قصة الفراولة للأطفال: مغامرة ماري في المملكة السحرية

يواجه العديد من الآباء صعوبة يومية في إقناع أطفالهم بتناول الفواكه والخضراوات. فغالبًا ما يزداد عناد الأطفال حين محاولة إقناعهم بتناول الأطعمة المفيدة. لذلك، يلجأ الآباء إلى البحث عن حلول مبتكرة لتشجيع أطفالهم على تناول الفواكه. ومن بين هذه الحلول الفعّالة استخدام القصص التي تتناول الفواكه والخضروات، حيث يمكنك تقديمها على أنها أبطال مغامرات شيقة. بهذه الطريقة، يمكنك تغيير نظرة الأطفال تجاه الطعام الصحي وتشجيعهم على تناوله.

في مغامرة جديدة، ستخوض ماري تحدّيات في مملكة الفراولة السحرية، حيث ستتعرف على الفوائد العجيبة للفراولة التي لم تكن تعلمها. ماذا ستتعلم ماري؟ وهل ستغير رأيها بعد هذه المغامرة؟ لنتابع معنًا قصة ماري والمملكة السحرية.

قصة الفراولة للأطفال: مغامرة ماري في المملكة السحرية

تدور أحداث قصتنا حول ماري ذات التسعة أعوام. ماري فتاة مرحة وذات قلب طيب، لكن هناك أمرًا واحدًا يُعكّر صفو سعادة والديها هو كرها الشديد لتناول الفواكه، وخاصةً الفراولة. ومهما حاول والداها إقناعها بتناول الفراولة الحمراء بطرق شتى، كانت تهز رأسها بعناد وترفض بشدة. لم يعرف الأب ماذا يفعل لإقناع ابنته، وهو يعلم جيدًا فوائدها الصحية العديدة. وذات يوم، وبينما كان يجلس الأب في حديقة البيت، خطرت له فكرة. وقرر أن يزرع الفراولة في مكان مميز بالحديقة، أملًا في أن تتعلّق ابنته بها شيئًا فشيئًا.

في أحد الأيام، جلست ماري بجانب والدها في الحديقة، تتأمل الأزهار وتستنشق عبيرها الفواح، متجاهلةً نبتة الفراولة التي زرعها والدها. وبينما كانت تلعب بين الأزهار، لفت انتباهها فراشة بديعة، تزهو أجنحتها بألوان لم ترَ مثلها من قبل. انطلقت ماري خلف الفراشة الجميلة، تجري وتلعب معها. بينما كانت تتبع الفراشة، ظهر فجأة ضوء ذهبي غريب، يشعّ بقوة من خلف الشجرة الكبيرة.

اقتربت ماري من الشجرة بفضول لمعرفة مصدر الضوء الغريب. وما إن وصلت، حتى خرج من بين الأوراق مخلوق صغير له جناحان رقيقان يلمعان كالزجاج. قال المخلوق بابتسامة: “مرحباً يا ماري، هل ترغبين في الانضمام إليّ في مغامرة ممتعة؟”

شعرت ماري بالدهشة والخوف، فسألت بفضول: “من أنت؟ وكيف خرجت من الشجرة؟”

أجاب المخلوق: “أنا أدعى “وميض”، حارس مملكة الفراولة السحرية. ولقد تم اختياركِ لزيارة مملكتنا واكتشاف فوائد الفراولة العجيبة بنفسك. هيا، اصعدي على أجنحتي، لننطلق في مغامراتنا”.

تحمّست ماري للفكرة، ومدت يدها إلى وميض، وبمساعدته صعدت على ظهره. في تلك اللحظة، أحاط بهما ضوء ذهبي لامع، دُهشت مارى للحظة وأغمضت عينيها بخوف. وعندما فتحتهما مجددًا، وجدت نفسها في عالم مذهل لم ترَ مثله من قبل.

رأت تلالاً خضراء واسعة مغطاة بآلاف حبات الفراولة الحمراء. كما رأت أنهارًا من عصير الفراولة اللذيذ، وبيوتًا على شكل حبّات عملاقة من الفراولة، لقد كان عاملًا سحريًا مثيرًا للدهشة.

قال وميض مبتسمًا: “مرحبًا بكِ يا ماري في مملكتنا السحرية. كل شيء هنا مصنوع من الفراولة. لكننا لا نأكلها فقط بسبب طعمها اللذيذ، بل لأنها تمتلك فوائد كثيرة”.

ردّت ماري: “أنا لا أحبها، لكنني جئت معك لأرى هذا العالم السحري”.

قال وميض: “أعلم ذلك، ولهذا السبب اخترناكِ أنت تحديدًا. أعدك بأنكِ ستُغيرين رأيك في نهاية رحلتنا”.

ثم تابع حديثه قائلًا: “إنها ليست مجرد فاكهة عادية. كل حبّة تحمل قوة سحرية خاصة. عندما تأكلينها، فإنها تمنحكِ جزءًا من قوتها. وكلما أكلتِ أكثر، زادت القوة التي تكتسبينها”.

اتسعت عينا ماري بدهشة، وقالت وهي تنظر إليه بفضول: “قوة سحرية؟ لم أسمع بهذا من قبل. ما هي هذه القوة؟ أخبرني”.

ابتسم وميض وقال: “هيا بنا إلى نتجول في المملكة، وهناك ستكتشفين الأسرار السحرية للفراولة”.

انطلق وميض وماري في رحلتهما السحرية، وبينما كانا يحلقان بين التلال، مرّا على نهر يتدفق منه عصير الفراولة الطازج، ورأت حوله أطفال يلعبون بنشاط وسعادة على ضفّتيه. ملأت رائحة الفراولة المكان، فتوقفت ماري فجأة، واضعة يدها على أنفها، وقالت بتردد: “رائحة الفراولة قوية جدًا، لا أستطيع التقدم”.

شجّعها وميض على التقدّم، وقال: “لا تقلقي يا ماري، ستتعودين عليها. هذا هو نهر المناعة. تحتوي الفراولة على كميات كبيرة من فيتامين C، وهو فيتامين مهم يساعد الجسم على مقاومة الأمراض والفيروسات. يُعدّ بمثابة درع قوي لحمايتك وتقوّية جهازكِ المناعي”.

تعجّبت ماري وقالت: “حقًا؟ لم أكن أعلم أنّ هذه الفاكهة تملك هذه القدرة العجيبة على الحماية من الأمراض”.

وفي تلك اللحظة، شاهدت ماري مجموعة من سكان المملكة يحملون طفلًا يعاني من زكام، ويضعونه بالقرب من النهر، وقدموا له كأسًا من العصير. شرب الطفل العصير، وما هي إلا لحظات حتى بدأت أعراض المرض تقل تدريجيًا، وشعر بتحسّن. لم تصدق ماري ما شاهدته، وقالت: “هل هذا بسبب ذلك العصير؟”

أجابها وميض: “إنها فقط البداية يا ماري. هل ترغبين بتجربة العصير؟”

ترددت ماري قليلًا، ثم هزّت رأسها وقالت: “لا، ليس الآن”.

ابتسم وميض وقال: “حسنًا، لن أضغط عليكِ. ما زالت أمامنا مغامرات كثيرة. هيا بنا نُكمل جولتنا”.

ثم انطلقت ماري مع وميض نحو حديقة شاسعة تملؤها الألوان. وجدت مجموعة من الأطفال يجلسون في أركان الحديقة، يقرأون الكتب ويلعبون ألعاب ذهنية ممتعة.

تعجّبت ليلى من قدرة الأطفال، وسألت وميض: “كيف يستطيع هؤلاء الأطفال حلّ هذه الألغاز المعقدة”.

أجاب وميض: “هذه الفائدة الثانية للفراولة، فهي تحتوي على مضادات أكسدة تساعد على تحسين التركيز، وتدعم وظائف الدماغ والذاكرة. كما أنها تُقلل من خطر الإصابة بأمراض خطيرة، مثل: الزهايمر”.

قاطعته ماري، وقالت بثقة: “أنا لا أحتاجها، يمكنني حل اللغز بسهولة”.

أخذت ماري ورقة اللغز وبدأت تفكر في الإجابة، لكنها لم تتمكن من حلّه. بدا عليها التوتر، فابتسم وميض وأخرج قطعة صغيرة من حلوى الفراولة وقدمها لماري لتتناولها، وقال: “جرّبي هذه”. ترددت ماري قليلًا ولكنها كانت ترغب في حلّ اللغز. فأخذتها وما إن مضغتها حتى شعرت بقوة غريبة، وبدأت الأفكار تتدفق في عقلها بسرعة. وخلال لحظات، استطاعت حلّ اللغز بسهولة.

تعجّبت ماري: “لم أكن أعرف أن للفراولة مثل هذه الفائدة”.

ضحك وميض، ثم أخذها إلى بحيرة سحرية تتلألأ مياهها وتفوح منها رائحة الفراولة. نظرت ماري بدهشة، فقد رأت مجموعة من الأشخاص ذوي الوزن الزائد ينزلون إلى البحيرة، وعندما يخرجون، يكونون أكثر رشاقة ونشاطًا.

دُهشّت ماري، قالت” كيف هذا؟”  

أجابها وميض: “هذه هي الفائدة الثالثة،. تلعب الفراولة دورًا مهمًا في عملية التمثيل الغذائي وحرق الدهون. كما أنها تحتوي على الألياف التي تزيد الشعور بالشبع لفترة أطول، مما يقلل الرغبة في تناول الطعام، ويساعد على خسارة الوزن”.

واصل الاثنان السير حتى وصلا شجرة كبيرة. كانت الشجرة مغطاة بحبات فراولة الشفافة والمتلألئة وكأنها مصنوعة من الزجاج. اقتربت ليلى من الشجرة، ولاحظت أن بشرتها أصبحت أكثر إشراقًا.

لاحظ وميض دهشتها، فقال: “الفراولة غنية بفيتامين C وحمض الساليسيليك، مما يساعد على نضارة البشرة، وتقليل ظهور التجاعيد، وتحافظ على شباب الجلد. كما أنها تُقلل من ظهور حب الشباب وتمنح البشرة إشراقًا طبيعيًا”. 

فجأة، ظهرت فتاة جميلة من خلف الشجرة، اقتربت من ماري وقالت: “أنا أستخدم قناع الفراولة الطبيعي مرة في الأسبوع، ولهذا بشرتي بهذا الصفاء”.

سألت وميض عن ماري، فأخبرها أنها في زيارة إلى مملكتهم لتتعلم فوائد الفراولة. تفاجأت الفتاة عندما علمت أن ماري لا تحب الفراولة، لكنها لم تقل شيئًا. بل قطفت حبة فراولة كبيرة، وتناولتها. وما إن مضغتها، حتى شعرت بالهدوء والسكينة.

فقال وميض: “هذه فائدة أخرى يا ماري، تساعد الفراولة على تهدئة الأعصاب وتخفف التوتر والقلق. كما أنها تُنظّم ضغط الدم لاحتوائها على عنصر البوتاسيوم”.

اتسعت عينا ماري أكثر فأكثر، فقد اكتشفت عالمًا جديدًا تمامًا. فلم تتخيّل أن فاكهة صغيرة بهذا الحجم قد تُخفي في داخلها قوى عجيبة.

طار وميض نحو طبق كبير مملوء بحبات الفراولة الحمراء اللامعة، وقال: “تفضلي يا ماري، هل تريدين تجربتها الآن”.

تردّدت ماري للحظة، لكنها تغلبت على تردّدها بدافع الفضول، ورغبتها في الاستفادة من هذه القوى السحرية. تناولت حبة صغيرة، وضعتها في فمها ببطء. في البداية، شعرت بطعم حلو ممزوج بالحموضة، لكن بعد لحظات، تسللت طاقة جديدة في جسدها. وشعرت برغبة مفاجئة في الركض والقفز.

ضحك وميض وقال: “هذا هو السحر يا ماري. هل تغيّر رأيك؟”

ردّت ماري: “نعم، يبدو أنني كنت مخطئة. إنها لذيذة”.

بعد أن تعلّمت ماري عن فوائد الفراولة المختلفة، قادها وميض إلى بوابة العودة، وقال: “سُعدت بزيارتكِ يا ماري. آمل أن أراك مرة أخرى وأنت تستمتعين بالفراولة “.

شكرت ماري وميض على الرحلة الممتعة. وبحركة سحرية منه، أحاط بها الضوء الذهبي مرة أخرى، وعادت ماري إلى منزلها في لمح البصر. وقفت ماري تحدّق حولها في الحديقة. ولم تدري هل كانت تحلم؟ أم أنها فعلاً زارت مملكة الفراولة السحرية؟ لكن الشيء الوحيد الذي تأكّدت منه أنها أحبت رائحة الفراولة التي زرعها والدها في الحديقة.

اقرأ أيضًا: قصة للأطفال عن توفير المال: سامر والديناصور الأخضر

ومنذ ذلك اليوم، لم تتوقف ماري عن تناول الفراولة. فقد تعلّمت درسًا مهمًا عن أهميتها الحقيقية، وعرفت أنها ليست مجرد فاكهة لذيذة، بل هي كنز مليء بالفوائد. فهي غنية بمضادات الأكسدة التي تحافظ على نضارة بشرتها، كما تمنحها الطاقة والنشاط لتلعب وتتعلم وتستكشف العالم بكل حماس.

أفضل قصص الأميرات: رابونزل والأمير الشجاع

في قديم الزمان، عاشت فتاة جميلة تمتلك شعرًا ذهبيًا جميلاً وقدرة سحرية مذهلة في برج عالٍ وبعيد عن أهل المملكة بأكملها. لم تعرف الفتاة شيئًا عن الحياة خارج البرج، وفي يوم من الأيام تغيرت حياتها عندما تعرفت على أمير وسيم. ومن هنا تبدأ قصتنا عن رابونزل الفتاة الجميلة ذات الشعر السحري الذهبي.

ولادة رابونزل

في مملكة جميلة تقع على ضفاف النهر، عاش ملك وملكة لطيفان عادلان. وفي أحد الأيام، أعلن الملك قدوم أميرة، فابتهج الجميع وزُينت الشوارع احتفالًا بالخبر السعيد. لكن في الأشهر الأخيرة من الحمل، مرضت الملكة مرضًا شديدًا. شعر الملك بالحزن، لكنه لم يفقد الأمل، وأمر جنوده بالبحث عن زهرةٍ سحرية كانت الأسطورة تقول إنها قادرة على شفاء أي مرض.

بحث الجنود كثيرًا عن الزهرة. وبعد بحث طويل، وجدها أحد الحرّاس مخبأة تحت غطاء بين الأشجار، فاقتلعها من جذورها وقدّمها للملك، دون أن يدرك إحدى قدرات الزهرة السحرية المخفية. لم يكن أحد يعلّم أن الساحرة العجوز كانت تخفيها لتستخدمها في الحفاظ على شبابها.

شربت الملكة مستخلص الزهرة فتعافت في الحال، وولدت طفلة جميلة ذات شهر ذهبي لامع، وأطلقوا عليها اسم “رابونزل”. كانت الفتاة مميزة بجمالها وشعرها، لكن ما لم يكن أحد يعرفه، أن قوة الزهرة السحرية قد انتقلت إلى شعرها. راقبت الساحرة غوثل كل ما يحدث، وعندما علمت بأن الزهرة استُخدمت لشفاء الملكة وأن قوتها أصبحت في شعر الطفلة، اشتعل الغضب في قلبها. وقررت اقتحام القصر.

اختطاف رابونزل

وفي إحدى الليالي، تسللت الساحرة غوثل إلى القصر، وقصّت خصلة من شعر رابونزل، لكن ما إن قصتها حتى تحوّل لونها إلى البني واختفت قوتها. هنا، أدركت أن السحر لا يعمل إذا تم قص الشعر. عندها، عزمت العجوز على اختطافها. وقامت باخفائها في برج عالٍ في أعماق الغابة، لمنع أي شخص من العثور عليها. لم يكن للبرج أبواب أو سلالم، بل نافذةٌ واحدةٌ فقط في الأعلى.

كانت الساحرة غوثل تزور رابونزل بين الحين والآخر، فتقف أسفل البرج وتنادي: “رابونزل، أنزلي شعركِ”. فتُلقي شعرها الذهبي الطويل من النافذة، لتتسلّق عليه وتصل إلى أعلى البرج.

اقرأ أيضًا: قصص من أعماق البحار: حورية البحر الصغيرة

مرّت السنوات، وكبرت رابونزل في البرج، ولم تكن تعرف شيئًا عن العالم الحقيقي، ولم ترَ أحدًا سوى “غوثل”، التي أقنعتها بأنها والدتها، وأن البشر في الخارج مخيفون وسيئون. لذلك، لم تخرج الأميرة أبدًا من البرج، وقضت أيامها في الرسم، والقراءة، والغناء. ولم تمتلك أصدقاء سوى حيوانات الغابة التي تزورها باستمرار، مثل: الأرنب والعصفور والسنجاب.

