المهندسة نملة | قصة عن حياة النمل وتنظيمه

لنتعرّف على المهندسة نملة الصغيرة، لكنها ليست كأيّ نملة!
إنها مهندسة القرية التي تحبّ التفكير، والرسم، ووضع الخطط الدقيقة. عندما لاحظت أن بيوت النمل أصبحت ضيّقة بعد أن كبر عددهم، قرّرت أن تخترع تصميمًا جديدًا يجعل القرية أكثر اتساعًا وراحة.

تابعوا كيف تعاونت نَمْلة مع صديقاتها، وكيف تعلّمن أن كل فكرة عظيمة تبدأ بملاحظة صغيرة، وكل بناء قوي يبدأ بخطةٍ ذكية!

المهندسة نملة: اسمها نَمْلة… لكنها مهندسة!

في صباحٍ دافئٍ عند جذع شجرة الزيتون، خرجت نملة صغيرة بلون الشوكولاتة الداكنة. كان اسمها “نَمْلة” كما تناديها أمها، لكنها بين رفيقاتها تُعرف بالمهندسة، لأنها تحب الملاحظة والقياس، وتحب أكثر أن ترسم الخطط على الرمل بخطوط دقيقة.

وقفت نَمْلَة تتفقد الممر المؤدي إلى القرية، فلاحظت أنه صار ضيقًا بعدما ازداد عدد النملات. رفعت رأسها وقالت بهدوء:

“علينا أن نوسع البيوت، ونبني أنفاقًا للهواء، ومخازن تكفينا طوال الشتاء!”

اقتربت منها صديقتها “حَبّة”، وهي تحمل قشرة قمح تكاد تسقط من ثقلها، وقالت بحماس:
“فكرة رائعة! كيف نبدأ يا مهندسة نملة؟”

أشارت نَمْلَة إلى الشمس قائلة:

“أولًا، نرسم الاتجاهات، فالشمس دليلنا. ثم نضع علاماتٍ برائحةٍ خفيفةٍ على الطريق حتى لا تضلّ أخواتنا طريق العودة.”

وبينما كان الجميع يعمل بجد، أقبلت الملكة في جولةٍ تفقّدية، تحيط بها الحارسات. وقفت المهندسة نملة باحترام، فابتسمت الملكة وقالت بصوتٍ دافئ:

“التعاون قوتنا، والتفكير والتخطيط هما سرّ نجاحنا.”

فرحت النملات الصغيرات بكلمات ملكتهن التشجيعية، وانطلقت فرقة الاستطلاع بقيادة المهندسة نملة، التي تحمل شعيرة سوداء تستعملها كمسطرة. كانت تقيس المسافات بين جذور الشجرة، وتضع نقاطًا صغيرة على الرمل وهي تقول:

“هنا سيكون المدخل، وهنا غرفة البيض، وهناك المخزن الجاف.”

ثم وقفت أمام الجميع وقالت بحزمٍ وفرح:

“لنبدأ اليوم! فبيوت النمل تُبنى بالصبر، والحُب، والنظام.”

تذكّرت نملة حين كانت صغيرة تضيع بين الحبوب، لولا العلامة التي تركتها أمها لتدلّها على الطريق. منذ ذلك اليوم، وهي تؤمن أن العلامات الصغيرة تصنع فرقًا كبيرًا.

رفعت حفنة من التراب وقالت مبتسمة:

“كل حبة هنا لها مكانها، وكل فكرة تبدأ بسؤال… ثم خطوة، ثم خطوة أخرى!”

خريطةٌ على بقعة رمل

جمعت المهندسة نملة مجلسًا صغيرًا في ظل ورقةٍ خضراء كبيرة، وجلست مع صديقاتها حول بقعة صغيرة من الرمل فرشتها كأنها لوح رسم. بأطرافها الدقيقة بدأت ترسم خرائط مصغّرة لقرية النمل: المدخل، نفق الهواء، قاعة الأمهات، مخزن الحبوب، غرفة المطر، وممر الطوارئ.

قالت وهي تشير إلى الرسوم الصغيرة على الرمل:

“المدخلُ سيكون مائلًا ليمنع السيول من الدخول. نفقُ الهواء يصعد للأعلى ليدفع الحرّ إلى الخارج. قاعة الأمهات يجب أن تكون هادئةً وبعيدةً عن الضجيج. والمخزن سنغطيه بألياف العشب ليبقى جافًا. أما غرفة المطر، فنضع فيها التراب المبلل بعيدًا عن الحبوب، وممر الطوارئ سنستخدمه إذا أغلق المدخل يومًا ما.”

لمعت عينا نَمْلة وهي تلمس الجدار بقرون استشعارها وقالت:

“تخيّلي يا حَبّة، نحن لا نملك عيونًا مثل البشر، لكن عندنا لغةٌ خاصة من الروائح! عندما أمشي أترك أثرًا خفيفًا من رائحةٍ مميزة، فإذا مرّت أختي بعدي عرفت الطريق الصحيح. كأننا نكتب على الجدران، لكن بالحبر السريّ الذي لا يقرأه إلا النمل!”

ضحكت “حَبّة” وقالت بدهشة:

“يعني جدران بيوتنا مليئة بالقصص واللافتات، لكنها مكتوبة بروائح لا يراها أحد؟”

أجابت المهندسة نملة بفخر:

“بالضبط! وهكذا لا نضيع أبدًا، حتى في أحلك الظلام.”

في تلك اللحظة اقتربت مجموعة من جنود النمل الأقوياء الذين يحرسون المداخل. قالت لهم نملة بثقة:

“ستقف مجموعة هنا ومجموعة هناك. نحن لا نؤذي أحدًا، لكن نحمي بيتنا بكل حبٍّ ونظام.”

ثم بدأت توزّع الأدوار: عاملات للحفر، وأخريات لنقل التراب، وفريق يجمع قطع القشّ، وآخر يحمل قطرات الماء على ظهره الصغير. ارتفعت أصوات النملات الصغيرات بفرحٍ وهمة:

“معًا… معًا! نعمل بجدّ بلا تعب!”

ولكي لا يتعب أحد، علّمتهم المهندسة نَمْلة إيقاع العمل: دقيقتان للحفر، ثم تبديل المواقع، ثم راحة قصيرة قبل العودة من جديد. كان العمل يشبه أغنيةً جماعيةً متناغمة، تُغنّيها النملات وهنّ يبنين بيوتهن بحماس.

ثم أخرجت نَمْلة قطعة قشر صغيرة صنعتها كبابٍ للتجربة، فتحته وأغلقته لتُريَ الصغيرات كيف تعمل العتبة. جرّبن المشي فوق ممرٍّ ضيّق دون أن يصطدمن، ثم شرحن لبعضهن ما تعلّمنه. ابتسمت نملة وقالت بلطف:

“من تفهم الفكرة تستطيع أن تُعلّم غيرها، وهكذا نبني بيتًا… وعقلًا أيضًا!”

أنفاق تتنفس بالحياة

بدأت المعاول الصغيرة تعمل في صمتٍ جميل؛ أسنانٌ دقيقة تقطع التراب، وأرجلٌ نشيطة تنقله في سلالٍ من الحبيبات. كانت المهندسة نملة تراقب بعين الخبيرة كل زاوية وتقول برفق:

“لا نحفر بشكلٍ مستقيم تمامًا، فالانحناء يجعل السقف أقوى!”

كانت العاملات يشكّلن قبابًا صغيرة من الداخل، فابتسمت نَمْلة وقالت:

“السقف يجب أن يكون نصف دائري، حتى يتوزّع عليه الوزن فلا ينهار بسهولة.”

ثم جاءت نملة أخرى تحمل أعواد عشبٍ رقيقة لتثبّتها في الجدران، فهزّت نملة رأسها إعجابًا وقالت:

“رائع! هذه الأعواد مثل الدعامات، لكنها يجب أن تبقى قليلة حتى لا تمنع الهواء من المرور.”

وفي أعلى النفق حفرت نَمْلة فتحةً صغيرة وهي تشرح بحماس:

“وهذه مدخنة الهواء! عندما تشتدّ الحرارة، يخرج الهواء الساخن من هنا، ويدخل البارد من الممر السفلي.”

ثم رسمت بقدمها دائرةً صغيرة في زاوية قريبة وقالت:

“هنا سنبني غرفة التجفيف، نضع فيها الحبوب إذا أصابتها الرطوبة، ونقلبها من وقتٍ لآخر حتى لا تتعفن.”

بينما كنّ يعملن، تسللت إلى الأنفاق رائحةُ الليمون القادمة من حديقة الجيران، فقالت نَمْلة بابتسامةٍ ذكية:

“الروائح تحمل لنا أخبار الطقس! فعندما تشتدّ رائحة التراب نعرف أن المطر قريب.”

وفي أثناء جولتها، ظهرت الملكة بين الحارسات، فسارعت نَمْلة لتطمئنها قائلة:

“الأساس ثابت يا مولاتي، والممرات بعيدة عن بعضها حتى لا تلتقي في نقطةٍ واحدة.”

ابتسمت الملكة برضا وقالت:

“بارك الله في فِكركِ يا صغيرة، لقد جعلتِ الأنفاق تنبض بالحياة!”

ارتفعت أصوات الفرح، وواصلت النملات العمل في نظامٍ وانسجام. كل واحدة تعرف دورها، وكل خطوة محسوبة بدقة.

وقبل أن تنهي جولتها، وضعت المهندسة نملة علاماتٍ صغيرة لتدلّ الطريق: رائحة الليمون للمخزن، النعناع لغرفة التجفيف، والتراب الرطب لقسم المطر.

