الأجهزة الذكية والأطفال: الموازنة بين الفوائد والمخاطر

في عالم اليوم الذي صار يعتمد على التكنولوجيا بشكلٍ كبير، أصبحت الأجهزة الذكية أدوات أساسيّة في حياتنا. من الترفيه والتواصُل إلى التعلُّم وجمع المعلومات، تُوفِّر الأجهزة الذكية إمكانات لا حصر لها لجميع الفئات العمريّة. ولكن مع استمرار ارتفاع مُعدَّل انتشار الهواتف الذكيَّة في البيوت، بدأت الكثير من المخاوف المُتعلقة بتأثيرها على نمو الأطفال وسلامتهم تلوح في الأفق.

لذا، إذا بدأت تشعر بالقلق حيال تعلُّق طفلك بالأجهزة الذكية وترغب في حمايته من آثارها السلبيّة وفي نفس الوقت الاستفادة من فوائدها العديدة، فإنّ هذا المقال من أجلك.

في هذا المقال، نتعمَّق في العلاقة المُعقَّدة بين الأجهزة الذكية والأطفال، ونستكشف الفوائد المحتملة التي تقدمها بالإضافة إلى الأضرار التي تنشأ عن استخدامها، كما نتطرّق إلى الاعتبارات التي يجب على الآباء التعامل معها لجعل علاقة الأطفال بالأجهزة الذكية أكثر توازنًا.

التأثير السلبي للأجهزة الذكية على الأطفال

ينطوي استخدام الأطفال للأجهزة الذكية على بعض المخاطر التي قد تنشأ من الاستخدام المفرط أو غير المناسب. وفي حين أنَّ الهواتف الذكية والأجهزة الذكية الأخرى توفر فوائد عديدة، فإنَّها تُشكِّل أيضًا العديد من المخاطر على صحة الأطفال الجسديَّة والعقليَّة والعاطفية. وتشمل بعض تلك الآثار السلبيّة ما يلي:

1. اضطراب النوم

طبقًا لدراسة أجرتها الأكاديميَّة الأمريكيَّة لطب الأطفال، فإنَّ استخدام الأجهزة الذكية قبل النوم يُمكن أن يُؤثّر على قدرة الأطفال على الدخول في النوم، حيث يتداخل الضوء الأزرق المُنبعث من شاشات الأجهزة الذكية مع إنتاج الميلاتونين، وهو الهرمون المسؤول عن تنظيم دورات النوم والاستيقاظ. 

بالإضافة إلى ذلك، قد ينخرط الأطفال الذين يستخدمون الهواتف الذكية قبل وقت النوم في أنشطة مُحفِّزة للعقل مثل ممارسة الألعاب أو مشاهدة مقاطع الفيديو مما يجعل من الصعب عليهم الاسترخاء قبل النوم. وعندما لا يحصل الأطفال على قسط كافٍ من النوم، يصبحون أكثر مزاجيَّة، ويصبح التركيز أكثر صعوبةً بالنسبة لهم، وهو الأمر الذي سيُؤثِّر بلا شك على جودة أدائهم الدراسي.

تصفّح قصص قبل النوم للأطفال على حدّوتة.

2. انخفاض النشاط البدني

نظرًا لأنّ استخدام الهواتف الذكية يتضمّن الجلوس أو الاستلقاء لفتراتٍ طويلة، فإنّها غالبًا ما تؤدي إلى نمط حياة يغلب عليه الخمول والكسل. فالوقت الذي يقضيه الأطفال على الهواتف الذكية يحل محل الوقت الذي كان من المُمكن أن يقضوه في مُمارسة أي نشاط بدني آخر كاللعب في الخارج، أو المشاركة في إحدى الألعاب الرياضيَّة.

ربما يرى البعض أنّه لا تعارض بين استخدام الأجهزة الذكية وممارسة الأنشطة البدنيّة، حيث يُمكن الجمع بينهما بسهولة. ردًا على هذه النقطة، أثبتت دراسة تم نشرها في المكتبة الوطنية للطب (NLM) أنّه يُمكن للهواتف الذكية أن تتنافس على جذب انتباه الأطفال من المشاركة في الأنشطة البدنيَّة. 

فمع جاذبيَّة الألعاب أو مقاطع الفيديو أو وسائل التواصل الاجتماعي، قد يكون الأطفال أقل ميلاً للمشاركة في اللعب في الهواء الطلق أو الذهاب إلى النادي الرياضي لمُمارسة رياضة مُعيّنة. إنَّ الإشباع الفوري الذي تُوفِّره الهواتف الذكية قد يجعل الأنشطة البدنية تبدو أقل جاذبيةً بالمقارنة.

وقد تتفاقم هذه المشكلة إلى مشاكل صحيّة أكبر، حيث يرتبط هذا النقص في النشاط البدني بزيادة خطر الإصابة بالسمنة والمشاكل الصحيَّة ذات الصلة. بالإضافة إلى ذلك، قد يتّخذ بعض الأطفال وضعيّة جلوس غير صحيحة أثناء استخدام الجهاز الذكي مع انحناء أكتافهم وثني رؤوسهم، مما يؤدي إلى ألم في الكتفين والظهر والرقبة على المدى الطويل.

اقرأ أيضًا: أهمية اللعب في تنمية مهارات أطفالنا وذكائهم

3. مشاكل الانتباه والتركيز

تُوفِّر الأجهزة الذكية عددًا كبيرًا من التطبيقات والألعاب والإشعارات المُستمرة التي يُمكن أن تُشتِّت انتباه الأطفال بشكلٍ كبير وتجعل من الصعب عليهم الاستمرار في التركيز على المهام. أضف إلى ذلك أنّ الاستخدام المُفرط للأجهزة الذكية – خاصةً عند الانخراط في أنشطة سريعة الوتيرة مثل الألعاب أو التمرير عبر الفيديوهات القصيرة على وسائل التواصل الاجتماعي – قد يُساهم في تقصير فترات الانتباه لدى الأطفال. وهذا يُمكن أن يجعل من الصعب عليهم مواصلة التركيز على الأنشطة التي تتطلَّب اهتمامًا وتركيزًا طويلًا، مثل القراءة أو الواجبات المنزليَّة.

وكما ذكرنا سابقًا، يُمكن للهواتف الذكية أن تؤثّر على دورة النوم لدى الأطفال، مما يؤدي إلى انخفاض الانتباه والتركيز خلال النهار، وهو الأمر الذي سيؤثّر على الأداء الدراسي بشكلٍ كبير.

4. العزلة الاجتماعيَّة

في حين أنَّ الأجهزة الذكية تُمكِّن الأطفال من البقاء على اتِّصال مع الأصدقاء والعائلة من خلال الرسائل النصيَّة ووسائل التواصل الاجتماعي ومكالمات الفيديو، إلا أنّ الاعتماد المُفرط عليها قد يُقلِّل من فرص التفاعل الاجتماعي وجهًا لوجه، وهو أمرٌ بالغ الأهميَّة لتطوير مهارات التواصل والتعامل مع الآخرين. 

وبعيدًا عن التواصل مع الأهل والأصدقاء، يُمكن للأجهزة الذكية أيضًا أن تُثني الطفل عن المشاركة في الأنشطة الخارجيَّة مع الأطفال الآخرين، والتي تُعتبر أمرًا مُهمًا للتنشئة الاجتماعية واكتساب مهارة التعامل مع الناس. وبمرور الوقت، يُمكن أن يؤدي ذلك إلى تفاقم مشاعر العزلة والوحدة، والتي ستترك أثرًا سلبيًا على شخصيّة الطفل وذكائه الاجتماعي والعاطفي حتى بعد البلوغ.

اقرأ أيضًا: 7 نصائح فعّالة لتنمية المهارات الاجتماعية لدى الأطفال

5. التأثير على الصحَّة العقليَّة

قامت دراسة حديثة أجراها أعضاء هيئة التدريس في قسم الطب النفسي بجامعة Yale وكليَّة التمريض بجامعة كولومبيا بتتبُّع الوقت الذي يقضيه مجموعة من الأطفال تتراوح أعمارهم بين 9 و 10 سنوات أمام الأجهزة الذكية. وجدَت الدراسة أنَّ الأطفال الذين أمضوا وقتًا أطول أمام الأجهزة كانوا أكثر عرضةً لحدوث تغييرات في نمو الدماغ والتي تسبَّبت بدورها في مشاكل دماغيّة أكبر ظهرت في غضون عامين. تتمثّل هذه المُشكلات في الشعور بالاكتئاب والقلق والآلام الجسديَّة، علاوةً على بعض المُشكلات النفسيّة. 

وتشير غالبيّة الأبحاث إلى أن الأطفال الذين قضوا وقتًا أطول أمام الشاشات كانوا أكثر عرضةً بشكل ملحوظ لما يلي:

  • مشاكل في تنظيم عواطفهم متمثلةً في فقدان القدرة على الحفاظ على الهدوء، والجدال أكثر من اللازم، وصعوبة الانسجام مع الآخرين.
  • عدم القدرة على إنهاء المهام.
  • انخفاض الفضول والرغبة في الاستكشاف.
  • صعوبة أكبر في تكوين صداقات.
  • انخفاض القدرة على ضبط النفس.
  • صعوبة التعامل معهم وتربيتهم بواسطة الوالدين.

اقرأ المزيد: 5 من أهم فوائد النوم المبكر للأطفال

فوائد استخدام الأجهزة الذكية للأطفال

في حين أنَّه قد يبدو من البديهي منع الأطفال من استخدام الأجهزة الذكية تمامًا لتجنُّب عواقبها، إلَّا أنَّه لا ينبغي كذلك غض الطرف عن فوائدها التعليميّة. فباستخدام هذه الأجهزة الصغيرة، يُمكن للأطفال من مُختلف الأعمار تطوير الكثير من المهارات والمعارف في وقتٍ مُبكر مقارنةً بالأطفال الآخرين الذين لا تتوفّر لديهم هذه الأجهزة. وفيما يلي أهم إيجابيّات استخدام الأجهزة الذكية للأطفال:

1. توفير العديد من أدوات التعلُّم

تُوفِّر الأجهزة الذكية ثروة من الموارد التعليميَّة، بما في ذلك التطبيقات التعليمية والكتب الإلكترونيَّة ومنصات التعلم عبر الإنترنت. يُمكن لهذه الأدوات أن تكون مكملةً لأساليب التعلم التقليدية، مما يُوفِّر للأطفال فرصًا لتجارب تعليميَّة مُصمَّمة خصيصًا لتناسب اهتماماتهم ومستوياتهم.

2. سهولة الوصول إلى المعلومات 

تتيح الأجهزة الذكية للأطفال إمكانيَّة الوصول إلى كميَّة هائلة من المعلومات والمعرفة في متناول أيديهم دون الحاجة إلى اللجوء للطرق التقليديّة مثل الذهاب إلى المكتبة واستعارة الكتب. فمن خلال الاتصال بالإنترنت، يُمكن للأطفال استكشاف مواضيع متنوعة وإجراء أبحاث للمشاريع المدرسيَّة علاوةً على إشباع فضولهم العلمي.

وبذلك، فإنّهم سيتفوَّقون بلا شك على أقرانهم الذين لا يستخدمون الأجهزة الذكية لمثل هذه الأغراض.

3. محو الأميَّة الرقميَّة

عندما يستخدم الأطفال الأجهزة الذكية، فإنَّهم يُعدون أنفسهم للتعامُل مع التقنيَّات الذكية التي لا غنى عنها. ففي عصرنا الحالي، لا يُمكن التعامل مع العالم إلا من خلال استخدام أجهزة الكمبيوتر والإنترنت والتطبيقات والأنظمة الذكية. وبدون التحلي بهذه المهارات الأساسيّة، لن يكون للشخص مكان في سوق العمل. وبالتالي، يجب السماح للأطفال باستخدام الأجهزة الذكية حتى لا يتخلّفوا عن باقي أبناء جيلهم.

4. الترفيه

تُوفِّر الأجهزة الذكية للأطفال إمكانيّة الوصول إلى مجموعة واسعة من المحتوى، بما في ذلك الرسوم المتحركة ومقاطع الفيديو القصيرة فضلًا عن الألعاب المُناسبة لمُختلف الفئات العمريّة. وبالرغم من خطورة الاعتماد الكامل على هذا النوع من الترفيه، إلّا أنّه قد يكون مناسبًا في حالة عدم إمكانيّة القيام بأي أنشطة ترفهيّة أخرى وبشرط التزام الطفل بالتوقيت المُحدّد لاستخدام الجهاز.

طرق للتحكُّم في استخدام الأطفال للأجهزة الذكيّة

بعد معرفة التأثير السلبي للأجهزة الذكية على الأطفال، لا شكَّ أنّ التحكُّم في استخدام الأطفال لهذه الأجهزة أصبح أمرًا ضروريًا لضمان سلامتهم. وفيما يلي بعض الطرق المُختلفة التي يمكن من خلالها للآباء تنظيم استخدام الأطفال للهواتف الذكية بشكلٍ مُتوازن ومسؤول:

1. تأجيل استخدام الأجهزة الذكيَّة حتى دخول المدرسة 

طبقًا لمُنظّمة الصحّة العالميّة، تتطوّر أدمغة الأطفال وأجسامهم بسرعة خلال مرحلة ما قبل المدرسة، وبالتالي يُمكن أن يتداخل وقت استخدام الجهاز الذكي مع الأنشطة البدنيَّة المُهمّة لنموهم وتطوير مهاراتهم الحركيَّة. ولذلك، فإنَّ الحد من استخدام الهواتف الذكية خلال هذه المرحلة يُشجِّع على المزيد من اللعب والاستكشاف، وهو أمرٌ حتمي للنمو البدني والذهني.

بالإضافة إلى ذلك، يستفيد الأطفال في هذه الفترة بشكلٍ كبير من التفاعلات مع أقرانهم حيث تُساعدهم في تطوير المهارات الاجتماعيّة والعاطفيّة، وهو الأمر الذي سيتضرَّر بشكلٍ كبير في حالة انشغال الطفل بالجهاز الذكي. وبالتالي، يُتيح تأخير استخدام الهواتف الذكية لما بعد هذه المرحلة للأطفال التركيز على بناء هذه المهارات الأساسيَّة من خلال التفاعل وجهًا مع العالم الحقيقي.

2. تحديد وقت للاستخدام 

إذا كان لا بد من استخدام الأطفال للأجهزة الذكية، فإنّ تخصيص وقت مُحدّد وتقليل فترات الاستخدام قدر المُستطاع يُمكن أن يُساعد في الخفض من أي آثار سلبيّة مُحتملة. من خلال وضع حدود واضحة للوقت اليومي الذي يقضيه الأطفال أمام الشاشة يوميًا، يُمكنك تشجيعهم على القيام بعدد من الأنشطة البديلة مثل اللعب في الهواء الطلق أو القراءة.

ويبقى للوالدين مُطلق الحريّة في اختيار الوقت الذي يستطيع فيه الأطفال استخدام أجهزتهم الذكية. وطالما ظلَّ الأطفال مُلتزمين بهذه الأوقات، سيكونون أكثر قابليّة لبناء علاقة صحيَّة مع التكنولوجيا! 

يُمكنك القيام بذلك إما من خلال تنبيه الطفل بشكلٍ مُباشر بانتهاء الوقت المسموح لاستخدام الجهاز الذكي، أو من خلال استخدام أحد تطبيقات الرقابة الأبويَّة مثل Google Family Link على الهاتف والتي تقوم بإطفاء الجهاز تلقائيًا بعد انتهاء الفترة التي حددتها مُسبقًا.

3. تفعيل إجراءات الرقابة الأبويّة

تأتي العديد من الأجهزة الإلكترونيَّة مُزوَّدة بخيارات الرقابة الأبويّة التي يُمكن للوالدين الاستفادة منها للتحكُّم في وقت التشغيل ونوع المحتوى الذي يُِشاهده الأطفال. ونظرًا لأن تكنولوجيا الأجهزة الذكيّة يُمكن أن تُعرِّض الأطفال لمحتوى غير لائق مثل العنف أو اللغة الفاضحة أو المواضيع الخاصَّة بالبالغين، يجب على الآباء أن يكونوا سبَّاقين في حماية أطفالهم من هذا النوع من المحتوى.

يُمكن لميزات الرقابة الأبويَّة أيضًا دعم التطوير التعليمي للأطفال من خلال إتاحة تشغيل التطبيقات والفيديوهات التعليميَّة فقط مما يضمن حصول الأطفال على المواد التعليميَّة المُناسبة لأعمارهم والتي تدعم تعلُّمهم ونموهم.

4. تنقيح المحتوى الذي يُشاهده الأطفال 

تُعد طبيعة المحتوى الذي يُشاهده الأطفال أمرًا بالغ الأهمية لنموهم بشكلٍ صحي، ولذلك فإنّ فحص المحتوى بواسطة الوالدين يضمن عدم تعرُّض الأطفال لمواد غير مناسبة. في وقتنا الحالي، تُوفِّر الأجهزة الذكيَّة إمكانية الوصول إلى مجموعة واسعة من المحتوى، بما في ذلك مواقع الويب ومقاطع الفيديو والتطبيقات ومنصَّات التواصل الاجتماعي. 

بدون التأكّد من المحتوى الذي يظهر للأطفال، قد يُصادفهم عن غير قصد محتوى عنيفًا أو للبالغين فقط أو غير مناسب بأي شكل من الأشكال، مما قد يكون له آثار سلبيَّة على تكوينهم النفسي.

وبدلًا من النظر إلى التكنولوجيا كمصدر للخطر فقط، يُمكن للآباء استغلالها جيدًا لمصلحة أطفالهم من خلال تنظيم المحتوى الذي يتوافق مع قيم ومعتقدات الأسرة. فمن خلال الإشراف على المحتوى، يُمكن للوالدين التأكُّد من تعرُّض أطفالهم للمواد التي تُروِّج للرسائل الإيجابيَّة والصفات الجيدة.

ختامًا، مع استمرار الأجهزة الذكية في الاندماج في حياتنا اليوميَّة، يجب أن يكون تأثيرها على أطفالنا محل مُراقبة دائمًا. وفي حين تُقدِّم الأجهزة الذكية فوائد لا يُمكن إنكارها من حيث سهولة الوصول إلى المعلومات وتوافر أدوات التعلُّم والترفيه، فإنَّها تفرض أيضًا مجموعة من التحديات، بما في ذلك المخاوف بشأن أضرارها الصحيّة والنفسيّة على الأطفال. 

ولذلك بدلًا من منعها بالكليّة، يُمكن للآباء وضع حدود واضحة بشأن استخدام أطفالهم للأجهزة الذكية، والتي تضمن الاستفادة من إمكاناتها مع تخفيف المخاطر المُرتبطة بها إلى أقصى درجة.

اقرأ أيضًا: الأجهزة الذكية والأطفال: الموازنة بين الفوائد والمخاطر

وأنت ماذا عنك؟ هل كان لديك تجربة مع تعلُّق طفلك بالأجهزة الذكية؟ أخبرنا في التعليقات كيف تمكّنت من معالجة الأمر، وما هي النصائح التي قد ترغب في توجيهها للآباء لعدم الوقوع في هذه المُشكلة؟ وأخيرًا، لا تنس الاشتراك في مدونتنا ليصلك كل جديد!