زيارة الأمير

في أحد الأيام، زار المملكة أمير قادم من بلاد مجاورة، وبينما كان يتجوّل في أنحاء المملكة سمع إشاعة متداولة بين أهل المملكة، حول الأميرة الجميلة التي اختفطتها ساحرة شريرة عند ولادتها. والتي لم يعرف عنها أحد شيئًا منذ ذلك اليوم. انتاب الفضزل الأمير الشجاع، وقرّر أن يبحث عن الأميرة وينقذها، فانطلق على حصانه الأبيض نحو الغابة. وبعد بحثٍ طويل بين الأشجار، سمع صوت غناءٍ عذبٍ يأتي من بعيد. جذب جمال الصوت ونقائه انتباهه، فقرر تتبّعه لمعرفة مصدره.

تتبع الأمير الصوت حتى وصل إلى برجٍ عالٍ بين الأشجار. قال الأمير وهو ينظر حول قاعدة البرج: “هذا غريب! لا يوجد باب للدخول. ومع ذلك، هناك صوت غناء يأتي من أعلى البرج. كيف تدخل هذه الفتاة أو تخرج؟”

سحره الغناء، ووجد نفسه يعود إلى البرج كل يوم، يستمع للصوت الجميل ويتساءل: “من صاحبة هذا الصوت العذب؟ ولماذا تبقى وحدها في هذا البرج البعيد؟”

وفي أحد الأيام، بينما يقف الأمير كعادته بجانب البرج يستمع للغناء، رأى امرأة عجوزًا تقترب من البرج. فاختبأ بين الأشجار يراقبها لعله يعرف سرّ هذا البرج الغريب.

اقتربت العجوز من أسفل البرج، ونادت بصوت مرتفع: “رابونزل، أنزلي شعرك”. فوجئ الأمير عندما رأى فتاة تطل من النافذة وتلقي شعرها الذهبي الطويل. لقد كان شعرها طويلًا جدًا حتى لامس الأرض. تشبثت العجوز بالشعر وصعدت به إلى أعلى البرج. همس الأمير لنفسه: “آه! هذا هو السر”.

انتظر الأمير حتى نزلت العجوز وغادرت المكان واختفى أثرها تمامًا، ثم اقترب من البرج، وقلّد صوتها قائلًا:
“رابونزل، أنزلي شعرك”.

وما هي إلاّ لحظات، حتّى تدلّى الشعر الذهبي مرة أخرى من النافذة. تسلّق الأمير جدار البرج مستعينًا بشعر رابونزل حتى وصل إلى النافذة. انبَهرت رابونزل عندما رأت الأمير، وازدات حماسًا، فهي لم يسبق لها أن تحدّثت أو رأت شخصًا آخر من قبل سوى الساحرة. كان الأمير وسيمًا ولطيفًا. شعرت بفرحةٍ غامرة وخوف في آن واحد، قالت بخوف: “من أنت؟”.

قدّم الأمير نفسه وقال بلُطف: “لا تقلقي، أنا صديق”.

نظرت إليه بتردّد وقالت: “لكنني لا أعرفك، فكيف تكون صديقي؟”

قال الأمير مبتسمًا: “أنا أعرفك، فقد كنت أسمع غناءك كلّ يوم. صوتك جميل جدًّا”. ثم سألها: “ماذا تفعلين هنا؟”

أجابت: “أنا أعيش في هذا البرج منذ زمن”. ثم قصّت عليه قصتها وشعرها السحري الذي يمتلك قدرة على شفاء أي مرض وعن أمها التي أجبرتها على البقاء في البرج لأن العالم مكان سيء وتحذيرها من طمع البشر في قوتها.

تعجّب الأمير، وقال: “لكن العالم ليس بهذا السوء”. وأخبرها عن الزهور والحدائق، والألعاب، والفواكه المختلفة، والملك والملكة في المملكة المجاورة له.

اقرأ أيضًا: حكايات عالمية: أشهر القصص من حول العالم

ضحكت رابونزل وهي تستمع لقصص الأمير، وتبادلا الحديث والقصص، حتى أصبحا صديقين مقرّبين. مرّت ساعات طويلة وهما يتحدثان معًا. ثم قالت له: “يجب أن تذهب الآن، أخشى أن تعود الساحرة في أي لحظة”.

قال: “حسنًا، لكنني سأعود غدًا”. ثم ألقت رابانزل شعرها من النافذة، ونزل الأمير من البرج.

رابونزل تكتشف العالم

في اليوم التالي، عاد الأمير ونادى عليها ، فتدلّى شعرها وصعد مجددًا إلى غرفتها. وقال: “لديّ مفاجأة صغيرة لك”. كانت مليئة بالفراولة الطازجة.

بينما تناولت رابونزل الفراولة، فكّرت فيما كانت تقوله لها الساحرة، وشعرت أنها قد تكون مخطئة. ثم قالت للأمير: “يجب أن أخرج من هذا البرج! ولكن كيف؟”

قال الأمير: “حسنًا، لنفكّر في خطة جديدة تُخرجك من هذا السجن.”

وبعد لحظات من التفكير، وبينما نظرت إلى قطعة الحرير التي أحضرها الأمير، خطرت لها فكرة وقالت: “هل تستطيع إحضار قطعة من الحرير في كل مرة تزورني فيها؟ أستطيع أن أَصنَعَ سُلّمًا من الحرير وأُخفيه عن أعين الساحرة. وعندما يصبح السُّلّم طويلاً بما يكفي، سأنزل من البرج”.

تطلّعت رابونزل إلى زياراته أكثر فأكثر. فقد كان الحديث معه أجمل ما في يومها. أما الأمير، فوقع في حبها. وفي كل زيارة، يُحضِر الأمير قطعةً من الحرير كما أخبرته، وتنسجها معًا حتى يكتمل السُّلّم وتتمكّن من الهروب.

في عيد ميلادها الثامن عشر، تحدَّثت إلى الساحرة وطلبت منها الخروج من البرج لتحتفل بعيد ميلادها. ولكن، كالمعتاد رفضت الساحرة طلبها، وقالت: “لقد تحدّثنا في هذا الأمر من قبل. لقد سئمتُ من هذا الحديث، لن تخرُجي من القصر أبدًا”.

غضبت رابونزل وقالت: “سأخرجُ مهما حدث”.

ومن شدّة غضبها، لَمَّحت لها عن الأمير. صُدمت الساحرة، وقالت: “ماذا تقولين، من كان معكِ هنا؟”.

قالت: ” لا أحد، لم أرَ أي شخصٍ غيركِ”.

لم تُصدّقها الساحرة، وبحثت في أرجاء الغرفة، حتى وجدت السلّم مخبأ في أحد الأدراج. وقالت بغضب: “ما هذا؟ من الذي أحضره لكِ”.

ردّت رابونزل: “لقد تعرّفتُ على أمير، وأحضر لي الحرير وصنعتُ السلّم”.

صرخت الساحرة :”لن تري هذا الأمير مرةً أخرى”.

اِستشاطت الساحرة غضبًا، ثم أحضرت سكِّينًا وقطعت الحرير، وربطت رابونزل بحبل. كانت الساحرة تعلم أنَّ الأمير سيأتي، فقررت أن تنتظره للانتقام منه.

وفي المساء، عندما وصل الأمير إلى البرج، ونادى على رابونزل، فأنزلت الساحرة شعرها. وعندما صعد، فوجِئ برؤية الساحرة ورابونزل مُقيّدة بحبل.

واجه الأمير الساحرة، وعلى حين غفلة منها، أمسك السكّين وقصّ شعر رابونزل وقال: “لن أدعك تستغلّين قدرتها”.

اشتعلت الساحرة غضبًا، لأنها خسرت المصدر الوحيد الذي يمنحها الشباب، وصرخت: “ماذا فعلتَ؟ سأنتقم منك ولن أدعك تراها مرةً أخرى”.

ثم دفعت الأمير من نافذة البرج، فسقط من أعلى البرج، ولكن لحسن الحظ، لم يفقد حياته، وتعرّض لجروح وكسور فقط.

تمالك الأمير نفسه واستجمع شجاعته، وعاد على الفور إلى مملكته، فجمع جيشًا كبيرًا، وعاد مجدّدًا إلى البرج حيث رابونزل، فهاجم جنوده الساحرة الشريرة وتمكّنوا من التغلب عليها. وهكذا تحرّرت رابونزل من أسرها. ووضّح لها الأمير حينها أنّ الساحرة الشريرة لم تكن أمها، وإنما ساحرة اختطفتها من والديها الملك والملكة.

فرحت رابونزل كثيرًا لذلك، وتمكّنت أخيرًا من الالتقاء بوالديها، حاكمي المملكة، واللذان فرحا بعوجة طفلتهما إليهما. وبعدها بأيام تقدّم الأمير طالبًا يد رابونزل للزواج، فوافقت على الفور، وأقيم حفل زفاف عظيم احتفل فيه جميع سكان المملكتين. وهكذا عاش الأمير ورابونزل بسعادة وهناء إلى الأبد.

اقرأ أيضًا: قصة قصيرة للأطفال عن أهمية إدارة الوقت

اقرأ المزيد من القصص القصيرة الممتعة.

قصة اكتشاف البنسلين: قطرة صغيرة غيرت تاريخ الطب

تحدث العديد من الاكتشافات بالصدفة، ولكنّ بفضل الفضول وحبّ العلم، تتحوّل هذه الصدفة إلى اكتشاف مهم يفيد البشرية. هل كنت تعلم أنّ أول مضاد حيوي في العالم تم اكتشافه بصدفة غريبة؟ هذا الدواء يُدعى البنسلين، يُستخدم لقتل البكتيريا الضارة داخل الجسم، وعلاج أنواع مختلفة من الأمراض.

هل أنتم مستعدون لمغامرة جديدة؟ دعونا ننضمُّ إلى ليلى ونكتشف كيف أدّت صدفة غريبة إلى اكتشاف البنسلين، وإنقاذ حياة الملايين وتغيير مجال الطب والأدوية.

قطرة صغيرة غيّرت العالم: قصة اكتشاف البنسلين

في مساء أحد الأيام، عاد الأب من عمله في المستشفى، وهو طبيب مشهور. دخل إلى المنزل حاملاً حقيبة الأدوية الخاصة به كعادته كلّ يوم، ثم توجّه مباشرةً لترتيب محتوياتها في خزانة الأدوية. وبينما كان يضع أشرطة المضاد الحيوي داخل الخزانة، دخلت ليلى، وبدأت تراقب والدها بفضول. لمحَت والدها يرتّب الأدوية، فمدت يدها وأخذت أحد أشرطة المضاد الحيوي. ابتسم الأب، وأخذ منها الدواء وحذّرها قائلاً: “هذا دواء مهم، لا يجب أن تلعبي به”.

قالت لوالدها: “ما هذا الدواء يا أبي؟ لقد رأيت أمي تتناوله عندما كانت مريضة”.

قال الأب: “هذا الدواء يسمى مضادًا حيويًا ومن أشهر أنواعه البنسلين، وهو دواء مهم جدًا يُستخدم لعلاج الالتهابات.

ردت ليلى: ” بنـ … بنـ .. سـيـ…..، ماذا يدعى مرةً أخرى؟”.

ضحك الأب وقال: بنسلين، هل تُحبين أن أقصّ عليكِ قصته اكتشافه؟ هذا الدواء لديه قصة عجيبة”، فقد بدأت بصدفة غريبة”.

صاحت ليلى بحماس: “نعم، أنا أحب القصص كثيرًا! هيا أخبرني عنه!”

رد الأب: “حسنًا يا صغيرتي، دعيني أنهي ترتيب الأدوية، ثم نذهب لنجلس، فقصتنا مشوقة للغاية، لقد بدأ الأمر بصدفة غريبة، وبسبب هذا الخطأ تمكّنا من إنقاذ حياة ملايين”.

أنهى الأب ترتيب الأدوية، ثم أمسك يد ابنته وذهبا معًا إلى غرفة المعيشة، جلس على الأريكة، وجلست ليلى إلى جواره وهي تنتظر سماع القصّة.

بدأ الأب حديثه: “تبدأ أحداث قصتنا مع عالم يُدعى آلكسندر فليمنغ. كان آلكسندر يعمل في مختبر صغير، ويقضي أغلب وقته في دراسة الأمراض ويُجري الأبحاث لمعرفة كيفية القضاء على البكتيريا التي تُسببها.

وفي عام 1928، بينما كان مشغولًا بإجراء أبحاثه على أنواع مختلفة من البكتيريا، قرّر أن يأخذ إجازة قصيرة ليقضي بعض الوقت مع عائلته. وفي يوم عطلته، غادر فليمنج معمله سريعًا، ونسِي تنظيف أطباق الاختبار والأدوات التي كان يزرع فيها البكتيريا، فترك كل شيء على حاله، وانطلق مُسرعًا إلى عائلته.

قاطعت ليلى والدها قائله: “نسي الأطباق، أيُعقل أن تكون هذه هي الصدفة التي تتحدث عنها؟ وماذا حدث بعد ذلك؟”

رد الأب: “نعم يا ليلى، هذا هو الجزء المدهش في قصتنا. ذلك الخطأ الصغير أدى إلى اكتشاف عظيم غيّر تاريخ الطب، وأحدث ثورة في علم العلاج. ومكّن الأطباء في محاربة الأمراض”.

ثم تابع الأب حديثه: “عندما عاد فليمنغ بعد عدة أيام من عطلته، توجه مباشرةً إلى مختبره. وعند دخوله، تفاجّأ بمنظر غريب، وتساءّل في دهشة: “يا إلهي ماذا حدث هنا؟”

نظر فليمنغ إلى الأطباق، فلاحظ أنّ أحدها قد تكوّنت فيه بقعة كبيرة خضراء من العفن، تشبه تلك التي نراها على الخبز القديم. لكن ما لفت انتّباهه ليس العفن نفسه، بل ما حدث. فقد لاحظ أن البكتيريا توقفت عن النمو بالقرب من ذلك الفطر، بل اختفت تمامًا. كانت تلك المرة الأولى التي يلاحظ فيها فليمنغ أن العفن يمكنه القضاء على البكتيريا.

تعجّب فليمنغ مما رأى، ثم بدأ يدرس العفن بدقة، ويجري الأبحاث على هذا الفطر. فاكتشف أنه ينتمي إلى نوع من أنواع الفطريات يُعرف باسم بنسيليوم. استنتج أن هذا الفطر لديه القدرة على إفراز مادة تقضي على البكتيريا. شعر فليمنغ بسعادة كبيرة، فقد أدرك أنه على بعد خطوة من اكتشاف سيهزّ العالم ويغيّر مجرى الطب وعلم الأدوية.

لم يكتف فليمنغ بمعرفة نوع الفطر فحسب، بل بدأ يُجري العديد من الأبحاث لإستخلاص المادة التي يُفرزها هذا الفطر، ومعرفة خصائصها وتركيبها الكيميائي. وبعد مرور عدة أسابيع من التجارب على فطر البنسلينيوم، تأكّد فليمنغ بشكل قاطع أن هذه المادة تمتلك قدرة كبيرة على القضاء على البكتيريا. فأطلق عليها اسم البنسلين نسبة إلى اسم الفطر.

صمت الأب قليلًا، ثم قال: “لكن المشكلة أن فليمنغ لم يكن قادرًا على استخلاص كمية كافية من البنسلين لاستخدامه كدواء. لذلك، قرر الاستعانة ببعض زملائه من علماء الكيمياء الحيوية، لمساعدته على استخلاص المادة من الفطر لاستخدامها في الأدوية. وظلّ يُجرى الأبحاث لاستخلاصها لأكثر من عام، لكن دون جدوى.

وفي النهاية، شعر بالإحباط وأعلن استسلامه، وقال في نفسه أن هذه العملية شبه مستحيلة.

اندهشت ليلى وقالت لأبيها: “ولكنك يا أبي تحمل شريط الدواء الآن، فكيف تمّكنوا من استخراج هذه المادة؟”

رد الأب: “بعد أكثر من 12 عامًا من اكتشاف فليمنغ للبنسلين، تمّكن فريق من علماء جامعة أكسفورد من استخلاص مادة البنسلين من فطر البنسلينيوم بعد عدة محاولات وتجارب عديدة. وتعاونوا معًا لتحويل اكتشاف فليمنغ إلى دواء يُنتج بكميات كبيرة لعلاج البشر. وهكذا يا ليلى، تمّكنوا من صنع أول مضادّ حيوي في العالم.

ثم أضاف الأب: “هل تعلمين يا صغيرتي، أن أول انسان جُرّب عليه البنسلين، كان شرطيًا يُدعى ألبرت ألكساندر، وذلك في عام 1941م. فبعد أن أصيب بجروح في وجهه تسببت في إصابته بعدوى شديدة. ومن أجل إنقاذه، استخدم الأطباء البنسلين لعلاجه، وقد ساعده بالفعل على التحسّن.”

ومنذ ذلك اليوم، بدأ الأطباء في استخدام البنسلين كعلاج للأمراض، كما استخدموه خلال الحرب العالمية الثانية لإنقاذ حياة العديد من الجنود المصابين. ومع مرور الوقت، أصبح البنسلين علاجًا معتمدًا يُنقذ العديد من الأرواح من أمراض كانت في الماضي قاتلة.