ثم مرّت بأطرافها على السقف تتحسّسه بحذر، فإذا وجدت حبةً رخوة بدّلتها بأخرى أشدّ صلابة، وهي تقول بسرور:

“هكذا فقط… تتنفس أنفاقنا بالحياة!”

اقرأ أيضًا: رحلة إلى مملكة النحل | مغامرة خياليّة حول صناعة العسل

المخازن المليئة بالكنوز

بعد أن اكتملت الأنفاق الكبرى، قادت المهندسة نملة فريق التموين بحماس وقالت بصوتٍ مفعمٍ بالفخر:

“البيت من دون مخزن… مثل أغنيةٍ بلا لحن!”

انطلقت العاملات في صفوفٍ منظمة تشبه خيوطًا من الحياة تتحرك فوق التراب. خطٌّ يجمع القمح الذهبي، وآخر يجلب بذور الكزبرة واليانسون، وثالث يلتقط فتات التمر الحلو.

وكانت كل مجموعة تترك خلفها رائحةً مميزة لتعرف النملات بداية الطريق ونهايته، كأن الأرض نفسها تكتب خريطة عطِرة لرحلتهن.

عند مدخل القرية وقفت نَمْلة تراقب بعينٍ خبيرة وقالت:

“الحبّة الخفيفة نأكلها أولًا، والثقيلة نخزّنها للمستقبل. أمّا المبلّلة فنرسلها إلى غرفة التجفيف فورًا.”

بدأت الصغيرات بترتيب الحبوب على شكل أكوام صغيرة، وفي وسط كل كومة حجرٌ أملس للعدّ.

وشرحت المهندسة نَمْلة لرفيقاتها:

“بين كل كومة وأخرى ممرّ يسع نملتين فقط، حتى لا نصطدم ببعضنا. النظام يجعل العمل أسرع وأجمل!”

ثم أشارت إلى أوعية الماء الصغيرة وقالت:

“لا نشرب من بركةٍ واحدة، بل نوزّع الماء في أكوابٍ من أوراق الشجر، ونبدّلها عند الغروب حتى تبقى نظيفة.”

ولأجل النظافة، خصصت نَمْلة غرفةً صغيرة للنفايات المؤقتة، تُنقل كل مساء بعيدًا عن القرية مع فريقٍ خاص.

وقبل أن تغيب الشمس، اجتمعت النملات يتأملن المخازن الجديدة وهي تلمع كأنها كنوزٌ من ذهبٍ.

سألت “حَبّة” بنبرة قلقة:

“هل تكفينا هذه الحبوب حتى الربيع يا نَمْلة؟”

أجابت المهندسة بثقةٍ وهدوء:

“إذا حافظنا على النظام، فسيبقى مخزننا آمنًا مليئًا مهما طال الجفاف.”

ولأن الحذر واجب، أضافت نَمْلة بحكمة:

“الفئران والطيور قد تسرق الحبوب، لذا سنجعل حارساتٍ يتفقدن المكان كل ساعة، ومن تتغيب تُعوّضها أختها.”

ثم نظرت إلى الجميع بابتسامةٍ دافئة وقالت:

“لا نريد تعبًا بلا ابتسامة… فبالنظام، والحب، والتعاون، نحافظ على كنوزنا الصغيرة!”

الليلة الماطرة

في ليلةٍ شتوية باردة، سمعت نَمْلة هدير المطر الخافت فوق الأرض. تحسّست الهواء، فاستنشقت رائحة التراب القويّة… كانت السماء على وشك البكاء. صفّرت بإشارات الأرجل، فاستجابت القرية كلها كأنها قلب واحد ينبض بالحركة.

أومأت إلى فريق الأبواب قائلة:

“أغلقوا المدخل الأول، وضعوا العتبة المائلة!”

ثم أشارت إلى فريق الطوارئ:

“افتحوا الممر الجانبي وارفعوا جدار الوقاية بسرعة!”

بدأت قطرات الماء تتسلل إلى الأنفاق، فتوجهت نَمْلة إلى غرفة المطر:

“انقلوا التراب المبلل إلى هنا، ولا تقربوا المخزن أبدًا!”

كانت بعض الصغيرات خائفات، فاقتربت منهن بلطف وقالت:

“لا تخفنّ… الخطة معنا، والخوف يتلاشى عندما نعمل معًا.”

اشتدّ المطر فجأة، وتحركت السحب لتزيد تدفّق المطر قوةً. صاحت نَمْلة بسرعة:

“نفّذوا تبديل المواقع الآن!”

تحركت العاملات بتناغمٍ تام، كأنهن يرقصن رقصةً محفوظة منذ القدم. بقيت الممرات جافة، فالهواء الساخن صعد من المدخنة ودفع الرطوبة خارج الأنفاق.

من بعيد، كانت الملكة تراقب بطمأنينة، بينما عملت النملات بلا كلل. مرّت الساعات، وهدأ كل شيء أخيرًا. تفقدت المهندسة نَمْلة الجدران بقرون استشعارها، فوجدتها صلبة وثابتة. فتحت العتبة قليلًا، فدخل نسيمٌ خفيف يحمل معه رائحة المطر المنعشة.

صفّق الجميع بأرجلهم الصغيرة اللامعة، همست “حَبّة”:

“لولا الخريطة وممر الطوارئ…”

ابتسمت نَمْلة وقالت:

“التنظيم يساعدنا على مواجهة المشاكل قبل أن تحدث. وعندما ارتفع غناء صرصور الليل، علمت أنّ الرياح ستغير اتجاهها. همست لنفسها: إذا انعطف الهواء، يجب أن أفتح ثقب التهوية الثاني قرب الجذر!

رفعت بإبرة صنوبرية قليلًا من التراب، فدخل الهواء إلى القنوات بسلاسة، وعاد كل شيء إلى ما كان عليه من الهدوء والنظام، بينما كانت القرية بأمان تحت سقفها الصغير، تشعر بالفخر والاطمئنان.

افتتاحُ البيت

طلعت الشمس بعد الليلة الماطرة، وكان التراب يلمع كأنه خبزٌ طازج خرج للتو من التنّور! عند مدخل البيت، وضعت نملةٌ لوحةً من قشرة شجرة مكتوب عليها:

“بيت النمل الجديد… مرحبًا!”

دعت الملكة الجميع لحفل افتتاح بسيط، مررن جميع النمل عبر الممر المائل دون أن تبتلّ أقدامهن، واستنشَقْن نسمةً باردة صاعدة من نفق الهواء. رأينَ قاعة الأمهات هادئةً ودافئة، والمخازن مرتّبةً كأنها أساور جميلة، وفي غرفة التجفيف قلبن الحبوب وغنّين معًا: “نظام… عمل… أمان”.

وقفت نملة لتخبر الصغيرات: “لكل واحدةٍ منا مهمة: حراسة، قياس، حمل، وترتيب. الروائح هي رسائلنا السرية، والسقف نصف الدائري يجعل البيت أقوى، والمطر… لا يخيف بيتًا خطط لمستقبله”.

رفعت “حَبّة” قشّةً مثل العلم وقالت: “إلى العمل… فالموسم طويل!”، وضحكت نملة صغيرة: “والبيت واسع… يتسع لكل الأحلام!”

في المساء، عندما سكنت الحديقة، صعدت نملة إلى أعلى التلة، تنظر إلى القرية من بعيد. كان بإمكانها رؤية الأنفاق كخيوط من نور تحت الأرض، همست لنفسها: “الهندسة ليست مجرد حجارة وتراب… بل رحمة نتشاركها، ونظام يجعل القلوب آمنة”. ثم عادت تجري، وفي رأسها تدور لفكرةٍ جديدة.

بعد الافتتاح، خُصِّصَت ساعة للزيارة التعليمية، وجاء النمل من القرى المجاورة. شرحت لهم المهندسة نَمْلَة كل شيء وقالت: “العلم إذا سافر… أزهر!”، ثمّ كتبت أسماء الفرق وأفضل فكرةٍ في اليوم في سجلٍ صغير برائحة العسل، لتبقى الحكايات وقودًا للعمل حين يتعب الجسد.

أسئلة حول القصّة

1- لماذا تسمى النملة “مهندسة”؟ ماذا تحب أن تفعل؟

2- ماذا فعلت النملة لتصبح بيوتهن آمنة وجافة أثناء المطر؟

3- كيف تعرف النملات الطريق داخل الأنفاق؟

4- لماذا تعاون النملات مهم لبناء القرية؟

5- إذا كنتِ نملة مهندسة، ماذا ستضيفين لبيتك الجديد؟

هل أعجبتك هذه القصة؟ اقرأ المزيد من القصص التعليمية على حدّوتة.

قصص أطفال ذات عبرة.

ليلى وزيتونة الجدّة | سلسلة حكايات فلسطين

هل تحبّون القصص التي تتحدّث عن الأبطال؟ إن كانت إجابتكم بـ “نعم”، فهذه القصّة لكم. لكنها عن بطلة مميزة… في الواقع لا يرتدي كلّ الأبطال بزّات خارقة، ولا يطير كلّهم في السماء بأجنحة قويّة أو قدرات خارقة، بعض الأبطال، يقفون ثابتين في الأرض، يمدّون جذورًا قويّة لا يمكن استئصالها.

هذه حكاية ليلى، الطفلة الفلسطينية الصغيرة، وصديقتها الشجرة العجيبة التي علّمتها معنى الحب، والصمود، وأنّ للأرض أيضًا حكايات تُروى وتستحقُّ ان تُسمع!

زيتونة في القلب

في قرية جميلة من قرى فلسطين، كان بيتُ الصغيرة ليلى يستقرّ بين التلال الخضراء، ويطلّ على حديقة واسعة. تتوسّطها شجرة زيتون ضخمة، ضخمة جدًا!