المصادر: aap، ncbi، medicine.yale، who، cune، conwaymedicalcenter

تربية ذكية: أسرار تنمية مهارات طفلك وتعزيز قدراته

لا شكّ أنّ الجميع يرغبون في رؤية أطفالهم وهم يزدهرون ويؤدون أداءً استثنائيًا في كل المجالات – سواءً في الدراسة أو في الحياة بشكلٍ عام – وأن يحققوا إمكاناتهم الكاملة. ولكن في نفس الوقت، وسط هذا البحر الهائل من نصائح الأبوة والأمومة، والنظريات التربويَّة، فإنَّ الطريق لزيادة مهارات طفلك قد يكون شاقًا

فالإنترنت مليء بالأفكار العمليَّة للآباء لتعليم وتنمية أطفالهم، ولكنَّ معظم الآباء قد يشعرون بالحيرة في وسط هذا الكم من الموارد! ولكن الخبر السار هو أنَّ هناك العديد من النصائح العمليّة والمُجرَّبة التي يُمكن للوالدين من خلالها تنمية أطفالهم بشكلٍ كبير ليكونوا مُتفوقين ومُتميزين بين أقرانهم

لذا، قمنا في هذا المقال بتجميع قائمة بأفضل وأهم النصائح التي تُغطي جميع القواعد عندما يتعلَّق الأمر بدعم نمو طفلك. سواءً كنت والدًا جديدًا تسعى للحصول على بعض التوجيه أو كنت تبحث عن وجهات نظر تربويّة حديثة وترغب في الاستثمار في رفاهية طفلك، فقد تم تصميم هذه المقالة لتزويدك بالمعرفة والأدوات اللازمة لتحسين نمو طفلك نفسيًا وعقليًا أيًا كان عمره.

1. تعزيز احترام طفلك لذاته

يبدأ الطفل في تكوين رؤيته عن نفسه وتطوير إحساسه بذاته عندما يُشاهد نفسه من خلال عيون والديه. هذا يعني أنّ طفلك يتلقَّى نبرة صوتك، ولغة جسدك، وكل تعبيراتك ويستوعبها جيدًا. وبالطبع، ستُؤثِّر كلماتك وأفعالك على نظرة طفلك لنفسه أكثر مما سيفعل أي شيء آخر. كما أنّ السماح له بتجربة الأشياء بشكلٍ مُستقل دون تدخلك سيجعله يشعر بالقدرة والقوّة

إنَّ الثناء على إنجازات الطفل – مهما كانت صغيرة – سيجعله يشعر بالفخر والثقة بالنفس. على النقيض من ذلك، فإنّ التعليقات التي تُقلِّل من شأن الطفل أو تُقارنه بشكل سلبي مع طفل آخر ستجعله يشعر بأنّه لا قيمة له، وهو الأمر الذي سينعكس على شخصيّته بشكلٍ كبير طوال حياته.

لذلك، تجنَّب مُطلقًا الإدلاء بعبارات سلبيّة وكن على يقين أنّ كلماتك لها تأثير لا يقل ضررًا عن الضربات الجسديَّة. حتى عندما يُخطئ الطفل، قم بتنبيهه وفي نفس الوقت اختر كلماتك بعناية ودعه يعرف أنَّ الجميع يرتكبون أخطاء وأنَّك لا تزال تحبه، حتى عندما لا تحب سلوكه.

2. تنمية مهارات التفكير النقدي والإبداعي

إنَّ مساعدة طفلك على تعلُّم مهارات حل المشكلات والتفكير الإبداعي تؤهله للنجاح في جميع مجالات الحياة. كما هو الحال مع كل شيء، الممارسة تؤدي إلى الكمال. لذلك، شجِّع طفلك على ممارسة التفكير النقدي من خلال طرح أسئلة مفتوحة تتطلَّب منه التحليل والتقييم وتقديم التفسيرات أو من خلال شراء بعض الألعاب التي تُنمي التفكير الإبداعي لديه. 

بالإضافة إلى ذلك، قم بمنح الفرصة لطفلك للمشاركة في الأنشطة الإبداعيَّة مثل الفنون والتي من شأنها أن تُحفّز الخيال وتُساعد على تطوير الجانب الإبداعي ومهارات حل المشكلات لدى طفلك.  

من المُهم أيضًا ألَّا تقوم بتقديم الحلول الفوريّة لمشاكل طفلك. بدلاً من ذلك، شجِّعه على التفكير بشكل مُستقل من أجل التوصُّل إلى حلول خاصّة به. بالطبع ستُقدِّم له التوجيه والدعم، ولكن اسمح له باستكشاف الاحتمالات المختلفة والتعلُّم من أخطائه.

اقرأ أيضًا: تنمية المهارات الإبداعية للأطفال من خلال الرسم.

3. مكافأة الطفل على السلوك الجيد

هل فكّرت يومًا في عدد المرات التي تتفاعل فيها يوميًا بشكلٍ سلبي مع طفلك؟ هل ترى أنّك تنتقد طفلك كثيرًا بينما لا تُثني عليه إلا نادرًا؟ حسنًا، ما هو شعورك تجاه مديرك الذي يُعاملك بنفس القدر من النقد السلبي، بينما لا يتوقّف كثيرًا عند أي إنجاز تقوم به؟ شعورٌ مزعج، أليس كذلك؟!

لذلك، فإنّ النهج الأكثر فعاليَّة هو الجمع بين الأمرين بنفس القدر، بمعنى أنّك تقف عند الأخطاء وعند السلوك الجيد كذلك. على سبيل المثال، يُمكنك أن تقول لطفلك عبارات مثل “لقد رتبت سريرك دون أن أطلب منك ذلك، هذا رائع!” أو “كنت أشاهدك وأنت تلعب مع أختك وكنت صبورًا للغاية، أحسنت”.

ستعمل هذه العبارات على تشجيع السلوك الجيد لطفلك على المدى الطويل، وستُحفزه ليقوم بالمزيد من الأشياء الجيدة ليحظى بالمزيد من التشجيع والكلام الإيجابي. علاوةً على ذلك، كن كريمًا بالمكافآت، فحبك واحتضانك وإطرائك يُمكن أن يصنع العجائب في شخصيّة طفلك. ومن خلال اتِّباع هذا النهج، ستجد أنّ طفلك يُطوّر المزيد من السلوكيَّات التي ترغب في رؤيتها. 

وفي نفس الوقت، من المُهم العثور على سلوك يستحق فعلًا الثناء عليه، لأنّ مدح الطفل على أي شيء حتى لو كان لا يستحق قد يأتي بنتائج عكسيّة ويُنمي شعورًا بالاستحقاقيّة السامّة لدى طفلك.

4. تنمية المهارات الاجتماعيَّة والعاطفيَّة للطفل

في مرحلة الطفولة، تخلق المُشاركة والاحتكاك مع الآخرين أساسًا قويًا لتطوير الذكاء العاطفي والقدرة على التعامُل مع الناس في المُستقبل. لذلك، احرص دومًا على تعليم طفلك مهارات التواصل الفعَّال، بما في ذلك الاستماع النشط، والتعبير عن نفسه بوضوح، وفهم الإشارات غير اللفظيَّة، والتعبير عن أفكاره ومشاعره بكل صراحة، ومن المُهم أن تمنحه الفرصة للحديث كما يريد.

عندما يبدأ الطفل في أولى مراحل التواصُل، فإنَّ أفضل ما يُمكنك القيام به من أجله هو أخذه للعب جنبًا إلى جنب مع الأطفال الآخرين، فتلك هي الطريقة المثاليَّة لدعم تنمية مهارات طفلك الاجتماعيَّة والعاطفيَّة. شجِّع طفلك على المشاركة في الأنشطة الجماعيَّة أو النوادي أو الألعاب الرياضيَّة حيث يمكنه التفاعل والتعاون مع غيره.

ومن الناحية الأخرى، من المُهم أن تُعلِّم طفلك أن يفهم مشاعر الآخرين ويُشاركهم قدر المُستطاع، وأن يتخيّل ما قد يشعر به الآخرون في المواقف المُختلفة وأن يُظهر التعاطف تجاههم. ولتحقيق كل ذلك، لا غنى عن توفير بيئة داعمة في المنزل حيث يشعر طفلك بالراحة في التعبير عن مشاعره ومناقشة تجاربه الاجتماعيَّة بحريّة.

اقرأ أيضًا: 10 كتب يجب أن يقرأهم طفلك لتنمية عقله وشخصيَّته!

5. كن قدوةً حسنة

يتعلَّم الأطفال الصغار الكثير عن كيفيَّة التصرُّف من خلال مراقبة والديهم بشكلٍ مُستمر. وكُلَّما كانوا أصغر سنًا، كلما أخذوا المزيد من الأفعال والصفات منهم. لذلك، قبل أن تقوم بأي فعل سيء أمام طفلك، فكِّر في هذا: هل تريد أن يتصرف طفلك بهذه الطريقة عندما يكبر؟ في الواقع، أظهرت العديد من الدراسات أنَّ الأطفال الذين لديهم سلوك عدواني عادةً ما يأتون بهذا السلوك من المنزل. 

ولهذا، انتبه إلى أنَّ أطفالك يراقبونك باستمرار وكُن نموذجًا للصفات التي ترغب في رؤيتها في أطفالك مثل: الاحترام، والود، والصدق، واللطف، والتسامح، والتعبير عن الشكر وتقديم الثناء، وتجنُّب العصبيّة. بمعنى آخر، تعامل بالطريقة التي تريد أن يتعامل بها أطفالك عندما يكبرون وتحلى بالسلوكيّات التي تُريدهم أن يتحلوا بها.

6. تواصل مع طفلك

لا يُمكنك أن تتوقَّع من طفلك أن يفعل كل شيء تطلبه منه لمُجرَّد أنك كوالد تقول ذلك. فالطفل يحتاج إلى التوضيحات بقدر ما يفعل الكبار. لذلك، يجب عليك أن تُخصص وقتًا ومجهودًا للشرح، حيث تُوضح فيه للطفل لماذا يجب عليه أو لا يجب عليه أن يقوم بسلوكٍ مُعيّن. فمن دون هذا النوع من التواصل والتوضيح، سيبدأ الطفل في التساؤل عن مدى أهميّة هذه القيم أو السلوكيّات وما إذا كان لها أي أساس، وقد يقوم بكسر قواعدك عندما لا تكون متواجدًا. 

إذا كانت هناك مشكلة أو سلوك سيء عند طفلك، قُم بوصفه والتعبير عنه أمام طفلك، وأشركه في الأمر للعمل معك على إيجاد حل على قدر استيعابه. وبجانب تضمين العواقب والتهديدات في كلامك، تأكّد أيضًا من تقديم الاقتراحات والخيارات والأسباب المُقنعة لطفلك. فتوضيح أسبابك أمام طفلك لمنع سلوك مُعيّن، سيجعله أكثر تحفيزًا لتنفيذ كلامك.

7. تشجيع الطفل على ممارسة الرياضة

عند الحديث عن تنمية الطفل سواءً جسديًا أو ذهنيًا، فلا يوجد أفضل من الرياضة لتُقدمها له. فمن خلال مُمارسة الرياضة، يُمكنك تحسين الصحّة العامّة واللياقة البدنيّة لطفلك، علاوةً على تطوير المهارات الحركيَّة وتحسين الترابط الذهني العضلي. بالإضافة إلى ذلك، تُشير الأبحاث إلى وجود علاقة إيجابيَّة بين المُشاركة الرياضيَّة والأداء الدراسي. يرجع السبب وراء ذلك إلى أنّ النشاط البدني المُنتظم يعمل على تحسين الوظائف الإدراكيَّة والتركيز والذاكرة، مما بدوره يُساهم في تحقيق الإنجازات الدراسيّة. 

أضف إلى ذلك أنّ مُمارسة الرياضة في سن مبكرة تُعزِّز نمط الحياة الصحي والنشط الذي يُمكن أن يمتد إلى مرحلة البلوغ. فكما أنّ العلم في الصغر كالنقش على الحجر، فإنّ العادات المُكتسبة في الطفولة تمتد إلى باقي مراحل الحياة. ولذلك، من المُرجَّح أن يستمر الأطفال في ممارسة الرياضة طوال حياتهم، وهو الأمر الذي سينعكس إيجابيًا على صحتهم على كلٍ من المدى القريب والبعيد. 

ونظرًا لأنّ ممارسة الرياضة تتطلَّب مهارات الانضباط وإدارة الوقت، سيتعلَّم الأطفال الموازنة بين التزاماتهم الرياضيَّة وبين الواجبات المدرسيَّة والمسؤوليات الأخرى، مما يؤدي إلى تطوير مهارات حياتيَّة مهمة يُمكن أن تساهم في نجاحهم في المستقبل.

اقرأ أجدد القصص القصيرة للأطفال حول الصحة والتغذية على حدّوتة.

8. خصِّص وقتًا لأطفالك

غالبًا ما يكون من الصعب على الآباء والأطفال الاجتماع معًا لتناول وجبة عائلية، ناهيك عن قضاء وقت ممتع معًا. ولكن يجب الأخذ في الاعتبار أنّه لا يوجد شيء يرغب فيه الأطفال أكثر من ذلك! وبالطبع لا حاجة للحديث عن مدى الآثار النفسيّة السيئة التي ستعود على الطفل إذا لم يجد الاهتمام الكافي من والديه. لكن يكفي القول أنّه غالبًا ما يتصرَّف الأطفال الذين لا يحصلون على الاهتمام الذي يريدونه من والديهم بشكلٍ سيء فقط لأنّهم يريدون أن تتم ملاحظتهم ليس أكثر. 

لذلك، من الأهميّة بمكان جدولة بعض الوقت مع طفلك. استيقظ مبكرًا بعشر دقائق في الصباح حتى تتمكَّن من تناول وجبة الإفطار مع طفلك وإجراء حديث قصير معه. وإذا كان جدولك مُزدحمًا، قُم بإنشاء ليلة خاصَّة كل فترة لتكونا معًا ودعه يُساعدك في تحديد كيفيَّة قضاء الوقت. 

ابحث عن طرق مُختلفة للتواصل مع طفلك، واستمع إليه قدر المُستطاع، لأنّ ذلك من شأنه أن يُساهم في الاستقرار النفسي لطفلك سواءً في مرحلة الطفولة أو بعدها. ولا تُشعر بالذنب إذا كنت لا تجد أي وقت لتقضيه مع طفلك، فحتى بعض الأشياء الصغيرة التي تقوم بها معه مثل صنع الفشار أو لعب الورق كفيلة بأداء المُهمّة بنجاح.

ختامًا، بينما ننهي مقالنا عن كيفيّة تنمية الطفل، من المُهم الأخذ في الاعتبار أنّه لا يوجد نهج واحد يناسب الجميع، فكل طفل له طبيعته الخاصّة، وله نقاط قوته ونقاط ضعفه. ومع ذلك، فإنّ المبادئ المذكورة في هذا المقال هي مبادئ إرشاديّة هامّة يُمكنك الاعتماد عليها  في رحلتك لتنمية طفلك.

لذا، قم بتطبيق هذه السلوكيّات الثمانية الهامّة مع طفلك، وسوف تُحسِّن بشكل كبير فرص طفلك في النمو نفسيًا وذهنيًا في المستقبل. إنَّ منح طفلك أفضل الأدوات لتحقيق النجاح في المستقبل لا علاقة له بالمال أو موارد التعلُّم الباهظة، بل بتعلّق الأمر بك وبوقتك وبمستوى مشاركتك. وأخيرًا، لا تنسَ الاشتراك في مدونتنا حتى يصلك كل جديد من مقالاتنا المُفيدة والمُمتعة.

المصادر: connectionsacademy، magrid.education، futurekayan

5 قصص قصيرة ملهمة يجب أن يسمعها كل طفل

في عالم الطفولة الساحر، تحتل القصص مكانةً خاصَّة في قلوب الأطفال. ولا تُُعد هذه القصص مُجرَّد مصدر للترفيه قبل النوم فحسب، ولكنَّها أيضًا أداة قوية للتعلُّم والنمو نظرًا لما تحتويه من العبر والدروس المُفيدة، مما يجعلها بمثابة لَبِنات البناء الأساسيَّة لتشكيل طباع وشخصيّة الطفل. 

وفي عالمٍ تُهيمن فيه شاشات الأجهزة الذكيّة على الكثير من انتباه الأطفال، فإنّ البحث عن قصص الأطفال والحرص على روايتها عليهم بشكلٍ مُنتظم ونقل الحكمة الموجودة بين سطورها إلى عقولهم يُعد أمرًا بالغ الأهميّة. 

في هذا المقال، سوف نستكشف مجموعة مختارة من القصص القصيرة التي تم اختيارها بعناية لتتناسب مع مُختلف الأعمار، والتي لا تُعد مسلَّية فحسب، بل مُشبَّعة أيضًا بالعديد من الدروس القيّمة في الحياة. لذا، إذا كُنت تبحث عن قصص قصيرة للأطفال، فإنّ هذا المقال من أجلك!

أجمل قصص الأطفال لترويها لطفلك

1. السلطعونات في الدلو

في إحدى القرى الساحليّة الجميلة، كان هناك بائعان مَرِحان يبيعان السلطعونات في السوق. كان الأوّل يبيع السلطعونات المعروفة بانضباطها ونظامها، بينما يبيع الآخر السلطعونات المعروفة بطبيعتها العشوائيّة والفوضويّة. كان الناس يُحبون كلا البائعين بسبب الحيويَّة التي جلباها إلى السوق ونضارة صيدهم التي لا مثيل لها.

وفي صباحٍ مُشرق، وصلت إلى القرية مُسافرة تُحب الاستكشاف تُدعى آنا. لقد سمعت الكثير من الحكايات عن أسواق السلطعون الشهيرة وكانت حريصة على مُشاهدتها بنفسها. وبينما كانت تتجوَّل بين الأكشاك المُلوَّنة في السوق، انجذبت نظرتها إلى سلطعونات البائع الأول، والتي كانت محفوظة في دلو مُغطَّى بغطاءٍ من الأعلى. مفتونةً بهذا المنظر، اقتربت من البائع.

“صباح الخير! لا يسعني إلا أن ألاحظ الغطاء الموجود على دلو السلطعون الخاص بك. هل هناك سبب مُعيَّن لذلك؟”

استقبلها البائع بابتسامة دافئة وأوضح لها: “آه، نعم! الغطاء ضروري بالفعل. هذه السرطانات منضبطة تمامًا وتميل إلى العمل معًا. وبدون ذلك، فإنَّهم سيُساعدون بعضهم البعض ويهربون معًا. إنَّهم أذكياء نوعًا ما!”

انبهرت آنا بما سمعت وأعربت عن امتنانها ثم واصلت رحلتها. وسرعان ما صادفت الكشك الثاني، حيث لفت انتباهها دلو مفتوح به الكثير من السلطعونات، وقد لاحظت أنَّ أحد السلطعونات قد وصل إلى الحافَّة تقريبًا، لكن رفاقه قاموا بسحبه للدلو مرةً أخرى!

بدافع الفضول، سألت آنا صاحب الكشك: “لماذا لا تهرب هذه السلطعونات من الدلو؟ ليس هناك غطاء على دلوهم يمنعهم من الخروج!”