أمسكت ليلى شريط الدواء بيدها وقالت: “لم أكن أعلم أن وراء هذه الحبة الصغيرة قصة عجيبة كهذه”.

قال الأب: “نعم، يا صغيرتي. الكثير من الاكتشافات العظيمة بدأت بخطأ صغير أو صدفة غير متوقعة. لكن، الأهم أن ننتبه لما يدور حولنا، ونفكر ونبحث كما فعل فليمنغ.”

قالت ليلى بابتسامة: “أنا أيضًا أريد أن أصبح عالمة مثله، وأكتشف أدوية جديدة”.

عانقها والدها وقال: “أنت ذكية يا ليلى، وأنا أعلم بأنكِ ستكونين أفضل عالمة في البلاد. فقط تأكّدي من الانتباه والترّكيز على دروسك. فالعلم هو المفتاح لتغيير العالم”.

ومنذ ذلك اليوم، أصبحت ليلى تقضي وقتًا أطول مع والدها لتتعلّم أكثر عن الأدوية، كما بدأت تهتم بدروسها وخاصةً مادة الكيمياء في المدرسة، وتحلم بأن تكتشف يومًا ما اكتشافًا عظيمًا ينفع البشرية.

تعلمت ليلى في ذلك اليوم أن العلماء بذّلوا جهدًا عظيمًا، وسهروا الليالي، ودرسوا وجرّبوا العديد من الأفكار والتجارب، حتى وصلنا إلى ما نملكه اليوم من علم وأدوية. كما أدركت أنّ صناعة حبة دواء واحدة قد تستغّرق عشرات السنين من العمل والتجارب، حتى يتمّكن العلماء من تطويرها واستخدامها في علاج الأمراض.

اقرأ أيضًا: قصة اختراع المايكرويف: كيف غيّر خطأ صغير العالم!

من قصة اكتشاف البنسلين، نتعلم أن وراء كل دواء قصة عظيمة وتاريخًا من التجارب والاكتشافات. وأن العلم هو طريق تحقيق الأحلام لكنه يتطلب الجد والاجتهاد. يجب ألا ننسى دروسنا، وأن نعمل بجد لفهم ما يجري حولنا، والبحث في الأمور بشكل دقيق.

هي قصة جميلة تحث الأطفال على تنمية مهارات التفكير وحب العلم والبحث، وتشجعهم على متابعة أحلامهم والسعي المستمر وراء المعرفة لتحقيق إنجازات تنفع العالم.

قصة اختراع المايكرويف: كيف غيّر خطأ صغير العالم!

هناك بعض الاختراعات التي اُكتشفت عن طريق الصدفة، وعلى الرغم من أنها كانت وليدة لحظة غير مقصودة، إلا أنها أصبحت جزءًا لا يمكن الاستغناء عنه في حياتنا اليوم. ومن هذه الاختراعات، قصة اختراع المايكرويف، التي تحكيها لنا اليوم جدّة أحمد بعد أن سألها حفيدها عن كيفية عمل هذا الجهاز وتحضيره للطعام بدون لهب أو نار.

جلس أحمد بجوار جدّته يُصغي بكل اهتمام ولنُصغِِ نحن أيضًا معه، لنتعرف على واحدة من أجمل قصص الاختراعات الحديثة، التي بدأت بخطأ صغير وانتهت باختراع لا غني عنه اليوم في أيّ منزل.

قصة اختراع المايكرويف

في إحدى الليالي، كانت الأم والجدة تحضّران طعام العشاء في المطبخ. وبينما تضع الأم حبات الذرة في جهاز المايكرويف، دخل أحمد وأخذ يراقب الجهاز عن كثب. كان الجهاز يصدر صوتًا خفيفًا ويضيء من الداخل. تفاجأ أحمد عندما رأى حبات الذرة تتحوّل إلى الفشار الذي يحّبه في ثوانٍ معدودة.

سأل أحمد متعجبًا: ما هذا الجهاز يا أمي؟ كيف صنع الفشار، فأنا لم أرى نارًا أو لهبًا ينبعث منه؟

أجابت الأم: هذا الجهاز يُسمى المايكرويف، وهو يا صغيري لا يحتاج إلى نار. فهو يعمل بطريقة ذكية باستخدام الأشعة لتسخين الطعام.

تعجّب أحمد أكثر وسألها: من الذي اخترع هذا الجهاز يا أمي؟ وكيف اخترعه؟

ردت الأم: “يبدو أن لديك الكثير من الأسئلة، ما رأيك أن تقصّ علينا الجدة قصة اختراع المايكرويف المشوقة؟”

أجاب: “بالطبع، هيا يا جدتى احكي لي هذه القصة”.

ضحت الجدة وقالت: “إن لهذا الجهاز قصة غريبة ومشوقة، وفيها مفاجأة كبيرة فقد تم اختراعه صدفةً. هيا تعالَ يا أحمد لنجلس وسأحكي لك”.

خطأ صغير أدى إلى اكتشاف المايكرويف

أمسكت الجدّة يد حفيدها وذهبت لتجلس في غرفة المعيشة، وأخذت في يدها قطعة من الشوكولاتة. تعجب أحمد من سبب أخذ جدّته قطعة الشكولاته. وجلست الجدة على الكرسي وجلس أحمد بجانبها وكلّه حماس لسماع القصّة.

بدأت الجدة كلامها وقالت: ” هل تعرف أن السر يمكن في هذه القطعة الصغيرة من الشوكولاتة؟”.

تعجّب أحمد وقال لجدته: ” حقا؟! كيف هذا؟!”. أخذت الجدّة نفسًا عميقًا، وبدأت تحكي القصة:

منذ زمن بعيد، وتحديدًا عام 1945، عاش رجل ذكي يُدعى بيرسي سبنسر. في البداية، لم يكن عالمًا مشهورًا بل مهندسًا، يعمل في شركة كبيرة لصناعة أجهزة الرادار. عُرف سبنسر بفضوله وحبه لتجربة كل شيء بنفسه. وفي أحد الأيام الباردة، بينما كان منهمكًا في عمله على جهاز يُطلق موجات صغيرة تُسمى “المايكرويف” شعر بالجوع الشديد. فأخرج من جيبه قطعة من الشوكولاتة كان قد أحضرها من المنزل. ولكنه فوجئ بأنّها أنها كانت قد ذابت تمامًا وتركت بقعًا في ملابسه. تعجّب سبنسر كثيرًا، وتساءل في نفسه: “ما الذي حدث؟ كيف ذابت قطعة الشوكولاتة في غرفة باردة؟”

كانت الغرفة التي يعمل بها، يا صغيري، باردة جدًا والطقس شتويًا شديد البرودة أيضًا، فكيف يمكن أن يحدث ذلك؟ هنا يا بني، تعجَّب سبنسر واندهش كثيرًا، لأنه وفقًا لقوانين الفيرياء لا يمكن لقطعة الشوكولاتة أن تذوب في درجات حرارة منخفضة.

تابعت الجدة حديثها، قالت: ولم يكتف سبنسر بذلك، بل أخذ يبحث عن السبب وازداد فضوله حول قطعة الشوكولاتة الذائبة. ظل يفكر طويلًا في أمرها والسرّ وراء ما حدث لها. وخطر له أن الجهاز الذي كان يعمل عليه قد يكون هو السبب، خاصةً أنه كان يقف بجانب جزء إلكتروني كبير يساعد في تشغيل الرادار.

فذهب مسرعًا، وأحضر كيسًا يحتوى على حبات الذرة ووضعها بجوار الصمّام، وما فتئت أن تحوّلت إلى فشار بعد دقائق معدودة وتناثرت في المكان بأكمله.

لم يتوقف سبنسر عند هذا الحدّ، بل أعاد التجربة مرة أخرى ليتأكد ممّا توصّل إليه. عاد إلى منزله وبقي يفكر فيما حدث واستمر في البحث طويلاً بين كتبه عن تفسير لما حدث معه في المعمل.

لم يستطع النوم في تلك الليلة وما أن أشرقت الشمس، حتى ذهب مسرعًا إلى العمل. وأحضر معه برّاد شاي وبيضًا ليجري تجربته الجديدة. وضع البيض في البرّاد وجعل فتحة البرّاد باتجاه الصمام، وخلال ثوانً، انفجر البيض وتناثر في أرجاء المكان حتى أنه تناثر على أحد زملائه الذي كان يقف بجواره في هذه اللحظة.

ضحك سبنسر وقال: “لم يكن البيض خيارًا موفقًا”.

بعد هذه التجارب، تأكد سبنسر أن الموجات التي يعمل عليها لديها القدرة على طهي الطعام وتسخينه بسرعة مذهلة دون الحاجة لاستخدام نار أو فرن. فخطرت له فكرة صنع جهاز يسخن الطعام باستخدام هذه الموجات. ففرح كثيرًا، وقال بفخر: “هذا اختراع عظيم! سيغير هذا الاختراع حياتنا إلى الأفضل، سيسهل علينا طهي الطعام في وقت وجيز وسريع”.

وبالفعل يا أحمد، بدأ سبنسر في عرض اختراعه على شركته التي وافقت على تنفيذ الفكرة، وبدأ مع فريقه في تصنيع أول جهاز للطهي في العالم يعمل بموجات المايكرويف. في البداية، كان حجمه كبير جدًا وسعره مرتفعًا للغاية، لذلك لم يُقبل الناس على شرائه وكان يستخدم في المطاعم فقط. ولكن لم يستسلم سبنسر، وقرّر تقليص حجم الجهاز والترويج له بين الناس.

ومع الوقت، صار أصغر حجمًا كما تراه الآن وأرخص ثمنًا، حتى أصبح جهازًا منزليًّا. وكما توقع سبنسر يا صغيرى صار يُستخدم في كل بيت في العالم وعُرف باسم المايكرويف.

أمسك أحمد قطعة الشيكولاته وأخذ قضمة منها وقال: ” ياااااه! لم أتخيّل قطّ يا جدتي، أن قطعة الشوكولاتة الذائبة هي السبب الرئيسي في اختراع المايكرويف”.

ضحكت الجدة وقالت: “هذا صحيح. العديد من الاختراعات تم اكتشافها من أشياء بسيطة ومن صدف غير متوقعة كما حدث مع سبنسر في قصة اختراع المايكرويف”.

 ثم تابعت حديثها وقالت: “والأهم من ذلك يا أحمد، أن ننتبه لما يحدث حولنا، فلو لم ينتبه سبنسر لقطعة الشوكولاتة ويبحث في الأمر لما وصل إلى الاختراع الذي غيّر حياتنا إلى الأفضل والأسهل”.

رد أحمد بحماس: “وأنا سأنتبه دائمًا لما يحدث يا جدتي، فقد أكتشف شيئًا عظيمًا يومًا ما”.

قالت الجدة: “أنت ذكي يا أحمد وأنا واثقة من ذلك، لأن من يسأل ويستفهم عن الأشياء من حوله سيصبح بالتأكيد شخصًا عظيمًا يومًا ما”.

ومنذ ذلك اليوم، صار أحمد يراقب المايكرويف كلّ مرة، ويتخيل نفسه مخترعًا كبيرًا، يبتكر أجهزة تفيد الناس.

اقرأ أيضًا: كالدي والفاكهة العجيبة: قصة اكتشاف القهوة

نتعلم من قصتنا اليوم كيف يمكن لخطأ صغير أن يحوّل حياتنا للأفضل ويؤدي إلى اكتشاف جديد. لذلك، يا بني العزيز تذكر أن تتعلم من كل أخطائك وتحولها إلى فرص للنجاح. فكم من اختراع كبير بدأ بفكرة صغيرة، وكم من اختراع كان مخترعه يرغب في ابتكار شئٍ ما وفوجئ أنه اخترع شيئًا آخر مختلفًا تمامًا. تذكر دائمًا أنّ كل خطوة في طريقك تساعدك على الوصول إلى هدفك بشرط أن تتعلم من أخطائك وتفكر فيها وتعرف كيف تحول الأشياء السلبية في حياتك إلى أمور إيجابية تمدّ حياتك بالأمل والخبرة الكافية، لتتعلم منها وتتمكن من الوصول إلى هدفك.

قصة قصيرة حول تقبل الآخرين| الثعلب واللقلق

خلقنا الله مختلفين في أشكالنا وصفاتنا، فكلٌّ منا يحمل جماله الخاص بطريقته الفريدة. وفي عالمنا الكبير، قد نصادف من لا يشبهنا، وهذا لا يعني أبدًا أن نسخر أو نتنمّر على غيرنا، بل هي فرصة رائعة لتعلّم كيفية تقبل الآخرين واحترام مشاعرهم.

وفي قصتنا اليوم، تعلّم الثعلب درسًا لا يُنسى، درسًا مهمًا عن أن الاختلاف ليس عيبًا، بل ميزة مهمّة تزهر بها حياتنا. فلنقرأ معًا قصة “الثعلب واللقلق” ونتعلّم منها الاحترام وتقبل اختلافات الآخرين.

قصة الثعلب واللقلق ودرس في تقبل الآخرين

في قديم الزمان، في غابة خضراء مليئة بالأشجار والحيوانات المختلفة، عاش ثعلب ذكي وماكر، وكان الثعلب يشتهر بدهاءه وسخريته من باقي الحيوانات. أما جاره، طائر اللقلق، فكان طيب القلب، ولا يؤذي أحدًا، ويكنّ الاحترام للآخرين ويتقبل اختلاف كل واحد منهم، ويرى أن اختلافهم هو سرّ جمال الغابة، على عكس طبيعة الثعلب المكار.

على الرغم من كونهما جارين لا يفصل بين منزليهما سوى خطوات معدودة، إلا أن الثعلب واللقلق لم تربطهما أيّة صداقة. فقد كان الثعلب يُحب مضايقة اللقلق كثيرًا، ويسخر من منقاره الطويل وشكله المختلف عن باقي الحيوانات. ولم يكتف بذلك فقط، بل ويتفنن في صنع المقالب واختيار كلمات تُضحك بقية الحيوانات على مظهره المختلف. لم يملك اللقلق المسكين سوى الصمت وتجنب السخرية الجارحة.

وفي إحدى الليالي، شعر الثعلب بالملل، فجلس يُفكّر مليًا في طريقة لكسر هذا الملل. وما لبث أن خطرت في ذهنه خطة ماكرة يتسلّى بها على حساب مشاعر اللقلق الطيب. وما إن أشرقت الشمس، حتى توجّه الثعلب مسرعًا إلى منزل جاره اللقلق وقال بإبتسامة ماكرة: “مرحبًا يا جاري، أودّ أن أدعوك لتناول العشاء في بيتي غدًا.”

فرح اللقلق كثيرًا بدعوة الثعلب على العشاء، فهو يُحب مشاركة الأصدقاء على العشاء وقضاء وقت ممتع معهم. ظنّ اللقلق أن الثعلب ربما يريد أن الاعتذار عن تصرفاته السابقة، ولم يكن يدرك نية الثعلب الحقيقية. فابتسم اللقلق وردّ قائلاً: “بالطبع سأحضر في الموعد أيها الثعلب، أتمنى أن نقضي وقتًا ممتعًا سويًا. أشكرك على هذه الدعوة اللطيفة”.

وفي صباح اليوم التالي، شرع الثعلب في تنفيذ خطته الماكرة. فقد قرر أن يُحرج اللقلق، لا أن يعتذر له كما ظنّ. بدأ بترتيب منزله وأعدّ العشاء. جهّز حساءً لذيذًا، ولكنه سكبه في طبقين مسطحين، وهو يتخيل منظر اللقلق المسكين وهو يحاول أن يأكل بمنقاره الطويل دون جدوى.

وصل اللقلق في الموعد المتفق عليه مبتسمًا، وأحضر معه هدية لطيفة ليُقّدمها للثعلب ليشكره على دعوته. دقّ اللقلق جرس الباب، وعندما فتح الثعلب الباب، قال اللقلق: “مساء الخير يا جاري، شكرًا لدعوتي إلى منزلك، وأرجو أن تقبل هذه الهدية مني”.

أجاب الثعلب بخبث: “تفضل يا صديقي، لنجلس ونتناول العشاء ونتسامر سويًا”.

ثم ذهب إلى المطبخ وأحضر الأطباق، وقال مبتسمًا: “تفضل هذا الحساء لقد أعددته خصيصًا لك”.

جلس الاثنان سويًا على طاولة العشاء، وتناول الثعلب الحساء بسرعة وراحة، بينما حاول اللقلق أن يتناول الحساء ولكنه لم يتمكّن من ذلك بسبب منقاره الطويل المدبب، سكت اللقلق ولم يرد أن يُحرج الثعلب وقال: “إنني لا أشعر بالجوع هذه الليلة”.

لم يبال الثعلب بما قاله اللقلق، ورد ساخرًا: ” لم آكل حساء بهذه اللذة منذ زمن، لقد استمتعت كثيرًا بهذه الوجبة المذهلة”.

شعر اللقلق بالاستياء من خدعة الثعلب المكّار، لكنه لم يظهر علامات للغضب أو الحزن، بل بقي هادئًا، وفهم أن الثعلب خطط لهذه المكيدة مسبقًا.

