مالك الغاضب!| قصة قصيرة حول السيطرة على الغضب

تعدّ القصص وسيلة فعّالة لتعليم المهارات المختلفة للأطفال، لأنها تطرح المعلومات بأسلوب ممتع ومرح باستخدام الشخصيات الكرتونية المحببة إليهم. كما تحفّز مهارة الخيال والتفكير الإبداعي، مما يسهّل على الأطفال فهم الدروس والعبر المستفادة منها.

قصتنا اليوم، تتضمن رسالة قيمة تُعلّم الأطفال كيفية السيطرة على الغضب، وهي واحدة من المهارات المهمة التي تساعدهم على التحكم في مشاعرهم والتعامل مع المواقف المختلفة بهدوء وحكمة.

قصة مالك والسيطرة على الغضب

في بلدة صغيرة، عاش صبي صغير يُدعى مالك، كان مالك فتى ذكيًّا، يحب اللعب مع أصدقائه في الحديقة، كما يستمتع بقراءة القصص والرسم. لكن، كانت هناك عقبة كبيرة تعكر صفو حياته، فقد كان سريع الإنفعال، ولا يستطيع كبح غضبه.

وكلّما سارت الأمور بطريقة لا تعجبه، كان ينفجر غضبًا كالبركان، ويصرخ بصوت عالٍ، ويقول كلمات جارحة دون تفكير، غير مبالٍ بما قد تسبّبه كلماته من ألم للآخرين. لم يقتصر غضب مالك على المدرسة والملعب فقط، بل امتدّ إلى المنزل أيضًا. فكان يستشيط غضبًا إذا عبثت أخته الصغيرة بألعابه، أو إذا رغب أخوه في لعبة لا يحبها.

أمّا والدة مالك فقد كانت تحزن لرؤية نوبات غضب ابنها المتكررة، وتبذل قصارى جهدها في التحدث معه وتعليمه فنّ إدارة الغضب والسيطرة عليه.

قالت الأم: “يا بُني، إنّ الغضب ليس حلاًّ للمشكلات، بل يؤذي الآخرين من حولك”.

ولكنّ، لم يتمكن مالك من فهم أمه أو السيطرة على الغضب. وفي أحد الأيام، ذهب إلى الحديقة مع صديقيه يوسف وخالد ليستمتعوا معًا باللعب بالأرجوحة أو ببناء قلاع رملية في ساحة الرمل المخصّصة للأطفال.

بنى الأصدقاء قلعة كبيرة من الرمل، واستغرقوا وقتًا طويلاً . ولكن لسوء الحظ، داس خالد عليها بالخطأ، فانهارت القلعة بالكامل.

شعر مالك بالغضب يتصاعد داخله، وانفجر بصوت عالٍ: “لماذا فعلت هذا؟ لقد تعبنا في بنائها، وحطّمتها بهذه السهولة”.

رد خالد قائلاً: “أنا آسف يا مالك، لم أقصد ذلك أبدًا”.

لكن مالك لم يهدأ، بل سيطر عليه الغضب تمامًا، فانفجر في وجه صديقيه بكلمات قاسية. حزن خالد ويوسف، وشعرا بالاستياء من ردّة فعل صديقهما، وتوقّفا عن اللعب معه.

شعر مالك بالخجل وأدرك عواقب أفعاله، فانسحب ليجلس وحيدًا على مقعد قريب. وعندما ابتعد عن أصدقائه قليلًا، بدأوا يلعبون معًا مرّة أخرى. جلس مالك يشاهدهم من بعيد، وعندما رأى أصدقاءه يلعبون بسعادة بدونه، شعر بالحزن لفقدانه السيطرة على مشاعره.

عاد مالك إلى المنزل. وفي تلك الليلة، ظل يتقلّب في فراشه، ولم يستطع النوم. وشعر بالذنب لأنه صرخ في وجه أصدقائه، لكنّه لم يعرف كيف يُصلح ما حدث. وبعد تفكير طويل، أدرك أنه بحاجة ماسة إلى للمساعدة.

في صباح اليوم التالي، جلس مالك مع والدته وأخبرها عما بدر منه في الملعب مع أصدقائه. وضعت يدها برفق على كتفه، وقالت: “يا بُني، الغضب شعور طبيعي، لكن يجب أن تتعلم كيف تتعامل معه بالطريقة الصحيحة. دعني أعلمك سرًا.”