أجاب صاحب الكشك بضحكةٍ خافتة: “آه، إنَّ الأمر مُختلف مع هذه السلطعونات. في هذا الدلو، عندما يحاول أحدهم الهروب، يقوم الآخرون بسحبه إلى الأسفل. لقد فشلت هذه السلطعونات في رؤية أنَّه من خلال العمل معًا، يُمكنهم جميعًا الهروب. ولكنَّهم على العكس من ذلك، يُفضِّلون عدم تمكُّن أحدهم من المغادرة”.

أمضت آنا بقية اليوم في التفكير في سلوكيات السلطعونات المتناقضة. في ذلك المساء، بينما كانت تجلس بجانب البحر وأفكارها تتأرجح وتتدفق مثل الأمواج، أدركت أنَّ قصة السلطعونات كانت أكثر من مُجرَّد قصة هروب، إنّها تعكس طبيعة الحياة نفسها!

المغزى من القصّة

تُشير هذه القصّة إلى أهميّة العمل الجماعي من أجل الوصول إلى الأهداف المُشتركة، كما تلفت النظر إلى الطبيعة المُدمِّرة للحسد وكيف يُمكن أن يعيق التقدم الفردي والجماعي معًا.

يُمكن اعتبار سلوك السلطعونات في سحب بعضها البعض للأسفل بمثابة مظهر من مظاهر الحسد، مما أدى في النهاية إلى مواجهتهم جميعًا نفس المصير المُتمثّل في حبسهم معًا في الدلو. إنَّ هذه القصّة بمثابة تذكير بالتأثير السلبي للغيرة وأهميَّة دعم بعضنا البعض من أجل تحقيق النجاح معًا!

2. كفاح الفراشة

في حديقةٍ خضراء جميلة مليئة بالزهور المُلوَّنة والحشرات الطنَّانة، كانت هناك شرنقة صغيرة تتدلَّى من غصن. داخل الشرنقة، كانت هناك فراشة تحاول الخروج جاهدةً لتبدأ حياتها الجديدة. كانت الحديقة لرجلٍ لطيف يُدعى السيد جرين، والذي كان يُحب الاعتناء بحديقته، التي يعتبرها ملاذه الآمن والمكان الذي يُحب أن يجد فيه السلام النفسي والسعادة. 

وفي صباح أحد الأيام المُشمسة، بينما كان السيد جرين يسقي الورود في الحديقة، لاحظ وجود الشرنقة، وقد لمعت عيناه بالفضول والقلق وهو يشاهد الشرنقة تتمايل قليلاً وتهتز أثناء محاولة الفراشة جاهدةً الخروج.

“أوه، أنت تواجهين وقتًا عصيبًا للغاية!” همس في الشرنقة، وهو يشعر بالتعاطف مع الفراشة. وتخيَّل كم سيكون رائعًا أن يرى الفراشة تتخلّص من معاناتها وتخرج سريعًا لتملأ الحديقة بألوانها الجميلة النابضة بالحياة.

كان قلب السيد جرين يتألَّم لأجل هذه الفراشة المُكافحة، وقرّر أن يُساعدها. وعلى الفور ذهب لإحضار مقص من حقيبة أدواته، وبأقصى قدرٍ من العناية قام بقص الشرنقة لعمل فتحة تستطيع الفراشة الخروج من خلالها. وبالفعل، انفتحت الشرنقة وخرجت الفراشة وانتفخ جسدها وتكوَّمت أجنحتها.

ابتسم السيد جرين من هذا المنظر الرائع، مُتوقعًا أن تفرد الفراشة جناحيها وتطير في الهواء في أي لحظة. لكنّ الفراشة لم تُحرّك أجنحتها مُطلقًا!

“لماذا لا تطير؟” سأل السيد جرين نفسه بهدوء، وتحوَّلت ابتسامته إلى ارتباك.

وفي تلك اللحظة أدرك الحقيقة! لقد كانت الفراشة تحتاج إلى الكفاح للخروج من الشرنقة من أجل دفع السوائل من جسمها إلى أجنحتها، حتى تتمكّن من الطيران. ومن خلال قطع الشرنقة وتسهيل خروجها، أعاق السيد جرين هذه العمليّة الطبيعيّة دون قصد.

وضع السيد جرين الفراشة بلطفٍ على زهرة ناعمة ومتفتحة، ثم جلس يراقبها وقد أصبحت الآن غير قادرة على الطيران. وفي خلال الأيّام والأسابيع التالية، كان السيد جرين يراقب بصبر الشرانق الأخرى أثناء خروج الفراشات منها. كلٌ منها يكافح، وكلٌ منها ينجح!

تنهَّد، وقد بزغ عليه شعور عميق بالفهم. “اعتقدتُ أنني كنت أساعدك، لكنني أرى الآن أنَّ كفاحك كان ضروريًا. لقد كانت طريقتك لتصبحي أقوى.”

المغزى من القصّة

تُعد هذه القصّة من أجمل قصص الأطفال التي تُوضّح أهميّة بذل الجهد والكفاح في الحياة. تُعلّم هذه القصّة الأطفال أنّ الصعوبات التي نواجهها في الحياة ليست مُجرَّد عقبات، ولكنَّها جزء أساسي من نمونا وتطورنا. إنَّها طريقة الطبيعة لتجعلنا أقوى، وتُجهِّزنا للتحليق بكل ما أوتينا من قوّة!

3. الحطَّاب الأمين

على حافَّة غابة كثيفة وساحرة، كان يعيش حطّاب يُدعى هنري. لقد كان رجلاً مُجتهدًا وأمينًا يكدح كل يوم من أجل إعالة أسرته التي يُحبها. كان منزل هنري عبارة عن كوخ صغير، ولكنّه مليئ بالسعادة والضحك والدفء، وذلك بفضل زوجته وطفلَيه. في كل صباح، كان هنري يُودّع عائلته ويتوجه إلى الغابة بفأسه القديم، ليقطع الأخشاب ويبيعها في سوق القرية.

وفي أحد الأيام المُشرقة، بينما كان يقطع الأخشاب بجانب بحيرة عميقة صافية، انزلقت يدا هنري، وتطاير فأسه الوحيد من قبضته، وسقط في الماء. في ذهول، جلس هنري على حافَّة البحيرة، وقلبه مثقلٌ بالقلق. كيف يُمكنه أن يكسب لقمة العيش ويعيل أسرته بدون فأسه؟

وبينما كان يجلس هناك محتارًا لا يدري ماذا يصنع، ظهر تموُّج لطيف عبر سطح البحيرة. ومن المياه المتلألئة ظهر كائن سحري، وهو حوريَّة البحيرة اللطيفة. كان حضورها يشع باللطف والبهجة، وتراقصت أشعة الشمس على القطرات الملتصقة بشعرها وثوبها.

“لماذا تبكي أيها الحطَّاب اللطيف؟” “سألت الحورية بصوتٍ رخيم.

نظر هنري إليها وأجاب بصوتٍ مليء بالحزن: “لقد فقدت فأسي في بحيرتك، وكانت هذه هي الوسيلة الوحيدة التي كانت لدي لإعالة عائلتي”.

ابتسمت الحورية بلطف وغطست في البحيرة. وبعد لحظات قليلة، ظهرت وهي تحمل فأسًا ذهبيًا رائعًا، نصله يلمع في ضوء الشمس، وسألت “هل هذا هو فأسك؟”

هزَّ هنري رأسه. “لا، هذا ليس فأسي.”

أُعجبت الحوريَّة بصدقه، فغطست مرةً أخرى، وعادت هذه المرة بفأس فضي جميل يلمع مثل ضوء القمر. “وهذا، هل هو لك؟” 

مرةً أخرى، أجاب هنري بصراحة: “لا، هذا ليس ملكي أيضًا. كان فأسي بسيطًا بمقبض خشبي”

للمرة الثالثة، غاصت الحورية في البحيرة، محدثةً تموجات تتلألأ في الشمس، وأحضرت فأسًا حديديًا قديمًا، اهترئ من كثرة سنوات الاستخدام. وسألت: “ماذا عن هذا الفأس؟”

بابتسامة ارتياح وفرح، صاح هنري: «نعم! هذا هو فأسي، شكرًا لك!”

لقد تأثَّرت حورية الماء بصدق هنري لدرجة أنها قررت مكافأته. قالت بابتسامةٍ لطيفة: “صدقك يستحق المكافأة”. ولم تسلّمه فأسه فحسب، بل أعطته أيضًا الفأسَيْن: الذهبي والفضي.

شكر هنري الحورية كثيرًا وعاد إلى المنزل وقلبه مليئ بالفرح وذراعاه مثقلتان بالفؤوس الثمينة. ولكن الأهم من ذلك أنَّه استمر في عيش حياته بنفس الصدق والنزاهة اللذين كانا السبب في حصوله على هذه المكافأة!

المغزى من القصّة

إذا كُنت تبحث عن قصص للأطفال لتعليمهم فضيلة الصدق، فإنّ هذه القصّة هي خيارك المثالي. على الرغم من كون الحطّاب في موقف صعب، اختار أن يقول الحقيقة بدلاً من المُطالبة بالفؤوس القيِّمة التي لم تكن له. نتيجةً لذلك، تمَّت مكافأة نزاهته ليس فقط بإعادة فأسه ولكن أيضًا بهدايا تجاوزت بكثير قيمة الفأس الأصلي الذي فقده.

حتى عندما يبدو أنَّ الصدق قد يؤدي إلى خسارة أو ضرر، فإنّ الحفاظ على الأمانة والنزاهة يُمكن أن يؤدي إلى نتائج أفضل بكثير مما كُنّا نتوقّع.

4. الضفادع المُتسلِّقة

ذات مرة في غابةٍ خضراء جميلة، كانت هناك مجموعة من الضفادع تنظر بدهشة إلى مبنى شاهق، وقرَّرت أن تضع لنفسها تحديًا: الصعود إلى قمَّة هذا المبنى المخيف. انتشرت أخبار التحدي بسرعة، وسرعان ما تجمَّعت الحيوانات من جميع أنحاء الغابة لمُشاهدة الضفادع. بدأ السباق بحماس، حيث بدأت الضفادع بالتسلُّق وسط هتافات وإثارة الجمهور.

ومع ذلك، مع ارتفاع البرج نحو السماء، أصبح التسلُّق أكثر صعوبة. بدأ حشد الحيوانات – الذي كان داعمًا في البداية – في الشك في قدرة الضفادع على الوصول إلى القمة. “إنَّه مرتفعٌ جدا! لن تنجحوا أبدًا. هذا مستحيل!”

عند سماع هذه الكلمات المُحبطة، بدأت الضفادع تفقد شجاعتها واحدًا تلو الآخر. وبسبب الشك والإرهاق، بدأوا في الانسحاب من السباق، وتخلوا عن هدفهم في الوصول إلى القمة. جميعهم باستثناء واحد! 

واصل هذا الضفدع الصغير المُتبقي التسلُّق، دون أن تُعيقه الأجواء السلبيَّة المُتصاعدة من الأسفل. كان يتسلَّق أعلى وأعلى، رافضًا الاستسلام. تساءلت الحيوانات الواقفة بالأسفل: “لماذا يستمر؟ ألا يستطيع سماعنا؟”

وأخيرًا، ورغم كل الصعاب، وصل الضفدع الصغير إلى القمَّة، واندلع الحشد في دهشةٍ وإعجاب. ثم تبيَّن بعد ذلك أنَّ هذا الضفدع كان أصمًا، ولم يكن يسمع الكلمات المُثبِّطة التي كانوا يقولونها. في الواقع، لقد كان يعتقد أن الجمهور يهتف له، مما زاد من تصميمه على النجاح. وكانت النتيجة أنّه نجح بالفعل ووصل إلى قمّة المبنى الشاهق.

المغزى من القصّة

تُعد هذه القصّة واحدة من بين أفضل قصص الأطفال التي تُعلّم الثقة بالنفس والإصرار على الهدف حتى عندما يشكك الآخرون. في بعض الأحيان، قد يكون تجاهل الأذن للسلبيَّة والتثبيط هو المفتاح لتحقيق أحلامك!

5. حبال الفيلة

ذات مرَّة في قريةٍ صغيرة، كان هناك مُخيَّم للأفيال، يضم عددًا كبيرًا من الأفيال الضخمة المهيبة. زار صبيٌ صغير فضولي هذا المُخيَّم وقد لاحظ شيئًا غريبًا للغاية، وهو أنَّ كل فيل مربوط بحبلٍ صغير إلى وتد في الأرض.

اقترب الطفل في حيرةٍ من مُدرب الفيلة وسأل وهو يشير إلى الحبال: “عفوا يا سيدي، لماذا هذه الأفيال العملاقة مربوطة بهذه الحبال الصغيرة فقط؟ ألا يُمكنهم قطعها بسهولة وتحرير أنفسهم؟”.

ابتسم المدرب بلطفٍ للصبي الصغير وقال: “كما ترى، عندما كانت هذه الأفيال مُجرَّد أطفال صغار، استخدمنا نفس هذه الحبال لربطهم. في ذلك الوقت، كانت قويَّة بما يكفي لاحتجازهم ومنعهم من الهروب. لقد حاولوا التحرُّر، لكنَّهم لم يستطيعوا. وفي النهاية، قرروا التوقُّف عن المحاولة.

“لكنهم الآن ضخام جدًا وأقوياء! ألا يُمكنهم قطع الحبل أو كسر الوتد الآن؟” تساءل الصبي بصوتٍ تملأه الدهشة.

“نعم، يُمكنهم ذلك بالطبع”، أومأ المدرب برأسه. “ولكن لأنَّهم يعتقدون أنهم لا يستطيعون ذلك، فإنَّهم لا يحاولون حتى.”

نظر الصبي الصغير إلى الأفيال وهو يُفكِّر بعمق، وقال بصوتٍ عال: “هم يعتقدون بأنَّهم لا يستطيعون قطع الحبل لمُجرَّد أنهم لم يتمكنوا من ذلك عندما كانوا صغارًا!”

“بالضبط،” أجاب المدرب. “إنَّهم يحملون هذا الاعتقاد من ماضيهم بأنَّهم لا يستطيعون التحرُّر، لذلك لا يحاولون كسر الأوتاد.”

اتَّسعت عيون الصبي وقال: “يبدو الأمر كما حدث معي عندما أعتقدتُ أنني لا أستطيع تسلُّق شجرة المانجو الكبيرة لأنني سقطت مرة واحدة. ولكن بعد ذلك حاولت مرة أخرى الأسبوع الماضي، ونجحت في ذلك!

ضحك المدرب. “نعم تماما مثل ذلك. في بعض الأحيان، يُمكننا أن نفعل أكثر مما نعتقد. علينا فقط أن نؤمن بأنفسنا وألَّا ندع إخفاقات الماضي توقفنا.

ابتسم الصبي الصغير وهو ينظر إلى الأفيال بعيونٍ لامعة. “شكرا لك سيدي! سأخبر أصدقائي أنَّه لا ينبغي عليهم الاستسلام، وبالطبع لن أستسلم أنا أيضًا مهما يكن!

وبقلب مليء بالحكمة الجديدة المُكتسبة، ركض الطفل ليشارك قصة الفيلة والحبل مع أصدقائه، مذكرًا الجميع بأنه لا ينبغي عليهم أبدًا أن يدعوا إخفاقات الماضي تُحدد مستقبلهم!

المغزى من القصّة

تُعلِّمنا هذه القصَّة أنَّ القيود غالبًا ما تكون نفسية ومفروضة ذاتيًا. تمامًا مثل الأفيال التي تعتقد أنها لا تستطيع التحرر من الحبل بسبب تجاربها السابقة. ولذلك، قد يتمسَّك الناس بمعتقدات خاطئة عن أنفسهم بناءً على إخفاقاتهم السابقة. 

وبالتالي، فإنّ الانتصار الحقيقي يبدأ حين نؤمن بأنفسنا ونتخلّص من أي صورة سلبيّة محفورة في عقولنا عن ذواتنا.

ومع وصولنا إلى نهاية استكشافنا لعالم قصص الأطفال التي تحتوي على مجموعة من أجمل الدروس والعبر، نرى كيف أنّ لهذه القصص دور حيوي في تشكيل شخصيّة الطفل. فمن خلال تعلُّقهم بشخصيّاتها وتأثُّرهم بها، تُوفّر قصص الأطفال الأساس الذي يُمكنهم من خلاله بناء فهم قوي لمبدأ الصواب والخطأ. 

وفي عصرٍ تتواجد فيه عوامل التشتيت الرقميَّة بشكل دائم، يُمكن لبساطة وعمق معاني قصص الأطفال التي يتم سردها جيدًا أن تستحوذ على خيال الطفل بطريقةٍ رائعة. وبالتالي، تقع على عاتق الآباء مسؤوليّة رواية هذه القصص الرائعة لأطفالهم قبل النوم. 

وتذكّر دومًا أنّ القصص التي نشاركها مع الأطفال اليوم ستشكل البالغين الذين سيأتون غدًا! وأخيرًا، لا تنسَ الاشتراك في موقعنا ليصلك المزيد من المحتوى الرائع والمُفيد عن كل ما يخص تربية الأطفال!

المصدر: dreamlittlestar

كيفية التعامل مع بكاء الأطفال: دليل شامل للآباء

يُعد بكاء الأطفال جزءًا طبيعيًا وأساسيًا من مرحلة الطفولة، وهو أحد أهم أشكال التواصل وأكثرها فعاليَّة بالنسبة لهم. وعلى الرغم من شيوع هذا الأمر، إلا أنَّ الكثير من الآباء قد يجدون أنّ التعامل مع طفل يبكي هو أمر مُقلق ومُرهق للأعصاب في كثيرٍ من الأحيان. في الواقع، يُمكن لصوت بكاء الأطفال أن يثير مجموعة من الاستجابات العاطفية لدى الآباء، بدءًا من التعاطف والقلق وحتى الغضب والإحباط. 

وبالتالي، فإنّ تعلُّم بعض الاستراتيجيَّات الفعَّالة لتهدئة الطفل الذي يبكي ودعمه عاطفيًا يُمكن أن يُسهّل الأمر كثيرًا ويُحوِّل هذه اللحظات الصعبة إلى فرص لتقوية العلاقة بين الآباء والأطفال.

في هذا المقال، سوف نُقدّم 5 أساليب تم إثبات فعاليّتها علميًا في التعامل مع بكاء الأطفال، والتي تتناسب مع مُختلف الفئات العمرية ومُختلف المواقف. وفي النهاية، سيكون لديك فهم أعمق للأبعاد المُختلفة لبكاء الأطفال وستكون مستعدًا للتعامل بشكلٍ أفضل مع هذه المواقف بثقةٍ وتعاطف.

6 نصائح للتعامل مع بكاء الأطفال

1. كن هادئًا

قد يكون تحمُّل بكاء الأطفال أمرًا صعبًا، لكنَّ الحفاظ على الهدوء هو أمر ضروري للتعامل مع هذا الأمر. بغض النظر عمَّا إذا بدأ طفلك في البكاء في المنزل أو في أحد الأماكن العامَّة، فإنَّ أفضل شيء يُمكنك القيام به هو التزام الهدوء لمُساعدته في التغلب على مشاعره.  فعلى أي حال، تحتاج تلك الدموع إلى الخروج ويجب أن تكون أنت الملاذ الآمن لخروجها.

