قصة عن أهمية التفكير الإيجابي: كيف غيّرت أفكاري عالمي الصغير

قيل قديمًا أن العقل كالحديقة، إن زرعت فيه أفكارًا إيجابية، ستحصد نتائج إيجابية، والعكس صحيح. تشير هذه المقولة الجميلة إلى أهمية التفكير الإيجابي والأفكار التي نغذّي بها عقولنا.

كلّ فكرة إيجابية هي شمعةٌ، تضيء طريقتك في مواجهة اليأس والخوف والفشل. وفي قصتنا اليوم، نقّدم قصة مؤثرة عن التفكير الإيجابي، ونحكي قصة الفتاة “أمل” وكيف تمكنّت بفكرة واحدة فقط أن تغيّر حياتها بأكملها.

قصة قصيرة عن أهمية التفكير الإيجابي

تبدأ أحداث قصتنا مع طفلة جميلة تُدعى أمل وتبلغ من العمر إحدى عشرة سنة. كانت أمل تحب الذهاب إلى المدرسة، لكنّ أكثر ما تحبه هو الرسم والتلوين. شاركت أمل في العديد من مسابقات الرسم، لكنّها لم تحصد أيّ نتائج مُرضية، وبالرغم من موهبتها المتميّزة، إلاّ أنّها لم تتمكّن من الفوز إطلاقًا في أيّ من هذه المسابقات، ممّا سبّب لها الحزن والإحباط، وبدأت الأفكار الرمادية المتشائمة تسيطر عليها.

وفي أحد الأيام، أعلنت المدرسة عن مسابقة جديدة للرسم، فقرّرت أمل الاشتراك فيها. وعند بداية المسابقة، حاولت أمل رسم لوحة، لكنها لم تتمكن من رسم ما تخيّلته في عقلها. جربت مرة، واثنتين، وثلاثًا، لكن بلا فائدة.

شعرت أمل بالإحباط، فتركت فرشاتها وانسحبت من المسابقة في النهاية، وقالت في لنفسها: “أنا سيئة في الرسم، ولا أملك المهارة الكافية لتحقيق الفوز”.

عادت أمل إلى منزلها واليأس يملأ قلبها، وكانت تفكّر في ترك الرسم وترى العالم حولها باهتًا بلا ألوان. عندما رأتها جدّتها، سألتها عن سبب حزنها. فردت أمل قائلة: “لم أتمكّن من إكمال لوحتى، إنني حزينة، وأريد ترك الرسم نهائيًا”.

احتضنت الجدة حفيدتها وابتسمت بلطف، ثم قالت: “يا ابنتي العزيزة إنكِ موهوبة ورسوماتك جميلة. لكنك دائمًا تفكرين بطريقة متشائمة، وهذا ما يجعلك في النهاية ترسمين بطريقة سيئة. ما رأيك أن تنظري إلى نفسك بطريقة مختلفة؟”

نظرت أمل إلى جدتها بدهشة وسألتها: “لكن، كيف يمكن لفكرة في عقلي أن تغيّر الواقع من حولي”.

ابتسمت الجدة وقالت: “سأحكي لكِ قصة قصيرة توضّح لكِ أهمية التفكير الإيجابي في حياتنا، وكيف يمكن أن تؤثّر الأفكار على ما نقوم به، وعلى الأشياء من حولنا أيضًا”.

بدأت الجدة في سرد القصة قائلةً: “سأحكي لكِ يا أمل عن قصة فتى يُدعى باسم. كان يحب لعب كرة القدم كثيرًا، ويحلم بأن يصبح لاعبًا مشهورًا. وكان موهوبًا لدرجة أنّ كلّ من يراه يلعب يشعر وكأنه يشاهد لاعبًا كبيرًا في أحد الأندية العالمية.

في أحد الأيام، ذهب باسم إلى مدرسته، وعندما بدأ الفصل، سأل المعلم عن حلم كل طالب. رفع صديقة سامي يده وقال: “أريد أن أصبح طبيبًا ناجحًا مثل والدي.”

ثم قال أحمد: “أريد أن أصبح مهندسًا”.

وعندما جاء دور باسم، ابتسم وقال بكل ثقة: “أنا أحلم بأن ألعب كرة القدم مع فريقي المفضل”.

فجأة، عمت أصوات الضحك في الفصل وسخر الطلاب من حلمه، وقال أحدهم: “هل تمزح؟ كيف لفتى يعيش في قرية صغيرة أن يصبح لاعبًا في نادٍ عالمي؟”

حزن باسم من سخرية أصدقائه، وجلس طوال اليوم الدراسي يفكر في ما قاله أصدقائه، وبدأت الأفكار المتشائمة تتسلل إلى عقله ببطء. ومع انتهاء النهار، ذهب إلى تدريباته، لكنّه لم يستطع اللعب بمهاراة، فوبّخه مدرّبه. عندها شعر بأن أصدقائه على صواب.

حزن باسم بسبب سخرية أصدقائه، وبقي يفكّر في كلماتهم لعدّة أيام. بدأت الأفكار المتشائمة تتسلّل إلى عقله ببطء، حتى شعر بالضعف والحزن. وكان يذهب في كلّ يوم إلى تدريب كرة القدم حزينًا متشائمًا. فيما مضى، كان باسم يلعب بحماس ويركض ويصوّب بدقة. لكنّه الآن يسقط أكثر من مرة ويفقد الكرة بسهولة.

وبّخه المدرّب بحزم، وقال: “ما بك يا باسم؟ لماذا لا تلعب بمهارة مثل كلّ مرة؟”

طأطأ باسم رأسه حزينًا وقال: “ربّما لم أكن ماهرًا من البداية”.

توجّه باسم إلى منزله وهو يشعر بالإحباط، ويردّد في سرّه كلمات أصدقائه عن حلمه المستحيل. تعجّبت والدته من حديثه المتشائم، فسألته عن سبب هذا الكلام، أخبرها بما حدث معه في الفصل وكيف سخر أصدقائه من حلمه، وكيف وبخّه المدرب.

قاطعته والدته قائلة: “لقد أخطأت يا باسم، لا يجب أن تسمع لحديث المتشائم، ما رأيك إذا لبسنا النظارة السحرية”.

ردّ باسم: “النظارة السحرية”.

أجابت الأم: “نعم، ولكنها ليست نظارة حقيقية، بل هي نظارة التفكير الإيجابي، هي طريقة جديدة لرؤية العالم من حولنا”.

ثم تابعت حديثها: “يا بُنيّ، الأحلام هي أهداف مؤجلة تنتظر من يسعى لتحقيقها. يجب عليك أن تؤمن بحلمك وتسعى لتحقيقه مهما كانت الظروف. تحقيق الأحلام لن يكون سهلاً دائمًا، بل يتطلب مواجهة التحديات والقضاء عليها، والعزيمة، والصبر، والإصرار على النجاح”.

تأثّر باسم بكلام والدته، وصعد إلى غرفته. وظلّ يفكّر طوال الليل في نصائح والدته وفي أمر النظارة السحرية. وفي صباح اليوم التالي، أسرع إلى والدته وأخبرها بأنه سيكمل تدريباته وسيسعى لتحقيق حلمه ولن يلتفت إلى كلام أصدقائه. فرحت الأم بإصرار طفلها، ثم استأذنها للذهاب إلى النادي. أدّى باسم جميع تدريباته بنشاط وقوة.

كان باسم يحرص على الذهاب إلى التمرينات في مواعيدها، ويهتم بتناول طعام صحي، استعدادًا ليوم المنافسة الكبير. وعند عودته إلى المنزل، يُنهي واجباته المدرسية ويُراجع دروسه بانتظام، دون أن يُقصّر في أي جانب. مضت السنوات، وهو يحول كل موقف سيء إلى موقف إيجابي بنظارته السحرية. وفي أحد الأيام، أعلن النادي عن يوم مهم سيحضر مدربون من كافة الفرق، لاختيار أفضل اللاعبين لضمهم إلى فرقهم.

شعر باسم بأن هذا اليوم هو الفرصة التي انتظرها طويلًا، وقال لنفسه: “هذا هو اليوم الذي تدرّبتُ من أجله لسنوات. هذا هو اليوم الذي سأبدأ فيه تحقيق حلمي.”

وفي يوم المنافسة، حضر باسم برفقة والدته التي كانت تشجعه باستمرار وتسانده بكلماتها الإيجابية. نزل باسم إلى الملعب وتمكن من خطف أنظار كل المدربين بأدائه الرائع، وفي نهاية اليوم، تمكّن من الانضمام إلى المنتخب القومي لبلاده. شعر باسم بالسعادة والفرح الشديد لاقترابه من تحقيق حلمه، وأدرك أن الإصرار والتفكير الإيجابي كانا المفتاح الحقيقي لنجاحه.

أصبح باسم لاعبًا مشهورًا، وكان يصنع أهدافًا رائعة في كل مباراة، وبدأت شهرته تزداد يومًا بعد يوم. وفي أحد الأيام، أثناء ذهابه إلى التمرين، تفاجأ بأن مدرّب ناديه المفضل قد أرسل مندوبًا لمقابلته، ليقنعه بالانضمام إلى الفريق واللعب معهم. لم يصدق باسم نفسه، فقد كان هذا حلمه الكبير منذ الطفولة، والآن أصبح حقيقة بعد كل الجهد والتعب.

وبالفعل، سافر باسم إلى خارج البلاد، وبدأ تدريباته مع زملائه الجدد في الفريق. وقبل أول مباراة له مع ناديه المفضل، دعا والدته وكل أصدقائه لحضور المباراة، لرؤيتهه وهو يلعب مع ناديه المفضل.

وعندما انتهت المباراة، قال باسم بسعادة وهو يلوّح بيده للجمهور: “اليوم حققت حلمي الذي لم يصدّقه أحد، ووصلتُ لما حلمت به. أنصح كل من يسمعني أن يسعى وراء حلمه، ولا يستسلم أبدًا، ولا يلتفت إلى الكلمات المحبِطة. فالعمل الجاد والتفكير الإيجابي هما طريق تحقيق الأحلام”.

في نهاية القصة، سألت الجدة أمل: “هل تعرفين من هو باسم يا حفيدتي؟” هزّت أمل رأسها بالنفي، فأخرجت الجدة هاتفها، وعرضت عليها فيديو للاعب على الإنترنت، ثم أخبرتها: “هذا هو باسم، الذي أخبرتك عنه، هي قصة حقيقية”.

ذُهّلت أمل، وفهمت أخيرًا كيف يمكن للأفكار الإيجابية أن تؤثر على تصرفاتها وتساعدها على تحقيق أهدافها. وبعد تلك اللحظة، قرّرت أمل أن تلبس النظارة السحرية، وألا تترك مجالاً للأفكار المتشائمة لتتسلل إلى عقلها.

قالت لنفسها: “أنا أمتلك موهبة الرسم، ويمكنني أن أرسم لوحات جميلة”.