جذعها سميك عريض، وأغصانها ممتدة كأذرع أمٍّ حنون تريد ضمّ كلّ من حولها. أوراقها خضراء لامعة، وعندما تداعبها الشمس، تبدو وكأنها قطع صغيرة من الفضة.

كانت ليلى تحب أن تجلس تحت الشجرة لساعات طويلة، تلعب بين جذورها، وتستمع إلى نسيم الهواء العليل يتخلّل أوراقها كهمسٍ جميل.

في يوم من الأيام، جلست الجدّة الحكيمة بجانب ليلى على صخرة قريبة تحت الشجرة، وسألتها:

“هل تعرفين لماذا نحب هذه الزيتونة كثيرًا يا ليلى؟”

هزّت ليلى رأسها وقالت:

“لأنها تعطينا الزيتون اللذيذ لنأكله!”

ابتسمت الجدة بحب وردّت:

“صحيح، لكن، هناك سبب آخر، يا ابنتي. هذه الزيتونة هي مثل قلب فلسطين. جذورها عميقة جدًا في الأرض، مثل جذورنا نحن. وكلّما حاول الأشرار أن يقتلعوها، تمسّكت أكثر وأكثر بالتراب. هي تقول بصوت عالٍ: ‘هذه أرضي ولن أرحل أبدًا’.”

وضعت ليلى كفّها الصغير على الجذع الخشن، وأحسّت بدفئه. همست:

“كأنّها مقاتل شجاع يقف ثابتًا يحرس الأرض ويحمي الوطن”

ضحكت الجدة وقالت: “نعم، إنها تراقب كلّ شيء. عاشت هنا مئات السنين. شاهدت أجدادنا وهم يزرعون، ويحصدون، ويغنون في أفراحهم، ويبكون في أيام الحزن.”

رفعت ليلى بصرها إلى الأعلى، ورأت عش عصافير صغيرًا بين الأغصان. قالت بدهشة:

“انظري يا جدتي، حتى الطيور اختارتها لتكون بيتًا آمنًا!”

أجابت الجدّة بحنان:

“لأن الزيتونة مثل الأم الكبيرة، تحتضن الجميع وتجعلهم يشعرون بالأمان. لهذا يا ليلى، عندما ترين شجرة زيتون، تذكري: إنها ليست شجرة عادية، إنها فلسطين واقفة أمامك.”

شعرت ليلى بالفخر، وأخذت تدور حول الشجرة بسرور وهي تغني بصوت خافت: “يا زيتونتنا، يا حكايتنا!”

الحصاد الأول

حلّ موسم قطف الزيتون، استيقظت القرية كلّها مع أولى بشائر الصبح. كان الهواء منعشًا تفوح منه رائحة التراب النديّ، وحقول الزيتون كانت تلمع بحبات خضراء وسوداء.

خرجت ليلى مع عائلتها، تحمل سلّة صغيرة من القش. وسمعت الجدّة تقول:

“اليوم ستصبحين جزءًا من فرحتنا الكبيرة. اليوم ستقطفين أولى زيتوناتك!”

اقتربت ليلى من الشجرة الكبيرة، ومدّت يدها برفق وقطفت حبة زيتون خضراء. شعرت ببرودتها وابتسمت. لكن عندما حاولت قطف المزيد، سقط بعضها على الأرض. ضحكت ليلى وقالت:

“إنه يهرب مني يا جدتي!”

ضحكت الجدّة وقالت: “إنه يختبر صبرك يا حبيبتي! الزيتون لا يعطي خيره إلّا لمن يحبّه ويهتمُّ به.”

من بعيد، بدأت ترتفع أصوات الأغاني الجميلة. رجال يهزّون الأغصان بعصي طويلة لإنزال الثمار، ونساءٌ يلتقطن الزيتون المتساقط ويجمعنه في سلال كبيرة، وأطفال يركضون بسعادة بين الأشجار. كان اليوم كله احتفالًا كبيرًا في الطبيعة.

سألت ليلى: “لماذا نجتمع كلنا يا جدتي عند قطف الزيتون؟”

أجابت الجدة وهي تساعدها في جمع حبات الزيتون:

“لأن الزيتون يحبُّ أن نعمل معًا. كما أنّ أغصانه تتشابكُ لتحمي بعضها البعض، نحن أيضًا نتكاتف ونتحد. هكذا نكون أقوياء أمام أي شخص يحاول أن يسرق أرضنا.”

نظرت ليلى حولها، ورأت السلال تزداد امتلاءً. أحسّت أن كل أهل القرية صاروا عائلة واحدة كبيرة، وكل شجرة زيتون تشهد على هذا الحب والاتحاد.

رفعت ليلى حبة زيتون صغيرة نحو الشمس وهمست:

“لن يأخذها أحد… هذه الثمرة من أرض فلسطين!”

معصرة الزيتون

مع غروب الشمس، امتلأت أزقة القرية بأصوات الخطوات. العائلات تحمل سلال الزيتون، تتجه جميعها نحو المعصرة القديمة، كأنّها رحلة مقدسة تتكرر كل عام.

كانت تلك المرّة الأولى التي تدخل فيها ليلى معصرة الزيتون، فدُهشت أيّما دهشة أمام المنظر أمامها. رأت حجارة دائرية ضخمة تدور ببطء، وتطحن حبات الزيتون بقوّة، فيما غمرت رائحة الزيتون الطازج المكان.

اقتربت ليلى من حوض حجري كبير، ورأت الزيت الذهبي يسيل في الأواني الفخارية. كان يلمع تحت المصابيح الصغيرة في منظر ساحر خلاّب:

“جدتي! إنه مثل الذهب السائل!”

ضحكت الجدة وربتت على كتفها:
“هو أغلى من الذهب يا ليلى. إنه زيت الزيتون… به نضيء بيوتنا في العتمة، ونعالج جراحنا إذا تألمنا، ونطهو طعامنا الذي يجمع العائلة حول مائدة واحدة.”

اقترب رجل مسنّ من أهل القرية، وعلى محيّاة ترتسم ابتسامة حنونة. ناول ليلى رغيفَ خبزٍ طازجًا مغموسًا في الزيت الجديد وقال:

“تذوّقي طعم الأرض!”

وضعت ليلى اللقمة في فمها، فأحسّت بدفء يملأ قلبها، هتفت قائلة:

“طعمه حارق وشهيّ جدًا!”

وضحك الجميع مسرورين عند كلماتها تلك.

فجأة، دوّى صوت انفجار من بعيد، بدا كطلقة نار أو انفجار قنبلة. ارتجفت ليلى خوفًا، والتصقت بجدّتها التي احتضنتها بقوّة. قالت الجدّة مطمئنة حفيدتها:

“لا تخافي يا حبيبتي. لطالما حاول المحتلّون إخافتنا وسرقة زيتوننا، لكنّنا أقوى منهم. ما دام الزيت ينساب من معاصرنا، فلن ينحمي تاريخنا، ولن تضعُف إرادتنا…”

وقال رجل آخر من أهل القرية محاولاً بحماس:

“باقون ما بقي الزعتر والزيتون!”

نظرت ليلى إلى الزيت المتلألئ من جديد، فرأت انعكاس وجهها فيه. عندها همست في سرّها:

“هذا تراثنا، ونورنا…وأنا سأحميه.”

الزيتونة رمز الصمود

وعاد أهل القرية مع نهاية النهاء إلى منازلهم، يحملون غلّتهم من الزيت الطازج الشهي. كانت ليلى مرهقة من العمل في الحقل مع جدّتها طوال النهار، فتناولت عشاءها، وذهبت إلى النوم مباشرة، وفي منامها، رأت حلمًا جميلاً.

وجدت نفسها في الحقل مرّة أخرى، وكان الوقت ليلاً، تزيّنت فيه السماء بمصابيح صغيرة من النجوم يتوسّطها البدر، مضيئًا مشرقًا، ويلقي بنوره على أوراق شجرة الزيتون فتلتمع كأنها الماس.

اقتربت ليلى من الشجرة العملاقة، وشعرت أن شيئًا غريبًا يحدث. فجأة، سمعت صوتًا حنونًا ودافئًا، مزيجًا من حفيف أوراق الشجر وتمايل الأغصان، وصوت آخر عذب قادم من بعيد:

“صغيرتي ليلى…”

نظرت ليلى حولها بدهشة. لم يكن هناك أحد! ثم أدركت أن الصوت يأتي من الشجرة نفسها!

همست الزيتونة:

“لا تخافي يا حبيبتي. أنا أراكِ وأعرف كم تحبينني. جذوري عميقة جدًا، تمتدّ تحت الأرض لتتذكّر كلّ من عاش هنا. أنا أقفُ هنا منذ زمن طويل، لا يهزّني ريح ولا تُخيفني عاصفة. أنا أقف لأجلكم، حتى أقول للعالم: هذه الأرض لا يمكن أن تضيع.

شعرت ليلى بالدفء يغمر قلبها وهي تستمع إلى حديث الشجرة. اقتربت أكثر وضعت يدها على الجذع وقالت:

“صديقتي الشجرة، وزيتونتي الغالية أنا أيضًا سأكون مثلكِ! قوية وثابتة!”

ثمّ واصلت:

“أعدكِ يا زيتونتنا! إذا حاول الأشرار أن يقتربوا، سأقف أمامهم ثابتة لا أرحل. سأكبر وأعود إليكِ، وسيأتي أولادي وأحفادي، وكلّهم سيجدونكِ واقفة هنا، تحكين لهم قصة الصمود.”