سيتيح لك الحفاظ على الهدوء تقييم الموقف بشكلٍ أكثر فعاليَّة واستيعاب طفلك بدلاً من الرد بعصبيّة. غالبًا ما يبكي الأطفال لأسباب مختلفة: قد يكونون متعبين، أو جائعين، أو مُحبطين، أو خائفين، أو ببساطة يبحثون عن الاهتمام. ولن يُمكنك النظر في كل هذه الاحتمالات ومعالجة السبب وراءها إلا من خلال التحلي بالهدوء.

بالإضافة إلى ذلك، فإنّ الأطفال لديهم درجة عالية من الإدراك، حيث يُمكنهم الشعور عندما يكون البالغون متوترين أو مضطربين، مما قد يؤدي إلى تفاقم مشاعرهم. ومن خلال التزامك بالهدوء، فإنَّك تمنح شعورًا لا إراديًا للطفل بالاستقرار والأمان، مما يُسهِّل عليه تنظيم مشاعره في نهاية الأمر.

لا شكّ أنّه قد يكون من الصعب على الجميع اتِّباع هذه النصيحة عند التعامل مع بكاء الأطفال، خاصةً إذا كُنت متعبًا أو مُتوترًا، لكن تأكّد أنّ الأمر يستحق!

2. لا تُجبره على التوقُّف عن البكاء

عندما تواجه طفلاً يبكي، فمن الطبيعي أن ترغب في توقُّفه عن البكاء بسرعة. ومع ذلك، فإنّ من الأخطاء الشائعة التي يقع فيها بعض الآباء عند التعامل مع بكاء الأطفال هي إخبار الطفل أن يتوقّف عن البكاء فورًا أو أي عبارات مشابهة لمنعه من البكاء.

إنَّ مطالبة طفلك بالتوقف عن البكاء يُشبه تمامًا مطالبته بالتوقف عن الرغبة في الحصول على الكعكة اللذيذة التي يرغب في تناولها! ورغم أنَّ هذا الأسلوب قد يبدو حسن النيَّة، إلا أنَّه ليس مفيدًا على الإطلاق ومن المُمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسيّة.

تذكّر دومًا أنّ بكاء الأطفال هو وسيلة طبيعيَّة وصحيَّة للتعبير عن أنفسهم عندما يشعرون بالانزعاج أو الإرهاق أو الشعور بعدم الراحة في المُطلق. من خلال تجاهل بكائهم وأمرهم بالتوقُّف، فإنّك تُشير عن غير قصد إلى أنَّ مشاعرهم ليست مهمة. ويُمكن أن يؤدي ذلك إلى ارتباك الطفل أو شعوره بالإحباط، مما قد يؤدي بدوره إلى إطالة نوبة البكاء أكثر.

لذلك، بدلاً من إخبار الطفل بالتوقف عن البكاء، هناك أشياء أفضل بكثير يمكنك قولها لمساعدته على الهدوء. ابدأ بالنزول إلى مستوى عينه، وقم بعمل تواصل بصري لطيف، واستخدام نبرة صوت هادئة. بعد ذلك، يُمكنك توفير الطمأنينة والدعم له وإخباره بأنّك موجود لمساعدته كما سنذكر في الخطوات التالية. 

اقرأ أيضًا: 5 نصائح فعّالة للتعامل مع الطفل العصبي

3. ساعده على التعبير عمّا بداخله

يُعد أحد الأسباب الرئيسيّة وراء بكاء الأطفال هو أنّهم غالبًا ما يُعانون من صعوبة في التعبير عمّا بداخلهم من مشاعر أو حتى فهمها بشكلٍ كامل. لذلك، تُعد مساعدة طفلك في العثور على الكلمات التي تعبر عن مشاعره خطوة حاسمة لتعزيز التواصل الفعَّال بينكما وحثّه ليتوقّف عن البكاء. ومن خلال توجيهه للإفصاح عمّا بداخله، فإنَّك لا تساعده في التعبير العاطفي فحسب، بل تعلمه أيضًا مهارات قيِّمة عن الوعي الذاتي والتحكُّم في المشاعر.

أولًا، قم بإنشاء بيئة آمنة وداعمة حيث يشعر طفلك بالراحة في مشاركة مشاعره دون خوف منك. يُمكنك أن تقول شيئًا مثل: “لقد لاحظت أنك تبدو منزعجًا. هل يُمكنك أن تخبرني ما الذي يزعجك؟” أو “لا بأس أن تشعر بالحزن. هل ترغب في التحدث عمَّا حدث؟”

من المُهم أيضًا أن تشجِّع طفلك على استخدام اللغة الوصفيَّة للتعبير عن مشاعره، وساعده على تحديد وتصنيف مشاعر مُعيَّنة مثل الحزن أو الإحباط أو الغضب أو الخوف أو خيبة الأمل. على سبيل المثال، يُمكنك أن تطرح أسئلة مثل: “هل تشعر بالغضب لأن لعبتك انكسرت؟” أو “هل أنت حزين لأنك تفتقد صديقك؟” ومهما يكن، تجنَّب تمامًا تجاهل مشاعره أو التقليل من شأنها، حتى لو بدا لك الموقف تافهًا لا يستحق!

ومن خلال مُساعدة طفلك في العثور على الكلمات التي تُعبِّر عمّا يجري بداخله، فإنَّك تمكنه من التواصل والتحكُّم في عواطفه بشكلٍ أكثر فاعليّة. وبهذه الطريقة، فإنّك تضع حجر الأساس لطفلك للتعامل مع المُشكلات، والتحلي بالمرونة العاطفيَّة في المستقبل – وهو ما يُعد أمرًا هامًا للتعامل مع بكاء الأطفال

4. أظهر تفهمك

يُعد بكاء الأطفال بمثابة طريقتهم المُثلى للتعبير عمّا بداخلهم. فعندما يُعبِّر الأطفال عن مشاعرهم – سواءً من خلال البكاء أو الغضب أو الحزن – فمن الضروري الاعتراف بهذه المشاعر وتقبُّلها بدلاً من رفضها أو إنكارها. لذا بمُجرَّد أن تفهم ما يشعر به طفلك، تأكّد من صحة هذه المشاعر، وأظهر تفهمك لها.  يتضمَّن ذلك التعاطف مع وجهة نظر الطفل، حتى لو كنت لا تتفق تمامًا معها أو ترى أنّها لا تستحق. على سبيل المثال، إذا كان طفلك منزعجًا لأن صديقه لم يرغب في اللعب معه، فيمكنك أن تقول: “أستطيع أن أرى أنك تشعر بالحزن الآن، فالأمر يكون صعبًا عندما لا يرغب الأصدقاء في اللعب”. 

ولا يعني هذا بالضرورة الموافقة على سلوك الطفل أو التغاضي عنه، حيث يُمكنك إظهار تفهمك لمشاعر طفلك مع الاستمرار في وضع الحدود المناسبة أو معالجة السلوك بشكلٍ حازم. على سبيل المثال، إذا كان طفلك يبكي لأنه لم يحصل على ما يريد، يمكنك أن تقول له: “أتفهم أنَّك تشعر بالإحباط، لكنّك لن تحصل على هذا الشيء والبكاء ليس أمرًا مقبولًا. دعنا نجد طريقة مُختلفة لحل هذه المشكلة”.

بهذه الطريقة، ستُوصّل لطفلك أنَّ مشاعره مُهمَّة وتستحق الاهتمام – وهو الأمر الذي سينعكس بالإيجاب على نفسيّة الطفل أثناء لحظات الضيق أو البكاء – دون الاضطرار إلى تنفيذ كل ما يطلبه. ومع الوقت، ستضمن تقوية علاقتك بطفلك وبناء ما يكفي من الثقة لجعله يأتي إليك مع جميع مخاوفه ومشاعره في المستقبل. 

5. الإلهاء بشيء يُحبه

إذا قمت بكل الحيل التي ذكرناها للتعامل مع بكاء الأطفال وما زال طفلك لا يهدأ، فقد يكون الوقت قد حان لإلهائه قليلاً. إنَّ جعل الطفل يتخلى عن سبب بكائه من خلال منحه شيئًا يحبه في المقابل يُمكن أن يكون وسيلة فعَّالة حقًا لمنعه من البكاء. من المُمكن أن يكون ذلك أي شيء يرغب فيه بدءًا من الخروج للعب أو تناول وجبة لذيذة. 

ويُمثّل هذا النهج طريقة فعّالة لإظهار التعاطُف مع طفلك. فمن خلال تقديم شيء يحبه الطفل، فإنك تعترف بمعاناته وأنك موجود لدعمه. وفي حين أنَّ هذه الطريقة يمكن أن تكون مفيدة على المدى القصير، فمن المهم استخدامها بعناية للتأكُّد من أنَّها لا تجعل الطفل يعتمد على البكاء كوسيلة ضغط للحصول على مكافآت إضافيّة. ولمنع ذلك، عليك اللجوء إلى هذه الطريقة في النهاية إذا لم تكن الأساليب السابقة كافية في هذه الحالة.

بالإضافة إلى ذلك، تأكَّد من أن البدائل التي تُقدِّمها للطفل مناسبة ولا تعزز السلوكيات السلبيَّة عن غير قصد. على سبيل المثال، قد تكون زيادة وقت استخدام الهاتف الذكي في كل مرة يبكي فيها الطفل وسيلة جيدة لتهدئته في الوقت الحالي، ولكنَّها قد تؤدي إلى خرق وقت الشاشة المُحدّد مُسبقًا. بدلًا من ذلك، اختر خيارات صحيَّة أو أكثر حياديَّة، مثل لعبة مُفضَّلة أو زيارة للحديقة أو وجبة لذيذة.

اقرأ أيضًا: أسرار تنمية مهارات طفلك وتعزيز قدراته

6. تقديم الحلول إذا كان ذلك مُمكنًا

بعد أن قمت بتحديد سبب البكاء، وساعدت طفلك على التعبير عمّا بداخله بحريّة وأظهرت تفهمك لما يشعر به، يُمكنك الآن مُساعدته في العثور على حل. أشرك الطفل معك بطريقة هادئة وعاطفيَّة، وانزل قليلًا إلى مستوى تفكيره. على سبيل المثال، إذا قال الطفل: “أنا حزين لأنَّ صديقي لا يريد اللعب معي”، اسأله: “ما الذي يُمكنك فعله لتشعر بالتحسن؟” وإذا كان في حيرةٍ من أمره، فاقترح بعض الأشياء التي يُمكن أن تجعله يشعر بالارتياح مثل دعوة طفل آخر للعب. 

ومع القليل من الممارسة، سيبدأ الطفل قريبًا في التوصُّل إلى حلول خاصة به دون أي مُساعدة منك. ويتمثّل الهدف من هذا الأمر في توفير خطوات صغيرة وقابلة للتنفيذ تعالج مشكلة الطفل وتُعلِّمه مواجهة التحديَّات المستقبليَّة بمفرده.

في بعض الأحيان، قد لا يؤدي الحل الأوّلي الذي قدمته إلى معالجة المشكلة بشكلٍ كامل، وقد تكون هناك حاجة إلى بعض المتابعة مع طفلك. لذلك، تحقَّق مع الطفل بعد مرور بعض الوقت لمعرفة ما يشعُر به وما إذا كان هناك أي شيء آخر يحتاجه. وتأكّد من أنّ هذا الدعم المُستمر سيقوي من علاقتكما أكثر مما قد تتوقّع!

ختامًا، يُعد التعامل مع بكاء الأطفال جزءًا لا مفر منه من تجربة الأبوَّة والأمومة والذي قد يكون أمرًا مزعجًا بعض الشيء، ولكنَّه أيضًا أحد أهم الفرص لبناء علاقة قويَّة مبنية على الثقة مع الطفل. فبينما تتنقل بين الصعود والهبوط في علاقتك مع طفلك، تذكّر أن كل نوبة بكاء هي فرصة لتعميق اتصالك بطفلك، وبناء رابطة من شأنها أن تدعم نموه لسنوات قادمة. 

خلال هذا المقال، استكشفنا استراتيجيَّات مُختلفة مصممة لمختلف الفئات العمرية والتي تُعد بمثابة أدوات لا تقدر بثمن للتعامل مع بكاء الأطفال. ومن خلال اتّباع هذه الطرق، ستكون جاهزًا لتحويل هذه اللحظات العصيبة المُزعجة إلى فرص لتنمية الطفل نفسيًا وعاطفيًا.

وفي نهاية المطاف، تذكّر أنّ الأمر لا يقتصر على إيقاف بكاء الأطفال فحسب، بل فهم احتياجاتهم وتلبيتها، وتعزيز صحتهم العاطفية والنفسيّة بشكلٍ عام. من خلال التعامُل مع هذه اللحظات الصعبة بالفهم والرعاية، فإنَّك تساعد في وضع الأساس لطفل منضبط عاطفيًا ولا يعاني من أي تشوهات نفسيّة.

وأخيرًا، لا تنسَ الاشتراك في مدونتنا ليصلك كل ما هو جديد في عالم تربية الأطفال استنادًا على معايير التربية الحديثة المُعترف بها في علم نفس الأطفال. ولا تتردد كذلك في استعراض مقالاتنا السابقة ومشاركتها لتعم الفائدة.

المصادر: caribu، parents

من أجمل القصص القصيرة قبل النوم للأطفال

مع حلول الليل وانتشار الهدوء في جميع أرجاء المنزل، يأتي وقت النوم الذي يُعد وقتًا سحريًا للأطفال والآباء على حدٍ سواء، حيث تتلاشى ضغوط اليوم ويدعو دفء السرير الأطفال الصغار إلى عالمٍ من الخيال. إنَّه وقت البطانيَّات المريحة، والاحتضان الدافئ، وبالطبع وقت رواية قصص قبل النوم للاطفال.

ولكن بعيدًا عن المُغامرات الغريبة والشخصيَّات الساحرة، تحمل حكايات قبل النوم للأطفال أهميَّة أكبر بكثير. إنَّها أداة قويَّة لنقل أهم دروس الحياة إليهم، مُغلفّةً بالمظهر الساحر للحكاية الخياليَّة المُشوّقة.

نُقدّم لك في هذا المقال أكثر من قصة للاطفال قبل النوم والتي ستُساعدك على خلق لحظات من التواصُل مع طفلك، مما يضمن لك أنَّ كل ليلة لن تكون فقط نهاية لليوم، ولكن أيضًا نقطة انطلاق نحو مستقبل أكثر حكمةً لأطفالك الصغار.

أجمل قصص قصيرة للاطفال

وفيما يلي 4 قصص قصيرة للاطفال يُمكنك الاعتماد عليها لتسلية طفلك مع غرز قيمة إنسانيّة رائعة فيه بعد كل قصّة:

1. الفيل وشبكة العنكبوت

في قلب الغابة الخضراء – حيث الزهور الجميلة ذات العبير الرائع وأوراق الشجر التي تُصدر حفيفًا مع النسيم اللطيف – كان يعيش فيل لطيف يُدعى إيلي.

كان إيلي أكبر حيوان في الغابة، ولديه أذنان كبيرتان وخرطوم طويل وكان يُساعد الجميع، مما جعله شخصيَّة محبوبة بين الحيوانات في الغابة. ولكن على الرغم من حجمه، كان لدى إيلي خوفًا سريًا لا يعلمه أحدٌ غيره … لقد كان يرتعب من العناكب!

وفي صباح أحد الأيَّام المُشمسة، بينما كان إيلي يتَّجه نحو بحيرة المياه، وصل الصوت الناعم اليائس لصديقه تيمي السلحفاة إلى أذنيه. “إيلي، هل يُمكنك مساعدتي، من فضلك؟ أنا عالق في شجيرة شائكة، ولا أستطيع الخروج،” توسَّل تيمي.

بدون تردد، استخدم إيلي خرطومه القوي لسحب تيمي بلطف. “شكرًا لك إيلي! أنت شجاع جدًا!” قال تيمي وقد اتَّسعت عيناه بالامتنان. وفي وقتٍ لاحق من ذلك اليوم، بينما كان إيلي يتذوَّق بعض أوراق الأشجار اللذيذة، اخترقت الهواء صرخة صغيرة. لقد كانت صوفي السنجاب – جالسةً على فرع الشجرة – وعيناها واسعتان من القلق.

“إيلي، أنا بحاجة لمساعدتك! أخي الصغير محاصر في شبكة عنكبوت!” صرخت صوفي وهي تشير إلى شجيرة قريبة.

وما إن سمع إيلي كلمة “شبكة العنكبوت” حتى تسارع قلبه ونبضه وسيطر عليه الخوف. لم يكن يريد الاقتراب من شبكة العنكبوت، لكنَّه لم يستطع ترك شقيق صوفي في ورطةٍ بمفرده. وبنفسٍ عميق، استجمع إيلي كل شجاعته ومشى ببطء إلى الأدغال. وهناك رأى عنكبوتًا صغيرًا يغزل شبكته بعناية حول السنجاب الصغير.

“عفوا يا سيد عنكبوت، هل يُمكنك أن تترك السنجاب الصغير يذهب؟” ارتعد صوت إيلي قليلاً عندما تحدَّث.

توقَّف العنكبوت عن غزل شبكته ونظر بأعينه الثماني الصغيرة المتلألئة بالدهشة إلى إيلي وقال بصوت ناعم كخيوط الحرير: “يا عزيزي، لم أكن ألاحظ ذلك! أنا آسف جدًا على هذا الذعر الذي سببته!”

وبنقرةٍ من ساقيه، أطلق العنكبوت سراح السنجاب الصغير الذي رفعه إيلي بلطف وأعاده إلى صوفي، التي لفّت ذراعيها الصغيرتين حول ساق إيلي في عناقٍ مُمتن. “شكرًا لك إيلي! لقد واجهت مخاوفك وأنقذت أخي!” صرخت صوفي وقد لمعت عيناها بالإعجاب والامتنان.

في هذه اللحظة، أدرك إيلي أنَّه على الرغم من خوفه، إلا أنَّه لا يزال بإمكانه التحلي بالشجاعة ومساعدة أصدقائه. منذ ذلك اليوم فصاعدًا، لم يعد إيلي خائفًا من العناكب، حتى أنَّه أصبح صديقًا للسيد عنكبوت الذي علَّمه كل شيء عن الأشياء الرائعة التي تفعلها العناكب في الغابة.

لقد تعلَّم إيلي أنَّ الشجاعة لا تعني  انعدام الخوف، بل تعني القيام بالأمر الصائب ومساعدة الآخرين حتى عندما تكون خائفًا. وهكذا، استمر الفيل إيلي – أشجع حيوان في الغابة – في مساعدة الجميع أينما ذهب!

اقرأ أيضًا: قصص حيوانات مسلية للأطفال

2. قصة الأم فروست

في قريةٍ صغيرة وجميلة تقع بين التلال الخضراء والأنهار الصافية، كان هناك شقيقتان تعيشان مع والدتهما. كانت الأخت الكبرى – التي تُدعى آنا – لطيفة ومُجتهدة بقدر ما كانت جميلة، وكان شعرها ذهبيًا كالشمس. أما الأخت الصغرى – إلسي – فكانت على العكس تمامًا، مُدلَّلة وكسولة، لكنَّها كانت المُفضَّلة لدى والدتها.