ذهبت أمل، وأحضرت أدواتها ولوحتها، وجلست بجانب جدتها ترسم لوحة جميلة للزهور. وفي صباح اليوم التالي، أخذت اللوحة إلى مدرستها لتُريها لمعلمتها، فاندهشت المعلمة من جمال اللوحة وتفاصيلها.

قالت المعلمة: “رسمتك جملية للغاية يا أمل. ستقيم المدرسة مسابقة للرسم، والفائز سيسافر إلى باريس لتعلّم الرسم خلال العطلة الصيفية. يجب أن تشتركي في هذه المسابقة”.

بدأت أمل في التدرّب على الرسم من جديد، وانضمت إلى نادي الرسم لتتعلم أكثر وتُطوّر مهاراتها استعدادًا للمسابقة. وفي يوم المسابقة، استيقظت أمل وجهزت أدواتها، لكن بدأ الخوف يتسلّل إلى عقلها وقلبها. لاحظت جدّتها ذلك، فاقتربت منها وقالت: “تذكّري يا أمل قصة باسم، وكيف حقق حلمه. فكّري بالأفكار الإيجايبة. أنا أثق بأنك ستفوزين بالمركز الأول”.

نظرت إلى جدّتها، وقالت: “لن أدع الأفكار المتشائمة تسيطر عليِّ، أنا أستطيع تحقيق الفوز اليوم، سأرسم لوحة جميلة تنبض بالحياة وتعجب كل من يراها”.

غادرت أمل المنزل، وهي عازمة على تحقيق المركز الأول. جلست في مكانها المخصص، وبدأت ترسم اللوحة بهدوء شديد، وهي تردد: “أنا أستطيع الفوز”.

وبعد عدة ساعات، انتهت أمل من لوحتها، وانتظرت رأي الحكّام. وبعد عدة مناقشات، صدرت نتائج المسابقة وحصلت أمل على المركز الأول. قفزت أمل من مكانها بسعادة، وركضت إلى جدتها التي كانت تنتظرها بفخر، وعانقتها بقوة. قالت الجدة بابتسامة: “ألم أقل لكِ إن التفكير الإيجابي يصنع المعجزات؟”

ذهبت أمل لتستلم جائزتها وسط تصفيق أصدقائها، اقترب منها أحد الحكام وسألها عن اسم لوحتها. نظرت أمل إلى لوحتها وقالت: “سأسمي لوحتي الفكرة المضيئة”. وأكملت حديثها قائلة: “كنت أرغب في رسم لوحة تعبّر عن أهمية التفكير الإيجابي في حياتنا. أردت أن يشعر كل من يراها بالقوة ويسعي لتحقيقه”.

عادت أمل إلى المنزل وهي تحمل الجائزة، تملأها السعادة، وشكرت جدتها وقالت: “شكرًا لك يا جدتي، اليوم تعلمت الدرس جيدًا، وفهمت كيف يمكن لكلمة واحدة أن تغيّر مسار حياتنا. ومن اليوم فصاعدًا، سأحرص دائمًا على قول كل الكلمات والأفكار الإيجابية لنفسي وللآخرين”.

ابتسمت الجدة ورتبت على كتفها قائلة: “وهكذا تبدأ الفكرة المضيئة في الانتشار.”

اقرأ أيضًا: قصة للأطفال عن توفير المال: سامر والديناصور الأخضر

المغزى من القصة

وفي نهاية القصة، تعلمنا من أمل كيف يمكن أن يساعدنا التفكير الإيجابي على تغيير نظرتنا لأنفسنا، ويحفّزنا على السعي لتحقيق أهدافنا وأحلامنا. وكيف يمكن للأفكار السلبية التي نُصدّقها عن أنفسنا أن تؤثر على ثقتنا بأنفسنا وأحلامنا.

يساعدنا التفكير الإيجابي على تحويل الخوف واليأس إلى إصرار وتحدٍّ، يعقبه نجاح وتحقيق الأهداف. كما نتعلّم أيضًا كيف يمكننا أن نشجع الآخرين، تمامًا كما كانت الجدة تشجع أمل باستمرار.

وتذكّر يا طفلي العزيز، قد لا تنجح محاولتك الأولى، ولكن بالسعي والمحاولة يمكننك أن نصل إلى ما نحلم به. لا تُصدّق كل ما يُقال عنك، أنت لست ما يقوله الآخرون عنك، بل ما تؤمن به عن نفسك. لذا، ثق بنفسك وفكر بإيجابية. وتذكّر في النهاية أن التفكير الإيجابي هو مفتاح النجاح.

اقرأ أيضًا: مالك الغاضب!| قصة قصيرة حول السيطرة على الغضب

ماذا تعرف عن التفاؤل المزيّف؟ اقرأ المقال كاملاً الآن.

الجندب والنملة – قصة قصيرة عن الإيثار للأطفال

نحن نعيش من أجل أنفسنا ولكننا نتعلّم المعنى الحقيقي للحياة عندما نؤُثر الآخرين، فالإيثار لا يعني أن نُعطي الأشياء الفائضة لدينا، بل أن نُعطي الأشخاص من حاجتنا ونؤثرهم على نفسنا، حتى وإنّ كنا بأمس الحاجة.

بهذه الحكمة نحكي لكم اليوم قصة النملة والجندب، صديقان يعيشان سويًا في الغابة ويتشاركان اللعب والمرح، ولكن ماذا سيحدث عندما يحلّ فصل الشتاء القارس؟ وهل يمكن للإيثار أن يُنقذ حياة أحدهما في وقت الشدة؟

هيا نقرأ معًا قصة النملة والجندب ونتعلّم منها درسًا مهمًا عن الإيثار والعطاء الحقيقي ونكتشف جمال هذه القيم وأهميتها في تحويل الحياة إلى عالم يملؤه الحب والرحمة.

قصة عن الإيثار للأطفال: الجندب والنملة

في قديم الزمان، عاشت نملة وجندب في غابة خضراء جميلة، مليئة بالأشجار العالية والزهور الملونة. عُرف الجندب بين حيوانات الغابة بحبّه للعب واللهو. فهو يعشق الغناء، ويقفز برشاقة بين الأزهار المختلفة، ويعزف ألحانه السعيدة، وينشر الفرح في كل مكان. لم يكن يفكّر إلا في اللعب، ولا يشغل باله سوى المرح واللهو.

أما النملة، فعلى عكس الجندب، تستيقظ مع الفجر وتعمل بجدّ دون كلل أو تعب. تجمع الحبوب وتخزنها بعناية في بيتها الصغير تحت الأرض. وتقضي نهارها تتنقل بين الأعشاب والبذور، باحثة عن الطعام الصالح لتخزينه. ولا تتوقف عن العمل أبدًا، مهما اشتدّ الحر أو هبّت الرياح، لأنها تعرف أن الشتاء قادم، ويجب أن تكون مستعدة.

في أحد أيام الصيف الحارّة، خرج الجندب يتنقّل بين الأعشاب حتى وصل إلى بيت النملة. طرق الجندب باب منزلها، قائلاً: مرحبًا يا صديقتي العزيزة، الجو حار اليوم، ما رأيك أن نذهب إلى البركة ونستمتع بمياهها المنعشة”.

ردّت النملة: لا أستطيع اللعب الآن، يجب أن أجمع الحبوب وأخزّنها استعدادًا لفصل الشتاء”.

ضحك الجندب، وقال بلا مبالاة: “مازال الصيف طويلاً والوقت مبكر، لا تكوني مملة يا صديقتي، هيا بنا نلعب قليلًا”.

ردّت عليه: “يجب أن أخزّن الطعام يا صديقي، لماذا لا تنضم إليّ وتساعدني في جمع الحبوب وبعدها يمكننا اللعب”.

صاح الجندب: “لا لا لا لا، الجو حار جدًا، سأذهب إلى الماء لأخفف هذا الحر”.

رحل كلٌ من الجندب والنملة إلى وجهته. توجّهت النملة إلى المرج الأخضر لجمع الحبوب الصالحة لتخزينها. كانت النملة تحمل الحبوب الثقيلة بتوازن على ظهرها، ثم تضع حبة القمح في مخزنها، ثم تعود مسرعة إلى الحقل مرة أخرى لجمع حبة جديدة. وتكرّر هذه الرحلة مرات ومرات، ذهابًا وإيابًا بلا كلل.

من جهة أخرى، وصل الجندب إلى البركة الزرقاء، فاستقبلته الحيوانات بترحيب وفرح. قفز في المياه الباردة، وقضى يومه في سعادة غامرة مع أصدقائه، يغني ويلعب، مستمتعًا بأشعة الشمس والمياه المنعشة.

في صباح يوم جديد، التقي الجندب بالنملة في المرج العشبي، لوّح لها وقال ساخرًا: “هل ستجمعين الحبوب اليوم أيضًا؟ ألا تملين من العمل كلّ يوم؟”

ردّت النملة بهدوء: “الشتاء القارص سيحل قريبًا، ولن يسمح لنا بالخروج للبحث عن الطعام، لذا يجب أن أعمل اليوم لأرتاح غدًا”.

لكن الجندب لم يهتم بكلام صديقته النملة، وقضى يومه في المرج العشبي يلعب ويغني ويرقص على الألحان التي يعزفها. وفي كل مرة يرى النملة تمر من أمامه، يلوّح لها ويناديها للعلب معه، يقول لها ضاحكًا: “كُفّي عن العمل! تعالي نغنِّ ونستمتع بالشمس الدافئة. لديكِ الكثير من الطعام الذي يكفيكِ طوال الصيف”.

كانت النملة تتجاهله وتواصل عملها بجد، وهي تردد في نفسها: “نحن بحاجة إلى الطعام لنعيش. الصيف سيمضي سريعًا، ويا ليت الجندب يفكر قليلًا في الغد”.

 ومع مرور الأيام، ازدادت سخرية الجندب من النملة كلما رآها تحمل الحبوب. وهو يقول في نفسه: “لماذا أقلق بشأن الغد؟ اليوم جميل، والطعام وفير في الغابة”.

مرّت الأسابيع، وانتهى فصل الصّيف، وأقبل الخريف برياحه الخفيفة وأوراقه المُتساقطة. لكن لم يتغيّر شيء في طباع الجندب والنملة. النملة تواصل جمع الطعام، والجندب لا يزال يعزف ويغنّي. كل يوم، تدعو النملة صديقها الجندب إلى جمع الطعام للاستعداد للشّتاء، لكنّه يرفض بكسل.

ثم حلّ فصل الشّتاء البارد. تساقطت الثلوج وغطّت الأرض والأشجار، وأصبح كلّ شيء أبيض. لم تعد هناك أوراق، ولا بذور، مما جعل البحث عن الطعام مستحيلاً. جلست النملة تتناول ما خزّنته من طعام، في بيتها الدّافئ. أما الجندب الكسول، فكان يرتجف من البرد، ويتنقّل بين الأغصان باحثًا عن حبة طعام، لكن دون جدوى.