وسمعت ليلى صوت الشجرة يقول:

“وأنا هنا باقية، لن أخلف لك وعدي.”

ثمّ بدأ ضوء القمر يزداد قوّة، حتى ما عادت ليلى قادرة على إبقاء عينيها مفتوحتين، ثمّ وجدت نفسها فجأة في غرفتها من جديد.

استيقظت ليلى في سريرها مع أول خيوط الفجر. تذكّرت الحلم الساحر الذي رأته. فقفزت من سريرها على الفور، وركضت إلى النافذة، رأت شجرة الزيتون واقفة شامخة كما كانت دائمًا.

ابتسمت ليلى وقالت بصوت خافت مليء بالثقة والشجاعة:

“الزيتونة هي فلسطين… وفلسطين هي أنا، وها هو وعدي لم ينكسر!”

اقرأ المزيد من قصص الأطفال قبل النوم

قصص للأطفال: قصة وعبرة

رحلة إلى مملكة النحل | مغامرة خياليّة حول صناعة العسل

كان صباحًا دافئًا والنسيم يتسلل عبر نافذة المطبخ، جلست ليان وأخوها آدم مع أمّهما إلى مائدة الإفطار. وضعت الأمّ أمامهما طبقًا صغيرًا من العسل الذهبي اللامع، يلمع كأنه ذهب سائل. غمست ليان قطعة من الخبز في العسل وتذوّقت الطعم الحلو وقالت وهي تضحك:

– “ممم… ما أطيبه! يا أمّي، من أين يأتي العسل؟”
ابتسمت الأم وقالت:

– “العسل هدية من النحل الصغير، الذي يجمع الرحيق من الأزهار ليحوّله إلى طعام لذيذ ومفيد.”

توقّف آدم عن الأكل وحدّق في العسل بتردّد، ثم قال:

– “النحل؟! أنا لا أحب النحل، إنه يلسع الناس. ماذا لو اقترب منّي؟”

ردّت ليان:

– “لكن يا آدم، تخيّل حياتنا من دون عسل… أو من دون زهور وأشجار مثمرة!”

فكّر آدم قليلًا ثم قال:

– “لكن كيف يمكن لهذه المخلوقات الصغيرة أن تصنع شيئًا بهذا الطعم الرائع؟”

ابتسمت الأم وقالت:

– “هذا سرّ عجيب، لن تكتشفوه إلا إذا رافقتم نحلة في رحلتها.”

وفجأة، سمعوا طنينًا خفيفًا عند النافذة. اقتربوا بحذر، فإذا بنحلة صغيرة تقف هناك. رفرفت بجناحيها، وكأنها تقول: “أنا هنا لأجيب عن أسئلتكم، فقط استمعوا لي.”

صداقة مع نحلة اسمها نورا

فتح آدم النافذة قليلًا، فدخلت النحلة وجلست على حافة الكوب. ارتبك وقال بصوت مرتجف:

– “إنها قريبة جدًّا! ماذا لو لسعتني؟”

فجأة، سمعوا صوتًا رقيقًا يشبه همس الريح:

– “لا تخف يا آدم، أنا نحلة طيبة. اسمي نورا، جئت لأكون صديقتكما.”

شهقت ليان بدهشة:

– “هل… هل تتحدثين؟!”

ضحكت النحلة:

– “اليوم فقط تستطيعان سماعي، لأن قلوبكما مليئة بالفضول لمعرفة قصتي.”

اقترب آدم ببطء وقال:

– “لكن… لماذا تلسع النحل أحيانًا الناس؟”

أجابت نورا:

– “نلسع فقط إذا شعرنا بخطر كبير يهدّدنا أو يهدّد مملكتنا. نحن لا نحب الأذى، مهمتنا أن نحمي الأزهار وأن نصنع العسل.”

رفرفت بجناحيها وأضافت:

– “هل تودّان زيارة مملكتي لتشاهدا بأعينكما كيف نصنع العسل؟ ستريان أشياء مذهلة لم يسبق لكما رؤيتها من قبل.”

قفزت ليان بحماس:

– “نعم، نعم! أريد أن أرى كل شيء.”

أما آدم فبقي متردّدًا، لكنه قال أخيرًا:

– “حسنًا… لكن إذا كانت الملكة غاضبة، سأهرب فورًا!”

ابتسمت النحلة وقالت:

– “لا تقلق، الملكة حكيمة وطيبة، ستفرح بزيارتكما. ستكتشفان أن النحل أصدقاء حقيقيون للإنسان.”

ثمّ رفرت بجناحيها فتطاير غبار لامع في الأجواء، ولامس جسد كلّ من لسان وآدم، فراح حجمهما يتقلّص شيئًا فشيئًا حتى أصبحا في حجم نحلة صغيرة. صرخا بدهشة، لكنهما شعرا بخفة غريبة جعلتهما يضحكان في النهاية.

الدخول إلى مملكة النحل

طار الثلاثة معًا فوق الحديقة، وكل شيء بدا ضخمًا أمام الطفلين بحجمهما الجديد. بدت لهما الزهور كغابات ملوّنة، والندى على أوراقها لآلئ ضخمة، وأصوات الطيور صارت كالرعد. كان الطيران ممتعًا جدّا، والهواء يحملهما بخفّة فيزيد إحساسهما بالفرح والمتعة.

وما هي إلاّ بضع دقائق، حتّى وصلوا جميعًا إلى خلية كبيرة معلّقة بين أغصان شجرة. كانت الخلية من الخارج تشبه قصرًا ذهبيًّا له أبواب سداسية لامعة.

قالت نورا بفخر:

– “مرحبًا بكم في مملكة النحل، حيث النظام والعمل هما سرّ الحياة.”

دخلوا الخلية، وإذا بعالم عجيب أمامهم: آلاف النحلات تتحرّك في انسجام تام، كأنها جيش منظّم. بعض النحل يجمع الرحيق، وبعضه ينظّف الخلية، وآخرون يعتنون باليرقات الصغيرة.

قالت ليان بدهشة:

– “كل نحلة تعرف عملها! هذا مذهل حقًّا.”

وأضاف آدم:

– “هذه النحلات أكثر التزامًا بالنظام من الطلاّب في مدرستنا!”

ابتسمت نورا وأشارت إلى قاعة كبيرة في وسط الخلية وقالت:

– “هناك تسكن الملكة، تعاليا معي لتتعرّفا إليها. إنها قلب المملكة وروحها.”

ودخلوا القاعة، فرأوا الملكة أكبر حجمًا من باقي النحل، جناحاها يلمعان كالحرير، تحيط بها الحارسات. كانت جميلة ومهيبة، تتحرك ببطء لكن بثقة.

قالت الملكة بصوت هادئ كالموسيقى:

– “مرحبًا بكما أيها الصغيران. سمعنا أنكما تريدان معرفة سرّ العسل.”

انحنت ليان احترامًا وقالت:

– “نعم يا جلالة الملكة.”

أما آدم فابتلع ريقه وقال:

– “من فضلك… لا تجعلي نحلة تلسعني.”

ضحكت الملكة وقالت:

– “أنت في أمان هنا. نورا ستأخذكما في جولة لتريكما خطوات صنع العسل من البداية حتى النهاية.”

كيف نصنع العسل؟

قادَتْهم نورا إلى الحديقة أولًا، حيث الأزهار تتفتح بألوانها الزاهية، وقفت على زهرة حمراء وقالت:

– “الخطوة الأولى: نجمع الرحيق. الرحيق هو سائل حلو داخل الزهرة، نحبه كثيرًا.”

مدّت لسانها الطويل مثل أنبوب صغير وامتصّت بعض الرحيق. قالت:

– “نخزنه في بطوننا في مكان خاص يُسمّى معدة العسل، وهناك يبدأ بالتغيّر بفضل الإنزيمات.”

سألت ليان:

– “وكيف تعرفن الزهرة المفضلة؟”

أجابت نورا:

– “نحن نحب الأزهار المليئة بالرحيق، ونرشد بعضنا بعضًا برائحة خاصة نتركها على الطريق، حتى تتبعنا أخواتنا العاملات.”

عادوا إلى الخلية ومعهم الرحيق. هناك رأوا النحل يمرّر الرحيق من نحلة لأخرى. كل نحلة تمضغه قليلًا وتضيف إنزيمات خاصة، فيتحوّل الرحيق شيئًا فشيئًا إلى عسل.

سأل آدم بدهشة:

– “كأنكم طهاة صغار تعملون في مطبخ كبير لإعداد طعام لذيذ!”

ضحكت نورا وقالت:

– “صحيح، الخطوة التالية هي تجفيف العسل.”

أشارت إلى مجموعة نحلات يرفرن بأجنحتهنّ بقوة، مولّدات تيّارًا هوائيًا خفيفًا.

قالت:

– “تتولّى مجموعة النحلات العاملات هذه مهمّة تجفيف العسل بأجنحتهنّ، حتى يتبخّر الماء منه، فيصبح سميكًا وذهبيًّا.”

_ “منظره مدهش حقًا! يشبه الذهب الخالص!” هتفت ليان.

فابتسمت نورا فخوة بعمل زميلاتها، وقالت:

_ “هيا اتبعاني! لم ننتهي بعد!”

وطارت بخفّة نحو جدران الخليّة، فلحق بها آدم وليان، ليجدا نفسيهما أمام بيوتٍ صغيرة سداسية الشكل، لامعة مشرقة، وسأل آدم مستفسرًا:

_ “ما هذه؟”

أجابت نورا:

– “هنا نخزّن العسل. عندما نملأ العين السداسية، نغلقها بغطاء شمع أبيض حتى يبقى محفوظًا لأطول وقت ممكن دون أن يفسد أو يتخيّر طعمه.”