شكر اللقلق الثعلب على وجبة العشاء، وعاد إلى بيته حزينًا ومستاءً مما فعله الثعلب. فكر بهدوء وقال لنفسه: ” أحيانًا لا يفهم الآخرون أننا مختلفون عنهم. وربما يعتقدون أن السخرية على اختلافنا شيء ممتع. سأعلمك درسًا لن تنساه أيها الثعلب”.

وبعد أسبوع من تلك الليلة، تفاجأ الثعلب حين فتح الباب ووجد اللقلق واقفًا أمام منزله. استغرب الثعلب من وجود اللقلق، فهو لم يره منذ ذلك الليلة.

قال اللقلق: “مساء الخير يا صديقي العزيز، أريد دعوتك لتناول وجبة العشاء معي غدًا، هل ترغب بالقدوم؟”.

لم يشك الثعلب في سبب الدعوة، وقال في نفسه:” ربما يودّ أن يرد لي الوجبة التي أعددتها له سابقًا، يالها من طائر ساذج”.

قطع اللقلق تفكير الثعلب، وقال: “ما رأيك يا صديقي؟”.

وأجاب مبتسمًا: “حسنًا، سآتي أيها اللقلق، انتظرني غدًا”.

وفي اليوم التالي، توجّه الثعلب إلى منزل اللقلق فرحًا ومتشوقًا لتناول الوجبة. استقبله اللقلق بابتسامة رقيقة، وقال: “تفضل يا صديقي، أشكرك على تلبية دعوتي، هيا لنتناول العشاء، لقد أعددت لك أشهى الأطباق”.

عندما دخل الثعلب إلى المنزل، اندهش من طاولة الطعام الممتلئة بالأطباق اللذيذة والشهية، وجلس على كرسيه وبدأ ينظر إلى الطعام ويعلو على وجهه ابتسامة كبيرة. ثم استأذنه اللقلق ليحضر الطبق الرئيسي من المطبخ.

عاد اللقلق بعد لحظات حاملاً بين يديه طبقين، وصعق الثعلب ممّا رآه! لقد كان اللقلق يحمل جرّتين طويلتين فيهما سمك مشوي تفوح رائحته الرشهية في الأرجاء. ابتسم اللقلق وقال: “تفضل يا صديقي، لقد أعددت لك السمك الذي تحبه”.

حاول الثعلب التقاط الطعام، لكنه لم يستطع إدخال فمه داخل الجرة، لأنها كانت طويلة وضيقة جدًا على فمه القصير، بينما استمتع اللقلق بتناول السمك بسهولة.

شعر الثعلب بالحزن والإحراج، لأنه لم يتمكن من تناول الطعام الشهي اللذيذ. نظر إلى اللقلق وقال: “أعتقد أنني فهمت الآن ما تريد قوله.”

أنهى اللقلق طعامه وقال بهدوء: “لم أرد أن أؤذيك أو أغضبك في تلك الليلة، رغم أنك آذيت وجرحت مشاعري. ولكني اليوم أردتك أن تعرف ما شعرتُ به أنا في تلك الليلة. وأن تحسّ بما يحسّ به الآخرون عندما يكونون في مكان لا يقبل اختلافهم. أردتك يا صديقي أن تعرف أن اختلافنا لا يعني أن نسخر من بعضنا البعض، بل أن نحترم بعضنا.”

نظر الثعلب إليه بخجل وقال: “كنت أظن أن السخرية ممتعة، ولم أدرك أن ذلك يؤذي مشاعرك ويسبب لك الحزن”. وتابع كلامه قائلاً: “لقد تعلمت الدرس، فهمت أننا يجب أن نحترم اختلاف بعضنا ونتقبل الآخرين كما هم، ونفكر في طريقة تناسب الجميع لنحافظ على صداقتنا”.

اعتذر الثعلب، وعانق اللقلق، وقال:” أعتذر يا صديقي، أتمنى أن تسامحنى على ما فعلته بك، وأود أن تكوني صديقي على الرغم من اختلافتنا الخارجية”.

مدّ اللقلق جناحيه وضم الثعلب إليه، ثم قال مبتسمًا: “بالطبع يا صديقي، اختلافنا لا يُفرقنا، بل يجعل صداقتنا مميزة.”

وفي تلك اللحظة، نهض اللقلق، ودخل إلى المطبخ، وعاد وهو يحمل طبقًا مسطّحًا عليه السمك الذي يحبه الثعلب، وقال: “لقد أعددتُ هذا لك، لتأكله كما تحب.” ضحك الصديقان وتناولا الطعام وتحدثا معًا طوال الليل.

ومنذ ذلك اليوم، أصبح كلّ من الثعلب واللقلق صديقين مقرّبين، وأخذا يمضيان الوقت معًا، ويتحدثان ويتسامران معًا، ويلعبان الألعاب، ويُحضّران الوجبات معًا بطريقة تناسب كليهما.

اقرأ أيضًا: قصة عن الكذب للأطفال: الراعي والذئب

تعلّم الثعلب درسًا مهمًّا في تلك الليلة، وأدرك أهمية تقبل الآخرين، وأدرك أنّ اختلافهم عنه لا يُبرر السخرية منهم والتنمرّ عليهم، بل يجب عليه أن يتقبّل ويحترم اختلافهم، ويفكّر في طريقة تناسب الجميع، ليتمكن من الحفاظ على صداقته معهم. ومنذ ذلك اليوم، قرّر أن يتغير ويصاحب الجميع، مهما كان شكلهم أو صفاتهم.

وأنت يا صغيري، تذكّر دائمًا أن جميعنا مختلفون، لكل منا لونٌ وشكلٌ خاص به، هذا الاختلاف هو السر الذي يضيف جمالاً خاصًا إلى الحياة. تخيّل لو أنّنا جميعًا متشابهون! لن تكون الحياة حينها ممتعة أو مميزة، بل مملّة باهتة! لذلك، تعلّم من قصتنا أن تتقبل الآخرين كما هم، وألاّ تسخر من اختلافاتهم أو تتنمر عليهم. بدلاً من ذلك ساعدهم وكن لهم صديقًا وفيًا. فالأصدقاء الحقيقيون هم من يتقّبلون بعضهم البعض على الرغم من اختلافهم.

اقرأ المزيد من القصص الملهمة.

قصة للأطفال عن توفير المال: سامر والديناصور الأخضر

قد لا يفهم الأطفال أهمية إدارة المال وقد يكون من الصعب عليهم استيعاب مفهوم الادخار وتوفير المال، كما قد يرى بعض الآباء أن هذا الموضوع غير مناسب لصغارهم. لكن الحقيقة أن السنوات الأولى من عمر الطفل هي التي تُشكّل شخصيته وتُكوّن أفكاره، لذا فهي فرصة مثالية لغرس القيم والعادات الجيدة في نفوسهم. ومن أفضل الطرق لتحقيق ذلك هي باستخدام القصص التعليمية، إذ يمكنك تبسيط فكرة التوفير والادخار من خلال شخصيات كرتونية محببة لطفلك، مما يجعله يتفاعل معك بسهولة.

تبدأ أحداث قصتنا مع سامر عندما يلفت انتباهه ديناصور جديد في واجهة محلّ الألعاب، لينطلق في مغامرة شيقة يتعلّم خلالها كيفية جمع وتوفير المال من أجل الحصول على ما يرغب فيه.

قصة للأطفال حول توفير المال: سامر والديناصور الأخضر

في أحد الأيام، بينما كان سامر عائدًا من مدرسته، لفتت انتباهه لعبة جديدة على شكل ديناصورِ في المتجر القريب من منزله. توجَّه مسرعًا نحو المتجر ليُلقي نظرة عن قرب. بدت اللعبة جميلة بلونها الأخضر الزاهي وحجمها الكبير. خفق قلبه من السعادة فهو يُحبّ الألعاب كثيرًا، وخاصةً تلك التي تأتي على شكل ديناصورات. فهو يمتلك مجموعة كبيرة منها، ويسعى دومًا للحصول على المزيد منها بأشكال وأحجام مختلفة.

لم يكن اهتمام سامر بالديناصورات بهدف اللعب فقط، فلطالما حلم بأن يصبح عالم حفريات، ليكتشف ديناصورات أثرية جديدة. وازداد حماسه كثيرًا عندما اكتشف أن هذه اللعبة الجديدة مميزة، ولا تشبه أيًّا من الديناصورات الأخرى في مجموعته، فقرر شرائه على الفور. ولكن سرعان ما شعر بالإحباط وفقد حماسته عندما رأى بطاقة السعر الصغيرة المُثبّتة بجانب اللعبة. كان سعر اللعبة مرتفعًا للغاية. فتح سامر محفظته وعدّ النقود القليلة التي بحوزته، المبلغ لا يكفي لشرائها.

رغم سعرها المرتفع، إلا أن سامر لم يفقد الأمل وعقد العزم على شرائها بجهده الخاص، دون مساعدة من والدته أو والده. فهو يعلم أن والداه يدّخران المال لشراء أثاثٍ جديدٍ للمنزل، ولم يُرد أن يكون عبئًا إضافيًا عليهما بطلباته. مضى سامر عائدًا إلى البيت وهو يُفكّر طول الطريق، كيف يمكّنه الحصول على اللعبة الجديدة؟

فجأة تذّكر أن معلمته في المدرسة قد قرأت لهم قبل أسبوع قصة عن طفل تعلّم كيف يدّخر مصروفه ليشتري ما يحب، فقال في نفسه:” ماذا لو ادّخرتُ مصروفي أنا أيضًا؟ يمكنني أن أبدأ بتوفير المال كما فعل الطفل في القصة”.

توجّه إلى غرفته، وأخرج حصالته ذات الشكل الديناصوري أيضًا، ووضعها على مكتبه. ثم وضع فيها ما تبقي من مصروفه اليومي، وقال: “سأبدأ من اليوم في توفير المال حتى أتمكن من شراء الديناصور الجديد”.

في اليوم التالي، استيقظ سامر مبكرًا، وجهز حقيبته. وطلب من والدته إعداد شطيرتين بدلاً من واحدة ليأخذها معه إلى المدرسة. تفاجأت والدته من طلبه وسألته: “لماذا تريد شطيرة أخرى يا سامر؟”

فأجاب مبتسمًا: “لقد رأيت ديناصورًا جديدًا وأريد أن أدخّر المال لشرائه.”

تفجأت الأم من ابنها الصغير وأُعجبت بتفكيره، لكنها قالت: “يا بني، لديك الكثير من الديناصورات.”

ردّ سامر: “إنه ديناصور جديد لا أملك مثله في مجموعتي!”.

قالت الأم: “حسنًا، سأدعك تشتريه، لكن إذا كنت تريد شيئًا، عليك أن تعمل من أجل الحصول عليه” .

ثم واصلت القول: “ما رأيك أن تساعدني في بعض المهام المنزلية هذا الأسبوع؟ وسأمنحك مالاً إضافيًا مقابل مساعدتك”.

فكّر سامر في كلام والدته لبرهة وأجاب: “أنا موافق يا أمي، مالذي تريدين منّي فعله؟”

أجابته والدته: “يمكنك ترتيب غرفتك، وتنظيف الحديقة، وترتيب الأطباق وجمع الملابس. وكلّما عملت أكثر، كسبت المزيد من المال”.

قال سامر بحماس: “فكرة رائعة! سأبدأ بمساعدتك بعد عودتي من المدرسة”.

ذهب سامر إلى المدرسة وأكل الشطائر التي أعدّتها والدته وصرف نصف مصروفه فقط وادخّر الباقي ليضعه في حصالته. وعندما عاد إلى المنزل، أخرج حصالته ووضع باقي مصروفه بها. ثم بدأ بتنظيف غرفته أولًا، وقام بترتيب سريره، وجمع الألعاب المبعثرة ووضعها في أماكنها المخصصة. ثم انتقل إلى المطبخ وساعد والدته في تحضير الطعام. وفي المساء، خرج إلى حديقة المنزل وساعد والده في ريّ النباتات واقتلاع الأعشاب الضارّة.  

مع نهاية اليوم، كان سامر قد أتمّ المهام التي طلبتها منه والدته، وفرحت هي كثيرًا بإصرار ابنها والتزامه لتحقيق هدفه وقالت بفخر: “أحسنت يا بني، لقد عملت اليوم بجد. إذا واصلت على هذا النحو، فستتمكّن من جمع المال اللازم لشراء اللعبة التي تحلم بها.”

بعد مرور الأسبوع الأول، لاحظ سامر المال يتضاعف في حصالته الصغيرة. في البداية كان لديه 3 جنيهات فقط، ولكن الآن أصبح يمتلك أكثر من 50 جنيهًا. بالرغم من أن المبلغ لم يكن يكفي، إلا أنه شعر بالفخر بإنجازه الصغير وقدرته على توفير المال. وفي بعض الأيام، كان يجد صعوبة في مقاومة شراء الحلوى، وخاصةً عندما يرى أصدقاءه يشترونها بكثرة، لكنه كان يذكّر نفسه دائمًا بالديناصور، ويقول لنفسه: “أنا أستطيع فعلها”.

ومع مرور الوقت، أصبح سامر يقاوم رغبته في شراء الحلوى أو الألعاب الأخرى. وفي كل مرّة يدّخر مصروفه أو يكسب المال من مساعدته لوالديه، يهرع إلى حصالته ليضع فيها النقود ويجري العمليات الحسابية ليعرف مقدار المال الذي ادخره. أُعجب الوالدان بإصرار سامر وشجّعاه على الاستمرار.

وفي إحدى الأيام، كان الأب يغسل سيارته، فأسرع سامر إليه وعرض عليه مساعدته في غسلها مقابل النقود. وافق الأب، وبدأ الاثنان تنظيفها وغسلها معًا. قضى سامر وقتًا لطيفًا مع والده، وفي النهاية، أعطى الأب النقود لابنه مقابل عمله الشاق. فهرع إلى حصالته ووضع ما جناه فيها.

مرّت الأيام وسامر يقترب من تحقيق هدفه أكثر فأكثر. وفي أحد الأيام، وبعد أن أضاف مكافأته الأخيرة إلى الحصالة، وأجرى العمليات الحسابية، اكتشف أنه قد جمع المبلغ المطلوب. فتح حصالته بعناية، وعدّ النقود، فوجد أن المبلغ أكثر من المبلغ المكتوب في الورقة. عدّ النقود مرة أخرى، وتساءل: “هل أخطأتُ في الحساب؟ إن النقود التي بداخل حصالتي أكبر بكثير من المبلغ المدوّن في دفتري!”.

وبينما يعيد العدّ، سقطت ورقة صغيرة مطوية. فتحها وقرأ ما كُتب بداخلها: “نحن فخوران بك يا سامر. لقد قررت أنا ووالدتك إضافة القليل لمساعدتك لأنك اجتهدت وتعلّمت قيمة الادّخار وتوفير المال”.

لم يتمالك نفسه من الفرح، وركض نحو والديه ليُعانقهما، ثم قال الأب: “هيا بنا يا سامر إلى المتجر لنشتري اللعبة الجديدة”.

توجه سامر برفقة والده إلى المتجر وكان يحمل النقود في محفظته. وعندما رأى اللعبة لا تزال في مكانها، غمرته السعادة. توجّه سامر نحو الديناصور وقال للبائع: “أريد شراء هذا الديناصور”.

قال البائع: “هل لديك المال يا بني؟”

أخرج سامر النقود ودفعها للبائع وأخذ الديناصور. عندما أمسك الديناصور بين يديه، شعر بسعادة ليس لها مثيل، فقد كانت أول لعبة يحصل عليها من ماله الخاص.

قال سامر: “لقد اشتريت الديناصور أخيرًا، لقد استغرق الأمر وقتًا ولكنه كان يستحق العناء!”.

أعطى الأب لابنه بعض الحلوى وقال: “أحسنت يا سامر، أنا فخور بك حقًا، وهذه الحلوى مكافأة لك على اجتهادك وصبرك”.

وفي اليوم التالي، بينما كان يلعب بديناصوره، نظر سامر إلى حصالته وقال: “سأستمر في توفير المال لأحقق المزيد من الأحلام”. ومنذ ذلك الحين، أصبح سامر يدّخر مصروفه. وتعلّم أن توفير المال والصبر يمكنهما مساعدته على الوصول إلى هدفه. كما تعلّم أن الحياة تحتاج إلى التخطيط الجيد.

اقرأ أيضًا: قصة عن الكذب للأطفال: الراعي والذئب

قصة جميلة تعلّم الأطفال درسًا مفيدًا ومهمًا هو: أن توفير المال والعمل الجاد هما المفتاح لتحقيق الأحلام. يمكنك استخدام القصة لتعليم أطفالك أهمية الادّخار. إذا لم يكن الديناصور هو ما يحبه طفلك، يمكنه ببساطة تغيير الشخصية أو الشيء الذي يريد شرائه إلى أي شيء آخر يحبّه.

اقرأ أيضًا: 4 من أسرار النجاح لتحقيق أهدافك.