في أحد الأيام الباردة، استيقظ الجندب من نومه وخرج من منزله باحثًا عن أيّ شيء يسد به جوعه، كان البرد قاسيًا وأوراق الشجر تتساقط، والرياح تعصف من حوله. حاول أن يبحث عن طعام بين الثلوج والأوراق المتساقطة، لكنّه لم يجد شيئًا. فجلس بجانب صخرة يرتجف من الجوع والبرد وضم جناحيه ليدفأ نفسه.

فجأة، تذكّر كلمات النملة، فقرّر زيارتها ليطلب منها بعض الطعام. وفي طريقه إلى بيت صديقته، وجدها أمامه وكأنّها تبحث عنه، وكانت تحمل فوق ظهرها حبّة سكر كبيرة. توقفت النملة عندما رأته في هذه الحالة، ونظرت إليه بحزن. وقالت: “جندب! ماذا بك؟ لماذا تبدو ضعيفًا وشاحبًا بهذا الشكل؟”

أجاب الجندب بصوت ضعيف: “البرد شديد وأنا جائع للغاية، ولم أجد طعامًا منذ يومين”.

صمتت النملة قليلاً، ثم قالت: “هذا ما حذّرتك منه يا صديقي، ولكنّك لم تستمع إليّ”.

ثم أضافت: “تعال معي إلى بيتي، لديّ الكثير من الطعام الذي يكفيني أنا وأنت. يمكنك أن تأكل وتستريح حتى تزول العاصفة.”

فتح الجندب عينيه بدهشة: “حقًا! هل ستُعطيني الطعام؟ لكنني لم أساعدك في جمعه أو تخزينه”.

ردّت النملة: “أعلم ذلك، ولكنك صديقي. والإيثار هو أن نتشارك مع نحب حتى وإن لم يُعطينا شيئًا في المقابل. وأنت صديقي”.

شعر الجندب بالخجل الشديد، وانتابته موجة من الندم على كسله وعدم إكتراثه. سار مع النملة بصمت مستندًا عليها، حتى وصلا إلى بيتها. فتحت النملة الباب، وساعدته على الجلوس بالقرب من موقد النار، ثم أحضرت له بطانية، وقدّمت له طبقًا شهيًا من الحبوب والماء الدافئ.

كان الجندب ممتنًا للغاية، ولم يجد كلمات تُعبّر عن شكره ولطف النملة معه. بعد أن تناول الطعام، وشعر بالدفء، همّ بالمغادرة، لكنّ النملة منعته من المغادرة وقالت بلطف: “اجلس هنا حتي تستعيد صحتك بالكامل وتنتهي العاصفة”.

مكث الجندب في بيت النملة عدة أيام، ينعم بدفئها وكرمها، ويستعيد صحته شيئًا فشيئًا. وذات يوم، قال الجندب بصدق: لقد تعلّمت درسًا قاسيًا لن أنساه أبدًا، وأعدك يا صديقتي العزيزة أنني سأساعدك بكل طاقتي في جمع الطعام في الصيف المقبل.”

ومع مرور الأيام، ازدادت الصداقة بين الجندب والنملة وصارت أقوي. وبعد انتهاء الشتاء وحلول الربيع، خرج الجندب مبكرًا من بيته حاملاً سلة كبيرة وتوجّه مباشرة إلى منزل النملة.

دق الجندب الباب، ففتحت له النملة، قال لها بحماس: “هيا يا صديقتي، لقد حان وقت العمل، لنجمع الحبوب معًا”.

فرحت النملة كثيرًا بتغير الجندب وخرجت معه لجمع الطعام. قضى الصديقان الأيام في جمع الطعام وهما يغنيان ويرقصان فرحين بالتّعاون والعمل المشترك.

لم ينسَ الجندب أبدًا ما فعلته النملة لأجله، وكيف آثرت نفسها ومنحته من طعامها، رغم تعبها الشّديد في جمعه. وأخبر جميع حيوانات الغابة عن أخلاق النملة وكيف علمته معنى الإيثار الحقيقي، وكيف غيرّت حياته إلى الأفضل.

ومنذ ذلك اليوم، انتشرت قصة النملة والجندب بين الحيوانات، وصارت النملة ترمز إلى الإيثار والكرم، وصار الجندب مثالًا للتّغير الإيجابي. وهكذا، عاشا الصديقين يتعاونان ويتكاتفان في كل الأوقات.

اقرأ أيضًا: قصة قصيرة حول تقبل الآخرين| الثعلب واللقلق

المغزى من قصتنا عن الإيثار

قصة النملة والجندب ليست مجرد قصة تُعلّمنا أهمية العمل فقط، بل تعلمنا أهمية الإيثار والمشاركة مع الآخرين. قصة جميلة تبرز أهمية الشعور بآلام الآخرين ومشاكلهم وكيف يمكن للرحمة والمحبة والإيثار أن تبني العلاقات وتقويها. كما تعلم الأطفال أن القوة الحقيقة ليست في امتلاكك لكل شيء، بل تكمن في قدرتك على العطاء بحب للآخرين.

دعونا نتعلم اليوم يا أطفال قيمة وأهمية الإيثار في حياتنا ونحرص على العمل به، لنبني مجتمعًا قائمًا على المحبة والتعاون.

اقرأ أيضًا: مالك الغاضب!| قصة قصيرة حول السيطرة على الغضب

المصدر

.The Ant and the Grasshopper

قصة قصيرة حول تقبل الآخرين| الثعلب واللقلق

خلقنا الله مختلفين في أشكالنا وصفاتنا، فكلٌّ منا يحمل جماله الخاص بطريقته الفريدة. وفي عالمنا الكبير، قد نصادف من لا يشبهنا، وهذا لا يعني أبدًا أن نسخر أو نتنمّر على غيرنا، بل هي فرصة رائعة لتعلّم كيفية تقبل الآخرين واحترام مشاعرهم.

وفي قصتنا اليوم، تعلّم الثعلب درسًا لا يُنسى، درسًا مهمًا عن أن الاختلاف ليس عيبًا، بل ميزة مهمّة تزهر بها حياتنا. فلنقرأ معًا قصة “الثعلب واللقلق” ونتعلّم منها الاحترام وتقبل اختلافات الآخرين.

قصة الثعلب واللقلق ودرس في تقبل الآخرين

في قديم الزمان، في غابة خضراء مليئة بالأشجار والحيوانات المختلفة، عاش ثعلب ذكي وماكر، وكان الثعلب يشتهر بدهاءه وسخريته من باقي الحيوانات. أما جاره، طائر اللقلق، فكان طيب القلب، ولا يؤذي أحدًا، ويكنّ الاحترام للآخرين ويتقبل اختلاف كل واحد منهم، ويرى أن اختلافهم هو سرّ جمال الغابة، على عكس طبيعة الثعلب المكار.

على الرغم من كونهما جارين لا يفصل بين منزليهما سوى خطوات معدودة، إلا أن الثعلب واللقلق لم تربطهما أيّة صداقة. فقد كان الثعلب يُحب مضايقة اللقلق كثيرًا، ويسخر من منقاره الطويل وشكله المختلف عن باقي الحيوانات. ولم يكتف بذلك فقط، بل ويتفنن في صنع المقالب واختيار كلمات تُضحك بقية الحيوانات على مظهره المختلف. لم يملك اللقلق المسكين سوى الصمت وتجنب السخرية الجارحة.

وفي إحدى الليالي، شعر الثعلب بالملل، فجلس يُفكّر مليًا في طريقة لكسر هذا الملل. وما لبث أن خطرت في ذهنه خطة ماكرة يتسلّى بها على حساب مشاعر اللقلق الطيب. وما إن أشرقت الشمس، حتى توجّه الثعلب مسرعًا إلى منزل جاره اللقلق وقال بإبتسامة ماكرة: “مرحبًا يا جاري، أودّ أن أدعوك لتناول العشاء في بيتي غدًا.”

فرح اللقلق كثيرًا بدعوة الثعلب على العشاء، فهو يُحب مشاركة الأصدقاء على العشاء وقضاء وقت ممتع معهم. ظنّ اللقلق أن الثعلب ربما يريد أن الاعتذار عن تصرفاته السابقة، ولم يكن يدرك نية الثعلب الحقيقية. فابتسم اللقلق وردّ قائلاً: “بالطبع سأحضر في الموعد أيها الثعلب، أتمنى أن نقضي وقتًا ممتعًا سويًا. أشكرك على هذه الدعوة اللطيفة”.

وفي صباح اليوم التالي، شرع الثعلب في تنفيذ خطته الماكرة. فقد قرر أن يُحرج اللقلق، لا أن يعتذر له كما ظنّ. بدأ بترتيب منزله وأعدّ العشاء. جهّز حساءً لذيذًا، ولكنه سكبه في طبقين مسطحين، وهو يتخيل منظر اللقلق المسكين وهو يحاول أن يأكل بمنقاره الطويل دون جدوى.

وصل اللقلق في الموعد المتفق عليه مبتسمًا، وأحضر معه هدية لطيفة ليُقّدمها للثعلب ليشكره على دعوته. دقّ اللقلق جرس الباب، وعندما فتح الثعلب الباب، قال اللقلق: “مساء الخير يا جاري، شكرًا لدعوتي إلى منزلك، وأرجو أن تقبل هذه الهدية مني”.

أجاب الثعلب بخبث: “تفضل يا صديقي، لنجلس ونتناول العشاء ونتسامر سويًا”.

ثم ذهب إلى المطبخ وأحضر الأطباق، وقال مبتسمًا: “تفضل هذا الحساء لقد أعددته خصيصًا لك”.

جلس الاثنان سويًا على طاولة العشاء، وتناول الثعلب الحساء بسرعة وراحة، بينما حاول اللقلق أن يتناول الحساء ولكنه لم يتمكّن من ذلك بسبب منقاره الطويل المدبب، سكت اللقلق ولم يرد أن يُحرج الثعلب وقال: “إنني لا أشعر بالجوع هذه الليلة”.

لم يبال الثعلب بما قاله اللقلق، ورد ساخرًا: ” لم آكل حساء بهذه اللذة منذ زمن، لقد استمتعت كثيرًا بهذه الوجبة المذهلة”.

شعر اللقلق بالاستياء من خدعة الثعلب المكّار، لكنه لم يظهر علامات للغضب أو الحزن، بل بقي هادئًا، وفهم أن الثعلب خطط لهذه المكيدة مسبقًا.

شكر اللقلق الثعلب على وجبة العشاء، وعاد إلى بيته حزينًا ومستاءً مما فعله الثعلب. فكر بهدوء وقال لنفسه: ” أحيانًا لا يفهم الآخرون أننا مختلفون عنهم. وربما يعتقدون أن السخرية على اختلافنا شيء ممتع. سأعلمك درسًا لن تنساه أيها الثعلب”.