قالت ليان بإعجاب:

– “إنها تشبه قوارير صغيرة مرتّبة بدقّة!”

وأضاف آدم:

– “أعترف أنكم تعملون بجدّ أكثر منا نحن البشر، ولا تتذمرون أبدًا.”

ابتسمت نورا وقالت:

– “العمل الجماعي هو سرّ قوتنا. كل نحلة تعرف مهمتها، فلا أحد يتكاسل أو يتأخر. كلنا نعمل لأجل مملكتنا.”

السرّ الأخير

جلس الصغيران بعد انتهاء رحلتهما مع نورا في وسط الخلية، حيثُ قدّمت لهما العاملات كؤوسًا صغيرة من الشمع مليئة بالعسل الطازج السائل، وراحت الملكة تراقبهما برفق من بعيد.

قالت نورا:

– “ما يزال هناك سرّ آخر لا تعرفانه عن النحل: نحن لا نصنع العسل فقط، بل نساعد النباتات أيضًا على صنع الثمار!”

سألت ليان:

– “كيف ذلك؟”

أجابت نورا:

– “عندما نزور الأزهار، ننقلُ غبار الطلع من زهرة لأخرى، وهذا يساعد النباتات على إنتاج الثمار. من دون النحل، ستختفي الكثير من الفواكه والخضار، وسيجوع العالم.”

اتسعت عينا آدم من الدهشة وقال:

– “إذن فأنتنّ لا تصنعن العسل اللذيذ وحسب، بل تساعدن الأرض كلّها على الحياة!”

أومأت نورا برأسها وقالت:

_ “هذا صحيح! لقد سخّرنا الله لإعمار الأرض ومساعدة النباتات على إنتاج الثمار، وجعل في العسل الذي نصنعه دواءً وشفاء. على الرغم من صغر حجمنا، لكنّ أثرنا كبير.”

_ “صدقتِ يا نورا…”

اقتربت الملكة وقالت بحكمة:

_ “ولأننّا نعمل بجدّ، فنحن نحبُّ مساعدتكم لنا أيّها البشر، من خلال الحفاظ على الأزهار، وحماية البيئة، وتجنّب أذية بيوتنا… فنحنُ جميعًا شركاء في الحفاظ على الأرض والطبيعة.”

ابتسمت ليان وقالت:

– “سأزرع أزهارًا في حديقتنا من أجلكم كل ربيع.”

وأضاف آدم:

– “وأنا لن أخاف من النحل بعد اليوم، بل سأحميه وأشرح لأصدقائي أهميته.”

ابتسمت نورا، ورفرفت بجناحيها:

_ “هيّا يا صغار! لقد حان وقت العودة!” فطار الثلاثة عائدين، وما إن وقفوا عند نافذة المنزل حتّى عاد جسد كلّ من آدم وليان إلى طبيعتهما، ودّعتهما نورا، ولوّحا لها فيما كانت تحلّق من جديد باتجاه خليّة النحل.

نظر آدم إلى طبق العسل وقال:

– “الآن أعرف كم هو ثمين، ليس بسبب طعمه اللذيذ فقط بل بسبب القصة الرائعة التي تكمنُ خلف صنعه.”

قالت ليان:

– “العسل ليس مجرد طعام، إنه درس في التعاون والحياة والعطاء.”

ضحكت الأم وقالت:

– “يسعدني أنّكما قد تعلّمتما قصّة النحل، واحتفالاً بهذا الإنجاز، سأعدّ لكما غدًا فطيرة العسل!”

_ “يا سلام! فطيرة لذيذة شهيّة مليئة بالفوائد، ستمنحنا القوّة والطاقة!”

هتف آدم فرحًا مسرورًا.

ومنذ ذلك اليوم، لم يعد آدم يخاف من النحل، بل صار ينظر إليها بعين المحبّة والاحترام. ولا يحاول إخافتها أو إشعارها بالخطر حينما يراها. أمّا ليان، فقد واظبت على زراعة الأزهار في حديقة المنزل حتى تساعد النحلات على صناعة المزيد من العسل.

اقرأ المزيد من القصص التعليمية المفيدة على حدوّتة.

قصة قصيرة حول تقبل الآخرين| الثعلب واللقلق

خلقنا الله مختلفين في أشكالنا وصفاتنا، فكلٌّ منا يحمل جماله الخاص بطريقته الفريدة. وفي عالمنا الكبير، قد نصادف من لا يشبهنا، وهذا لا يعني أبدًا أن نسخر أو نتنمّر على غيرنا، بل هي فرصة رائعة لتعلّم كيفية تقبل الآخرين واحترام مشاعرهم.

وفي قصتنا اليوم، تعلّم الثعلب درسًا لا يُنسى، درسًا مهمًا عن أن الاختلاف ليس عيبًا، بل ميزة مهمّة تزهر بها حياتنا. فلنقرأ معًا قصة “الثعلب واللقلق” ونتعلّم منها الاحترام وتقبل اختلافات الآخرين.

قصة الثعلب واللقلق ودرس في تقبل الآخرين

في قديم الزمان، في غابة خضراء مليئة بالأشجار والحيوانات المختلفة، عاش ثعلب ذكي وماكر، وكان الثعلب يشتهر بدهاءه وسخريته من باقي الحيوانات. أما جاره، طائر اللقلق، فكان طيب القلب، ولا يؤذي أحدًا، ويكنّ الاحترام للآخرين ويتقبل اختلاف كل واحد منهم، ويرى أن اختلافهم هو سرّ جمال الغابة، على عكس طبيعة الثعلب المكار.

على الرغم من كونهما جارين لا يفصل بين منزليهما سوى خطوات معدودة، إلا أن الثعلب واللقلق لم تربطهما أيّة صداقة. فقد كان الثعلب يُحب مضايقة اللقلق كثيرًا، ويسخر من منقاره الطويل وشكله المختلف عن باقي الحيوانات. ولم يكتف بذلك فقط، بل ويتفنن في صنع المقالب واختيار كلمات تُضحك بقية الحيوانات على مظهره المختلف. لم يملك اللقلق المسكين سوى الصمت وتجنب السخرية الجارحة.

وفي إحدى الليالي، شعر الثعلب بالملل، فجلس يُفكّر مليًا في طريقة لكسر هذا الملل. وما لبث أن خطرت في ذهنه خطة ماكرة يتسلّى بها على حساب مشاعر اللقلق الطيب. وما إن أشرقت الشمس، حتى توجّه الثعلب مسرعًا إلى منزل جاره اللقلق وقال بإبتسامة ماكرة: “مرحبًا يا جاري، أودّ أن أدعوك لتناول العشاء في بيتي غدًا.”

فرح اللقلق كثيرًا بدعوة الثعلب على العشاء، فهو يُحب مشاركة الأصدقاء على العشاء وقضاء وقت ممتع معهم. ظنّ اللقلق أن الثعلب ربما يريد أن الاعتذار عن تصرفاته السابقة، ولم يكن يدرك نية الثعلب الحقيقية. فابتسم اللقلق وردّ قائلاً: “بالطبع سأحضر في الموعد أيها الثعلب، أتمنى أن نقضي وقتًا ممتعًا سويًا. أشكرك على هذه الدعوة اللطيفة”.

وفي صباح اليوم التالي، شرع الثعلب في تنفيذ خطته الماكرة. فقد قرر أن يُحرج اللقلق، لا أن يعتذر له كما ظنّ. بدأ بترتيب منزله وأعدّ العشاء. جهّز حساءً لذيذًا، ولكنه سكبه في طبقين مسطحين، وهو يتخيل منظر اللقلق المسكين وهو يحاول أن يأكل بمنقاره الطويل دون جدوى.

وصل اللقلق في الموعد المتفق عليه مبتسمًا، وأحضر معه هدية لطيفة ليُقّدمها للثعلب ليشكره على دعوته. دقّ اللقلق جرس الباب، وعندما فتح الثعلب الباب، قال اللقلق: “مساء الخير يا جاري، شكرًا لدعوتي إلى منزلك، وأرجو أن تقبل هذه الهدية مني”.

أجاب الثعلب بخبث: “تفضل يا صديقي، لنجلس ونتناول العشاء ونتسامر سويًا”.

ثم ذهب إلى المطبخ وأحضر الأطباق، وقال مبتسمًا: “تفضل هذا الحساء لقد أعددته خصيصًا لك”.

جلس الاثنان سويًا على طاولة العشاء، وتناول الثعلب الحساء بسرعة وراحة، بينما حاول اللقلق أن يتناول الحساء ولكنه لم يتمكّن من ذلك بسبب منقاره الطويل المدبب، سكت اللقلق ولم يرد أن يُحرج الثعلب وقال: “إنني لا أشعر بالجوع هذه الليلة”.

لم يبال الثعلب بما قاله اللقلق، ورد ساخرًا: ” لم آكل حساء بهذه اللذة منذ زمن، لقد استمتعت كثيرًا بهذه الوجبة المذهلة”.

شعر اللقلق بالاستياء من خدعة الثعلب المكّار، لكنه لم يظهر علامات للغضب أو الحزن، بل بقي هادئًا، وفهم أن الثعلب خطط لهذه المكيدة مسبقًا.

شكر اللقلق الثعلب على وجبة العشاء، وعاد إلى بيته حزينًا ومستاءً مما فعله الثعلب. فكر بهدوء وقال لنفسه: ” أحيانًا لا يفهم الآخرون أننا مختلفون عنهم. وربما يعتقدون أن السخرية على اختلافنا شيء ممتع. سأعلمك درسًا لن تنساه أيها الثعلب”.