قصة عن الكذب للأطفال: الراعي والذئب

من يكذب مرّة لا يصدقه الناس حتى عندما يقول الحقيقة، تعلّمنا هذه المقولة منذ صغرنا، فهي تبيّن لنا أهمية الصدق في حياتنا، وتحذرنا من الكذب الذي قد يؤثر سلبًا على حياتنا وأصدقائنا.

قصتنا اليوم تتحدث عن عاقبة الكذب، وتحكي عن راعٍ صغير في قديم الزمان، كان يرعى غنمه بين التلال الخضراء، ولكنه في أحد الأيام قرّر أن يكذب على أهل قريته، فماذا حدث له وكيف تصرّف أهل القرية معه؟ لنكتشف معًا في هذه القصة الممتعة.

قصة عن الكذب للأطفال: الراعي والذئب

في قديم الزمان، كانت هناك قرية صغيرة تحيط بها التلال والغابات والسهول الخضراء الجميلة. كان يعيش في القرية فتى صغير يدعى آدم.

كان أهل القرية يتخذون من تربية الأغنام مهنة لهم، فيستفيدون من صوفها ولحومها، لكنهم كانوا يعانون من شرّ يقبع في أعماق الغابة. إنّه الذئب الشرير!

لقد كان ذئبًا ضخمًا مخيفًا، اعتاد على مهاجمة أغنام القرويين وافتراسها، وكان الرعاة يخشونه كثيرًا، بل إنّه هاجم بعض الأغنام في الماضي، لكن القرويين كانوا دائمًا ينجحون في إبعاده على الفور. وذات يوم، وكّل أهل القرية إلى آدم مسؤولية حراسة أغنام القرية على تلة صغيرة قريبة من الغابة.

في الصباح، أخذ آدم قطيع الأغنام وذهب إلى التلّة القريبة من القرية، والتي كانت مشهورة بالعشب الأخضر اليانع الذي تحبّه الاغنام كثيرًا. وعندما وصل إلى التلّة ترك الأغنام ترعى، وجلس هو إلى صخرة كبيرة يراقبها ويتأملها.

لقد كان عمل آدم يقتضي حراسة الأغنام وحمايتها من الذئب الشرير إن ظهر، ومنعها من التفرّق أو الابتعاد والذهاب إلى أعماق الغابة. لكنه لم يكن سعيدًا بهذا العمل، كان يشعر بالملل الشديد، فلا يوجد أحد يلعب معه، ولا شيء يُثير حماسه، ولم يكن هناك شيء يفعله سوى مراقبة الأغنام وهي تأكل.

استمرّ الحال على هذا المنوال لعدّة أيام، كان يذهب كلّ يوم صباحًا إلى العمل ويتكئ على الصخرة الكبيرة لساعات طويلة، أحيانًا ينام، وأحيانًا ينظر إلى الغيوم ويتمنى لو يجد شيئًا يُكسر هذا الملل.

وذات مساء، بينما كان عائداً إلى القرية، سمع أحد المزارعين يتحدّث عن هجوم جديد للذئب على قطيع أغنام أحد الرعاة.

وفي صباح اليوم التالي، استيقظ آدم وذهب إلى العمل كالعادة، وعندما جلس إلى الصخرة، شعر بالملل الشديد، فتذكر كلام أهل القرية عن الذئب.

وخطرت له فكرة، قال في نفسه: “ماذا لو خدعت أهل القرية لأمرح قليلاً؟ سأصرخ أنّ الذئب جاء ليأكل أغنامي، سيركض الجميع لإنقاذي، سيكون الأمر مسليًا جدًا”.

ركض الصبي من مكانه نحو حافة التل، ثم فجأة صرخ بصوت عالٍ: “النجدة! النجدة! الذئب! الذئب يأكل أغنامي، ساعدوني!”

سمع أهل القرية في الحقول المجاورة صراخه العالي، فهرعوا بسرعة حاملين العصي والحجارة لمساعدته، وركضوا بأقصى ما لديهم من قوة لحمايته هو وقطيعه.

وبينما كانوا يقتربون منه، رأوه يضحك بصوت عالٍ، لأنه لم يكن هناك ذئب أصلاً. استمتع الصبي برؤية ملامح وجوه المزارعين.

قال لهم: “لقد كنت أمزح معكم! أردت أن أرى ماذا ستفعلون! ياله من موقف مضحك وممتع.”

غضب أهل القرية من سخرية الصبي. قال له أحد المزارعين: “الكذب خلقٌ سيّء يا آدم. لقد وثقنا بك وأسرعنا لحمايتك، وإن خدعتنا اليوم، من سيصدقك غدًا؟”

لكنه لم يهتم بكلامهم، بل وجد الأمر مسليًا، وقرّر إعادة هذه المزحة مرة أخرى. عاد آدم في اليوم التالي إلى التلال، وعندما شعر بالملل.

صرخ مجددًا: “الذئب! لقد جاء الذئب! ساعدوني، إنه يأكل أغنامي، أرجوكم ساعدوني، لا تدعوه يأكل أغنامي”.

وكما كان الحال في المرّة الأولى، ركض أهل القرية بأقصى سرعة لمساعدته، إلاّ أنهم وعندما وصلوا إليه اكتشفوا أنّه لا وجود لأيّ ذئب ولا أيّ خطر، وكانت الأغنام تأكل بهدوء.

ضحك آدم، وقال لهم: “لقد خدعتكم مرة أخرى، يا إلهي هذا مسلٍّ للغاية”.

انزعج المزارعون من تصرّف آدم، لكنهم عادوا إلى أعمالهم دون أن يقولوا شيئًا. استمر الصبي بخدعه لأيام، وكان ينفجر ضاحكًا عندما يرى سرعة استجابة المزارعين لمساعدته.

فقال له أحد الفلاحين غاضبًا: “هذه المرة الأخيرة يا آدم! لن نصدقك بعد اليوم، ولن نأتي أبدًا إذا صرخت طلبًا للمساعدة”.

ضحك آدم مجددًا، وقال في نفسه: “يالهم من مملين، لا أحد هنا يعرف كيف يمرح”.

بعد بضعة أيام، وفي صباح مشمس هادئ، بينما كان آدم يجلس على صخرته كالعادة يراقب الأغنام وهي تتجول على سفح التلّة، لاحظ حركةً في الشجيرات القريبة، ثم تناهى إليه صوت غريبٌ لم يسمعه من قبل.

خفق قلب آدم وتزايدت سرعة نبضاته. تساءل في نفسه: “ما هذا الصوت؟ هل هي الرياح؟”

لكن لا، لم تكن الرياح، بل كان هناك شيء ما يتحرك بخفة. حدّق نحو مصدر الصوت. وفجأة، رأى ذئبًا! تجمّد في مكانه، واتسعت عيناه رعبًا. قال: “لا يمكن أن يكون حقيقيًا! ماذا أفعل الآن؟!”

فجأة، انطلق الذئب وقفز باتجاه الأغنام. فزع آدم وبدأ يصرخ بأعلى صوته: “ذئب! ذئب! إنه حقيقي هذه المرة! النجدة! ساعدوني! أنا لا أكذب، ساعدوني!”

صرخ مرارًا وتكرارًا، لكن لم يأتِ أحد، ولم يركض أحد لمساعدته. كان المزارعون يسمعون صراخه، لكنهم ظنّوا أنه يمازحهم مرة أخرى. ابتسموا لبعضهم، وقال أحدهم: “هل يظن أننا سنُخدَع بهذه المزحة مرة أخرى؟”

واصل المزارعون عملهم في الحقل، غير مكترثين بصراخ الصبي المتكرر. وفي لحظات، هجم الذئب على القطيع وشتت الأغنام في كل اتجاه. حاول آدم إبعاده، لكنه لم يكن قويًا بما يكفي ليواجهه. جلس على الأرض يبكي بحرقة، ليس فقط لأنه خسر أغنامه، بل لأنه عرف الآن أن الكذب قد دمّر ثقة الناس به.

قال وهو يبكي: “أنا السبب، لقد ظننتها لعبة. لم أعتقد أنّ الأمر سيكون حقيقيًا يومًا ما.”

مع غروب الشمس، جمع المزارعون أدواتهم وانتظروا عودة الراعي. كان ينزل دائمًا مع الأغنام في وقت الغروب ويعود إلى منزله مع المزارعين. لكنّه لم يأتِ اليوم، قلق المزارعون عليه؛ كانوا أناسًا طيبين للغاية، فقرروا الصعود إلى التلة لإحضاره هو وأغنامه رغم تصرفاته المشاكسة.

عندما صعدوا، فوجئوا به حزينًا، وملابسه ممزقة، ودموعه لا تتوقف.

قال أحدهم: “يا بُني، ماذا حدث؟ لماذا تبكي؟”

أجاب الصبي باكياً: “لقد هجم الذئب على الأغنام. ناديتكم جميعاً، ولم يأتِ أحد لمساعدتي”.

شعر المزارعون بالأسف عليه، فقال أحد المزارعين: “لقد خدعتنا عدة مرات، ظننا أنك تحاول خداعنا مرة أخرى، لهذا السبب لم يأتِ أحد لمساعدتك”.

اقترب منه حكيم القرية العجوز، ووضع يده على كتفه، وقال بلطف: “يا بني، لقد حذرناك من الكذب، ولكنك لم تستمع إلينا، الآن، تعلمت الدرس، حينما يعتاد الناس منك الكذب، لن يصدقوك أبدًا حتى وإن كنت تقول الحقيقة”.

منذ ذلك اليوم، تعلّم الصبي درسًا لا يُنسى، من يكذب مرة لن يصدقه الناس مرة أخرى.

أصبح الصبي أكثر صدقًا، ولم يكذب بعدها أبدًا. واستعاد ثقة أهل القرية بمرور الوقت، بعد أن رأوا تغيّره وندمه الحقيقي.

اقرأ أيضًا: قصة حورية البحر ومغامراتها في عالم البشر

ماذا نتعلم من قصة عن الكذب للاطفال

نتعلم من قصة الراعي الكذّاب درسًا مهمًا عن أهمية الصدق، وهو أن من يعتاد على الكذب لن يصدّقه الآخرون أبدًا، حتى وإن كان يقول الحقيقة. كيف يمكن لكذبة صغيرة أن تتحوّل إلى مشكلة حقيقية، وذلك من خلال مغامرة الراعي الصغير الذي ظنّ أن الكذب مجرد لعبة ممتعة، ولكن عندما احتاج إلى المساعدة، لم يصدّقه أهل قريته.

لذلك، يجب أن نتحلى بالصدق دائمًا، حتى نحافظ على محبة الآخرين ونكسب احترامهم.

اقرأ أيضًا: 4 حكايات عالمية ممتعة تغرس القيم والأخلاق في نفوس أطفالك

كانت هذه قصة عن الكذب للأطفال تشجّعهم على قول الحقيقة بطريقة ممتعة، من خلال استخدام الشخصيات الكرتونية، كما تُظهر أن الكذب حتى وإن كان بسيطًا، فقد يؤدي إلى خسائر كبيرة.

اقرأ المزيد من القصص القصيرة المفيدة.

قصص من أعماق البحار: حورية البحر الصغيرة

قصة حورية البحر (The Little Mermaid) هي واحدة من أشهر القصص الخيالية في الأدب العالمي، كتبت القصة بواسطة المؤلف العالمي هانس كريستيان أندرسن في عام 1837. يبحر بنا هانس في أعماق البحر، حيث تعيش الأسماك والكائنات البحرية وحوريات البحر ذات الجمال الحسن. ومن هنا نتعرف على قصة آريل حورية البحر التي كانت تحب عالم البشر وتحلم بأن تزور اليابسة، ولكن والدها كان يخاف عليها ويمنعها من الصعود إلى السطح.

هل ستتمكن آريل من تحقيق حلمها ورؤية عالم البشر؟ ما الذي ستقابله وستكتشفه في هذه المغامرة الشيقة. لنقرأ القصة معًا.

أحداث قصة حورية البحر

في أعماق البحر، حيث المياه الصافية الزرقاء والأسماك المتنوعة، كان هناك ملك يحكم عالم البحار. وكانت قلعته تقع في أعمق نقطة في البحر. وكانت مصنوعة من المرجان الأزرق، تعلوها أصداف تفتح وتغلق عند مرور الماء من خلالها.

كان ملك البحر يعيش هناك مع والدته وبناته الأربع، وكانت أصغر الأميرات تُدعى آريل. كانت آريل حورية بحر لطيفة وجميلة، لها شعر طويل وصوت عذب يأسر القلوب. كانت آريل مميزة عن باقي الحوريات، لم تكن تحب الغناء والسباحة فقط، بل كانت تحلم بعالم البشر. وكانت تقضي معظم وقتها تسبح قرب السفن الغارقة في قاع البحر، تجمع الكنوز التي تسقط منها وتملأ ذراعيها بالمجوهرات، ثم ترتبها في مجموعات في كهفها وهي تغني بصوتها الجميل.

كان والدها قد وضع قانونًا يمنع حوريات البحر من الصعود إلى سطح البحر قبل بلوغهن سن الخامسة عشرة. وكانت آريل تحب الاستماع إلى قصص أخواتها عن حياة البشر، عن السفن والغابات والشمس الساطعة فوق سطح البحر، وكانت تتوق لرؤية كل ذلك بنفسها.

وعندما طلبت من والدها في أحد الأيام أن يسمح لها بالذهاب إلى سطح البحر، رفض بشدة، وحذرها من الصعود إلى سطح قبل بلوغ السن المسموح به.

حزنت آريل كثيرًا من رفض والدها، وكانت جدتها تخفف عنها بأن بحكايات عن الحياة على اليابسة، والمدن، وكل ما تعرفه عن البشر.

وأخيرًا، جاء اليوم المنتظر، اليوم الذي بلغت فيه حورية البحر آريل الخامسة عشرة. الآن، بات بإمكانها الصعود إلى السطح لترى العالم الذي طالما حلمت به.

عندما صعدت للسطح، رأت سفينة ضخمة تبحر فوق المياه، وكان البحارة يرقصون ويضحكون. وأثناء سباحتها حول السفينة، رأت أميرًا وسيمًا يقف عند الحافة يضحك ويعزف الموسيقى. اقتربت منه، وأخذت تراقبه بدهشة وإعجاب.

فجأة، هبت عاصفة قوية وارتفعت الأمواج وبدأت السفينة تتأرجح. بدأ البحارة ينزلون الأشرعة، كانت آريل تراقب الموقف بخوف من بعيد، وفجأة سمعت صرخة.

صاح أحد البحارة: ” لقد سقط الأمير إريك”.

من دون تردد، غاصت آريل بسرعة وأمسكت بالأمير من قميصه، فهي تعرف أن البشر لا يستطيعون التنفس تحت الماء، وسحبته إلى السطح. بقيا يطفوان معًا فوق الأمواج. بحلول صباح اليوم التالي، كانت العاصفة قد هدأت، سبحت آريل الأمير بصعوبة إلى الشاطئ، ثم جلست بجانبه تغني له أغنية حزينة. وفجأة، بدأ الأمير يتحرك.

سألت آريل بقلق: “أوه! هل أنت بخير؟”

لكن قبل أن يراها الأمير، رأت أريل أناسًا يقتربون، فأسرعت عائدة إلى البحر، واختبأت خلف صخرة كبيرة، تراقب الأمير.

سبحت آريل إلى أعماق البحر، وكانت حزينة، لأن الأمير لن يعرف أبدًا أنها من أنقذته. لم تستطع التوقف عن التفكير فيه، وكانت تحلم أن تكون معه. لكن كيف يحدث ذلك؟ هي تعرف أنها لا تستطيع الاجتماع معه في عالم واحد.

وعندما عادت إلى منزلها، أراد إخوتها معرفة كل شيء عن رحلتها، لكنها كانت حزينة جدًا لدرجة أنها لم تكن قادرة على قول أي شيء. ومرت الأيام والأسابيع، وظلت آريل حزينة تفكر في الأمير. قلقت أخواتها، وذهبن إلى جدتهن طلبًا للمساعدة.

أسرعت الجدة إلى آريل وسألتها: “ما الأمر يا صغيرتي؟”

قصّت حورية البحر عن مغامراتِها وإنقاذِها للأمير إريك، ثم قالت: “جدتي، أُريد أن أراه مرة أخرى، أريد أن تكون لي قدمان، لأصعد إلى اليابسة وأقابله ثانية.”

قالت الجدة: “يا صغيرتي، أنتِ تعلمين أن حوريات البحر لا يمتلكن قدمين. ساحرة البحر هي الوحيدة القادرة على ذلك، لكن الذهاب إليها خطير للغاية.”

رغم تحذير جدتها، إلا ان آريل أسرعت إلى ساحرة البحر وقصّت عليها قصتها وأخبرتها بأمنيتها.

قالت الساحرة: ” هذه ليست مشكلة. كل ما عليك فعله هو شرب هذا الشراب وستحصلين على ساقين.”  

ثم تابعت الحديث: “ولكنني الأمر ليس مجانيًا، كما تعلمين”.