كل يوم، كانت آنا تعمل بلا كلل في غزل الصوف بجوار البئر، بينما كانت إلسي تُضيِّع وقتها. وفي أحد الأيام المشؤومة، بينما كانت آنا جالسة بجوار البئر تقوم بغزل الثياب، انزلق مغزلها من أصابعها وسقط في البئر. خوفًا من غضب والدتها، انحنت آنا على الحافَّة لاستعادة المغزل لكنَّها فقدت توازنها وسقطت في البئر.

وبدلاً من أن تجد الظلام المخيف، هبطت آنا في مكانٍ رائع يملؤه ضوء الشمس وتنتشر فيه الزهور من كل لون. وبينما كانت تتجوَّل في المكان، وجدت فرنًا رائعًا مليئًا بالخبز. فقال الخبز: “أخرجينا! أخرجينا! لقد خُبزنا بما فيه الكفاية وسوف نحترق قريبًا! بقلبٍ دافئ مثل الموقد، ارتدت آنا قفازات الفرن الموجودة بالقرب منها وأخرجت الخبز بعناية.

تنهّدت أرغفة الخبز بارتياح وقالت لآنا “شكرًا لكِ أيتها الفتاة الطيبة، لن ننسى لطفك.”

وبعد ذلك، التقت آنا بشجرة تفاح كبيرة تئن تحت ثقل ثمارها. توسّلت الثمار لآنا “هزّينا! هزّينا! لقد نضجنا جميعًا!” وعلى الفور قامت آنا بجمع التفاح في مئزرها، ولم تترك أي ثمرةٍ على الشجرة. “كما اعتنيت بي، سيتم الاعتناء بك أيضًا”، همست الشجرة بحفيف أغصانها الهادئ كما لو كانت ممتنة.

أخيرًا، وصلت آنا إلى كوخٍ صغير غريب، لا يعيش فيه سوى امرأة عجوز تُدعى الأم فروست. استقبلتها المرأة العجوز، بشعرها الأبيض كالثلج وعينيها المتلألئة مثل النجوم، وقالت لها: “إذا خدمتني جيدًا وحافظت على نظام منزلي، فستكون لك ثروة كبيرة. لكن حذار، يجب أن تهزّي سريري بقوة، لأنَّه يجلب الثلج على العالم.

“أفهم ذلك، وسأبذل قصارى جهدي لخدمتك بشكلٍ جيد”، وعدت آنا العجوز بصوتها الثابت والصادق. وبالفعل، وافقت آنا وخدمت الأم فروست العجوز بتفانٍ، ولم تُقصّر أبدًا في مهامها. 

نتيجةً لذلك، أوفت العجوز بوعدها مع آنا وقررت منحها مكافأة لا مثيل لها. وفي صباح أحد الأيام، بينما كانت آنا تهز السرير المصنوع من الريش، سقط عليها وابل من العملات الذهبيَّة التي التصقت بملابسها وملأت جيوبها. “لقد خدمتني جيدًا، والآن حان الوقت لتعودي إلى عالمك”، قالت الأم فروست العجوز، وهي تفتح لآنا بوابة العودة إلى منزلها.

عندما دخلت آنا، استقبلتها ليس فقط المناظر المألوفة لقريتها، ولكن أيضًا وابل من العملات الذهبية التي تبعتها، والتي حدَّدت طريقها إلى البيت. اندهشت والدتها وشقيقتها عندما روت آنا رحلتها المذهلة.

“هل هذا حقًا مكافأة لخدمتك؟” سألت والدتها وقد اتسعت عيناها بدهشة. أجابت آنا، وابتسامتها مشرقة مثل الكنوز التي أحضرتها إلى المنزل: “نعم، لأن اللطف والعمل الجاد لهما قيمة أكبر من أي شيء آخر”.

عندئذٍ، قرَّرت إلسي الكسولة التي أعماها الجشع أن تبحث عن الأم فروست العجوز لتحصل هي أيضًا على بعض العملات الذهبيّة. وعلى عكس آنا، اتسمت رحلة إلسي بالأنانيَّة، حيث تجاهلت توسلات الخبز والتفاح، وخدمت الأم فروست العجوز بشكل سيئ، وأهملت مهامها وواجباتها.

كعقاب لها، عندما هزت إلسي السرير المصنوع من الريش، انسكب عليها – بدلًا من الذهب – شلال من القطران الأسود الداكن، ملتصقًا بجلدها وملابسها عقابًا لها على كسلها وجشعها. “لم تتعلمي شيئًا من اللطف أو الاجتهاد لدى أختك؟!” تردَّد صوت الأم العجوز فروست حول إلسي وهي واقفة، مبللة بالقطران ومذعورة. ثم فتحت العجوز لإلسي بابًا للعودة إلى منزلها، فعادت وهى غارقة في القطران.

وهكذا، تعلمنا حكاية الأم فروست العجوز أنَّ اللطف والاجتهاد والقلب الدافئ يؤدون جميعًا إلى أفضل النهايات، على عكس الجشع والكسل اللذين يكون وبالهما سيئًا على صاحبهما!

تصفّح أجمل قصص الأميرات للبنات على حدّوتة.

3. مزمار هاملين

في إحدى القرى الجذّابة ذات الأراضي الخصبة والأنهار والتي تُعرف باسم “هاملين”، حلَّ مأزق غير عادي بالسُكّان، وهو وباء الفئران. لم تكن هذه القوارض عاديَّة، لقد نزلت بأعدادٍ كبيرة، وأفسدت المؤن والمحاصيل وتسبَّبت في خرابٍ كبير للقرية.

وسط اليأس المُتزايد لسكان القرية، وصل شخص غريب يرتدي معطفًا مُتعدِّد الألوان يلمع في ضوء الشمس. ذهب هذا الشخص إلى عمدة القرية وعرض عليه حلاً لمأزق القوارض، حيث قال: “أنا معروف باسم صاحب المزمار، وسأطهِّر مدينتك من هذا الوباء مُقابل ألف قطعة ذهبيَّة”.

بدافعٍ من اليأس، وافق العمدة على عجلٍ وأبرم الاتفاق. مع وجود المزمار في يده، عزف صاحب المزمار لحنًا ساحرًا لدرجة أنَّ الفئران خرجت من مخابئها لتتبعه، وشكلت موكبًا خلفه خارج قرية هاملين حيث انتشروا في الغابة الواسعة خارج القرية ول يعودوا مرةً أخرى.

وكان ارتياح سُكَّان القرية من هذا الوباء واضحًا، حيث ارتسمت السعادة على وجوههم جميعًا بعد أن تحرَّرت قريتهم أخيرًا من هذه الآفة. ومع ذلك، عندما طلب صاحب المزمار مستحقاته، رفض العمدة الوفاء بوعده حيث قال “ألف قطعة ذهبية مقابل مُجرَّد نغمة؟ هذا سخيف! أعتقد أنّ خمسين عملة ستفي بالغرض”

لم يقبل صاحب المزمار هذا المبلغ من العمدة، وبدا على وجهه ملامح الغضب حيث حذّر العمدة قائلًا: “الوعد الذي قطعته هو وعد يجب الوفاء به وإلا ستكون العواقب وخيمة”. لكنَّ تحذيره قوبل بالسخرية والضحك من العمدة!

في فجر اليوم التالي، استيقظ أهل القرية على نغمةٍ مُختلفة. ليس للفئران هذه المرّة، بل كان لحنًا استدعى عددًا ضخمًا من الثعابين الخاطفة وأسراب الجراد على القرية. تسبَّبت هذه الآفات الجديدة في فوضى أسوأ بكثير من التي سببتها الفئران، مما جلب الخوف والذعر مرةً أخرى إلى القرية التي لم تلبث أن تنعم بالسلام.

صرخ العمدة مذعورًا: “أزل هذه الحيوانات يا صاحب المزمار! أيًا كان الثمن الذي تطلبه، فسوف ندفعه!” لكنَّ الصمت كان رده الوحيد. لقد اختفى صاحب الزمار، واختفى معه أي أمل في الإغاثة.

مضت أيّام وأسابيع وقرية هاملين تكافح لمقاومة هذه القطعان من الثعابين والجراد الضار. وفي خضم معاناتهم، عاد صاحب المزمار إلى القرية، حيث قال بصوتٍ هادئ ولكنَّه مليء بالنديّة والشماتة: “أرى أنَّكم قد تعلمتم الدرس جيدًا. الوعد الذي قطعه عمدتكم هو وعد يجب الوفاء به.”

وعلى الفور، تقدَّم العمدة إلى الأمام متواضعًا ونادمًا، حيث قال “يا صاحب المزمار، نحن نتوسَّل إليك، ساعدنا مرة أخرى. سوف ندفع المبلغ المتفق عليه وأكثر إذا كنت ترغب في ذلك. أومأ صاحب المزمار برأسه وقبل الاعتذار قائلًا “المبلغ الأصلي سيكون كافيا، ولكن تذكَّر أن الثقة والصدق لا يُقدّران بثمن.” وبعد أن أخذ صاحب المزمار المبلغ المُتفق عليه، عزف على المزمار لحنًا ساحرًا آخر جذب جميع الثعابين والجراد حيث تبعوه خارج قرية هاملين إلى أعماق الغابة، وكما الحال مع الفئران لم يعودوا أبدًا.

وبذلك، غادر المزمار مدينة هاملين، تاركًا وراءه بلدة تعلمت القيمة الحقيقيَّة للوفاء بالكلمة. عقابًا على كذبه وخيانته للعهد، استقال عمدة القرية، وأقام سكان القرية نصبًا تذكاريًا لصاحب المزمار على ضفاف النهر لتذكير الأجيال القادمة بأهمية الثقة والنزاهة.

اقرأ المزيد من قصص المغامرات الممتعة للأطفال.

4. جيلي الزرافة والطريق إلى قبول الذات

في منطقة حشائش السافانا المُشمسة في سيرينجيتي، عاشت زرافة صغيرة تُدعى جيلي. على عكس الزرافات الأخرى التي كان فراءها مزيجًا لطيفًا من اللون البني والأصفر أو البني المحمر، كان لدى جيلي مزيجًا مُذهلاً من اللون الأصفر الذهبي واللون الباروني الداكن الذي يلمع تحت أشعة الشمس. علاوةً على ذلك، كانت رقبتها أطول بكثير من رقاب جميع الزرافات البالغة في قطيعها.

غالبًا ما كانت جيلي تشعر وكأنَّها شجرة نخيل بين الشجيرات، تعلو فوق أصدقائها الصغار والكبار على حدٍ سواء. وكان أصدقاؤها كُلَّما لعبوا لعبة الغميضة يعثرون على مكان جيلي من بعيد بكل سهولة، حيث كان رأسها يطل من فوق أشجار السنط. هذا الارتفاع جعلها تشعر بالخجل، وكانت تتمنى في كثير من الأحيان أن تتقلص قليلاً لتندمج مع زملائها في اللعب.

بعد ظهر أحد الأيام الدافئة، وبينما كانت الشمس ترسم الأفق بظلال من اللونين البرتقالي والوردي، ضاع صغير حمار وحشي بالقرب من النهر. كان القطيع قلقًا، وانضمت كل الحيوانات للبحث عن صغير الحمار الوحشي المفقود. نظروا خلف الشجيرات، وحول فتحات الري، وفي البقع الموحلة، لكن صغير الحمار الوحشي لم يكن موجودًا في أي مكان.

راقبت جيلي جهود البحث وهي واقفة في الخلف، حيث شعرت بأنَّها منفصلة إلى حدٍ ما عمّا يحدث بسبب طولها. شعرت والدتها بعدم الراحة لدى ابنتها، فدفعتها بلطف. “لماذا لا تلقي نظرة من الأعلى يا جيلي؟ “قد يكون طولك هو ما نحتاجه الآن،” اقترحت والدتها بابتسامة.

متشجعةً ولكن لا تزال مترددة بعض الشيء، قامت جيلي بتمديد رقبتها الطويلة إلى أعلى، وقلبها ينبض في صدرها. شعرت بموجة من الخوف، ماذا لو أنَّها لا تزال غير قادرة على رؤية الحمار الوحشي، أو ما هو أسوأ من ذلك، إذا لاحظت الخطر بعد فوات الأوان؟ متجاوزةً شكوكها، قامت بإلقاء نظرة على الأشجار الطويلة.

ثم رأته – جسمًا مخططًا صغيرًا بالقرب من النهر، بعيدًا عن المكان الذي كان الآخرون يبحثون فيه. وبثقةٍ جديدة عليها، نادت جيلي بصوت عالٍ وقادت القطيع إلى صغير الحمار الوحشي. طولها الفريد، الذي كانت تعتبره دائمًا عيبًا، أصبح بطل القصّة في هذا اليوم!

في ذلك المساء، وبينما كان القطيع يحتفل بعودة الطفل سالمًا، شعرت جيلي بالدفء في صدرها ينتشر في كل مكان. وبمرور الوقت، أصبحت جيلي تُقدِّر طولها بشكلٍ كبير. لقد ساعدت أصدقاءها في قطف الأوراق الطازجة من أطول الأشجار وراقبت المخاطر البعيدة، حيث كانت بمثابة حارس عملاق لطيف يُنبّه الجميع إلى الخطر قبل قدومه. 

إنَّ الشيء الذي جعلها تشعر بأنها في غير مكانها جعلها الآن جزءًا لا يتجزأ من مُجتمعها. وبينما كانت تمشي مع صديقها ذات مرّة، قالت لها: “جيلي، سنضيع دون مراقبتك. تستطيعين رؤية أشياء لا يمكننا حتى أن نحلم بها من هنا! سنضيع حتمًا بدونك.” وقد ترك هذا الكلام تأثيرًا رائعًا على جيلي.

وبذلك تعلَّمت جيلي أنَّ ما يجعلنا مُختلفين يُمكن أن يجعلنا مُميَّزين. لم تكُن صفاتها الفريدة مُجرَّد سمات يُمكن التعايش معها، بل كانت نقاط قوة يُمكن أن تساعد الآخرين بطرق لا يستطيع أي شخص آخر القيام بها. منذ ذلك اليوم فصاعدًا، لم ترغب جيلي أبدًا في الانعزال أو الشعور بالخجل مرةً أخرى. وبدلاً من ذلك، كانت تقف فخورةً ببقعها الصفراء الذهبيَّة والمارونيََّة، وممتنةً لرقبتها الطويلة.

ختامًا، عندما تنتهي من السطور الأخيرة من قصَّة ما قبل النوم وتسقط الغرفة في سكونٍ تام، فإن تأثير تلك اللحظات الثمينة يبقى لفترة طويلة بعد أن تخفت الأضواء. هذه القصص تفعل أكثر من مُجرَّد الترفيه، إنّها تغرس القيم وتثير الخيال وتضفي العديد من الدروس إلى عقل الطفل.

عند الاختيار بين مجموعة من قصص للاطفال قبل النوم، يجب أن تعلم أنّ كل قصَّة تُمثّل فرصة ثمينة لنقل الحكمة لدى طفلك. وبينما ينجرفون إلى عالم الأحلام، تترسخ الدروس المستفادة من هذه القصص في أرواحهم وقلوبهم وعقولهم، مما يعزز نموهم الأخلاقي وفهمهم للعالم من حولهم.

لذا، إن كنت تبحث عن قصص قصيرة للاطفال فإنّ هذا المقال هو لك! وأخيرًا، لا تنسَ الاشتراك في مُدونتنا التي ستكون دليلك الشامل لمعرفة كل ما يتعلّق بتربية وتعليم طفلك، وتعزيز رفاهيّته بشكلٍ عام!

المصدر: dreamlittlestar

تنمية المهارات الإبداعية للأطفال من خلال الرسم

لا شكّ أنّ الإبداع أصبح مهارة حيويّة لا غنى عنها في وقتنا الحالي وسببًا هامًا للتفوُّق في مختلف المجالات. وبالتالي، تزداد أهميّة تنمية الإبداع عند الأطفال يومًا بعد يوم، حيث لم تعد تقل أهميةً عن تعليمهم العلوم المُختلفة كالبرمجة والرياضيّات وغيرها. ومن بين الكثير من السبل، يأتي الرسم كأحد أهم وسائل تنمية المهارات الإبداعية للأطفال.

لا يُعد الرسم مُجرّد وسيلة للترفيه والتسلية فحسب، بل يعزز أيضًا مجموعة واسعة من المهارات الإبداعية والمعرفيَّة والعاطفيَّة لدى الأطفال. من تعزيز التفكير النقدي إلى تحفيز الخيال، يوفر الرسم فرصة فريدة للأطفال للاستكشاف والتجربة وتطوير قدراتهم الإبداعيَّة. 

في هذا المقال، نتعمَّق في الإمكانات الهائلة للرسم كوسيلة لتعزيز وتطوير المهارات الإبداعية لدى الأطفال. سوف نستكشف الطرق المختلفة التي يغذي بها الرسم الخيال، والتعلُّم، والتفكير الإبداعي والمنطقي، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى تمكين الأطفال من إطلاق العنان لإمكاناتهم الإبداعية ليصبحوا أشخاصًا أكثر نجاحًا في حياتهم المهنيّة وأكبر تأثيرًا في محيطهم.

أهميّة الرسم في تنمية المهارات الإبداعية للأطفال

1. تعزيز الخيال

يُتيح الرسم للأطفال إطلاق العنان لخيالهم بلا أي حدود، مما يمنحهم الحريَّة في اختراع عوالم وشخصيات وقصص جديدة. عندما ينخرط الأطفال في الرسم، فإنَّهم غالبًا ما يخلطون الواقع مع الخيال، وهو الأمر الذي لا غنى عنه لتنمية المهارات الإبداعية لديهم وتنمية قدرتهم على توليد الأفكار الفريدة والمُبتكرة في المستقبل. 

بالإضافة إلى ذلك، يُساعد الرسم الأطفال على فهم مفهوم التمثيل الرمزي، حيث يتعلَّمون أن الخط أو الشكل البسيط يُمكن أن يمثل شيئًا أو فكرة أو يساهم في إحداث تغيير. وبالطبع يثير هذا الفهم خيالهم لاستكشاف طرق مختلفة لتمثيل الأشياء ويُشجِّع التفكير المجرد.

أضف إلى ذلك أنّه عندما يرسم الأطفال، فإنّهم يحتاجون إلى تصوُّر ما يريدون رسمه على الورق. إنَّ عملية تصوُّر الأفكار هذه وترجمتها إلى رسومات تساهم بشكلٍ كبير في تدريب خيالهم وتقوية قدرتهم على تصوُّر المفاهيم والأشياء عقليًا.

تصفّح مكتبة حدّوتة الرقمية من القصص الخيالية لتنمية إبداع طفلك وتحفيز خياله.

2. تحسين المهارات الحركيَّة الدقيقة

يبدأ مُعظم الأطفال في رسم رسوماتهم العشوائيّة الأولى بين عمر 12 و18 شهرًا، على الرغم من عدم وجود سبب يمنع تشجيعهم على التقاط قلم التلوين والبدء في الرسم على الورق في وقت أقرب من ذلك. ويتطلَّب الرسم من الأطفال تنسيق حركات أيديهم مع ما يرونه على الورقة. ومن خلال ممارسة هذا التنسيق، فإنهم يُحسِّنون قدرتهم على التحكم في حركات أيديهم ويطورون تنسيقًا أفضل بين اليد والعين، وهو الأمر الذي يساعد على  تنمية المهارات الإبداعية للأطفال.