وبعد أسبوع من تلك الليلة، تفاجأ الثعلب حين فتح الباب ووجد اللقلق واقفًا أمام منزله. استغرب الثعلب من وجود اللقلق، فهو لم يره منذ ذلك الليلة.

قال اللقلق: “مساء الخير يا صديقي العزيز، أريد دعوتك لتناول وجبة العشاء معي غدًا، هل ترغب بالقدوم؟”.

لم يشك الثعلب في سبب الدعوة، وقال في نفسه:” ربما يودّ أن يرد لي الوجبة التي أعددتها له سابقًا، يالها من طائر ساذج”.

قطع اللقلق تفكير الثعلب، وقال: “ما رأيك يا صديقي؟”.

وأجاب مبتسمًا: “حسنًا، سآتي أيها اللقلق، انتظرني غدًا”.

وفي اليوم التالي، توجّه الثعلب إلى منزل اللقلق فرحًا ومتشوقًا لتناول الوجبة. استقبله اللقلق بابتسامة رقيقة، وقال: “تفضل يا صديقي، أشكرك على تلبية دعوتي، هيا لنتناول العشاء، لقد أعددت لك أشهى الأطباق”.

عندما دخل الثعلب إلى المنزل، اندهش من طاولة الطعام الممتلئة بالأطباق اللذيذة والشهية، وجلس على كرسيه وبدأ ينظر إلى الطعام ويعلو على وجهه ابتسامة كبيرة. ثم استأذنه اللقلق ليحضر الطبق الرئيسي من المطبخ.

عاد اللقلق بعد لحظات حاملاً بين يديه طبقين، وصعق الثعلب ممّا رآه! لقد كان اللقلق يحمل جرّتين طويلتين فيهما سمك مشوي تفوح رائحته الرشهية في الأرجاء. ابتسم اللقلق وقال: “تفضل يا صديقي، لقد أعددت لك السمك الذي تحبه”.

حاول الثعلب التقاط الطعام، لكنه لم يستطع إدخال فمه داخل الجرة، لأنها كانت طويلة وضيقة جدًا على فمه القصير، بينما استمتع اللقلق بتناول السمك بسهولة.

شعر الثعلب بالحزن والإحراج، لأنه لم يتمكن من تناول الطعام الشهي اللذيذ. نظر إلى اللقلق وقال: “أعتقد أنني فهمت الآن ما تريد قوله.”

أنهى اللقلق طعامه وقال بهدوء: “لم أرد أن أؤذيك أو أغضبك في تلك الليلة، رغم أنك آذيت وجرحت مشاعري. ولكني اليوم أردتك أن تعرف ما شعرتُ به أنا في تلك الليلة. وأن تحسّ بما يحسّ به الآخرون عندما يكونون في مكان لا يقبل اختلافهم. أردتك يا صديقي أن تعرف أن اختلافنا لا يعني أن نسخر من بعضنا البعض، بل أن نحترم بعضنا.”

نظر الثعلب إليه بخجل وقال: “كنت أظن أن السخرية ممتعة، ولم أدرك أن ذلك يؤذي مشاعرك ويسبب لك الحزن”. وتابع كلامه قائلاً: “لقد تعلمت الدرس، فهمت أننا يجب أن نحترم اختلاف بعضنا ونتقبل الآخرين كما هم، ونفكر في طريقة تناسب الجميع لنحافظ على صداقتنا”.

اعتذر الثعلب، وعانق اللقلق، وقال:” أعتذر يا صديقي، أتمنى أن تسامحنى على ما فعلته بك، وأود أن تكوني صديقي على الرغم من اختلافتنا الخارجية”.

مدّ اللقلق جناحيه وضم الثعلب إليه، ثم قال مبتسمًا: “بالطبع يا صديقي، اختلافنا لا يُفرقنا، بل يجعل صداقتنا مميزة.”

وفي تلك اللحظة، نهض اللقلق، ودخل إلى المطبخ، وعاد وهو يحمل طبقًا مسطّحًا عليه السمك الذي يحبه الثعلب، وقال: “لقد أعددتُ هذا لك، لتأكله كما تحب.” ضحك الصديقان وتناولا الطعام وتحدثا معًا طوال الليل.

ومنذ ذلك اليوم، أصبح كلّ من الثعلب واللقلق صديقين مقرّبين، وأخذا يمضيان الوقت معًا، ويتحدثان ويتسامران معًا، ويلعبان الألعاب، ويُحضّران الوجبات معًا بطريقة تناسب كليهما.

اقرأ أيضًا: قصة عن الكذب للأطفال: الراعي والذئب

تعلّم الثعلب درسًا مهمًّا في تلك الليلة، وأدرك أهمية تقبل الآخرين، وأدرك أنّ اختلافهم عنه لا يُبرر السخرية منهم والتنمرّ عليهم، بل يجب عليه أن يتقبّل ويحترم اختلافهم، ويفكّر في طريقة تناسب الجميع، ليتمكن من الحفاظ على صداقته معهم. ومنذ ذلك اليوم، قرّر أن يتغير ويصاحب الجميع، مهما كان شكلهم أو صفاتهم.

وأنت يا صغيري، تذكّر دائمًا أن جميعنا مختلفون، لكل منا لونٌ وشكلٌ خاص به، هذا الاختلاف هو السر الذي يضيف جمالاً خاصًا إلى الحياة. تخيّل لو أنّنا جميعًا متشابهون! لن تكون الحياة حينها ممتعة أو مميزة، بل مملّة باهتة! لذلك، تعلّم من قصتنا أن تتقبل الآخرين كما هم، وألاّ تسخر من اختلافاتهم أو تتنمر عليهم. بدلاً من ذلك ساعدهم وكن لهم صديقًا وفيًا. فالأصدقاء الحقيقيون هم من يتقّبلون بعضهم البعض على الرغم من اختلافهم.

اقرأ المزيد من القصص الملهمة.

مغامرة مها وإيمان في الغابة

في إحدى أيّام الربيع الجميلة، خرجت أسرة مها وإيمان في نزهة  إلى الحديقة على طرف المدينة، وذلك للاستمتاع بالجو الجميل، وقضاء الوقت بين أحضان الطبيعة حيث الهواء النقي، وأشعة الشمس الدافئة، والأزهار والطيور كلها تحتفل بقدوم فصل الربيع.

فرحت مها وإيمان كثيرًا بهذه النزهة، وبمجرّد أن وصلت العائلة إلى الحديقة، حتى انطلقت الفتاتان تركضان وتقفزان هنا وهناك، تلاحقان الفراشات، وتتأملان النملات الصغيرة، وتغنيان مع الطيور، لكنّهما سرعان ما شعرتا بالملل، وجلستا تحت ظلّ إحدى الأشجار تفكّران في أمر ممتع آخر للقيام به.

فجأة قالت مها لإيمان:

“ما رأيك أن نذهب إلى الغابة الكبيرة، ونستكشف ما فيها؟”

أجابت إيمان:

“ولكن، لا أعتقد أنا ماما ستسمح لنا بذلك…”

ردّت مها:

“لا تقلقي، سنذهب دون أن تلحظ هي أو بابا غيابنا، وسنعود بسرعة…اُنظري، تلك الغابة تبدو كعالم سحري مليئ بالطيور الجميلة والحيوانات الظريفة المتنوعة.”

تحمّسست إيمان، ووافقت على هذه الخطّة. وهكذا تسلّلت الفتاتان إلى الغابة بينما كانت أمهما منشغلة بإعداد وجبة خفيفة، وكان الأب يقرأ كتابًا تحت إحدى الأشجار.

بدأت مها وإيما تستكشفان المكان، ومع كلّ خطوة كانتا تخطوانها في الغابة كان حماسهما يزداد وفضولهما يشتدّ. نظرتا إلى الأشجار العالية الباسقة وأغصانها تعانق السماء، ورأتا أشجارًا أخرى تتشابك أغصانها معًا في منظر جميل ساحر. 

وسارتا بين الحشائش الخضراء المنعشة، واستنشقتا عبير أزهار الأقحوان وشقائق النعمان بألوانها الجذابة المفرحة، بل وقطفتا باقات منها لتصنعا منها تاجًا جميلاً من الزهور الربيعية الفوّاحة.

قالت إيمان بفرح:

“المكان جميل للغاية، يبدو حقاً كعالم سحري!”

أجابت مها:

“نعم، فصل الربيع يزيد الغابة جمالاً، كما لو أنّ الطبيعة تحتفل بقدومه، وتعبّر عن سعادتها بعودة الدفء بعد أشهر الشتاء الباردة”.

وبينما كانت الفتاتان تتحدّثان، سمعتا فجأة صوت حفيف من خلف الشجيرات، فشعرتا بالخوف لأنهما اعتقدتا أنه حيوان مفترس، لكن خوفهما سرعان ما تلاشى عندما رأتا أرنبًا صغيرًا أبيض اللون يظهر من خلف الشجيرات، وينظر إليهما بعينيه البرّاقتان.

صاحت مها بفرح:

“اُنظري! يا له من أرنب ظريف!”

ردّت إيمان:

“ظريف جدًّا!”

وأضافت مها على الفور، بحماس:

“هيا لنمسك به ونلعب معه!”

لكن إيمان كانت متردّدة بعض الشيء، فقالت:

“لكنّه سريع للغاية، لن نتمكّن من إمساكه بسهولة!”

أجابت مها:

“سنحاول على أيّة حالّ”

ثم انطلقت نحو الأرنب الصغير تحاول الإمساك به، فقفز هذا الأخير، وهرب بعيدًا ولحقت به مها وعيناها تلمعان سرورًا وإثارة، ومن ورائها إيمان.