سألت حورية البحر الصغيرة، “حسنًا، ما هو ثمن الجرعة؟”

ردت الساحرة: “أوه، ليس كثيرًا. عليكِ التخلي عن صوتكِ من أجل الحصول على الجرعة.”

صُدمت آريل، وقالت: “صوتي؟”

قالت ساحرة البحر: “نعم، ولكن لا داعي لذلك، إذا كنت لا تريدين.” ترددت آريل، ولكنها في النهاية وافقت على شرط الساحرة.

تابعت الساحرة الحديث:” وهناك شرط أخر، يجب أن يتزوجك الأمير لتستعيدي صوتك، فإذا تزوج بأخرى حينها سيبقى صوتكِ معي للأبد. ولكن من يدري؟ قد يختارك الأمير.”

بالرغم من صعوبة الاختيار، إلا أن آريل وافقت على شرط الساحرة. وشربت حورية البحر الجرعة بسرعة. شعرت بألم شديد ودوار خفيف، ثم فقدت وعيها.

عندما استيقظت، وجدت نفسها على نفس الشاطئ الذي أنقذت فيه الأمير، وكان لها ساقان كالبشر. فرحت آريل وأدركت أنها ستتمكن من مقابلة الأمير.

في البداية، لم تستطع آريل الوقوف أو استخدام ساقيها الجديدتين، وظلّت تحاول الوقوف. عندها رآها الأمير، أسرع لمساعدتها.

سألها الأمير إريك: “هل أنتِ بخير؟”

حاولت حورية البحر آريل الإجابة، لكن دون جدوى.

سألها: “هل يمكنكِ التحدث؟”

هزّت رأسها نفيًا.

قال: “أوه! اسمحي لي أن آخذكِ إلى القلعة حتى تتمكني من تغيير ملابسكِ.”

كانت حورية البحر في غاية السعادة وهي ترى الأمير يمشي بجانبها. كانت تمشي على قدميها بصعوبة، لكنها سرعان ما تعلمت وأتقنت الأمر.

قضت أريل أيامها مع الأمير إريك، يتمشيان في الحدائق ويضحكان معًا. كان الأمير معجبًا بها، ولكنه كان يأمل بشدة في مقابلة الفتاة ذات الصوت الجميل التي أنقذته. كانت آريل تحاول أن توضح له أنها هي من أنقذته بمساعدة أصدقائها الطيور والكائنات البحرية، ولكن في كل مرة لم يتمكن الأمير من فهمها.

لم يكن يعلم أن الفتاة التي يبحث عنها هي نفسها التي بجانبه، لأنه لم يرَ وجهها بسبب العاصفة.

في أحد الأيام، استدعى الملك ابنه الأمير، وقال له: “يا بني، لقد اتفقنا أنا وأمك على تزويجك، وقد اخترنا لك عروسًا، وستأتي مع والديها الليلة، وسنتحدث عن خطط الزفاف.”

أُصيب الأمير بالذعر، لأنه يريد الزواج من الفتاة ذات الصوت الجميل. أما حورية البحر، فشعرت بالخوف، لأنها تعلم ما سيحدث لها عندما يتزوج الأمير من أخرى.

في الليل، جاءت الأميرة، وكانت مغرورة لا تفكر إلا في نفسها. وعندما تحدتث مع الامير كان صوتها يشبه صوت آريل. صُدم الأمير، ولم يصدق أنه وجد أخيرًا الفتاة التي يبحث عنها.

تعجبت آريل: كيف لهذه الأميرة أن تمتلك صوتها؟ ولم تكن تعلم أن ساحرة البحر الشريرة قد وضعت صوتها في هذه الأميرة.

في صباح اليوم التالي، ذهبت حورية البحر الصغيرة إلى الشاطئ، وأخبرت أخواتها بما حدث، وأن الأمير سيتزوج غدًا.

قلقت الأخوات، لكنهن أخبرنها ألا تقلق وأن تعود إلى القلعة. وعندما عادت الأميرات الثلاث إلى المنزل، فوجئن بوالدهن في انتظارهِن، وقد كان غاضبًا للغاية.

نظر إليهن بحدة، وسأل: “أين أختكن الصغيرة؟” تبادلن النظرات، ثم أخبرنه القصة كاملة، دون إخفاء شيء.

وأخيرًا، جاء يوم الزفاف. صعدت حورية البحر الصغيرة إلى سفينة الزفاف مع الضيوف الآخرين. أما ملك البحر، فقد هرع إلى رؤية ساحرة البحر، وسألها عن كيفية إنقاذ ابنته.

قالت: “هناك طريقة واحدة لإنقاذها من مصيرها، وهي أن تسلّمني الصولجان.”

كانت الساحرة تريد الصولجان لتتمكن من السيطرة على حكم مملكة عالم البحار. لم يكن أمام ملك البحر خيار آخر لإنقاذ ابنته، فسلمها الصولجان.

أخذت ساحرة البحر الصولجان وهرعت إلى سفينة الزفاف، وقد أصبحت وحشًا بحريًا ضخمًا. كانت مخالبها تتلوى كالأخطبوط. بدأ ضيوف السفينة يركضون خوفًا.

فكرت حورية البحر الصغيرة كيف تحمي الأمير حب حياتها، فأمسكت السكين. في تلك اللحظة، امتدت إحدى مجسات ساحرة البحر ورفعت حورية البحر الصغيرة عن السفينة.

صاحت الساحرة: “هذه نهايتك، سأقضي عليك الآن”

لكن الحورية الصغيرة، استخدمت السكين وغرستها في صدر الوحش.

ترنّحت ساحرة البحر من الألم، ثم سقطت في الماء. وبينما كانت تسقط، عاد صوت حورية البحر الصغيرة لها.

صاحت الأميرة التي كان سيتزوجها الأمير، بصوتٍ أجشّ: “يا لها من مملكةٍ بائسة! ما هذه الفوضى!”

وعندما سمع الأمير صوتها الحقيقي، أدرك أنها ليست كما ظن. ثم بدأت الحورية الصغيرة بالغناء. وعندما سمع الأمير صوتها، أدرك أنها هي من أنقذته.

قال: “كنت أبحث عنك، أنتِ منقذتي الحقيقية.”

فرحا فرحًا شديدًا، وسألها الأمير: “هل تتزوجينني؟”

شعرت الحورية الصغيرة وكأن المحيط كله يحتفل معها. وظهرت عائلتها من بين الأمواج، مبتهجين بسعادتها.

تزوج الأمير والحورية الصغيرة في حفلٍ جميل على متن السفينة. منذ ذلك اليوم، عاشت الحورية الصغيرة حياةً مليئةً بالحب. ووجدت طريقة للبقاء على اتصال بعائلتها في البحر، إذ بنت جسرًا بين الأرض والمحيط، مما سمح للعالمين بالعيش في وئام.

اقرأ أيضًا: قصص أميرات للبنات: قصة سندريلا

وفي النهاية، نتعلم من آريل الشجاعة والأمل والحب الحقيقي الذي يمنح لحياتنا معنى وقيمة تجعلنا نعيش كل يوم بأمل جديد، وأهمية التسامح والتفاهم بينا وبين الآخرين. حققت آريل حلمها وتمكنت من العيش كما تريد، لذلك لا تتردد في السعي وتحقيق حلمك في حياتك.

اقرأ الآن: قصة قصيرة ملهمة: نجمة البحر

قصة قصيرة للأطفال عن أهمية إدارة الوقت

تُعد إدارة الوقت من أهم مهارات الحياة التي ينبغي أن يتعلّمها الطفل منذ صغره، فهي تساعده على ترتيب يومه، وإنجاز واجباته، والموزانة بين المهام الضرورية ورغباته. عندما يتعلّم الطفل هذه المهارة، يصبح أكثر تركيزًا ونجاحًا، ممّا يزيد من ثقته بنفسه.

ونُقدّم لكم اليوم قصة قصيرة ممتعة عن الطفل سليم، ولد ذكي ومحبوب، ولكنه يجد صعوبة في تنظيم وقته. وذات يوم، يحدث شيء عجيب يُغير حياته ويعلمه درسًا مهمًا.

قصة سليم وإدارة الوقت

في منزل تحيطُه حديقة خضراء مليئة بالزهور، عاش سليم مع والديه وأخيه. كان سليم فتى طيب القلب ومرحًا، ويحبه كل من يعرفه في المدينة، لكن كانت هناك مشكلة صغيرة تُزعج والديه، وهي عدم تنظيم وقته أبدًا، كان يؤجّل دروسه وواجباته، ويستيقظ متأخرًا، ويُضيّع اليوم بالكامل في اللعب ومشاهدة التلفاز، وتمرّ ساعات يومه دون أن يشعر بها.

لم تُعجب تصرفات سليم والده، وكان يقول له دائمًا: ” يا بُني، الوقت كنزٌ ثمين، إذا فرّطتَ فيه، فلن يعود أبدًا. عليك أن تتعلّم كيفية إدارة الوقت بحكمة”.

لكن سليمًا كان يضحك ببراءة ويقول: “لا تقلق يا أبي، اليوم طويل، سأفعل كل شيء لاحقًا”.

وفي أحد الأيام، بينما كان سليم يلعبُ في الحديقة، سمع صوتًا غريبًا ينبعث من خلف إحدى الأشجار. اقترب بحذر ليرى مصدر الصوت، فإذا به يجد ساعة ذهبية قديمة. كانت الساعة تلمعُ بقوّة عندما تنعكس أشعة الشمس عليها، حتّى بدت هي نفسها كقطعة من الشمس!  

لكن هذا ليس كلّ شيء، فهذه الساعة الذهبية كانت مختلفة عن أي ساعة رآها سليم من قبل، تتحرّك عقاربها ببطء شديد وفي اتجاه معاكس لحركة الساعة العادية. وكلما اقترب سليم منها أكثر كانت تزداد لمعانًا وتوهّجًا.

لم يستطع سليم مقاومة فضوله، فاقترب من الساعة الذهبية ومدّ يده وأمسكها ليتفحّصها عن قرب. وفجأة!انبعث من الساعة نور قوي، لفّ كلّ شيء، ولم يستطع سليم رؤية شيءٍ أمامه، لكنّه شعر بأن المكان يدور حوله بسرعة، ثم اختفى كل شيء.

عندما فتح عينيه، وجد نفسه في عالم غريب لم يرَ له مثيلاً من قبل. كان عالمًا سحريًا مليئًا بساعات لا تحصى. تعجّب سليم كثيرًا مما يراه، تسائل: “ما هذا المكان الغريب؟”

فجأة ظهر أمامه رجل عجوز، ابتسم وقال: ” أهلاً بك، في عالم الوقت”.

ازداد تعجّب سليم وقال: “عالم الوقت؟ كيف جئت إلى هنا؟ ماذا أفعل هنا؟”

ابتسم الرجل العجوز مرة أخرى وقال: “لا تخف يا بني، أنت هنا لتتعلم أهمية الوقت. لقد أرسلت لك هذه الساعة التي تحملها بيدك لتساعدك على إدارة الوقت”.

ثم أشار الرجل بيده إلى الساعات وقال: “انظر جيدًا يا سليم، هذه الساعات تُظهر لك كيف تقضي وقتك في كل يوم”.

شعر سليم بالخجل وقال: “أعلم أنني أضيع وقتي في اللعب، لكنني لا أعرف كيف أبدأ في تنظيمه”.

ضحك الرجل وقال: “لا تقلق! هنا سأعلمك كل شيء. سأعطيك ثلاث مهام، ويجب أن تنجزها لتتعلم قيمة الوقت وكيفية إدارته، وعندها ستتمكن من العودة إلى منزلك”.

وافق سليم بحماس، وبدأت رحلته مع الرجل العجوز ليتعلم فن إدارة الوقت. مشى الرجل الحكيم مع سليم حتى وصلا إلى ساحة كبيرة.

قال الرجل الحكيم: “الآن ستبدأ مهمتك الأولى يا سليم. يجب أن تكون سريعًا ومنظمًا، وتحرص على إنهائها خلال نصف ساعة فقط”. ثم تابع حديثه: “يجب عليك أن ترتب غرفتك وتنهي حلّ واجبك. وتذكر جيدًا، يجب أن تنجز المهمة في الوقت المحدد”.

فجأة، استخدم الرجل العجوز قوته السحرية وصنع مجسمًا مشابهًا لغرفة سليم الحقيقة. دخل سليم الغرفة، وبدأت الساعة تدق معلنة بداية المهمة. ركض سليم بسرعة نحو السرير لترتيبه، ثم بدأ بجمع ألعابه ووضعها في مكانها المخصص، بعد ذلك انتقل إلى مكتبه ليحلّ الواجب. بدأ يقرأ الأسئلة ويجب عنها بدقة وبسرعة. وقبل انتهاء النصف ساعة بثوانٍ قليلة، أنهى سليم المهمة بأكملها.

صفق الحكيم وقال: “رائع! لقد أنهيت المهمة، لم أتوقّع أن تنجح من المحاولة الأولى”.

ابتسم سليم وأجاب: “لم أكن أتخيل أنني سأتمكن من إنجاز كلّ هذه المهام بسرعة”.

بعد انتهاء المهمة الأولى، أخذ الرجل الحكيم سليم إلى غرفة أخرى فيها لوح أبيض كبير وأقلام ملونة.

قال الرجل: ” الآن، ستبدأ مهمتك الثانية. هذه المهمة صعبة وتحتاج إلى التركيز. يجب أن تكتب جدولاً ليومك وتخصص وقتًا لكل شيء تفعله في يومك، مثل: الدراسة والنوم واللعب وحتى مساعدة والدتك”.

بدأ سليم يفكّر، ثم أمسك بالقلم وبدأ في تصميم جدوله اليومي. قسم اليوم إلى أوقات محدّدة، وجعل وقت الدراسة في الصباح، وبعد الغداء خصص وقتًا لحلّ واجباته المدرسية. كما خصص وقتًا للعب مع أصدقائه بعد الانتهاء من واجباته، لكنه جعله أطول قليلًا من باقي الأوقات. وخصّص وقتًا للنوم مبكرًا. ولم ينسَ أيضًا تخصيص وقتٍ لمساعدة والدته.

عندما انتهى من كتابة جدوله اليومي، نظر إليه الحكيم وضحك. ثم قال: “جدولك رائع يا سليم، ولكن ألا ترى أنك خصصت وقتًا أطول من اللازم للعب. ما رأيك لو خصصنا جزءًا صغيرًا من وقت اللعب للقراءة؟، فالقراءة تنير العقل وتحفّز الخيال، ألن يكون ذلك أفضل بكثير؟”.

رد سليم: “حسنًا، أنا موافق، طالما أنه ما زال هناك وقت للعب”.

رد الرجل: “لا تقلق يا بني، إذا اتبعت هذا الجدول، ستجد أن يومك أصبح أسهل، وستتمكن من الاستفادة من كل دقيقة فيه”.

قال سليم: “سأعلّقه في غرفتي وأتبعُّه كل يوم”.

الآن حان موعد المهمة الأخيرة، أخذ الرجل الحكيم سليم إلى ساحة فيها ثلاثة أبواب. وقال له: “كلّ باب من هذه الأبواب الثلاثة يمثل خيارًا ستواجهه في يوم من الأيام. لديك اختيار واحد فقط لتقوم به، لذا يجب أن تختار بعناية”.

كان يسمع خلف الباب الأول أصدقاءه يدعونه إلى لعب كرة القدم. أما الباب الثاني، فكان خلفه قصّة جديدة كان سليم يحلم بقرائتها منذ فترة. وخلف الباب الثالث، كان هناك صوت خافت يذكّره بواجب مدرسي يجب عليه حلّه وتسليمه في الغد.

عندما عرف سليم الخيارات، وقف حائرًا لا يدري ماذا يختار. تردد كثيرًا، وقال: “أنا أحب اللعب كثيرًا، كما أنني متشوق لقراءة القصة الجديدة لكن الواجب مهم أيضًا”.

فكر سليم قليلًا، ثم قال: “سأختار الواجب في البداية. وإذا بقي لدي وقت بعد ذلك، سأقرأ القصة، وبعدها سأخرج لألعب مع أصدقائي وأستمتع بوقتي”.

ابتسم الحكيم وقال بفرح: “أحسنت الاختيار يا سليم! لقد نجحت في المهمة الثالثة”.

ثم تابع حديثه قائلاً: ” الآن، سأشرح لك الهدف من هذه المهام. المهمة الأولى كان هدفها هو تعليمك التركيز وكيفية إنجاز المهام بكفاءة وفي الوقت المحدد. أما المهمة الثانية، فتعلمت كيف تخطط ليومك وتنظم وقتك بشكل جيد، وتخصص وقتًا لكل مهمة تقوم به، حتى لا يضيع يومك سدى. أما المهمة الثالثة، فقد تعلمت أهمية اتخاذ القرارات الصحيحة في الوقت المناسب، وكيف توازن بين مسؤولياتك ورغباتك، وأن تبدأ بالأهم أولاً”.