قصّت الأم قصصًا عن معاناتها مع الغضب في صغرها، لتوضح له كيف أن السيطرة على الغضب رحلة ممكنة، وأنها مرّت بتلك الصعوبات أيضًا. ثم تابعت الأم حديثها: “لن يكون الأمر سهلاً في البداية، ولكن بالممارسة ستتمكّن من التحكّم في مشاعرك دون إيذاء الآخرين”.

سأل مالك: “ماذا يجب أن أفعل عندما أشعر بالغضب؟ أنا لا أستطيع السيطرة على نفسي”.

علّمت الأم مالك تقنية بسيطة لمساعدته، فقالت: “هناك ثلاث خطوات سحرية تساعدنا على التحكم بغضبنا والسيطرة عليه وهي: توقّف، ثم تنفّس، وأخيرًا فكر قبل القيام بأي تصرّف”.

ثم تابعت الأم حديثها: “أول شيء يجب أن تفعله عندما تشعر بالغضب هو أن تقف مكانك، وتتوقف عن الكلام أو الفعل، يمكنك مثلاً أن تعدّ إلى العشرة قبل القيام بأيّ شيء. ثم، خذ نفسًا عميقًا من أنفك، وازفره ببطء من فمك، وكرّر ذلك ثلاث مرات. فالتنفّس بعمق سيساعدك على تهدئة نبضات قلبك المتسارعة. كما شجّعته على أن يأخذ دقائق للتفكير قبل أن يتصرّف باندفاع.”

ثم قالت: “تذكر يا بُني، إن الغضب كالنار، يحرق كل شيء في طريقه. لكن إذا طبقنا هذه الخطوات السحرية، يمكننا إخماد تلك النار والسيطرة على مشاعرنا”.

صعد مالك إلى غرفته، وأخذ يفكّر في كلام والدته، ثم قرّر أن يبدأ في تنفيذ الخطوات السحرية.

في اليوم التالي، استيقظ مالك من النوم، وبينما كان يستعد للمدرسة، ذكّر نفسه بنصائح والدته، وقرّر أن يراعي مشاعر الآخرين قبل التعبير عن غضبه. وأثناء تناول الإفطار، سكبت أخته الصغيرة الحليب عن طريق الخطأ على قميصه المفضل. شعر مالك بموجة غضب شديدة، لكنه تذكّر نصائح والدته، فتوقف، ثم أخذ نفسًا عميقًا، وراح يعدّ إلى العشرة في سرّه.

وكان كلّما عدّ أكثر، وتنفّس ببطء أثناء العدّ، يشعر أنّ غضبه يتلاشى ويهدأ، وهكذا حتى اختفى تدريجيًا. لقد أدرك حينها أنّ الصراخ والغضب لن يغيرا شيئًا، بل سيجعلان الأمور أسوأ.

وعندما فتح عينيه أخيرًا، رأى أخته تنظر إليه بقلق وخوف. فقال وابتسامة خفيفة ترتسم على محيّاه: “لا بأس، هيا ننظفها معًا”.

فرحت الأم عندما رأت مالك يطبق النصائح، وشجّعته على الاستمرار. في المدرسة، واجه مالك مواقف كثيرة كانت تُغضبه في السابق. في الفصل، اصطدم به أحد زملائه دون قصد، فتبعثرت كتبه على الأرض. شعر مالك بغضبٍ صغير يتسلل إليه، لكنه تذكّر ما تعلمه، ثم التقط كتبه بهدوء، وساعد زميله بابتسامة وهو يقول: “لا بأس”.

وفي وقت الفسحة، كان مالك يلعب الكرة مع أصدقائه في ساحة المدرسة. فجأة، ركل أحدهم الكرة بقوة، فاصطدمت بمالك وسقط أرضًا. شعر مالك بالغضب يتصاعد في صدره. اعتذر صديقه، وقال: “آسف يا مالك، لم أقصد ذلك”.

ابتسم مالك وردّ: “لا تقلق، أنا بخير، لكن يجب أن تنتبه أكثر”.