وبعد أسبوع من تلك الليلة، تفاجأ الثعلب حين فتح الباب ووجد اللقلق واقفًا أمام منزله. استغرب الثعلب من وجود اللقلق، فهو لم يره منذ ذلك الليلة.

قال اللقلق: “مساء الخير يا صديقي العزيز، أريد دعوتك لتناول وجبة العشاء معي غدًا، هل ترغب بالقدوم؟”.

لم يشك الثعلب في سبب الدعوة، وقال في نفسه:” ربما يودّ أن يرد لي الوجبة التي أعددتها له سابقًا، يالها من طائر ساذج”.

قطع اللقلق تفكير الثعلب، وقال: “ما رأيك يا صديقي؟”.

وأجاب مبتسمًا: “حسنًا، سآتي أيها اللقلق، انتظرني غدًا”.

وفي اليوم التالي، توجّه الثعلب إلى منزل اللقلق فرحًا ومتشوقًا لتناول الوجبة. استقبله اللقلق بابتسامة رقيقة، وقال: “تفضل يا صديقي، أشكرك على تلبية دعوتي، هيا لنتناول العشاء، لقد أعددت لك أشهى الأطباق”.

عندما دخل الثعلب إلى المنزل، اندهش من طاولة الطعام الممتلئة بالأطباق اللذيذة والشهية، وجلس على كرسيه وبدأ ينظر إلى الطعام ويعلو على وجهه ابتسامة كبيرة. ثم استأذنه اللقلق ليحضر الطبق الرئيسي من المطبخ.

عاد اللقلق بعد لحظات حاملاً بين يديه طبقين، وصعق الثعلب ممّا رآه! لقد كان اللقلق يحمل جرّتين طويلتين فيهما سمك مشوي تفوح رائحته الرشهية في الأرجاء. ابتسم اللقلق وقال: “تفضل يا صديقي، لقد أعددت لك السمك الذي تحبه”.

حاول الثعلب التقاط الطعام، لكنه لم يستطع إدخال فمه داخل الجرة، لأنها كانت طويلة وضيقة جدًا على فمه القصير، بينما استمتع اللقلق بتناول السمك بسهولة.

شعر الثعلب بالحزن والإحراج، لأنه لم يتمكن من تناول الطعام الشهي اللذيذ. نظر إلى اللقلق وقال: “أعتقد أنني فهمت الآن ما تريد قوله.”

أنهى اللقلق طعامه وقال بهدوء: “لم أرد أن أؤذيك أو أغضبك في تلك الليلة، رغم أنك آذيت وجرحت مشاعري. ولكني اليوم أردتك أن تعرف ما شعرتُ به أنا في تلك الليلة. وأن تحسّ بما يحسّ به الآخرون عندما يكونون في مكان لا يقبل اختلافهم. أردتك يا صديقي أن تعرف أن اختلافنا لا يعني أن نسخر من بعضنا البعض، بل أن نحترم بعضنا.”

نظر الثعلب إليه بخجل وقال: “كنت أظن أن السخرية ممتعة، ولم أدرك أن ذلك يؤذي مشاعرك ويسبب لك الحزن”. وتابع كلامه قائلاً: “لقد تعلمت الدرس، فهمت أننا يجب أن نحترم اختلاف بعضنا ونتقبل الآخرين كما هم، ونفكر في طريقة تناسب الجميع لنحافظ على صداقتنا”.

اعتذر الثعلب، وعانق اللقلق، وقال:” أعتذر يا صديقي، أتمنى أن تسامحنى على ما فعلته بك، وأود أن تكوني صديقي على الرغم من اختلافتنا الخارجية”.

مدّ اللقلق جناحيه وضم الثعلب إليه، ثم قال مبتسمًا: “بالطبع يا صديقي، اختلافنا لا يُفرقنا، بل يجعل صداقتنا مميزة.”

وفي تلك اللحظة، نهض اللقلق، ودخل إلى المطبخ، وعاد وهو يحمل طبقًا مسطّحًا عليه السمك الذي يحبه الثعلب، وقال: “لقد أعددتُ هذا لك، لتأكله كما تحب.” ضحك الصديقان وتناولا الطعام وتحدثا معًا طوال الليل.

ومنذ ذلك اليوم، أصبح كلّ من الثعلب واللقلق صديقين مقرّبين، وأخذا يمضيان الوقت معًا، ويتحدثان ويتسامران معًا، ويلعبان الألعاب، ويُحضّران الوجبات معًا بطريقة تناسب كليهما.

اقرأ أيضًا: قصة عن الكذب للأطفال: الراعي والذئب

تعلّم الثعلب درسًا مهمًّا في تلك الليلة، وأدرك أهمية تقبل الآخرين، وأدرك أنّ اختلافهم عنه لا يُبرر السخرية منهم والتنمرّ عليهم، بل يجب عليه أن يتقبّل ويحترم اختلافهم، ويفكّر في طريقة تناسب الجميع، ليتمكن من الحفاظ على صداقته معهم. ومنذ ذلك اليوم، قرّر أن يتغير ويصاحب الجميع، مهما كان شكلهم أو صفاتهم.

وأنت يا صغيري، تذكّر دائمًا أن جميعنا مختلفون، لكل منا لونٌ وشكلٌ خاص به، هذا الاختلاف هو السر الذي يضيف جمالاً خاصًا إلى الحياة. تخيّل لو أنّنا جميعًا متشابهون! لن تكون الحياة حينها ممتعة أو مميزة، بل مملّة باهتة! لذلك، تعلّم من قصتنا أن تتقبل الآخرين كما هم، وألاّ تسخر من اختلافاتهم أو تتنمر عليهم. بدلاً من ذلك ساعدهم وكن لهم صديقًا وفيًا. فالأصدقاء الحقيقيون هم من يتقّبلون بعضهم البعض على الرغم من اختلافهم.

اقرأ المزيد من القصص الملهمة.

قصة للأطفال عن توفير المال: سامر والديناصور الأخضر

قد لا يفهم الأطفال أهمية إدارة المال وقد يكون من الصعب عليهم استيعاب مفهوم الادخار وتوفير المال، كما قد يرى بعض الآباء أن هذا الموضوع غير مناسب لصغارهم. لكن الحقيقة أن السنوات الأولى من عمر الطفل هي التي تُشكّل شخصيته وتُكوّن أفكاره، لذا فهي فرصة مثالية لغرس القيم والعادات الجيدة في نفوسهم. ومن أفضل الطرق لتحقيق ذلك هي باستخدام القصص التعليمية، إذ يمكنك تبسيط فكرة التوفير والادخار من خلال شخصيات كرتونية محببة لطفلك، مما يجعله يتفاعل معك بسهولة.

تبدأ أحداث قصتنا مع سامر عندما يلفت انتباهه ديناصور جديد في واجهة محلّ الألعاب، لينطلق في مغامرة شيقة يتعلّم خلالها كيفية جمع وتوفير المال من أجل الحصول على ما يرغب فيه.

قصة للأطفال حول توفير المال: سامر والديناصور الأخضر

في أحد الأيام، بينما كان سامر عائدًا من مدرسته، لفتت انتباهه لعبة جديدة على شكل ديناصورِ في المتجر القريب من منزله. توجَّه مسرعًا نحو المتجر ليُلقي نظرة عن قرب. بدت اللعبة جميلة بلونها الأخضر الزاهي وحجمها الكبير. خفق قلبه من السعادة فهو يُحبّ الألعاب كثيرًا، وخاصةً تلك التي تأتي على شكل ديناصورات. فهو يمتلك مجموعة كبيرة منها، ويسعى دومًا للحصول على المزيد منها بأشكال وأحجام مختلفة.

لم يكن اهتمام سامر بالديناصورات بهدف اللعب فقط، فلطالما حلم بأن يصبح عالم حفريات، ليكتشف ديناصورات أثرية جديدة. وازداد حماسه كثيرًا عندما اكتشف أن هذه اللعبة الجديدة مميزة، ولا تشبه أيًّا من الديناصورات الأخرى في مجموعته، فقرر شرائه على الفور. ولكن سرعان ما شعر بالإحباط وفقد حماسته عندما رأى بطاقة السعر الصغيرة المُثبّتة بجانب اللعبة. كان سعر اللعبة مرتفعًا للغاية. فتح سامر محفظته وعدّ النقود القليلة التي بحوزته، المبلغ لا يكفي لشرائها.

رغم سعرها المرتفع، إلا أن سامر لم يفقد الأمل وعقد العزم على شرائها بجهده الخاص، دون مساعدة من والدته أو والده. فهو يعلم أن والداه يدّخران المال لشراء أثاثٍ جديدٍ للمنزل، ولم يُرد أن يكون عبئًا إضافيًا عليهما بطلباته. مضى سامر عائدًا إلى البيت وهو يُفكّر طول الطريق، كيف يمكّنه الحصول على اللعبة الجديدة؟

فجأة تذّكر أن معلمته في المدرسة قد قرأت لهم قبل أسبوع قصة عن طفل تعلّم كيف يدّخر مصروفه ليشتري ما يحب، فقال في نفسه:” ماذا لو ادّخرتُ مصروفي أنا أيضًا؟ يمكنني أن أبدأ بتوفير المال كما فعل الطفل في القصة”.

توجّه إلى غرفته، وأخرج حصالته ذات الشكل الديناصوري أيضًا، ووضعها على مكتبه. ثم وضع فيها ما تبقي من مصروفه اليومي، وقال: “سأبدأ من اليوم في توفير المال حتى أتمكن من شراء الديناصور الجديد”.

في اليوم التالي، استيقظ سامر مبكرًا، وجهز حقيبته. وطلب من والدته إعداد شطيرتين بدلاً من واحدة ليأخذها معه إلى المدرسة. تفاجأت والدته من طلبه وسألته: “لماذا تريد شطيرة أخرى يا سامر؟”

فأجاب مبتسمًا: “لقد رأيت ديناصورًا جديدًا وأريد أن أدخّر المال لشرائه.”

تفجأت الأم من ابنها الصغير وأُعجبت بتفكيره، لكنها قالت: “يا بني، لديك الكثير من الديناصورات.”

ردّ سامر: “إنه ديناصور جديد لا أملك مثله في مجموعتي!”.

قالت الأم: “حسنًا، سأدعك تشتريه، لكن إذا كنت تريد شيئًا، عليك أن تعمل من أجل الحصول عليه” .

ثم واصلت القول: “ما رأيك أن تساعدني في بعض المهام المنزلية هذا الأسبوع؟ وسأمنحك مالاً إضافيًا مقابل مساعدتك”.

فكّر سامر في كلام والدته لبرهة وأجاب: “أنا موافق يا أمي، مالذي تريدين منّي فعله؟”

أجابته والدته: “يمكنك ترتيب غرفتك، وتنظيف الحديقة، وترتيب الأطباق وجمع الملابس. وكلّما عملت أكثر، كسبت المزيد من المال”.