كما يُشجِّع الرسم الأطفال على القيام بحركات دقيقة بأصابعهم وأيديهم. وبينما يحاولون البقاء داخل الخطوط، أو رسم الأشكال، أو التتبع والتظليل ورسم التفاصيل المعقدة، ​​فإنهم يقومون بصقل مهاراتهم الحركية الدقيقة ويتعلمون القيام بحركات مدروسة ومنضبطة.

بالإضافة إلى ذلك، فإنَّ الإمساك بقلم رصاص أو قلم تلوين أو فرشاة رسم يُساعد الأطفال على تقوية عضلات اليد وتحسين قبضتهم على القلم. وبمرور الوقت، يتعلمون كيفية الإمساك بأداة الكتابة بقبضة مريحة ويطورون القوة والتحكم اللازمين في أصابعهم وعضلات أيديهم.

اقرأ أيضًا: أهمية اللعب في تنمية مهارات أطفالنا وذكائهم

3. المساعدة على التعلُّم

يُساعد الرسم الأطفال على فهم وتصوُّر مُختلف الأفكار والمفاهيم بشكلٍ كبير، كما يُمكّنهم من تقسيم المفاهيم المعقدة إلى مكونات أبسط. وبالتالي، يُمكنهم تمثيل العلاقات والعمليات بصريًا، مما يساعدهم على فهم المفاهيم المُجرَّدة أو الصعبة بسهولة أكبر. بمعنى آخر، يُتيح لهم الرسم إقامة روابط بين العناصر المختلفة، مما يعزز فهمهم لكلٍ منها.

في الواقع، تُشير بعض الدراسات إلى أنَّ استخدام الرسم كنشاط تعليمي يُمكن أن يزيد من فهم الأطفال في مجالات أخرى، مثل العلوم والرياضيات. في هذه الدراسة، تم تعليم مجموعة من الأطفال استراتيجيتين لمساعدتهم على تعلم مفهوم علمي مُعيّن. تضمَّنت إحدى الاستراتيجيات رسم الأفكار بينما لم تتضمّن الأخرى ذلك. من بين الطلاب الذين طبّقوا كلا الاستراتيجيَّتيْن، تمكّن أولئك الذين استخدموا الرسم من تطوير فهم أفضل للموضوع. 

4. التعبير العاطفي

يُوفِّر الرسم منفذًا غير لفظي للأطفال للتعبير عن مشاعرهم مما يسمح لهم بتوضيح مخاوفهم أو أفراحهم أو مشاعرهم الصعبة من خلال الرسومات. في بعض الأحيان، قد يكون من الصعب على الأطفال التعبير عن مشاعرهم من خلال الكلمات وحدها. وبالتالي، يتيح لهم الرسم تمثيل مشاعرهم بصريًا، مما يمنحهم منفذًا آمنًا ومبدعًا للتعبير عن الذات.

بالإضافة إلى ذلك، يُمكن أن يساعد الانخراط في أنشطة الرسم الأطفال على تطوير الوعي العاطفي، أي أنّهم عندما يرسمون موضوعات أو مشاهد مختلفة، يمكنهم استكشاف وتحديد المشاعر المرتبطة بتلك العناصر. يُشجِّع هذا الأمر بشكلٍ كبير على تحقيق الفهم العميق للمشاعر، مما يُعزِّز الذكاء العاطفي مع الوقت.

وكثيرًا ما يُستخدم الرسم كأداة علاجيَّة، حيث يُستخدم لمساعدة الأطفال على معالجة الصدمات والتعامل مع التجارب الصعبة واستكشاف مشاعرهم ومعالجتها.

5. تعزيز التطوُّر المعرفي

يُحفِّز الانخراط في الرسم الكثير من العمليَّات المعرفيَّة المختلفة، بما في ذلك الاهتمام بالتفاصيل والتخطيط والتذكُّر. عندما يرسم الأطفال، يجب عليهم التفكير مسبقًا والتخطيط للشكل العام لعملهم الفني. وبالتالي، يُعزِّز هذا الأمر قدرتهم على تنظيم الأفكار وتسلسلها، وهي مهارة مفيدة في موضوعات مثل الرياضيات والعلوم.

يُساهم الرسم أيضًا في زيادة إشراك الأطفال بنشاط في عملية التعلم. عندما يرسمون، فإنّ الأطفال يعالجون وينظمون المعلومات في أذهانهم بشكلٍ فعَّال، وبالتالي، تُعزِّز هذه المعالجة من الحضور الذهني والتركيز والانتباه، مما يُسهِّل بدوره الانخراط في عمليّة التعلُّم.

بالإضافة إلى ما سبق، يُوفِّر الرسم تجربة متعددة الحواس من خلال دمج العناصر البصرية والحركية وأحيانًا اللمسيَّة. لقد ثبت أنَّ إشراك الحواس المتعددة أثناء التعلم يعزز الذاكرة بشكلٍ كبير. إنَّ الإمساك بالقلم، والقيام بحركات مُتعمدة به أثناء الرسم، ثم رؤية النتيجة البصريَّة في النهاية يخلق اتصالاً متعدد الحواس يُعزِّز بدوره قوة الذاكرة واستدعاء المعلومات.

اقرأ أيضًا: 5 فوائد لتعليم القرآن للأطفال

6. تنمية مهارات حل المشكلات

عندما يبدأ الأطفال في رسم أشكال أكثر تعقيدًا، فإنَّهم يصبحون بحاجة إلى التفكير في بعض الأشياء مثل تخطيط وتنظيم العناصر على الورق، واختيار الألوان التي يجب استخدامها، وكيف يبدو الشكل ثلاثي الأبعاد، بالإضافة إلى مفاهيم أكثر تعقيدًا مثل المنظور والمقياس والتناسب. وبالتالي، يتعلَّم الأطفال كيفية اتخاذ القرارات بشأن ما يرسمونه وكيفية تمثيل أفكارهم. 

تُترجم هذه العملية إلى مهارات حل المشكلات التي تُعد إحدى الأعمدة الأساسيّة للإبداع، حيث يتعلم الأطفال تقسيم المشكلات المعقدة إلى أجزاء أصغر والتعامل معها على حدة، وتنظيم نهجهم بشكل استراتيجي لإيجاد حل إبداعي في النهاية. بمعنى آخر، يُعد التغلُّب على هذه التحديات الفنية أثناء الرسم بمثابة تعزيز لقدرات الطفل على حل المشكلات والتفكير الابتكاري والمهارات الإبداعية

7. تطوير مهارات الملاحظة

يتطلَّب الرسم مراقبة دقيقة للتفاصيل، فعندما يرسم الأطفال يتعلمون الانتباه إلى الأشكال والخطوط والألوان المحددة للأشياء التي يرسمونها. يعمل هذا الانتباه إلى التفاصيل على تحسين قدرة الأطفال على ملاحظة وتقدير الأشياء في محيطهم. بالإضافة إلى ذلك، يُشجِّع الرسم الأطفال على التحليل البصري للموضوعات والمشاهد، حيث يتعيَّن عليهم ملاحظة وتفسير العلاقات بين العناصر المختلفة، مثل النسب والزوايا والترتيبات المكانية، مما بدوره يقوم بتدريب عيونهم على إدراك وتفسير المعلومات المرئية بدقة.

وبالطبع تُعد هذه القدرة الدقيقة على الملاحظة سمة مُهمّة من سمات الشخصيّة الإبداعية. فالمبدع يلاحظ أولًا ثم يضفي لمساته الإبداعية على محيطه والأشياء من حوله.

كيف يُمكنك مساعدة طفلك؟

يُمكن للوالدين أن يلعبوا دورًا حاسمًا في تعزيز الإبداع لدى أطفالهم من خلال الرسم عبر خلق بيئة داعمة ومحفزة. طبقًا لإحدى تقارير مجلس الفنون في إنجلترا، فإنّ العديد من الأطفال لا يتلقون التشجيع للمشاركة في الأنشطة الفنية. لكن الأطفال الذين يحظون بتشجيع كبير من أهلهم كانوا أكثر مشاركةً في الأنشطة الفنيّة سواءً كأطفال أو بعد البلوغ. يشير هذا إلى أنَّ التشجيع قد يكون مهمًا، ليس فقط للمشاركة الحالية، ولكن أيضًا في المستقبل. وفيما يلي عدة استراتيجيات لتعزيز الإبداع عند طفلك من خلال الرسم:

  • تأكَّد من حصول طفلك على مجموعة من أدوات الرسم مثل أقلام التلوين وأقلام الرصاص الملونة وأقلام التحديد والألوان المائية وأنواع مختلفة من الورق، لتشجيعه على التجربة وإلهام إبداعه.
  • قم بإعداد منطقة مُحدَّدة في المنزل حيث يمكن للأطفال الرسم بحرية. يجب أن تكون هذه المساحة مجهزة بجميع الأدوات الضروريَّة ويجب أن تكون مكانًا يشعرون فيه بالراحة دون وجود أي مُشتِّتات.
  • أطلب من الطفل الرسم بناءً على طلب يسمح له بالتفسير المفتوح، مثل “ارسم منزل أحلامك” أو “اصنع حيوانًا جديدًا”. تجنَّب إعطاءه تعليمات مُحدَّدة قد تحد من خياله.
  • امتدح الجهد والفكر الذي يبذله طفلك في رسوماته بغض النظر عن المنتج النهائي. فهذا بدوره يبني ثقته ويُشجعه على الإبداع دون خوف من الفشل.
  • شجّع طفلك على خلق القصص من خلال الرسم، حيث يُمكن أن يتضمَّن ذلك رسم سلسلة من الأحداث أو توضيح السرد الذي قام بإنشائه من خلال الصور. 
  • ادمج الرسم في المهام اليوميَّة لطفلك مثل إنشاء قوائم التسوُّق بالصور، أو رسم أي شيء رآه في يومه. سيكون هذا الأمر كفيلًا بجعل الرسم عادةً يوميّة عند طفلك ويبقيه منشغلًا بإخراج إبداعه في هذه الرسومات.
  • دع طفلك يستكشف ويرسم ما يهتم به دون فرض الكثير من القيود أو القواعد. إنَّ السماح للطفل بالتمتُّع بالحريَّة أثناء الرسم يُساعده على تطوير المزيد والمزيد من مهاراته الإبداعية.
  • قم بتقديم تحديَّات أو موضوعات ممتعة لجلسات الرسم، مثل الرسم دون رفع القلم الرصاص من الورقة أو استخدام لون محدد فقط. يمكن لهذه القيود أن تلهم الإبداع أكثر مما تتوقّع.

ختامًا، يُعد الرسم بمثابة بوَّابة لإطلاق العنان لقدرات الأطفال الإبداعيَّة. فمن خلال هذه الوسيلة المرنة مُتعددة الاستخدامات، يمكن للأطفال تطوير عدد لا يحصى من المهارات التي تتجاوز القدرات الفنيَّة. فالرسم يغذي الخيال والمهارات الحركيّة ومهارات حل المشكلات والقدرة على الملاحظة، وجميعها تساهم في تقوية الإبداع بشكلٍ كبير. 

ومن خلال تشجيع الأطفال على المشاركة في أنشطة الرسم، فإننا نوفر لهم مساحة آمنة لاستكشاف أفكارهم وتجربة مفاهيم مختلفة والتفكير بشكل إبداعي. لذلك، إذا كنت ترغب في تنمية المهارات الإبداعية لطفلك، فإنّ تزويده بالأدوات والموارد اللازمة وتشجيعه على الرسم يُعد وسيلة قويَّة لتحقيق ذلك.

وأخيرًا، لا تنسَ الاشتراك في مدونتنا ليصلك المزيد من مقالاتنا التي ستساعدك في تنمية مهارات طفلك أيًا كانت مرحلته العمريّة. ولا تتردد كذلك في الاطّلاع على مقالاتنا السابقة ومشاركتها لتعم الفائدة.

المصادر: futurekayan، lovepaper، edgeearlylearning

5 من أهم فوائد النوم المبكر للأطفال

في عصر تهيمن فيه الشاشات والجداول الزمنية المُزدحمة على حياتنا، أصبح ضمان حصول الأطفال على قسط كافٍ من النوم أمرًا صعبًا للغاية. وبالتالي، فإنَّ ترسيخ عادة النوم المبكر للأطفال أصبحت أكثر أهميّة من أي وقتٍ مضى حيث يُمكن أن تؤدي إلى فوائد كبيرة تمتد إلى ما هو أبعد من مجرد ليلة مريحة. من تعزيز التطور المعرفي والأداء الأكاديمي إلى تعزيز المرونة العاطفيَّة والصحة البدنيَّة، تعد مزايا النوم المبكر أمرًا بالغ الأهمية لنمو الطفل ورفاهيته بشكل عام. 

في هذا المقال، نستكشف الفوائد الكثيرة التي تنتج عن النوم المبكر للأطفال، ونُسلِّط الضوء على سبب ضرورة إعطاء الآباء الأولويَّة لهذا الجانب الأساسي من روتين أطفالهم اليومي.

أولًا: فوائد النوم المبكر للصحة الجسديّة

1. تعزيز النمو الجسدي

يُعد هرمون النمو (GH) ضروريًا للنمو البدني للأطفال، فهو يُحفِّز نمو العظام والأنسجة والعضلات، ويُساعد الجسم على الاستفادة من البروتينات والكربوهيدرات والدهون. ويبلغ إفراز هرمون النمو ذروته أثناء الجزء الأول من الليل. ولذلك، فالأطفال الذين يذهبون إلى الفراش مبكرًا ويحصلون على ليلة نوم كاملة هم أكثر عرضةً لإطلاق هرمون النمو بشكل مثالي. وعلى العكس، يُمكن أن يؤدي النوم المُتأخّر إلى تعطيل إفراز هرمون النمو، مما قد يؤدي إلى تأخُّر النمو البدني.

بالإضافة إلى ذلك، يُعد النوم المبكر أمرًا حيويًا لتقوية الجهاز المناعي لدى الطفل. فقد أثبتت الدراسات أنّ الأطفال الذين ينامون مبكرًا أقل عرضةً للإصابة بالأمراض بشكلٍ مُتكرِّر مقارنةً بالذين يسهرون لساعات مُتأخرة من الليل.

تصفّح أجمل قصص قبل النوم للأطفال على حدّوتة.

2. ضبط الوزن

يُؤثِّر النوم على الهرمونات التي تنظم الجوع والشبع، مثل هرمون الليبتين والجريلين، حيث يرسل اللبتين إشارات إلى الدماغ عندما يكون الجسم ممتلئًا، بينما يحفز الجريلين الشهيَّة. وقد يؤدي النوم في وقتٍ مُتأخر أو عدم أخذ القسط الكافي من النوم إلى زيادة مستويات هرمون الجريلين وتقليل مستويات هرمون الليبتين في الجسم، مما يؤدي إلى زيادة الشعور بالجوع والإفراط في تناول الطعام. وبالطبع يُمكن أن يُسبّب هذا الخلل الهرموني الناتج عن النوم المُتأخِّر زيادة الوزن مما بدوره يزيد من خطر السمنة لدى الأطفال.

علاوةً على ذلك، يُساعد النوم المبكر والمتواصل في الحفاظ على وزن صحِّي من خلال تعزيز عملية التمثيل الغذائي المتوازن. لذلك، يكون الأطفال الذين ينامون مبكرًا أفضل في تنظيم السعرات الحرارية التي يتناولونها. 

أضف إلى ذلك أنّ الأطفال الذين يذهبون إلى الفراش في وقت متأخر عادةً ما يكون لديهم عادات غذائيَّة سيئة حيث يكون مؤشر كتلة الجسم (BMI) أعلى مقارنةً بأولئك الذين ينامون في وقت مبكر. في الواقع، أثبتت إحدى الدراسات التي نُشرت في المكتبة الوطنيّة للطب أن الأطفال الذين ذهبوا إلى الفراش في وقت متأخر كانوا أكثر عرضة بنسبة 1.5 مرة للإصابة بالسمنة وأكثر عرضة بنسبة 2.9 مرة لعدم النشاط البدني.

ثانيًا: فوائد النوم المبكر للصحة العقليّة

3. تعزيز الوظائف المعرفيّة

يُمكن أن يكون لوقت النوم المبكر الكثير من الفوائد لصحة طفلك العقليَّة، حيث يلعب دورًا حاسمًا في تعزيز الوظائف المعرفيَّة للطفل مثل التفكير والاستدلال وحل المشكلات وغيرها، كما يضمن قدرة الطفل على معالجة المعلومات الجديدة بفعاليَّة. طبقًا لدراسة حديثة، فإنّ الأطفال الذين ينامون مبكرًا يتمتَّعون بوظائف إدراكيّة ولغويَّة أفضل من قرنائهم الذين ينامون مُتأخرًا.

وفي إحدى الدراسات الأخرى، قارن العلماء أدمغة الأطفال الذين ذهبوا إلى الفراش بعد الساعة 10 مساءً – وحصلوا على قيلولة نهاريَّة أطول – مع أدمغة أولئك الذين ناموا في وقتٍ مُبكّر. وقد توصّلوا إلى أنَّ وقت النوم المبكر ساعد بشكلٍ كبير في تعزيز نمو الخلايا والناقلات العصبيّة بمُعدّل أكبر، وهو الأمر الذي ينعكس إيجابًا على الكفاءة في أداء جميع المهام العقليّة التي نقوم بها.

اقرأ أيضًا: فوائد تعليم القرآن للأطفال.

4. الانتباه والتركيز

يُعزّز النوم المبكر من قدرة الطفل على الانتباه والتركيز على المهام لفترات طويلة، وهو الأمر الذي ينعكس بشكلٍ مُباشر على الأداء الأكاديمي للطفل. فالأطفال الذين يبدأون دورة النوم في أوّل الليل غالبًا ما يكونون أقل عرضةً للتشتُّت وفقدان التركيز بسهولة بواسطة أي مُلهيات خارجيّة، مما يُمكِّنهم من الاستمرار في المشاركة بفعاليّة في يومهم الدراسي.

أظهرت إحدى الدراسات أنَّ تأخير ساعة واحدة من النوم في الليلة كان كافيًا لتقليل القدرة على التركيز خلال اليوم التالي لطفل يبلغ من العمر 12 عامًا مقارنةً بطفل يبلغ من العمر 9 أعوام سبقه في النوم بساعة. ووفقًا لدراسة أخرى تم نشرها في مجلّة أبحاث النوم، كلما تأخّر نوم الأطفال، كلما كانت درجاته الدراسيّة أسوأ في المتوسط.

وقد أثبتت النتائج أيضًا أنَّ هناك علاقة مباشرة بين النوم المبكر والاستقرار العاطفي، مما بدوره يُقّلل من الشرود الذهني والتفكير المُشتّت لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 7 إلى 11 عامًا أثناء التواجد في الفصل الدراسي.