ضحك الجميع، وعادوا للعب بسعادة. بينما شعر مالك بالفخر. وتذكّر كيف كان في الماضي يغضب ويصرخ لأتفه الأسباب، وكم من الأصدقاء خسر بسبب عدم قدرته على التحكّم في أعصابه، أما الآن، فهو يشعر أنّه بطل، لأنه ينتصر على غضبه.

وفي المساء، ذهب مالك إلى الحديقة القريبة، رأى مالك صديقيه يوسف وخالد يجلسان معًا. وتذكّر ما فعله في اليوم السابق وما بدر منه. تردّد مالك قليلاً، وأخذ نفسًا عميقًا، وتقدّم نحوهما ببطء، ثمّ اعتذر لهما عمّا فعله بالأمس.

قال بصوت هادئ: ” أنا آسف لأني صرخت عليكما. لقد غضبت لأن القلعة تهدّمت، لكنني أعرف أنكما لم تقصدا ذلك. أنا أتعلّم الآن كيف أسيطر على غضبي”.

ابتسما صديقاه، وقالا: “نعلم أنّك لا تقصد ذلك”. ثم قال يوسف: “هل نعيد بنائها مرة أخرى؟”.

ضحك مالك وقال: حسنًا، لكن هذه المرة، إذا غضبت، سأعدّ للعشرة أولًا”.

ومع مرور الأيام، لاحظ المعلمون وأصدقاء مالك التغيير الكبير في شخصيته وقدرته الجديدة على السيطرة على غضبه ومشاعره. فقّدروا محاولاته، وبدأوا يساعدونه ويدعونه للمشاركة في أنشطة أكثر واللعب معهم. فرح مالك بتغير تعامل معلميه وأصدقائه معه، وقرّر منذ ذلك اليوم، استخدام الخطوات السحرية للتحكّم في غضبه.

مع مرور الأسابيع، استمر مالك في ممارسة الخطوات التي علمته إياها والدته. لم يكن الأمر سهلاً دائمًا، ولكنه كان يتحسن كثيرًا شعر مالك بالفخر لأنه أصبح قادرًا على التحكم في غضبه. وأصبح مثالًا يُحتذى به بين زملائه. بدأ الجميع يسأله سره. فكان يجيب مبتسمًا: “توقف، تنفّس، فكر، ثم تَصرف بهدوء”.

وفي نهاية العام الدراسي، قررت المدرسة تنظيم فعالية للصداقة. وقرّر مالك وأصدقائه أن يساعدوا في تنظيم هذا اليوم المميز. كانوا جميعًا متحمسين وتعاونوا معًا لإعداد العديد من الأنشطة الممتعة، مثل: لعبة البحث عن الكنز.

كانت المدرسة تعج بالحماس والتشجيع والضحكات العالية في هذا اليوم. وارتدى مالك شارة “الطالب اللطيف”، وشارك تجربته مع أصدقائه، وأخبرهم بالخطوات السحرية التي علمته إياها والدته ليتمكن من السيطرة على الغضب. ثم انضم الجميع إلى الحديث، وبدأ كل طالب ومعلّم يتحدث عن قصة ملهمة في حياته، وكيف ساعدته على التحكم في مشاعره في التعامل مع مواقف صعبة.

في نهاية اليوم، حصل مالك على ميدالية كُتب عليها: “هذه الميدالية قُدمت لك أيها البطل لأنك تمكنت من السيطرة على غضبك”. عاد مالك إلى منزله وهو يشعر بالفخر والسعادة، وقال لوالدته: ” الآن أشعر يا أمي أنني قوي وأفضل لأنني تعلمت كيف أسيطر على مشاعري”.

شجعته أمه وقالت: “هذه هي القوة الحقيقة يا مالك، ولقد تمكنت من تعلم الدرس جيدًا، أنا فخورة بك”.

ومع مرور الأيام، أصبح مالك صديقًا جيدًا لأصدقائه وعائلته، وتعلّم أن أول خطوة للتعامل مع المواقف جيدًا هو فهم مشاعرك في المواقف التي تتعرض لها يوميًا. وأدرك أن اللطف والرحمة من أقوى الصفات التي يجب على كل إنسان أن يتحلى بها.