وأثناء لحاقهما بالأرنب، لم تلحظ الأختان أنّهما قد توغّلتا كثيرًا في الغابة، وابتعدتا عن الحديقة حيث أبواهما.

وبعد مطاردة لوقت طويل، شعرت الفتاتان بالتعب، واختفى الأرنب بين الشجيرات الكثيفة دون أثر. فتوقفت الفتاتان لبرهة، وانتبهتا حينها أنهما قد توغلتا في أعماق الغابة دون أن تشعرا بالوقت، وهما الآن لا تعرفان طريق العودة.

قالت إيمان بخوف:

“يا إلهي نحن ضائعتان الآن، كيف سنعود إلى الحديقة؟”

أجابت مها:

“لا تقلقي… سنجد حلاًّ!”

في حينها، ظهر لهما الأرنب من جديد، وكان يبدو عليه الخوف، وسمعتا مجدّدًا حفيفًا من أعلى الشجرة فنظرتا إلى الأعلى، ورأتا ثعبانًا طويلاً يتدلّى من إحدى الأغضان، ويتجه نحو الأرنب الصغير المسكين.

أصيبت الفتاتان بالذعر، لكن مها استجمعت قوّتها، ونظرت من حولها، فوجدت غصنًا كبيرًا، فحملته وركضت نحو الثعبان وضربته على رأسه بكامل قوّتها. 

سقط الثعبان على الأرض من شدّة الضربة، وكان في حالة ذهول، فلم يعرف ما أصابه، ثمّ فرّ هاربًا.

قالت مها للأرنب الذي كان ما يزال في مكانه:

“أنت بأمان الآن!”

اقترب الأرنب بخطوات متردّدة من الفتاتين، فقد عرف أنّهما طيبتان ولا تريدان به سوءًا، وأمسكته إيمان أخيرًا وربّتت عليه، فبدا سعيدًا جدًّا، ثمّ قفز مجدّدًا على الأرض، وركض مبتعدًا، لكنه توقّف قبل أن يختفي عن الأنظار، والتفت نحو الفتاتان.

نظرت مها وإيمان إلى بعضهما البعض مستغربتين، ثمّ قالت مها:

“أظّنه يريدنا أن نلحق به…”

أجابت إيمان:

“لنفعل ذلك إذن”.

قالت مها:

“هيّا!”

وهكذا تبعت الاختان الأرنب الصغير، الذي راح يقفز ويركض هنا وهناك، ثمّ يتوقف لبضع لحظات حتى لا تضيّع الصغيرتان أثره. وبعد بعض الوقت بدأت ملامح الغابة تتلاشى، وظهرت الحديقة من بعيد.

“انظري يا مها!، إنّها الحديقة”

صاحت مها:

“لقد ساعدنا الأرنب على العثور على طريقنا إلى الحديقة”

قالت إيمان:

“أظن أنّه يريد أن يشكرنا لأننا أنقذناه من الثعبان”

“صحيح!”

قالت مها أخيرًا:

“لقد كانت مغامرة ممتعة، اليس كذلك!”

وأجابت إيمان:

“نعم! استمتعت كثيرًا بوقتي!”

وصلت الفتاتان أخيرًا إلى الحديقة حيث كان أبواهما يبحثان عنهما بعد أن لاحظا غيابهما. وجلست العائلة أخيرًا لتناول طعام العداء في الهواء الطلق، بينما راحت مها وإيمان تحكيان مغامرتهما في الغابة.

قالت الأمّ معاتبة:

“كيف ذهبتما إلى هناك دون إخبارنا؟ لا تفعلا هذا مجدّدًا!”

أمّا الأب فلم يستطع إخفاء سعادته وفخره بابنتيه الشجاعتين المغامرتين، وقال:

“حمدًا لله على سلامتكما، أنا فخور بشجاعتكما وروح المغامرة في قلبيكما! لكن في المرة المقبلة، أخبرانا عن مكانكما!”

ووعدت الفتاتان أبواهما بأنّهما لن تفعلا ذلك مجدّدًا، لكنهما كانتا سعيدتين جدّصا بمغامرتهما الصغيرة في الغابة، وعندما عادو جميعًا إلى المنزل في المساء، لبستا ثياب النوم، وخلدتا إلى النوم على الفور حيث حلمت كلّ منهما بمغامرات سحرية في الغابة مع الأرنب الظريف وأشجار الغابة الجميلة وزهورها الفوّاحة.

اقرأ المزيد من قصص المغامرات على حدّوتة.

مغامرة دودي الكبيرة

مرحبًا يا أصدقاء! اسمي ناشا، أنا بومة ظريفة وحكيمة كما ترون. أجلس عاليًا على قمم الأشجار الباسقة حيث لا يراني أحد، وحيث أستطيع أن أرى الجميع.

مرحبًا بكم معي، وأهلاً بكم…أنا سعيدة لأنكم هنا قد أتيتم لسماع القصّة التي سأرويها لكم اليوم… وهي قصّة أحد أصدقائي…فلنقرأها معًا.

مغامرة دودي الكبيرة

كان صباحًا باردًا من صباحات بدايات الربيع في الحقل، وبينما أنا جالسة أعلى قمّة الشجرة، رأيتُ الدودة دودي… 

كان دودي دودة عادية، يعيش حياة عادية، ويقوم بامور عاديّة كلّ يوم..

لكنّه اليوم، كان يتحرّك ويسير بطريقة لا تبدو عادية!

يبدو وكأنّه ضائع…

في الواقع، كان دودي يبحث عن أحد يتحدّث إليه ويلعب معه. لكنّه لم يجد أحدًا من حيوانات الحقل الأخرى ليتحدّث معها أو يلعب برفقتها….

لم يجد دودة أخرى، ولا خنافس ولا دعسوقة ولا حتّى قطّ!!

وهنا قرّر دودي القيام بأمر غير عادّي على الإطلاق! لقد قرّر الذهاب إلى الحقل المجاور ليعثر على صديق هناك ويتحدّث إليه ويلعب معه!

كان يبدو متأكدًّا أنّه سيعثر على رفيق في الحقل المجاور، وهكذا… انطلق في مغامرته الكبيرة.

كما تعلمون، دودي كان مجرّد دودة صغيرة عادية، ولم يكن سريعًا جدًا في الزحف…لكن…بالنسبة لدودة، لم يكن بطيئًا أيضًا. وهكذا، زحف وزحف باتجاه الحقل المجاور.

ومع مسيره، بدأت الشمس تطلع، وتغمر الأرجاء بنورها ودفئها. وهنا قرّر دودي اخذ قسط من الراحة تحت إحدى أوراق الشجر الكبيرة.

فجأة سمع صوتًا يقول:

“أين تذهب يا دودي؟!”

نظر دودي إلى الأعلى ورأى يرقة جميلة على ورقة الشجر، فابتسم وأجاب:

“أنا ذاهب إلى الحقل المجاور لأعثر على صديق جديد أتحدّث إليه وألعب معه!”

وقالت اليرقة:

” هذا أمر جميل، أتمنى أن تعثر على الكثير من الأصدقاء هناك…كن حذرًا!”

ابتسم دودي لليرقة، وواصل المسير.

كما سبق أن قلت، لم يكن دودي سريعًا جدًا، لكنه كان يحرز تقدّمًا لا بأس به، وكان مركّزًا جدًا لدرجة أنّه ومن شدّة تركيزه على السير نحو الحقل، فقد اصطدم فجأة بالنملة لولي.

“آآآخ” قالت لولي: “انتبه إلى أين تمشي!”

قال دودي:

“أووه انا آسف، لقد كنتُ في طريقي للبحث عن أصدقاء في الحقل المجاور.”

وأجابت لولي:

“حسنًا يا صديقي، ان استمررت في المسير في هذا الاتجاه، فستعثر على الكثير منهم!”

ابتسم دودي، وواصل المسير.

بدأت السماء تتلبّد بالغيوم، وتحوّل لونها الأزرق الجميل إلى الرمادي الغامق…. وبدأت الرياح تشتدّ شيئًا فشيئًا، فقرّر دودي أنّه من الأفضل أن يختبئ تحت إحدى الأشجار ويحتمي بأوراقها من المطر. وكذلك فعل!

فجأة سمع صوتًا يقول:

 “المعذرة!”

نظر دودي من حوله ولم يرَ أحدًا، فقال الصوت من جديد:

“المعذرة يا صديقي!”

وهنا رأى دودي تحته عينان برّاقتان! لقد اختبأ من غير قصد فوق جناح فراشة معتقدًا أنّها ورقة شجر.

“أووبس…أنا آسف!”

كانت الفراشة رفيف طيبة القلب، فلم توبّخ دودي، وابتسمت له قائلة:

“لا عليك يا عزيزي!”

قال دودي:

“أنا في طريقي لأعثر على أصدقاء أتحدّث إليهم في الحقل المجاور!”

ضحكت رفيف وأجابت:

“أمر رائع!” وتحدّثت مع دودي اكثر عن الجوّ والمطر.

بعد بعض الوقت، توقّف المطر، وأشرقت الشمس من جديد. وقرّر دودي أنّه قد حان الوقت للرحيل، فودّع رفيف الفراشة، وانطلق من جديد نحو الحقل.

بينما هو يسير في طريقه، ظهرت أمامه فجأة كرة غريبة. ابتعد عنها يمينًا  فتدحرجت الكرة يمينًا، فابتعد عنها إلى اليسار فتدحرجت إلى اليسار أيضًا!

تنهّد دودي، وعندها انفتحت الكرة وتحوّلت إلى بيلو، قملة الغابة.

