منه، فقال فرحًا: – أوه سأتسلّق التلّة وساتمكّن من الإمساك بنجمة!
و…ويييييي…تزحلق نطّاط من أعلى الصخرة، وبدأ القفز صاعدًا التلّة. هيب…هوب…هيب…هوب
وصل أخيرًا إلى أعلى التلّة! ومدّ يده ليمسك نجمة…ولكن.. وأسفاه، لا تزال النجوم بعيدة جدًا، ولا يمكن لنطّاط الوصول إليها!
من أعلى التلّة، رأى نطّاط شجرة جوز هند قريبة منه. كانت طويلة جدًا، وفرح نطّاط: – إن تسلّقت الشجرة، فسوف أمسك نجمة حتمًا!
وهكذا، نزل نطّاط من التلّة… هيب…هوب…هيب…هوب…
حتى وصل أخيرًا إلى شجرة جوز الهند، وبدأ يتسلّقها بصعوبة كبيرة! واحد…اثنان….واحد….اثنان….
وصل نطّاط بعد كثير من الجهد إلى قمّة الشجرة، ومدّ يده ليمسك نجمة….ولكن…. أوه…لا… لا تزال بعيدة جدًا، ولا أستطيع الإمساك بها.
شعر نطّاط بخيبة الأمل، وطأطأ رأسه حزينًا، فرأى كم كان مرتفعًا عن سطح الأرض، وخفق قلبه بقوّة من الخوف…بوم..بوم…بوم…
وضع نطّاط يده على قلبه الصغير، وهمس لنفسه: – لن أخاف…أستطيع أن أفعلها!
ثمّ نظر مجدّدًا إلى الأسفل نحو الأرض، فرأى منظرًا رائعًا جدًا! كان هنالك بركة صغيرة في الأسفل، وعلى سطحها تلألأت النجوم بقوّة!
نظر نطّاط إلى النجوم في الماء بإعجاب شديد….استجمع شجاعته، وقفز أخيرًا نحو البركة… كلّما اقترب نطّاط من البركة، زاد اقترابه أكثر من النجوم المتلألئة على سطحها.
سبلااااش
أخيرًا وصل نطّاط إلى سطح الماء، وغطس في مياه البركة.
خرج نطّاط من البركة، وجلس على ضفّتها، ثمّ راح يتأمل النجوم الصغيرة وهي تتلألأ على السطح في منظر ساحر بديع.
كان يا مكان، في قديم الزمان، وفي إحدى البلدان البعيدة، عاشت فتاة جميلة طيبة القلب اسمها سندريلا، مع أبويها اللذين يحبّانها ويعطفان عليها. كانت تعيش حياة سعيدة إلى أنّ جاء يوم مرضت فيه والدتها مرضً شديدًا، ولم يتمكّن الأطباء من علاجها، ففارقت الحياة، تاركة سندريلا المسكينة وحيدة.
حزن الأب على فراق زوجته حزنًا شديدًا، وأصبح وحيدًا يشعر بألم الفراق. وكان كلّما نظر إلى ابنته الصغيرة، شعر بمزيد من الحزن لأنه أصبحت يتيمة دون أمّ ترعاها وتعطف عليها. فقرّر أن يتزوّج بامرأة أخرى تحلّ محلّ أمها، فتعتني بها وتقدّم لها الحبّ والعناية.
وكذلك كان الحال، تزوّج الأب بامرأة أرملة، لديها ابنتان أكبر من سندريلا بقليل. وانتقلن للعيش في منزل سندريلا.
كانت زوجة الأب وابنتاها يعاملن سندريلا معاملة حسنة، وفرحت هذه الأخيرة لأنه أصبح لديها أختان تتتسلّى معهما.
فرح الاب لرؤية ابنته وقد عادت إلى محياها الابتسامة، واطمأن قلبه أنها ستكون بخير أثناء سفره للعمل، وهكذا، بعد عدّة أسابيع من زواجه، سافر الأب مبحرًا إلى بلاد بعيدة لإحضار البضاعة من أجل عمله. وهنا تغيّرت الأمور تمامًا.
أصبحت زوجة الأب هي سيّدة المنزل، فأجبرت سندريلا على الانتقال إلى العليّة المظلمة، وأعطتها ملابس رثّة ممزقة لترتديها بدلاً من ثيابها الجميلة. ليس هذا وحسب، بل جعلتها تقوم بجميع أعمال المنزل من تنظيف وترتيب وطبخ.