اقرأ أيضًا: قصة قصيرة للأطفال عن أهمية إدارة الوقت

الغضب شعور طبيعي يمكننا التحكم فيه إذا طبقنا خطوات بسيطة، مثل: التنفس العميق والتفكير قبل أي تصرف. إن تعلم السيطرة على الغضب ليس مقتصرًا على الأطفال فقط، بل هو مهارة حياتية للجميع. تساعدنا هذه المهارة على تحسين علاقاتنا الشخصية، وبناء علاقات قوية. كما تمنحنا القدرة على التعامل مع المواقف الصعبة بحكمة وهدوء.

اقرأ أيضًا: حكايات عالمية: أشهر القصص من حول العالم

قد يعجبك أيضًا: ما الذي يختفي وراء شعورك بالغضب؟

المصدر

Controlling anger

قصة قصيرة للأطفال عن أهمية إدارة الوقت

تُعد إدارة الوقت من أهم مهارات الحياة التي ينبغي أن يتعلّمها الطفل منذ صغره، فهي تساعده على ترتيب يومه، وإنجاز واجباته، والموزانة بين المهام الضرورية ورغباته. عندما يتعلّم الطفل هذه المهارة، يصبح أكثر تركيزًا ونجاحًا، ممّا يزيد من ثقته بنفسه.

ونُقدّم لكم اليوم قصة قصيرة ممتعة عن الطفل سليم، ولد ذكي ومحبوب، ولكنه يجد صعوبة في تنظيم وقته. وذات يوم، يحدث شيء عجيب يُغير حياته ويعلمه درسًا مهمًا.

قصة سليم وإدارة الوقت

في منزل تحيطُه حديقة خضراء مليئة بالزهور، عاش سليم مع والديه وأخيه. كان سليم فتى طيب القلب ومرحًا، ويحبه كل من يعرفه في المدينة، لكن كانت هناك مشكلة صغيرة تُزعج والديه، وهي عدم تنظيم وقته أبدًا، كان يؤجّل دروسه وواجباته، ويستيقظ متأخرًا، ويُضيّع اليوم بالكامل في اللعب ومشاهدة التلفاز، وتمرّ ساعات يومه دون أن يشعر بها.

لم تُعجب تصرفات سليم والده، وكان يقول له دائمًا: ” يا بُني، الوقت كنزٌ ثمين، إذا فرّطتَ فيه، فلن يعود أبدًا. عليك أن تتعلّم كيفية إدارة الوقت بحكمة”.

لكن سليمًا كان يضحك ببراءة ويقول: “لا تقلق يا أبي، اليوم طويل، سأفعل كل شيء لاحقًا”.

وفي أحد الأيام، بينما كان سليم يلعبُ في الحديقة، سمع صوتًا غريبًا ينبعث من خلف إحدى الأشجار. اقترب بحذر ليرى مصدر الصوت، فإذا به يجد ساعة ذهبية قديمة. كانت الساعة تلمعُ بقوّة عندما تنعكس أشعة الشمس عليها، حتّى بدت هي نفسها كقطعة من الشمس!  

لكن هذا ليس كلّ شيء، فهذه الساعة الذهبية كانت مختلفة عن أي ساعة رآها سليم من قبل، تتحرّك عقاربها ببطء شديد وفي اتجاه معاكس لحركة الساعة العادية. وكلما اقترب سليم منها أكثر كانت تزداد لمعانًا وتوهّجًا.

لم يستطع سليم مقاومة فضوله، فاقترب من الساعة الذهبية ومدّ يده وأمسكها ليتفحّصها عن قرب. وفجأة!انبعث من الساعة نور قوي، لفّ كلّ شيء، ولم يستطع سليم رؤية شيءٍ أمامه، لكنّه شعر بأن المكان يدور حوله بسرعة، ثم اختفى كل شيء.

عندما فتح عينيه، وجد نفسه في عالم غريب لم يرَ له مثيلاً من قبل. كان عالمًا سحريًا مليئًا بساعات لا تحصى. تعجّب سليم كثيرًا مما يراه، تسائل: “ما هذا المكان الغريب؟”

فجأة ظهر أمامه رجل عجوز، ابتسم وقال: ” أهلاً بك، في عالم الوقت”.