قال سامر بحماس: “فكرة رائعة! سأبدأ بمساعدتك بعد عودتي من المدرسة”.

ذهب سامر إلى المدرسة وأكل الشطائر التي أعدّتها والدته وصرف نصف مصروفه فقط وادخّر الباقي ليضعه في حصالته. وعندما عاد إلى المنزل، أخرج حصالته ووضع باقي مصروفه بها. ثم بدأ بتنظيف غرفته أولًا، وقام بترتيب سريره، وجمع الألعاب المبعثرة ووضعها في أماكنها المخصصة. ثم انتقل إلى المطبخ وساعد والدته في تحضير الطعام. وفي المساء، خرج إلى حديقة المنزل وساعد والده في ريّ النباتات واقتلاع الأعشاب الضارّة.  

مع نهاية اليوم، كان سامر قد أتمّ المهام التي طلبتها منه والدته، وفرحت هي كثيرًا بإصرار ابنها والتزامه لتحقيق هدفه وقالت بفخر: “أحسنت يا بني، لقد عملت اليوم بجد. إذا واصلت على هذا النحو، فستتمكّن من جمع المال اللازم لشراء اللعبة التي تحلم بها.”

بعد مرور الأسبوع الأول، لاحظ سامر المال يتضاعف في حصالته الصغيرة. في البداية كان لديه 3 جنيهات فقط، ولكن الآن أصبح يمتلك أكثر من 50 جنيهًا. بالرغم من أن المبلغ لم يكن يكفي، إلا أنه شعر بالفخر بإنجازه الصغير وقدرته على توفير المال. وفي بعض الأيام، كان يجد صعوبة في مقاومة شراء الحلوى، وخاصةً عندما يرى أصدقاءه يشترونها بكثرة، لكنه كان يذكّر نفسه دائمًا بالديناصور، ويقول لنفسه: “أنا أستطيع فعلها”.

ومع مرور الوقت، أصبح سامر يقاوم رغبته في شراء الحلوى أو الألعاب الأخرى. وفي كل مرّة يدّخر مصروفه أو يكسب المال من مساعدته لوالديه، يهرع إلى حصالته ليضع فيها النقود ويجري العمليات الحسابية ليعرف مقدار المال الذي ادخره. أُعجب الوالدان بإصرار سامر وشجّعاه على الاستمرار.

وفي إحدى الأيام، كان الأب يغسل سيارته، فأسرع سامر إليه وعرض عليه مساعدته في غسلها مقابل النقود. وافق الأب، وبدأ الاثنان تنظيفها وغسلها معًا. قضى سامر وقتًا لطيفًا مع والده، وفي النهاية، أعطى الأب النقود لابنه مقابل عمله الشاق. فهرع إلى حصالته ووضع ما جناه فيها.

مرّت الأيام وسامر يقترب من تحقيق هدفه أكثر فأكثر. وفي أحد الأيام، وبعد أن أضاف مكافأته الأخيرة إلى الحصالة، وأجرى العمليات الحسابية، اكتشف أنه قد جمع المبلغ المطلوب. فتح حصالته بعناية، وعدّ النقود، فوجد أن المبلغ أكثر من المبلغ المكتوب في الورقة. عدّ النقود مرة أخرى، وتساءل: “هل أخطأتُ في الحساب؟ إن النقود التي بداخل حصالتي أكبر بكثير من المبلغ المدوّن في دفتري!”.

وبينما يعيد العدّ، سقطت ورقة صغيرة مطوية. فتحها وقرأ ما كُتب بداخلها: “نحن فخوران بك يا سامر. لقد قررت أنا ووالدتك إضافة القليل لمساعدتك لأنك اجتهدت وتعلّمت قيمة الادّخار وتوفير المال”.

لم يتمالك نفسه من الفرح، وركض نحو والديه ليُعانقهما، ثم قال الأب: “هيا بنا يا سامر إلى المتجر لنشتري اللعبة الجديدة”.

توجه سامر برفقة والده إلى المتجر وكان يحمل النقود في محفظته. وعندما رأى اللعبة لا تزال في مكانها، غمرته السعادة. توجّه سامر نحو الديناصور وقال للبائع: “أريد شراء هذا الديناصور”.

قال البائع: “هل لديك المال يا بني؟”

أخرج سامر النقود ودفعها للبائع وأخذ الديناصور. عندما أمسك الديناصور بين يديه، شعر بسعادة ليس لها مثيل، فقد كانت أول لعبة يحصل عليها من ماله الخاص.

قال سامر: “لقد اشتريت الديناصور أخيرًا، لقد استغرق الأمر وقتًا ولكنه كان يستحق العناء!”.

أعطى الأب لابنه بعض الحلوى وقال: “أحسنت يا سامر، أنا فخور بك حقًا، وهذه الحلوى مكافأة لك على اجتهادك وصبرك”.

وفي اليوم التالي، بينما كان يلعب بديناصوره، نظر سامر إلى حصالته وقال: “سأستمر في توفير المال لأحقق المزيد من الأحلام”. ومنذ ذلك الحين، أصبح سامر يدّخر مصروفه. وتعلّم أن توفير المال والصبر يمكنهما مساعدته على الوصول إلى هدفه. كما تعلّم أن الحياة تحتاج إلى التخطيط الجيد.

اقرأ أيضًا: قصة عن الكذب للأطفال: الراعي والذئب

قصة جميلة تعلّم الأطفال درسًا مفيدًا ومهمًا هو: أن توفير المال والعمل الجاد هما المفتاح لتحقيق الأحلام. يمكنك استخدام القصة لتعليم أطفالك أهمية الادّخار. إذا لم يكن الديناصور هو ما يحبه طفلك، يمكنه ببساطة تغيير الشخصية أو الشيء الذي يريد شرائه إلى أي شيء آخر يحبّه.

اقرأ أيضًا: 4 من أسرار النجاح لتحقيق أهدافك.

مالك الغاضب!| قصة قصيرة حول السيطرة على الغضب

تعدّ القصص وسيلة فعّالة لتعليم المهارات المختلفة للأطفال، لأنها تطرح المعلومات بأسلوب ممتع ومرح باستخدام الشخصيات الكرتونية المحببة إليهم. كما تحفّز مهارة الخيال والتفكير الإبداعي، مما يسهّل على الأطفال فهم الدروس والعبر المستفادة منها.

قصتنا اليوم، تتضمن رسالة قيمة تُعلّم الأطفال كيفية السيطرة على الغضب، وهي واحدة من المهارات المهمة التي تساعدهم على التحكم في مشاعرهم والتعامل مع المواقف المختلفة بهدوء وحكمة.

قصة مالك والسيطرة على الغضب

في بلدة صغيرة، عاش صبي صغير يُدعى مالك، كان مالك فتى ذكيًّا، يحب اللعب مع أصدقائه في الحديقة، كما يستمتع بقراءة القصص والرسم. لكن، كانت هناك عقبة كبيرة تعكر صفو حياته، فقد كان سريع الإنفعال، ولا يستطيع كبح غضبه.

وكلّما سارت الأمور بطريقة لا تعجبه، كان ينفجر غضبًا كالبركان، ويصرخ بصوت عالٍ، ويقول كلمات جارحة دون تفكير، غير مبالٍ بما قد تسبّبه كلماته من ألم للآخرين. لم يقتصر غضب مالك على المدرسة والملعب فقط، بل امتدّ إلى المنزل أيضًا. فكان يستشيط غضبًا إذا عبثت أخته الصغيرة بألعابه، أو إذا رغب أخوه في لعبة لا يحبها.

أمّا والدة مالك فقد كانت تحزن لرؤية نوبات غضب ابنها المتكررة، وتبذل قصارى جهدها في التحدث معه وتعليمه فنّ إدارة الغضب والسيطرة عليه.

قالت الأم: “يا بُني، إنّ الغضب ليس حلاًّ للمشكلات، بل يؤذي الآخرين من حولك”.

ولكنّ، لم يتمكن مالك من فهم أمه أو السيطرة على الغضب. وفي أحد الأيام، ذهب إلى الحديقة مع صديقيه يوسف وخالد ليستمتعوا معًا باللعب بالأرجوحة أو ببناء قلاع رملية في ساحة الرمل المخصّصة للأطفال.

بنى الأصدقاء قلعة كبيرة من الرمل، واستغرقوا وقتًا طويلاً . ولكن لسوء الحظ، داس خالد عليها بالخطأ، فانهارت القلعة بالكامل.

شعر مالك بالغضب يتصاعد داخله، وانفجر بصوت عالٍ: “لماذا فعلت هذا؟ لقد تعبنا في بنائها، وحطّمتها بهذه السهولة”.

رد خالد قائلاً: “أنا آسف يا مالك، لم أقصد ذلك أبدًا”.

لكن مالك لم يهدأ، بل سيطر عليه الغضب تمامًا، فانفجر في وجه صديقيه بكلمات قاسية. حزن خالد ويوسف، وشعرا بالاستياء من ردّة فعل صديقهما، وتوقّفا عن اللعب معه.

شعر مالك بالخجل وأدرك عواقب أفعاله، فانسحب ليجلس وحيدًا على مقعد قريب. وعندما ابتعد عن أصدقائه قليلًا، بدأوا يلعبون معًا مرّة أخرى. جلس مالك يشاهدهم من بعيد، وعندما رأى أصدقاءه يلعبون بسعادة بدونه، شعر بالحزن لفقدانه السيطرة على مشاعره.

عاد مالك إلى المنزل. وفي تلك الليلة، ظل يتقلّب في فراشه، ولم يستطع النوم. وشعر بالذنب لأنه صرخ في وجه أصدقائه، لكنّه لم يعرف كيف يُصلح ما حدث. وبعد تفكير طويل، أدرك أنه بحاجة ماسة إلى للمساعدة.

في صباح اليوم التالي، جلس مالك مع والدته وأخبرها عما بدر منه في الملعب مع أصدقائه. وضعت يدها برفق على كتفه، وقالت: “يا بُني، الغضب شعور طبيعي، لكن يجب أن تتعلم كيف تتعامل معه بالطريقة الصحيحة. دعني أعلمك سرًا.”

قصّت الأم قصصًا عن معاناتها مع الغضب في صغرها، لتوضح له كيف أن السيطرة على الغضب رحلة ممكنة، وأنها مرّت بتلك الصعوبات أيضًا. ثم تابعت الأم حديثها: “لن يكون الأمر سهلاً في البداية، ولكن بالممارسة ستتمكّن من التحكّم في مشاعرك دون إيذاء الآخرين”.

سأل مالك: “ماذا يجب أن أفعل عندما أشعر بالغضب؟ أنا لا أستطيع السيطرة على نفسي”.