سأل بيلو:

“إلى أين تذهب؟”

أجاب دودي:

“لأعثر على أصدقاء أتحدّث إليهم في الحقل المجاور!”

قال بيلو بصوت خشن ولكن طيّب:

“جميل، جميل… حظّا موفقًا!… لا تسبّب المتاعب!”

ابتسم دودي وردّ قائلاً:

“حسنًا!…إلى اللقاء!”

وانطلق مجدّدًا في طريقه إلى الحقل.

شعر دودي بالسعادة وهو في طريقه إلى الحقل، ووصل أخيرًا إلى طريق ترابي مليء بالحفر السوداء العميقة والضحلة التي تسبّبت بها الشاحنات الكبيرة التي تعبر من الطريق. 

فجأة سمع صوتًا يقول:

“مكانك! لا تتحرّك!”

قال القنفذ شوكي فجأة.

لحسن الحظ أنّ دودي أنصت إلى شوكي، ولم يتحرّك خطوة إضافية، فقد نظر أمامه ورأى حفرة كبيرة مليئة بالماء والزيت. كانت لامعة وتبدو كما لو أنّها بقعة من العشب.

قال دودي:

“شكرًا جزيلاً!”

سأل شوكي:

“إلى أين تذهب؟”

وأجاب دودي:

“إلى الحقل المجاور كي أبحث عن أصدقاء أتحدّث إليهم.”

قال شوكي مجدّدًا:

“يمكننا أن نصبح أصدقاء إن شئت!”

وقبل أن يجيب دودي، ظهر فجأة من خلف الأشجار كلب ضخم أبيض اللون، ونظر إلى دودي وشوكي.

خاف الإثنان كثيرًا، وتجمّدا في مكانهما، لكن الكلب قال:

“مرحبًا! كيف حالكما؟ هل تريدان أن نصبح أصدقاء؟!”

كان صوت الكلب لطيفًا هادئًا، فعرف دودي وشوكي أنّه طيّب القلب ولا ينوي إيذاءهما. 

“نعم! بالطبع!”

أجاب الإثنان، وأضاف دودي:

“يمكنك أن تأتي معنا إلى الحقل إن شئت؟!”

الآن أصبح هناك دودي، وشوكي والكلب بوبي، يسيرون معًا نحو الحقل المجاور!

حطّ عصفور ملوّن صغير على سياج الحقل، وقال للأصدقاء الثلاثة الذين كانوا يقفون هناك:

“إلى أين تذهبون؟”

أجاب دودي:

“نحن ذاهبون إلى الحقل لنعثر على أصدقاء نلعب معهم.

أجاب زقزوق العصفور:

“هذا جميل، هل يمكنني القدوم أنا أيضًا؟”

وأجاب الجميع بـ “نعم!”

وصل الأصدقاء أخيرًا إلى الحقل.

“لقد وصلنا!!”

صاح دودي سعيدًا.

قفز الكلب بوب سعيدًا، وتدحرج شوكي متحمّسًا، ورفرف زقزوق فوقهم منشدًا، أمّا دودي فقد راح ينظر إليهم متفاجئًا!

“والآن ماذا؟” قال شوكي متسائلاً بعد لحظات.

شعر دودي بالحيرة للحظة، فلم يعرف الجواب على شوكي، لكنّه وحينما فكّر قليلاً وجد أنّه قد عثر على أصدقاء بالفعل، وهاهم جميعًا في الحقل يلعبون ويتحدّثون معًا… وقد عثر عليهم في طريقه إلى الحقل!

“الآن…سنلعب!”

قال دودي.

أعجبتك هذه القصّة؟ اقرأ قصّة الضفدع نطّاط الذي حاول أن يمسك النجوم.

كالدي والفاكهة العجيبة: قصة اكتشاف القهوة

لنتعرّف على قصّة اكتشاف القهوة مع الجدّة وحفيدها الفضولي أمجد!

جلست الجدّة في إحدى الصباحات الرائقة على كرسيّها المفضّل تحتسي كوبًا من القهوة الساخنة، وتستمتع بمذاقها اللذيذ الشهي. كانت تبدو مستمتعة للغاية، فقد ارتسمت على محيّاها الطيب ابتسامة عريضة مستمتعة.

اقترب منها حفيدها أمجد، وسألها بفضول:

– جدّتي! هل مذاق القهوة لذيذ؟ 

ابتسمت الجدّة بلطف وقالت:

– نعم يا صغيري! إنها لذيذة جدًا، وتمنحني شعورًا بالنشاط والحيوية.

قال أمجد:

– آآه كم أرغب بشرب القهوة أنا أيضًا.

ضحكت الجدّة وأجابت:

– عندما تكبر قليلاً سيصبح بإمكانك شربها، والاستمتاع بمذاقها أيضًا. لكن ما رأيك أن أخبرك الآن عن قصة اكتشاف القهوة؟

ردّ أمجد على الفور:

– بالطبع… احكي لي القصّة كاملة من فضلك يا جدّتي.

ثمّ جلس ببجانب الجدّة وكلّه حماس لسماع القصّة.

قصّة كالدي والفاكهة العجيبة

تنحنحت الجدّة، وارتشفت بعضًا من قهوتها، ثمّ بدأت الحكاية:

في قديم الزمان، وفي أرضٍ بعيدة وجميلة جدّا تسمّى إثيوبيا، كان هنالك فتى في مقتبل العمر اسمه “كالدي”. كان كالدي يعمل راعيًا للماعز، ويقضي أيامه في الحبال يراقب ماعزه وهي ترعى بين الأشجار الخضراء.

وفي أحد الأيام، لاحظ كالدي شيئًا غريبًا! بدت الماعز فجأة أكثر نشاطًا ممّا اعتاد عليها. كانت تجري وتقفز هنا وهناك دون كلل أو ملل. بدا كما لو أنها أصبحت تمتلك طاقة سحرية.

تعجّب كالدي من حال الماعز، وتساءل:

– ما الذي أصابها يا ترى؟ لم هي نشيطة وسعيدة إلى هذا الحدّ؟

وقرّر اكتشاف السرّ وراء نشاط ماعزه الغريب غير المعهود. فتبعها عبر التلال والوديان، حتى وصل إلى منطقة لم يسبق له أن زارها قبلاً. هناك…رأى أشجارًا من نوع غريب خضراء، تحمّل ثمارًا على شكل حبّات صغيرة حمراء لامعة. ولاحظ أنّ الماعز كانت تأكل هذه الحبّات بشراهة كبيرة.

فكّر كالدي:

– هل يُعقل أن تكون هذه الحبّات هي ما يجعل ماعزي نشيطة هكذا؟

وحتى يتأكّد، جمع بعضًا من هذه الحبات، وعاد بها إلى قريته ليخبر الحكيم العجوز في القرية بما رآه. وكذلك كان الحال.

عندما سمع الحكيم القصّة، ورأى الحبّات الحمراء الصغيرة، قرّر أن يجربها هو أيضًا، فقام بغليها في الماء، وشرب بعدها ذلك السائل، فشعر بعد بضع لحظات بنشاط وحيوية كبيرين!

قال الحكيم:

– هذه الحبّات هي بلا شكّ السبب وراء نشاط ماعزك يا كالدي. وأعتقد أنني سأبدأ بتناولها بانتظام أنا أيضًا، فهي تمنحني الطاقة والنشاط والحيوية، وتجعلين أشعر وكأني أصغر سنًّا!

وهكذا، بدأ الناس في القرية يتعرّفون شيئًا فشيئًا على هذا المشروب الجديد، ويتناولونه للشعور بالنشاط، وليتزوّدوا بالطاقة، ثمّ أطلقوا عليه فيما بعد اسم القهوة، وسُميّت الحبات الحمراء الصغيرة “البُنّ”. 

ومع مرور الوقت انتشرت أخبار القهوة في أرجاء العالم، وأصبحت مشروبًا محبوبًا يحتسيه الناس، ويستمتعون به. كما تطوّرت طريقة إعداد القهوة، وأصبحت تُحمّص وتُطحن لإعداد مسحوق القهوة، وأصبحت تُخلط أيضًا مع مكونات أخرى كالحليب مثلاً… لكن مهما تعدّدت طرق إعداد القهوة، فهي تبقى مشروبًا لذيذًا يمنحك النشاط والطاقة… 

ولكن…لابدّ من شربها باعتدال، وإلاّ فسوف تسبّب لك الأرق، والتوتر.

أنصت أمجد لقصّة الجدّة باهتمام، وقال أخيرًا بعد أن أنهت القصّة:

– واو، لقد فهمت الآن لم تحبّين القهوة كثيرًا يا جدّتي! إنها تجعلك نشيطة وقوية لتلعبي معي وتحكي لي الحكايات على الدوام.

ضحكت الجدّة وأجابت:

– نعم يا صغيري! كما أنّها تذكّرني دومًا بكالدي وفضوله الذي مكّنه من اكتشاف هذا المشروب اللذيذ.

– عندما أكبر قليلاً سأبدأ بشرب القهوة معك يا جدّتي وسأنصت للمزيد من حكاياتك الممتعة، أمّا الآن، فسوف أكتفي بشرب الحليب الغني بالكالسيوم والفيتامينات المهمّة لنموّي.

وافقته الجدّة، وقالت بفخر:

– هذا هو صغيري الذكي! أحسنت يا أمجد!

ومنذ ذلك اليوم، أصبح أمجد يحضّر كوبًا من الحليب ويجلس مع جدّته وقت احتسائها لقهوتها ليستمع إلى المزيد من قصص الاكتشافات والمغامرات الممتعة والمثيرة.

Exit mobile version