ازداد تعجّب سليم وقال: “عالم الوقت؟ كيف جئت إلى هنا؟ ماذا أفعل هنا؟”

ابتسم الرجل العجوز مرة أخرى وقال: “لا تخف يا بني، أنت هنا لتتعلم أهمية الوقت. لقد أرسلت لك هذه الساعة التي تحملها بيدك لتساعدك على إدارة الوقت”.

ثم أشار الرجل بيده إلى الساعات وقال: “انظر جيدًا يا سليم، هذه الساعات تُظهر لك كيف تقضي وقتك في كل يوم”.

شعر سليم بالخجل وقال: “أعلم أنني أضيع وقتي في اللعب، لكنني لا أعرف كيف أبدأ في تنظيمه”.

ضحك الرجل وقال: “لا تقلق! هنا سأعلمك كل شيء. سأعطيك ثلاث مهام، ويجب أن تنجزها لتتعلم قيمة الوقت وكيفية إدارته، وعندها ستتمكن من العودة إلى منزلك”.

وافق سليم بحماس، وبدأت رحلته مع الرجل العجوز ليتعلم فن إدارة الوقت. مشى الرجل الحكيم مع سليم حتى وصلا إلى ساحة كبيرة.

قال الرجل الحكيم: “الآن ستبدأ مهمتك الأولى يا سليم. يجب أن تكون سريعًا ومنظمًا، وتحرص على إنهائها خلال نصف ساعة فقط”. ثم تابع حديثه: “يجب عليك أن ترتب غرفتك وتنهي حلّ واجبك. وتذكر جيدًا، يجب أن تنجز المهمة في الوقت المحدد”.

فجأة، استخدم الرجل العجوز قوته السحرية وصنع مجسمًا مشابهًا لغرفة سليم الحقيقة. دخل سليم الغرفة، وبدأت الساعة تدق معلنة بداية المهمة. ركض سليم بسرعة نحو السرير لترتيبه، ثم بدأ بجمع ألعابه ووضعها في مكانها المخصص، بعد ذلك انتقل إلى مكتبه ليحلّ الواجب. بدأ يقرأ الأسئلة ويجب عنها بدقة وبسرعة. وقبل انتهاء النصف ساعة بثوانٍ قليلة، أنهى سليم المهمة بأكملها.

صفق الحكيم وقال: “رائع! لقد أنهيت المهمة، لم أتوقّع أن تنجح من المحاولة الأولى”.

ابتسم سليم وأجاب: “لم أكن أتخيل أنني سأتمكن من إنجاز كلّ هذه المهام بسرعة”.

بعد انتهاء المهمة الأولى، أخذ الرجل الحكيم سليم إلى غرفة أخرى فيها لوح أبيض كبير وأقلام ملونة.

قال الرجل: ” الآن، ستبدأ مهمتك الثانية. هذه المهمة صعبة وتحتاج إلى التركيز. يجب أن تكتب جدولاً ليومك وتخصص وقتًا لكل شيء تفعله في يومك، مثل: الدراسة والنوم واللعب وحتى مساعدة والدتك”.

بدأ سليم يفكّر، ثم أمسك بالقلم وبدأ في تصميم جدوله اليومي. قسم اليوم إلى أوقات محدّدة، وجعل وقت الدراسة في الصباح، وبعد الغداء خصص وقتًا لحلّ واجباته المدرسية. كما خصص وقتًا للعب مع أصدقائه بعد الانتهاء من واجباته، لكنه جعله أطول قليلًا من باقي الأوقات. وخصّص وقتًا للنوم مبكرًا. ولم ينسَ أيضًا تخصيص وقتٍ لمساعدة والدته.

عندما انتهى من كتابة جدوله اليومي، نظر إليه الحكيم وضحك. ثم قال: “جدولك رائع يا سليم، ولكن ألا ترى أنك خصصت وقتًا أطول من اللازم للعب. ما رأيك لو خصصنا جزءًا صغيرًا من وقت اللعب للقراءة؟، فالقراءة تنير العقل وتحفّز الخيال، ألن يكون ذلك أفضل بكثير؟”.

رد سليم: “حسنًا، أنا موافق، طالما أنه ما زال هناك وقت للعب”.