ثم أضاف الرجل الحكيم: “الآن يا سليم، لقد فهمت أهمية إدارة الوقت وتنظيمه، وكيف تستفيد من كل لحظة في يومك. لقد انتهت رحلتنا في عالم الوقت، وحان الآن وقت العودة إلى منزلك، ولكن لا تنسَ تطبيق كل ما تعلمناه هنا”.

قال سليم: ” شكرًا لك”.

فجأة، بدأت الساعة الذهبية التي عثر عليها سليم في البداية تدق بسرعة، وانبعث منها نورٌ قويّ كما في المرّة الأولى، وما لبث أن وجد نفسه في منزله، والساعة العجيبة ما تزال في يده.

منذ ذلك اليوم، تغيّر سليم. أصبح يستيقظ مبكرًا، ويُنجز واجباته المدرسية في وقتها المحدّد، ويخصص وقتًا للعب مع أصدقائه ووقتًا لمساعدة والديه. فرح والده كثيرًا بتغيره، وأصبح سليم مثالاً يحتذى به لباقي الأطفال في المدينة في إدارة الوقت.

اقرأ أيضًا: قصة قصيرة للأطفال: نانا تريدُ تقديم يد العون!

في نهاية هذه القصة، تعلمنا أن الوقت كنزٌ ثمين لابدّ من الاستفادة منه وإدارته جيدًا، لتحقيق النجاح في حياتنا، وكذلك الوصول إلى أهدافنا. وكما تعلّم سليم، أنّ إدارة الوقت هي سرّ النجاح، يجب أن نتعلّم نحن أيضًا أهمية الوقت، ومعرفة الوقت المناسب للعب والدراسة. فهل أنت مستعدّ يا صديقي لتكون ناجحًا ومنظّمًا مثل سليم؟!

اقرأ المزيد من القصص القصيرة المهلمة.

حكايات عالمية: أشهر القصص من حول العالم

عالم الحكايات عالم واسع لا حدود له، فمنذ قديم الزمان، كان يتمّ تناقل الحكايات والقصص من جيل لآخر. وكانت تتنوّع وتتابين، فيأخذنا بعضها إلى ممالك خيالية، ويغوص بنا البعض الآخر إلى أعماق البحار، تروي بعضها حكايات أبطال شجعان، وتعلّمنا قصص أخرى دروسًا مفيدة على ألسنة حيوانات ناطقة أو مخلوقات أسطورية، وفي كلّ قصّة أو حكاية نستشعر بعضًا من ثقافة البلد الذي أتت منه.

في مقال اليوم، جمعنا لكم قائمة حكايات عالمية من مختلق بقاع الأرض، ستعلّم طفلك دروسًا مهمّة، وتسليّه وتمتّعه في الوقت ذاته. حيث يمكنك قراءة هذه القصص لطفلك قبل النوم، أو كجزء من درس تعليمي تربوي…والأجمل من ذلك أن تحاول تمثيل هذه القصص مع صغيرك لإضافة لمسة من المرح والمتعة لوقت القراءة!

حكايات عالمية من اليونان: قصة الأسد والفأر

قصة الأسد والفأر هي واحدة من أشهر الحكايات العالمية. تمّ تأليفها بواسطة إيسوب، وهو راوي قصص يوناني. حيث كتب هذا الأخير مجموعة من القصص تحت اسم “حكايات إيسوب”. تضمّ حكايات إيسوب العديد من العبر والدروس المفيدة والقيّمة للأطفال. ولعلّ هذا هو سبب انتشارها في كافة أنحاء العالم.

أحداث القصة

تحكي القصّة عن لقاء الأسد ملك الغابة القويّ والشجاع بفأر صغير. حيث كان الأسد يأخذ قيلولته اليومية عندما استيقظ فجأة على صوت فأر صغير يلعب بقربه ويُحدث ضجيجًا أزعجه وحرمه الاستمتاع بغفوته.

ولأن الأسد هو ملك الغابة ومن أقوى حيواناتها، فقد أغضبه تصرّف الفأر، الذي لم يحترم مكانته، وقرّر أن يأكله. لكن الفأر الصغير توسّل للأسد أن يعفو عنه ويغفر له خطأه، ووعده بأنه سيردّ له الجميل يومًا ما وينقذه إن وقع في مأزق.

سخر الأسد من الفأر، ومن ثقته العجيبة بنفسه، وتساءل، كيف يمكن لكائن صغير مثله أن يساعده هو؟ الأسد العظيم الذي تخشاه جميع حيوانات الغابة؟!

ومع ذلك، فقد صفح الأسد عن الفأر، وقرّر مسامحته شرط ألاّ يكرّر فعلته تلك مرّة أخرى.

وهكذا تمرّ الأيام والشهور، ويحدث أن يقع الأسد في أحد الأيام في مأزق عظيم. فهل سيتمكّن الفأر حقًا من ردّ الجميل إليه؟ والوفاء بوعده للأسد؟

يمكنكم قراءة قصّة الأسد والفأر كاملة على موقع حدّوتة!

العبرة من القصة:

لا يُقاس الشخص بحجمه، فلا تستخف أبدًا بمن هو أصغر منك. ولطفك لن يضيع وسيعود إليك بطريقة أخرى.

اقرأ أيضًا: كالدي والفاكهة العجيبة: قصة اكتشاف القهوة

حكايات عالمية من الدنمارك: فرخ البطة القبيح

قصة البطة القبيحة هي قصة من تأليف الكاتب الدنماركي الشهير هانز كريستيان أندرسن، وتُعد واحدة من القصص العالمية الشهيرة التي لا يغفل عنها أحد حيث أصبحت واحدة من أشهر الحكايات العالمية التي تُروى للأطفال في كلّ بقاع الأرض، لما تحمله من قيم سامية ودروس مفيدة.

أحداث القصة

في مزرعة صغيرة، كانت البطة الأم تنتظر أن يفقس بيضها. كانت ترقد على البيض وتدفئه حتى يخرج منه صغارها.
بدأ البيض يفقس واحدًا تلو الآخر، وكان يخرج بط صغير جميل، له ريش أصفر ذهبي. فرحت البطة الأم كثيرًا برؤية صغارها.

لكن البيضة الكبيرة لم تفقس بعد. خافت البطة الأم، ونادت زوجها لتسأله عن هذه البيضة الكبيرة.

طمأنها الأب قائلًا: “لا تقلقي، ستفقس قريبًا، علينا الانتظار قليلًا.”

اطمأنت البطة الأم، وكانت متحمسة جدًا للبيضة الكبيرة، فقد ظنت أن بداخلها أجمل بطة في المزرعة. قررت أن تواصل الجلوس عليها حتى تفقس بسرعة.

وبعد فترة، فقست البيضة أخيرًا، وخرجت منها بطة قبيحة، مغطاة بريش رمادي، وكان شكلها مختلفًا عن باقي البط.
تعجبت الأم من شكلها، وحزنت لأنها لم تكن كما توقعت.

أصبحت البطة الصغيرة موضع سخرية من إخوتها وباقي حيوانات المزرعة، وأطلقوا عليها لقب “البطة القبيحة”. كانت تبكي دائمًا بسبب سخرية الحيوانات ولعدم حصولها على صديق يلعب معها. كان الجميع يرفضها ولا يتقبل شكلها.

حزنت البطة كثيرًا بسبب ما تتعرض له من مضايقات، وقررت أن تترك المزرعة وتذهب للعيش وحدها. وأثناء سيرها، وجدت بحيرة جميلة، وقررت أن تبقي بجوارها. لكن الطيور هناك لم تتقبلها، وعاملوها بطريقة سيئة، وطردوها من المكان.

تابعت البطة الصغيرة طريقها، وبعد فترة شعرت بالتعب، فجلست بجانب شجرة. فرآها مزارع طيب، وأخذها إلى مزرعته، لكنها واجهت نفس المعاملة من حيوانات المزرعة. لذلك، قررت الرحيل من جديد.

ذهبت البطة إلى الغابة، ولكن حيوانات الغابة لم ترحّب بها أيضًا، فقررت الاختباء بعيدًا عن أنظاؤ الجميع.

مرت الأيام، وكبرت البطة الصغيرة. ومع قدوم الربيع، ذهبت إلى البحيرة لتشرب الماء، فنظرت إلى انعكاس صورتها، وتفاجأت بما رأت! لقد تحولت إلى طائر جميل، له ريش أبيض ناعم، وأجنحة كبيرة، وعينان لامعتان.

فرحت البطة كثيرًا، وأدركت أنها لم تكن بطة قبيحة، وإنما من فصيلة البجع المشهورة بأجنحتها الكبيرة وقدرتها على الطيران والتحليق في عنان السماء.

العبرة من القصة:

لكلّ شخص جماله الخاصّ ومميزاته التي تجعله متفرّدًا عن الآخرين. الجمال الحقيقي هو جمال الروح وليس الشكل. لذا من المهمّ ألا نحكم على الآخرين من شكلهم فقط.

اقرأ أيضًا: من أجمل القصص القصيرة قبل النوم للأطفال

حكايات عالمية من ألمانيا: منزل الحلوى

واحدة من أشهر وأقدم القصص العالمية التي تناقلتها الشعوب، دوّنها الأخوان غريم الألمانيان، وهي تحكي قصّة الطفلين هانسل وغريتل ومغامرتهما في الغابة.

أحداث القصة

في إحدى القرى البعيدة، كان يعيش توأمان جميلان يُدعيان هانسل وغريتل، مع والدهما الطيب. وبعد أن توفيت والدتهما، تزوج الأب من امرأة قاسية كانت دائمة الغضب من الطفلين، وترغب في التخلص منهما بأي شكل. كان الأب فقيرًا جدًا، والطعام في البيت قليل لا يكفي الجميع. وفي إحدى الليالي، همست زوجة الأب في أذنه قائلة: “اسمعنى جيدًا يجب أن نتخلص من الطفلين، وإلا سنموت جوعًا.”

ردّ الأب: “كيف تقولين هذا؟ أتريدين منّي أن أتخلصّ من طفليّ الوحيدين؟!”

ومع ذلك، فقد استمرّت الزوجة في إقناع زوجها بخطّتها للتخلّص من الطفلين وتركهما في الغابة، إلى أن اقتنع بكلامها مرغمًا. وقرّر أن يتخلّى عن ولديه.

أمّا الطفلان فقد سمعًا ما كان يدور من حديث بين الأب وزوجته، وشرعت غريتل بالبكاء، لكن أخاها قال لها:

“لا تخافي، فأنا لديّ خطّة ذكيّة”.

في الصباح، أيقظت زوجة الأب الطفلين كي يذهبا معها إلى الغابة بحجة إحضار الحطب. وأعطت زوجة الأب لكل واحد منهما رغيفا من الخبز وأخبرتهما ألا يأكله قبل موعد الغداء. وقبل أن يغادرا، جمع هانسل بعض الحصى ووضعها في جيبه خفية. وبينما كانوا يسيرون في الغابة، كان يُسقط الحجارة الصغيرة على الطريق دون أن يلاحظ أحد.

في الغابة، أوقد الأب نارًا لتدفئة صغيريه، وقال لهما: “ابقيا هنا، سنذهب لنجمع بعض الحطب، وسنعود بعد قليل.”

بقي الطفلان مكانهما، لكن الأب وزوجته لم يعودا، وكانت الطفلة تظن أن والدها يقطع الأشجار. لكن انتظارهما طال، ولم يعد الأبوان، وبدأ المكان يظلم، فقد حلّ المساء وغربت الشمس.

نام الطفلان في تلك الليلة في الغابة من شدّة التعب، وعندما استيقظا، بكت غريتل كثيرًا لأن والدهما قد تركهما وحدهما في الغابة، لكن هانسل قال:

“لقد أخبرتك بأنّ لدي خطّة، لا تخافي…سنعود إلى المنزل، فأنا أعرف طريق العودة!”

وهكذا تبع الطفلان الحجارة البيضاء حتى وصلا إلى منزلهما بعد بعض الوقت، ففرح الأبُ برجوع ولديه سالمين، أما زوجته فغضبت غضبًا شديدًا، وراحت تفكّر في طريقة جديدة للتخلّص منهما.

في صباح اليوم التالي، أيقظت زوجة الأب الشريرة الطفلين باكرًا، وأخذتها مرّة أخرى إلى الغابة دون أن تخبر والدهما بذلك، وكما في المرة السابقة، قدّمت لكلّ منهما رغيف خبز ليأكله على الغداء.

أدرك هانسل أنّ زوجة أبيه تودّ التخلّص منهما هذه المرّة أيضًا، لكنّه لم يملك الوقت الكافي لجمع الحجارة كما في المرّة السابقة، ولم يكن يملك سوى رغيف الخبز، فراح يقسمه إلى قطع صغيرة يرميها على الأرض ليتمكّن من تتبّعها في طريق العودة.

إلاّ أنّ طريقته هذه لم تنجح، فما لبثت العصافير تحطّ على الأرض وتأكل فتات الخبز الذي ألقى به هانسل، وهكذا لم يعد بإمكان الطفلان العثور على طريق العودة وتاها في الغابة. حلّ الليل، وبدأت حيوانات الغابة المفترسة تجول بين الأشجار، فخاف الصغيران، وراحا يركضان على غير هدىً، ومن شدّة خوفهما بدآ يتخيّلان الأمور على غير حقيقتها، فكانت أغصان الأشجار تبدو كالأشباح، والصخور كالوحوش، وجذور الأشجار الكبيرة البارزة من الأرض كالأفاعي.

حلّ الصباح أخيرًا، واختفت الأوهام التي كان الطفلان يريانها في الليل، فتنفّسا الصعداء، وشربا من مياه البحيرة القريبة ليرويا عطشهما. ثم واصلا المسير على غير هدىً بحثًا عن مخرج من الغابة. وبينما هما يمشيان، إذا بهما يريان بيتًا جميلاً غريبًا، فقد كان مصنوعًا كليًّا من الحلوى والكعك… الجدران والأبواب وحتى النوافذ، كانت كلّها مصنوعة من أنواع الحلوى والسكاكر.

فرح الأخوان كثيرًا بهذا البيت، ومن شدّة جوعهما، راحا يأكلان منه بنهم، وفجأة فُتح الباب وأطلّت منه امرأة عجوز، فخاف الصغيران منها وخشيا أن توبّخهما على أكلهما من بيتها، لكنّها قالت لهما:

“تعاليا يا صغيريّ، لا تخافا وادخلا إلى المنزل، فلديّ طعام كثير، ويمكنكما النوم في بيتي أيضًا!”

فرح الطفلان بذلك، ودخلا إلى البيت ظنًّا منهما أنّ العجوز امرأة طيبة تريد لهما الخير. لكن الأمر لم يكن كذلك إطلاقًا، فتلك العجوز كانت ساحرة شريرة، تحبس الأطفال الصغار، وتجبرهم على الأكل والنوم حتى يسمنوا ثم تأكلهم.

وفي الليل بينما كان الطفلان نائمين، أخذت العجوز هانسل وحبسته في قفص داخل المنزل، ثمّ أجبرت غريتل على الطبخ وتنظيف المنزل والقيام بكافة الأعمال المنزلية. وكانت في كلّ يوم تعدّ لهانسل وجبات دسمة وتحرص على أن يأكلها كلّها حتى يزداد وزنه ويكتنز باللحم ويصبح وجبة ملائمة.

مرّت الأيام، وبدأت العجوز تفقد صبرها، وقررت أن تأكل الطفل في صباح اليوم التالى. ارتعبت غريتل، لكنها تظاهرت بالهدوء، وبدأت تفكر في طريقة تنقذ بها أخاها المسكين.

وفي الصباح، طلبت الساحرة العجوز من غريتل أن تُشعل الفرن وتجهزّه لإعداد عشاء الليلة، فاقتربت غريتل من الفرن وتظاهرت بمحاولتها لإشعاله، ثمّ قالت بعد لحظات:

“يبدو أنّ هنالك مشكلة في الفرن، لا أستطيع إشعاله اليوم”.

غضبت العجوز من تقاعس غريتل، واتجهت إلى الفرن ثمّ انحنت إليه لتتفقّده، فانتهزت غريتل الفرصة ودفع بالعجوز إلى داخل الفرن ثمّ أغلقته على الفور.

وركضت بعدها بسرعة إلى حيث كان هانسل محبوسًا، فحرّرته من أسره على الفور. فرح هانسل بشجاعة أخته، وقبل أن يرحلا قررا أخذ مجوهرات الساحرة، فبحثا في أرجاء المنزل حتى وجدا صندوقًا مليئًا بالحُلي والذهب والفضّة، فملآ كيسًا كبيرًا بهذه المجوهرات وهربا بعدها من بيت الحلوى.

سار الأخوان لعدّة أيام، حتى عثرا على نهر صغير فاجتازاه إلى الضفّة الأخرى، وهناك لاح لهما بيتهما من بعيد. فرحا كثيرًا، وركضا إلى منزلهما بسعادة.

في ذلك الوقت، كان الأب يشعر بحزن شديد لفراق ولديه، والندم لأنه سمح لزوجته أن تتخلّص منهما. لكنه فجأة سمع صوتهما يناديانه من بعيد، فركض نحوهما واحتضنهما بكلّ حب وقد امتلأت عيناه بالدموع. أمّا زوجته فلم تكن في المنزل، لأن الأب طردها بعد أن اكتشف اختفاء ولديه.