ثالثًا: فوائد النوم المبكر العاطفيّة والسلوكيّة

5. تنظيم الحالة المزاجيّة

يعرف أي والد/ة أنّه عندما يشعر الأطفال بالتعب، فإنَّهم يصبحون مُتعبين وغريبي الأطوار قليلاً، ولا يوجد متعة في التواجد حولهم، ويُثبت العلم هذا أيضًا! فغالبًا ما يكون الأطفال الذين يخلدون إلى النوم مُبكرًا أكثر قدرة على تنظيم عواطفهم، حيث يميلون إلى التمتُّع بمزاج أكثر استقرارًا، ويعانون من تقلُّبات مزاجية ونوبات عاطفيَّة أقل. وعلى العكس، فإنّ الأطفال الذين يسهرون لساعات مُتأخرة من الليل غالبًا ما يظهرون تقلُّبات مزاجيّة حادّة.

عندما يُفوّت الطفل موعد نومه في وقتً مُبكّّر، يبدأ جسمه في ضخ الهرمونات المُحفِّزة مثل الأدرينالين والكورتيزول لإبقائه مستيقظًا طوال الليل، وعندئذٍ لن يكون من السهل جعله ينام مع وجود هذه الهرمونات المحفزة في الجسم.

وبالطبع يتسبَّب هذا الأمر في  العديد من الآثار الجانبيَّة السيئة على حالة الطفل العاطفيّة مثل العصبيَّة، ونوبات الغضب، والشجار مع الإخوة، وغيرها من مشاكل السلوك. وبالتالي، فإنّ نوم طفلك قبل أن يصل إلى هذه المرحلة يمكن أن يساعد في تقليل كل هذه السلوكيّات أثناء اليوم بشكلٍ كبير.

اقرأ المزيد: كيفية التعامل مع بكاء الأطفال: دليل شامل للآباء

كيفيّة عمل جدول نوم مثالي لطفلك

كما ذكرنا، فالنوم المبكر يُعد أمرًا حيويًا لنمو الطفل. ولكن، ما هو تحديدًا الوقت المُبكّر الذي يجب على الطفل النوم فيه؟ وما مقدار النوم الذي يجب أن يحصل عليه طفلك بشكلٍ مثالي حتى يحصل على قسط كافٍ من النوم؟ فيما يلي بعض النصائح حول ضبط جدول النوم لطفلك وفقًا لعمره.

أولًا: الأطفال الصغار: من سنة إلى سنتين

يجب أن يحصل الطفل في هذا العمر على ما بين 11 إلى 14 ساعة من النوم كل يوم، من بينها حوالي ساعة أو ساعتين يقضيها في القيلولة. قد يبدأ الطفل في هذه المرحلة بغفوتين في اليوم، ولكن في وقت لاحق، قد يتخطى قيلولته الصباحيَّة تمامًا ويأخذ قيلولة قصيرة في فترة ما بعد الظهر. وفيما يلي بعض الأرقام الهامّة بشأن جدول النوم للأطفال في هذه الفئة العمريّة:

  • وقت النوم المثالي: بين الساعة 6:30 مساءً و8:00 مساءً.
  • وقت الاستيقاظ المثالي: بين الساعة 6:00 صباحًا و 8:00 صباحًا.
  • عدد ساعات النوم المطلوبة ليلاً: من 10 إلى 12 ساعة.
  • القيلولة: من قيلولة إلى اثنتين خلال النهار، بمجموع من ساعة إلى 3 ساعات.

قصص قصيرة للأطفال من عمر 1-3 سنوات على منصّة حدّوتة.

ثانيًا: مرحلة ما قبل المدرسة: 3-5 سنوات

يجب أن يحصل الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة على حوالي 10-13 ساعة من النوم يوميًا، وفقًا لإرشادات مؤسسة النوم الوطنيّة. خلال هذا الوقت، قد تصبح القيلولة أقصر، أو قد يتخطى طفلك النشيط الذي يمارس الرياضة القيلولة تمامًا. وفيما يلي بعض الأرقام الهامّة بشأن جدول النوم للأطفال في هذه الفئة العمريّة:

  • وقت النوم المثالي: بين الساعة 7:00 مساءً و8:30 مساءً.
  • وقت الاستيقاظ: بين الساعة 6:00 صباحًا و 8:00 صباحًا.
  • عدد ساعات النوم المطلوبة ليلاً: من 10 إلى 12 ساعة.
  • القيلولة: غالبًا ما يتم تقليلها إلى قيلولة واحدة، أو تخطيها تمامًا في سن الخامسة.

خلال هذه الفترة، ينتقل العديد من الأطفال من القيلولة إلى القدرة على البقاء مستيقظين طوال اليوم. وبالتالي، يُعد الحفاظ على جدول نوم ثابت أمرًا بالغ الأهميَّة لضمان حصولهم على قسط كافٍ من الراحة.

ثالثًا: الأطفال في سن المدرسة: 6-13 سنة

تنصح مؤسسة النوم الوطنية الأطفال في سن المدرسة بالحصول على حوالي 9-11 ساعة من النوم كل ليلة. ونظرًا لأنّ أعمار الأطفال في سن المدرسة تشمل نطاقًا واسعًا، يُمكن أن تختلف احتياجات النوم الفردية لكل طفل. بشكل عام، يحتاج الأطفال الأصغر سنًا إلى نوم أكثر من الأطفال الأكبر سنًا. وفيما يلي بعض الأرقام الهامّة بشأن جدول النوم للأطفال في هذه الفئة العمريّة:

  • وقت النوم المثالي:
    • للأطفال الصغار (6-7 سنوات): بين الساعة 7:00 مساءً و 9:00 مساءً.
    • للأطفال الأكبر سنًا (8-13 سنة): بين الساعة 8:00 مساءً و 9:30 مساءً.
  • وقت الاستيقاظ: بين الساعة 6:00 صباحًا و8:00 صباحًا.
  • عدد ساعات النوم المطلوبة ليلاً: من 9 إلى 11 ساعة.
  • القيلولة: بشكل عام، لا يحتاج الأطفال في هذه الفئة العمرية إلى القيلولة.

في الختام، فإن فوائد النوم مبكرًا للأطفال عديدة، وتُؤثِّر على كل جانب من جوانب نموهم وحياتهم اليومية. إنَّ إعطاء الأولوية لأوقات النوم المبكرة يمكن أن يؤدي إلى تحسين الوظيفة الإدراكية، وتحسين الأداء الأكاديمي والانتباه والتركيز، وتعزيز الاستقرار العاطفي والحالة المزاجيّة، وتوفير صحة بدنية أقوى للطفل.

ومن خلال عمل جدول نوم لطفلك كما هو مُوضّح في المقال، فلن نبالغ إذا قلنا أنّك بذلك تكون قد وضعت حجر الأساس لحياة مثاليّة مليئة بالصحّة والنشاط والاستقرار النفسي والعاطفي لطفلك. وأخيرًا، لا تنسَ الاشتراك في مدونتنا ليصلك كل ما يتعلّق

المصادر: ncbi، sciencedaily، kingofsleep، mumsatthetable، ohbabyconsulting، leesa

5 فوائد لتعليم القرآن للأطفال

عندما يتعلق الأمر بتعليم أطفالنا الدين، فلا شك أن القرآن يجب أن يكون على رأس قائمتنا. إنَّ تعليم القرآن للأطفال في سن مبكرة ليس مجرد مسعى تربوي، بل هو جانب محوري في تربيتهم الروحيَّة والأخلاقيَّة. ولكن لماذا من المهم بالنسبة لنا كآباء تعليم أطفالنا الصغار القرآن؟ ولماذا لا نتركهم ببساطة يتعلمونه عندما يكبرون؟ وكيف يُمكننا التأكُّد من أنهم يفهمون تعاليمه ويطبقونها في حياتهم؟ 

في هذا المقال، سنجيب على هذه الأسئلة بينما نكتشف المزيد حول مدى أهميّة القرآن ليس فقط للنمو الروحي والإيماني ولكن أيضًا لتربية أطفالنا على القيم والأخلاق الحميدة.

أهمية تعليم القرآن للأطفال

1. غرس القيم والأخلاق

يُوفِّر القرآن الكريم خارطة طريق لعيش حياة جيدة، وهو أهم مورد لتربية الأطفال على الأخلاق الحميدة. فالقرآن الكريم هو مصدر التوجيه والحكمة الذي يُمكن أن يُساعد بشكلٍ كبير في تشكيل شخصيَّة الأطفال. ومن خلال تعليم القرآن للأطفال، يُمكن للوالدين غرس القيم والأخلاق في أطفالهم في سنٍ مُبكّر وهو الأمر الذي سيكون بمثابة الأساس لمُعتقداتهم وأفعالهم طوال حياتهم.

يؤكّد القرآن الكريم على العديد من القيم الأساسيّة مثل أهميَّة معاملة الآخرين بلطف واحترام، وعمل الخير والصدق في القول وغيرها. وبالتالي، سيُشجِّع القرآن الأطفال على مراعاة أقوالهم وأفعالهم ومعاملة الآخرين معاملة حسنة. 

ويلعب القرآن أيضًا دورًا حيويًا في بناء الشخصية من خلال قصص الأنبياء والصالحين، حيث يُقدِّم للأطفال قدوة يحتذى بها. تعلم هذه القصص فضائل مهمة مثل الصدق والصبر وشكر الله على نِعَمه، والتي تُعتبر ضرورية لتشكيل شخصية الطفل. ومن خلال استيعاب هذه الدروس، يتعلم الأطفال كيفية التعامل مع الحياة بأساس أخلاقي قوي.

وبذلك، ستضمن من خلال تعليم القرآن للأطفال أنّك ستُمدهم ببوصلة أخلاقية قويَّة ترشدهم أثناء تغلبهم على التحديَّات الأخلاقيّة التي سيواجهونها في الحياة.

 تصفّح مكتبة حدّوتة الرقمية من القصص التربوية لتعليم الأخلاق.

2. تقوية الإيمان

لا شكّ أنّ فهم القرآن الكريم وتدبُّره هو أمرُ لا غنى عنه لتعزيز إيمان الأطفال من خلال توفير أساس متين لمعتقداتهم. من خلال تعاليمه الأساسية، يغرس القرآن المبادئ الأساسية للعقيدة الإسلامية، مثل وحدانية الله والإيمان بالأنبياء والكتب واليوم الآخر. تُساعد هذه التعاليم الأطفال على فهم المبادئ الأساسيَّة للإسلام وبناء قاعدة قويَّة لرحلتهم الإيمانيّة طوال حياتهم. 

بالإضافة إلى ذلك، فإنّ التطوُّر الروحي هو جانب آخر مهم لدى الطفل يتأثَّر بالقرآن الكريم. إن قراءة الآيات القرآنية وتلاوتها وتدبُّر معانيها يُعزز الارتباط بالله، ويُشكّل أساسًا هامًا للنمو الروحي للأطفال. ويُغذي هذا الارتباط الروحي بدوره العلاقة مع الله.

وحتى تتمكّن من تعزيز إيمان طفلك من خلال القرآن، يجب عليك أن تحرص على التزام طفلك بالتلاوة اليوميَّة، والمشاركة في برامج الحفظ، وفهم معاني الآيات وتفسيراتها. ومن خلال جعل القرآن الكريم روتين يومي في حياة طفلك، ستضمن حصوله على قوّة إيمانيّة وروحيّة تُرشده طوال حياته.

3. تقوية الحفظ والفهم

يُعتبر تعليم القرآن للأطفال خير وسيلة لتعزيز مهارات الحفظ لدى الطفل بشكلٍ كبير. ومن خلال الاستمرار في حفظ الآيات القرآنيّة، يقوم الدماغ بتكوين المزيد من الخلايا والروابط العصبيّة للمساعدة في تطوير القدرة على الحفظ فيما يُعرف بالمرونة العصبيّة. وبذلك، سيمتد هذا التأثير إلى جوانب أخرى من حياة الطفل مثل الأنشطة الدراسيّة وغيرها.

أضف إلى ذلك أنّ حفظ القرآن الكريم يتطلَّب مستوى عاليًا من التركيز والتدقيق، مما بدوره يُساهم في تطوير القدرات المعرفيَّة. على سبيل المثال، يُعلّم القرآن ما يُعرف بالانضباط العقلي حيث يتعلم الأطفال تذكر الآيات بدقة وبالترتيب الصحيح. يعمل هذا التمرين العقلي الصارم على تقوية الروابط العصبية وتحسين الوظائف الإدراكيَّة بشكل عام. 

في الواقع، أظهرت الدراسات أنَّ الأطفال الذين ينخرطون في حفظ القرآن الكريم بانتظام يميلون إلى اكتساب قدرة على الانتباه لفترات أطول علاوةً على قدرات أكبر على الاحتفاظ بالمعلومات وتذكرها.

وبعيدًا عن الحفظ، فإنَّ فهم آيات القرآن يُعد أمرًا بالغ الأهمية لاكتساب رؤى أعمق حول تعاليمه. عندما يتعلم الأطفال معاني وتفسيرات الآيات التي يحفظونها، فإنهم يطورون فهمًا أفضل للنص. ويساعدهم هذا الفهم على توسيع مداركهم بشكلٍ كبير، مما يجعل عمليّة الاستيعاب لديهم أفضل بشكلٍ عام.

اقرأ أيضًا: 10 كتب يجب أن يقرأهم طفلك لتنمية عقله وشخصيَّته!

4. تعزيز مهاراتهم في اللغة العربيَّة

من خلال تعليم القرآن للأطفال، يتعلّم الأطفال اللغة العربيَّة الفصحى، وهي أكثر ثراءً من اللغة العربيَّة العامية التي يتحدثونها في بلدانهم. يُعد هذا التعرُّض للغة اللعربيّة الفصحى أمرًا بالغ الأهمية لفهم الفروق الدقيقة فيها، بما في ذلك المفردات المتقدمة والقواعد المعقدة التي غالبًا ما لا تكون موجودة في المحادثة اليومية. وبالتالي، تجعل قراءة القرآن الكريم قواعد اللغة العربيَّة أسهل في التعلم.

بالإضافة إلى ذلك، فإنَّ تلاوة القرآن ودراسته بشكلٍ مُنتظم يعرض الأطفال لمجموعة واسعة من الكلمات والعبارات، والكثير منها لا يستخدم عادة في الكلام اليومي. فالقرآن مليء بمفردات متنوعة وواسعة مما بدوره يُساعد الأطفال على توسيع مفرداتهم بشكل كبير.

كما أنّ تلاوة القرآن تتطلب نطقًا دقيقًا، بما في ذلك إتقان قواعد التجويد. مع الوقت، يُساعد هذا التركيز على النطق والتعبير الصحيحين الأطفال على تطوير أنماط كلام واضحة ودقيقة. علاوةً على ذلك، يُقدِّم القرآن العديد من الأمثلة على قواعد اللغة العربية الفصحى وبناء الجملة في أكثر أشكالها بلاغة. وبالتالي، فإنَّ دراسة القرآن تتيح للطفل رؤية هذه القواعد النحوية في سياقها، مما يساعد على فهمها وتطبيقها بشكل صحيح. 

5. تعزيز التدبُّر والتفكُّر وحب التعلُّم

يولي القرآن قيمة عالية للمعرفة والتعليم، حيث إنّ أول آية نزلت على النبي محمد صلى الله عليه وسلم كانت “اقرأ باسم ربك الذي خلق”. ويدعو القرآن القُرَّاء – سواءً كانوا مؤمنين أم غير مؤمنين – في كثيرٍ من آياته إلى التفكُّر في الكون من حولهم، والتأمُّل في الوجود البشري، وآيات خلق الكائنات الحيّة. وبالتالي، فإنّ تعليم القرآن للأطفال سيُحفّز الفضول لديهم ويُشجِّعهم على طرح الأسئلة والبحث عن إجابات. 

بالإضافة إلى ذلك، فالقرآن يُشجِّع المشاركة الفكرية والتفكير النقدي. آيات مثل “أفلا يتدبرون القرآن”؟ (سورة النساء) و”قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟” (سورة الزمر) يعززان التأمل والتحليل العميقين. وبالتالي فإنَّ التعامل مع القرآن بهذه الطريقة يساعد الأطفال على تطوير مهارات تحليلية وتطوير أعمق لعمليَّة التعلُّم.

ويضرب القرآن أمثلة عديدة للأنبياء والصالحين الذين كرسوا أنفسهم لطلب العلم، حيث تم تصوير الأنبياء مثل إبراهيم، وموسى، ويوسف كأفراد يسعون وراء الحكمة والفهم. وهذه النماذج تلهم الأطفال تقدير المعرفة وطلبها، والسير على خطى هؤلاء الأنبياء المُوقّرين.

نصائح لتعليم القرآن للأطفال

1. شارك القصص القرآنيَّة الملهمة معهم

تلعب القصص دورًا مهمًا في مختلف المجالات التعليمية بما في ذلك تعليم القرآن، حيث إنَّ مشاركة القصص القرآنية مع أطفالك لها أهمية كبيرة في تغرس حبها في قلوبهم. إن تعليم الأطفال القرآن من خلال القصص يحمل أيضًا أهدافًا مختلفة مثل إثارة التفكير أو أن يكون قدوة جيدة لهم ليتبعوها. 

يُمكنك تحقيق ذلك بسهولة عن طريق استخدام كتب القصص قبل النوم أو مقاطع فيديو الرسوم المتحركة الإسلامية التي من شأنها أن تزيد من فهمهم للقرآن.

اقرأ أجمل القصص التعليمية للأطفال على منصّة حدّوتة.

2. اجعل الأمر سهلاً 

لا تجبر أطفالك أبدًا على قضاء الكثير من الوقت في قراءة القرآن وحفظه، لأنَّ مثل هذا الموقف يمكن أن يثبط عزيمة طفلك تمامًا. ما يهم حقًا هو الاستمراريّة والانتظام في تعلُّم القرآن حتى لو كان ذك بوتيرة بطيئة. فقط تحلى بالصبر وذكّر نفسك دائمًا أن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة!

3. خصّص وقتًا يتناسب مع قدرات طفلك

إحدى الطرق السهلة لتعليم القرآن لطفلك بشكلٍ فعَّال هي تخصيص وقت محدد كل يوم لتلاوة وتجويد القرآن أو تدبُّره  لتقريب القرآن من قلبه وتطوير علاقة ذات معنى أكبر مع الله سبحانه وتعالى. فقط ضع في اعتبارك أنَّ بضع دقائق من التعلُّم السهل يمكن أن تكون أكثر فعالية من ساعات كاملة من إجبار طفلك على دراسة القرآن أو حفظه ضد إرادته.

إنَّ إنشاء روتين دراسي مُنتظم يضمن أن يصبح التعلم عادة وجزءًا من الأنشطة اليومية لطفلك. لذلك، ضع جدولًا مُحددًا لدراسة القرآن، وحاول الالتزام بهذا الجدول قدر الإمكان. وهذا لا يساعد فقط في تحقيق تقدم مطرد ولكنه يغرس أيضًا شعورًا بالانضباط والالتزام لدى طفلك.

4. التكرار هو أصل التعلُّم!

لا شك أن التكرار من أهم الوسائل التعليمية المثمرة في تعليم القرآن للأطفال. لذلك، حاول قراءة السور القصيرة أمامهم مرارًا وتكرارًا، وتشغيل القرآن في المنزل قدر استطاعتك لجعله مألوفاً لهم. يومًا بعد يوم، ستلاحظ فرقا كبيرا في مستواهم.