تحوّلت حياة سندريلا بين ليلة وضحاها، وصارت خادمة لزوجة أبيها القاسية وابنتيها المدللتين، فكانت تستيقظ باكرًا لتعدّ لهنّ طعام الفطور، وتغسل ثيابهنّ وترتب غرفهن، في حين كانت الأختان المغرورتان تقضيان نهارهما في النوم والأكل والتنزّه في الأسواق لشراء الأثواب والمجوهرات الفاخرة.
على الرغم من قسوة الحياة ومعاملة زوجة الأب وابنتاها السيئة، لكنّ سندريلا لم تفقد الأمل، وحافظت على طيبة قلبها ورقّتها في التعامل، وكان لديها أصدقاء صغار من الحيوانات يخفّفون عنها وحدتها ويساعدونها في بعض أعمالها. فكانت بعض العصافير تقدّم لها العون لنشر الغسيل على الحبال، والفئران الظريفة تمدّ لها يدّ العون في حمل بعض الخضار والفواكه والأواني، والقطّ ميشا يساعدها في المسح وتنظيف الأرضيات، ممّا أدخل السعادة إلى قلبها، وشجّعها على الاستمرار في العيش برضى.
في أحد الأيام شاع خبر رغبة الأمير ابن حاكم المملكة في الزواج، وأعلن الملك عن إقامة حفل كبير في القصر الملكي، تحضره جميع الفتيات ممّن هنّ في سنّ الزواج ليختار الأمير عروسه من بينهنّ.
وتلقّت زوجة الأب وابنتاها دعوات لحضور الحفل الراقص، كما تلقّت سندريلا أيضًا دعوة لحضور الحفل، وكم أفرحها وأسعدها ذلك، لكنها طلبت الإذن من زوجة أبيها للسماح لها بحضور الحفل:
هل يمكنني أن أذهب أنا أيضًا إلى الحفل الراقص؟
سألت سندريلا بحذر.
ضحكت زوجة الأب بسخرية، وردّت:
– سأسمح لك بالذهاب إن استطعتِ إنهاء جميع أعمالك المنزلية، وعثرتِ على ثوب مناسب للحفل، أمّا الآن فأريد منك أن تساعدي ابنتيّ على الاستعداد للحفل، أريد أن تكونا أجمل الفتيات في القصر حتى يقع اختيار الأمير على إحداهما.
وهكذا ازداد ضغط العمل على سندريلا التي أصبحت الآن مكلّفة بإتمام جميع أعمال التنظيف والترتيب والطبخ، وكذلك تحضير وخياطة أثواب الحفل لأختيها ومساعدتهما لاختيار المجوهرات والأحذية المناسبة لحضور هذه المناسبة الراقية.
كانت تعمل بجدّ طوال النهار، وتسهر ليلاً على حياكة ثياب أختيها، واستطاعت بفضل أصدقائها الطيبين أن تصلح أحد أثواب والدتها الراحلة وتزيّنه بالشرائط الحريرية والخرز اللامع حتى أصبح ثوبًا أنيقًا وجميلاً.
في يوم الحفل، استيقظت سندريلا باكرًا، فأعدّت الفطور لأختيها، وقامت بتنظيف وترتيب المنزل كاملاً، ثمّ ساعدت الفتاتان المغرورتان على تجربة فساتين الحفل واختيار ما يلائم من الجواهر والأحذية، فكانتا تلبسان وتخلعان الفساتين والموجوهرات، وسندريلا تساعدهما على اختيار ما يلائم وما لا يلائم، حيث قضت معهما ساعات طوال تستمع إلى أرائهن وتصلح ما يحتاج إلى إصلاح أو تضييق أو توسيع من الثياب والفساتين.
ومع غروب الشمس، كانت الفتاتان وزوجة الأب في أبهى حلّة لهنّ، يرتدين فساتين من الحرير مطرّزة بالخيوط الذهبية ومزيّنة بالخرز والجواهر، واستغلّت سندريلا فترة تناولهنّ الطعام، فارتدت فستان والدتها الراحلة البسيط الذي أصلحته مع أصدقائها الحيوانات، وربطت شعرها بشريط حريري، ونزلت إلى الأسفل تحمل دعوتها.
كانت زوجة الأب والفتاتان على وشك ركوب العربة المتجهة إلى القصر عندما نادتهنّ سندريلا:
– انتظروني! ألن آتي معكنّ أنا أيضًا!