علّمت الأم مالك تقنية بسيطة لمساعدته، فقالت: “هناك ثلاث خطوات سحرية تساعدنا على التحكم بغضبنا والسيطرة عليه وهي: توقّف، ثم تنفّس، وأخيرًا فكر قبل القيام بأي تصرّف”.

ثم تابعت الأم حديثها: “أول شيء يجب أن تفعله عندما تشعر بالغضب هو أن تقف مكانك، وتتوقف عن الكلام أو الفعل، يمكنك مثلاً أن تعدّ إلى العشرة قبل القيام بأيّ شيء. ثم، خذ نفسًا عميقًا من أنفك، وازفره ببطء من فمك، وكرّر ذلك ثلاث مرات. فالتنفّس بعمق سيساعدك على تهدئة نبضات قلبك المتسارعة. كما شجّعته على أن يأخذ دقائق للتفكير قبل أن يتصرّف باندفاع.”

ثم قالت: “تذكر يا بُني، إن الغضب كالنار، يحرق كل شيء في طريقه. لكن إذا طبقنا هذه الخطوات السحرية، يمكننا إخماد تلك النار والسيطرة على مشاعرنا”.

صعد مالك إلى غرفته، وأخذ يفكّر في كلام والدته، ثم قرّر أن يبدأ في تنفيذ الخطوات السحرية.

في اليوم التالي، استيقظ مالك من النوم، وبينما كان يستعد للمدرسة، ذكّر نفسه بنصائح والدته، وقرّر أن يراعي مشاعر الآخرين قبل التعبير عن غضبه. وأثناء تناول الإفطار، سكبت أخته الصغيرة الحليب عن طريق الخطأ على قميصه المفضل. شعر مالك بموجة غضب شديدة، لكنه تذكّر نصائح والدته، فتوقف، ثم أخذ نفسًا عميقًا، وراح يعدّ إلى العشرة في سرّه.

وكان كلّما عدّ أكثر، وتنفّس ببطء أثناء العدّ، يشعر أنّ غضبه يتلاشى ويهدأ، وهكذا حتى اختفى تدريجيًا. لقد أدرك حينها أنّ الصراخ والغضب لن يغيرا شيئًا، بل سيجعلان الأمور أسوأ.

وعندما فتح عينيه أخيرًا، رأى أخته تنظر إليه بقلق وخوف. فقال وابتسامة خفيفة ترتسم على محيّاه: “لا بأس، هيا ننظفها معًا”.

فرحت الأم عندما رأت مالك يطبق النصائح، وشجّعته على الاستمرار. في المدرسة، واجه مالك مواقف كثيرة كانت تُغضبه في السابق. في الفصل، اصطدم به أحد زملائه دون قصد، فتبعثرت كتبه على الأرض. شعر مالك بغضبٍ صغير يتسلل إليه، لكنه تذكّر ما تعلمه، ثم التقط كتبه بهدوء، وساعد زميله بابتسامة وهو يقول: “لا بأس”.

وفي وقت الفسحة، كان مالك يلعب الكرة مع أصدقائه في ساحة المدرسة. فجأة، ركل أحدهم الكرة بقوة، فاصطدمت بمالك وسقط أرضًا. شعر مالك بالغضب يتصاعد في صدره. اعتذر صديقه، وقال: “آسف يا مالك، لم أقصد ذلك”.

ابتسم مالك وردّ: “لا تقلق، أنا بخير، لكن يجب أن تنتبه أكثر”.

ضحك الجميع، وعادوا للعب بسعادة. بينما شعر مالك بالفخر. وتذكّر كيف كان في الماضي يغضب ويصرخ لأتفه الأسباب، وكم من الأصدقاء خسر بسبب عدم قدرته على التحكّم في أعصابه، أما الآن، فهو يشعر أنّه بطل، لأنه ينتصر على غضبه.

وفي المساء، ذهب مالك إلى الحديقة القريبة، رأى مالك صديقيه يوسف وخالد يجلسان معًا. وتذكّر ما فعله في اليوم السابق وما بدر منه. تردّد مالك قليلاً، وأخذ نفسًا عميقًا، وتقدّم نحوهما ببطء، ثمّ اعتذر لهما عمّا فعله بالأمس.

قال بصوت هادئ: ” أنا آسف لأني صرخت عليكما. لقد غضبت لأن القلعة تهدّمت، لكنني أعرف أنكما لم تقصدا ذلك. أنا أتعلّم الآن كيف أسيطر على غضبي”.

ابتسما صديقاه، وقالا: “نعلم أنّك لا تقصد ذلك”. ثم قال يوسف: “هل نعيد بنائها مرة أخرى؟”.

ضحك مالك وقال: حسنًا، لكن هذه المرة، إذا غضبت، سأعدّ للعشرة أولًا”.

ومع مرور الأيام، لاحظ المعلمون وأصدقاء مالك التغيير الكبير في شخصيته وقدرته الجديدة على السيطرة على غضبه ومشاعره. فقّدروا محاولاته، وبدأوا يساعدونه ويدعونه للمشاركة في أنشطة أكثر واللعب معهم. فرح مالك بتغير تعامل معلميه وأصدقائه معه، وقرّر منذ ذلك اليوم، استخدام الخطوات السحرية للتحكّم في غضبه.

مع مرور الأسابيع، استمر مالك في ممارسة الخطوات التي علمته إياها والدته. لم يكن الأمر سهلاً دائمًا، ولكنه كان يتحسن كثيرًا شعر مالك بالفخر لأنه أصبح قادرًا على التحكم في غضبه. وأصبح مثالًا يُحتذى به بين زملائه. بدأ الجميع يسأله سره. فكان يجيب مبتسمًا: “توقف، تنفّس، فكر، ثم تَصرف بهدوء”.

وفي نهاية العام الدراسي، قررت المدرسة تنظيم فعالية للصداقة. وقرّر مالك وأصدقائه أن يساعدوا في تنظيم هذا اليوم المميز. كانوا جميعًا متحمسين وتعاونوا معًا لإعداد العديد من الأنشطة الممتعة، مثل: لعبة البحث عن الكنز.

كانت المدرسة تعج بالحماس والتشجيع والضحكات العالية في هذا اليوم. وارتدى مالك شارة “الطالب اللطيف”، وشارك تجربته مع أصدقائه، وأخبرهم بالخطوات السحرية التي علمته إياها والدته ليتمكن من السيطرة على الغضب. ثم انضم الجميع إلى الحديث، وبدأ كل طالب ومعلّم يتحدث عن قصة ملهمة في حياته، وكيف ساعدته على التحكم في مشاعره في التعامل مع مواقف صعبة.

في نهاية اليوم، حصل مالك على ميدالية كُتب عليها: “هذه الميدالية قُدمت لك أيها البطل لأنك تمكنت من السيطرة على غضبك”. عاد مالك إلى منزله وهو يشعر بالفخر والسعادة، وقال لوالدته: ” الآن أشعر يا أمي أنني قوي وأفضل لأنني تعلمت كيف أسيطر على مشاعري”.

شجعته أمه وقالت: “هذه هي القوة الحقيقة يا مالك، ولقد تمكنت من تعلم الدرس جيدًا، أنا فخورة بك”.

ومع مرور الأيام، أصبح مالك صديقًا جيدًا لأصدقائه وعائلته، وتعلّم أن أول خطوة للتعامل مع المواقف جيدًا هو فهم مشاعرك في المواقف التي تتعرض لها يوميًا. وأدرك أن اللطف والرحمة من أقوى الصفات التي يجب على كل إنسان أن يتحلى بها.

اقرأ أيضًا: قصة قصيرة للأطفال عن أهمية إدارة الوقت

الغضب شعور طبيعي يمكننا التحكم فيه إذا طبقنا خطوات بسيطة، مثل: التنفس العميق والتفكير قبل أي تصرف. إن تعلم السيطرة على الغضب ليس مقتصرًا على الأطفال فقط، بل هو مهارة حياتية للجميع. تساعدنا هذه المهارة على تحسين علاقاتنا الشخصية، وبناء علاقات قوية. كما تمنحنا القدرة على التعامل مع المواقف الصعبة بحكمة وهدوء.

اقرأ أيضًا: حكايات عالمية: أشهر القصص من حول العالم

قد يعجبك أيضًا: ما الذي يختفي وراء شعورك بالغضب؟

المصدر

Controlling anger

قصة قصيرة للأطفال عن أهمية إدارة الوقت

تُعد إدارة الوقت من أهم مهارات الحياة التي ينبغي أن يتعلّمها الطفل منذ صغره، فهي تساعده على ترتيب يومه، وإنجاز واجباته، والموزانة بين المهام الضرورية ورغباته. عندما يتعلّم الطفل هذه المهارة، يصبح أكثر تركيزًا ونجاحًا، ممّا يزيد من ثقته بنفسه.

ونُقدّم لكم اليوم قصة قصيرة ممتعة عن الطفل سليم، ولد ذكي ومحبوب، ولكنه يجد صعوبة في تنظيم وقته. وذات يوم، يحدث شيء عجيب يُغير حياته ويعلمه درسًا مهمًا.

قصة سليم وإدارة الوقت

في منزل تحيطُه حديقة خضراء مليئة بالزهور، عاش سليم مع والديه وأخيه. كان سليم فتى طيب القلب ومرحًا، ويحبه كل من يعرفه في المدينة، لكن كانت هناك مشكلة صغيرة تُزعج والديه، وهي عدم تنظيم وقته أبدًا، كان يؤجّل دروسه وواجباته، ويستيقظ متأخرًا، ويُضيّع اليوم بالكامل في اللعب ومشاهدة التلفاز، وتمرّ ساعات يومه دون أن يشعر بها.

لم تُعجب تصرفات سليم والده، وكان يقول له دائمًا: ” يا بُني، الوقت كنزٌ ثمين، إذا فرّطتَ فيه، فلن يعود أبدًا. عليك أن تتعلّم كيفية إدارة الوقت بحكمة”.

لكن سليمًا كان يضحك ببراءة ويقول: “لا تقلق يا أبي، اليوم طويل، سأفعل كل شيء لاحقًا”.

وفي أحد الأيام، بينما كان سليم يلعبُ في الحديقة، سمع صوتًا غريبًا ينبعث من خلف إحدى الأشجار. اقترب بحذر ليرى مصدر الصوت، فإذا به يجد ساعة ذهبية قديمة. كانت الساعة تلمعُ بقوّة عندما تنعكس أشعة الشمس عليها، حتّى بدت هي نفسها كقطعة من الشمس!  

لكن هذا ليس كلّ شيء، فهذه الساعة الذهبية كانت مختلفة عن أي ساعة رآها سليم من قبل، تتحرّك عقاربها ببطء شديد وفي اتجاه معاكس لحركة الساعة العادية. وكلما اقترب سليم منها أكثر كانت تزداد لمعانًا وتوهّجًا.