وهكذا عاد الولدان إلى منزلهما وهما محمّلان بالكثير من الذهب والفضّة والجواهر التي قام الأب ببيعها وشراء طعام له ولطفليه، وعاشوا جميعًا بسعادة وهناء.

العبرة من القصة

إحدى القصص الجميلة التي تعلم الأطفال الشجاعة والذكاء وأهميتهما في مواجهة المخاطر. كما تبرز عدم الاعتماد على المظاهر في الحكم على الأشخاص.

قام الأخوان غريم بتوثيق مجموعة حكايات عالمية وقصص شعبية التي كانت تروى شفهيًا في ألمانيا في كتاب يدعى “حكايات الأخوان غريم”. وأضافا بعض التعديلات لتناسب الأطفال، فبعض هذه القصص كانت في الأصل تتضمّن مواضيع عنيفة ومخيفة لا تناسب الأطفال.

اقرأ أيضًا: قصص أميرات للبنات: قصة سندريلا

حكايات عالمية من كوريا: قصة الأرنب الذي هزم النمر

هي قصة شعبية مشهورة في الثقافات الآسيوية، وتحديدًا في كوريا الجنوبية، وقد أصبحت واحدة من أشهر الحكايات العالمية التي يتناقلها الأشخاص شفهيًا عبر الأجيال. تمّ توثيق هذه القصة ضمن كتب حكايات عالمية شعبية كورية.

أحداث القصة

يُحكى أنّه عاش في قديم الزمان أرنب ذكي في الغابة، وكان هناك نمرٌ قوي ومخيف يعيش في نفس الغابة. كان النمر يتجوّل بين الأشجار، يفتخر بقوته، ويأمر جميع الحيوانات بطاعته وإلاّ فقد كان يأكلها بلا رحمة.

ليس هذا وحسب، لقد كان النمر يقتل الحيوانات الصغيرة لمجرد التسلية. وفي أحد الأيام، بينما كان يتجوّل، رأى الأرنب، لكن الأرنب لم يُعره أيّ اهتمام لأنه كان يعلم شدّة غروره. قال الأرنب في نفسه: “هذا النمر مغرور جدًا! يحسب أنّ قوّته هي كلّ شيء. لقد حان الوقت لأعلمه درسًا لن ينساه.”

غضب النمر من تجاهل الأرنب له، وقال في نفسه أيضًا: “سأجعل هذا الأرنب الساذج يعرف من هو النمر”.

وقفز عليه ليأكله، لكن الأرنب قال بسرعة: “انتظر يا سيدي النمر المغوار، بدلاّ من أن تأكلني، ما رأيك أن أقدّم لك كعكة أرز لذيذة وشهية، فهي أفضل منّي حتمًا”.

كانت كعكة الأرز هي الوجبة المفضّلة للنمر. والذي أجاب على الفور: “أريد 10 كعكات وليس واحدة فقط، أحضرها لي، وإلاّ أكتلك!”.

أجاب الأرنب: “حسنًا، انتظر هنا وسأحضرها لك فورًا”.

أسرع الأرنب وأحضر الكعكات، لكنه خبّأ بداخلها حجارة صغيرة دون أن يراه النمر، ثم وضعها على النار. وعندما هم النمر بالأكل، قال له الأرنب: “عليك أن تنتظر قليلاً، عد حتى العشرة ثم كلها.”

كان النمر ضعيفًا في الحساب، فبقي يعد إلى العشرة عدة مرات. وكان الأرنب يراقبه خفية. أخيرًا، بعدما انتهى من العدّ، أكل النمر الكعكات، وفجأة شعر بحرارة شديدة في فمه، وتكسّرت أسنانه بسبب الحجارة. ولم يستطع أكل شيء طوال اليوم، tاطمأنت الحيوانات قليلاً، وارتاحت من شرّ النمر لبعض الوقت.

في صباح اليوم التالي، شُفي النمر، لكنه بقي بلا أسنان، وخرج غاضبًا يبحث عن الأرنب لينتقم منه. وعندما وجده قرب البحيرة، صرخ بأعلى صوته: “لقد خدعتني! واليوم سأنتقم منك وألقّنك درسًا لن تنساه!”.

ابتسم الأرنب، وقال متظاهرًا بالخوف والحزن: “أنا مستعد لملاقاة مصيري، ولكن أستميحك عذرًا، وأرجوك أن تسامحني على خطئي بالأمس، أنا لستُ سوى حيوانٍ صغير لا يسمن ولا يغني من جوع؟ ما رأيك أن تحصل على 1000 سمكة بدلاً منّي؟”

فكّر النمر قليلًا وقال في نفسه: “إذا ربطت الأرنب بالشجرة فلن يهرب، وإذا حصلت على 1000 سمكة فلن أجوع أبدًا”، ثمّ أجاب قائلا:

“حسنًا، علّمني إذن كيف أمسك ألف سمكة من البحيرة؟”

قال الأرنب: “ضع ذيلك في البحيرة وابقَ على هذه الحال حتى تلتصق به 1000 سمكة!”

ربط النمرُ الأرنبَ بالشجرة، ووضع ذيله في البحيرة كما طُلب منه، وظلّ ينتظر. كان ذلك اليوم من أبرد أيام السنة، وبدأت البحيرة تتجمّد شيئًا فشيئًا، والنمر لا يشعر بذلك. ظن النمر أن الأسماك تعلقت بذيله بسبب ثقله. وبقي جالسًا حتى الصباح، وغطى الثلج البحيرة بالكامل. أما ذيله، فقد تجمّد بالكامل داخل البحيرة.

قال الأرنب ساخرًا: “هيا اسحب ذيلك بقوة، ستحصل على 1000 سمكة”.

لكن النمر لم يستطع إخراج ذيله، وكلما حاول، ازداد ألمه. ضحك الأرنب وقال: “الآن حصلت على الأسماك، ابقَ في مكانك حتى يذوب الثلج أيها الذكي.”

ورحل الأرنب، وسادت الطمأنينة في الغابة.أمّا النمر، فمرّ به صياد، وصاده بعدما خارت قواه، وباعه إلى السيرك. وكان هذا مصير النمر المغرور والطمّاع.

العبرة من القصة

لا يجب أن نستهين بأحد بسبب حجمه أو شكله. والقوة الجسدية لا تساوي شيئًا من دون ذكاء واستخدام صحيح للعقل.

اقرأ أيضًا: قصة تعليمية عن المثابرة: نطّاط يمسك نجمة

تُعدّ القصص واحدة من أفضل الطرق التعليمية للأطفال، فهي تساعد على تنمية خيالهم وتمكنهم من استيعاب القيم بطريقة سهلة وممتعة من خلال شخصياتهم المفضلة. وفي النهاية، قدمنا لك أفضل 4 حكايات عالمية تناسب أطفالك. تأكد من قراءة هذه القصص معهم، ومع نهاية كل قصة، يمكنك طرح بعض الأسئلة على أطفالك لمعرفة ما تعلموه من القصة.

المصدر

The Aesop for Children

قصة قصيرة عن الصدق: ياسر والجرّة

في بيت صغير تحيط به حديقة مليئة بالأزهار الملونة، كان يعيش فتى يُدعى ياسر مع والديه. كان ياسر ولدًا نشيطًا ومحبًا للمغامرات، لكنه كان يجد صعوبة في الاعتراف بأخطائه، خوفًا من العواقب.

ذات يوم، بينما كانت أمه تُحضّر الغداء، نادته قائلة: “ياسر، هل يمكنك إحضار جرّة الماء من المطبخ؟”

أجاب ياسر بحماس: “طبعًا يا أمي!” وانطلق بسرعة نحو المطبخ، ولكن في حماسه، لم ينتبه إلى السجادة الصغيرة التي انزلقت تحت قدميه. تعثر وسقطت الجرّة من يده، فتحطمت إلى قطع متناثرة على الأرض!

وقف ياسر متجمّدًا، وهو يراقب شظايا الجرة التي كانت قبل لحظات ممتلئة بالماء البارد المنعش. تسارعت نبضات قلبه، وأخذ يفكر في ما سيقوله لأمه. وفجأة، لمح قطّتهم الصغيرة “لوزة” تجلس بالقرب من الحطام وهي تحدق فيه بعينيها الواسعتين.

فكر بسرعة وقال لنفسه: “ماذا لو ظنّت أمي أن القطة هي من كسرت الجرّة؟ هكذا لن تغضب مني!”

عندما دخلت أمه لترى ما حدث، نظر إليها ياسر وقال بسرعة: “أمي! القطة كسرت الجرّة! لقد قفزت عليها وأسقطتها!”

نظرت الأم إلى الجرّة المكسورة، ثم إلى القطة التي كانت تلعق مخلبها بهدوء، وكأنها لم تفهم ما يجري. رفعت حاجبها قليلاً، ثم ابتسمت بلطف وقالت: “يا ياسر، هل أنت متأكد؟”

تلعثم ياسر وقال: “أجل… أظن ذلك. ربما قفزت دون أن أنتبه.”

جلست الأم بجانبه وربتت على كتفه بحنان قائلة: “ياسر، هل تعلم أن النبي محمد ﷺ حثّنا على الصدق؟ فالإنسان الصادق يحبه الله والناس، والكذب قد يبعدنا عنهم. فكر جيدًا قبل أن تجيبني مرة أخرى.”

لكن هذه المرة، قررت الأم أن تعلّم ياسر درسًا عمليًا عن عواقب الكذب. عندما عاد الأب إلى المنزل، أخبرته الأم قائلة: “لقد كسرت لوزة الجرة اليوم، ويبدو أنها أصبحت مشاغبة أكثر من اللازم. ربما يجب أن تبقى خارج المنزل من الآن فصاعدًا.”

نظر الأب إلى القطة، ثم هز رأسه قائلاً: “إذا كانت تسبب الفوضى، فقد يكون من الأفضل أن تعيش في الحديقة بدلاً من الداخل.”

شعر ياسر وكأن قلبه سقط من مكانه! هل سيخسر قطته المحبوبة بسبب كذبته؟ نظر إلى “لوزة”، التي كانت تتمسح بقدميه، وكأنها ترجوه أن ينقذها.

تردد للحظة، لكنه لم يستطع تحمّل شعور الذنب أكثر. تنفس بعمق وقال بصوت مرتجف: “أبي، أمي… لوزة لم تكسر الجرة، أنا من فعل ذلك. كنت خائفًا من أن أعترف، فاختلقت هذه القصة.”

نظر إليه أبوه بهدوء، ثم ابتسم وقال: “أحسنت يا ياسر، الاعتراف بالحقيقة يتطلب شجاعة كبيرة. لكن تذكر أن الكذب يمكن أن يؤذي الآخرين، حتى لو لم تقصد ذلك.”

عانقته أمه وقالت: “أنا فخورة بك لأنك قلت الحقيقة، يا بني. كلنا نخطئ، لكن الشجاعة الحقيقية هي أن نعترف بأخطائنا ونتعلم منها.”

أحس ياسر براحة عجيبة، كأن حجراً ثقيلاً قد أُزيح عن قلبه. نظر إلى القطة “لوزة” وضحك قائلاً: “أظن أنها غاضبة مني لأنها كادت تُتَّهم بجريمة لم ترتكبها!”

ضحكت أمه وقالت: “يبدو ذلك! والآن، لننظف هذا المكان معًا، وسأعلمك كيف تحمل الجرّة بطريقة أكثر أمانًا في المرة القادمة.”

ومنذ ذلك اليوم، قرر ياسر أن يكون صادقًا دائمًا، لأنه أدرك أن الصدق يجعل القلب مطمئنًا، ويقرب الإنسان من الله ومن قلوب الناس.العبرة: الصدق فضيلة عظيمة، وهو طريق إلى الخير والجنة. علينا أن نتحلى به في كل المواقف، حتى عندما نرتكب الأخطاء.

قصّة عن التواضع: الأرنب والسلحفاة

يُحكى أنّه عاش في إحدى الغابات البعيدة الجميلة أرنبٌ مغرور يُدعى “برق”. كان برق سريعًا جدًّا ودائما يفتخر بسرعته الفائقة ويسخر من الحيوانات الأخرى التي لا يمكنها أن تجاري سرعته. 

وفي أحد الأيام بينما كان برق ينطّ هنا وهناك في أرجاء الغابة، لمح سلحفاة صغيرة تمشي ببطء شديد نحو إحدى أوراق الأشجار لتأكل منها. فراح يضحك ساخرًا منها وهو يقول:

– يا لك من سلحفاة بطيئة جدًّا، سيحلّ الليل قبل أن تتمكّني من الوصول إلى طعامك…هههههه.

كانت السلحفاة صبورة ومثابرة، وعلى الرغم من مضايقات برق لها، فهي لم تستلم وواصلت المسير بثبات وجدّ، لكنّ برق استمرّ في السخرية منها والاستهزاء بخطواتها البطيئة.

أخيرًا قالت السلحفاة:

– قد تكون سريعًا يا برق، لكنّ السرعة والعجلة الدائمة ليست كلّ شيء. المثابرة أهمّ من كلّ شيء، وكذلك التواضع.

فأجابها الأرنب المغرور:

– تقولين هذا لأنك بطيئة ولا يمكنك تحقيق شيء بخطواتك الثقيلة هذه… لو أننّا تسابقنا، فسوف أفوز عليك، وأحقق النصر، وسنرى عندها ما أهمية السرعة.

استاءت السلحفاة من كلام الأرنب المغرور وقرّرت أن تعلمه درسًا، فقالت:

– حسنًا، انا أقبل التحدّي، فلنتسابق ولِنرى من سيفوز.

استغرب الأرنب من ثقتها، وفكّر مع نفسه أنّها بلا شكّ سلحفاة بلهاء، ولا تعرف ما تقول، لكنّه وافق على التحدّي وقال:

– حسنًا، وأنا قبلت التحدّي أيضًا، لنتسابق يوم الغد، وليكن خطّ النهاية هو شجرة السنديان الكبيرة عند البحيرة.

انتشر خبر السباق بين برق السريع والسلحفاة في الغابة، واجتمعت الحيوانات في اليوم التالي لتشاهد هذا التحدّي المثير للاهتمام. كان الجميع متأكدًا أنّ برق سيفوز، فهو سريع جدًّا ولا يمكن للسلحفاة أن تلحق به أبدًا.

وقف الأرنب والسلحفاة عند خطّ البداية، وقال برق ساخرًا:

– سأراكِ بعد أيّام عند خطّ النهاية، فأنا متأكد أنّك لن تصلي إلى هناك قبل عدّة أيام أو ربّما أسابيع…هههه.

لم تردّ السلحفاة على سخرية الأرنب، وبقيت صامتة، وتمّ الإعلان عن بداية السباق، فانطلقت بجدّ واجتهاد بخطوات بطيئة ولكن ثابتة باتجاه شجرة السنديان.

أمّا برق، فلم ينطلق، وجلس إلى ظلّ شجرة قريبة يأكل حبّة من الجزر. 

استغرب الحيوانات ذلك، لكنّه قال لها:

– ما زال الوقت مبكرًّا، سآكل وجبة خفيفة وآخذ قيلولة صغيرة قبل أن أنطلق… فأنا برق السريع وسألحق بالسلحفاة البطيئة في وقت قليل.

وكذلك كان الحال. أكل الأرنب جزرته، وغطّ في النوم. أمّا السلحفاة فلم تتوقّف أبدًا، واستمرّت في السير نحو خطّ النهاية بثبات وإصرار.

مرّت عدّة ساعات، وغرق برق في نوم عميق، لكنه عندما استيقظ، أدرك أنّه قد نام لوقت طويل، وأنّه تأخر كثيرًا…أكثر ممّا كان يعتقد.

انطلق بأقصى سرعته نحو خطّ النهاية ليلحق بالسلحفاة، لكنه مع ذلك لم يكن سريعًا بما فيه الكفاية، وعبثًا حاول اللحاق بالسلحفاة والفوز عليها، لكنّها كانت قد اقتربت كثيرًا من خطّ النهاية، وكان هو لا يزال بعيدًا بسبب تهاونه واستخفافه بالسباق.

وهكذا وصلت السلحفاة إلى خطّ النهاية، وفازت بالسباق قبل أن يتمكّن برق من اللحاق بها.

هتفت جميع الحيوانات وصفّقت للسلحفاة الفائزة، التي علّمتهم وعلّمت الأرنب المغرور درسًا لا يُنسى، ألا وهو أن الغرور خلق سيء وقبيح يكلّف صاحبه كثيرًا، والسخرية من الآخرين تصرّف مُشين لا يجب أن يتحلّى به الطيبّون.

شعر برق بالخجل من نفسه، واعتذر للسلحفاة على سوء تصرّفه، ومنذ ذلك اليوم أصبح أكثر تواضعًا وتهذيبًا، وأصبح يستخدم سرعته الكبيرة في مساعدة غيره من الحيوانات الأبطأ، فصار محبوبًا بين جميع حيوانات الغابة، وعاش الجميع بسعادة وهناء.

Exit mobile version