5. ابحث عن مُعلِّم لتعليم طفلك القرآن

إذا كنت لا تستطيع متابعة الأمر بنفسك، فمن الأفضل العثور على مدرس ماهر لأطفالك، يمكنه تعليمهم قراءة القرآن بدقة دون أخطاء في النطق. هناك العديد من المزايا للتعلم مع مدرس قرآن مُتخصِّص في كيفية تعليم الأطفال، حيث يعرف المعلمون ذوو الخبرة كيفية جعل الدروس جذابة باستخدام تقنيات عملية متنوعة مناسبة للأطفال.

ختامًا، لا شكّ أنّ تعليم القرآن للأطفال هو بمثابة استثمار مهم في مستقبلهم لما له من أهميّة في غرس القيم والأخلاق لديهم، وتقوية إيمانهم، وتعزيز حب التعلم لديهم بجانب تقوية مهاراتهم في اللغة العربيَّة. وبالتالي، فإنَّ أهميّة تعليم القرآن للأطفال تمتد إلى ما هو أبعد من نطاق التعليم الديني. 

ولذلك، تقع على عاتق الآباء مسؤولية تشجيع الأطفال على تعلّم القرآن وإتقانه دون الضغط عليهم لبذل ما هو أقصى من طاقتهم. ومن خلال تعليمهم القرآن، فإنَّنا لا نرشد أطفالنا في رحلتهم الروحية فحسب، بل نساهم أيضًا في تكوين أفراد يتحلون بأفضل القيم والأخلاق الحميدة. 

وتذكّر دومًا أنّ تعلُّم القرآن هو رحلة مُستمرة، ولذلك فإنّ قطع خطوات صغيرة مُستمرة أفضل بكثير من قطع خطوات كبيرة مُرهقة تؤدي في النهاية إلى توقّف رحلة التعلُّم تمامًا. وأخيرًا، لا تتن

المصادر: riwaqalquran، al-dirassa

10 كتب يجب أن يقرأهم طفلك لتنمية عقله وشخصيَّته!

في عصرنا الحالي الذي سادت فيه التكنولوجيا وانتشرت المُشتِّتات الإلكترونيّة بشكلٍ كبير، لا يزال الكثير من الآباء يرغبون في غرس حب القراءة في أطفالهم لما لها من دور كبير في تشكيل عقولهم وتطوير شخصيّاتهم. طبقًا لدراسة تم نشرها في المكتبة الوطنيّة للطب، فالكتب لديها القدرة على نقل عقول الأطفال إلى عوالم جديدة، وتوسيع خيالهم، وتعزيز حب التعلُّم لديهم. 

ولأنّ القراءة قد تكون نشاطًا مُملًا عند الكثير من الأطفال، فإنَّ اختيار الكتب التي تجمع بين المتعة والفائدة يظل تحديًا كبيرًا عند الكثير من الآباء. ولكن لا تقلق، ففي هذا المقال جمعنا لك مجموعة من أفضل كتب الأطفال التي تجمع بين عنصري الإمتاع والاستفادة، وتُلبّي احتياجات وقدرات الأطفال من مختلف الأعمار.

من المغامرات الرائعة التي تُثير الخيال إلى المواقف الحياتيّة التي تُعلِّم الأطفال العديد من الدروس، تم اختبار كل كتاب في هذه القائمة بعناية بهدف تعزيز الفضول الفكري وتحسين مهارات التفكير لدى الأطفال.

تصفّح الآن أجمل قصص الأطفال لتعزيز مهاراتهم الحياتية.

لذا، سواءً كان طفلك مُحبًا للقراءة أو على وشك أن يبدأ رحلته في عالم القراءة، فإنَّ هذا المقال سيكون بمثابة دليلك الشامل بشأن أهم الكتب التي يجب أن يقرأها.

1. الأمير الصغير

تدور أحداث الكتاب حول صبي يُعرف باسم “الأمير الصغير” يعيش على كويكب صغير بحجم منزل ويسافر عبر الكون. خلال سفره، قام الأمير الصغير بزيارة العديد من الكويكبات التي يسكنها العديد من الشخصيّات البالغة المُنعزلة.

في النهاية، يصل الأمير الصغير إلى الأرض ويلتقي بالراوي، وهو طيار تحطّمت طائرته في الصحراء الكبرى. على مدى الأيام الثمانية التي حُوصر فيها الراوي في الصحراء الكبرى بينما يحاول إصلاح طائرته، يروي الأمير الصغير قصَّة حياته. ومن خلال محادثاتهما، يتعرَّف الطيار على مغامرات الأمير الصغير. 

تتعمَّق القصَّة في موضوعات الوحدة والصداقة والحب والخسارة، وتُعلِّم الأطفال أهميّة الموازنة بين أوقات الفرح واللعب وأوقات العمل والجديّة، كما تُساعدهم على معرفة كيفيّة التعبير عن مشاعرهم، وتؤكّد على فكرة أنّ أهم الأشياء في الحياة غير مرئية للعين ولا يمكن رؤيتها إلا بالقلب. 

يُعد هذا الكتاب من أكثر الكتب ترجمةً في تاريخ الأدب العالمي، حيث تُرجم إلى مئات اللغات ولا يزال أحد أكثر الكتب مبيعًا على الإطلاق. الكتاب مُناسب للأطفال من عمر 8 سنوات فما فوق.

قصص خيالية ممتعة لطفلك، اقرأها له الآن من موقع حدّوتة.

2. كن إيجابيًا

إنَّ الشعور بالتفاؤل هو عنصر أساسي للنجاح في الحياة، ولذلك من المُهم توجيه الأطفال الصغار لتطوير نظرة إيجابيَّة عن الحياة واكتشاف كيف يُمكن أن تؤدي الاختيارات التي يتَّخذونها إلى الشعور بالسعادة. 

يُقدِّم هذا الكتاب المُسلي للأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة وفي المرحلة الابتدائية طرقًا للتفكير والتصرُّف من شأنها أن تساعدهم على الشعور بالرضا تجاه أنفسهم وحياتهم، والبقاء على المسار الصحيح عندما لا تسير الأمور كما يريدون، علاوةً على المُساهمة في سعادة الآخرين أيضًا. ويتضمَّن الكتاب أيضًا بعض الألعاب والأنشطة والأسئلة للمُناقشة للتأكيد على الدروس المُستفادة من هذا الكتاب.

هذا الكتاب هو واحد من ضمن سلسلة فريدة من نوعها لتنمية شخصيَّة الطفل تُعرف باسم “Be the Best Me!”. تُساعد هذه السلسلة الأطفال على تعلُّم وفهم وتطوير المواقف والسمات الشخصية الإيجابيَّة التي تُعزِّز الثقة بالنفس والشعور بالهدف في الحياة. 

يُركِّز كل كتاب في السلسلة على سمة شخصيَّة مُعيّنة مثل التفاؤل، واحترام الذات، والحزم، والمرونة، والنزاهة، والتسامح. وكتاب كن إيجابيًا هو أفضل ما يُمكن لطفلك البدء به!

3. جائزة كل يوم

يُعد هذا الكتاب أحد أفضل الكتب التحفيزيّة للأطفال، وهو يروي قصَّة طفل يُدعى عامر يحلم بالفوز بجائزة نوبل مقابل عمل عظيم ونبيل يقوم به. وبينما يسعى بفارغ الصبر إلى تحقيق هدفه النبيل، تتكشَّف القصة بلطف لتكشف عن حقيقة أعمق: إنّ القيام بالإنجازات الصغيرة كل يوم له نفس أهميّة الفوز بجائزة نوبل، لأنَّ الأعمال الجيدة هي جائزة في حد ذاتها.

من خلال يوميّات عامر وتجاربه، يتعلَّم الأطفال أنَّ الأفعال اللطيفة لها تأثير كبير وتمس حياة الآخرين بطرق مُختلفة سواءً كان ذلك من خلال مد يد العون، أو تقديم كلمة تشجيع، أو رسم الابتسامة على وجوه الآخرين.

وبالتالي، يحتفي الكتاب بفكرة أنَّ الإنجاز الحقيقي لا يوجد في الإنجازات الكبرى أو الأوسمة، ولكن في الروابط الحقيقيَّة التي نُقيمها والفرق الإيجابي الذي نحدثه في حياة الآخرين. هذا الكتاب مُناسب للأطفال من عمر 6 إلى 9 سنوات.

4. احلم!

الخيال والتحفيز هما مفتاح سعادة الأطفال الصغار ونموهم العقلي والنفسي، فالتفكير في الأحلام والأهداف يُمكن أن يساعد الأطفال على التغلُّب على التحديَّات عند ظهورها ورؤية الحياة من خلال عدسة مفعمة بالأمل. تدور أحداث الكتاب حول صبي صغير يعتقد أنَّ كل شيء يتخيّله في ذهنه مُمكن الحدوث، حيث يحلم بالذهاب إلى الفضاء الخارجي ولعب كرة القدم مع الأصدقاء ومساعدة الآخرين.

يقوم هذا الكتاب المُشجِّع بتعزيز خيال الأطفال ومُساعدتهم على استكشاف أحلامهم من خلال بعض النصائح الهامّة لتحفيزهم وتعليمهم كيفيَّة تحديد الأهداف في المنزل والمدرسة. بالإضافة إلى ذلك، يُغذِّي الكتاب روح تحمُّل المسؤوليّة عند الأطفال حيث يُشجِّعهم على تحمُّل نتيجة اختياراتهم وأهدافهم، ويُعلِّمهم أنَّ قراراتهم مهمة وأن عليهم الاعتماد على أنفسهم لتحقيق ما يريدون.

هذا الكتاب مُناسب للأطفال من عمر 5 سنوات فما فوق.

تصفّح المزيد من قصص الأطفال لعمر 5 سنوات.

5. من أين تأتي الأشياء؟

“من أين تأتي الأشياء” هو كتاب تعليمي رائع مُصمّم لإشباع فضول الأطفال من خلال الإجابة على أسئلتهم الأكثر إلحاحًا بطريقة بسيطة وجذَّابة. مع كل جزء، ينطلق الأطفال في رحلة اكتشاف مُثيرة، حيث يستكشفون أصل العديد من الأشياء.

يُغطِّي الكتاب مجموعة متنوعة من المواضيع، بدءًا من أصول المواد مثل الصوف، وكيف يتحوّل الخشب إلى ورق، وما أهميّة الموارد الطبيعية مثل البترول، إلى كيفيّة إنتاج الشوكولاتة اللذيذة. من خلال الخوض في هذه المواضيع، يكتسب الأطفال رؤى مُهمّة حول الطرق التي تتقاطع بها البراعة البشرية مع المبادئ العلميَّة لتشكيل العالم الذي نعيش فيه.

من خلال قراءة هذا الكتاب، ستزداد مهارات التفكير النقدي لدى الأطفال بشكلٍ كبير، مما سيُحفِّز فضولهم العلمي مدى الحياة. يُوفّر هذا الكتاب أسئلة وأجوبة للأطفال من سن 3 إلى 6 سنوات.

6. كن مُهذبًا ولطيفًا

يهدُف هذا الكتاب إلى مُساعدة الأطفال على فهم أهميَّة أن يكونوا مهذبين في تعاملاتهم مع الآخرين. فبينما يتنقَّل الأطفال عبر صفحات هذا الكتاب، فإنَّهم يشرعون في اكتشاف أهميَّة الأخلاق والأثر الإيجابي الذي تُحدثه على العلاقات بين الأشخاص.

يتنقّل الكتاب بمهارة في مُختلف المواقف الاجتماعيَّة، مُوضِّحًا كيف يُمكن لإظهار المجاملة والتعاطف أن يُعزِّز الروابط والتفاهم المتبادل بين الأشخاص. سواءً أكان ذلك مُشاركة الألعاب، أو تبادُل الأدوار، أو تقديم يد المساعدة، يتعلَّم القراء الصغار أنَّ لفتات اللطف الصغيرة يمكن أن يكون لها تأثير كبير على مشاعر الآخرين.

وتكمُن إحدى نقاط القوة في هذا الكتاب في منهجه العملي في تعليم الأخلاق. فمن خلال الأنشطة التفاعليَّة، يتم تشجيع الأطفال على استخدام الجمل المُهذَّبة مثل “من فضلك” و”شكرًا لك” و”معذرة”، كما يُقدِّم طرقًا عمليَّة للبالغين لتعزيز هذه الدروس ومساعدة الأطفال على تطوير المهارات الاجتماعية التي ستجعلهم محبوبين ومُقدَّرين من حولهم.

هذا الكتاب مُناسب للأطفال بدءًا من عمر 5 سنوات.

7. أطلس العالم للأطفال (موسوعتي الصغيرة)

في هذا الكتاب، يُقدِّم خبراء الخرائط في ناشيونال جيوغرافيك أطلسًا جديدًا يُصوِّر عجائب عالمنا من خلال حقائق مُمتعة ومُثيرة للأطفال. هذا الكتاب من شأنه أن يُوسّع آفاق الطفل عبر أخذه في جولةٍ سريعة حول العالم، حيث سيتعلّم كل شيء عن الأشخاص والأماكن والاتجاهات والتطوُّرات في عالمنا. ويتميّز هذا الكتاب برسومات رائعة تُقدِّم الحقائق بتنسيق سهل القراءة، بالإضافة إلى تصوير فوتوغرافي مُلوَّن يُظهر جمال عالمنا وتنوعه.

الأمر المُلفت في هذا الكتاب والذي جعله في قائمتنا هو مدى البراعة في اختيار المعلومات المُناسبة للأطفال بشأن العالم وعجائبه وتقديمها بصورة بسيطة ومُمتعة. فأسلوب هذا الكتاب مُعد خصيصًا لجذب الأطفال للقراءة وتحفيز فضولهم بشكلٍ كبير، علاوةً على استخدام الصور بطريقة تُشعر الطفل بأنّه قد سافر بالفعل إلى هذه الأماكن واستكشفها بنفسه.

يشتمل هذا الكتاب على ألعاب ذات مواضيع جغرافيَّة وكلمات مُتقاطعة وألغاز مُصوَّرة والمزيد، وهو مُناسب للأطفال من 6 إلى 10 سنوات.

8. البيضة الجيِّدة

يحكي هذا الكتاب الرائع عن قصَّة بيضة تسعى إلى الكمال وتحرص على رعاية الآخرين على حساب رفاهيَّتها الخاصّة. تعيش البيضة الجيدة في علبة بها أحد عشر بيضة سيئة، وتُحاول أن تُنظِّم حياتهم، ولكنَّهم لا يُقدِّرون تصرفاتها. تشعر البيضة الجيدة بالإرهاق والتوتر إلى حد كسر قشرتها، فتأخذ استراحة لبعض الوقت، وتنخرط في بعض أنشطة الرفاهية للشفاء من الداخل والخارج. وتختتم القصَّة بتعلُّم البيضة الطيبة كيف تعيش حياة أكثر توازنًا وتقبل العيوب في نفسها وفي الآخرين.

تُعد قراءة كتاب البيضة الجيدة أمرًا مهمًا لطفلك لأنها تُعزِّز العديد من القيم الأساسيِّة مثل أهميّة الاهتمام بذاته وعدم إثقال نفسه بالسعي وراء الكمال. كما يُشجِّع الكتاب الأطفال على قبول أنفسهم والآخرين – حتى مع وجود عيوب – مما يعزز الشعور بالتعاطف لديهم. 

وأخيرًا، من خلال رحلة البيضة الجيدة، يُمكن للأطفال التعرُّف على مبادئ إدارة التوتُّر وأهمية الاسترخاء والترفيه. يتميّز الكتاب برسومات رائعة وهو مُناسب للأطفال من سن 4 سنوات فما فوق.

9. جبل ضخم من الأشياء

نظرًا لأنَّ الأطفال قد لا يُحدِّدون الأولويات بنفس الطريقة التي يحددها الكبار، فإنَّ مساعدتهم على معرفة أولويَّاتهم والتنقُّل بينها هو أمرٌ مهم بالفعل لتنميتهم. وهنا يأتي دور هذا الكتاب الرائع الذي يحمل في طيَّاته دروسًا قيمة حول التنظيم وتحديد الأولويات. 

من خلال رواية القصص الجذَّابة، يأخذ الكتاب القُرَّاء الصغار في رحلة جنبًا إلى جنب مع شخصيَّات الكتاب التي تواجه تحدي كتابة قائمة بالأشياء المُهمَّة التي يحتاجونها. بينما تتنقل الشخصيَّات في هذا التحدي، فإنَّها تواجه دروسًا قيِّمة حول التمييز بين ما يهم حقًا، وما يحمل أهميَّة أكبر، وما يمكن تنحيته جانبًا. 

ومن خلال تجارب الشخصيَّات، يتم إلهام الأطفال للتفكير بشكل نقدي حول الاختيارات التي يتَّخذونها، وكيف تتماشى هذه الاختيارات مع أهدافهم وقيمهم الشخصية، وهو الأمر الذي يُمكّن الأطفال من تولي مسؤولية قراراتهم وأفعالهم. وفي عالم اليوم المليء بالمُشتِّتات والمُتطلِّبات التي لا نهاية لها، فإنَّ هذه الدروس لا تُقدَّر بثمن بالنسبة للأطفال.

10. عندما أشعر بالخوف

لدى الأطفال اليوم الكثير من المخاوف – سواءً كانت حقيقيَّة أو خياليّة – والتي يُمكن أن يكون لها تأثير كبير على سعادتهم وسلامهم النفسي. يهدف كتاب “عندما أشعر بالخوف” إلى مُساعدة الأطفال على فهم مخاوفهم والتعامل معها، حيث يُرشدهم من خلال الكلمات التشجيعيَّة والرسوم التوضيحيَّة الداعمة لمواجهة مخاوفهم ويُعلِمهم بالأماكن التي يلجأون إليها للحصول على المساعدة. 

بالإضافة إلى ذلك، يُعلِّم الكتاب الأطفال طرقًا بسيطة لمساعدة أنفسهم على الشعور بالتحسُّن والقوَّة والأمان. ويتضمَّن الكتاب قسمًا خاصًا للكبار، حيث يعرض أفكارًا لدعم الأطفال عندما يشعرون بالخوف. إنَّه كتاب مفيد للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4 إلى 8 سنوات.

ختامًا، قدّمنا في هذا المقال 10 من أفضل كتب الأطفال التي تتنوّع في موضوعاتها بين تطوير الشخصيّة وتحفيز العقل وتوسيع آفاق الخيال والتي لديها القدرة على ترك تأثير دائم على القُرَّاء الصغار. تغرس هذه الكتب العديد من القيم عند الأطفال وتُعزِّز التعاطف لديهم وتُشجِّعهم على التفكير النقدي وتنمي من حسهم الإبداعي وتعطُّشهم للمعرفة.

لذا، شجّع طفلك على فتح الصفحات والبدء في مغامرات جديدة، ودع سحر هذه الكتب الرائعة يرشد طفلك نحو حياة من التعلم والنمو والتطوُّر.

أخبرنا في التعليقات عن الكتب التي تنوي البدء بها مع طفلك، ولا تتردّد في مُشاركتنا بأحد الكتب التي قرأها طفلك وتركت تأثيرًا جيدًا عليه لتعم الفائدة. وأخيرًا، لا تنسَ الاشتراك في مدونتنا حتى يأتيك كل ما هو جديد أولًا بأوّل.

المصادر: jarirreader، arabicpost، ajnet، goodreads، ncbi

Exit mobile version