لم يستطع سليم مقاومة فضوله، فاقترب من الساعة الذهبية ومدّ يده وأمسكها ليتفحّصها عن قرب. وفجأة!انبعث من الساعة نور قوي، لفّ كلّ شيء، ولم يستطع سليم رؤية شيءٍ أمامه، لكنّه شعر بأن المكان يدور حوله بسرعة، ثم اختفى كل شيء.

عندما فتح عينيه، وجد نفسه في عالم غريب لم يرَ له مثيلاً من قبل. كان عالمًا سحريًا مليئًا بساعات لا تحصى. تعجّب سليم كثيرًا مما يراه، تسائل: “ما هذا المكان الغريب؟”

فجأة ظهر أمامه رجل عجوز، ابتسم وقال: ” أهلاً بك، في عالم الوقت”.

ازداد تعجّب سليم وقال: “عالم الوقت؟ كيف جئت إلى هنا؟ ماذا أفعل هنا؟”

ابتسم الرجل العجوز مرة أخرى وقال: “لا تخف يا بني، أنت هنا لتتعلم أهمية الوقت. لقد أرسلت لك هذه الساعة التي تحملها بيدك لتساعدك على إدارة الوقت”.

ثم أشار الرجل بيده إلى الساعات وقال: “انظر جيدًا يا سليم، هذه الساعات تُظهر لك كيف تقضي وقتك في كل يوم”.

شعر سليم بالخجل وقال: “أعلم أنني أضيع وقتي في اللعب، لكنني لا أعرف كيف أبدأ في تنظيمه”.

ضحك الرجل وقال: “لا تقلق! هنا سأعلمك كل شيء. سأعطيك ثلاث مهام، ويجب أن تنجزها لتتعلم قيمة الوقت وكيفية إدارته، وعندها ستتمكن من العودة إلى منزلك”.

وافق سليم بحماس، وبدأت رحلته مع الرجل العجوز ليتعلم فن إدارة الوقت. مشى الرجل الحكيم مع سليم حتى وصلا إلى ساحة كبيرة.

قال الرجل الحكيم: “الآن ستبدأ مهمتك الأولى يا سليم. يجب أن تكون سريعًا ومنظمًا، وتحرص على إنهائها خلال نصف ساعة فقط”. ثم تابع حديثه: “يجب عليك أن ترتب غرفتك وتنهي حلّ واجبك. وتذكر جيدًا، يجب أن تنجز المهمة في الوقت المحدد”.

فجأة، استخدم الرجل العجوز قوته السحرية وصنع مجسمًا مشابهًا لغرفة سليم الحقيقة. دخل سليم الغرفة، وبدأت الساعة تدق معلنة بداية المهمة. ركض سليم بسرعة نحو السرير لترتيبه، ثم بدأ بجمع ألعابه ووضعها في مكانها المخصص، بعد ذلك انتقل إلى مكتبه ليحلّ الواجب. بدأ يقرأ الأسئلة ويجب عنها بدقة وبسرعة. وقبل انتهاء النصف ساعة بثوانٍ قليلة، أنهى سليم المهمة بأكملها.

صفق الحكيم وقال: “رائع! لقد أنهيت المهمة، لم أتوقّع أن تنجح من المحاولة الأولى”.

ابتسم سليم وأجاب: “لم أكن أتخيل أنني سأتمكن من إنجاز كلّ هذه المهام بسرعة”.

بعد انتهاء المهمة الأولى، أخذ الرجل الحكيم سليم إلى غرفة أخرى فيها لوح أبيض كبير وأقلام ملونة.

قال الرجل: ” الآن، ستبدأ مهمتك الثانية. هذه المهمة صعبة وتحتاج إلى التركيز. يجب أن تكتب جدولاً ليومك وتخصص وقتًا لكل شيء تفعله في يومك، مثل: الدراسة والنوم واللعب وحتى مساعدة والدتك”.

بدأ سليم يفكّر، ثم أمسك بالقلم وبدأ في تصميم جدوله اليومي. قسم اليوم إلى أوقات محدّدة، وجعل وقت الدراسة في الصباح، وبعد الغداء خصص وقتًا لحلّ واجباته المدرسية. كما خصص وقتًا للعب مع أصدقائه بعد الانتهاء من واجباته، لكنه جعله أطول قليلًا من باقي الأوقات. وخصّص وقتًا للنوم مبكرًا. ولم ينسَ أيضًا تخصيص وقتٍ لمساعدة والدته.

عندما انتهى من كتابة جدوله اليومي، نظر إليه الحكيم وضحك. ثم قال: “جدولك رائع يا سليم، ولكن ألا ترى أنك خصصت وقتًا أطول من اللازم للعب. ما رأيك لو خصصنا جزءًا صغيرًا من وقت اللعب للقراءة؟، فالقراءة تنير العقل وتحفّز الخيال، ألن يكون ذلك أفضل بكثير؟”.

رد سليم: “حسنًا، أنا موافق، طالما أنه ما زال هناك وقت للعب”.

رد الرجل: “لا تقلق يا بني، إذا اتبعت هذا الجدول، ستجد أن يومك أصبح أسهل، وستتمكن من الاستفادة من كل دقيقة فيه”.

قال سليم: “سأعلّقه في غرفتي وأتبعُّه كل يوم”.

الآن حان موعد المهمة الأخيرة، أخذ الرجل الحكيم سليم إلى ساحة فيها ثلاثة أبواب. وقال له: “كلّ باب من هذه الأبواب الثلاثة يمثل خيارًا ستواجهه في يوم من الأيام. لديك اختيار واحد فقط لتقوم به، لذا يجب أن تختار بعناية”.

كان يسمع خلف الباب الأول أصدقاءه يدعونه إلى لعب كرة القدم. أما الباب الثاني، فكان خلفه قصّة جديدة كان سليم يحلم بقرائتها منذ فترة. وخلف الباب الثالث، كان هناك صوت خافت يذكّره بواجب مدرسي يجب عليه حلّه وتسليمه في الغد.

عندما عرف سليم الخيارات، وقف حائرًا لا يدري ماذا يختار. تردد كثيرًا، وقال: “أنا أحب اللعب كثيرًا، كما أنني متشوق لقراءة القصة الجديدة لكن الواجب مهم أيضًا”.

فكر سليم قليلًا، ثم قال: “سأختار الواجب في البداية. وإذا بقي لدي وقت بعد ذلك، سأقرأ القصة، وبعدها سأخرج لألعب مع أصدقائي وأستمتع بوقتي”.

ابتسم الحكيم وقال بفرح: “أحسنت الاختيار يا سليم! لقد نجحت في المهمة الثالثة”.

ثم تابع حديثه قائلاً: ” الآن، سأشرح لك الهدف من هذه المهام. المهمة الأولى كان هدفها هو تعليمك التركيز وكيفية إنجاز المهام بكفاءة وفي الوقت المحدد. أما المهمة الثانية، فتعلمت كيف تخطط ليومك وتنظم وقتك بشكل جيد، وتخصص وقتًا لكل مهمة تقوم به، حتى لا يضيع يومك سدى. أما المهمة الثالثة، فقد تعلمت أهمية اتخاذ القرارات الصحيحة في الوقت المناسب، وكيف توازن بين مسؤولياتك ورغباتك، وأن تبدأ بالأهم أولاً”.

ثم أضاف الرجل الحكيم: “الآن يا سليم، لقد فهمت أهمية إدارة الوقت وتنظيمه، وكيف تستفيد من كل لحظة في يومك. لقد انتهت رحلتنا في عالم الوقت، وحان الآن وقت العودة إلى منزلك، ولكن لا تنسَ تطبيق كل ما تعلمناه هنا”.

قال سليم: ” شكرًا لك”.

فجأة، بدأت الساعة الذهبية التي عثر عليها سليم في البداية تدق بسرعة، وانبعث منها نورٌ قويّ كما في المرّة الأولى، وما لبث أن وجد نفسه في منزله، والساعة العجيبة ما تزال في يده.

منذ ذلك اليوم، تغيّر سليم. أصبح يستيقظ مبكرًا، ويُنجز واجباته المدرسية في وقتها المحدّد، ويخصص وقتًا للعب مع أصدقائه ووقتًا لمساعدة والديه. فرح والده كثيرًا بتغيره، وأصبح سليم مثالاً يحتذى به لباقي الأطفال في المدينة في إدارة الوقت.

اقرأ أيضًا: قصة قصيرة للأطفال: نانا تريدُ تقديم يد العون!

في نهاية هذه القصة، تعلمنا أن الوقت كنزٌ ثمين لابدّ من الاستفادة منه وإدارته جيدًا، لتحقيق النجاح في حياتنا، وكذلك الوصول إلى أهدافنا. وكما تعلّم سليم، أنّ إدارة الوقت هي سرّ النجاح، يجب أن نتعلّم نحن أيضًا أهمية الوقت، ومعرفة الوقت المناسب للعب والدراسة. فهل أنت مستعدّ يا صديقي لتكون ناجحًا ومنظّمًا مثل سليم؟!

اقرأ المزيد من القصص القصيرة المهلمة.

قصة قصيرة عن الصدق: ياسر والجرّة

في بيت صغير تحيط به حديقة مليئة بالأزهار الملونة، كان يعيش فتى يُدعى ياسر مع والديه. كان ياسر ولدًا نشيطًا ومحبًا للمغامرات، لكنه كان يجد صعوبة في الاعتراف بأخطائه، خوفًا من العواقب.

ذات يوم، بينما كانت أمه تُحضّر الغداء، نادته قائلة: “ياسر، هل يمكنك إحضار جرّة الماء من المطبخ؟”

أجاب ياسر بحماس: “طبعًا يا أمي!” وانطلق بسرعة نحو المطبخ، ولكن في حماسه، لم ينتبه إلى السجادة الصغيرة التي انزلقت تحت قدميه. تعثر وسقطت الجرّة من يده، فتحطمت إلى قطع متناثرة على الأرض!

وقف ياسر متجمّدًا، وهو يراقب شظايا الجرة التي كانت قبل لحظات ممتلئة بالماء البارد المنعش. تسارعت نبضات قلبه، وأخذ يفكر في ما سيقوله لأمه. وفجأة، لمح قطّتهم الصغيرة “لوزة” تجلس بالقرب من الحطام وهي تحدق فيه بعينيها الواسعتين.

فكر بسرعة وقال لنفسه: “ماذا لو ظنّت أمي أن القطة هي من كسرت الجرّة؟ هكذا لن تغضب مني!”

عندما دخلت أمه لترى ما حدث، نظر إليها ياسر وقال بسرعة: “أمي! القطة كسرت الجرّة! لقد قفزت عليها وأسقطتها!”

نظرت الأم إلى الجرّة المكسورة، ثم إلى القطة التي كانت تلعق مخلبها بهدوء، وكأنها لم تفهم ما يجري. رفعت حاجبها قليلاً، ثم ابتسمت بلطف وقالت: “يا ياسر، هل أنت متأكد؟”

تلعثم ياسر وقال: “أجل… أظن ذلك. ربما قفزت دون أن أنتبه.”