والتفتت الأختان وأمهما إلى سندريلا، ثمّ انفجرن ضاحكات بسخرية:
– هل ستأتين معنا بهذا الثوب القديم البالي؟!
قالت إحدى الأختان، وأضافت الأخرى:
– وهذا الحذاء البشع القبيح؟!
قالت زوجة الأب
– لن أسمح لكِ بإفساد فرصة الزواج من الأمير على ابنتيّ، فإن رآكِ معهما سيسخرّ منّا وينفر من الحديث معهما، ستحرجينني مع العائلة المالكة والطبقة الثرية من الحضور.
– لكن…
وقاطعتها زوجة الأب مجدّدًا:
– كفى….لن تحضري الحفل، ثمّ إنّ المنزل غارق في الفوضى، عليك ترتيب المكان وتنظيفه قبل عودتنا، لا أريد أن أرى ذرّة غبار واحدة عندما أعود.
ثمّ اقتربت منها، وأخذت منها دعوة الحفل، فمزّقتها ورمتها أرضًا حتى تتأكّد من أنّ سندريلا لن تحضر الحفل، وغادرت بعدها مع ابنتاها وهنّ يضحكن بخبث، تاركات سندريلا وحدها في المنزل.
شعرت سندريلا بالظلم، والحزن الشديد، واندفعت إلى غرفتها في العلية حيث ارتمت على السرير وراحت تبكي بكاءً مريرًا، فيما حاول أصدقاؤها الصغار التخفيف عنها، ولكن بلا جدوى.
ومن شدّة تعبها، غفت سندريلا لبضع لحظات، لكنّها عندما استيقظت من جديد رأت أمامها سيدة طيبة الملامح، ترتدي ثوبًا أزرق لامعًا، وتحمل بيدها عصًا غريبة الشكل.
– من أنتِ؟
سألت سندريلا بفضول.
– أنا الجنيّة الطيبة، وقد أتيتُ لمساعدتك يا سندريلا، فامسحي دموعك، ولا تحزني لأنط ستذهبين إلى الحفل الراقص.
– وكيف أذهب من دون ثوب أو عربة أو حتى بطاقة دعوة، زوجة أبي وأختاي محقّات، سأكون مصدر إحراج لهنّ ولنفسي إن ذهبت.
قالت سندريلا بحزن، وابتسمت الجنية الطيبة وهي تستمع إليها ثمّ قالت:
– لا عليك… ستكونين أجمل فتاة في الحفل، وستخطفين الأبصار بحضورك!
ثم لمست بعصاها سندريلا، فأشعّ نور قويّ، وفجأة تحوّل ثوبها القديم إلى فستان رائع الجمال من الحرير الثمين، مطرّز بخيوط فضيّة دقيقة وخرزٍ نجمي لامع.
ولمست الجنيّة شعر سندريلا، فمُشّطَ تلقائيًا ووُضع عليه تاج ثمين مرصّع باللآلئ والألماس، وعلى رقبتها استقرّ عقدٌ من اللؤلؤ والمرجان.
وأمّا حذاؤها الممزّق، فتحوّل هو الآخر إلى حذاء من الزجاج الشفاف اللامع.
– أنتِ مستعدّة الآن للحفل، ولم يتبقَ سوى إعداد العربة… هيا لننزل إلى الأسفل!
قلت الجنية، ثمّ نزلت إلى المطبخ في الطابق السفلي، فاختارت منه حبّة يقطين كبير، وحملتها إلى المدخل، ثمّ ضربتها بعصاها، فتحوّلت في الحال إلى مقصورة عربة رائعة الجمال، وبضربة أخرى، تحوّلت الفئران من أصدقاء سندريلا إلى جياد بيضاء أصيلة ذات عدّة ذهبية بديعة.
– أخيرًا، نحتاج إلى سائق عربة، وخادم لمساعدتك على الركوب والنزول!
ونظرت من حولها فرأت زوج العصافير من أصدقاء سندريلا، فلمست كلّا منهم بعصاها السحرية، وكما هو الحال مع الفئران، تحوّلا في الحال إلى رجلين ببزّة رسمية أنيقة.
ذُهلت سندريلا من كلّ ما رأت، وشعرت بالسعادة الغامرة. فراحت تدور حول نفسها بثوبها الساحر وهي تشكر الجنيّة الطيبة.
– شكرًا لك أيتها الجنية الرائعة، لا أنسى لك معروفك ما حييت!