رد الرجل: “لا تقلق يا بني، إذا اتبعت هذا الجدول، ستجد أن يومك أصبح أسهل، وستتمكن من الاستفادة من كل دقيقة فيه”.

قال سليم: “سأعلّقه في غرفتي وأتبعُّه كل يوم”.

الآن حان موعد المهمة الأخيرة، أخذ الرجل الحكيم سليم إلى ساحة فيها ثلاثة أبواب. وقال له: “كلّ باب من هذه الأبواب الثلاثة يمثل خيارًا ستواجهه في يوم من الأيام. لديك اختيار واحد فقط لتقوم به، لذا يجب أن تختار بعناية”.

كان يسمع خلف الباب الأول أصدقاءه يدعونه إلى لعب كرة القدم. أما الباب الثاني، فكان خلفه قصّة جديدة كان سليم يحلم بقرائتها منذ فترة. وخلف الباب الثالث، كان هناك صوت خافت يذكّره بواجب مدرسي يجب عليه حلّه وتسليمه في الغد.

عندما عرف سليم الخيارات، وقف حائرًا لا يدري ماذا يختار. تردد كثيرًا، وقال: “أنا أحب اللعب كثيرًا، كما أنني متشوق لقراءة القصة الجديدة لكن الواجب مهم أيضًا”.

فكر سليم قليلًا، ثم قال: “سأختار الواجب في البداية. وإذا بقي لدي وقت بعد ذلك، سأقرأ القصة، وبعدها سأخرج لألعب مع أصدقائي وأستمتع بوقتي”.

ابتسم الحكيم وقال بفرح: “أحسنت الاختيار يا سليم! لقد نجحت في المهمة الثالثة”.

ثم تابع حديثه قائلاً: ” الآن، سأشرح لك الهدف من هذه المهام. المهمة الأولى كان هدفها هو تعليمك التركيز وكيفية إنجاز المهام بكفاءة وفي الوقت المحدد. أما المهمة الثانية، فتعلمت كيف تخطط ليومك وتنظم وقتك بشكل جيد، وتخصص وقتًا لكل مهمة تقوم به، حتى لا يضيع يومك سدى. أما المهمة الثالثة، فقد تعلمت أهمية اتخاذ القرارات الصحيحة في الوقت المناسب، وكيف توازن بين مسؤولياتك ورغباتك، وأن تبدأ بالأهم أولاً”.

ثم أضاف الرجل الحكيم: “الآن يا سليم، لقد فهمت أهمية إدارة الوقت وتنظيمه، وكيف تستفيد من كل لحظة في يومك. لقد انتهت رحلتنا في عالم الوقت، وحان الآن وقت العودة إلى منزلك، ولكن لا تنسَ تطبيق كل ما تعلمناه هنا”.

قال سليم: ” شكرًا لك”.

فجأة، بدأت الساعة الذهبية التي عثر عليها سليم في البداية تدق بسرعة، وانبعث منها نورٌ قويّ كما في المرّة الأولى، وما لبث أن وجد نفسه في منزله، والساعة العجيبة ما تزال في يده.

منذ ذلك اليوم، تغيّر سليم. أصبح يستيقظ مبكرًا، ويُنجز واجباته المدرسية في وقتها المحدّد، ويخصص وقتًا للعب مع أصدقائه ووقتًا لمساعدة والديه. فرح والده كثيرًا بتغيره، وأصبح سليم مثالاً يحتذى به لباقي الأطفال في المدينة في إدارة الوقت.

اقرأ أيضًا: قصة قصيرة للأطفال: نانا تريدُ تقديم يد العون!

في نهاية هذه القصة، تعلمنا أن الوقت كنزٌ ثمين لابدّ من الاستفادة منه وإدارته جيدًا، لتحقيق النجاح في حياتنا، وكذلك الوصول إلى أهدافنا. وكما تعلّم سليم، أنّ إدارة الوقت هي سرّ النجاح، يجب أن نتعلّم نحن أيضًا أهمية الوقت، ومعرفة الوقت المناسب للعب والدراسة. فهل أنت مستعدّ يا صديقي لتكون ناجحًا ومنظّمًا مثل سليم؟!

اقرأ المزيد من القصص القصيرة المهلمة.

Exit mobile version