جلست الأم بجانبه وربتت على كتفه بحنان قائلة: “ياسر، هل تعلم أن النبي محمد ﷺ حثّنا على الصدق؟ فالإنسان الصادق يحبه الله والناس، والكذب قد يبعدنا عنهم. فكر جيدًا قبل أن تجيبني مرة أخرى.”

لكن هذه المرة، قررت الأم أن تعلّم ياسر درسًا عمليًا عن عواقب الكذب. عندما عاد الأب إلى المنزل، أخبرته الأم قائلة: “لقد كسرت لوزة الجرة اليوم، ويبدو أنها أصبحت مشاغبة أكثر من اللازم. ربما يجب أن تبقى خارج المنزل من الآن فصاعدًا.”

نظر الأب إلى القطة، ثم هز رأسه قائلاً: “إذا كانت تسبب الفوضى، فقد يكون من الأفضل أن تعيش في الحديقة بدلاً من الداخل.”

شعر ياسر وكأن قلبه سقط من مكانه! هل سيخسر قطته المحبوبة بسبب كذبته؟ نظر إلى “لوزة”، التي كانت تتمسح بقدميه، وكأنها ترجوه أن ينقذها.

تردد للحظة، لكنه لم يستطع تحمّل شعور الذنب أكثر. تنفس بعمق وقال بصوت مرتجف: “أبي، أمي… لوزة لم تكسر الجرة، أنا من فعل ذلك. كنت خائفًا من أن أعترف، فاختلقت هذه القصة.”

نظر إليه أبوه بهدوء، ثم ابتسم وقال: “أحسنت يا ياسر، الاعتراف بالحقيقة يتطلب شجاعة كبيرة. لكن تذكر أن الكذب يمكن أن يؤذي الآخرين، حتى لو لم تقصد ذلك.”

عانقته أمه وقالت: “أنا فخورة بك لأنك قلت الحقيقة، يا بني. كلنا نخطئ، لكن الشجاعة الحقيقية هي أن نعترف بأخطائنا ونتعلم منها.”

أحس ياسر براحة عجيبة، كأن حجراً ثقيلاً قد أُزيح عن قلبه. نظر إلى القطة “لوزة” وضحك قائلاً: “أظن أنها غاضبة مني لأنها كادت تُتَّهم بجريمة لم ترتكبها!”

ضحكت أمه وقالت: “يبدو ذلك! والآن، لننظف هذا المكان معًا، وسأعلمك كيف تحمل الجرّة بطريقة أكثر أمانًا في المرة القادمة.”

ومنذ ذلك اليوم، قرر ياسر أن يكون صادقًا دائمًا، لأنه أدرك أن الصدق يجعل القلب مطمئنًا، ويقرب الإنسان من الله ومن قلوب الناس.العبرة: الصدق فضيلة عظيمة، وهو طريق إلى الخير والجنة. علينا أن نتحلى به في كل المواقف، حتى عندما نرتكب الأخطاء.

قصّة عن التعاون: مايا والكرسي المتحرك

تستخدم مايا كرسيًا بعجلات، لذا فهي لا تستطيع اللعب في ساحة المدرسة. لكن أصدقاءها هنا لمساعدتها! ماذا سيفعلون يا ترى؟

تستخدم مايا كرسيًا متحركًا بعجلات.

“رجلاي لا تعملان!” هذا ما تقوله للآخرين عندما يسألونها.

مع ذلك، مايا تستطيع القيام بالكثير من الأشياء التي يقوم بها الآخرون…لكن، ليس كلّ شيء.

إنها تذهب إلى المدرسة، وتستطيع اللعب هناك…لكن، لا يمكنها لعب جميع الألعاب.

تذهب مايا للعب في الحديقة، إنها تلعب بالرمل، وتمسك بالطابة، لكنها بعد ذلك تجلس حزينة وهي ترى أصدقاءها يتأرجحون في الأرجوحة أو يتزحلقون على السحسيلة.

“لماذا لا يوجد ألعاب للأطفال على الكراسي المتحرّكة”
سألت مايا أمها بحزن.

وسمعتها سيدة عجوز كانت تجلس بقرب أمها، فقالت:
“ما هي الألعاب التي تريدينها يا صغيرتي؟”

أجابت مايا:
“أرجوحات، وسحاسيل، وألعاب دوّارة…”

قالت السيّدة العجوز:
“لكن، هنالك ألعاب دوّارة للأطفال على الكراسي المتحرّكة…”

ردّت مايا بحزن:
“ليس في هذه الحديقة…”

وراحت السيدة تتحدّث مع والدة مايا، فتململت مايا وقالت لنفسها:
“أحاديث الكبار…مملّة…”
ثمّ واصلت بناء قلعتها الرملية، وما هيسوى لحظات حتى انضمّت إليها صديقتها زينة، وراحت تبني معها قلعة ثانية فثالثة حتى أصبح لديهما مدينة كاملة من القلاع!

في طريق العودة، تحدّثت والدة مايا عن السيدة العجوز قائلة:
“تعتقد السيدة زهرة أنّ إحضار لعبة دوّارة مخصّصة للأطفال على الكراسي المتحرّكة، فكرة جميلة…لذا، سنحصل على واحدة في حديقة الحيّ!”

اندهشت مايا وقالت:
“حقًا! هل سنحصل على واحدة؟!”

وهذا ما حصل بالفعل، شيئًا فشيئًا، تحقّق هذا الأمر.
في البداية قال حارس الحديقة:
“الأمر ممكن، ولكنّه يكلّف كثيرًا…”
فقالت الأمهات في الحيّ:
“لا بأس، سنطلب العون من سكّان الحيّ!”

تعاون الجميع، ورسمت مايا لوحة مع صديقتها زينة، كتبت عليها:”ساعدوا مايا للحصول على لعبة دوّارة لكرسيّها المتحرك! نحن بحاجة لعونكم وللمال حتى نشتري اللعبة…”

عثر والد زينة على دوّارة مخصّصة للأطفال على الكراسي المتحركة للبيع. لم تكن جديدة لكنها كانت بحال جيّدة.

وبعدها بأيام عثر أيضًا على معاونين ليساعدوه على حمل اللعبة الدوارة وإحضارها للحديقة.

أمّا السيدة زهرة فقد بدأت حملة لجمع التبرّعات من أجل شراء اللعبة.

“أوه… لا يمكنني أن أرفض الآن…” قال حارس الحديقة، ثمّ أضاف:

“إن تمكنّتم من جمع نصف ثمن اللعبة، واستطعتم العثور على مساعدين لتركيبها في الحديقة، فسوف تحصل مايا على لعبتها الدوارة الخاصّة!”

في الأسابيع التالية، بدأ سكّان الحيّ بتنظيم حفلات لجمع التبرعات، اطلقوا عليها اسم “حفلات اللعبة الدوّارة”!

في تلك الحفلات، كان هنالك أقسام لبيع البسكويت والعصير وجمع التبرعات من أجل لعبة مايا.

وفي هذه الأثناء تمكّن والد زينة من الحصول على سعر مخفّض للعبة، وأحضر أحد الجيران شاحنته لنقل اللبعة إلى الحديقة.

تحتاج اللعبة الدوارة الخاصّة بالكرسي المتحرّك إلى حفرة كبيرة ليتمّ تثبيتها فيها. وقام سكّان الحيّ بتنظيم حفل خيري أسموه: “حفلة الحفر!”

حضر جميع الجيران إلى الحديقة في ذلك اليوم، وبدأوا بالحفر والحفر حتى صنعوا حفرة كبيرة جدًا مناسبة لتثبيت اللعبة فيها.

شيئًا فشيئًا، أصبحت اللعبة جاهزة! لقد قام حارس الحديقة بالتعاون مع باقي رجال الحيّ بتثبيت اللعبة، وتمّ اختبارها للتأكّد من أنّها آمنة وثابتة جيّدًا، وحان أخيرًا موعد الحفلة الأكبر: حفلة اللعبة الدوّارة!

كانت حفلة جميلة وممتعة، تمّ فيها توزيع البسكويت والعصير مجانًا، وتمّ تعليق البالونات الملوّنة على اللعبة الدوارة، وامتلأت الحديقة بالأطفال الذي أتوا لمشاركة مايا فرحتها بلعبتها الخاصّة الجديدة.

“مايا، يجب أن تكوني أول من يجرّب اللعبة الدوّارة، فقد صُنعت خصّيصًا لكِ، لقد جرّبتها بالأمس، وكانت جيدة، لكن المهمّ هو رأيكِ أنتِ!”

قال حارس الحديقة مخاطبًا مايا.

وهكذا، دفعت مايا كرسيّها المتحرك نحو اللعبة الدوارة، وصعدت عليها، وصعد معها ثلاثة أطفال آخرين. 

لكن…

نحتاج من يدفعها الدفعة الأولى لتبدأ بالدوران.

ضحك حارس الحديقة وقال:

“هذه مهمّتي! سأفعل أنا ذلك…”

كان رجلاً قويًا ذو عضلات مفتولة، فتمكّن بسهولة من دفع اللعبة الدوارة، وبدأت اخيرًا بالدوران.

دارت ودارت، وضحكت مايا سعيدة بلعبتها، وصفّق الجميع محتفلين بهذا الإنجاز الكبير… 

“أنا سعيدة جدًا…أخيرًا لديّ لعبتي الدوّارة الخاصّة بي…لم أحلم في يوم من الأيام أن يكون لي واحدة!”

قالت مايا وهي تدور وتدور وتدور.

أخيرًا قالت والدة مايا:

“هايا يا مايا، يجب أن تتوقّفي قليلاً، وتدعي بقيّة الأطفال يجربون اللعبة، لقد تعاونوا جميعًا لإحضارها إلى هنا، ويجب أن يجرّبوها أيضًا!”

ضحكت مايا وقالت:

“نعم…صحيح، هذه اللعبة ليست لي وحدي، وإنّما لجميع أطفال الحيّ وكلّ الأطفال الذين يستخدمون كراسي متحرّكة!”

ابتسم حارس الحديقة وهمس لوالدة مايا:

“أعتقد أننا سنركّب أرجوحة للأطفال على الكراسي المتحرّكة أيضًا!…ولكن بعد أن نرتاح قليلاً!…”

وهذه قصّة لوقت لاحق!

أسئلة تفاعلية للأهالي والأطفال حول قصة مايا والكرسي المتحرك

  • كيف ساعد سكّان الحيّ مايا للحصول على لعبتها الدوّارة؟
  • هل تظنّ أنّه كان بإمكان شخصٍ واحد فقط أن يحضر اللعبة الدوارة لمايا ويركّبها في الحديقة بمفرده؟
  • ما الذي تعلّمته من القصة؟
Exit mobile version