ابتسمت الجنيّة بطيبة، ثمّ قالت:
– هيا يا عزيزتي، حان وقت الذهاب… لكن تذكّري، عليك العودة إلى المنزل قبل منتصف الليل، فعند الدقّة الثانية عشرة من منتصف الليل سيختفي أثر السحر وتعود ثيابك إلى حالتها الأولى وكذلك العربة وكلّ شيء آخر.
– فهمت لن أنسى ذلك، وسأغادر قبل حدوث ذلك.
ثمّ ركبت العربة، وودّعت الجنية وانطلقت نحو الحفل.
هناك في القلعة، كانت الفتيات يحاولن التقرّب من الأمير، والتعريف بنفسهن أمامه، لكن علامات الملل والضجر كانت بادية على محيّاه، فلم يرَ في أيّ منهن صفات الزوجة المناسبة، وفجأة رفع نظره نحو مدخل القاعة، فرأى سندريلا وهي تقف عند المدخل بثوبها الساحر وحليّها الفاخرة.
وقف الأمير على الفور، واتجه نحوها، وتتبّع جميع الحضور خطواته نحو سندريلا.
– آنستي الجميلة، أهلاً بك في هذا الحفل الراقص، لا شكّ أنّك من النبلاء أو أميرة من أميرات الممالك المجاورة.
لم تعرف سندريلا ما تقول، فانحنت للأمير باحترام وشكرته على دعوتها لمثل هذا الحفل المميز، ومدّ الأمير يده إليها طالبًا منها مشاركته الرقصة التالية، فوافقت وابتسامة مشرقة ترتسم على محيّاها.
وانطلق العزف من جديد في الأرجاء، فرقصت سندريلا والأمير لوقت طويل، وأسرت جميع الحضور بجمالها وروعة حضورها.
وبعد الرقص، تمّ تقديم العشاء في الحفل، فرافق الأمير سندريلا، وتناول عشاءه معها، ثمّ خرج الإثنان إلى حديقة القصر، وراحا يتحدّثان ويتسامران، فأعجب كلّ منهما بشخصية الآخر ودماثة أخلاقه وطيبة قلبه، ولم تنتبه سندريلا لتأخر الوقت في حضرة الأمير، إلى أن سمعت فجأة الساعة تدقّ معلنة منتصف الليل.
ارتبكت سندريلا وتوتّرت، واعتذرت على عجل من الأمير:
– أرجو المعذرة يا مولاي، ولكن يجب أن أغادر الآن!
– مهلاً انتظري…لم أعرف اسمك حتى الآن…
لكنّ سندريلا لم تكن تملك من الوقت ما يكفي للإجابة عن سؤال الأمير، فحيّته، وركضت نحو الخارج، وأثناء نزولها الدرج باتجاه العربة سقطت منها فردة حذائها، إلاّ أنها لم تبالي وتركتها وراءها وركبت العربة وغادرت على عجل.
حار الأمير في أمرها، ولم يعرف ما أصابها ودفعها للرحيل على هذا النحو، ثمّ حمل فردة الحذاء الزجاجي الذي تركته، وعاد به إلى الحفل، الذي بدا له حينها مملاً لا معنى له.
في اليوم التالي، راح الأمير يسأل حاشيته عن صاحبة الحذاء، لكنّ أحدًا لم يعرف من تكون أو ما اسمها، ممّا زاد من حزنه على رحيلها. وأصدر أمرًا بالبحث عنها والعثور عليها، ولكن دون جدوى، فلم يعثر أحد على هذه الأميرة الغامضة.
أخيرًا أعلن الأمير أنّه سيتزوّج الفتاة التي تناسب قدمها الحذاء الزجاجي، وأمر خدمه بزيارة كلّ المنازل في المملكة وجعل الفتيات يجرّبن فردة الحذاء الزجاجي حتى يعثروا على عروسه.
جاب الحرّاس أنحاء المملكة، يطرقون أبواب المنازل، ويعرضون فردة الحذاء على الفتيات، وحاولت الكثير منهنّ ارتداءه لكنّه لم يناسب أيًّا منهن.
وبعد عدّة أيام، وصل حرّاء الملك إلى منزل سندريلا، فبادرت الأختان بقياس فردة الحذاء، لكنه كان صغيرًا جدًّا عليهما. وقال أحد الحراس بعدها:
– بحسب معلوماتي فهنالك فتاة أخرى تعيش في هذا المنزل.
قالت زوجة الأب:
– هذا صحيح، لكنّها مجرّد خادمة، ولا يمكن أن تكون تلك الأميرة الساحرة التي رأيناها في الحفل، فلا داعي لإضاعة وقتكم الثمين معها.
أجاب الحارس:
– إنّ الأوامر تنصّ على أن تجرّب كلّ فتاة في المملكة فردة الحذاء بغضّ النظر عمّن تكون، فأرجو منك استدعاءها الآن.
وعلى مضض، نادت زوجة الأب سندريلا من المطبخ، فجاءت وجلست على الأريكة، ووُضع الحذاء في قدمها، فانزلق بسهولة كأنه خُلق لها! دهش الجميع، وفجأة، أشرق نور سحري من حولها، ليعود فستانها الملكي ويتألّق تاجها من جديد، وسط شهقات الذهول من زوجة الأب وابنتيها.
– هذا مستحيل، سندريلا لم تذهب إلى ذلك الحفل، فمن أين لها بذلك الثوب الرائع وتلك الجواهر الثمين.
أخذها الخدم إلى القصر، حيث كان الأمير ينتظرها بفارغ الصبر. وعندما رآها، أشرق وجهه بالسعادة وقال: “أخيرًا وجدتكِ!” لم يكن بحاجة لسماع أيّ شيء آخر، فقد كان متأكدًا أنّها هي الفتاة التي يريدها. وبعد أيام قليلة، أُقيم حفل زفاف كبير، وتوّجت سندريلا أميرة، لتعيش مع الأمير بسعادة وهناء.
أما زوجة الأب وابنتاها، فتعلمّن درسًا قاسيًا، حيث أدركن أن الجمال الحقيقي ليس في الملابس الفاخرة، بل في القلب الطيب والروح النقية.
في قرية صغيرة وسط الغابة، عاشت فتاة طيبة القلب تُدعى ليلى. كانت ليلى مشهورة بمعطفها الأحمر الذي أعطتها إياه جدتها الحبيبة. في يوم من الأيام، طلبت والدة ليلى منها أن تزور جدتها المريضة لتطمئن عليها وتأخذ لها سلة مليئة بالطعام اللذيذ.
قالت لها والدتها قبل أن تخرج: “كوني حذرة يا ليلى، وامشي في الطريق المستقيم ولا تتحدثي مع الغرباء.”
انطلقت ليلى عبر الغابة وهي تغني بفرح، حتى وصلت إلى مكان جميل مليء بالأزهار. قررت قطف بعض الأزهار لإسعاد جدتها. أثناء ذلك، ظهر أمامها ذئب كبير، ولكنه بدا لطيفًا وقال: “مرحبًا يا صغيرة! إلى أين أنت ذاهبة؟”
ببراءة ردت ليلى: “أنا ذاهبة إلى بيت جدتي لأطمئن عليها وأعطيها هذه السلة.”
فكر الذئب بمكر وقال لنفسه: “إنها فرصة للحصول على وجبة لذيذة!” ثم قال بصوت ودود: “لِمَ لا تقطفين المزيد من الأزهار الجميلة؟ ستفرح جدتك كثيرًا.”
أعجبت ليلى بالفكرة واستغرقت في قطف الأزهار، بينما ركض الذئب بسرعة نحو بيت الجدة. وعندما وصل، طرق الباب. “من هناك؟” سألت الجدة بصوت ضعيف. قال الذئب مقلدًا صوت ليلى: “أنا ليلى يا جدتي. أحضرت لك الطعام!”
فتحت الجدة الباب، لكن الذئب قفز وأخافها حتى اختبأت داخل الخزانة. لبس ملابس الجدة واستلقى في السرير بانتظار ليلى.
عندما وصلت ليلى إلى البيت، لاحظت أن شكل جدتها مختلف قليلاً. فقالت: “جدتي، لماذا أذناك كبيرتان؟” أجاب الذئب بصوته الماكر: “لأسمعك جيدًا يا صغيرتي.” “وجدتي، لماذا عيناك كبيرتان؟” “لأراك جيدًا يا صغيرتي.” “لكن، لماذا أسنانك حادة؟” فجأة قفز الذئب قائلاً: “لأكلك!”
صرخت ليلى بكل قوتها، وسمع صيحتها حطّاب قوي كان يعمل قريبًا. هرع الحطاب إلى البيت، وضرب الذئب فهرب بعيدًا في الغابة، وأخرج الجدة من الخزانة.
شكرته ليلى وجدتها، وتعلمت ليلى درسًا مهمًا: يجب دائمًا الاستماع لنصائح الأهل والحذر من الغرباء.